logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





29-06-2018 10:20 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 07-12-2014
رقم العضوية : 1381
المشاركات : 184
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 50
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

الافراج و الحبس المؤقت في القانون الجزائري.
الإفراج وفق القانون الجزائري
الحبس المؤقت وفق القانون الجزائري المواد من 123 إلى 137 إج.

أولا الإفراج وفق القانون الجزائري :
إن وجود المتهم في الحبس مقترن بإدانته بالوقائع المنسوبة إليه ووجوده قبل ذلك لا يعد أن يكون سوى إجراء استثنائي فرضته عوامل معينة ضرورية للوصول إلى الحقيقة,و لأن الاستثناء لا يمكن الإفراط في اللجوء إليه ,تبنى المشرع الجزائري نظام الرقابة القضائية كإجراء بديل عن الحبس المؤقت , وإن كانت الرقابة لا تؤدي إلى حبس المتهم فإنها رغم ذلك تحد من حريته وتفرض عليه التزامات تعرقل السير العادي لحياته , لذا فإن اللجوء للرقابة القضائية لا يعد هو الأصل ,وإنما وجود المتهم طليق هو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون عليه قبل ثبوت أدانته في غياب مبررات اللجوء للحبس المؤقت و الرقابة القضائية ,لذا يتوجب على القاضي إصدار امرؤ بالإفراج عن المتهم إذا زالت هذه المبررات .

ماهية الإفراج :
قد يمكث المتهم في الحبس مدة زمنية طويلة تتغير فيها ظروف وأحوال مجرى التحقيق ومعطياته, وقد يجز بالشخص في الحبس المؤقت تعسفا, أو لأبسط الأسباب فيصبح مسلوب الحرية ومعوق الحركة [1] .ولوضع حد لذلك نص المشرع على إمكانية استفادة المتهم من نظام الإفراج.
و لتوضيح ماهية هذا النظام سنتناول مفهوم الإفراج و تمييزه عن غيره من الأنظمة الشبيهة به من جهة ثم نتطرق لمضمونه من جهة أخرى.

الفرع الأول : مفهوم الإفراج وتمييزه عن غيره من الأنظمة الشبيهة به :
أولا : مفهوم الإفراج :
لإبراز مفهوم الإفراج نتطرق لتعريفه أولا ثم الغاية منه ثانيا.
1- تعريف الإفراج :
أ- لغــة :
يشتق الإفراج من فعل أفرج, يفرج, إفراجا.
فيقال أفرج الغبار بمعنى أجلى وانقشع, أفرج القوم عن المكان أي انكشفوا عنه وتركوه ويقال أفرج عن معتقل أو مسجون بمعنى أخلى سبيله وهو المعنى المقصود في دراستنا.
ب- فقهــا :
تعددت التعاريف التي أطلقها الفقه على الإفراج ومع ذلك اقترنت معظمها بموضوع الحبس المؤقت وطابعه الاستثنائي.
فعرفه الدكتور رؤوف عبيد بأنه:"إخلاء سبيل المتهم المحبوس مؤقتا على ذمة التحقيق بزوال مبررات الحبس المؤقت, وقد يكون الإفراج وجوبيا كما قد يكون جوازيا". [2]
وعرفه الدكتور الأخضر بوكحيل بأنه:"وسيلة لإنهاء الحبس المؤقت كون هذا الأخير ذو طابعا استثنائي يجوز إنهاؤه في أية مرحلة من مراحل الإجراءات ومهما كانت مدته".[3]
أما الدكتور جيلالي بغدادي فيرى:" أن المشرع أجاز في بعض الحالات إيداع المتهم الحبس المؤقت قبل أن تثبت إدانته إذا دعت الضرورة ذلك, بحيث إذا زالت هذه الضرورة تعين الإفراج عن المتهم".[4]
كما عرفه الدكتور عبد العزيز سعد بأنه:" الطلب الذي يقدمه المتهم أو محاميه أو ممثل النيابة العامة خلال الفترة مابين بداية التحقيق وصدور حكم نهائي تام, إلى إحدى جهات التحقيق أو الحكم, بإطلاق سراح المتهم المحبوس حبسا مؤقتا بموجب أمر قضائي سابق". [5]
وما يلاحظ على هذه التعريفات أنها جاءت كلها متقاربة تربط بين أمر الإفراج و زوال مبررات الحبس المؤقت, دون أن تأتي بتعريف لهذا الإجراء بصفة مجردة وبشكل مستقل عن باقي المفاهيم.
ويمكن تعريف الإفراج بأنه ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام أو جهة الحكم حسب الأحوال إما تلقائيا أو بناء على طلب المتهم أو محاميه أو النيابة العامة, الهدف منه وضع حد للحبس المؤقت وتمكين المتهم من التمتع بحريته حسب الشروط المحددة في القانون.


ج- قانونــا :
لم يعطي قانون الإجراءات الجزائية تعريفا للإفراج, واكتفى بتنظيم أحكامه في المادة 126 وما يليها منه.
و كان يصطلح عليه بعبارة "الإفراج المؤقت " ثم حذفت عبارة " مؤقت" على إثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 01-08 و مع هذا فلم يرد تعريف للإفراج.

2- الغاية من الإفراج :
لا يمكن أن تخرج غاية الإفراج عن كون أن الجريمة المحبوس من أجلها المتهم تعتبر من الجرائم العادية أو البسيطة التي لا يخشى منها التأثير على وسائل إثباتها أو حسن سير التحقيق بشأنها أو كون قاضي التحقيق نفسه لم يعد يقتنع بفائدة و لا ضرورة استمرار حبس المتهم أو كون الأمر الذي صدر بحبسه أو بتمديده لم تعد تتوفر فيه هو نفسه الشروط القانونية اللازمة لبقائه و استمراره بالإضافة إلى أن الحبس المؤقت في حد ذاته ليس إلا تدبيرا إجرائيا استثنائيا لا يجوز تحويله إلى قاعدة عامة و لا المغالاة في استعماله أو الإفراط في اللجوء إليه.[6]

ثانيا: تمييز الإفراج عن غيره من الأنظمة الشبيهة به :
هناك بعض الأوضاع قد يجد فيها المتهم نفسه تشبه إلى حد ما إجراء الإفراج, و في هذا الصدد سوف نميز بينه و بين الإفراج المشروط ثم وقف التنفيذ.
1-الإفراج و نظام الإفراج المشروط :
نظم أحكام الإفراج المشروط أمر 72-02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتعلق بتنظيم السجون و إعادة تربية المساجين و هذا في المواد من 179 إلى 194.
و يمكن هذا النظام المحكوم عليهم الذين يقدمون أدلة جديدة عن حسن سيرتهم و ضمانات إصلاح حقيقية, الاستفادة من الإفراج المشروط شريطة أن يقضوا نصف العقوبة المحكوم بها عليهم على ألا تقل عن 3 أشهر, و إذا كانوا في حالة عود ترفع المدة إلى ثلثي العقوبة دون أن يقل الأجل عن 6 أشهر, أما المحكوم عليهم بالمؤبد لا يتمتعون بهذا النظام إلا إذا قضوا 15 عاما من عقوبتهم.
و يقدم الطلب من المحكوم عليهم مباشرة أو باقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو من رئيس المؤسسة بعد استشارة لجنة الترتيب و التأهيل, و تكون الاقتراحات مصحوبة بتقرير مسبب.
و يختص وزير العدل بإصدار المقرر الذي يمنح بموجبه الإفراج المشروط على أن يلتزم بشروط و التزامات معينة.
و يختلف هذا النظام عن الإفراج, في كون الأول يستفيد منه الشخص المحكوم عليه و الذي ثبتت إدانته بحكم أو قرار نهائي, كما أن وزير العدل هو الذي يختص في منحه, بينما الإفراج فهو يخص الشخص المتهم بارتكابه لجريمة معينة قبل محاكمته وصدور حكم بإدانته, وتختص بإصدار هذا الأمر السلطة القضائية ممثلة في جهتي التحقيق والحكم حسب الأحوال.
و يتشابه النظامان في كونهما يمكنان المتهم من التمتع بحريته, كما يجوز التراجع عنهما إذا لم يحترم الالتزامات المفروضة عليه.

