logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





30-01-2022 03:07 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 03-05-2019
رقم العضوية : 26163
المشاركات : 104
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 10
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : إداري

شرح اثار عقد الزواج وفق القانون الجزائري
المقصود بآثار عقد الزواج هي النتائج القانونية التي تترتب على عقد الزواح بمجرد انعقاده. والأصل في هذه الآثار أن تكون بحكم المشرع بما رتبه القانون والشرع على العقد من آثاره الملزمة للطرفين، إلا أنه يجوز لأحد المتعاقدين أن يشترط شرطا في العقد لا ينافي هذه الآثار ولا يخالف طبيعة العقد أو أحكام قانون الأسرة .
والمستقرئ لآثار عقد الزواج في فقه الأسرة الجزائري نجد أنها جاءت بما هو مقرر في الشريعة الإسلامية، وما دامت هذه الآثار من عمل الشارع فهي من الثوابت التى لا تتغير كأصل عام، وبناء على ذلك فإننا سنتناول هذه الآثار التي قسمناها- إلى ثلاثة أقسام كالآتي:
1- الحقوق الزوجية. النفقة. الذمة المالية. النسب .
وسنفصل في بعض الجزئيات التي هي مجل اجتهاد في الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري كالنفقة والذمة المالية والنسب.
سنتناول هذه الآثار وفق ما ذهب إليه الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري في المباحث التالية :
المبحث الأول: حقوق وواجبات الزوجين والذمة المالية
وتنقسم إلى أربعة أقسام: الحقوق الزوجية. النفقة. الذمة المالية. النسب.
المطلب الأول: الحقوق الزوجية
لقد رتب المشرع على عقد الزواج الصحيح حقوقا وواجبات على الزوجين منها ما هي مشتركة بينهما ومنها ما هي للزوجة على زوجها، ومنها ما هي للزوج على زوجته، ويؤكد ذلك قوله تعالى : ((وهن مثل الذي عليهن بالمعروف(( سورة البقرة الآية 228
الفرع الأول: الحقوق الزوجية المشتركة :
الأصل حل فيها العشرة الزوجية بينهما، وحل ما يقتضيه الطبع الإنساني مما هو مجرم إلا بالزواج، لقوله تعالى: ((والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانم فإنم غير ملومين(( سورة المؤمنون الآية 5-6
وفي الجملة أول ما يفيده الزواج هوحل المساكنة بين الزوجين وربط المودة بينهما .
هذا هو الحق الأصلي المشترك، وتبع ذلك حقان مشتركان بينهما هما: حرمة المصاهرة والتوارث بين الزوجين؛ فإن العشرة لما حلت بين الزوجين ربطت بينهما لجمة كلحمة النسب أو أقوى تم ربطت بين أسرهما برباط من المصاهرة، تم ثبت التوارث بسبب أن حل العشرة أوجد الصلة بين الزوجين، بما هو مثل القرابة، وإذا كانت القرابة تثبت الميراث فالزوجية أيضا تثبت الميراث بين الزو جين .
الفرع الثاني : حقوق الزوجة على زوجها : وهي كثيرة نذكر منها:
1- النفقة : سنتناولها في المطلب الثاني.
2- العدل بين الزوجات : وهذا في المبيت والنفقة؛ فمن كانت له امرأتان أو أكثر فيجب عليه عند الجمهور غير الشافعية العدل بينهن، والقسم لهن، فيجعل لكل واحدة يوما وليلة، سواء أكان الرجل صحيحا و مريضا، وسواء كانت المرأة صحيحة او مريضة و حائضا أو نفساء، لأن النبي صلى االله عليه وسلم قسم لنسائه وكان يقسم في مرضه مع أن القسم لم يكن واجنا عليه.
3- حسن المعاملة : ومن حقوق المرأة على زوجها أيضا حسن معاملتها و حسان معاشرتها وعدم الإضرار بها قولا أو فعلا لقوله تعالى: ))وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا وجعل االله فيه خيرا كثيرا(( سورة النساء الآية 19.
ومن حسن معاملة المرأة تمكينها من حق زيارة أهلها واستضافتهم في بيت الزوجية بالمعروف وليس للزوج منعها من زيارة أهلها أو منع أهلها من زيارا في بيتها؛ لأن ذلك إضرار بالمرأة وقطع للأرحام الذي لى الإسلام عنه، قال تعالى: ((فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم(( سورة محمد الآية 22
-4الذمة المالية : سنتناولها في المطلب الثالث.
الفرع الثالث : حقوق الزوج على زوجته :
وللزوج أيضا حقوق تترتب على المرأة بمقتضى عقد النكاح منها:
1- حق الطاعه : أي أن تطيعه وتحفظه في نفسها وماله عند حضوره وغيبته، وذلك لأن الزوج هو رئيس الأسرة ومدبر شؤو ا ومدبر أمرها بحكم القوامة البدنية والمالية والنفسية التي فطر عليها، وبحكم طبيعة المرأة الخلقية والعاطفية التي تجعلها أكثر ميلا إلى القيام بشؤون البيت وتربية الأولاد. عن عمر بن الخطاب (رضي االله عنه) عن النبي صلى االله عليه وسلم، قال: (( ألا أخبرك بخير ما يكتر المرء؟ المرأة الصاخة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته((
ومن فروع الطاعة ولوازمها استئذانه في الخروج من البيت وعدم إدخال أجنبي إلى بيته وحفظ شرفه، وصيانة عرضه في حضوره وغيبته، وعدم إفشاء سره والحافظة على الميثاق الغليظ الذي يجمعهما.
2- القرار في البيت : من حق الزوج على زوجته أن تستقر وتقيم معه في مسكن الزوجية للإيفاء بمطالب الزوجية وتحقيق السكينة والعناية بالبيت والأولاد مقابل تكليفه بواجب النفقة والرعاية.
3- القيام على شؤون البيت ورعايته : وذلك لحديث أسماء بنت أي بكر رضي الله عمهما قالت : " نزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته، وأسوسه... حى أرسل إلي أبو بكر رضي الله عنه- بخادم يكفيى سياسة المأس فكأما أعتقني .
كما أن القيام بشؤون البيت ورعايته أمر جبلي عرفي جبلت عليه أكثر النساء وتعارفت عليه المجتمعات في مختلف العصور والأماكن، وهو تولي النساء مهمة الطبخ والغسل وما شبه من أشغال البيت.
ومسألة خدمة البيت تحكمها الأعراف السائدة ووضع الزوجين المادي والاجتماعي.
الجانب القانونى :
نص قانون الأسرة الجزائري على الحقوق الزوجية المشتركة ويمكن اختصارها فيما يلي:
1- حق الاستمتاع وحسن المعاشرة : ولعل هذا ما عبر عنه المشرع الجزائري من خلال الفقرة 1 و 2 من المادة 36 من الأمر 05-02 وها.
- المحافظة على الروابط الزوجية وواجبات الحياة المشتركة
- المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة والرحمة.
وإن كان المشرع عبر بقوله : "يجب" أي عدها من الواجبات على الزوجين فلا مانع أن نجعلها حقوق للزوجين (مشتركة بينهما)، ويترتب على هذا أن يعمل كل من الزوجين بقدر الإمكان على إسعاد زوجه وعلى السهر على احته بكل الوسائل الممكنة المادية منها والمعنوية
2- صلة الرحم : " وجب المشرع على كل من الزوجين المحافظة على الروابط الأسرية أي أقارب الزوج والزوجة معا وذلك عن طريق تبادل الزيارات وتفقد أحوالهم ومساعدتهم.
حث المشرع أيضا على ضرورة التعاون على تربية الأولاد وحسن رعايتهم والتشاورعلى تسيير شؤون الأسرة وتباعد الولادات، إذ لا سبيل أجع للقضاء على الخلافات في هذا الباب سوى الحوار.
وبالجملة كل ما يهم الأسرة ويحقق الاستقرار والطمأنينة بين الزوجين .
3- إستقلال الذمة المالية للزوجين وإدارة الأموال المشتركة بينهما : وهذا سنتحدث عنه لاحقا في مطلب مستقل كأثر من آثار الزواج.
4- ثبوت النسب : وهذا سنتحدث عنه لاحقا في مطلب مستقل كأثر من آثار الزو ج.
أما بالنسبة لحقوق الزوجة على زوجها : فقد تعرض لها قانون الأسرة قبل التعديل بنص المادتين 37, 38 وهي: (النفقة، العدل في حالة التعدد، حق زيارة أهلها واستضافتهم، حرية التصرف في مالها).
وهذه الحقوق مستمدة أساسا من أحكام الشريعة الإسلامية ودرج بعضها ضمن المادة 36 التى تتحدث عن الواجبات المشتركة، إلا أن هذه الحقوق تفرض نفسها شرعا وقانونا .
أما بالنسبة لحقوق الزوج على زوجته حق الطاعة مجسدا في المادة 39 الملغاة ، ولما قلنا أن المشرع : يحيلنا في المادة 222 إلى أحكام الشريعة الإسلامية فإننا نجد أن المحكمة العليا أقرت أن من واجبات الزوجة متابعة زوجها والالتحاق أينما طاب عشيه واعتمدت على المادة 39 رغم إلغائها، حيث جاء في القرار: " ينعي الطاعن على القرار المطعون فيه كونه منعدم التسبيب لمخالفته لأحكام المادة 39 من قانون الأسرة التي توجب على الزوجة طاعة زوجها ومراعاته باعتباره رئيس العائلة وما كرسته المحكمة العليا في قرارها رقم 19467 المؤرخ في 13-01-1986 بوجوب متابعة الزوجة لزوجها والالتحاق به أينما طاب له العيش.
رعم ثبوت عدم طاعتها له وعدم مراعا لحالته الصحية جوا ومناخا معينا.... "
وبناء عليه يتبين لنا أن هذه الحقوق الزوجية- ولو لم تذكر في التعديلات أو ألغيت كما هو الشأن للمادتين 38 و 39 غير أنها تبقى محفوظة ويستدل بها عند الحاجة واكتفى المشرع بذكر الحقوق المشتركة الواجبات المشتركة- بين الزوجين ربما لكثرة التراعات والخلافات بينهما في هذه الأمور كمسألة تقارب الولادات، زيارة الأقارب، تربية الأولاد،...الخ. فهذه مسائل تتكرر في حياتنا أكثر وتكثر فيها الخلافات بين الزوجين.
المطلب الثاني:استقلال الذمة المالية للزوجين والاتفاق حول مصير الأموال المشتركة :
أعطت الشريعة الإسلامية للمرأة حق التملك، وحق التصرف في مالها، فإن كانت مكلفة رشيدة فلها حق الولاية على ماها، تتصرف فيه كما تشاء، من بيع وشراء و إجارة وهبة وصدقة وغيرها، واعتبرها الفقهاء كأثر من آثار عقد الزو ج، وهناك من ألحقها بحقوق الزوجة على زوجها.
وليس للزوج ولاية على مال الزوجة مطلقا، إلا بتوكيل منها إن كانت أهلا للتوكيل أو بتوكيل من له حق الولاية على مالها في حالة كو ا فاقدة الأهلية أو قاصرة الأهلية. فليس للزوج أن يأخذ شيئا من مالها و يتصرف فيه دون إذنها، حيث يقول الله عز وجل: ((وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شينا، أتاخذونه بهتانا وإثما مبينا، وكيف تأخدونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا)) " . سورة النساء الآية 20
ويقول تعالى : )) ولا يجل لكم أن تأخذوا ما آتيتموهن شيئا (( سورة البقرة الآية 229
وإذا استولى الزوج على شيء من مال الزوجة بدون إذنها فهو غاصب، ويجب عليه رد ما استولى عليه من زوجته.
الفرع الأول : استقلال الذمة المالية للزوجين :
أولا: معنى الذمة لغة وشرعا
الذمة لغة : الأمان، ولهذا سمي المعاهد ذميا، لأنه اعطى الأمان على ذمة الجزية التي تؤخذ منه، قال تعالى: ((لايرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة(( سورة التوبة الآية 10
1426، الموافق لـ : 14-09 أفريل 2005. بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجتع بخصوص موضوع اختلافات الزوج والزوجة الموظفة، فأصدر مجلس أمع قررت وفتاوى من بين ما جاء فيها:
انفصال الذمة المالية بين الزوجين :
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها، وها ثرولا الخاصة، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على ماها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بما لها.
استقلال الذمة المالية في القانون:
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 37 المعدلة بموجب الأمر رقم 05-02 لسنة 2005 على أنه : " لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن الآخر، غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول مصير الأموال المشتركة بينهما التى يكتسباها خلال الزوجية وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما ".
نصت هذه المادة في فقرا الأولى على أحكام لمم تكن في السابق وهي أحكام تتعلق باستقلال الذمة المالية للزوجين وهذه الاستقلالية في الذمة المالية التى نصت عليها هذه المادة في فقرا الأولى 1/37 حسب التعديل الجديد تظل قائمة ولا تتأثر بالزوجية وقد اعترف المشرع الجزائري بدوره في قانون الأسرة بمبدأ استقلال الذمة المالية للمرأة عن طريق تجسيده لفكرة حرية المرأة بالتصرف في أموالها، إذ نص على أن للزوجة الحق في حرية التصرف في مالها ولم يعلق هذه الحجرية بقيد أو شرط ومن الأنظمة العربية التي "قرت في قوانينها استقلال الذمة المالية للزوجين أو الزوجة.
