رئيس المحكمة و إختصاصته وفق القانون الجزائري
الفصل الأول الأعمال القضائية المنوطة
برئيس المحكمة.
المبحث الأول قضاء الاستعجال.
المطلب الأول مفهوم قضاء الاستعجال وشروط اختصاصه.
المطلب الثاني : إجراءات الأوامر الاستعجالية
المبحث الثاني : أمر الأداء
المطلب الأول : مفهوم أمر الأداء
المطلب الثاني : إجراءات أمر الأداء
الفصل الثاني : الأعمال غير القضائية المنوطة برئيس المحكمة.
المبحث الأول : الأعمال الولائية المنوطة برئيس المحكمة
المطلب الأول : الأوامر على العرائض.
المطلب الثاني : بعض الأذون والترخيصات. والعقود الصادرة عن رئيس المحكمة.
المبحث الثاني : الأعمال الإدارية المنوطة برئيس المحكمة
المطلب الأول : التسيير الإداري للقضاة
المطلب الثاني : الإشراف على أمناء الضبط.
خاتمة.
مقدمة :
إن الأصل في القضايا هو حسم المنازعات وذلك بتقرير الحقوق والحكم بها لأصحابها. وتحري الحقوق يقتضي التزام الأنات ، لذلك جعل المشرع الأحكام العادية هي وحدها الحاسمة في موضوع الدعوى. كونها تتعلق بجوهر النزاع وأصل الحق والتي قد تطول وتتعقد فيها الإجراءات أحيانا .
ولذلك فإن الأفراد قد يلجؤون إلى قضاء الإستعجال الذي يعد جزءا من القضاء العادي. والذي يمتاز ببساطة الإجراءات فيه وقلة التكاليف وسرعة البت في المسائل التي تعرض عليه متى توفرت شروطه وذلك باتباع إجراءات تحترم فيها حقوق الخصم من تكليف بالحضور وتبليغ للمقرر القضائي " الأمر" ، وتبعا لذلك فولاية قاضي الأمور المستعجلة -الممثل في شخص رئيس المحكمة والذي يعد قاضيا من قضاة المحكمة ويشغل منصبا نوعيا ويعين بموجب قرار وزاري بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء- تتسع إلى ميادين مختلفة تجعل منه القاضي المؤهل للفصل في جميع الإشكالات التي تحدث بين المواطنين في كثير من الخصومات التي تستحق صدور. مقرر قضائي عاجل يخلق وضعية منصفة ومقبولة .
كما أنه مؤهل لإصدار بعض الأوامر ذات الطابع الولائي والتي نصت عليها قوانين مختلفة. لا تقتضي حضور الخصم ولا وجود لمنازعة في الإجراء المطلوب إتخاذه، وإصدار بعض العقود المقررة للمصلحة الشخصية للطالب والتي لا تحتاج إلى اتخاذ أي إجراء خاص. متى تعلق الأمر بإزالة عقبة قانونية من وضع المشـرع.
كما أنه باعتباره رئيس الجهة القضائية التي تعد مؤسسة عمومية قضائية. يسهر على تنظيمها وحسن سيرها لما تحتويه من قضاة وموظفين ومستخدمين ومصالح يقتضي الأمر الاهتمام بهم ومتابعة نشاطها.
إذن فما هي الأعمال القضائية. والولائية والإدارية المنوطة برئيس المحكمة ؟
إن رئيس المحكمة باعتباره قاضيا كباقي قضاة الحكم، يجلس. ليفصل في منازعات خولت له بموجب القانون، هذه المنازعات تكتسي طابعا استعجاليا، ومسائل أخرى يفصل فيها ولو دون التقاء المتخاصمين أمامه ودون مواجهتهم ببعضهم البعض ويتعلق الأمر هنا باتباع إجراءات أمر الأداء.
الفصل الأول : الأعمال القضائية المنوطة برئيس المحكمة
المبحث الأول : قضاء الاستعجال :
لقد نص المشرع الجزائري على قضاء الاستعجال في المواد 183 إلى 190. من قانون الإجراءات المدنية ، في الكتاب الرابع ، الباب الثالث ونظم إجراءات إصدار الأوامر فيه وطرق الطعن فيها .
المطلب الأول : مفهوم قضاء الاستعجال وشروط إختصاصه :
لم يعط المشرع الجزائري تعريفا للقضاء المستعجل كون ذلك يقيد القاضي ويجعله حبيس النص الأمر. الذي يعرقل سلطته التقديرية في تحديد الاستعجال ولكنه. نظم له شروطا معينة لإمكانية الحصول على الأوامر الصادرة فيه .
الفرع الأول : مفهوم قضاء الاستعجال :
يعرف الاستعجال لغة بكل ما لا يقبل تأجيل و أما في لغة القانون. فإنه يصعب إيجاد تعريف شامل ومدقق له كونه يتغير حسب الظروف والأزمنة. الأمر الذي دفع كل من رجال الفقة والقضاء إلى إعطاء مفاهيم مختلفة له، حيث يرى جانبا من الفقه أن الاستعجال يكون متى كانت المصالح الشخصيــة "المادية منها أو المعنوية أو العاطفية" مهددة في حالة اللجوء إلى القضاء العادي، ويرى بعض أخر أنه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده ويتوفر في كل حالة متى قصر عن الإجراء المستعجل فيها منع ضرر مؤكد قد يتعذر تعويضه أو إصلاحه إذا حدث كإثبات حالة مادية قد تتغير أو تزول مع الزمن، أو المحافظة على أموال متنازع عليها تتأثر حقوق أصحابها. أو كل من له مصلحة فيها من استمرار تركها في يد الحائز الفعلي لهــا.
ورغم الممارسات اليومية للقضاء الاستعجالي على مستوى المحاكم والمجالس القضائية فإنه لا وجود لتعريف موحد وشامل للاستعجال. إذ كثيرا ما تجسد المفاهيم على أرض الواقع. ويتجلى ذلك من خلال قرار المحكمة العليا الصادر في 24 / 11 / 1992. والذي جاء في إحدى حيثياته : "حيث إن وجود دعوى أمام محكمة الموضوع لا يمنع قاضي الاستعجال من اتخاذ إجراءات خاصة أو تدابير تحفظية إذا كان يخشى ضياع حقوق أطراف النزاع ،وهذا عملا بنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية " .
وقد قضى مجلس قضاء الجزائر العاصمة في قراره المؤرخ في 12-10-1981 بمايلي :
"حيث إنه إذا كان قاضي الأمور المستعجلة مختصا في اتخاذ. إجراءات تحفظية يجب أن تكون إجراءاته هذه مبررة بوجود حالــة استعجال أو خطر" .
والقضاء المستعجل يتصل بموضوع الاختصاص النوعي من ناحية أن المنازعات. التي يعرض أمرها على القضاء يمكن تقسيمها إلى نوعين كبيرين أولهما يتعلق بالقضايا العادية التي تحتمل السير الطبيعي. لإجراءات التقاضي بمـا يقتضيه هذا السير من بطء عادي بسبب المواعيد المقترنة بتلك الإجراءات، وثانيها متعلق بالقضايا المستعجلة التي لا تحتمل ذلك البطء خشية تلفها وضياع معالم وقائعها وفوات الفرصة المبنية عليها، وتشتمل التنظيمات القضائية في كل الدول على علاج لهذه الأحوال العاجلة ، فمنهــا ما يجعل هناك قضـاءانوعيا مشتقا للأمور المستعجلة ومنها ما يعطي الاختصاص بهذا القضاء للمحاكم العادية على أن يكون لحالة الاستعجال أثرها في اختصار المواعيد والإجراءات ومنها ما يعطي هذا النوع من القضاء لرئيس كل محكمة يصدر فيه أمرا وقتيا. إلـى أن يعرض الأمر فيما بعد على المحكمة بتشكيلتها القانونية .
ومهما يكن من أمر تنظيم القضايا المستعجلة بواسطة محكمة خاصة. أو الاكتفاء بإجراءات خاصة لدى المحكمة العادية فإن سلطة المحكمة أو القاضي الذي ينظر الدعوى المستعجلة أقل سعة من سلطتها في القضايا العادية ،إذ يعتبر الأمر الصادر في قضية مستعجلة أمرا وقتيا وليس أمرا حاسما .
والقضاء المستعجل يؤدي بصفة عامة إلى تمكين الخصوم من إصدار قرارات. مؤقتة وسريعة دون المساس بأصل الحق ،أي مع بقاء أصل الحق سليما يناضل فيه ذووه لدى محكمة الموضوع مع الاقتصاد في الوقت والإجراءات وبذلك يكون المشرع قد استطاع التوفيق بين أنات الأزمة لحسن سير القضاء. وبين نتائج هذه الأنات التي قد تسبب ضررا لبعض الخصوم.
الفرع الثاني : شروط اختصاص القضاء الإستعجالي :
للدعوى الإستعجالية شروطا عامة ،وهي الشروط المطلوبة في الدعاوى العادية. وشروطا خاصة يجب توافرها ليعقد الاختصاص للقضاء المستعجل .
1-الشروط العامة لرفع الدعوى الاستعجالية :
الدعوى الإستعجالية مثلها مثل الدعاوى العادية يشترط لقبولها توافر الشروط. الواردة بالمادة 459 من قانون الإجراءات المدنية والتي نصت على أنه :
" لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائزا لصفة وأهلية التقاضي وله مصلحة في ذلك ، ويقرر القاضي من تلقاء نفسه انعدام الصفة أو الأهلية ،كما يقرر. من تلقاء نفسه عدم وجود إذن برفع الدعوى إذا كان هذا الإذن لازما ".