2- الإفراج و وقف التنفيذ :
يجوز للمجالس والمحاكم حسب المادة 592 من قانون الإجراءات الجزائية إذا لم يكن المحكوم عليه قد سبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام أن تأمر في حكمها نفسه بقرار مسبب بإيقاف تنفيذ العقوبة الأصلية كليا أو جزئيا [7], و هذا يعني أن المحكوم عليه سيطلق سراحه و يبقى في حالة إفراج, لكن في حالة صدور حكم جديد عليه بالإدانة فإن العقوبة الموقوفة تصبح نافدة .
و يختلف هذا النظام عن الإفراج في كون الأول يخص المحكوم عليه بينما الثاني يتعلق بالمتهم قبل محاكمته, كما أن الأول من اختصاص جهة الحكم فقط في حين تصدر أمر الإفراج جهتي التحقيق و الحكم حسب الحالة.
و يتشابه هاذين النظامين في كونهما يجنبان المتهم وضعه في الحبس وبقائه طليقا, كما أن كليهما يمكن التراجع عنهما إذ قد يتحول الحبس إلى نافذ و قد يعاد حبس المتهم المفرج عنه من جديد إذا طرأت ظروف محددة في القانون.

الفرع الثاني : مضمون الإفراج :
يكون الإفراج إما بقوة القانون أو جوازيا, و لقد نص القانون على شروط و أحكام تنظم كل حالة و هذا ما سنتعرض له فيما يلي:
أولا : الإفراج بقوة القانون :
الإفراج بقوة القانون هو ذلك الإفراج الذي يلتزم فيه قاضي التحقيق أو قاضي الحكم بإخلاء سبيل المتهم المحبوس مؤقتا إذا ما توافرت حالة من الحالات المحددة قانونا، دون أن يكون في ذلك مجال لأية سلطة تقديرية للأمر به.
وقد أطلق عليه بعض رجال القانون اسم الإفراج الوجوبي أو الإلزامي [8] حيث أعتبر بمثابة حق للمتهم يخول له استرداد حريته في الحين إذا ما تحققت حالة من الحالات التالية :
1- حالة الحكم ببراءة المتهم :
نصت المادة 311 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:" إذا أعفي المتهم من العقاب أو برئ أفرج عنه في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر..."، كما نصت المادة 365 من نفس القانون على أنه:" يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته...، وذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر..."، و عليه فإنه يفرج حالا عن المتهم المحبوس مؤقتا إذا حكم ببراءته، وهذا بغض النظر عما إذا كان ذلك الحكم قد طعن فيه بالاستئناف أم لا، خلافا للقاعدة العامة التي تقرر بأن الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم.
2- حالة الإعفاء من العقوبة :
في حالة حبس المتهم مؤقتا بسبب ارتكابه جريمة ما ثم قضي بإعفائه من العقوبة لتوافر حالة من الحالات المنصوص عليها في المواد 47، 48، 49، 52 من قانون العقوبات والمتمثلة في الجنون، الإكراه، صغر السن والأعذار المعفية من العقاب، فإنه يتعين الإفراج عن ذلك المتهم حالا ولو وقع طعن بالاستئناف طبقا لنص المادة 365 الفقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية.
3-حالة الحكم بالحبس مع وقف التنفيذ :
في حالة صدور حكم يقضي بالحبس مع وقف التنفيذ، فإنه ينهي الحبس المؤقت، ويستلزم ذلك الإفراج عن المتهم حالا وفقا لأحكام المادة 365 الفقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية.





4- حالة الحكم بالغرامة دون الحبس :
طبقا لأحكام المادة 365 الفقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية، فإنه يسقط مفعول الحبس المؤقت بمجرد صدور الحكم القاضي بالغرامة فقط على المتهم وبالتالي يفرج عنه فور صدور هذا الحكم رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر.
5- حالة الحكم بعقوبة أقل من مدة الحبس أو مساوية لها :
استنادا إلى أحكام المادة 365 من قانون الإجراءات الجزائية وبالخصوص الفقرة الثانية منها، فإنه إذا سبق حبس المتهم مؤقتا ثم بعد محاكمته ثبتت في حقه التهمة المنسوبة إليه وصدر حكم يقضي بحبسه لمدة معينة، وكانت هذه المدة أقل من مدة الحبس المؤقت أو مساوية لها، وجب الإفراج عن المتهم بقوة القانون حال صدور الحكم, تطبيقا لمسألة خصم مدة الحبس المؤقت من المدة المحكوم بها.
6-حالة انتهاء مدة الحبس المؤقت :
يجب الإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا كلما انقضت مدة ذلك الحبس التي لا يجوز فيها التمديد أصلا، أو التي لم يقم قاضي التحقيق بتجديده في الآجال المحددة في المواد 124، 125-1 ،125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية, كما تم بيانه في المبحث الأول، فعلى سبيل المثال: في حالة انتهاء مدة عشرين يوما للحبس المؤقت فإنه لا يجوز تمديد هذه المدة طبقا لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية وبالتالي يجب الإفراج عن المتهم بقوة القانون، وعمليا يتم ذلك بإصدار قاضي التحقيق أمر برفع مذكرة الإيداع.
7- حالة إصدار أمر بألا وجه للمتابعة :
إذا ما توصل قاضي التحقيق إلى كون الوقائع لا تشكل جناية أو جنحة أو مخالفة يعاقب عليها أو في حالة عدم وجود دلائل كافية ومتماسكة أو أن مرتكب الجريمة مجهول أو في حالة عدم توافر ركن من أركان الجريمة أو وجود سبب من أسباب الإباحة أو مانع من موانع العقاب، فإن قاضي التحقيق يصدر أمرا بألا وجه للمتابعة.
وطبقا لنص المادة 163 من قانون الإجراءات الجزائية فإذا صدر أمر بألا وجه للمتابعة من قبل قاضي التحقيق، فإنه يفرج عن المتهم في الحال كأصل عام، غير أن القانون نص على وجوب بقائه محبوسا إذا طعنت النيابة العامة بالاستئناف فيه, فالمتهم يبقى محبوسا طوال المدة المقررة لها للطعن وهي ثلاثة أيام[9]، بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يفرج عنه حتى بعد صدور أمر بألا وجه للمتابعة متى كان هذا الأخير محبوسا لسبب آخر إذ ينوه فيأمر بألا وجه للمتابعة بعبارة: "....مع الإفراج عن المتهم ما لم يكن محبوسا لسبب آخر....".
وطبقا لأحكام المادة 195 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه يفرج عن المتهم في الحال إذا ما أصدرت غرفة الاتهام أمر بألا وجه للمتابعة.




8- حالة عدم بت قاضي التحقيق في طلب وكيل الجمهورية :
طبقا لنص المادة 126 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه:" كما يجوز لوكيل الجمهورية طلب الإفراج في كل وقت وعلى قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال ثمان وأربعين (48) ساعة من تاريخ طلب الإفراج وعند انتهاء هذه المهلة, وفي حالة ما إذا لم يبت قاضي التحقيق يفرج على المتهم في الحين..."، فإنه يفرج عن المتهم المحبوس مؤقتا في الحال إذا أغفل قاضي التحقيق البت في طلب الإفراج المقدم من قبل وكيل الجمهورية في الآجال القانونية المحددة بتمان وأربعين ساعة من تاريخ تقديم طلب الإفراج.
9- حالة عدم بت غرفة الاتهام في طلب المتهم :
طبقا لنص المادة 127 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية فإنه في حالة عدم بت غرفة الاتهام في أجل ثلاثين يوما في طلب الإفراج المقدم من قبل المتهم المحبوس مؤقتا، بعد عدم بت قاضي التحقيق في طلبه في الآجال المحددة قانونا, فإنه يفرج عن المتهم في الحال ما لم تقرر غرفة الاتهام إجراء تحقيقات متعلقة بطلبه.
10- حالة عدم بت غرفة الاتهام في الطعن بالاستئناف :
طبقا لنص المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها:"... ويتعين على غرفة الاتهام أن تصدر حكمها في موضوع الحبس المؤقت في أقرب أجل، بحيث لا يتأخر ذلك عن عشرين(20) يوما من تاريخ استئناف الأوامر المنصوص عليها في المادة 172 و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي" ففي حالة عدم بت غرفة الاتهام في الآجال المحددة لها قانونا في الطعن بالاستئناف المرفوع أمامها في موضوع الحبس المؤقت، فإنه يفرج عن المتهم بقوة القانون ما لم يتقرر إجراء تحقيق إضافي.