القانون المغربي ، والقانون الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة المتعلق بالأحوال الشخصية، وقانون الأحوال الشخصية التونسي.
الفرع الثاني : الاتفاق حول مصير الأموال المشتركة للزوجين :
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 37 الفقرة الثانية بعد التعديل الجديد لقانون الأسرة: "غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول الأموال المشتركة
بينهما التي يكتسبا لا خلال الزوجية وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما ".
ونلاحظ أن هذا النظام الجديد الذي جاء به المشرع "يشبه ما يتضمنه التشريع الفرنسي فيما يتعلق بالأموال المشتركة بين الزوجين أثنا قيام عقد الزواج .
وبناء على ذلك سنتناول بالدراسة أولا: نظام الاشتراك المالي بين المؤيدين والمانعين، ثم سنتناول بعدها آثار الاتفاق بين الزوجين حول مصير الأموال المشتركة.
مفهوم نظام الإشتراك المالي: قبل أن نتطرق إلى هذا العنصر نتطرق أولا إلى معنى الإشتراك المالي بين الزوجين:
النظام المالي للزوجين هو: مجموعة القواعد التي تحدد علاقة كل من الزوجين بأمواله وأموال الزوج الآخر وعلاقتهما معا بلأموال المشتركة .
أولا: نظام الاشتراك المالي للزوجين عند المؤيدين
يرى المؤيدون لنظام الاشتراك المالي أن الأموال تقسم بين الزوجين بالمناصفة عند الطلاق أدلتهم:
1- أن القرآن الكريم قد راعى المدة الزمنية بالنسبة للمطلقات، فكان حكم من قضت مع الزوح مدة زمنية ليس كحكم من لم تخط معه خطوة، وراعى كذلك المشاركين في الممتلكات فكان نصيب المرأة في التركة مع الأولاد ليس كنصيبها مع عدمهم، وراعى أيضا حالة الزوج من زاوية الغنى والفقر، قال تعالى: ((ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره)) . سورة البقرة الآية 236
وراعى كذلك ما عبر عنه "بالمعروف"، ولا بد أن تمكن الزوجة من إدر ج شروط في عقد الزواج تلزم الزوجة بتمكينها جزء من الأموال التي شتركا في تحصيلها أثناء الحياة الزوجية وهو ما يعرف فقها بحق الكد والسعاية المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية.
2 - احتراما للعدالة باعتبارها مبدأ أساسي في الإسلام، واعترافا بتضحيات المرأة طوال الحياة الزوجية تستحق نصف الممتلكات المحصلة والتي ساهمت فيها، سواء من خلال عملها داخل البيت و عن طريق عمل مأجور أثناء فترة الزواج.
وقد عترض على هذا الدليل بأنه إذا كانت الأموال المشتركة بين الزوجين برسوم شرعية فإن المرأة تبقي نلها حصتها بعد الطلاق، ولا يمكن لأحط أن يمسها، ولها أن تتصرف فيها طبقا لما تقتضي به مصلحتها ما دامت هذه الأموال ثابتة ملكيتها لها، أما إذا كانت هذه الأموال لأحدهما فلا موجب لقسمتها، لأن المرأة مستقلة بملكيتها وبذمتها المالية، والرجل كذلك فلا هو يشاركها فيما تملك ولا هي تشاركه فيما يملك.
3- وهناك من يري تقدير نصيب المرأة المطلقة المظلومة بالنصف كحة أعلى وبالربع كحد أدني باعتبار أن النساء صنفان: صنف يعمل داخل البيت وخارجه، ويجعل ما يحصل عليه مشتركا وصنف يعمل داخل البيت فقط، ويمكن أن يلحق به الصنف الذي يعمل داخل البيت وخارجه، ولكن يحتفظ بما حصل عليه لنفسه، وباعتبار أن الرجال صنفان أيضا: صنف يملك ثروة قبل الزواج، فجاءت المرأة وساهمت في تنميتها بنوع المساهمة، وصنف لا يملك أو ما يملك كان بسيطا.
ورد على هذا الرأي بأن تصنيف الرجل والمرأة لذه الصورة جاء على غير معيار ولا قاعدة شرعية تنصف بين الزوجين في أحقية التناصف إذ المعروف شرعا هو إستقلال الذمة المالية لكل من الزوجين على الآخر، فضلا عن أن مسألة التنصيف والمناصفة جاءت انتصا ا للمرأة المطلقة المظلومة، دون النظر إلى الرجل المظلوم مع مراعاة أن التصنيف كان يشمل الإثنين معا، فكيف يمكننا اعتبار هذا مناصفة ؟ وأما تقدير نصيب المرأة بالنصف كحد أعلى والربع كحد أدن فهذا مردود لقوله تعالى : )) وهن الربع ثما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم(( . سورة النساء الآية 12
في حالة وفاة زوجها ترث الربع أو الثمن، وفي حال طلاقها لها متعتها بدليل قوله تعالى : ((ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره)) سورة البقرة الآية 236 ، فإعطاء المرأة النصف مما يملك الزوج كحد "قصى والربع كحد أدن يصطدم مع النص، والقاعدة الفقهية تقول: " لا اجتهاد مع نص صريح " .
4- وهناك من يحتج بفلسفة الكد والسعاية بهدف الحد من ظاهرة الطلاق والحيلولة دون وقوعه باعتبار أن الزوج يدرك جيدا أن للمطلقة حقا معلوما في كل ما تم اكتسابه خلال فترة الزوجية وبالتالي سيحسب ألف حساب للطلاق قبل إيقاعه.
- رد عليهم أن الهدف من وراء إقتسام الاموال بين الزوجين هو الضغط على الزوج لمنعه من استعماله حقه المشروع في الطلاق، ولديده بمعاقبته بترع ماله وإعطائه لغيره تحت ستار الكد والسعاية، وهو منطق مقلوب واتجاه معاكس لما يعرف في أصول الفقه بسد الذرائغ ترك المباح خشية الوقوع في الحرام- فهؤلاء يشرعون الممنوع حذر الوقوع في المشروع، إذ يبيحون أخذ مال الزوج بغير رضاه وهو ممنوع- خشية حصول الطلاق الذي هو مشروع، وهذا أمر غريب لا نظير له في الفقه الإسلامي
ثانيا: نظام الاشتراك المالي عند المانعين
يرى المانعون عدم جواز الأخذ بهذا النظام، وأدلتهم في ذلك كثيرة، نختار منها:
1- الاعتراف للمرأة المطلقة بحقها في الاستفادة من مبدا الذمة المالية المشتركة هو من المطالب التى ليست في صالح المرأة، إنما هو التقليد الأعمى والنقل الجرفي عند الغرب، وتطبيق هذه النظرية مخالف للمبادئ الشرعية الإسلامية التي تقضي بأن ذمة الزوجة مستقلة عن ذمة زوجها فلكل وحد منهما شخصيته وذمته المستقلة، وهذا ما عليه جماهير علماء الأمة، بل أن مبدأ انفصال الذمة المالية من مميزات النظام الإسلامي التي يتميز بها عن النظام الغربي، والحكم نفسه يطبق حتى ولو كانت الزوجة تعين زوجها، ولا يعد ذلك إشكالا جديدا يلحق في ذمة الزوج، بحيث تقاسمه في ماله إذا فارقته ، وأخطر ما في الذمة المالية المشتركة بين الزوجين أن يغامر الزوج بأمواله وأموال زوجته، فيتسبب في إفلاس زوجته .
2- إن أخذت المرأة لنصف أملاك زوجها دون أن تكون شريكة معه فيها بجهدها وعملها وبذلها وإسهامها من قبيل أكل أموال الناس بالباطل وإنما تستحق نصيبها من أملاك زوجها إذا كانت ، يكة له، لا لأب مطلقة منه، فيجب التفريق بين ما تستحقه بالطلاق نفقة العدة المتعة- وما تستحقه بالشركة .
3- إن القول بأن الزوجة تستحق المشاركة في الملك نظرا لأنها تعمل داخل المنزل والزوج يعمل خارجه بحكم أن الملك الناتج عن عمل الزوج يشتركان في ملكيته قول غير سديد، ولا تبيحه القواعد الشرعية إلا إذا وافق الزوج عن طيب نفس .
- يقول الأستاذ عبد الناصر أبو البصل في معرض فتواه بشأن الاشتراك المالي بين الزوجين:
أ- إن فكرة الاشتراك المالي واتحاد الذمة المالية تتعارض مع قواعد التشريعات الخاصة بالحقوق الزوجية التى توجب للزوجة على زوجها نفقة ومهر وميراثا وغير ذلك، فالزوجة مثلا عند وفاة زوجها يجب لها ثمن ث التركة أو ربعها حسب الحالة، فإذا قلنا باتحاد الذمة فسيكون لها نصف التركة.
ب- فكرة اتحاد الذمة المالية تتعارض مع حقوق باقي الأسرة، فالأولاد لهم حق في ذمة والدهم وتركته واتحاد الذمة يخل ذه الحقوق.
ج- ماذا سيكون مصير الذمة إذا كان للزوج اربع زوجات ، هل ستتحد ذمم خمسة أشخاص وتصبح ذمة واحدة ؟
الترجيح : من خلال تعرضنا لآراء المؤيدين والمانعين يتبين لنا بوضوح أن أدلة الفريق الأول مبنية أساسا على العاطفة لا غير، في حين نرى قوة أدلة الفريق الثاني لأن الاشتراك المالي بين الزوجين هذه الصورة فيه كثير من الثغرات والإنزلاقات الخطيرة التي من شأ لا أن تضر بالعلاقة بين الزوجين كثر من أن تنفعهما.
ثالثا : الاشتراك المالي بين الزوجين في قانون الأسرة الجزائري :
نص المشرع الجزائري في المادة 37 الفقرة الثانية على ما يلي: "غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول الأموال المشتركة بينهما التي يكتسبا لا خلال الزوجية وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما ".
وسنحاول تفصيل هذه الفقرة والتعليق عليها كالآتي:
أ- " يجوز للأزواج أن يتفقا في عقد الزواج :" ونكون هنا أمام ثغرة كبيرة حتى وإن أثلنا هذا الاتفاق وجعلناه بمترلة الشرط، فقد عرفنا أن الشروط المقترنة بعقد الزواج ما
تبطله من الناحية الشرعية- خاصة إذا كان هذا الشرط مخالفا لمقتضى العقد.
ب- " أو في عقد رسمي": وهذا أخف ضرر ولكن يكون بضوابطه:
- كأن يتم تحرير هذا الاتفاق في وثيقة رسمية على يد الموثق بصفته ضابطا عموميا محلفا أو يوئق ي المحكمة.
- وتفصل فيه من حيث النسب المال والربج والخسارة.
- أن يوقع على العقد الزوج والزوجة الأصليان وليس الوكيل عن أحدهها
- أن يشهد على العقد شاهدان عدلان.
- أن يتم ذلك بإحدى صور الشركات الشرعية: شركة العنان، شركة المضاربة، عقد الإجارة أو المساقاة، أو المزارعة لمن يملك منفعة الأرض.
ج - "حول الأموال المشتركة بينهما ": لمم يبين المشرع الجزائري المقصود بالأموال المشتركة.
د- " التى يكتسبا ا خلال الحياة الزوجية ": وماذ عن الأموال المكتسبة قبل الحياة الزوجية من طرف أي واحد منهما ؟ وهل لا يدخل في الاشتراك إلا الأموال المكتسبة خلال الحياة الزوجية ؟ من دون أي تصرف قانوي آخر منهما يعد واسطة لهذا الأمر؛ كما نلاحظ أن المشرع كأنه خص المرأة العاملة و لم يشر إلى المرأة الماكثة بالبيت .
ه - " تحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما " : ترك القانون الجزائري الحرية للزوجين في أن يحدد في هذا الاتفاق ما يشاءان من النسب التي تؤول إليهما أي عند تقسيم الأموال المشتركة ولم يذكر مرجعية هذا التحديد والظاهر هو التوافق بينهما الآثار الشرعية للاشتراك المالي بين الزوجين بعد معرفتنا للاشتراك المالي بين الزوجين من بين المؤيدين والمانعين، وبعد تعرضنا له في قانون الأسرة يمكننا تلخيص.
الآثار الشرعية للاشتراك المالي بين الزوجين في النقاط التالية :
1- لا بد معرفة ماهية الاتفاق الذي سيقدم عليه الزوجان، وما يتضمن من تصرفات وتحديد ضوابط هذا الاتفاق بتحديد ماهيته على التفصيل وشروطه، والقواعد المنظمة له .
2- الاشتراك المالي إذا كان في عقد الزو ج في أحد الاحتمالين- كما نص المشرع بقوله " في عقد الزواج" ربما يهدد هذا العقد بالفسخ والإبطال كما أ، نا سابقا، بالنظر إلى حكم الشريعة في الشروط المقترنة بالعقد.