أ- الصــفة :
لكي تكون الدعوى الإستعجالية مقبولة فإنه لا بد من توافر شرط الصفة. حيث لا تمنح الحماية القضائية إلا لصاحب الحق أو المركز القانوني المعتدى عليه ويجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة أي يجب أن يقع تطابقا بين المركز القانوني للشخص رافــع الدعوى. والمركز القانوني لمن يوجد الحق في مواجهته وبالتالي لا بد أن تكون له مصلحـة شخصية ومباشرة، أي حائزا لصفة التقاضي.
إلا أنه قد ترفع الدعوى استثناءا من غير ذي صفة لوجود استحالة قانونية أو مادية تمنع صاحب الحق من مباشرة الدعوى بنفسه، كالقاصر الذي يرفع دعواه بواسطة ممثله القانوني وهو الولي ،الوصي أو القيم ،والغائب الذي يجب أن ترفع الدعوى عنه بواسطة وكيلا عنه لأنه يوجد في استحالة مادية ، وكذلك الشخص المعنوي لا يستطيع مباشرة دعواه بنفسه وبالتالي ترفع بواسطة ممثله القانوني ،وتبعا لذلك يكمن التمييز بين الصفة في الدعوى والصفة الإجرائية لكون الأولى لا تثبت إلا لصاحب الحق في الدعوى والثانية تكمن في صلاحية الشخص لمباشرة الإجراءات القضائية باسم غيره وذلك لكون صاحب الصفة الإجرائية في. الدعوى أصبح في استحالة مادية أو قانونية تمنعه من مباشرتها بنفسه .
والقضاء المستعجل حينما يبحث في شرط الصفة فإنه يكتفي بأن يتثبت من وجودها. حسب ظاهر الأوراق دون التعمق في صميم الموضوع أو تفسير العقود أو ما إلى ذلك توصلا إلى تحديد الصفة ،وفي هذا يختلف القضاء المستعجل عن قضاء الموضوع الذي يتعمق في تحري الصفة ليقطع في أمرها برأي حاسم.
ب - الأهليـــة :
يقتضي لصحة المطالبـة القضائية توافـر شرط أهلية الاختصـام، والأهلية يعرفها القانون المدني على أنها صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات وهي على نوعين :
أهلية وجوب وأهلية أداء وهذه الأخيرة هي صلاحيـة الشخص لإبـرام التصرفات القانونية. والتي يترتب عنها أثارا قانونيـة، والمتقـاضي يجب أن تتوفر فيـه أهلية الأداء سواء كان مدعيا أو مدعى عليه.
إن عدم توافر شرط الأهلية يترتب عنه بطلان الإجراءات. ويمكن الدفـع بعدم توافرها في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما يتعين على القاضي إثارتها من تلقاء نفسـه لكون هذا الدفع يتعلق بالنظام الـــعام.
غير أن الفقه والقضاء لا يشترطان أن تتوفر في الدعوى الاستعجالية الشروط اللازمة لأهلية التقاضي، بل يكفي أن تكون لرافع الدعوى مصلحة محققة وحالة في الإجراء المطلوب والسبب في ذلك يعود إلى أمرين أولهما يتعلق بطبيعة الاستعجال وما يجب له من إجراءات سريعة لدرء الخطر الطارئ الذي قد يتعارض مع المطالبة بأهلية التقاضي العادي والتي يلزم لها شروطا معينة ولبعضها أثر أخص من هيئات خاصة قد تستغرق وقتا طويلا للحصول عليها ,والثاني هو عدم تأثير الأحكام المستعجلة في الموضوع أو أصل الحق الذي يبقى دائما بالرغم من صدورها .
جـ - المصلــحة :
إن رفع الدعوى الإستعجالية يقتضي وجوب توافر شرط المصلحة في رافعها، فهي مناط الدعوى وبغيرها لا تكون مقبولة، والمصلحة تعني في المفهوم الإجرائي الفائدة أو المنفعة التي يسعى المدعي إلى تحقيقها والحكم له بما يطلبه .
والمصلحة يجب أن تكون قانونية، أي مصلحة يحميها القانون، وقائمة وحالة حتى تكون الدعوى مقبولة ،غير أن هناك بعض الحالات التي أجيز فيها رفع الدعوى والمصلحة مستقبلية ،حيث نصت المادة 187 من قانون الإجراءات المـدنية عـلى أنه: " يجوز لرئيس الهيئة المختصة بالقضاء المستعجل باتفاق الخصوم أن يأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق يكون ضروريـا للفصل في نـزاع يحتمــل وقوعـه ".
كما أجاز القانون استثناءا رغم أن المصلحة محتملة رفع دعوى وقف الأعمـــال الجديدة. ولو أنها لا تشكل خطرا حالا وهذا لأنها لو استمرت لشكلت في المستقبل تعرضا كــذلك دعوى إثبات حالة مستعجلة، فقد أجاز المشرع قبولها رغم أن المنازعة الموضوعية لم تحدث فعلا خشية. أن يؤدي فوات الوقت إلى حين رفع دعوى في الموضوع إلى ضياع المعالم المراد إثباتها .
إن الدفع بعدم توافر شرط المصلحة أمام قاضي الموضوع يجعله يتعمق في بحثه. ويتغلغل في فحص المستندات حتى يبت فعليا فيه ،أما قاضي الاستعجال فإنه يكتفي بأن يتثبت من أن ظواهر الأمور والأوراق التي تشير إلى وجود مصلحة في رفع الدعوى دون التغلغل في بحث الأوراق وفي صميم الموضوع.
2- الشروط الخاصة بدعوى الاستعجال :
أ -شرط الاستعجال :
يعد هذا الشرط عنصرا جوهريا لإصدار الأوامر الاستعجالية، وقد حضي بتعريفات عدة فمنهم من يرى بأنه الضرورة التي لا تحتمل التأخير، أو أنه الخطر المباشر الذي لا يكفي في اتقائه رفع الدعوى بالطريق المعتاد حتى مع تقصير المواعيد.وقد عرفه آخرون بأنه الخطر الحقيقي المحدق والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده، ومنهم من ذكر أن القضاء المستعجل. يحقق ضمانة أساسية إذ يمكن من تهدد مصالحه وحقوقه من الحصول على الحماية السريعة ضد الخطر الداهـــم.
وبالتالي إذا توفرت في الدعوى حالة الاستعجال على هذا النحو فإن الطلب فيها يكون مستعجلا. وهو اتخاذ إجراء وقتي يبرره خطر داهم أو أمر يتضمن ضررا يتـعذر أو يصعب إزالته إذا لجأ الخصوم إلي المحاكم. بإجراءات الدعوي العادية يعتبر عنصر الاستعجال من النظام العام، فلا يجوز للأطراف الاتفاق على وجوده من عدمه ولا يجوز لقاضي الاستعجال. أن يأمر بأي إجراء ما لم يكن هذا الأمـر مسببا على أساس توافر عنصر الاستعجال .
والاستعجال معيار أو وصف مرن يستخلص من ظروف النزاع، متروك لتقدير القاضي
وهو عنصر يتطور بتطور الزمان والمكان، فما لا يعد استعجالا في الوقت الفارط قد يعد كذلك في وقت لا حق.
وفي عملية إنزال الوصف نكون بصدد مسألة قانونية تخضع لرقابة المحكمة العليا، أما من حيث ثبوت هذه الوقائع فإنها مسألة موضوعية. لا تخضع لرقابتها. والاستعجال كشرط للاختصاص بالدعوى فإنه يعد شرطا مستمرا لا يلزم توافره عند رفع الدعوى فحسب، وإنما يلزم وجوده كذلك وقت صدور الحكم ويجوز إثارة عنصر الاستعجال في أي مرحلة تكون عليها الدعوى حتى أمام محاكم الدرجة الثانية ،ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة. العليا إذا لم يدفع به الخصم أمام محكمة الموضوع باعتبار أن وجود الاستعجال من عدمه من المسائل الموضوعي.
إن انعدام عنصر الاستعجال في قضية ما وعرضت على قاضي. الأمور المستعجلة فإن ذلك يجعله غير مختص نوعيا بنظرها. وعليه أن يأمر بعدم اختصاصه النوعي وعليه فإن اختصاصه يكون مرهونا بتوفر حالة الاستعجال التي يستخلصها من ملابسات وظروف القضية، فإذا ما عاينها فإن عليه أن يأمر باتخاذ تدبير. يهدف إلى المحافظة على حقوق الأطراف دون المساس بموضوع الحق الذي يخرج عن اختصاصه.
ب- شرط عدم المساس بأصل الحق :
إن القضاء المستعجل لا يفصل في صميم النزاع وإنما يحكم بصفة مؤقتة، فيقضي بتدبير وقائي أو إجراء وقتي لا يعتبر حسما للحق المتنازع عليه في صميمه طبقا لما نصت عليه المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية والتي جاء فيها أن : " الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس أصل الحق." وليس لقاضي الاستعجال أن يتعمق في فحص مستندات الخصوم وإنما يكتفي بتصفحها ليضمن من يبدو لأول وهلة أنـه أجدر بالحماية من الخصوم، وليس له كذلك أن يجري تحقيقات واسعة عن حقوق الخصوم مما يتنافى مع الاستعجال وفي هذا الصدد تقول الدكتورة أمينة النمر : " ومن مقتضاه إسعاف الخصوم بأحكام سريعة قابلة للتنفيذ الجبري، هذه الأحكام تضع الخصوم في مركز مؤقت ريثما يفصل في أصل الحق".