11-حالة عدم بت المحكمة العليا في طلب الإفراج :
طبقا لأحكام المادة 128 الفقرة ما قبل الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية أنه في حالة طعن المتهم بالنقض في حكم محكمة الجنايات، فإن الغرفة الجنائية لدى محكمة العليا هي المختصة في النظر في طلب الإفراج المقدم إليها وذلك في أجل خمسة وأربعين يوما،وفي حالة عدم البت فيه في الأجل المحدد قانونا فإنه يفرج عن المتهم في الحال ما لم يؤمر بتحقيقات متعلقة بطلبه.
12-حالة عدم استجواب المتهم في الآجال القانونية :
طبقا لنص المادة 121 من قانون الإجراءات الجزائية فإن المتهم يستجوب خلال ثمان وأربعين ساعة من اعتقاله، وفي حالة عدم استجوابه خلال هذه المهلة تطبق أحكام المادتين 112 و 113 من نفس القانون ومفادها أن المتهم المودع في مؤسسة إعادة التربية بموجب أمر إحضار أوامر بالقبض إذا لم يستجوب خلال المهلة السالفة الذكر فإنه يتوجب إخلاء سبيله.
13- حالة كون الوقائع تشكل مخالفة أو تخضع لعقوبة الغرامة فقط :
يفرج عن المتهم المحبوس مؤقتا في الحال إذا كانت الوقائع المحبوس بشأنها المتهم تشكل مخالفة أو تخضع لعقوبة الغرامة فقط طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 196 من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها:"....فإذا كانت الوقائع القائمة في الدعوى لا تخضع لعقوبة الحبس أو لا تكون سوى مخالفة، فإن المتهم يخلى سبيله في الحال".
14- حالة معارضة الحكم :
نصت المادة 358 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:"....يتعين في حالة المعارضة للحكم طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 411 و412 أن تنظر القضية أمام المحكمة في أول جلسة أو في خلال ثمانية أيام على الأكثر من يوم المعارضة و إلا أفرج عن المتهم تلقائيا..."، و عليه فإنه إذا لم يتم الفصل في معارضة الحكم في الأجل القانوني، يتعين الإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا بقوة القانون.
وما نلاحظه أن ورود مصطلح " تلقائيا" في نصوص المواد 127، 179، 358 من قانون الإجراءات الجزائية كان في غير محله كون ذلك قد يؤدي إلى نوع من اللبس، حيث اعتبر البعض أن هذه المواد جاءت في إطار الإفراج التلقائي وليس الإفراج بقوة القانون بحجة أن المشرع الجزائري استعمل مصطلح " تلقائيا"، إلا أن استعماله لهذا المصطلح بدل " قوة القانون " كان نتيجة سوء صياغة، وهذا غير كاف لجعل المواد السالفة الذكر تدخل في إطار الإفراج التلقائي، فمن المستحسن أن يتدارك المشرع الجزائري هذا اللبس في المستقبل.


ثانيا : الإفراج الجوازي :
عندما لا يكون الإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا واجبا حتما بمقتضى القانون، فإن الإفراج عنه يكون متروكا لتقدير السلطات التي تفصل في موضوع الحبس المؤقت لأن القاعدة هي أنه من يملك سلطة الأمر بهذا الحبس يكون له أن يأمر بالإفراج عن المتهم متى كان التحقيق بين يديه.
الإفراج الجوازي مرهون بتقدير سلطة التحقيق حسب مقتضيات التحقيق ويكون سواء بمبادرة منه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المتهم أو محاميه أو بناء على طلب وكيل الجمهورية طبقا لما نصت عليه المادتين 126 و127 من قانون الإجراءات الجزائية ومنها نستخلص القواعد التي تحكم الإفراج الجوازي والتي يمكن مناقشتها من خلال نقطتين:
- صور الإفراج الجوازي.
- التزامات طالب الإفراج.


1-صور الإفراج الجوازي :
تتمثل فيما يلي:
أ- الإفراج التلقائي :
يصدر من جهات التحقيق سواء من قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام تلقائيا دون الحاجة إلى تقديم طلب من جهة ما أو من المتهم بعد استطلاع رأي النيابة إعمالا لحكم الفقرة الأولى من المادة 126 والمادة 186 من قانون الإجراءات الجزائية كما يجوز ذلك لجهات الحكم طبقا لنص المادة 339 من نفس القانون.
ب- الإفراج بناء على طلب النيابة العامة :
يجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق الإفراج عن المتهم والذي عليه أن يبت في الطلب خلال 48 ساعة من تقديمه و إلا أفرج عن المتهم بقوة القانون وفي حالة رفض الاستجابة لطلبه يحق لوكيل الجمهورية الطعن بالاستئناف أمام غرفة الاتهام.
ج- الإفراج بناء على طلب المتهم أو محاميه :
يجوز للمتهم طلب الإفراج من قاضي التحقيق كما يجوز ذلك لمحاميه، حيث يقدم الطلب في أية مرحلة من مراحل التحقيق، وله أن يبت فيه خلال مهلة 08 أيام بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية وتبليغ المدعي المدني لإبداء ملاحظاته.

2- التزامات طالب الإفراج  :
لقد ورد النص على التزامات المحبوس مؤقتا الذي سيقرر القضاء الإفراج عنه وإطلاق سراحه بصفة مؤقتة في أماكن متفرقة من القانون تضمنتها خصوصا المواد 126-127-131 من قانون الإجراءات الجزائية, من خلال تحليل هذه النصوص يمكننا استخلاص ما يلي:
أ- الامتثال أمام الجهة القضائية الآمرة بالإفراج :
تنص المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية: "....شريطة أن يتعهد المتهم بالحضور في جميع إجراءات التحقيق بمجرد استدعائه..." أوجب القانون أن يلتزم المتهم طالب الإفراج ويتعهد أمام الجهة القضائية التي ستأمر بالإفراج عنه بأنه سيمتثل إلى كل استدعاء يرسل إليه من قاضي التحقيق أو قاضي الحكم، و أنه سيحضر كل إجراءات التحقيق أو المحاكمة في الزمان والمكان المذكورين في ورقة الاستدعاء وذلك كلما بلغ إليه بطريقة قانونية وفي الوقت المناسب.[10]
و في نفس السياق يمكننا استخلاص التزام آخر يقع على عاتق المتهم المتابع بجناية والذي أفرج عنه أو لم يكن قد حبس أثناء سير التحقيق أن يلتزم بتقديم نفسه للسجن في موعد لا يتجاوز اليوم السابق للجلسة وفقا لنص المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية.




ب- أن يخطر المتهم القاضي بجميع تنقلاته :
بما أن المتهم لا يزال محل تحقيق فإن مقتضيات هذا الأخير تستلزم وجوده، لذا أوجب عليه القانون أن يخبر القاضي المحقق بكل انتقال يمكن أن يحدث في المستقبل وينشأ عنه تغيير في موطنه أو محل إقامته خلافا للعنوان الذي كان قد صرح به أثناء التحقيق أو المحاكمة وقبل الأمر بالإفراج عنه، إذ قد يجد القاضي نفسه مضطرا إلى البحث عنه قصد إجراء مواجهة مثلا أو استجوابه عن بعض المسائل، فلو لم يكن للمتهم محلا أو تركت له حرية التنقل والاختيار دون إشعار لوجب البحث عليه من جديد ومعه تتعطل إجراءات التحقيق وتضيع سمة السرعة الموصوفة بها.




ج- وجوب اختيار موطن للمتهم :
لقد اشترط القانون على المتهم قبل الإفراج عنه اختيار موطن معين حتى يتمكن من التوصل بالإستدعاءات القضائية لحضور إجراءات التحقيق, ولقد أوضحت المادة 131 من قانون الإجراءات الجزائية كيفية تنفيذ هذا الالتزام إذ يجب أن يكون بمقتضى محضر يحرر في قلم كتاب مؤسسة إعادة التربية المتواجدة في دائرة اختصاص جهة التحقيق إذا ما أمر به قاضي التحقيق أو في دائرة اختصاص انعقاد جهة الحكم إذا صدر الأمر بالإفراج منها.