3- الاتفاق المذكور بما يفوض للزوجين أن يرتبا على عقد الزواج آثارا وحقوقا، ومعلوم أن آثار عقد الزو ج هي من عمل الشارع وليس من عمل العاقدين.
يقول الإمام مجمد بو زهرة: " إن القاعدة العامة في كل العقود وخصوصا عقد الزواج أن الآثار المترتبة على العقد من عمل المشرع " .
وفي الأخير يتبين لنا من خلال دراستنا هذه المادة (37) بفقرتيها ما يلي :
1- بالنسبة للفقرة الأولى : فقد جاءت مؤكدة لقاعدة شرعية وهي استقلالية الذمة المالية للزوجين.
2- بالنسبة للفقرة الثانية : بشأن الاتفاق بين الزوجين في عقد الزواج أو في عقد لاحق أن هذا الاتفاق بالنظر إلى أصوله التي اشتق منها تعقيدات كثيرة قد تعصف باستقرار الحياة الزوجية، بالرغم من أنه جاء لحماية حقوق الزوجين المالية، خاصة الزوجة إذ إنقطعت بها سبل الحياة بالطلاق أو بالترمل ، فلا بد من الاسترشاد بمنظومتنا القانونية وثقافتها الخاصة وشريعتنا الغراء التي تلتصق بها تقاليدنا في الزواج و أحكام الأسرة، ولكي تسلم هذه الاتفاقات من الغش والتدليس من أحد الزوجين فلا بد من ضبطها بالضوابط السابقة وهي:
- تحرير هذا الاتفاق في وثيقة رسمية على يد الموثق بصفته ضابطا عموميا محلفا.
ويكون عقدا مستقلا عن عقد الزوج.
- وتفصل فيه من حيث النسب المال والربج والخسارة.
- أن يوقع على العقد الزوج والزوجة الأصليان وليس الوكيل عن أحدهما.
- أن يشهد على العقد شاهدان عدلان.
أن يتم ذلك بإحدى صور الشركات الشرعية: شركة العنان، شركة المضاربة، عقد الإجارة أو المساقاة، أو المزارعة لمن يملك منفعة الأرض.
المبحث الثاني: النفقة الزوجية :
نتعرض في هذا المبحث لتعريف النفقة وحكمها ودليل مشروعيتها وتقديرها ووقت استحقاقها و مشتملاتها أما نفقة المتعة ونفقة المعتدة فسنتناولها في الباب الثاني.
المطلب الأول: معنى النفقة وحكمها :
الفرع الأول: تعريف النفقة :
من الجانب الفقهي عرف المالكية النفقة الزوجية بأنها: "ما به قوام معتاد حال الأدميين، دون سرف يجب لممكنة مطيقة للوطء على البالغ "
و هي اسم للمال الذي يجب للزوجة على زوجها لأجل معيشتها من طعام وشراب وكسوة وخدمة وعلاج .
وعرفها الشيخ محمد الشماع بأنها : ما يصرفه الإنسان على غيره من نقود أو نحوها، مما يحتاج إليه عادة، كالطعام والكسوة والمسكن والدواء والمركوب والخدمة
بحسب المتعارف عليه بين الناس، لإقامة الأود وسد العوز
الفرع الثاني: حكمها :
إتفق الفقهاء على أن نفقة الزوجة على زوجها واجبة بعقد الزواج الصحيح .
وجاء في بداية المجتهد : " فأما النفقة فاتفقوا على وجوبها، واختلفوا في أربعة مواضع، في وقت وجوبها، ومقدارها، ولمن تجب، وعلى من تجب .
الفرع الثالث : مشروعية وجوب النفقة للزوجة على زوجها :
لقد تبتت مشروعية وجوب النفقة للزوجة على زوجها بالكتاب والسنة والإجماع والقياس .
أولا: الكتاب :
1- قوله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدرعليه رزقه، فلينفق مما آتاه لله لا يكلف االله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" سورة الطلاق الآية 7
جاء في المغي أن معى قدر عليه : أي ضيق عليه.
2- قوله تعالى : " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف، لا تكلف نفس إلا وسعها" سورة البقرة الآية 233
ثانيا : السنة :
1- ما روي عن أن رسول الله صلى االله وسلم قال في خطبته في حجة الوداع بالنسبة للزوجات : " ولهن عليكم رزقهن وكسو ن بالمعروف"
2-عن عائشة أن هندا قالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني و ولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال : "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"
ثالثا : الإجماع :
اتفق أهل العلم، و جمعت الأمة على وجوب نفقة الزوجة على زوجها إلا الناشز.
رابعا : القياس :
إن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب، فلا بد من أن ينفق عليه لأن من كان محبوسا بحق لغيره كانت نفقته عليه كالقاضي والعامل والعبد وسيده .
الجانب القانوي :
نصت المادة 74 من قانون الأسرة الجزائري على ما يلي: " تجب نفقة الزوجة على زوجها بالدخول بها أو دعوتها إليه ببينة مع مراعاة أحكام المواد: 78 و79 و80 من هذا القانون" .
ومن خلال استقرائنا هذه المادة يتبين لنا أنها تنص بشكل واضح وصريح على وجوب تولي الزوج الإنفاق على زوجته وذلك متى تم الدخول بها إلى بيت الزوجية أو دعيت إليه إلى الدخول.
وقد اقرت المحكمة العليا وجوب النفقة واعتبرته حق من حقوق الزوجية، حيث جاء في قرارها : من المقرر شرعا بأن النفقة حق ثابت من حقوق الزوجية يتعين على القاضي
الحكم بها.
المطلب الثاني : متى تجب النفقة الزوجية ؟
الفرع الأول : سبب استحقاق النفقة الزوجية :
إختلف الفقهاء في سبب استحقاق النفقة الزوجية على النحو التالي:
المذهب الأول : ذهب الجمهور إلى أن سبب إستحقاق النفقة الزوجية هو التمكين التام، فلو مكنت زوجها من الاستمتاع بها أو عرضت التمكين عليه فقد وجبت نفقتها، وإن متنعت من
التمكين أو مكنته تمكينا ناقصا أو منعها أولياؤها من التمكين، فلا نفقة لها ولو تم العقد بينهما ولم يطلب منها زوجها التمكين ولم تبذله فلا نفقة لها.
المذهب الثاني : ذهب الحنفية إلى أن سبب إستحقاق النفقة الزوجية هو الاحتباس الثابت بالعقد الصحيح للزوج عليها. ورتبوا عليه أن لا نفقة على المسلم في نكاح فاسد لأن النفقة لقاء الاحتباس، ولا احتباس للزوج على زوجته في العقد الفاسد.
المذهب الثالث : ذهب الظاهرية إلي أن سبب إستحقاق النفقة الزوجية هو عقد الزواج، على الزوج نفقة على زوجته من حين عقد الزواج دعى إلى البناء أو لم يدع، ناشزا كانت أو غير ناشز، غنية كانت أو فقيرة، ذات اب كانت او يتيمة ، كانت أو يتيمة، بكرا كانت أو ثيبا، حرة كانت او أمة .
الراجح : إذ دعت الزوجة أو وليها الزوج للدخول -بعد عقد زواج صحيح- إستحقت النفقة حتى وإن بقيت في بيت أهلها أي يكفى أن يكون لديها الاستعداد للانتقال لبيت الزوجية كان التقصير من طرف الزوج بعدم دعوته نها، أو أنه لمم يوف حقوقها الشرعية (وهذا رأي الأحناف(
أما إذا لمم تدع الزوجة أو وليها الزوج للدخول ولم يقصر هو فلا تستحق الزوجة النفقة إلا بالدخول بها أو بدعوته للدخول طا (وهو رأي الجمهور) وبه أخذ المشرع الجزئري في المادة 74 من القانون رقم 84-11 .
الفرع الثاني : شروط استحقاق النفقة الزوجية :
أ-الجانب الفقهي :
تحب النفقة الزوجية على زوجها إذ تو فرت الشروط التالية:
1- العقد الصحيح أي أن يكون الزواج صحيحا شرعا، فالزوجة بعقد فاسد لا نفقة ها لأن النفقة لقاء الاحتباس للزوج على زوجته في العقد الفاسد.
2- أن تكون الزوجة صالحة للاستمتاع والمعاشرة الزوجية، وقادرة على القيام بالواجبات المتزلية" ، فإن كانت الزوجة صغيرة مثلا فلا نفقة لها لأن الحقوق تقابل الواجبات .
3- التمكين التام من نفسها أي أن تمكن المرأة نفسها لزوجها تمكينا تاما؛ إما بتسليم نفسها أو بإظهار استعدادها لتسليم نفسها إلى الزوج بحيث لا تمتنع عند الطلب، سواء دخل الزوج بالفعل أو لم يدخل ، دعته الزوجة أو وليها إلى الدخول أم لم تدعه.
فإن ظلت في بيت أهلها برضاه وجبت لها النفقة.
وإن منعت المرأة نفسها، أو منعها وليها أو تساكتا بعد العقد، فلم تبذل ولم يطلب، فلا نفقة لها، وإن أقاما زمنا .
ب الجانب القانوي :
وضع المشرع الجز ئري شرطان أساسيان لاستحقاق الزوجة للنفقة:
الأول: الدخول بالزوجة : ويكون ذلك بعقد زو ج صحيح، وذلك ما نصت عليه المادة 74 من القانون رقم 84-11.
أما الزوجة المعقود عليها فقط دون الدخول بها فلا نفقة لها على زوجها إلا في حالة واحدة وهي التي يتم فيها العقد بصفة رسمية ويتباطأ الزوج في الدخول بها لسبب غير معروف أو غير شرعي و للمحكمة أن تقضي لها بها إذا طلبتها وقدمت بيانات وأدلة لتدعيم طلبها ونلاحظ أن المشرع لما أوجب النفقة على الزوج للزوجة قبل الدخول في حالة ما إذا تم العقد
بصفة رسمية ويتباطأ الزوج في الدخول بها قد وافق ما ذهب إليه المالكية لما أوجبو النفقة قبل الدخول بشرط أن تدعوه الزوجة أو وليها المجبر إلى الدخول.
أما بعد الدخول فيوافق رأي الجمهور (اشتراط استحقاق النفقة بالدخول بالزوجة(.
الثاني : الحكم القضائي عن طريق رفع دعوى مدنية : كما هو موضح في المادة 74 من القانون رقم 84-11 و عن طريق الحكم الإستعجالي كما نصت عليه المادة 57 مكرر من الأمر05-02.
ويدعم المادة 74 من قانون الأسرة الجزائري في اشتراط الدخول لاستحقاق الزوجة للنفقة قرارات الحكمة العليا؛ إذ جاء فيها:
1- " إن حق النفقة مرتبط بحق التمتع بالزوجة ولو حكما " فالمشرع اشترط حق التمتع بالزوجة.
2- " من المقرر شرعا أن انتقال الزوجة إلى بيت الزوجية واختلاء الزوج بها في بيته وغلق بابه عليها، هو ما يعبر عنه شرعا (بإرخاء الستور) أو (خلوة الإهتداء) يعتبر دخولا فعليا يرتب عليه الآثار الشرعية وتنال الزوجة كامل صداقها. ومن المقرر أيضا أن دخول المسلم به يوجب العدة حتى ولو إتفق الطرفان على عدم الوطء ويوجب نفقتها ونفقة ما قبلها في غياب المسقط عليها،
ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون في غير محله يستوجب رفضه ... يفهم من هذا القرار إيجاب النفقة للزوجة بمجرد الدخول .
3- من المقرر شرعا بأن النفقة ثابت من الحقوق الزوجية يتعين على القاصي الحكم بها.
الفرع الثالث: الحالات التي لا تستحق الزوجة فيها النفقة :
الحالة الأولى : المرأة الناشز :
أ-الجانب الفقهي :
والناشز هي لتي خرجت عن طاعة زوجها بدون حق شرعي و خرجت من بيت الزوجية بغير إذنه أو بدون وجه شرعي. وذلك لأنها فوتت عليه حق الاحتباس بغير حق، ومن النشوز ما يلي
1- إذا إمتنعت الزوجة من الانتقال إلى بيت الزوجية بدون حق وقد دعاها إلى الانتقال إلى البيت الذي أعده لها، أما لو كان الامتناع بحق شرعي - كما لو أنها إمتنعت لأنه لم يدفع لها معجل صداقها أو لم يعد البيت-، فلا تسقط نفقتها.
2- من خرجت من بيت زوجها بدون مبرر شرعي بعد الانتقال إليه و إستمرت على ذلك مدة قصيرة أو طويلة، فلا تستحق النفقة أثناء مغادرتها البيت على هذه الصفة، وأما إذا كانت مغادرتها البيت لمبرر شرعي كأن يكون البيت مملوكا للغير أو امتنع عن تسليمها صداقها-، فلا تسقط النفقة.
إذا كانت المرأة حاملا لم تسقط نفقتها بالنشوز أو الطلاق، لأنها حينئد تكون لأجل الحمل،لقوله تعالى ((وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن (( سورة الطلاق الآية 6
ب الجانب القانوي :
جاء في المادة 37 من قانون 84-11 من قانون الأسرة الجزائري قبل التعديل : "يجب على الزوج نحو زوجته : النفقة الشرعية حسب وسعه إلا إذ ثبت نشوزها.....