ويعد عدم المساس بأصل الحق أهم شرط لانعقاد اختصاص قاضي الاستعجال. ومرد ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى الاختصاص النوعي المقرر له والمتعلق بالنظام العام والذي يمكن الأطراف. كما يمكن القاضي نفسه إثارته في أي مرحلة تكون عليها الدعوى ، ولا يمكن السكوت عنه ما دام يتمتع بهذه الصفــة .
وبالتالي فإن الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس أصل الحق
ويجب على قاضي الأمور المستعجلة أن يطبق هذا المبدأ الأساسي. الذي أقرته المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية وأن لا يبتعد عنه مهما كانت المبررات .
ويجب هنا عدم الخلط بين عدم المساس بأصل الحق والضرر. فيسوغ لقاضي الاستعجال اتخاذ كل تدبير يراه صالحا حتى ولو كان من المحتمل أن ينتج عنه ضررا لأحد الأطراف. وكل ما عليه إلا أن يترك للجهة القضائية المعتادة حق الفصل في أصل النزاع وقد يترتب ضررا عن التدابير المتخذة في الاستعجال قد لا يعوض لأحد الخصوم والذي يصعب على المحكمة إزالته بحكم لا حق ،وفي هذا الشأن تظهر السلطات الواسعة والخطيرة التي أسندها المشرع لقاضي الأمور المستعجلة، الشيء الذي يتطلب منه كل التحفظ في استعمالها، فقد يلجأ إلى تغيير أو تعديل التدبير الذي سبق أن اتخذه إذا طرأت وقائــع جديــدة. وعليه فإن القضاء المستعجل لا يتعمق في فحص. المستندات كما ذكرنا ولا يفصل في الدعوى التي تتسم بالجدية ولا يعتمد على تفحص. الوثائق المتصلة اتصالا مباشرا بوقائع الدعوى.
ولقد جاء عن المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 23-7-1999 الحامل لرقم 681 196 أنه :
"ولما ثبت - في قضية الحال - أن قضاة المجلس لما قضوا بإلزام المؤجر بتسليم مفاتيح المحل للمستأجر لتمكينه من مزاولة نشاطه التجاري فإنهم لم يخرقوا المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية ولم يمسوا بأصل الحق ما دام أن عقد الإيجار لا زال ساريا و بإمكان المؤجر استعمال الإجراءات المنصوص. عليها في المادة 177من القانـون التجاري لاسترجاع محلـــه ".
وفي قرار أخر مؤرخ في 24-6-19997 تحت رقم 919 جاء فيه : " إن الأمر الاستعجالي الصادر بالطرد من العقار يعتبر سابق لأوانه ويمس بأصل الحق. طالما أن هناك دعوى موازية أمام قاضي الموضوع ".
المطلب الثاني : إجراءات الأوامر الاستعجالية :
للدعوى الاستعجالية كغيرها من الدعاوى إجراءات يجب إتباعها لرفع الدعوى وإصدار الأوامر فيها. والبت في الإشكالات التي تعترض تنفيذها وبعض الأحكام الخاصة بكيفية الطعن فيها.
الفرع الأول : إجراءات إصدار الأوامر الاستعجالية :
نصت المادة 183 فقرة 1 من قانون الإجراءات المدنية على أن الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية . ومن ثم فإن الدعوى الاستعجالية أو بالأحرى الطلب الاستعجالي يرفع بعريضة كالدعوى العادية كما هو منصوص عليه بالمادة 12 من هذا القانون. وإذا كانت هذه المادة قد أجازت استثناءا نظرا للأمية التي كانت متفشية وقت صدور قانون الإجراءات المدنية والتي كانت قد أجازت للمدعي في حالة القضاء العادي أن يرفع دعواه بتصريح يقوم مقام العريضة، يصبه أمين ضبط المحكمة في محضر لكن هذا الإجراء. لا يكون مقبولا كإجراء من إجراءات رفع الدعوى الإستعجالية، ذلك أن الإجراءات المتعلقة بالقضاء المستعجل. من النظام العام وكون المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية تشير فقط إلى أن الطلب يرفع بعريضة.
ومهما يكن فإنه يتعين في هذا الشأن تحديد العريضة كإجراء أولي. من إجراءات الاستعجال ثم التكليف بالحضور والتبليغ.
- العريضــة :
إن العريضة الاستعجالية التي يتقدم بها المدعي تستلزم بالضرورة أن تتضمن اسمه ولقبه ومهنته وموطنه وهذا من أجل التعريف عن هويته تعريفا كاملا لا شبهة فيه، كما يجب أن تتضمن اسم ولقب خصمه، مع تحديد مكان إقامته حتى يمكن استدعاءه إلى المحكمة استدعاءا قانونيا ،وعلى المدعي أن يشرح في عريضته موضوع دعواه شرحا يحدد فيه المستندات المؤيدة له والحق الذي أصبح معرضا للخطورة، مصدر هذه الخطورة أو هذا التهديد ويختم عريضتـه بتحديد طلباته التي يود الوصول إليها ثم يقوم بإمضائها وتحديد تاريخها و توجه بطبيعة الحال إلى رئيس الجهة القضائية عن طريق أمانة الضبط بعد دفع الرسوم القضائية المقدرة بـ 1000 دينار جزائري.
إلا إذا استلـزم الأمر تحديـد الجلسة في أقرب وقت ممكن نظراً للخطورة المحدقة. و هذا ما يسمى بحالة الاستعجال القصوى أين يمكن تقديمها في غير الساعات و الأيام المحددة لنظر القضايا المستعجلة العادية وحتى في أيام العطل و مباشرة إلى رئيس الجهة القضائية. الذي يقوم فوراً بتحديد تاريخ الجلسة و استدعاء الأطراف في الحال.
- التكـليف بالحضــور :
إن هذا الإجراء الأساسي كان من صنع وعمل الجهة القضائية، حيث كان يتولى أمين ضبط المحكمة تحريره بذكر العناصر الثلاثة الواردة في عريضة الدعوى ويضيف إليها عناصر أخرى مثل تعيين المحكمة المختصة واليوم والساعة المحددين للمثول وتاريخ تسليم التكليف والقائم بالتبليغ وتوقيعه مع ملخص الموضوع ومستندات الطلب حتى يتمكن المدعى عليه من أن يطلع عليها مسبقاً، لكن الآن وبعد صدور القانون رقم 91/03 المؤرخ في 08/05/1991 المتضمن تنظيم المحضر القضائي. أصبحت مهمة تكليف الخصم بالحضور في مثل هذه القضــايا يكـون عن طريقـه.
وتبعا لذلك فإن الأمر الاستعجالي يصدر متضمنا كما هو الحال في الأحكام العادية عبارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، باسم الشعب الجزائري، أسماء الأطراف، اسم القاضي والمحكمة وأمين الضبط وتاريخ الجلسة، وقائع الدعوى في إيجاز ووضوح وبيان ما قدمه الأطراف من طلبات ودفوع وأدلة واقعية وحجج قانونية وأسباب الحكم. ومنطوقه وإمضاء الرئيس وكاتب الجلسة. ويجب أن يكون تسبيب الأمر وافيا بالقدر الذي يتطلبه الفصل في القضايا الاستعجالية .
وفي حالة الضرورة القصوى فإنه يجوز للرئيس حتى قبل قيد الأمر أن يأمر بالتنفيذ بموجب المسودة الأصلية للأمر عملا بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية، ولكن لا يجوز للقاضي الحكم بذلك إلا إذا طـلب منه ويجـوز إعطاء صورة بسيطة من نسخة الأمر لأي شخص يطلبها، أما الصورة التي يكون التنفيـذ بموجبها فإنها تذيـل بالصيغة التنفيذية. ولا تعطى إلا لمن استفاد منه، كما أنها تسلم مرة واحدة حتى لا يتكرر تنفيذ الأمــر.
- التبليغ :
يجب أن يكون تبليغ التكليف بالحضور طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 22 والتي تحدد بدقة الجهة. التي تتولى تسليم التكليف بالحضور من جهة، والجهة التي يسلم فيها من جهة أخرى.
وإذا كان المطلوب تبليغه في الخارج فيتعين تكليفه عن طريق ما نصت عليه الفقرة الثالثة. من المادة 22، كما يتعين لكي يكون التبليغ صحيحا أن يسلم إلى أحد من ذكرتهم المادة 23 وأن يكون هذا التكليف ضمن ظرف مغلق. أما إذا استحال تسليم التكليف بالحضور فيتعين تطبيق أحكام المادة 24 من قانون الإجراءات المدنية. إن كل إجراء من هذه الإجراءات إذا لم يحترم بدقة يؤدي إلى بطلان القرار الاستعجالي.