د- تقديم كفالة :
يجوز تعليق الإفراج في غير الأحوال التي يكون فيها واجبا حتما على تقديم كفالة تقدرها الجهة التي يوجد المتهم على مستواها سواء كان قاضي التحقيق أو جهة الحكم.
يخصص جزء من الكفالة ليكون جزاء كافيا لتخلف المتهم عن الحضور في أي إجراء من إجراءات التحقيق والدعوى والتقدم لتنفيذ الحكم والقيام بكافة الواجبات الأخرى التي تفرض عليه، ويخصص الجزء الآخر لدفع ما يأتي ترتيبه:
- المصاريف التي سبق أن قام بدفعها المدعي المدني.
- المصاريف التي أنفقها القائم بالدعوى العمومية.
- الغرامات.
- المبالغ المحكوم بردها.
- التعويضات المدنية.
و يدفع مبلغ الكفالة نقدا، هذا هو المعمول به، كما يجوز أن يكون أوراقا مصرفية أو شيكات مقبولة للصرف أو سندات صادرة أو مضمونة من الدولة تسلم كلها إلى يد كاتب المحكمة أو المجلس القضائي.
إذا تخلف المتهم بغير عذر مشروع عن أي إجراء من إجراءات الدعوى أو عن تنفيذ الحكم يصبح الجزء الأول من الكفالة ملك للدولة بغير حاجة إلى حكم بذلك، ويرد له إذا ما قام بكل الالتزامات المفروضة عليه وكذا في حالة صدور قرار بألا وجه للمتابعة أو حكم بالبراءة.[11]
إذا ما صدر حكم بإدانة المتهم فيخصص الجزء الثاني لسداد المصاريف وأداء الغرامة ورد المحكوم برده ودفع التعويضات المدنية وما بقي فيرد للمتهم.[12]
و قد أوكل المشرع عملية توزيع المبالغ المودعة أو المحصلة على مستحقيها للخزينة, بموجب نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجزائية.
ويكون الإفراج بكفالة مسألة جوازية متروكة للسلطة التقديرية لجهة التحقيق والحكم, تقتصر إمكانية تقريرها على المتهم الأجنبي فقط وفقا لما نصت عليه المادة 132 والمادة 339 من قانون الإجراءات الجزائية، مع أن هذه الأخيرة جاءت عامة و لم تذكر " الأجنبي" حيث نصت:" إذا لم تكن الدعوة مهيأة للحكم أمرت المحكمة بتأجيلها إلى جلسة من أقرب الجلسات لإستفاء التحقيق، وتفرج عن المتهم بكفالة أو غيرها إن كان ثمة محل لذلك". ومع ذلك فإنه جرت العادة عمليا أن الإفراج بكفالة يخص الأجانب فقط.



هـ- تحديد محل الإقامة :
تكون جهة التحقيق أو الحكم التي تترك أو تخلي بصفة مؤقتة سبيل متهم ذي جنسية أجنبية هي وحدها المختصة بتحديد محل الإقامة الذي يحظر على المتهم الابتعاد عنه إلا بتصريح وذلك قبل صدور قرار في الدعوى بألا وجه للمتابعة أو حكم نهائي كما يجوز لها منعه من مغادرة التراب الوطني.[13]

جزاء مخالفة الالتزامات :
للاستفادة من الإفراج يتعين على المتهم التقيد بالالتزامات القانونية المفروضة عليه وفقا لما نصت عليه المادة 126من قانون الإجراءات الجزائية.
و في حالة مخالفة المتهم طواعية لهذه الالتزامات يجوز للقاضي المحقق إيداعه الحبس المؤقت كجزاء له طبقا لنص المادة 131 من قانون الإجراءات الجزائية:" و إذا استدعى المتهم للحضور بعد الإفراج عنه و لم يمثل ......فلقاضي التحقيق أو لجهة الحكم المرفوعة إليها الدعوى أن يصدر أمرا جديدا بإيداعه السجن.", إلا إذا أثبت أن هناك أسباب مشروعة دعته إلى ذلك فيكون أثناءهـا خاضعـــا للسلطة التقديرية للقاضي في الإعفاء من الجزاء هذا عملا بنص المادة 137 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية:" إذا كان المتهم قد كلف بالحضور تكليفا صحيحا بالطريق الإداري بمعرفة قلم كتاب المحكمة الجنائية ولم يمثل في اليوم المحدد أمام رئيس المحكمة لاستجوابه بغير عذر مشروع، ينفذ ضده أمر القبض الجسدي".
كما أخضع المشرع الجزائري المتهم الأجنبي الذي خالف التزامات الإفراج لعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من 500 إلى 50.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين, وفضلا عن ذلك يحكم عليه وجوبا بسحب جواز السفر مؤقتا هذا وفقا لما نصت عليه المادة 129 من قانون الإجراءات الجزائية، وعليه فإن المشرع في هذه الحالة إعتبر مخالفة المتهم الأجنبي للالتزامات المفروضة عليه للاستفادة من الإفراج جنحة مستقلة تضاف لتلك الجريمة المرتكبة سبب إخضاعه للحبس المؤقت( ثم الإفراج كبديل عنه ).
و مما سبق يتضح أن استمرار المتهم في الاستفادة من الإفراج بدلا من الحبس المؤقت متوقف على مدى احترامه للالتزامات التي يقتضيها هذا النظام, فإذا ما خالفها يجوز لقاضي التحقيق إيداعه الحبس المؤقت كجزاء له وتحميله الآثار السلبية التي يتميز بها هذا الإجراء.

إجراءات طلب الإفراج :
تتطلب منا دراسة هذا المطلب التطرق إلى كل من الأشخاص المخول لهم طلب الإفراج, و الجهات التي لها سلطة الفصل في هذه الطلبات و كذا الطعن في الأوامر الصادرة به و شروط إعادة الأمر بالحبس المؤقت.

الفرع الأول : الأشخاص المخول لهم طلب الإفراج :
نصت المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:"يجوز لقاضي التحقيق في جميع المواد أن يأمر من تلقاء نفسه بالإفراج إن لم يكن لازما بقوة القانون وذلك بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية...".
ويفهم من نص المادة أعلاه أن لقاضي التحقيق بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية التدخل للإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا, وذلك دون حاجة إلى تقديم طلب من أي جهة كانت, ويطلق على هذا الإفراج عادة اصطلاح "رفع اليد".[14]
وبالإضافة إلى قاضي التحقيق الذي خول له القانون صراحة في المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية الإفراج عن المتهم, هناك أشخاص آخرين منحهم القانون حق تقديم طلب الإفراج إما إلى جهة التحقيق أو إلى جهة الحكم وهم:
- وكيل الجمهورية.
- المتهم المحبوس.
- محامي المتهم.
ونتعرض إلى كل واحد منهم فيما يلي :

1- وكيل الجمهورية :

خول القانون لوكيل الجمهورية حق طلب الإفراج عن المتهم, إذ تنص المادة 126 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه:"يجوز لوكيل الجمهورية طلب الإفراج في كل وقت....".
إذن يحق لوكيل الجمهورية أن يقدم لقاضي التحقيق طلب الإفراج عن المتهم وذلك في حالة ما إذا تبين له من خلال الإجراءات وكذا الوقائع والظروف المحيطة بالجريمة أن المتهم المحبوس لا علاقة له بها, أو أن قاضي التحقيق لم يتوصل بشأنها إلى أية نتيجة أو غير ذلك من الأسباب.

2- المتهم المحبوس :
جاء في نص المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية أنه يجوز للمتهم طلب الإفراج من قاضي التحقيق في كل وقت مع مراعاة الالتزامات المنصوص عليها في المادة 126 من هذا القانون, و المتمثلة في تعهد المتهم بالحضور في جميع إجراءات التحقيق بمجرد استدعائه وأن يقوم بإخطار قاضي التحقيق بجميع تنقلاته.
إذن يحق للمتهم المحبوس أن يتقدم إلى الجهة القضائية المختصة سواء كانت جهة التحقيق أو جهة الحكم بطلب كتابي يلتمس فيه الإفراج, ويبين أسباب ذلك مع ذكر عنوانه والتعهد بالتزام الحضور و المثول أمام العدالة عندما يطلب منه ذلك.

3- محامي المتهم المحبوس :
أعطى المشرع لمحامي المتهم المحبوس حق تقديم طلب الإفراج عن موكله طبقا لنص المادة 127 من قانون الإجراءات الجزئية إلى قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام أو جهة الحكم, كلما رأى ضرورة لذلك.



الفرع الثاني : الجهات التي لها سلطة الفصل في طلبات الإفراج :
بتصفحنا لقانون الإجراءات الجزائية نجد أن المشرع منح سلطة الإفراج عن المتهم المحبوس بصفة مؤقتة لجهات مختلفة وهذا حسب الأوضاع التي تكون عليه الدعوى العمومية وتنحصر هذه الجهات فيما يلي:
-جهة التحقيق.
-جهة الحكم.