لكن بعد التعديل اختفى هذا الحق ولم يذكر المشرع نشوز الزوجة باعتباره مسقطا لحقها في النفقة بل اقتصر على ذكر الذمة المالية للزوجين وتحدث عليهما كشريكين فقط.
و حتى لما تحدث المشرع على النفقة في المواد 74، 78، 79، 80، لم يتطرق للنشوز فهل يعتبر نشوز الزوجة مسقطا لحقها في النفقة أم لا ؟ رغم أهمية المسألة في الحياة الزوجية باعتبارإ سقاط النفقة على الناشز وسيلة رادعة و وسيلة تأديب فإذا غاب الرادع لنا أن نتخيل ما سيحصل بدونه ؟
الحالة الثانية : المنكوحة بعقد فاسد والموطوءة وطء شبهة :
أ -الجانب الفقيي :
وهذا لفقد شرط صحة العقد، ولعدم وجود الاحتباس؛ إذ لا يجوز لرجل أن يحتبس مرة بعقد فاسد أو يمكث معها لأنها أجنبية.
ب الجانب القانوي :
لقد رأينا فيما سبق أن العقد الفاسد لا تترتب عليه النفقة قبل الدخول ولا بعده .
الحالة الثالثة: الصغيرة التي لا تصلح للزوجية :
أ-الجانب الفقيي :
الصغيرة التي لا تصلح للزوجية هي التي لا يوطأ مثلها، فلا تحب نفقتها على زوجها ولو دعي للدخول بها؛ إذ لا يجوز له وطؤها المفضي إلى الضرر. أما إذا انتقلت معه لبيت الزوجية فالظاهر انتقال نفقتها إليه حتى وإن لمم يجز له وطؤها المفضي إلى الإضرار بها.
ب الجانب القانوي :
وهذا لا يمكن طرحه هنا لأن القانون حدد سن الزواج للمرأة الذي هو 19 سنة طبقا لأحكام المادة 7 من قانون الأسرة المعدل والمتمم بالأمر 02-05 وهو سن كافي لجعل المرأة صالحة للمتعة.
الحالة الرابعة : الزوجة التي بها عيب يمنع من المعاشرة الزوجية كالرتق والقرن :
أ الجانب الفقيي :
ختلف الفقهاء في هذه الحالة على مذهبين:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة االي أن لها النفقة، لأنه يمكن الاستمتاع بها.
المذهب الثاني : ذهب المالكية إلى أن الزوجة التي بها عيب يمنع من الوصول إليها كالرتق لا نفقة ها إلا إذا كان الزوج عالما بعيبها واستمتع بها بغير وطء.
ب الجانب القانوى :
لم يتطرق قانون الأسرة الجز ئري لحكم النفقة في هذه الحالة، فنعود تلقائيا لأحكام الفقه الإسلامي تطبيقا للمادة 222 من قانون الأسرة الجزائري.
الحالة الخامسة : الزوجة المريضة مرضا يمنع من الوطء :
أ-الجانب الفقيي :
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على النحو التالي:
المذهب المالكي : ذهب المالكية إلى القول بأنه تجب النفقة للزوجة مع المرض الخفيف الذي يمكن معه الاستمتاع، والمرض الشديد الذي لا يمكن معه الاستمتاع، ولم يبلغ صاحبه حد التراع، أما إذا بلغ المرض حد التراع، وكان قبل الدخول إذا ؤعيت للدخول، فلا نفقة نها، أما إذا كان المرض بعد الدخول فتجب ها النفقة.
وقال سحنون إدا لم تبلغ المرأة حد النزاع، ولم يمكن الاستمتاع بها فلا نفقة لها.
المذهب الشافعي : ذهب الشافعية إلى أنها تستحق النفقة ما لم تمتنع عن الانتقال إلى بيت الزوجية.
جاء في المهذب وإن سلمت وهي مريضة أو رتقاء أو نحيفة لا يمكن وطؤها، أو الزوج مريض أو مجبوب أو حسيم لا يقدر على الوطء وجبت النفقة؛ لأنه وجد التمكين من الاستمتاع، وما تعذر فهو بسبب لا تنسب فيه إلى التفريط.
المذهب الحنبلي : ذهب الحنابلة إلى أن المريضة تستحق النفقة سواء أكان مرضها قبل الدخول والانتقال إليه إن بذلت نفسها لإمكانية الاستمتاع بها، أم حصل بعد الدخول والانتقال إلى بيت الزوجية لأن الاستمتاع ممكن، ولا تفريط من جهتها، وإن منع من الوطء.
المذهب الحنفي : وذهب الحنفية إلى أن للزوجة نفقة على زوجها إن مرضت في بيته، لأن الاحتباس في حقها قائم، والانتفاع بها ممكن كحفظ البيت والاستئناس ونحوه. وإذ مرضت في بيته وانتقلت بإذنه إلى بيت أهلها فلها النفقة إلا إذا طالبها بالانتقال إلى بيته، و إمتنعت عن الانتقال لغير عذر فلا نفقة نلها لنشوزها، أما إذا كانت غير قادرة على الانتقال بأية وسيلة فلها النفقة لأنها سلمت نفسها لزوجها فلا تكون ناشزة إلا إذ إمتنعت عن الانتقال لغير عذر.
وأما إذ مرضت الزوجة قبل تسليم نفسها لزوجها وكانت غير قادرة على الانتقال إليه بأية وسيلة فلا نفقة لها لأنها لم تسلم نفسها له، وإن أمكنها الانتقال فلها النفقة إلا إذا طالبها بالانتقال فإمتنعت.
ب الجانب القانوي :
يرى المشرع الجزائري في نص المادة 7 مكرر من الأمر 05-02 أنه : " يجب على طالبي الزواج أن يقدما وثيقة طبية، لا يزيد تاريخها على ثلاثة أشهر، تثبت خلوهما من أي مرض أو اي عامل قد يشكل خطر يتعارض مع الزواج. ويتعين على الموثق أو ضابط الحالة المدنية أن يتأكد قبل تحرير عقد الزواج من خضوع الطرفين للفحوص الطبية ومن علمهما بما قد تكشف عنه أمراض و عوامل قد تشكل خطر يتعارض مع الزواج، ويؤشر بذلك في عقد الزواج تحديد شروط وكيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.
إذ يتبين لنا من استقراء هذه المادة أن المشرع فرض الشهادة الطبية كإجراء قبل الزواج وذلك تفاديا لوقوع الزوجين في التدليس تدليس أحدهما على الآخر- فلربما كان أحدهما مصابا بمرض معين وأخفاه على الآخر، كما جاءت هذه المادة رعاية لمصلحة عامة وهي اكتشاف بعض الأمراض الخطيرة -كالسيدا والأمراض الورائية- التي قد أصيب ا أحد الزوجين، وحتى لا تعم الكارثة وينتقل المرض إلى الطرف الآخر، غير أنه لم يتحدث عن نفقة المريضة بل ذكر نفقة العلاج العلاج ضمن مشتملات النفقة في المادة 78 والتي نحن بصدد الحديث عنها، ولكن الاجتهاد القضائي استقر على ما يلي : " من المتفق عليه فقها وقضاء بأن الحكم بنفقة الزوجة المريضة يتوقف على تحديد أجل العلاج، ويتوقف ذلك على ضرورة بقائها في بيت الزوجية ولو حكما، والقضاء بما يخالف ذلك إستوجب نقض القرار الذي بعد أن صرح بالتطليق بطلب من الزوجة بسبب مرضها حكم بالدفع لها نفقة لمدة سنة.
أ-الجانب الفقهي:
قرر فقهاء المذاهب الأربعة أن الزوج لا يجب عليه أجور التداوي للمرأة المريضة من أجرة طبيب وحاجم وفاصد وثمن دواء، وإنما تكون في مالها إن كان لها مال، وإن لم يكن لها مال وجبت النفقة على من تلزمه نفقتها؛ لأن التداوي لحفظ أصل الجسم، فلا يجب على مستحق المنفعة كعمارة الدار المستأجرة، تجب على المالك لا على المستأجر .
وذهب المالكية إلى أنه يجب على الزوج أن يعاج زوجته بقيمة النفقة التى تجب عليه وهي سليمة .
ويرى بعض فقهاء الشيعة أن الدواء إذا كان من النوع الذي تكثر الحاجة إليه بسبب الأمراض التي قلما يخلو منها إنسان فهي من النفقة الواجبة على الزوج، وإن كان من العلاجات الصعبة التي قلما تقع وتحتاج إلى مال كثير فليست من النفقة في شيء ولا يلزم بها الزوج .
- الذي تقتضيه المروءة الإنسانية ومحاسن العشرة الزوجية أن نفقة العلاج على الزوج :
فكيف نقر لها بنفقة الأكل ونسقط عليها نفقة العلاج ؟ وكيف لنا أن نتصور امراة تئن بسبب الآلام وتأكل ؟ فلست أدري لماذا اتفق الفقهاء على إسقاط نفقة العلاج ؟ فلربما كان التداوي في عصرهم شيء إكمالي يقوم مقام جراحة التجميل في عصرنا.
أما نحن فقد كثرت عندنا الأمراض وتنوعت فلا يمكن لعاقل أن يقوم اليوم بإسقاط نفقة العلاج على مرأة اصيبت "بسرطان الثدي" مثلا، ولعل قانون الأسرة الجزائري حينما أدخل نفقة العلاج ضمن مشتملات النفقة كان أفقه وأعدل وعمل بما تقتضيه مقاصد الشريعة الإسلامية.
ب الجانب القانوي :
نصت المادة 78 من قانون الأسرة الجزائري على مشتملات النفقة وذلك كما يلي :
"تشمل النفقة : الغذاء والكسوة والعلاج والسكن أو أجرته وما يعتبر من الضروريات في العرف"، فنجد أن المشرع نص صراحة على أن مصاريف العلاج تكون على الزوج لزوجته لأن ضرورة العلاج أكثر من ضرورة الطعام والشراب والزينة، ولنا أن نتصور إمرأة فقيرة لا دخل لها لا مال خاص لها - مصابة بمرض فتاك وهي تتساقط يوما بعد يوم لأنها لا تجد أجرة العلاج. هل هذ في صالح الأسرة يا ترى ؟
وبناء على هذا فإن ما اختاره قانون الأسرة لجزئري هو الفقه العادل الذي توجبه العلاقة الزوجية وترتضيه المروءة الإنسانية. وعليه استقر الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا على أن مصاريف علاج الزوجة وحملها تقع على الزوج، طبقا لأحكام المادة 78 من قانون الأسرة ، وتعتبر هذه المصاريف مستقلة عن دفع النفقة الواجبة على الزوج نحو زوجته ، وكما يحكم بمصاريف العلاج للزوجة المطلقة في حالة إثبات ذلك .
الحالة السادسة : الزوجة المحبوسة في الدين :
أ الجانب الفقيي :
إختلف الفقهاء في حكم النفقة للزوجة المحبوسة، فقد ذهب الحنفية إلى أنه إذا حبست الزوجة ولو ظلما فلا نفقة لها، لأن النفقة مقابل الاحتباس، وقد فات الاحتباس المقصود من النكاح بسبب من غير جهة الزوج.أما إذا كان هو من طلب حبسها بدين له عليها فلها النفقة، لأن فوات الاحتباس كان بسبب من جهة الزوج .
وذهب المالكية وابو يوسف من الحنفية إلى أن للزوجة المحبوسة النفقة، ولو حبست بحق عليها لأن المانع ليس من جهتها.
أما إذا جبس الزوج بدين أو حق، بقي حق الزوجة في النفقة، لأن المانع ليس من جهتها
ب الجانب القانوي :
لم يتطرق المشرع الجزائري إلى نفقة المحبوسة لكن نص في المادة 53 من قانون الأسرة، على أنه يجوز للزوجة طلب التطليق في حالة إدانة الزوج بحكم جزائي، لأن الفعل يمس بشرف الاسرة، ولم ينص على الزوج بطلاق الزوجة المحبوسة، وعدم استحقاقها للنفقة وهذ يعتبر فراغا.
الحالة السابعة : الزوجة المغصوبة :
لها نفس أحكام الحالة السابقة الزوجة المحبوسة-
الحالة الثامنة: الزوجة المسافرة دون حضور زوجها :
ولو كان هذا السفر في طاعة االله، كما إذا سافرت لأداء فريضة الحج ولو مع محرم لها، لأنها حينئذ تكون قد فوتت على الزوج حق الاحتباس، لمصلحتها .
أ- الجانب الفقهي :
إذا سافرت المرأة للحج مع زوجها فلها نفقة الإقامة لا السفر إن كانت هي التي تريد السفر، وإن كان الزوج هو الذي أراد السفر وأخذها معه، فعليه نفقة السفر وإذا سافر الزوج وترك زوجته في البلد الذي كانت تقيم معه فيه لم يسقط حقها في النفقة، فإذا طلب إليها أن يصحبها في سفره فأبت، فلا نفقة لها، متى كان مأمونا على نفسها ومالها، وأوفاها معجل صداقها، ولم يقصد بصحبتها معه في السفر الإضرار بها والكيد لها.