والفرق الوحيد بين تطبيق إجراءات التبليغ في القضاء العادي و القضاء الاستعجالي هو أنه أمام هذا الأخير يمكن حسب خطورة. الوضع أن يحدد رئسي المحكمة الوقت الذي يتأتى معه الحماية المطلوبة ( ومع ذلك فإن المهل المنصوص عليها. في المادتين 24 و 26 يمكن تقصيرها وفقا لظروف المادة 185 من القانون المذكور).
الفرع الثاني : البت في إشكالات التنفيذ :
الأصل أن التنفيذ واجب لكل حكم أو سند أو عقد رسمي عليه صيغة التنفيذ إلا أنه قد تقوم منازعات قانونية أو قضائية أثناء التنفيذ لو صحت لأثرت عليه، إذ يترتب على الحكم فيها أن يصبح التنفيذ جائزا أو غير جائز، صحيحا أو باطلا، وكل منازعة يترتب عليها الأثر المتقدم تعتبر إشكالا في التنفيـذ.
وفي الدعوى الإستعجالية المتعلقة بإشكالات التنفيذ. والتي نصت عليها المادة 183 فقرة 2 من قانون الإجراءات المدنية فإن المدعي طالب الإشكال يعفى من تقديـم العريضة لأن الاستشكال يدونه القائم بالتنفيذ في محضر الإشكال. ويخبر كلا من طالب التنفيذ وطالب الإشكال عن يوم وساعة حضورهمـا أمـام قـاضي الاستعجــال .
ولقبــول الإشكال في التنفيذ لا بد من توافـر الشـروط التــالية :
1- أن يكون الإشكال قد رفع قبل تمام التنفيــذ.
2- أن يكون المطلوب الحكم به هو إجراء وقتي. أو تحفظي لا يمس موضوع الحقوق المتنازع عليها.
3- و أن القاضي عند الحكم في إشكالات التنفيذ يتقيد بنفس القيود. والأوضاع التي تحد من اختصاص المحكمة المدنية التابع هو لـها.
بتوافر هذه الشروط فإنه لا يجوز لقاضي الاستعجال التخلي عن الفصل في الإشكالات المطروحة عليه وأن لا يقضي بعدم اختصاصه، ومن تطبيقات المحكمة العليا حول اشكالات التنفيذ قرارها المؤرخ في 07/10/1998 تحت رقم 383 207 والذي جاء فيه أنه : "من المقرر قانونا أن الأوامر. التي تصـدر في المواد المستعجلـة لا تمس أصل الحق".
يستفاد من- قضية الحال- أن قضاة الاستعجال لما أمروا بتأييد الأمر المستأنف مبدئيا وتعديلا له قضوا بأن يقع التنفيذ على الطابق العلوي فقط من السكن المتنازع عليه فـإنهم قد أساءوا تطبيق القانون، إذ كان عليهم أن يقتصر قضاءهم على الاستمرار في التنفيـذ إن لـم يوجد إشكال أو وقفه إن ثبت ذلك ولا يسوغ لهم أن يفصلوا في نزاع قد حسمه قضاة الموضوع، مما يجعلهم قد خرقوا أحكام المادتين 183 و 186. من قانون الإجراءات المدنيـة وعــرضوا قرارهـم للنقض الجزئي.
وقرار آخر مؤرخ في 18-4-1992 تحت رقم 105.320 جاء فيه أنه :
"من المقرر قانونا أنه عندما يتعلق الأمر بالبث مؤقتا في إشكالات التنفيذ فعلى المحضر القضائي المعني أن يحرر محضرا بالإشكال المعروض ويخبر الأطراف. بضرورة الحضور أمام قاضي الأمور المستعجلة للفصل فيها. وعند الأمر بوقف تنفيذ قرار قضائي. يتوجب أن يكون. لمدة مؤقتة ومعينة أو لـشرط مقبول قانونــا.
ولما ثبت من -قضية الحال- أنه تم نشر دعوى قضائية ثانية، خاصة بالإشكال المطروح وفصل فيه قضاة الموضوع بقرار يقضي بوقف التنفيذ دون تحديد مدة معينة فإنهم بذلك تجاوزوا اختصاصهم لكون الإشكال في التنفيذ من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة من جهة. وبإغفالهم الإشارة. إلى مدة الوقف أو الشرط المقبول قانونا فإنهم تجاوزوا سلطتهم من جهة ثــانية.
وتجدر الإشارة إلى أن إشكالات التنفيـذ التي ينظرها قاضي الاستعجال خارج المحكمة أو في منزلـه وذلك في أيام العطل الرسمية والأعياد مثلا، فإن ذلك يمكن المحضر المكلف بالتنفيـذ أن يتولى مهمة كاتب الجلسة بعد أن يحلف اليمين القانونية بأن يؤدي مأموريته بالصدق والأمانة. ويثبـت الأسباب والمنطوق في أخر محضـر الجلسة الذي يقوم به المحضر ويوقع عليه . من القاضي ثم تسلم الأوراق لقلم الكتـاب ليتولى قيد الدعوى في السجل المعد لذلك.
الفـرع الثالث : طرق الطعن في الأوامر الإستعجالية :
1-المعارضــة :
إن الأوامر الإستعجالية التي تصدر عن رؤساء المحاكم الجالسين للفصل في القضايا الإستعجالية غير قابلة للطعن فيها بطريق المعارضة ولا الاعتراض على النفاذ المعجل, عملا بنص المادة 188 فقرة 1 و 2 من قانون الإجراءات المدنية والتي جاء فيها : " تكون الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة معجلة. النفاذ بكفالة أو بدونها . وهي غير قابلة للمعارضة ولا للإعتراض على النفاذ المعجل".
وبالتالي فإن صراحة هذا النص. لا تحتمل أي تأويل إذ لا اجتهاد مع صراحة النص.
وتعد عدم قابلية الأوامر الإستعجالية للمعارضة من النظام العام ويسوغ للمحكمة الإستعجالية. إثارتها من تلقاء ذاتهـا تجدر الإشارة إلى أنه يجوز في التشريع الفرنسي الطعن بالمعارضة في الأمر الغيابي إذا كان غير قابل للاستئناف بسبب قيمة الطلب أو محله طبقا للمادة 490 فقرة 2 المعدلة بموجب المرسوم 86-585 والمؤرخ في 14-03-1986، وتفاديا للاستعمال التعسفي لهذه المكنة القانونية. من الخصوم. سيئي النية جعل المشرع الفرنسي المعارضة غير موقفة للتنفيذ في القضايا المستعجلــة.
2-الاستئناف :
نصت المادة 190 من قانون الإجراءات المدنية على أنه :"يرفع الاستئناف في الأحوال التي يجيزها القانون خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ تبليغ الأمر" وبذلك يكون المشرع الجزائري قد أجاز إعادة طرح النزاع من جديد على الدرجة الثانية ويكون عليها بحث توافر ركني الاستعجال. وعدم المساس بأصل الحق، وإذا اختل أحدهما قضى المجلس بعدم اختصاصه.
يجب أن يكون الأمر الصادر حسب مبادئ العادة ابتدائيا. أي متعلق بنزاع يجاوز قيمته ألفي دينار في الدعاوى المنقولة والدعاوى الشخصية العقارية أو ثلاثة مائة دينـار في الدعـاوى المتعلقة بحقوق عينية عقارية.
أو ألفا وخمس مائة دينار أو ثلاثة ألاف وستة مائة دينار في النزاعات بين المستأجر والمؤجر وذلك عملا بنص المادة 02 من قانون الإجراءات المدنية كون المادة 190 تقول : " في الأحوال التي يجيزها القانون " أي أنها تحيل إلى ما نص عليه القانون في مجال لاختصاص الابتدائي والنهائي للمحاكم.
يخضع استئناف الأوامر الإستعجالية للقواعد العامة المتعلقة بطبيعة الأحكام القابلة للاستئناف. فالأمر التحضيري لا يكون قابلا للاستئناف إلا مع الأمر القطعي، في حين أن الأمر التمهيدي يكون قابلا للاستئناف مباشــرة.
3-إعتراض الغير الخارج عن الخصومة :
ثار جدل حول مدى قابلية الأوامر المستعجلة لاعتراض الغير الخارج عن الخصومة. فاتجاه يرى بعدم قابليتها لذلك كون التدبير المتخذ في الاستعجال له طابعا مؤقتا أو أنه لا يضر بالغير ومن جهة أخرى فإنه يمكن للغير المتضرر من الأمر الصادر أن يرفع بدوره دعوى إستعجالية للحفاظ على حقوقه، إضافة إلى إمكانية رفع دعوى أمام قاضي الموضوع، ويرى اتجاه ثاني أن الأوامر المستعجلة قابلة لاعتراض الغير الخارج عن الخصومة على أساس عدم وجود نص. قانوني يمنع ذلك صراحة، وكذا الأمر الإستعجالي قد يسبب ضررا للغير .
بالرجوع إلى نص المادة 191 من قانون الإجراءات المدنيـة والتي نصت على أنه : " لكل ذي مصلحة أن يطعن في حكم لم يكن طرفا فيه بطريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة.
وبالتالي فإن عبارة "حكم" عبارة عامة يقصد بها كل ما يصدر عن القضاء من أحكام وقرارات بما فيها الأوامر الإستعجالية وإن كانت طبيعتها مؤقتة. إلا أنها تمس أحيانا بحقوق الغيــر.