أولا : جهة التحقيق :
تشمل جهة التحقيق كلا من قاضي التحقيق و قاضي الأحداث وغرفة الاتهام.
1-قاضي التحقيق :
هو الجهة الأولى المختصة بالإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا سواء كان ذلك بقوة القانون أو بطلب يقدم إليه ضمن الأوضاع و المواعيد المقررة قانونا, كما سيأتي تفصيله:
- إذا كان طلب الإفراج بقوة القانون, بمجرد توفر الحالات المنصوص عليها قانونا يتعين على قاضي التحقيق إخلاء سبيل المتهم في الحين, حيث نصت المادة126 فقرة 2 أنه:"يجوز لوكيل الجمهورية طلب الإفراج في كل وقت و على قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال ثمان و أربعين ساعة من تاريخ طلب الإفراج و عند انتهاء هذه المهلة, و في حالة ما إذا لم يبت قاضي التحقيق يفرج على المتهم في الحين."
و الإشكال الذي يثور هل أن المتهم يخلى سبيله من طرف مدير المؤسسة العقابية دون الرجوع إلى القاضي مصدر أمر الحبس؟
إن المشرع الجزائري لم يوضح كيفية الإفراج عن المتهم بل اكتفى بذكر عبارة "في الحين" فما المقصود منها؟
فإذا التزمنا بحرفية النص فيكون على مدير المؤسسة العقابية المحبوس فيها المتهم إخلاء سبيله دون حاجة لصدور أمر بذلك, وهذا بمجرد إنقضاء مهلة ثمان و أربعين (48) ساعة لكن مدير المؤسسة لا يكون على علم بطلب الإفراج المقدم من وكيل الجمهورية وعليه فلا يمكنه الإفراج على المتهم بل لابد من صدور أمر الإفراج عنه من قاضي التحقيق.
- إذا كان الإفراج خاضعا للسلطة التقديرية لقاضي التحقيق فلا يخرج عن الحالات الآتية :



1- يجوز لقاضي التحقيق في جمع المواد أن يأمر من تلقاء نفسه بالإفراج وهذا بعد استطلاع  رأي وكيل الجمهورية وإخضاع المتهم لبعض الالتزامات التي سبق الإشارة إليها وفقا لنص المادة 126 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
2-إذا كان طلب الإفراج مقدم من طرف وكيل الجمهورية يتعين على قاضي التحقيق الفصل فيه سواء بالرفض أو القبول في مدة 48 ساعة و إلا أفرج عن المتهم.
3-إذا كان طلب الإفراج مقدم من المتهم أو محاميه فعلى قاضي التحقيق أن يرسل الملف في الحال إلى وكيل الجمهورية الذي يقدم طلباته خلال 5 أيام التالية, و يتعين على قاضي التحقيق أن يفصل في الطلب بأمر خاص مسبب خلال 8 أيام من تاريخ إرسال الملف إلى وكيل الجمهورية وإذا لم يبت في هذه المهلة, فعلى طالب الإفراج أن يقدم طلبه مباشرة إلى غرفة الاتهام التي يجب أن تفصل فيه خلال مدة 30 يوم من تقديمه.
يتبين مما سبق أن المشرع لم يسوي بين كل من وكيل الجمهورية والمتهم أو محامية في طلب الإفراج من حيث المواعيد و الآثار المترتبة عن ذلك و السؤال المطروح هو: ما هي نية المشرع من وراء إضافة العبارة التالية للمادة 127 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية:"...لوكيل الجمهورية الحق في رفع طلب الإفراج إلى غرفة الاتهام ضمن نفس الشروط "؟
و تجدر الإشارة في هذا الصدد أن أمر الإفراج يصدر بموجب أمر مسبب من قاضي التحقيق رغم أن المادة جاءت بعبارة " بقرار خاص مسبب " في حين أن النص الفرنسي استخدم عبارة " ordonnance" هذا إن دل فإنما يدل على سوء الترجمة لمحتوى النصوص.
و بالرجوع إلى نص المادة السالفة الذكر, نجد أنها لم تبين محتوى و بيانات هذا الأمر, مما يجعلنا نرجع إلى القواعد العامة المطبقة على أوامر قاضي التحقيق التي أمر القانون صراحة أن تكون مسببة.

2- قاضي الأحداث :
بالرجوع إلى النصوص المطبقة على المتهم الأحداث فإننا لم نجد أي نص يتكلم على الإفراج عكس الحبس المؤقت و عليه فإن القواعد الخاصة بالإفراج المطبقة على البالغ تطبق على الحدث.

3- غرفة الاتهام :
تختص غرفة الاتهام بالفصل في طلبات الإفراج في الحالات الآتية :
- النظر في طلبات الإفراج المقدمة إليها عندما تأمر بتحقيق تكميلي طبقا لنص المادة 186 من قانون الإجراءات الجزائية:" يجوز لغرفة الاتهام بناء على طلب النائب العام أو أحد الخصوم أو حتى من تلقاء نفسها, أن تأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلية التي تراها لازمة كما يجوز لها أيضا بعد استطلاع رأي النيابة العامة أن تأمر بالإفراج عن المتهم".
- في حالة الطعن لدى غرفة الاتهام في قرار قاضي التحقيق الرافض للطلب المقدم من المتهم أو النيابة العامة الخاص بالإفراج أو عدم بته أصلا في هذا الطلب في الأجل الذي حدده القانون طبقا للمواد 126 و 127 و 170 و 171 و 172 من قانون الإجراءات الجزائية.



- حالة الحكم في الدعوى بعدم الاختصاص إذ نصت على هذه الحالة المادة 128 فقرة 5 من قانون الإجراءات الجزائية:" و تنظر غرفة الاتهام في جميع طلبات الإفراج في حالة صدور الحكم بعدم الاختصاص...", و معنى ذلك أنه إذا أحيل ملف قضية ما متعلقة بمتهم محبوس على جهة قضائية سواء في أول أو ثاني درجة و قضت بعدم الاختصاص, كأن تحال القضية بوصفها جنحة ثم يتبين فيما بعد أن الوقائع تشكل جناية فتصدر جهة الحكم حكما بعدم الاختصاص فإذا كان المتهم محبوس مؤقتا فإن طلب الإفراج يقدم إلى غرفة الاتهام.
- في حالة إحالة القضية على محكمة الجنايات وفي الفترة الواقعة بين دورات انعقاد المحكمة حيث نصت عليها المادة 128 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية إذا أصدر قاضي التحقيق أمر بإرسال الملف إلى النائب العام كون الوقائع تشكل جناية ورأى المتهم أن من مصلحته تقديم طلب الإفراج عنه خلال تلك الفترة و ريثما يتم تحديد جلسة لمحاكمته, فإنه يتعين في هذه الحالة أن يوجه طلبه إلى غرفة الاتهام باعتبارها الجهة المختصة بالفصل في طلبات الإفراج في حالة الإحالة على محكمة الجنايات أو بين دورات انعقادها.
- في جميع الأحوال التي ترفع القضية فيها إلى أية جهة قضائية إذ نصت المادة 128 فقرة 5 من قانون الإجراءات الجزائية:"...وفي جميع الأحوال التي لم ترفع فيها القضية إلى أية جهة قضائية". عمليا هذه الحالة نادرة الوقوع.

ثانيا : جهات الحكـــم :
وتشمل :
- المحكمة والمجلس.
- المحكمة العليا.
1- المحكمة أو المجلس :
تنص المادة 128 فقرة1 من قانون الإجراءات الجزائية:" إذا رفعت الدعوى إلى جهة قضائية للفصل فيها أصبح لهذه الجهة حق الفصل في طلب الإفراج"
كما نصت نفس المادة في فقرتها 4:" وفي حالة الطعن بالنقض والى أن يصدر حكم المحكمة العليا تفصل في طلب الإفراج آخر جهة قضائية نظرت في موضوع القضية"
و من تحليلنا للفقرتين المذكورتين أعلاه نستنتج أن هناك حالتين يوجه فيهما طلب الإفراج إلى جهة الحكم وهما :
- حالة عرض القضية على المحكمة أو المجلس :
إذا كانت القضية قد أحيلت إلى جهة قضائية سواء المحكمة أو المجلس وكان المتهم محبوس, ورأت هذه الجهة أنه من الضروري تأجيل الفصل في موضوع الدعوى لمدة معينة من أجل إجراء تحقيق تكميلي أو لإعادة استدعاء باقي الأطراف ورأى المتهم أن من مصلحته تقديم طلب الإفراج فيتعين عليه أن يقدمه إلى الجهة المعروض عليها الملف, وعلى هذه الأخيرة البت في الطلب بالإيجاب أو السلب.
كما نصت المادة 339 من قانون الإجراءات الجزائية:" إذا لم تكن الدعوى مهيأة للحكم أمرت المحكمة بتأجيلها إلى جلسة من أقرب الجلسات لاستفاء التحقيق وتفرج عن المتهم بكفالة أو غيرها إن كان ثمة محل لذلك".
يفهم من هذه المادة أنه إذا كان المتهم محبوس بموجب أمر إيداع صادر عن وكيل الجمهورية قد قدم إلى محكمة الجنح وفقا لإجراءات التلبس بالجريمة ورأت هذه الأخيرة أن القضية غير جاهزة للفصل فيها وأنه ينبغي إجراء تحقيق تكميلي أو أراد المتهم أن يقدم طلب الإفراج فإنه يقدمه إلى المحكمة المطروح أمامها الملف دون سواها.
و نلاحظ أن المشرع هنا قيد القاضي الذي يترأس المحكمة عند الفصل في الجنحة المتلبس بها إذا قدم إليه طلب الإفراج بأربعة شروط وهي:
- أن تكون القضية المطروحة على المحكمة غير جاهزة للفصل فيها في نفس الجلسة المحددة.
- أن تقرر المحكمة تأجيل الفصل في موضوع الدعوى.
- أن يكون تأجيل القضية إلى أقرب جلسة بغرض القيام بتحقيقات.
- أن تكون هناك مبررات وأسباب جدية للإفراج عن المتهم.[15]

- حالة تقديم طلب الإفراج بعد الطعن بالنقص في قرار الغرفة الجزائية :
إذا طعن بالنقص في قرار الغرفة الجزائية, فإن طلب الإفراج يقدم إلى آخر جهة قضائية فصلت في الدعوى, بمعنى أن المتهم الذي صدر في حقه حكم من الدرجة الأولى يقضي بإدانته بعقوبة سالبة للحرية وكان محل حبس مؤقت و تم تأيد هذا الحكم من الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي, وقرر المتهم أو النائب العام الطعن بالنقض فإن طلب الإفراج يقدم في هذه الحالة إلى الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي باعتبارها آخر جهة فصلت في موضوع الدعوى.