ب الجانب القانوي :
لم يتعرض قانون الأسرة الجزائري إلى حكم نفقة المرأة المسافرة، وكذلك الأمر بالنسبة لمعظم القوانين العربية، ما عدا ما نص مشروع قانون الأحوال الشخصية الإماراتي ، ومشروع قانون الأحوال الشخصية الكويتي.
الحالة التاسعة : الزوجة المحترفة :
الزوجة المحترفة هي التي تعمل لقاء أجر كالمعلمة والممرضة والقابلة والخياطة وغيرها، أي التي تشتغل بعمل يقتضي خروجها من البيت، والتغيب عنه بعض الوقت، ومنعها زوجها عن العمل فلم تمتنع، لا نفقة لها على زوجها، لفوات الاحتباس الكامل، ولخروجها عن طاعته بغير حق، وإن لمم يمنعها عن العمل في الخارج فلها النفقة برضاه بالاحتباس الناقص.
وإذا رضي بعملها أول الأمر ثم عدل عن ذلك ومنعها من الاستمرار فيه فلا نفقة لها ما دامت لم تمتثل لزوجها في المنع، ولا يعتبر رضاه باحترافها في وقت ما ملزما له أن يرضى بذلك في كل الأوقات، بل له منعها، فإذ أبت تعتبر ناشزة وتسقط نفقتها.
المطلب الثالث: تقدير النفقة :
الفرع الأول: نوعا النفقة :
أ-الجانب الفقهي :
النفقة الزوجية نوعان : نفقة تمكين ونفقة تمليك.
النوع الأول: نفقة التمكين :
الأصل في وجوب النفقة أن يوفر الزوج لزوجته ما تحتاج إليه من طعام وكسوة ومسكن يهئ لها ما تحتاج إليه بالرضا والاتفاق، وتتصرف الزوجة بما وضعه الزوج بين يديها حسب حاجتها بصدق وأمانة والتمكين هو الأصل في الإنفاق، لأن المودة والرحمة هما أساس العلاقة الزوجية، وما دام الزوج مؤديا لواجباته والزوجة تعيش معه وقد هيأ لها المسكن و الطعام واللباس وهي تتناول منه قدر كفايتها، فليس لها الحق في أن تطلب من القاضي لغرض النفقة .
النوع الثاني: نفقة التمليك :
أما إذا ترك الزوج زوجته بلا نفقة، بتقصير منه أو لبخل من غير حق شرعي بحيث يلحق بها الضرر فلها الحق في هذه الحالة أن تطلب من القاضي أن يفرض لها نفقة، وحتى يثبت للقاضي قيام الزوجية بينهما وتركه ما دون نفقة و تقصيره في النفقة، فرض لها نفقة عليه إما عينية كمقادير من الطعام واللباس- وإما نقدية كمبلغ من المال .
ويفرض لها القاضي النفقة فيما يكفيها بالمعروف وحسب احول الناس وبمراعاة المعيشة غلاء ورخصا.
ب الجانب القانوي :
إن تقدير النفقة قانونيا ها نفس الحالات في الفقه الإسلامي، فنفقة التمكين يقوم فيها الملتزم بالنفقة بالإنفاق دون أن يطلب منه ذلك، وإذا كان ملتزما بالإنفاق فلا حق للزوجة بمطالبته بذلك أما نفقة التمليك فتكون ي القاضي وهذا في حالة التراع كما أشرنا سابقا، غير أنه ليس للقاضي أن يعدل هذه النفقة إلا بعد مضي من الحكم ا وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 79 من قانون الأسرة : " يراعي القاضي في تقدير النفقة حال الطرفين وظروف المعاش ولا يراجع تقديره إلا بعد مضي سنة من الحكم"، وتضيف المادة 80 من نفس القانون على أنه : " تستحق النفقة من تاريخ رفع الدعوى وللقاضي أن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة لا تتجاوز سنة قبل رفع الدعوى " .
فيتبين لنا من خلال استقرائنا للمادتين أن القاضي هو من له السلطة التقديرية في تقدير النفقة ويراعي في ذلك ظروف المعاش وأحوال الناس، كما لا يعدل هذه النفقة إلا بعد مضي سنة، ويشترط لإستحقاق النفقة وجود بينة على تقصير الزوج أو إهماله .
الفرع الثاني: أساس تقدير النفقة
أ-الجانب الفقهي :
إختلف الفقهاء في أساس تقدير النفقة ونجم عن هذا الاختلاف أربعة مذاهب، نختار منها مذهبان فقط وهما : المذهب الكرخي من الحنفية وهو ظاهر الرواية عندهم والشافعية والظاهرية، ومذهب المالكية
المذهب الأول: يرى أصحاب هذا المذهب الأول أن النفقة تقدر بحسب حال الزوج يسرا وعسرا بغض النظر عن حالة الزوجة. وأدلتهم في ذلك:
1-قوله تعالى: ((لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق ما أتاه الله((
وجه الدلالة : إعتبرت الآية الكريمة حال الزوج فقط ، حيث ورفت بين نفقة المعسر ونفقة الموسر، فينفق الزوج حسب حاله يسرا وإعسارا
2- عن عمر بن الأحوص رضي الله عنه أن النبي صلى االله عليه وسلم قال: ((ألا وحقهن عليكم - أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وإطعامهن)).
3- أن الموسرة لما تزوجت المعسر رضيت مقدما بنفقة المعسرين.
المذهب الثاني: يرى أصحاب هذا المذهب (المالكية) أن النفقة تقدر بحسب حال الزوجين، وحال بلدهما والأسعار رخصا وغلاء ولعل هذا هو المذهب الذي اعتمده المشرع الجزائري وبعض القوانين في الأنظمة العربية.
ب الجانب القانونى
إن تقدير النفقة في القانون الجزائري يخضع للسلطة التقديرية للقاضي المختص على حال الطرفين وظروف المعاش إذ نصت المادة 79 من قانون الأسرة الجزائري كما أشرنا سابقا- على أن يراعي القاضي عند تقدير النفقة حال الطرفين وظروف المعاش فإن كان الطرفان ميسورين وجبت لمستحقها نفقة اليسار وإن كانا معسرين وجبت نفقة الإعسار، وإن كان أحدهما موسر ولاخر معسرا وجبت نفقة الوسط بين اليسار والإعسار، إلا أنه إذا كان الزوج هو المعسر فإنه يؤدي ما في وسعه ونلاحظ أن المشرع أخذ في هذه المسألة بمذهب الإمام مالك الذي يراعي حال الزوجين وحال بلدهما والأسعار رخصا وغلاء وبه اخذت بعض الأنظمة العربية
وعليه استقر اجتهاد المحكمة العليا: جاء في القرارين رقم 109595، و 288072 " لكن وحيث أن القضاء بالنفقة هي مسألة تقديرية من اختصاص قضاة الموضو ع وعليه فالفرع غير مؤسس ".
وجاء في القرار رقم 216886 " من المقرر قانونا أنه في تقدير النفقة يراعي القاضي حال الطرفين وظروف المعاش".
وجاء في القرر رقم 44630 "من المقرر فقها وقضاء أن تقدير النفقة المستحقة للزوجة يعتمد على حال الزوجين يسر و عسرا ثم حال مستوى المعيشة ومن نم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدا يعد مخالفة للقواعد الشرعية ".
الفرع الثالث : تاريخ استحقاق النفقة
أ-الجانب الفقيي
اختلف الفقهاء في حكم سريان النفقة أو في وقت استحقاقها على النحو التالي:
المذهب الأول : ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) في أظهر الروايتين إلى أن الزوجة تستحق النفقة من قبل فرضها، فلو طالبت بنفقة عن مدة ماضية، وثبت عدم إنفاق الزوج عليها خلالها حكم لها، وقد استدلوا على ذلك بما يلي:
1- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم يأمرهم أن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقو بعثو بنفقة ما مضي.
2- النفقة عندهم دين قوي لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
3- ولأن النفقة مال يجب على سبيل البذل في عقد معاوضة فلا تسقط بمضي الزمن كالثمن والأجرة والمهر.
المذهب الثاني : ذهب الحنفية والحنابلة في الرواية الثانية إلى أن الزوجة تستحق النفقة من تاريخ الفرض، ولا تستحق الزوجة شيئا منها قبل فرضها قضاء أو رضاء، لأن النفقة عندهم صلة لا تتأكد إلا بالفرض، وفي رواية عند الحنفية إذا كانت المدة التى مضت أقل من شهر فإنها تستحق النفقة عنها لأنها مدة قصيرة يصعب التحرر منها.
ب الجانب القانوني :
بناء على أحكام المادة 30 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على أن الزوجة تستحق ما يلي: " نستحق النفقة من تاريخ رفع الدعوى وللقاضي أن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة لا تتجاوز سنة قبل رفع الدعوى"
فإنه على القاضي ألا يحكم للزوجة بالنفقة إلا بعد رفع الدعوى ابتداء من تاريح تسجيلها في كتابة الضبط بالمحكمة إلى تاريخ صدور الحكم، ولا يجوز للقاضي أن يحكم بنفقة لما قبل رفع الدعوى، ولما بعد صدورالحكم، إلا في الحالة التي تتضمن فيها الحكم بالطلاق وإسناد حق الحضانة إلى المطلقة، حيث يجوز الحكم في مثل هذه الحالة بنفقة مستقبلية للأولاد
كما يجوز للمحكمة أن تحكم بنفقة مؤقتة للزوجة أو أولادها في إطار التدابير المؤقتة بحكم استعجالي وتنتهي هذه النفقة المؤقتة عند الفصل في موضوع التراه بصفة ائية كما نصت بذلك المادة 57 مكرر من الأمر 05-02.
ولكن استثناء من هذه القاعدة العامة التى لا تسمح باستحقاق النفقة إلا من تاريخ طلبها تبعا لرفع دعوى بشأ لا أمام القضاء فإن المادة 80 من القانون رقم 84-11 من قانون الأسرة التي أقامت هذه القاعدة سمحت للقاضي بأن يحكم بالنفقة المتراكمة لعدة شهور سابقة إذا طلبتها الزوجة و إستحقتها شرعا. وذلك عن مدة سنة واحدة فقط، ترجع إلى ما قبل رفع الدعوى متى قدمت له أدلة وبيانات مقنعة
وهذا ما أكدته لمحكمة العليا في القرار رقم: 57506 الذي جاء فيه: "من المقرر قانونا أنه تستحق النفقة من تاريح رفع الدعوى وللقاضي أن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة لا تتجاوز سنة قبل رفع الدعوى ومن تم فإن النعي على القرار المطعون فيه بعدم التسبيب ليس في محله ".
ونلاحظ أن المشر ع أخذ برأي وسط بين الجمهور الذين يقولون باستحقاق الزوجة للنفقة من قبل فرضها والأحناف الذين يقولون أن الزوجة تستحق النفقة من تاريخ الفرض فقط.
الفرع الرابع : شمولية النفقة ومراجعتها :
حصر جمهور الفقهاء مشتملات النفقة في المطعم والملبس والمسكن وتوسع فيها الزيدية من الشيعة فأضافوا نفقة علاج الزوجة إذ مرضت -وقد تعرضنا هذا بالتفصيل لما تحدثنا عن نفقة الزوجة المريضة وعن نفقة العلاج .
أما في القانون فمن خلال قراءة المادتين 78 و 79 من قانون الأسرة فإننا نجد أن الأولى تنص على أن تشمل النفقة الغذاء والكساء والعلاج والمسكن أو أجرته وكل ما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة ونجد أن الثانية تنص على أن يراعي القاضي في تقدير النفقة حال الطرفين وظروف المعاش ولا يراجع تقديره قبل مضي سنة من الحكم، وعليه يتضح لنا من هاتين المادتين أن المشرع قد حدد مدى شمولية النفقة بوضوح وألزم القاضي الذي سيصدر الحكم بالنفقة ان يراعي الحالة الاقتصادية والاجتماعية وظروف المعاش للطرفين. عندما يقدر مبلغ النفقة التي سيحكم بها كما ألزمه بأن لا يراجع قيمة النفقة المحكوم بها إلا بعد مرور سنة كاملة من تاريخ الحكم السابق. وإن فعل غير ذلك سيكون قد خالف القانون وعرض حكمه للإلغاء أو التعديل .
المبحث الثالث: معني ثبوت النسب :
يعد النسب أثر من أثار عقد الزواج، فقد نصت المادة 40 من قانون الأسرة الجزائري على أنه : " يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم بعد الدخول طبقا للمواد: 32، 33، 34 من هذا القانون. يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق لعلمية لإثبات النسب"
كما نص القانون على جواز اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي وثبوت النسب به وفق شروط وضوابط محددة، وذلك في المادة 45 مكرر.
وبناء على هذا فلا بد من التطرق إلى إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة، وكذا شروط للجوء إلى التلقيح الاصطناعي وموقف الفقه الإسلامي من ذلك قبل الشروع في بيان إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة نتعرض أولا لمعني النسب والأسباب المنشئة له (أسباب ثبوته(
المطلب الأول : معنى النسب وأسباب ثبوته
الفرع الأول : النسب لغة واصطلاحا :
1- النسب لغة : مصدر نسب، يقال تسبته إلى أبيه من باب طلب عزوته إليه.