4- التماس إعادة النظر :
إن مسألة جواز أو عدم جواز الطعن في الأحكام النهائية المستعجلة بطريق الالتماس بإعادة النظر من المسائل الخلافية في فقه قانون المرافعات فهناك فريق يجيز الطعن فيها به الطريق وحجتهم في ذلك أن قاضي الأمور المستعجلة يصدر أحكاما ما تفصل في أنزعة قضائية وأن لهذه الأحكام حجيتها الملزمة لأطرافها وللمحكمة التي أصدرتها بل وللقضاء المستعجل عموما ، وأنه لا يقدح في ذلك أن تلك الحجية مؤقتة وأنه طالما أن وصف النهائية يرد على الأحكام المستعجلة وطالما ورد النص المقرر بطريق الطعن بالتماس إعادة النظر عاما مطلقا بشأن الأحكام النهائية دون تفريق بين ما يكون منها صادرا عن قضاء الموضوع وبين. ما يكون صادرا عن القضاء المستعجل فإنه يتعين إعمال النص بلا خلاف في كل من النوعيـن .
أما الفريق الثاني فإنه لا يجيز الطعن بطريق الالتماس بإعادة النظر في الأحكام الصادرة في مواد الأمور المستعجلة وحجتهم في ذلك أن الأصل في التماس إعادة النظر أنه طريق طعن غير عادي ولا يجوز اللجوء إليه إلا عند وجود طرق أخرى للتخلص من الحكم وذلك ينطبق فقط على الأحكام الفاصلة في موضوع الحق ،أما الأحكام المستعجلة فهي مؤقتة بطبيعتها ويجوز الحكم على خلافها من قضاء الموضوع ،كما يجوز العدول عنها أو تعديلها من ذات القضاء المستعجل. إذا ظهر ما يغير من الظروف أو من مراكز الخصوم سواء أكانت. الواقعة المغيرة للظروف أو المراكز لاحقة على الحكــم أو حتى سابقة عليه ولكنه لم يتبادلهــا.
أما المحكمة العليا فإنها ترى بعدم قابلية الأوامر الإستعجاليـة للطعن فيهـا بطـريق الالتماس بإعادة النظر نظرا للطابع المؤقت لها وبإمكانية الأطراف اللجوء من جديد إما إلى قاضي الاستعجال. الذي يستطيع الحكم على نحو مغاير إذا ما أوتي بدليل على تغير الظروف وإما إلى قاضي الموضوع.
5- الطعن بالنقض :
لم يتفق الفقه حول مدى قابلية الأوامر الاستعجالية للطعن فيها بالنقض ، وقد اعتبر البعض أنها غير قابلة لذلك على أساس أن الأمر الاستعجالي لا يأمر إلا باتخاذ تدابير مؤقتة بأصل الحق ويمكن العدول عنه عند الضرورة دون اللجوء إلى جهة قضائية أعلى وهو الرأي الذي اتبعته المحكمة العليا. في الوهلة الأولى واعتبرت الأوامر الاستعجالية غير قابلة للطعن فيها بـالنقض.
أما الاتجاه الثاني وهو الأصوب يأخذ بقابلية الأوامر الاستعجالية. للطعن فيها بهذا الطريق وذلك لعدم وجود نص صريح يمنع من الطعن فيها بذلك ،وهو الرأي الذي أصبح قضاء المحكمة العليا متماشيا معه متى توفرت الشروط المنصوص عليها بالمادة 233 من قانــون الإجــراءات المدنيــة.
المبحث الثاني : أمــر الأداء :
يعتبر أمر الأداء من الأعمال القضائية التي يقوم بها رئيس المحكمة ،وذلك لما له من ميزات تستثنيه من اختصاص قضاة الموضوع ، ولقد نص المشرع الجزائري عليه في المادة 174 وما يليها. من قانون الإجراءات المدنية في الباب الثاني من الكتاب الرابع.
المطلب الأول : مفهوم أمر الأداء :
الأمر الأداء باعتباره طريقا استثنائيا لاختصاص. القضاء المستعجل مفهوما وشروطا خاصة لقبولـــه.
الفرع الأول : تعريف أمر الأداء :
لم يحظ أمر الأداء بتعريف من طرف المشرع الجزائري ،وإنما اكتفى فقط بالتطرق إلى شروطه وإجراءات إصداره ، غير أن بعضا من الفقه حاول تعريفه على أنه : "نظام مختصر لا تتبع فيه الإجراءات المعتادة للخصومة القضائية لاستيفاء. بعض الحقوق التي لا تثير بطبيعتها في الغالب نــزاع ".
ولقد نصت المادة 174 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري على أنه : " خلافا للقواعد العامة في رفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المختصة يجوز تتبع الأحكام الواردة في هذا الباب. عند المطالبة بدين من النقود ،ثابت بالكتابة ،حال الأداء ومعين المقدار".
إن هذه المادة التي حافظت على صياغتها الأولى عند صدور قانون الإجراءات المدنية تجد مصدرها التاريخي في القانون الفرنسي. الذي كان مطبقا خلال المرحلة الاستعمارية من قبل المحاكم الفرنسية وهو القانون الذي مدد العمل به في الميدان التطبيقي بموجب القانون 31-12-1962. الذي أجاز العمل بالقوانين الموروثة من العهد الاستعماري إلى غاية تعويضها بقوانين وطنيــة.
تاريخيا يعود لجوء المشرع الفرنسي إلى تدابير أمر الأداء كرد فعل منه على طـول إجراءات التقاضي وتعقدها
إذ أصدر في البداية مرسوما مؤرخا في 25/08/1937 سمح فيه بتبسيط تحصيل. بعض " الديون التجارية الصغيرة " استجابة لمطالب غرف التجارة التي كانت دائما تنادي باتخاذ إجراء مشابه لما كان سائدا وقتذاك عند جارتها ألمانيا وهو ما يسمى Mabenserfharen ولدى جارتها الأخرى إيطاليا ما يدعى Procedimento و لقد كانت الإرادة الاقتصادية إذن هي الكاملة وراء اللجوء إلى هذا الإصلاح المتمثل في إجراءات سريعة ومبسطة ،حيث كانت السندات التجارية مثل الكمبيالات " السفتجــات Les lettres de change ". والسندات الأذنية " السندات لأمر les billets à ordre " تعاني من عدم فاعلية تغطيتها وتحصيل مقابلها من النقود السائلـة .
ولقد كان المشرع الفرنسي حذرا منذ البداية عند ما حصر الدافع في السندات التجارية فقط ،
كما اقتصر الإجراء على تغطية الديون التجارية دون غيرها ،محددا الدفع بتلك الوسائل فحسب. وبعد ذلك تطور الوضع و أصبحت جميع الديون التجارية يمكن أن يطبق عليها إجراء أمر الأداء متى كانت ثابتة بالكتابة ،مهما كانت هذه الكتابة أي سندات تجارية أم عقودا رسمية أم عقودا عرفية أم غيرها من الكتابات ، كما تم رفع مبالغ ذلك الدين المطالب به بواسطة إجراء أمر الأداء على مراحل من سنة1941 إلى سنة 1959 بعد ما كان لا يعني سوى مبالغ زهيدة نسبيا إلى أن صدر مرسوم مؤرخ في 03-09-1959 ألغى في بعض نصوصه. كل تحديد لمبلغ الدين التجاري واشترط فقط وجوب ثبوته بالكتابة مهما كان مقــداره.
ولقد عرفت إجراءات أوامر الأداء توسعا على المستوى الأفقي عندما صدر مرسوم أخر في 4-7-1957. سمح بتطبيق تلك الإجراءات على الديون المدنية أيضا ، وعندها ظهرت ازدواجية التقاضي في أوامر الأداء أمام محاكم الدعـاوى "tribunaux d instances " إلـى جانب المحاكم التجارية "T . de commerce " بحيث أصبح من الممكن اللجوء إلى كل محكمة حسب طبيعة الدين ، ما إذا كان مدنيا أم تجاريا ، وأخيرا أصدر المشرع الفرنسي القانون رقم 72-790 المؤرخ في 28-8-1972 مكرسا هذا الاتجاه و منظما بصورة عامة كيفية وفاء الديون المعينة المقدار. والثابتة بالكتابة أيا كانت قيمتها ومهما كانت طبيعتها مدنية أم تجارية كانت.
ويقرر التشريع الإيطالي الصادر في 09/07/1922 قاعدة أساسية مقتضاها جواز استصدار أمر بالأداء إذا كان الدين تجاريــا ثابتـا بموجب كمبيالة أو سنـد إذن .
ويجيز القانون اللبناني الصادر 04/05/1968 التنفيذ المباشر. بمقتضى السندات العرفية ولم يجعل هذا النظام مقصورا " الدين النقدي " وإنما جعله جائزا أيا كانت طبيعة الحق المطالب به ، وسواء كان حقا شخصيا أم عينيا ،ومهما كان موضوع الحق أو محله وسواء أكان مطالبة بمبلغ مالي من النقود أم بأي أمر أخـــر.
وقد استحدث المشرع المصري في قانون المرافعات الصادر سنة 1949 نظام أمر الأداء حيث كان يجيز استيفاء الديون الصغيرة الثابتة بالكتابة والتي لا يتعدى مبلغها خمسين جنيها وقد قصد المشرع أن يقتصر هذا النظام على الديون الصغيرة التي يغلب عقدها في المدن دون الأرياف "يكون الدائن فيها عادة بقالا أو خبازا أو مؤجرا ...الخ " إذ كان المدينون غالبا ما يتعمدون التخلف عن دفع ما عليهم كسبا للوقت. فرأى القانون وقتذاك النص على جواز استصدار أمر الأداء المشار إليه بدل عرض النزاع. على المحكمة لإثقال كاهلها وتعطيل نظر القضايا الأخــرى.