2- المحكمة العليا :
تنص المادة 128 فقرة 5من قانون الإجراءات الجزائية:"... إذا كان الطعن بالنقض مرفوعا ضد حكم محكمة الجنايات فإن الفصل في شأن الحبس المؤقت يكون لغرفة المحكمة العليا المدعوة للنظر في الطعن خلال خمسة و أربعين (45) يوما, وإن لم يكن ذلك وجب الإفراج عن المتهم ما لم يؤمر بتحقيقات تتعلق بطلبه".
من هنا يتبين لنا أنه إذا أحيلت القضية على محكمة الجنايات كون الوقائع تشكل جناية و أصدرت هذه الأخيرة حكمها ثم حصل و أن وقع الطعن فيه بالنقض سواء من أحد الأطراف أو النائب العام و أراد المتهم المحبوس أن يقدم طلب الإفراج فإنه يوجه طلبه إلى الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا و على هذه الأخيرة أن تفصل فيه في أجل لا يتعدى 45 يوما وإذا انقضت المدة دون أن تفصل في ذلك فيتعين الإفراج عن المتهم ما لم تأمر بتحقيقات متعلقة بطلبه.
و نلاحظ أن المشرع خول للمحكمة العليا النظر في طلبات الإفراج إذا كان الطعن بالنقض ضد حكم جنائي فقط.





الفرع الثالث : الطعن في الأوامر الصادرة بشأن الإفراج و شروط إعادة الأمر بالحبس المؤقت :
سندرس في هذا الفرع كل من الطعن في الأوامر الصادرة بشأن الإفراج و شروط إعادة الأمر بالحبس المؤقت.
أولا : الطعن في الأوامر الصادرة بشأن الإفراج :
لقد خول المشرع لكل من وكيل الجمهورية و النائب العام و المتهم و محاميه حق الطعن بالاستئناف في أمر الإفراج الصادر عن قاضي التحقيق أو قاضي الحكم, و حدد آجالا لذلك, و طريقة رفعه, و الجهة التي خول لها القانون الفصل فيه.
1- استئناف الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق :
هذا الحق خوله القانون لكل من وكيل الجمهورية و النائب العام و المتهم و محاميه.
أ- وكيل الجمهورية :
لقد خول القانون لوكيل الجمهورية حق استئناف جميع الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق, و يتم ذلك بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة, و يجب أن يرفع خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور الأمر طبقا لنص المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية.
و من ثمة إذا لم يقدم الاستئناف كتابيا أو تجاوزت النيابة العامة المدة المحددة قانونا عد هذا الاستئناف كأن لم يكن.

ب- النائب العام :
للنائب العام الحق في استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق مثله مثل وكيل الجمهورية لكن هذا الاستئناف يختلف من حيث شروطه كالآتي:
- أن يبلغ استئناف النائب العام إلى الخصوم خلال المدة المحددة قانونا لذلك الاستئناف و هي عشرين (20) يوما.
و عليه إذا لم يحصل هذا التبليغ و لو تم الاستئناف في موعده يكون مرفوض و هذا ما أكده القرار رقم 06-78 الصادر عن غرفة الاتهام بمجلس قضاء قسنطينة المؤرخ في 01-02-1978 و الذي جاء فيه أن سبب رفض استئناف النائب العام هو خرقه لنص المادة 171 من قانون الإجراءات الجزائية التي تستلزم إشعار الأطراف بذلك الاستئناف في أجل 20 يوما من تاريخ صدور الأمر.[16]
و لم ينص المشرع على الشكل الذي يجب على النائب العام احترامه عند رفع استئنافه, على خلاف وكيل الجمهورية, فهل يرفع النائب العام استئنافه بنفس الأشكال التي حددها القانون لوكيل الجمهورية؟
و ما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن الاستئناف لا يوقف مجرى التحقيق, و هذا ما نصت عليه المادة 174 من قانون الإجراءات الجزائية:" يواصل قاضي التحقيق إجراء التحقيق, إذا كان الأمر قد استأنف ما لم تصدر غرفة الاتهام قرار يخالف ذلك".

ج- استئناف المتهم أو محاميه للأمر برفض الإفراج الصادر عن قاضي التحقيق :
تنص المادة 172 من قانون الإجراءات الجزائية:" للمتهم أو لوكيله الحق في رفع استئناف أمام غرفة الاتهام بالمجلس القضائي عن الأوامر المنصوص عليها في المواد....127 من هذا القانون...".
يجوز للمتهم أو محاميه استئناف أمر رفض الإفراج الصادر عن قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ تبليغه بموجب عريضة يودعها لدى أمانة ضبط قاضي التحقيق.

2- استئناف الأحكام الصادرة عن قاضي الحكم :
تنص المادة 128 من قانون الإجراءات الجزائية:" إذا رفعت الدعوى إلى جهة قضائية للفصل فيها أصبح لهذه الأخيرة حق الفصل في طلب الإفراج.
و إذا فصلت المحكمة في طلب الإفراج, فإن الاستئناف يتعين رفعه في ظرف أربع و عشرون ساعة من النطق بالحكم."
بمعنى إذا كان الأمر المراد الطعن فيه صادرا عن المحكمة الناظرة في الدعوى, فإن أجل الطعن هو أربعة و عشرون ساعة من النطق بالحكم بقبول الإفراج أو برفضه و ذلك مهما كانت صفة الطاعن, سواء وكيل الجمهورية أو النائب العام أو المتهم لكن المشرع هنا لم يحدد كيفية رفع الطعن.
في رأينا نرجع للقواعد العامة و هي أن يقدم الطلب أو التصريح بالطعن إلى أمانة ضبط المحكمة في نفس يوم صدور الحكم.

آثار استئناف الأمر بالإفراج الصادر عن جهة الحكم :
نصت المادة 128 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية:" و يظل المتهم محبوسا حتى يقضى في استئناف النيابة العامة, و في جميع الحالات ريثما يستنفذ ميعاد الاستئناف ما لم يقرر النائب العام إخلاء سبيل المتهم في الحال."
يستشف من نص المادة أعلاه بأنه سواء استأنفت النيابة العامة أو لم تستأنف الأمر بالإفراج الصادر عن جهة الحكم, فإن المتهم يبقى محبوسا إلى أن تنتهي مهلة الأربعة و عشرون ساعة المقررة قانونا ما لم يقبل النائب العام الإفراج عنه قبل نهاية أجل الطعن.

3- آثار الطعن بالاستئناف :
تختلف آثار الطعن بالاستئناف باختلاف صفة رافعه سواء وكيل الجمهورية أو النائب العام و سنقسم ذلك إلى حالتين :
الحالة الأولى : استئناف وكيل الجمهورية يوقف الأمر بالإفراج :
تنص المادة 170 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية:" و متى رفع الاستئناف من النيابة العامة بقي المتهم محبوسا في حبسه حتى يفصل في الاستئناف, و يبقى كذلك في جميع الأحوال إلى حين انقضاء ميعاد استئناف وكيل الجمهورية إلا إذا وافق وكيل الجمهورية على الإفراج عن المتهم في الحال".
يفهم من نص المادة أعلاه أن استئناف وكيل الجمهورية له أثر موقف, ففي حالة استعمال حقه يبقى المتهم محبوسا, و استثناء يمكن الإفراج عنه في الحال إذا ما وافق وكيل الجمهورية على إطلاق سراحه.
الحالة الثانية : استئناف النيابة العامة لا يوقف تنفيذ الأمر بالإفراج :
تنص المادة 171 من قانون الإجراءات الجزائية:" يحق الاستئناف أيضا للنائب العام في جميع الأحوال....و لا يوقف هذا الميعاد و لا رفع الاستئناف و تنفيذ الأمر بالإفراج."
تتحقق هذه الحالة إذا أصدر قاضي التحقيق أمر بالإفراج عن المتهم المحبوس مؤقتا, وإن لم يتم استئنافه من طرف وكيل الجمهورية, و رأى النائب العام ضرورة لاستئنافه فإن ذلك لا يوقف تنفيذ هذا الأمر, فإذا ما بقي المتهم محبوسا فإن حبسه يعتبر حبسا تعسفيا, و يجوز لرئيس غرفة الاتهام أن يتدخل و يعقد جلسة من أجل دراسة وضعية المتهم و الأمر بالإفراج عنه تطبيقا لنص المادة 205 من قانون الإجراءات الجزائية.