والإسم: النسبة بالكسر، فتجمع على نسب، واستعمل النسب وهو المصدر في مطلق الوصلة بالقرابة، فيقال: بينهما نسب أي قرابة
2- في الاصطلاح : هو القرابة وهو الاتصال بين إنسانين بالاشتراك في ولادة قريبة أو بعيدة
الفرع الثاني: أسباب ثبوت النسب :
سبب ثبوت نسب الولد من أمه هو الولادة، شرعية كانت ام غير شرعية. أما أسباب ثبوت النسب من الأب فهي: الفراش، الزواج الصحيح، الزواج الفاسد، الوطء بشبهة، التلقيح الاصطناعي، ثبوت النسب بعد الفرقة من زواج صحيح.
1- الفراش : يثبت النسب بالفراش لقوله صلى االله عليه وسلم : ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) ، وثبوت النسب بالفراش يكون بالزواج الصحيح أو بالزواج الفاسد، أو بالوطء بشبهة.
شروط ثبوت النسب بالفراش في قانون الأسرة الجزائري :
ولكي يكون الفراش صالحا لثبوت النسب، وضع المشرع الجزائري قيود أو ضوابط نحاول ينسب الولد لأبيه متى كان التطرق إليها من خلال المادة 41 من قانون الأسرة التي جاء فيها: الزواج شرعيا وأمكن الاتصال ولم ينفه بالطرق الشرعية ".
والمادة 40 التي جاء فيها : " يثبت النسب بالزواج الصحيح بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة "
وهذه القيود والشروط هي :
- أن يكون الزواج صحيحا؛ والزواج الصحيح ما كان من الناحية القانونية مستوفيا أركانه وشروطه المنصوص عليها في المادة 9 والمادة 9 مكرر.
- أن يكون الاتصال ممكنا ؛ ومعناه حدوث التلاقي بين الزوجين فعلا.
- أن لا ينفيه الزوج عنه بالطرق المشروعة ؛ ويقصد به نفيه النسب- باللعان" ، بأن يلاعن الزوج زوجته لعانا ، شرعيا.
- أن يولد الولد بين أقل وأقصى مدة للحمل، وقد ذهب المشرع من خلال المادة 42 قانون الأسرة إلى أن : " أقل مدة للحمل هي ستة اشهر، وأقصاها عشرة اشهر ".
2- الزواج الصحيح : اتفق الفقهاء على أن الولد الذي تأتي به المرأة المتزوجة بزواج ينسب إلى زوجها، لقوله صلى االله عليه وسلم: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر(( .
أي أن الولد الذي جاءت به المرأة ينسب لزوجها وهو صاحب الفراش الذي يحل له معاشرتها، معاشرة الازواج شرعا.
شروط ثبوت النسب بالزواج الصحيح :
1- أن يكون الزوج ممن يتصور منه الحمل عادة، بأن يكون بالغا في رأي المالكية والشافعية، ومثله في رأي الحنفية والحنابلة المراهق، فلا يثبت النسب من الصعير غير البالغ، حتى ولو ولدته أمه لأكثر من ستة شهر من تاريح عقد الزواج .
2- إمكان تلاقي الزوجين بعد العقد الشرعي، وذلك هو معنى قوله صلى االله عليه وسلم: ))الولد للفراش)). والمراد بالفراش عند الجمهور هو إمكان الوطء في النكاح الصحيح . ولا يشترط معرفة الدخول المحقق، بل يكتفى بإمكان اللقاء بين الزوجين، حفظا للأنساب، وحملا للمسلمين على الصلاح .
3- أن لا تضعه في أقل من ستة أشهر (وهي أقل مدة الحمل)، أي أن تكون قد مضت ستة أشهر فما فوق من وقت مضي أقل من إمكان الدخول أو التلاقي، أما لو جاءت به بعد مضي أقل من ستة أشهر، فهذا دليل على أن الحمل حصل قبل دخوله لأا، فلا يثبت نسبه منه، إلا إذا دعاه وأقر بأنه منه، ولم يصرح أنه من زنا، فيكون نسب المولود هنا للزوج بالإقرار لا بالفراش، فيعامل بإقراره ويصحح لاحتمال أنه كان قد تزوجها سرا أو دخل بها بناء على عقد فاسد، أو وطء شبهه .
3- الزواج الفاسد : والزواج الفاسد في إثبات النسب كالزواج الصحيح؛ لأن النسب يحتاط في إثباته إحياء للولد كما ذكرنا سابقا- ويكون ذلك بشروط أهها:
شروط ثبوت النسب بالزواج الفاسد :
- أن يكون الرجل بما يتصور منه الحمل، - كما رأينا سابقا-
- تحقق الدخول بالمرأة أو الخلوة 10 عند المالكية؛ فإن لمم يحصل الدخول أو الخلوة بعد زواج فاسد لم يثبت نسب الولد، والخلوة في الزواج الفاسد كالخلوة في الزواج الصحيح، لإمكان الوطء في كل منهما .
واشترط الحنفية حصول الدخول فقط، أما الخلوة فلا تكفي في ثبوت النسب في الزواج الفاسد.
- أن تلد المرأة بعد ستة أشهر أو أكثر من تاريخ الدخول أو الخلوة عند المالكية، ومن تاريخ الدخول عند الحنفية.
وإذ تحققت هذه الشروط فلا ينتفي نسبه (الولد) عن الرجل إلا باللعان عند المالكية والشافعية و الحنابلة، ولا ينتفي نيبه ولو باللعان عند الحنفية؛ لأن اللعان لا يصح عند الحنفية إلا بعد زواج صحيح، والزواج هنا فاسد.
4- الوطء بشبهة : من وطأ إمرأة معتقدا أو ضانا أنها حليلته وهي حرام عليه في نفس الأمر (أي جهل التحريم)، فإذا حملت المرأة بسبب هذا الوطء، فإن الحمل ينسب إليه ويسمى نكاحه هذا نكاح شبهة.
وأما إذا حدث الوطء بغير شبهة وإنما بالزنا فلا يثبت نسب الولد من الزاني لقوله صلى الله عليه وسلم : ((وللعاهر الحجر)) أي وللعاهر الخيبة ، وإهدار النسب، ولأن الزنا محظور شرعا، فلا يكون سببا لنعمة النسب.
5- التلقيح الاصطناعي :
تعريف التلقيح :
لغة : جاء في القاموس المحيط ما يلي: يقال لقجت الناقة لقحا ولقاحا، وكذلك الشجرة، وألقح الفحل الناقة، ولقاحا، قبلت اللقاح، فهي لاقح من لواقح، وإلقاح النخلة: تلقيحها لقحا، والريح السحاب ((وأرسلنا الرياح لواقح(( سورة الحجر الآية 22
اصطلاحا : التلقيح الاصطناعي يعني التناسل بمساعدة التكنولوجيا الحديثة، التي يلتجئ إليها
الأطباء المختصون لمعالجة الأزواج، الذين يعانون من مرض العقم، وذلك عن طريق إدخال والحيامن الجنسية الذكرية (الحيوانات المنوية) والحيامن الجنسية الأنثوية (البويضات) إلى الجهاز التناسلي، بغير عملية الجماع الطبيعي، ويمتزجان ويختلطان ليكونا اللقيحة التي تنمو في رحم الزوجة ، او هو تلقيح بويضة إمرأة بالحيوانات المنوية من الرجل ثم إدخالها في رحم المرأة بطريقة طبية، و هو إيصال الحيوانات المنوية للرجل إلى بويضة المرأة بواسطة منظار طبي بغير اتصال جنسي وهذه العملية تجرى لعلاج حالات العقم الثانوي عند الرجل أو المرأة.
شروط إجازة التلقيح الاصطناعي في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي :
أ- في جانب الفقه الإسلامي :
نظرا إلى أن عملية التلقيح الاصطناعي نازلة من النوازل لذلك لم تتناوها نصوص الشريعة الإسلامية ل في القرآن ولا في السنة، وحتى الفقهاء القدامى لم يتعرضوا لها، لكن هذا لم يمنع المجتهدين المعاصرين من دراسة هذه الوسيلة الجديدة للحمل للوصول إلى مشروعيتها، ولمعرفة الحرام والمباح منها.
وبناء على هذا نتطرق إلى حكم التلقيح الاصطناعي في الفقه الإسلامي، لكن بعد التعرف على موقف المؤيدين والمعارضين له في نطاق العلاقة الروحية.
فئة المعارضين :
من المعارضين لوسيلة التلقيح الاصطناعي : الشيخ الألباني ، والشيخ عبد االله الجبرين ، والشيخ صاخ العثيمين.
وقدم الدكتور عبد الرحمان بن عبد الخالق مجموعة من الأسباب تجعل فقهاء المسلمين يعارضون هذه الطريقة في الإخصاب:
- أن هذه الطريقة للحمل بين الأزواج هي غير الطريق الفطري الذي هدى الله الرجل والمرأة عليه.
- أن هذه الطريقة تحفها المخاطر من كل جهة، فلا يؤمن الخطأ في الأنابيب وهو أمر وارد في كل المختبرات والتحاليل، فيعطى مني رجل مكان آخر، وتسلم لقيحة مكان آخرى، وهنا يقع المحظور الشرعي، وتختلط الأنساب.
- إننا لا نأمل سوء النية من أي جهة يستعير الرجل ماء غيره تلبيسا على زوجته، وأن تحصل المرأة على مني غير زوجها، وأن يتساهل الناس شيئا فشيئا في هذا الحيوان المنوي، وهو حيوان لا يرى بالعين المجردة، وفي هذه البويضة التي هي أصغر من حبة الخردل بكثير.
- أنه بفتح مراكز هذا التلقيح الاصطناعى سيفتح باب الشر كله، وسيبدأ بين الزوجين ثم يصبح عملا تجاريا مربحا، والحال أنه دقيق جدا وخفي لا يطلع عيه إلا الخبراء وأهل المهنة، فإن الغش فيه وارد بل ومحتمل، وأنه لا بد أن يستدرج المسلمون خطوة خطوة حتى نصل إلى ما وصل إليه الغرب الكافر اليوم، والجاهلية الأولى قديما، حيث عرفوا "نكاح الاستبضاع" وهو لا يختلف عن بنوك المني في الغرب اليوم.
- من يدري ماذا سيكون عليه أمر الطفل الذي كان "لقيحة" في أنبوبة فترة من عمره، هل سيؤثر هذا في نفسيته وسلوكه أم لا ؟ ولكننا على وجه اليقين أن هؤلاء الأطفال سيكونون موضع السخرية والتندر في مجتمعنا وسيكونون موضع تساؤلات وشك كذلك.
ونلاحظ أن أصحاب هذا الرأي منعوا التلقيح الاصطناعي لما يترتب عليه من خطر اختلاط الأنساب بمجرد تسيب أو خطأ بسيط، المعنى أنهم ذهبوا إلى عدم جواز هذه الوسيلة من باب سد الذرانع .
فئة المؤيدين :
ومن بين المؤيدين جمهور الفقهاء المعاصرين ، وهو ما ذهب إليه مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ، وبه قالت اللجان الفقهية في جميع الدول الإسلامية ، وبه قالت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في ندوة حول الإنجاب في ضوء الإسلام .
أدلة المويادين :
- أن النسل يعد شرعا إحدى الكليات الخمس التى يجب المحافظة عليها، ومن ثم كان التداوي أمر مشروعا حفاظا على النفس البشرية، فأولى أن يخضع علاج العقم لهذه التقنية، إذ يدخل هذا العلاج تحت عموم التداوي.
- إذا تأملنا في الهدف المنشود من المرافقة الطبيعية الاتصال الجنسي- نجد انه يتجلى في تحصيل النسل بطريقة شرعية وهي متمثلة في الزواج، ومن باب القياس فإن التلقيح الاصطناعي الداخلي لا يخرج عن هذه الحقيقة الشرعية.
- أن المقصد الأصلي من الزواج هو النسل، وإذا تعذر تحقيق هذه الغاية بالاتصال الطبيعى بين الزوجين، لا يوجد هناك مانع من استعمال طريقة التلقيح الاصطناعي للوصول إلى الهدف المنشود.
حيث ترى هذه الفئة من العلماء المعاصرين ، جواز هذه الوسيلة، وأن الولد الذي يأتي بهذهالطريقة هو ولد طبيعي وشرعي للزوجين، يثبت نسبه، ولكن ليس على اطلاقها وإنما وضعوا شروطا لذلك كالآني:
- أن يكون الإنجاب الطبيعي في خلال العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة بلا فصل بالطلاق أو الوفاة، فلا يجوز الإجراء بعد الطلاق أو بعد وفاة الزوج، فانتهاء عقد الزوجية بالطلاق أو الوفاة يلغي ويبطل أي تناسل أو انجاب شرعي.
- أن يكون هناك دواع للجوء إلى هذه الطرق، أي بعد استيفاء الوسائل العلاجية الطبيعية جميعها، ويكون التلقيح الاصطناعي هو الحل الأخير لعلاج حالة العقم للزوجين.