غير أن المشرع المصري رأى أن النظام الذي وضعه لم يأت بالثمرة التي كانت مرجوة منه
ويرجع ذلك من ناحية إلى الرخصة الجوازية التي أعطيت للدائن. بإتباع هذا الإجراء ومن ناحية أخرى إلى القيود التي فرضها المشرع آنذاك بجعله مقصورا على المناطق الحضرية، لذلك صدر القانون رقم 265 لسنة 1953 رقم 485 لسنــة 1953 يجبران الدائن على سلوك مسلك إجراءات أمر الأداء وجوبيا مهما كانت قيمة الدين إلى أن صدر القانون رقم 100 لسنة 1962 معدلا قانون المرافعات في بعض نصوصه، من بينها الأحكام الخاصة بأمر الأداء ،وبعدئذ صدر قانون المرافعات لسنة 1968 محدثا تعديلات. أهمها تطبيق هذا النظام كذلك على المنقولات المعينة بنوعها ومقدارها مثل الثمار والمحاصيل الزراعية إلى جانب تطبيقه على الديون النقديــة .
وفي الجزائر ظلت تلك الإجراءات المذكورة مطبقة أمام المحاكم الموروثة. عن التنظيم القضائي للاحتلال إلى غاية تعويضها بالتنظيم القضائي الوطني الصادر. بموجب الأمر رقم 65 المؤرخ في 16/11/1965 والذي بدأ سريان العمل به مع قانون الإجراءات المدنية في يوم واحــد.
فقد ألغى قانون التنظيم القضائي الجزائري
ما كان يعرف بمحاكم الدعاوى ومحاكم الدعاوى الكبرى والمحاكم التجارية، وأحدث ما يسمى بالمحكمة. كجهة قضائية قاعدية مشكلة من عدة أقسام منها القسم المدني والقسم التجـــاري.
وبذلك صارت إجراءات أمر الأداء، ترفع أمام رئيس تلك الجهة القضائية أي رئيس المحكمة بغض النظر عن طبيعة الدين فلا يهم إذا كان مدنيا أو تجاريا. ليتم النظر في العريضة وتقدير مدى توفر الشـروط التي يتطلبهـا. قـانون الإجــراءات المدنيــة في أمــر الأداء.
وتجدر الإشـارة إلى أن أمر الأداء ذا طبيعة قضائية كونه يتضمن قضاءا قطعيا بإلزام المدين بدفع الدين. فهو يتضمن قضاءا فاصلا في خصومة رفعت إلى القضاء بطريق استثنائي، وهو لا يستند إلى سلطة القاضي الولائية بل إلى سلطته القضائية، ولقد ذهب بعض الفقه إلى القول أن أمر الأداء ذا طبيعة ولائية كون القاضي المختص به يباشر وظيفة ولائية وهو يصدر أمرا لا حكما وذهب البعض الأخـر إلى اعتبـار أمر الأداء ذا طبيعة مزدوجة لكونه صادرا على عريضة في مسألة غير ولائية ، بل في مطالبة قضائية، فهو من حيث الشكل أمر على عريضة ومن حيث الموضوع يشبه الحكم الغيابي، و أساس أمر الأداء هو نفسه أساس العمل القضائي الذي يحتوي على عنصري التقرير والإلزام. ومن جهة أخرى فإنــه يتبع في إصداره إجراءات مختصرة لذلك فهو يشبه العمل الولائي.
يشتمل أمر الأداء على قضاء في أصل الحق، ومن ثم فهو يحوز حجية فيه ومنه لا يجوز للخصوم معاودة طرح نفس الموضوع على قاضي الأمر. طالما لم يسقط الأمر الذي أصدره، كما يكون للقاضي في هذه الحالة. الامتناع عن إصدار أمر جديد لحجية الأمر السابق.
من خلال مراجعة أحكام قانون الإجراءات المدنية نستطيع استخلاص سبعة (7) شروط ينبغي توافرها مجتمعة في آن واحد. ليمكن قبول عريضة أمر الأداء ،خمسة (5) شروط متعلقة بالدين ذاته أوردتها المادة 174 والشرطان الباقيان متعلقان بالمدين نفسه واحد مذكور في المادة 168. والأخر في المادة 177 وهذه الشروط السبعة مجتمعة هـي :
1- أن يتعلـق الطـلب بــدين.
2- أن يكون عبارة عن مبلغ من النقود.
3- و أن يكون الدين ثابتا بالكتابة
4- أن يكون الدين حال الأداء.
5- أن يكون الدين معين المقدار.
6- و أن يكون المدين غير إدارة عمومية.
7- أن يكون للمدين موطنا معروفا.
فعن تعلق الطلب بدين، فيقصد به أن يكون منصبا على معاملة رتبت التزاما معينا سواء كان مصدره اتفاقا سابقا بين الطرفين مثل عقد الاعتراف بدين وعقد التوريد أو التـزاما فرضه القانون مثل الأقساط التي يفرضها قانون الضمان الاجتماعي على أرباب العمل لتأمين عمالهـم. أمام الصندوق المعنية " التأمين على المرض التأمين على البطالة التأمين على التقاعد ..... الخ ".
وينبغي أن يتعلق الأمر بمبالغ نقدية سائلة. وبالتالي يستبعد الطلب الرامي إلى إلزام المدين.
للقيام بعمل أو للامتناع عن القيام بعمل معين، مثل إنجاز أشغال أو عدم التعرض، إذ أن الأمر هنا يحتاج إلى إصدار حكم قضائي "استعجالي أو في الموضوع" لإجبار الطرف الخصم بذلك، وإذا كان القانون يتطلب أن يكون الدين المطالب به ثابتا بالكتابة فهو يحدد نوعيتها وعليه لاتهم الشكلية التي يثبت بها الدين أي سواء كانت كتابة رسمية أو عرفية أو غيرها من الكتابات التي أجاز القانون المدني الإثبات بمقتضاها.
وهي تلك المنصوص عليها في المواد من 323 إلى 332 منه
وهي على التوالي: العقود الرسمية ،العقود العرفية الرسائل ،البرقيات الموقع عليهـا، دفاتر التجار، الدفاتر والأوراق المنزلية والسندات المؤشر عليها ببراءة الذمة أو بالمخالصة. وبمفهوم المخالفة لهذا الكلام لا يجوز تأسيس طلب أمر أداء إذا كان ثابتا بغير الكتابة مثل شهادة الشهود "البينة". حتى ولو تعلق الدين بمعاملة يجيز القانون إثباتها بذلك متى لم تتجاوز قيمة الدين ألف دينار "000 100 دج" أو تعلق الدين بمعاملة تجــارية.
وكذلك الشأن بالنسبة للقانون التجاري الذي أجاز إثبات العقود التجارية في المادة 30منه بمختلف الوسائل بما فيها شهادة الشهود، فهنا لا يجوز استصدار أمر أداء إلا إذا كان الدين ثابتا بالكتابة فقط. ويعد الحق ثابتا بالكتابة إذا قدم الدائن ورقة مكتوبة بخط المدين. أو بخط غيره ولو كان الدائن ذاته بشرط أن يكون عليها توقيع المدين أو بصمته أو ختمه. فإذا وجـدت كتابة صـادرة من المدين بغير توقيعه فلا يعتد بها في هـذا الصدد.
وعن شرط وجوب أن يكون الدين حال الأداء،
معناه ألا يكون مربوطا بشرط واقف لتنفيذه مثل عدم حلول أجله المناسب، فإذا تعلق الدين مثلا بوجوب دفع أقساط معينة مثل أقساط القروض أو أقساط الضمان الاجتماعي أو بدلات الإيجار أو إتاوات الكهرباء والهاتف والماء والصيانة .... فيجب أن يكون القسط المراد تحصيله قد وصـل أجلـه وحل موعـده .
يدق الأمر بالنسبة للأوراق المثبتة لالتزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين، كما هو الحال بالنسبة لعقود مقاولة العمل والبيع مثلا، ففي عقد المقاولة يتعهد المقاول بإتمام عمل أنفق عليه خلال أجل معين، وقد يتعهد رب العمل بأن يدفع للعامل أجره في ميعاد معين بعد إنجاز العمل، وفي عقد بيع منقولات معينة يلتزم المشتري بدفع الثمن خلال ميعاد قد ينص عليه في العقد، وقد لا يتمكن رئيس المحكمة المختص بإصدار أمر الأداء من التحقق بأن الدين خال من النزاع ، ولذلك يستحسن عدم اللجوء إلى هذا الطريق الاستثنائي في العقود الملزمة للجانبين إلا إذا كان الدائن يستطيع أن يثبت من واقع العقد. أو واقع ورقة مرفقة به ومقدمة معه أنه قد قام بوفاء ما هو مقابل لإلزام خصمه بدفع المبلغ المطالب به .
لقد قضت محكمة النقض المصرية في 31-01-1977 بأن طلب المشتري باسترداد الثمن المدفوع بمقتضى عقد قضي بإبطاله رفع بالطريق المعتاد لرفع الدعاوى وليس بطريق استصدار أمر أداء.