ثانيا : شروط إعادة الأمر بالحبس بعد الإفراج :
إذا قرر وكيل الجمهورية أن يتقدم بطلب إصدار أمر بالإفراج على المتهم المحبوس مؤقتا تنفيذا لنص المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية و رفض قاضي التحقيق طلبه, فإن القانون لم يحدد أجلا يسمح من خلاله لوكيل الجمهورية بتقديم طلب آخر مرة ثانية بقصد الإفراج, بمعنى أنه يجوز له تقديم طلبه في كل وقت إذا لم يبت قاضي التحقيق فيه في أجل ثمان و أربعين (48) ساعة.
عمليا نادرا ما تطلب النيابة العامة الإفراج إن لم نقل إطلاقا, على الرغم من أن المشرع منحها حق طلبه من قاضي التحقيق لصالح المتهم في كل وقت, دون تعليقه على شرط أو تقييده بأجل أو بمدة معينة.
أما إذا تعلق الأمر بالمتهم أو محاميه, فإنه لا يمكن له تجديد طلبه إلا بعد مرور شهر من تاريخ رفض الطلب السابق طبقا للمادة 127 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية.
إذا كانت القاعدة العامة أنه لا يجوز إطلاقا, و لا بأي حال من الأحوال أن يصدر أي أمر بإعادة إيداع المتهم الذي أفرج عنه الحبس مرة ثانية, لنفس الأسباب و الظروف فإنه و استثناءا من القاعدة يجوز إصدار أمر جديد بإيداعه الحبس إذا توافرت شروط معينة, حددها القانون و ذكرها على سبيل الحصر في المادة 131 من قانون الإجراءات الجزائية بحيث لا يجوز تجاوزها أو القياس عليها.., و هذه الشروط هي :

1- شرط عدم وفاء المتهم بالتزاماته :
إذا قرر قاضي التحقيق أو قاضي الحكم الإفراج عن المتهم أو إطلاق سراحه بصفة مؤقتة, على أساس أنه يتعهد بالمثول و الحضور أمامه كلما طلب منه ذلك, ثم أن هذا المتهم المفرج عنه قد خالف تعهده و لم يحضر لدى القاضي المذكور في الوقت المحدد بعد استدعائه بصفة قانونية و صحيحة و هذا ما نصت عليه المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية:"...أن يتعهد المتهم بالحضور في جميع إجراءات التحقيق بمجرد استدعائه, و أن يخطر القاضي بجميع تنقلاته" و كذلك المادة 130 من قانون الإجراءات الجزائية:" و إذا طرح الأمر على جهة الحكم في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 128 و 129 استدعي الخصوم و محاميهم بكتاب موصى عليه..." ففي هذه الحالة يجيز المشرع لكل من قاضي التحقيق أو قاضي الحكم أن يأمر من جديد بإيداع المتهم الحبس المؤقت و لو لنفس الأسباب التي كان قد حبس من أجلها في المرة الأولى إذ نصت المادة 131 من قانون الإجراءات الجزائية:" إذا استدعي المتهم للحضور بعد الإفراج و لم يمتثل... فلقاضي التحقيق أو لجهة الحكم المرفوعة إليها الدعوى إصدار أمر جديد بإيداعه الحبس....".

2- شرط ظهور ظروف جديدة أو خطيرة :
لقد نصت على هذه الحالة المادة 131 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية:"...أو إذا طرأت ظروف جديدة أو خطيرة تجعل من الضروري حبسه, فلقاضي التحقيق أو لجهة الحكم المرفوع إليها الدعوى أن تصدر أمرا جديدا بإيداعه السجن".
يستشف من نص هذه المادة بأنه إذا قرر قاضي التحقيق الإفراج عن المتهم بصفة مؤقتة سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ثم طرأت أثناء التحقيق ظروف جديدة أو خطيرة, كاكتشاف أن الوقائع المتابع من أجلها المتهم هي ذات وصف جزائي, أو اكتشاف أن المتهم المفرج عنه مؤقتا كان متابعا بجريمة واحدة, بينما في الواقع كان قد ارتكب جرائم متعددة في نفس الوقت أو في أوقات متباعدة, مازال لم يتابع من أجلها و أنه لو ترك حرا سيفلت من العدالة, أو يؤثر على معالم الجريمة و يخفي أو يزيل أدلة إثباتها و إسنادها إليه, تجعل من الضروري الأمر بإعادة حبس المتهم المفرج عنه, فيجيز القانون لقاضي التحقيق الذي سبق و أن أمر بالإفراج عنه أو قاضي الحكم المطروحة أمامه الدعوى, و الذي سبق و أن أمر بإطلاق سراحه, أن يأمر بإيداعه الحبس من جديد.

3- شرط الحكم بعدم الاختصاص :
نصت على هذا الشرط المادة 131 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية:" و لغرفة الاتهام ذلك الحق نفسه في حالة عدم الاختصاص و ذلك ريثما ترفع الدعوى للجهة القضائية المختصة".
يمكن تصور هذه الحالة أنه إذا أحيلت القضية على جهة من جهات الحكم و رأت هذه الأخيرة أنها غير مختصة بالفصل, ثم أنه قبل أن تحال القضية إلى الجهة المختصة مثل محكمة الجنايات أو إلى محكمة أخرى ظهرت ظروف جديدة و خطيرة, فإنه يجوز لغرفة الاتهام أن تصدر أمرا بإعادة حبس المتهم مؤقتا لمدة غير محددة يمكن أن تطول أو تقصر إلى غاية تقديم الدعوى إلى الجهة المختصة, و يكون ذلك بناء على طلب مسبب من النائب العام لدى المجلس القضائي الذي توجد بدائرته الجهة التي قررت الحكم بعدم الاختصاص.

4- شرط سلب المتهم حق الاستفادة من قرار الإفراج :
تنص المادة 131 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية:"و إذا قررت غرفة الاتهام الإفراج معدلة بذلك قرار قاضي التحقيق فلا يجوز للأخير أن يصدر أمر حبس جديد بناء على أوجه الاتهام عينها, إلا إذا قامت غرفة الاتهام بناء على طلب كتابي من النيابة العامة بسحب حق المتهم في الانتفاع بقرارها."
و يتجسد هذا الشرط في حالة ما إذا أمر قاضي التحقيق بحبس المتهم مؤقتا, أو رفض طلب الإفراج عنه, و طعن وكيل الجمهورية أو المتهم أو محاميه و أفرجت غرفة الاتهام عن المتهم المحبوس مؤقتا مخالفة بذلك أمر قاضي التحقيق, فلا يجوز لهذا الأخير إصدار أمر بحبس المتهم مؤقتا من جديد استنادا إلى عناصر و أسباب الاتهام ذاتها, إلا إذا قدمت النيابة العامة طلبا كتابيا إلى غرفة الاتهام تطلب فيه سحب حق المتهم في الانتفاع بقرارها و قبول هذه الأخيرة هذا الطلب.
و السؤال الذي يطرح نفسه بعد تعرضنا لمختلف الشروط التي إذا توفر أحدها يمكن لقاضي التحقيق أن يعدل عن الأمر بالإفراج الذي أصدره لصالح المتهم, و يأمر بإعادة إيداعه الحبس فهل يقصد هنا المشرع الإفراج الوجوبي و الجوازي معا أم أن الأمر هنا يتعلق فقط بالإفراج الجوازي فقط؟
في رأينا أن الأمر يتعلق بالإفراج الجوازي لأن المشرع منحه لقاضي التحقيق في إطار سلطته التقديرية, يلجأ إليه متى شاء من أجل التخفيف من حدة الحبس المؤقت, فخوله سلطة الإفراج عن المتهم بصفة مؤقتة إذا لم يكن الحبس ضروري لحسن سير التحقيق, كما يمكنه كذلك من الحق في التراجع عنه و الأمر بإعادة حبسه مؤقتا من جديد إذا توافرت إحدى الشروط.
لكن هل يلزم القانون القضاة بتسبيب الأمر بإعادة حبس المتهم بصفة مؤقتة ؟
لم ينص المشرع على ضرورة تسبيب الأمر الصادر بإعادة حبس المتهم بعد الإفراج عنه بصفة مؤقتة من الجهات التي خول لها القانون هذه الصلاحية, و حسب رأينا فإنه يجب تسبيب هذا الأمر ضمانا لحقوق المتهم, طالما أن المشرع حدد الحالات التي يجوز فيها اتخاذه.
 