- أن يكون ماء التلقيح هو ماء الزوج أثناء سريان عقد الزواج الشرعي تفاديا لاختلاط الأنساب، لأن الماء إذا كان من غير الزوج اعتبرت هذه العملية زنا وبالتالي الولد ولد زنا ولا يلحق بأبيه.
- أن تكون البويضة محل التلقيح بويضة الزوجة أثناء سريان عقد الزواج الشرعي.
- أن تكون الحاضنة للبويضة الملقحة "Zygote" هي الزوجة نفسها والماء ماء زوجها .
- أن لا يكون الإخصاب بمساعدة طرف ثالث يمنح الحيامن أو البويضات، سواء بالهبة أو إدخال شخص اجنبي غير الزوجين (منعا من اختلاط الأنساب( .
- يجب التحقق من رضا كل من الزوجين عند إجراء عملية التلقيح الاصطناعي .
- عدم خلوة الرجل (الطبيب) بالمرأة، وأن يتم التلقيح بحضور الزوج وإمرة أخرى.
- يحرم كشف العورة لغير الزوج إلا لضرورة قصوى، كما إذ توقف العلاج على ذلك وبقدر ما تقتضيه الضرورة.
- وجود ضوابط وضمانات مناسبة في جميع الإجراءات، لمنع وجود أي خطأ في إختلاط النطفة الذكرية والأنثوية واللقاح بغيرها، أو استبداها بشكل مقصود أو غير مقصود، وعدم التأكد من عدم اختلاط الأنساب.
- يجب إتلاف النطاف (الحيوانات المنوية) الزائدة بعد العملية، وكذلك الأمر بالنسبة للبويضات.
- ألا تؤدي هذه العملية إلى أضرار جسيمة، عقلية أو نفسية خطيرة ، لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح .
- أن يكون الأطباء والمساعدون والعاملون في المختبرات ثقاة.
- لا جوز التلقيح لدف خر كتحسين السلالات أو النسل.
وبعد تعرضنا هذه الشروط يمكننا أن نخلص إلى مشروعية التلقيح الاصطناعي إذا كان بماء الزوج وبويضة المرأة، ودعت الضرورة اللجوء إلى هذا الأمر مع وجود الضوابط السابقة، وبناء عليه يثبت نسب الولد المولود بهذه الطريقة طالما توفرت فيه الشروط اللازمة لذلك، ككون عقد الزواج صحيحا، قيام العلاقة الزوجية.
قال الشيخ عز الدين الخطيب التميمي مفتي المملكة الهاشمية في فتواه الصادرة في: 02-02-1985 إن مجلس الإفتاء في المملكة الهاشمية بحث هذا الموضوع... وتوصل إلى أن التلقيح الاصطناعي (طفل الأنبوب) أمر جائز في الشريعة الإسلامية للضرورة، إذ جرى التلقيح حال قيام الزوجية بين الزوجين فقط، أي بمنى الزوج وبويضة الزوجة، إذا اقتضت ظروف الزوجية للجوء إليه بشروط وقواعد تضمن سلامة الأنساب .
ب - في الجانب القانوني :
لم يبق المشرع الجزائري مكتوف الأيدي أمام التطورات الطبية والعلمية الحديثة بشأن الحصول على الولد دون اتصال الزوجين اتصالا مباشرا.
فبعد أن كان المشرع قد نص في المادة 41 على أنه : " ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا وأمكن الاتصال، ولم ينفه بالطرق الشرعية" .
وبعد ان أثبت العلم أنه يمكن الحصول على الولد من طرف الزوجين دون اتصال مباشر وذلك يكون بما يسمى بالتلقيح الاصطناعي، هذا الأخير الذي تم بالشروط والضوابط المذكورة سابقا، ترتب عنه إلحاق نسب هذا الولد -الناتج عنه- بأبيه، تدارك المشرع الجزائري الأمر، وذلك في التعديل الأخير في المادة (45 مكرر) التي جاء فيها: "يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي، يخضع التلقيح الاصطناعي للشروط الآتية :
- أن يكون الزواج شرعيا.
- أن يكون التلقيح برضا الزوجين، وأثناء حياتهما.
- أن يتم ماء الزوج وبويضة رحم الزوجة دون غيرها.
لا يجوز اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي باستعمال الأم البديلة" .
ونلاحظ أن هذه الشروط التي جاء بها المشرع جاءت مطابقة للشروط التي وضعها علماء الشريعة الإسلامية المجزين للتلقيح الاصطناعي. كما أنها لم تعارض ما جاء به الطب الحديث.
ويمكن تلخيص ما جاء به المشر ع الجزائري في المادة 45 كما يلي:
1- يكون الزواج شرعيا: أي أثناء قيام الرابطة الزوجية الصحيحة لاستبعاد إمكانية القيام بهذه العملية من رجل وامرأة أجنبيين " فشبه الولد الناتج بالتلقيح الاصطناعي بالولد الناتج عن الجماع الطبيعي بين الزوجينأي المهم أن تكون العملية ضمن رابطة زوجية صحيحة.
2- أن يكون التلقيح برضا الزوجين و أثناء حياتهما: بمعى أن يكون كل من الزوج والزوجة راضيا بإجراء التلقيح الاصطناعي، ويجب أن يكون الرضا سليما خاليا من عيوب الإرادة، ويكون بموافقة الزوجين عليه طواعية دون أن يكره عليه أحدهما الآخر.
كما يجب أن يكون التلقيح- أثناء حياة الزوجين، لأن التلقيح الاصطناعي بمني الزوج بعد وفاته يتعارض مع أحكام الميراث بخلاف إذ جرى التلقيح ثم مات الزوج، فينسب الولد لأبيه .
3- أن يتم التلقيح الاصطناعى بمني الزوج وبويضة رحم الزوجة دون غيرها: وهذ حفاظا على حرمة النسب و شرعيته وتجنبا للوقوع في حالة الأم البديلة ، أو ما يسمي قديما نكاح الاستبضاع.
4- كما وضع المشرع شرطا آخر وهو عدم اللجوء إلى الأم البديلة في التلقيح الاصطناعي- لأن الأم الحقيقية هي التي حملت. قال االله تعالى: ((ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن)) سورة لقمان الآية 14.
وقوله تعالى: ((حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)) سورة الأحقاف الآية 15.
ومن خلال الآيتين جد أن القرآن ربط بين الحمل والأمومة، فالأم هي التي حملت وليست من منحت البويضة .
ومن خلال تعرضنا لهذه الشروط نجد أن المشرع استقاها من الفقه الإسلامي، غير أنه لمم يبين الآثار المترتبة على تخلف شرط من هذه الشروط .
6- ثبوت النسب بعد الفرقة أو الوفاة :
إن ولدت المطلقة أو المتوفى عنها زوجها، فلا تخلو من أن تكون أقرت بانقضاء عدتها، أو لم تقر، فإن أقرت وجاء مولودها بين أقل مدة الحمل وأكثرها تبت نسب المولود.
أما إن لم تقر وجاء المولود في نفس المدة، ثبت النسب ولعل هذا ما ذهب إليه المشرع
في المادة 43 من القانون 84-11 التي جاء فيها : " ينسب الولد لأبيه إذا وضع الحمل خلال عشرة أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة "
فنلاحظ أن المشرع الجزائري لم يبين التقويم المعتمد، هل هو التقويم الهجري أو الميلادي ؟ عشرة أشهر شمسية و قمرية ؟
أما تحديد أقصى مدة للحمل الذي يثبت به النسب بعشرة أشهر تمسية، فيبدو أن المشرع تأثربما تمليه التطوات العلمية الطبية والبيولوجية في هذه المسألة، وهذا أمر ممتاز
كما أن المشرع لم يبين وقت بدء المدة القصوى للحمل.
قال الدكتور تشوار الجيلالي :
"يظهر لنا أن هناك نوعا من الإبهام بين المادة 43 والمادة 60 من قانون الأسرة، فقد نصت الأولى على أنه: "ينسب الولد لأبيه إذا وضع الحمل خلال عشرة أشهر من تاريخ الانفصال أو الوفاة " المعبر عنها بالفر نسية Suivant la date de séparation ou du décès
في حين تقضي المادة 60 بأن: "...أقصى مدة الحمل عشرة اشهر من تاريخ الطلاق أو الوفاة "، فهل فكر المشرع في الفرق بين الطلاق والانفصال ؟ أليس من المتصور أن يتم الانفصال الجسدي بين الزوجين ويبقيا مع ذلك متزوجين طالما لم يصدر حكم يقضي في حقهما بالطلاق، فمتى يبدأ الحساب هنا ؟ من تاريخ الانفصال أم من تاريح الطلاق " .
كما أنه لمم يفرق ما إذا كانت الفرقة قبل الدخول أو بعده.
المطلب الثاني : الأسباب الكاشفة للنسب
و يتم الكشف عن النسب بالإقرار أو بالبينة أو باللجوء إلى الطرق العلمية.
الفرع الأول : ثبوت النسب بطريق الإقرار
معنى الإقرار : هو إعتراف شخص معين بإلحاق نسب ولد مجهول النسب به، وهو حجة قاصرة على المقر لا تتعداه، سواء كان ذلك في حالتى الصحة أو المرض، ويثبت له من غير حاجة إلى بيان سبب النسب، لأن الإنسان له ولاية على نفسه....
أما في قانون الأسرة الجزائري فلم يورد المشرع تعريفا للإقرار .
غير أنه أورد تعريفا للإقرار في المادة 341 من القانون المدي، إذ نصت على أن: "الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها عليه، وذلك أثناء سير الدعوى المتعلقة لهذه الواقعة.
ويتبين من خلال المادة 44 من قانون الأسرة أن الإقرار قد يكون بالبنوة أو الأبوة أو بالأمومة.
1- الإقرار بالبنوة : وهو أن يعلن شخص صراحة أن شخصا معينا ابنه أو ابنته، كقول الرجل: هذ إبني، أو هذه إبنتي، وحتى يكون الادعاء صحيحا يجب توافر الشروط التالية:
- أن يكون الـمقر عاقلا، بالغا، مختارا،
- أن يكون الولد مجهول النسب ، ولا يصح الإقرار لمعلوم النسب.
- أن لا يكذبه العقل والعادة.
2- الإقرار بالأبوة أو بالأمومة : ويكون بتصريح شخص معين له به علاقة، أو أب او أم،
كقوله: " فلان أبي أو فلانة أمي"، بشروط هي:
- أن يكون المقر مجهول النسب
- أن يوجد بينه وبين المقر بأبوته و أمومته فارق في السن يسمح له باعتباره ابنا له، ويقبله العقل والعادة
3- الإقرار بالأخوة والعمومة : وهذا النوع من الإقرار يكو ن بين شخصين، كلاهما ليس أصلا للآخر، ولا فرعا له، وإنما تربطهما قرابة حواشي، أي لهما أصل مشترك، ويكون الإقرار
بلفظ : "هذا أخي"، "هذا عمي"، ويسمى بالإقرار المحمول على الغير، وهو المقر عليه.
وحتى ينتج آثاره يجب ألا يكون المقر له مجهول النسب وأن يصدقه العقل والعادة، وأن يصدقه المقر فلا يصدق هذا الإقرر ولا يثبت به النسب إلا بتصديق المقر عليه، وهذا ما أكدته المادة
45 من قانون الأسرة: " الإقرار في النسب في غير البنوة والأبوة والأمومة لا يسري على غير المقر إلا بتصديقه ".
الفرع الثاني : ثبوت النسب بطريق البينة :
يثبت النسب بالبينة الشرعية، وهي مرادفة لكلمة الشهادة كشهادة الطبيب أو المستشفى، وهي أقوى من الإقرار، لأن الإقرار يقوم على التصديق، بينما البينة لا تلزم ذلك، فهي أقوى الأدلة، فإذ إدعي شخص على آخر بأنه إبنه او أخوه، وأنكر المدعى عليه ذلك، فعبء الإثبات على المدعى، فإذا أثبتها بالبينة فإنه يحكم له ببنوة لنسب، إذ توفرت شروط صحة هذه الدعوى، وتترتب عليه جميع آثاره الشرعية .
أما المشرع الجزائري فلم يبين المقصود بالبينة، هل هي جميع ما يكون ججة ؟ أم هي ما ذهب إليه الجمهور من الفقهاء من أنها الشهادة والتي تكون برجلين عند المالكية أو رجل وامرأتان عند لحنفية؟
الفرع الثالث : ثبوت النسب بالطرق العلمية في الفقه والقانون :
إثبات النسب بالبصمة الوراثية
أولا: ماهية البصمة الوراثية :
أ- البصمة
1- لغة : البصمة الوراثية مركب وصفي من كلمتين: البصمة والوراثية.
البصمة: جمع بصمات، أثر الأصبع في شيء ما، ترك بصماته تعني كان له أثر، كلمة بصمة مشتقة من البصم، والبصم هو الفوت ما بين طرف الخنصر إلى طرف البنصر.
يقال: ما فارقتك شبرا، ولا فترا، ولا عتبا، ولا رتبا، ولا بصما، ورجل ذو بصم، اي غليظ البصم، والبصمة أثر الختم بالأصبع.