وبخصوص شرط تعيين مقدار الدين، مفاده أن يحدده طالبه بوضوح في عريضة أمر الأداء و بالتالي يستبعد. ذكر المبالغ الخاصة بتعويض الضرر أو الفوائد التأخيرية إذا لم تكن مذكورة في شروط العقد، وهذا لا يمنعه من أن يذكر الدين المطالب به بدقة. ويضيف إليه المصاريف الواجبة الدفع لتنفيذ أمر الأداء مثل المصاريف القضائية وأتعاب المحضر القضائي الخاصة بإجراءات تبليغ الأمر وتنفيذه.
وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن المبالـغ المطالب بها. إذا كانت غيـر محـددة وتستند إلى شروط احتمالية في العقد، فلا يتبع بشأنها طريق إجراءات أمر الأداء "نقض 08-02-1948 ".
وعن شرط عدم تعلق المطالبة بإدارة عمومية، فقد نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 168 من قانون الإجراءات المدنية الواردة تحت عنوان في الإجراءات المتبعة أمام المجلس القضائي في المواد الإدارية إذ نصت تلك الفقرة على أنه :" لا تطبق المادتان 174 و 182. الخاصتان بأوامر الأداء ".
ولعل السبب في منع تطبيق مثل هذا الإجراء البسيط والسـريع على الإدارة لـه خلفيـات تاريخية
تكمن في الامتياز الذي يعطيه القانون الإداري والقضاء الإداري للإدارات العمومية على حساب الأشخاص العاديين . مثل وجوب التظلم المسبق لدى الإدارة قبل مقاضاتها حفاظا على حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، فيمنع القانون عدم التصرف في أموال الدولة وعدم الحجز عليها وعدم تملكها. بالتقادم حسب المادة 689 من القانون المدني كما يمنع التطبيق القضائي الجزائري توقيع غرامات تهديدية على الإدارة .
وعن اشتراط تواجد موطن معروف للمدين، فقد أشارت إليه المادة 175 من قانون الإجراءات المدنية إذ أوجبت أن يكون المدين. معرفا تعريفا نافيا للجهالة سواء من حيث هويته أو مهنته أو موطنه . وتأكد شرط تحديد الموطن هذا صراحة بالمادة 177 من القانون المذكور عندما قالت : " لا يجوز إصدار أمر الأداء إذا كان سيجري تبليغه في الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن أو محل إقامة معروف في الجزائر " فتحديد موطن المدين يعد شرطا أساسيا يعرف من خلاله معرفة الاختصاص المحلي للمحكمة والهدف منه عدم إثقال كاهل المدين بالكلفة خاصة عندما يريد الاعتراض عليـه ،فينبغي علـى القاضي في فرنسا مثلا أن يثيره و لو بصفة تلقائية لتعلقه بقواعد آمرة .
إذ أن إجراءات أمر الأداء تصبح مستحيلة
لأن هذا التوطين هو الذي يحدد اختصاص المحكمة المختصة دون سواها في هذا النوع من الأوامر، و بالتالي لا يجوز لطالب أمر الأداء أن يقدم عريضته إلى قاض آخر غير رئيس المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصها موطن المدين، كأن يقدم طلبه أمام المحكمة التي وقع فيها التسليم الفعلي للشيء الذي رتب التزام وجوب الدفع أو المحكمة التي وقع تنفيذ الخدمة في دائرة اختصاصها وتجدر الملاحظة هنا أنه إذا كان الدين يتعلق بشخص اعتباري "شركة,جمعية ..الخ " ينبغي أن يقدم طلب أمر الأداء أمام المحكمة. التي يقع بدائرة اختصاصهــا المقر الرئيسي لذلك الشخص المعنوي و أحد فروعه الذي تعامل معه الـدائن.
المطلب الثاني : إجراءات أمر الأداء :
إن إجراءات استصدار أمر الأداء عبارة عن إجراءات سهلة بالمقارنة مع إجراءات التقاضي العادية ،حيث أنها تتميز بالتبسيط من أجل الحصول على مقرر قضائي تنفيذي لتحصيل الدين المطالب بــه.
الفرع الأول : إجراءات إصدار أمر الأداء :
عمليا يقدم الدائن عريضة من نسختين إلى أمين الضبط التابع لرئاسة المحكمة المختصة محتوية على البيانات التي تطلبها القانون وهي هوية الدائن والمدين ومهنة كل واحد منهما وموطنه ومقدار المبلغ المطالب به على وجه التحديد وسببه، ويرفق المعني بعريضته جميع الوثائق الثبوتية المؤيدة لأقواله والموضحة لمقدار الدين المطلوب وبصفة خاصة جميع الكتابات الصادرة من المدين والمشار فيها إلى الاعتراف بالدين أو التعهد بالوفــاء.
يقدم أمين الضبط العريضة ومرفقاتها في شكل ملف إلى رئيس المحكمة ليتفحصها ويصدر أمره المناسب على ذيلها بالرفض أو القبول دون حاجة إلى أن يسبب أمره تسبيبا مفصلا مكتفيا بالإشارة إلى أنه اطلع على العريضة وعلى الوثائق المرفقة بها، فإذا ظهرت لرئيس تلك الجهة القضائية الابتدائية صحة الدين فإنه يصدر أمره بأسفل العريضة ووجوب إبلاغ أمر الأداء إلى المدين، وهنا يوجب القانون على أمين ضبط المحكمة أن يقدم إلى العارض مستخرجا من أمر الأداء في شكل شهادة تتضمن هوية الأطراف المذكورة في العريضة وتاريخ أمر الأداء ومبلغ الدين وسببه ورقم قيد العريضة في السجل الخاص بأوامر الأداء المعد لهذا الغرض، ومن الناحية التطبيقية يعيد أمين الضبط إلى العارض إحدى النسختين من عريضتـه مؤشـرا على ذيلـها بأمــر رئيس المحكمة لتبليغها مع ذكر رقم قيدها في السجــل.
يقوم العارض بعد ذلك بعملية تبليغ الأمر والعريضة إلى المدين.
بواسطة المحضر القضائي الذي يقع عنوان المدين بدائرة اختصاصه، فيسلم له هذا العون القضائي الوثيقتين وينذره في محضر تبليغه بأن يسدد الدين المطالب به وملحقاته من فوائد ومصروفات والمصاريف القضائية وأتعاب المحضر ذاته وهي مبالغ ينبغي أن تذكر جميعها بالتفصيل ويجب أن يتم دفعها في ميعاد خمسة عشر (15) يوما من تاريخ ذلك التبليغ وإلا أجبر على الدفع بجميع الطرق القانونية وهذا طبقا لنص المادة 178 فقرة 1 و 2 من قانون الإجراءات المدنية،كما ينبغي على المحضر القضائي الذي يتولى عملية تبليغ المدين أن يذكر في محضر التبليغ الذي يعده لهذا الغرض بأنه نبهه إلى أنه إذا كانت لديه أوجه دفاع مخالفة يمكنه رفع اعتراض على أمر الأداء المبلغ له خلال ميعاد الدفع المذكور " 15 يوما " وأنه عليه في هذه الحالة الأخيرة أن يقوم بدفع مبلغ مصاريف لأمر المبلغ إليه (الرسوم القضائية وأتعاب المحضر والرسم على القيمة المضافة ).
الفرع الثاني : طرق الطعن في أمر الأداء :
غني عن البيان أن الدائن إذا رفض طلبه لا يمكنه أن يعارض في أمر الرفض لأنه يصدر حضوريا بالنسبة إليه، أما المدين فلم يخوله المشرع حق المعارضة في ذلك الأمر الذي يصدر في غيبته ،وإنما سمح له بأن يطعن في أمر الأداء عن طريق الاعتراض عليه أمام نفس المحكمة. ويجوز استئناف الأمر أمام المجلس القضائي بتقنيات خاصة بهذا النظام الاستثنائي، فهذان الطريقان منصوص عليهما في قانون الإجراءات المدنية ويمكن للمدين أن يطعن في أمر الأداء بطريق النقض وهذا شأن مختلف فيه حسب الاجتهاد القضائي الفرنسي، كما يجوز للغير المضرور من صدور أمر الأداء أن يطعن فيه بطريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة ،وفقا للقواعد العامة المنظمة لهذا الطريق الغير عادي للطعن.
1- الاعتراض على أمـر الأداء :
خول قانون الإجراءات المدنية إلى المطلوب الحق في رفع اعتراض عـلى أمر الأداء في المادة 179 التي نصت على أنه : " ترفع المعارضة في أمر الأداء بكتاب يسلم إلى قلم كتاب الجهة القضائية التي صدر عنها الأمر ... ".
تجدر الإشارة هنا في البداية إلى رفع بعض اللبس عن بعض المصطلحات الواردة في هذه المادة، فالمعارضة التي تقصدها المادة هي ترجمة خاطئة لكلمة " contredit" التي تعني اصطلاحا "اعتراض" مثلما هو منصوص عليه في الصياغة الأصلية للنص الذي أعد سنة 1966 باللغة الفرنسية منقولا عن النص الفرنسي الموروث ،وأن كلمة "كتاب" الذي يرفع بمقتضاه الاعتراض في أمر الأداء عبارة عن عريضة أو رسالة بسيطة مثلما هو وارد في الصياغة المفرنسة للمادة بعبارة " une simple lettre "، كما أن عبـارة " قلم الكتاب" تعني كتابة الضبط.