[1] د محمد محدة المرجع السابق ص 438 
[2] د. رؤوف عبيد , مبادئ الإجراءات الجنائية, دار الجيل للطباعة , ص 484. 
[3] د. الاخضر بوكحيل, المرجع السابق, ص 134 
[4] د. جيلالي بغدادي,  المرجع السابق, ص 185. 
[5] د. عبد العزيز سعد, المرجع السابق, ص 134. 
[6] د. عبد العزيز سعد, المرجع السابق, ص 136. 
[7] المادة 592 من قانون 04-11 المؤرخ في 10-11-2004 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية. 
[8] د.عبد الله أوهايبية, المرجع السابق, ص 408
[9] راجع المادة 170 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية.
[10] د. عبد العزيز سعد, المرجع السابق, ص132. 
[11] المادة 134 من قانون الإجراءات الجزائية.
[12] المادة 135 من قانون الإجراءات الجزائية.
[13] المادة 129 من قانون الإجراءات الجزائية.
[14] د. عبد العزيز سعد, المرجع السابق, ص 137-138. 
[15] د. عبد العزيز سعد, المرجع السابق, ص148-149 
[16] د. محمد محده, المرجع السابق, ص 446.

-----------------------------------------------------------



ثانيا الحبس المؤقت نظمته المواد 123 إلى 137 إج :
تـعريف الحبـس المؤقت :
" الحبس المؤقت هو إيداع المتهم في مؤسسة عقابية لمدة محددة سلفا في القانون ".
"إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو إلى تنـتهي محاكمته " و المشرع الجزائري يعتبره إجراء استـثنائي يأمر به قاضي التحقيق و لمدة محددة في مواجهة متهم معين و قد يستغرق الحبس المؤقت مدة التحقيق كله ،و قد يستمر التحقيق و تنتهي مدته فعلى قاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية لأن الإفراج في هذه الحالة يصبح وجوبي المادة 125 مكرر1 إج .



1- الطبيعة الاستثنائية للحبس المؤقت :
يعتبر الحبس المؤقت إجراء استثنائيا نظرا لخطورته على الحقوق و الحريات الفردية .المادة 123 إج.
مظاهر الطبيعة الاستثنائية تظهر في :
-لا يجوز الأمر به إلا وفق شروط إلا وفق شروط محددة أهمها أن تكون التزامات الرقابة القضائية غير كافية .
- وضع المتهم في مؤسسة عقابية بحبسه مؤقتا و هو بريء أصلا لم يقرر القضاء إدانته بعد .
- خطورة هذا الإجراء قبل تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقوانين 86-05 /و 90-24 /و 01- 08 حيث كانت سلطة قاضي التحقيق شبه مطلقة في الأمر بالحبس المؤقت ماعدا بالنسبة للمدة و ترجع الأسباب لأن قانون الاجراءات الجزائية :
- لم يكن ينص على وجوب توافر مبررات للحبس التي استحدثت بالقانون 90-24 المعدل للمادة 123 إج .
- لم يكن ينص على عدد المرات التي يـمكن تمديد الحبس المؤقت بها فسلطة قاضي التحقيق غير مقيدة ،فكان يمدد كلما رأى ضرورة لذلك إلى أن جاء قانون 86-05المعدل للمادة 125 إج و أضاف المادة 125 مكرر1.
- لم يكن ينص قانون الإجراءات على وجوب استطلاع رأي وكيل الجمهورية قبل تمديد مدة الحبس و قد استحدث بالقانون 86-05 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية.
- لم يكن ينص على الرقابة القضائية كبديل للحبس المؤقت إلا بالقانون 86-05 .
- لم يكن ينص على وجوب تسبيب الأمر بالحبس المؤقت و حق استئناف هذا الأمر إلا بالقانون 01-08 الذي أضاف المادة 123مكرر إج .
القيود المقررة قانونا لضمان الحقوق و الحريات ( مبررات الحبس المؤقت ) :
الحبس المؤقت يأمر به قاضي التحقيق المختص ،يأمر بإيداع المتهم في مؤسسة إعادة التربية بعد التحقيق معه لكن يجب توافر مبررات الحبس المؤقت المذكورة في م 123إج تحت رقابة غرفة الاتهام .
الحبس المؤقت إجراء استثنائي و لا يؤمر به إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات التالية :
أ)- إذا لم تكن التزامات الرقابة القضائية كافية .
ب)- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لم يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطرة .
ج)- عندما يكون الحبس المؤقت الوسيلة الوحيدة للحفاظ على أدلة الجريمة أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين و الشركاء و الذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة .
د)- عندما يكون الحبس المؤقت ضروري لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة أو الوقاية من حدوثها من جديد .
هـ)- عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها .

2- تسبيب الأمر بالحبس المؤقت :
طبقا للمادة 123مكررفإن الأمر بالوضع في الحبس المؤقت يؤسس حسب الأسباب المنصوص عليها في المادة 123إج لذلك يُلزم القانون أن يكون الأمر مسبب من طرف قاضي التحقيق .

3-استئناف الأمر بالحبس المؤقت :
وفقا للمادة 123 مكرر إج يحق لمن يصدر ضده الأمر الحبس المؤقت استئناف هذا الأمر أمام غرفة الاتهام ،فقاضي التحقيق يُبلغ المعني بهذا الأمر شفاهة و ينبهه بحقه في الاستئناف في غضون 3 أيام من تاريخ التبليغ .

4- الجرائم التي يجوز فيها الحبس المؤقت :
يتخذ هذا الإجراء بشأن الجرائم التي تكون على درجة معينة من الخطورة م 118 فقرة 1 إج .
-لا يتقرر الحبس المؤقت إلا في الجنايات عموما.
- و يتقرر للجنح المعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين .
- و عليه نستبعد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط و المخالفات عموما فلا يجوز فيها الحبس المؤقت المادتين 124، 125،إج والمادتين 5، 27 ق ع .

5- توافر الدلائل القوية و المتماسكة للأمر بالحبس المؤقت :
لابد أن تتوافر دلائل كافية أو عناصر تكفي كسند لاتهام الفرد أو توفر دلائل تُرجح ارتكاب الجريمة.و هذا القيد أو الشرط يستخلص من النصوص التالية :
أ)- نص المادتين 163/1، 195 إج التي تقرر بأنه في حال عدم توافر دلائل قوية يجب أن يصدر قاضي التحقيق أمر بألا وجه للمتابعة و كذلك الشأن بالنسبة لغرفة الاتهام.
ب)- نص المواد 51/3 -4 ،65مكرر1/2، 89/2إج .فالتوقيف للنظر أو القبض لا يتقرر إلا ضد من تتوافر ضدهم هذه الدلائل ،و عليه من باب أولى أن نطبق هذا القيد بالنسبة للأمر بالحبس المؤقت.

6- استجواب المتهم قبل الأمر بحبسه مؤقتا :
لا يجوز الأمر بالحبس المؤقت ضد المتهم إلا بعد استجوابه و لو مرة واحدة ،فهو إجراء جوهري يطلع من خلاله المتهم على الوقائع المنسوبة إليه و يدافع عن نفسه المادتين 100، 118 إج .

7- مدة الحبس المؤقت :
تحكم مدة الحبس المؤقت طبيعة الجريمة جناية أو جنحة و العقوبة المقررة لها .
أ- الحبس المؤقت لمدة عشرين 20 يوما :
يجوز حبس المتهم مؤقتا لمدة 20يوما غير قابلة للتجديد يخلى سبيله تلقائيا بالنسبة للجنح المعاقب عليها بعقوبة الحبس لمدة أقصاها سنتين متى توافر شرطان :
-أن يكون المتهم المراد حبسه مقيما بالجزائر .
-أن لا يكون المتهم قد حكم عليه سابقا بحكم نهائي في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس تزيد على 3 أشهر نافذة.

ب- الحبس المؤقت لمدة أربعة 4 أشهر :

وفقا للمادتين 125، 125-1 إج الحبس المؤقت لمدة 4 أشهر يكون في الحالات التالية :
- في الجنايات عموما ،في الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على سنـتين.
- الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على شهرين إذا كان المتهم لا يقيم بالجزائر ،أو سبق الحكم عليه بسبب جناية أو جنحة بعقوبة حبس تزيد مدته على ثلاثة أشهر نافذة.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الافراج ، الحبس ، المؤقت ،









الساعة الآن 08:34 AM