البصمة ينصرف مدلولها إلى بصمات الأصابع، وهي الانطباعات التي تتركها الأصابع عند ملامستها سطحا مصقولا .
أما الوراثية : فهي من الوراثة من مصدر ورث وهو الانتقال، وعلم الوراثة هو العلم الذي يبحث في انتقال صفات الكائن الحي من جيل لآخر، وتفسير الظواهر المتعلقة بطريقة هذا الانتقال.
2- إصطلاحا: نظرا لحداثة المصطلح فإن هناك عدة محاولات لتعريفه تعريفا جامعا مانعا نختار من هذه التعريفات ما تم تقديمه في الندوة الطبية الحادية عشر للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بدولة الكويت " بومي 14-13 أكتوبر 1998 بعنوان:
" الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري والعلاج الجيني-رؤية إسلاميه" وهو" البصمة الوراثية هي البنية الجينية نسبة إلى الجينات المورثات التفصيلية التي تدل على هوية كل فرد بعينه وهي وسيلة لا تكاد تخطى في التحقيق من الوالدية البيولوجيه والتحقق من الشخصية .
ب خصائص البصمة الوراثية :
1- إن البصمة الوراثية هي أدق وسيلة عرفت حتى الآن في تحديد هوية الإنسان وإثبات أو نفي الأبوة أو الأمومة بنسبة نجاح مائة بالمائة في حالة النفى؛ أما في حالة الإثبات فهي تصل إلى حد قريب من القطع بنسبة تسعة وتسعون بالمائة تقريبا .
2- تتمتع البصمة الوراثية وجزيء الحامض النووي بمقدرا على الاستنساخ؛ وبذلك يعمل على نقل صفات النوع من جيل إلى جيل .
3- عدم التوافق والتشابه بين كل فرد وآخر عند تحديد البصمة الوراثية، وهذه الاستحالة بين ستة مليار نسمة، إلا في حالة التوائم المتماثلة الواحدة .
4- أن للبصمة الوراثية دور مزدوج، فيمكن استخدامها في إثبات النسب، كما يمكن إستخدامها في نفيه.
5- إمكانية الاحتفاظ بها في الكمبيوتر أو في وسائل الحفظ المختلفة، و إستحضارها كلما كلما دعت الحاجة إلى ذلك .
موقف الفقه الإسلامي والقانون الوضعي من البصمة الوراثية
أ-موقف الفقه الإسلامي من البصمة الوراثية :
نظرا إلى أن البصمة الوراثية من النوازل الحديثة التى تعتمد مشروعيتها على رأي العلماء المعاصرين؛ إذ نجدهم اختلفوا فيها على رأيين؛ ري يرى جواز الاعتماد عليها في إثبات النسب، و رأي آخر يرى عدم جواز الاعتماد عليها في إثبات النسب.
1- الراي الأول : بري فربق من العلماء المعاصرين جواز إثبات النسب بالبصمة الوراثية؛ وذلك تخريجا على مذهب جمهور الفقهاء القائلين بجواز اللجوء إلى القيافة عند التراع عن النسب أو عند تعارض البيانات أو تساوي الأدلة في ذلك.
أدلتهم في ذلك: أن البصمة الوراثية تفوق جميع الطرق الظنية في إثبات النسب)القيافة، الشهادة) من حيث درجة الوصول إلى الحقيقة، وذلك لاستنادها على ضوابط علمية.
وبما أن البصمة الوراثية تؤدي إلى إظهار الحقيقة بصفة قطعية وجازمة، فإنه يمكن القول أن هذه تقنية تعتبر بينة صالحة لإثبات النسب، ولو منعنا العمل بها فإننا نكون بذلك قد حرمنا المكلفين من استخدام وسيلة علمية مضمونة النتائج في إثبات دعاواهم، وهو ما يتناف مع مقصود الشرع الذي ربط إثبات النسب بأيسر الطرق .
2- الرأي الثاني : إن البصمة الوراثية إن كانت قطعية الدلالة على مضمونها فإنه يجوز الحكم بها بنفي النسب دون إثبات من الأب، لأن تطابق الجينات الوراثية بين الإبن وأبيه، قد ينتج عن علاقة غير مشروعة (سفاح) وبالتالي لا تكون دليلا لإثبات النسب.
أما إذا لمم تكن قطعية الدلالة؛ فلا يجوز الأخذ ما في إثبات النسب ولا في نفيه ، وهو الرأي الذي ذهبت إليه وزرة الأوقاف الكويتية، وبعض العلماء المعاصرين.
فالقول عند هؤلاء هو عدم اعتبار البصمة الوراثية وسيلة لإثبات النسب، والظاهر أنهم تأثروا بما ذهب إليه فقهاء الحنفية من عدم جواز إثبات النسب بالقيافة، لأن الشرع حصر دليل النسب في الفراش، وغاية القيافة إثبات المخلوقية من الماء لا إثبات الفراش، فلا تكون حجة في إثبات النسب .
أدلتهم في ذلك:
1- قوله تعالى: ((الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك(( سورة الانفطار الآية 7و 8.
2- قوله صلى االله عليه وسلم لرجل من فزازة عندما أخبره بأن زوجته ولدت غلاما أسودا، فقال له: ((هل لك من الإبل))، قال الرجل: "نعم"، فقال النبي صلى االله عليه وسلم: ((فما لونا؟((
فقال: "حمرا"، فقال له صلى االله عليه وسلم: ((هل فيها من أورق؟))، قال: نعم إن فيها
" أورق"، فقال له صلى االله عليه وسلم : ((فأنى لها ذلك؟))، قال له : " لعله نزعه عرق"، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((وهذا لعله نزعه عرق((
ففي الآيتين الكريمتين دليل على أن الله تعالى خلق الإنسان وركبه الصورة التي يريدها -سبحانه وتعالى- وليست على قاعدة التشابه بين الولد وأصوله ولو كان الإنسان يشبه أباه ناظرا ،لكان الناس كلهم على شبه صورة أبيهم آدم عليه السلام.
أما في الحديث الشريف فإن النبي صلى االله عليه وسلم قد ألغى الشبه الذي تقوم عليه البصمة الوراثية في إلحاق النسب، ولو كان الشبه دليل إثبات للنسب لما أثبته الرسول صلى االله عليه وسلم مع انتفائه.
كما استدلوا بدليل عقلي؛ وهو أن القيافة تعتمد على الشبه وهو أمر مدرك بالحس، فإن حصل بالمشاهدة، فلا حاجة إلى القائف "البصمة الوراثية" وإن لم يحصل بالمشاهدة لم يقبل إثبات النسب بها، لأنها تدع أمر غير مشاهد، ولا يدرك بالحس.
الراجح :
رغم الأدلة التى جاء بها أصحاب الرأي الثاني إلا أننا نختار ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول الذي ذهب إلى جواز إثبات النسب بالبصمة الوراثية؛ وذلك لأنها البصمة الوراثية- من النوازل التي لم يرد بشأنها نص في التشريع الإسلامي، ونظرا إلى قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، وكذلك نظرا للمصلحة التي تقتضيها.
ولكن بشرط أن يحتاط لذلك وبشرط وضع ضوابط صارمة؛ إذ يرى مجمع الفقه الإسلامي أن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يخاط بمنتهي الحذر والحيطة والسرية، ومن بين هذه الضوابط ما يلي :
- أن لا يتم إجراء الاختبار إلا بإذن من القاضي المختص
- أن يجري الاختبار أكثر من مرة أو في أكثر من مختبر معترف به.
- أن يكون هذا المختبر معتمدا لدى المحاكم.
- أن تؤخذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم معرفة أحد المختبرات الذي يقوم بإجراء الاختبار لنتيجة المختبر الأول .
- تزويد المختبرات بأجهزة ذات تقنية عالية، وتوفير كل شروط النظافة لتفادي وقوع التلوث
ب - موقف القانون الجزائري من البصمة الوراثية :
نص المشرع الجزائري في المادة 40 المعدلة بالأمر 05-02 المؤرخ في : 27-02-2005
على أنه : "يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل زواج تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد : 33 و32 و 34 من هذا القانون" .
يجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب.
وجاء في عرض الأسباب أن المشرع أضاف الفقرة الثانية : "يجوز للقاضي..." والتي تفيد أنه يمكن إثبات النسب بالطرق العلمية ا لحديثة متى كانت العلاقة شرعية، ويعد هذا تسهيلا في طرق الإثبات في هذا المجال تماشيا مع التطور العلمي غير أن المشرع لم يبين المقصود بالطرق العلمية هل هي ظنية أم قطعية؟
- كما نص على أن : " يجوز للقاضي" بمعنى أنه يمسح للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب أي أن القاضي لا يمكنه إلزام أي شخص للخضوع لفحص ADN في قضايا إثبات النسب- فالأمر جوزي فقط.
- كما، يفهم من نص الفقرة أن إجراء خبرة التحاليل البيولوجية تتم بإشراف القاضي وتوجهه ولا لمعي لشهادات الخبرة المقدمة من الحصوم.
- كما يفهم منها أيضا أن المشرع قصر الاستعانة بالأساليب العلمية ومنها البصمة الوراثية- على حالات إثبات النسب دون حالات النفي، وهذا ما يستنتج من مفهوم المخالفة، فيبقى الأسلوب القانوني المعهود لنفي النسب هو اللعان ، لكن قد يقال أن نص المادة 41 التى جاء فيها: "ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا وأمكن الاتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة"، لم يبين المقنن الجز ئري فيها هذه الطرق؛ بل تركها عمدا.

look/images/icons/i1.gif اثار عقد الزواج في القانون الجزائري
  12-02-2022 09:07 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 03-05-2019
رقم العضوية : 26163
المشاركات : 104
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 10
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : إداري
خاتمة :
آثار عقد الزواج هي الحقوق و الواجبات التي تترتب على هذا العقد لكلا الطرفين، أو لأحدهما على الآخر، فإذا انعقد الزواج، وتمت أركانه، وكان صحيحاً نافذاً لازماً، فإن آثاره تترتب عليه في الحال، ومن هذه الحقوق ما هو مشترك بين الزوجين، وما هو للزوجة على زوجها، وأخيراً حقوق للزوج على زوجته، وبناءً على ذلك فالحقوق المشتركة بين الزوجين هي أولاً: حل الاستمتاع والمعاشرة بين الزوجين، لأن عقد الزواج يحل ما كان محرماً، لقوله تعالى: «نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم»، ثانياً: ثبوت النسب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش»، ثالثاً: حرمة المصاهرة، كالزواج بأصول الزوج، وإن علوا، أو بأصول الزوجة، وإن علوا، رابعاً: إثبات حق التوارث بين الزوجين. وأخيراً من الحقوق المشتركة: حسن تربية الأولاد، والقيام على شؤونهم، باعتبارهم ثمرة الزواج.
أما عن حقوق الزوجة على زوجها، فهي أولاً: المهر، وهو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها، وحكمه هو الوجوب على الزوج، وذلك لقوله تعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة»، ثانياً: النفقة، وهي اسم لما يصرفه الزوج على زوجته وعياله من طعام وكسوة ومسكن وخدمة، وهي واجبة للزوجة على زوجها بمقتضى العقد، سواء أكانت غنية أم فقيرة، مسلمة أو كتابية، متى سلمت نفسها للزوج وتمكن من الاستمتاع بها. وأيضاً لها حقوق أخرى، منها عدم منعها من إكمال تعليمها، وعدم منعها من زيارة أصولها وفروعها، وإخوتها، واستزارتهم بالمعروف، وعدم التعرض لأموالها الخاصة، وعدم الإضرار بها، مادياً ومعنوياً.

قائمة المراجع :
- عبد العزيز سعد،الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري، دون رقم الطبعة،دار هومة الجزائر 1996.
- فضيل سعد،شرح قانون الأسرة الجزائري،الزواج والطلاق،الطبعة،المؤسسة الوطنية للكتاب.
- بالحاج العربي، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري، الجزء الأول، الزواج و الطلاق، دون رقم الطبعة، دون دار النشر،الجزائر،1999.
- أعراب بالقاسم، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء الأول، تنازع القوانين، الطبعة التاسعة دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، 2006.
- أحمد عبد الكريم سلامة، الأحوال في التنازع الدولي للقوانين، ، دار النهضة العربية ،القاهرة، 2008.
- إمام محمد كمال الدين ،الزواج و الطلاق في الفقه الإسلامي الطبعة الأولى المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر، بيروت، 1944.
- جابر عبد الهادي سالم الشافعي، أحكام الآسرة الخاصة بالزواج في الفقه الإسلامي والقانون والقضاء دراسة لقوانين الأحوال الشخصية،دار الجامعة الجديدة للنشر،بدون بلد النشر2007.
- حسن الهداوي، الجنسية ومركز الأجانب وأحكامهما في القانون العراقى، الطبعة الرابعة، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الأردن،1980.
- زروتي الطيب، القانون الدولي الخاص الجزائري مقارنا بالقوانين العربية، الجزء الأول، تنازع القوانين الكاهنة، الجزائر، 2000.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
اثار ، الزواج ، القانون ، الجزائري ،









الساعة الآن 11:12 AM