ويثور التساؤل بشأن نوعية الجهة القضائية التي ينبغي رفع الاعتراض أمامها ؟
ولكن في الحقيقة والواقع أن تحفظ الشخص المطالب بدفع الدين بموجب أمر الأداء يجعل منه آخذا لموقف المدافـع وغير المعترف بالدين أو على الأقل بجزء منه سواء لأنه أوفى به أو لأنه سقط بالتقادم أو لعدم أحقية العارض فيه أصلا ومثل هذه الدفوع تناقش أصل الحق وجوهر النزاع وعليه ينبغي ترك الأمر إلى قضاء الموضوع ليمحصه سواء أمام القاضي المدني أو التجاري حسب الأحوال، وهنا تنقلب الأوضاع ويصبح المعترض على الدين مدعيا ينبغي عليه تسبيق مصاريف رفع دعواه ويصبح العارض السابق مدعي عليه، وتأخذ المنازعة مجراها الإجرائي العادي ويتبادل طرفاها مذكراتهم ومقالاتهم وطلباتهم إلى أن ينتهي النزاع بصدور حكم قضائي قابلا للاستئناف.
2-إستئناف أمر الأداء :
نصت المادة 181 فقرة 1 من قانون الإجراءات المدنية على أنه :"إذا كان أمر الأداء قابلا للاستئناف فيسري ميعاد الاستئناف من تاريخ انتهاء ميعـاد المعارضة "الاعتـراض" أومن تاريخ النطق بالحكم الصادر برفضها ... "
فالأمر الصادر عن رئيس المحكمة يعد حكما في مضمونه رغم أن شكله أمر ولائي و بإرادة المشرع خول لمن صدر ضده أن يستأنفه أمام الغرفة المدنية بالمجلس القضائي في حدود ما ورد بالمادة 02 من قانون الإجراءات المدنية.
فالاستئناف يمكن رفعه من المدين وحده في الحكم الصادر في الاعتراض بعد انقضاء أجله "15 يوما من تاريخ تبليغه أمر الأداء " ويبقى ميعاد الاستئناف تحكمه القواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 102 وهي مدة شهر من تاريخ التبليــغ.
تجدر الإشارة إلى أن الحق في الاعتراض على أمر الأداء يسقط إذا طعن فيه مباشرة بالاستئناف لأن ذلك يعد تنازلا ضمنيا عنه، كما أن أمر الأداء الذي لم يحصل فيه اعتراضا. ولم يمهر بالصيغة التنفيذية خلال سنة (06) أشهر من تاريخ صدوره يسقط تلقائيــا ولا يترتب عنه أي أثـر.
3- الطعن بالنقض في أمـر الأداء :
لقد كانت محكمة النقض الفرنسية في البداية متساهلة في قبول الطعن بالنقض في أوامر الأداء متى انتهت أجال الطعن فيها أمام قضاء الموضوع بالطرق العادية التي رسمها القانون وأعطى الاجتهاد القضائي الفرنسي أمثلة على حالات قبل فيها الطعن مثل حالة تسليم الصيغة التنفيذية لأمر الأداء قبل فوات الأجل القانوني لتشكيل الاعتراض عليه وهو مدة شهر من تاريخ التبليغ. وحالة الاستجابة إلى طلب العارض في تثبيت أمر الأداء دون مراعاة الاعتراض الذي سبق أن رفعه الطرف المقابل . ومثل الحالة التي ينصب فيها الاعتراض على أمر متقادم.
وقضت محكمة النقض الفرنسية بأن الطعن لا يكون له. موضوعا إلا إذا كان منصبا على افتقاد المشروعية الشكلية لأمر الأداء " نقض في 23-01-1991 ".
ومن الأمثلة الأخرى التي قبلت فيها المحكمة العليا الفرنسية الطعن بعد ذلك، نذكرأيضا حالة وضع الصيغة التنفيذية على أمر الأداء من قبل كاتب الضبط بكيفية غير قانونية وحالة عدم احتواء أمر الأداء
ذاته على بعض البيانات الأساسية مثل اسم القاضي الذي أصدره وتوقيعه " نقض في 05-04-1993 ".
ولقد انتقد الفقه هذا القرار الأخير على أساس أنه قبل وضعية أدخلها ضمن أوجه الطعن بالنقض، وهي حالة إثارة تجريحات في أمر الأداء ذاته والتي كان من الأجدر أن تجد مكان التصدي إليها في إطار الاعتراض على أمر الأداء أو عند استئنافه، وفي مرحلة موالية استدركت محكمة النقض الوضع وأصبحت تقلص من الحالات التي يتم فيها قبول الطعن بالنقض من طرف المدين، وأصبح من الواضح التأكد على أن المدين لا يمكن. أن يثير في هذا المستوى من الإجراءات "النقض" سوى غياب الشرعية الشكلية للصيغة التنفيذية.
وهكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بعد ذلك برفض الطعن المبني على عدم ذكر اسم رئيس المحكمة التجارية الذي أمضى على أمر الأداء " نقض في 18-12-1996 " وأن مثل هذا التجريح يدخل في إجراءات الاعتراض. وحده وكذا رفض الطعون المبنية على عدم إمضاء كاتب الضبط على أوامر الأداء.
4- إعتراض الغير الخارج عن الخصومة :
يبدو أن لكل شخص مضرور من صدور أمر أداء لصالح غيره أن يطعن فيه بهذا الطريق ولقد رأى القضـاء الفرنسي أن أمر الأداء الذي يصبح قابلا للتنفيذ بصفة نهائية لا يفلت من الطعن فيه من طرف الغير، عندما قبل اعتراض الغير الخارج عن الخصومة في قضية كان قد صدر فيها أمر الأداء على مدين لـدفع مبلغ من النقود، وأن هذا الأخير لم يحرك ساكنا مفضلا أن مسألة دفع الدين تتولاه الوكالة الضامنة. بل أن هذا المدين أهمل حتى إثارة وجه التقادم الذي يحرره من الدين أصلا وبالتالي يعفي الوكالة من الضمان. في هذه القضية لم يقدم المدين الأصلي اعتراضا على أمر الأداء.
وإنما قامت الوكالة باستئنافه على أساس أنه أصبح في حكم المقرر القضائي الوجاهي الصادر عن الدرجة الأخيرة، ومن هذا المنطلق قبلت محكمة الاستئناف الاعتراض من طرف الوكالة باعتبارها غيرا خارجا عن الخصومة وسايرت محكمة النقض هذا التوجه بقولها أن : "غش المدين الأصلي يكفي قبول. اعتراض الغير المقدم من طرف الوكالة الضامنة " قــرار في 10-12- 1991 ".
الفرع الثالث : تثبيت أمر الأداء :
نصت المادة 180 من قانون الإجراءات المدنية أنه يتم تثبيت أمر الأداء متى لم تحصل فيه معارضة في الميعاد، ويمكننا إضافة شرط أخر وهو أن تنتهي هذه المعارضة. بالرفض أو الشطب مادام أن نتيجة هذين الشرطين واحدة وهو بقاء أمر الأداء.
ويتم تثبيت أمر الأداء من طرف القاضي بناءاً على طلب يرفع إليه بعريضة من الدائن يطلب فيها تثبيته بعد أن يلفت إنتباه المحكمة بصدور أمر الأداء ضد المدين وتبليغه إليه، وعدم قيام هذا الأخير بمعارضة أو إستئناف فيه، وبالطبع تكون العريضة مرفقة بالوثائق كسند الدين ومحضر التبليغ، وبعد ذلك يصدر القاضي أمراً بتثبيت أمر الأداء ويكون بالصيغة التالية : " نأمر بتثبيت أمر الأداء طبقا للمادة 174 من قانون الإجراءات المدنية ".
ويمر أمر الأداء قبل تنفيذه بمرحلتين :
- المرحلة الأولى هي صدور أمر الأداء.
- المرحلة الثانية هي تثبيت أمر الأداء.
ولكن لم يبين المشرع ما هو الميعاد الذي يفصل بينهما، والذي يمكن من خلاله تثبيت أمر الأداء، وبغض النظر عما يمكن قوله في ذلك فإن المادة 180 من قانون الإجراءات المدنية لا تبدو متناقضة في حكمها مع المادة 181 من ذات القانون بنصها بأنه بانتهاء مهلة المعارضة يقرر القاضي تثبيته، ومن جهة أخرى أن الأمر يمكن إستئنافه من تاريخ إنتهاء مدة المعارضة فإذا كانت المادة تقصد إستئناف الأمر الذي يبدأ من تاريخ إنتهاء مهلة المعارضة وهو يمكن أن نسجل بأن هناك. خلل إذ كيف يمكن تثبيته بصيرورته حكما وإستئنافه باعتباره أمراً.
أما إذا كانت المادة 181 المذكورة تقصد إستئناف الحكم فإنها قد عبرت عنه. بالأمر ولم تذكر في نصها الحكم، ويمكن في رأينا وضع نص المادة 180و 181 في إطارها الصحيح والقول بأن الأمر الذي يثبت هو الأمر الصادر إبتدائيا نهائيا، أما الأمر الصادر إبتدائيا فإنه لايمكن تثبيته إلا إذا إنقضى أجل الإستئناف، وبعد تثبيت الأمر فإنه يصبح حكما حضوريا ويترتب عليه كافة أثار الحكم الحضور