حجية إثبات محاضر الضبطية القضائية.
مقدمة.
الكتابة كدليل للإثبات ، يقصد بها أن الإثبات يكون بورقة مكتوبة تثبت الواقعة القانونية أو الواقعة محل الجريمة ، والكتابة كدليل للإثبات تختلف من المواد المدنية حيث لها قوة مطلقة وملزمة للقاضي المدني أما في المواد الجزائية فالأمر يختلف إذ أن الكتابة ما هي هو إلا دليل شأنه شأن باقي الأدلة دوما يخضع للسلطة التقديرية للقاضي وهذا هو الأصل العام للإثبات في المواد الجزائية غير أنه قد ترد عليه بعض الاستنادات.
أهميتها :
وتبرز أهمية الكتابة كدليل هو أنه قد تتضمن الورقة المحررة بيانات شأن واقعة ذات أهمية في إثبات إرتكاب الجريمة ونسبتها إلى المتهم وقد تكون هذه الورقة هي نفسها جريمة (لأنها تحمل جسم الجريمة) كالورقة المزورة مما تكون أدلة لإثبات الجريمة كالشيك بدون رصيد كما قد يتعلق بوقائع في محاضر منظمة كمحاضر الضبطية القضائية .
أنواعها :
الأوراق نوعان رسمية وعرفية ، والأوراق الرسمية هي التي تصدر عن موظف مختص يتحريرها أما المحررات العرفية فهي محررات خطية تصدر عن الأفراد فقط . والأوراق الرسمية تنقسم إلى قسمين : النوع الأول : هو ما تم تحريره أمام الموثق بناءا على رغبة المعين بها ،
أما النوع الثاني : فيشمل المحاضر سواء محاضر الضبطية القضائية المحررة في مرحلة جمع الاستدلالات أو محاضر الجلسات والتي تكون في جلسات الحكم (أي أثناء مرحلة المحاكمة).
قوة الكتابة في الإثبات :
حسب الأصل العام فالدليل الكتابي شأنه شأن باقي أدلة الإثبات إذ أنه لا ينطوي على حجية خاصة وللقاضي مطلق الحرية في الأخذ به أو تركه سواء تعلق الأمر بمحاضر جمع الاستدلال أو محاضر التحقيق وما تحويه من اعترافات المتهمين وأقوال الشهود وغيرها وهذه هي القاعدة والتي تشكل جوهر الإختلاف بين القاضي الجزائي والقاضي المدني .
لكن هذه القاعدة ترد عليها استثناءات :
فقد أورد المشرع قيودا على قاعدة حرية الإثبات وإتساع القاضي الجزائي بالأدلة وهذه القيود تشمل بعض الأوراق التي لها قيمة خاصة بها إلى أن يثبت العكس ومن هذه المحررات والأوراق نذكر ما يلي :
محاضر المخالفات :
التي يحررها مأمور الضبطية القضائية فهي دليل على ما ورد فيها ذلك أن المسؤولية في هذه الجرائم ضئيلة الخطورة وبالتالي تعفى النيابة العامة من إثبات الركن المعنوي فيها ، ولكن قانون العقوبات أعتبر م 460 منه والمتعلقة بإهمال صيانة وإطلاع أو نتطبق الأفران والمدائن والمصانع ، إنما من ترك أدوات وأجهزة أو أسلحة في الشوارع يمكن إستعمالها من قبل المجرمين .
محاضر الجمارك :
حيث نصت م 254 من ق الجمارك تبقى المحاضر الجمركية المحررة من طرف عونين محلفين على الأقل من بين الأعوان المذكورين في م 241 من هذا القانون صحيحة ما لم يطعن فيها بتزوير المعاينات المادية الناتجة عن إستعمال محتواها أو بوسائل مادية من شأنها السماح بالتحقيق من صحتها كما جاء في المحكمة العليا (الفرقة الجنائية للمحاضر الجمركية حجية ما ورد فيها من معاينات مادية إلى أن يطعن في صحتها متى كانت محررة من قبل عونين محلفين م 254 ق الجمارك إلى نقص جنائي 01-03-1983 طعن رقم 30762 ) .
- أيضا نصت من 14 قانون 90-30 المتعلق بمفتشية العمل يلاحظ مفتشوا العمل ويسجلون مخالفات التشريع التي يتولون السهر على تطبيقه وفقا للمادة 27 من أمر 66-156 .8 يونيو 1966 المتضمن ق.إ.ج أي بالتزوير .
- ونصت المحكمة العليا في هذا الشأن بأن محاضر مفتشي العمل المثبتة للجرائم المتعلقة بتسريح العمل لها بحجتها إلى أن يطعن فيها بالتزوير 17-01-1984.
ويؤخذ بالمحاضر والتقارير المحررة بمعرفة ضباط أو معاوني الضبط القضائي الذين خول لهم القانون هذه المهمة إثبات المخالفات بمحاضر أو تقارير منه أي إثبات المخالفات عن طريق المحاضر ومن ثم قبولها كدليل إثبات إلى أن يقوم الدليل الع**ي على ما تضمنته ولا يقوم هذا الدليل إلا بالكتابة أو شهادة الشهود وذلك تطبيقا لنص م 400 ق.إ.ج.
حجية (قوة) الإثبات للمحاضرLa Valeur Probante Des P.V
تنص المادة 212 : ق.إ.ج "يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ما عدا الأحوال التي ينص القانون على غير ذلك ، وللقاضي أن يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص...الخ " .
وتنص المادة 214 ق.إ.ج : "لا يكون للمحضر أو التقرير قوة الإثبات إلا إذا كان صحيحا في الشكل ويكون قد حرره واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته وأورد فيه عن موضوع داخل في نطاق اختصاصه ما قد رآه أو سعه أو عاينه بنفسه."
وتنص المادة 215 : ق.إ.ج "لا تعتبر المحاضر والتقارير المثبتة للجنايات أو الجنح إلا مجرد استدلالات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
تنص المادة 216 : ق.إ.ج "في الأحوال التي يخول القانون فيها ينص خاص لضباط الشرطة القضائية أو أعوانهم أو للموظفين وأعوانهم الموكلة إليهم بعض مهام الضبط القضائي سلطة إثبات جنح في محاضر أو تقارير يكون لهذه المحاضر أو التقارير حجيتها ما لم يدحضها دليل ع**ي بالكتابة أو شهادة شهود ".
تنص المادة 218 ق.إ.ج "إن المواد التي تحرر عنها محاضر لها حجيتها إلى أن يطعن فيها بالتزوير تنظمها قوانين خاصة ".
تصنيف المحاضر : وفقا للمواد 212 وما يليها من ق.إ.ج يمكن تصنيف المحاضر إلى :
1- المحاضر مجرد استدلالات P.V SIMPLES RENSEIGNEMENTS
2- المحاضر التي لها حجيتها إلى أن يطعن فيها بالتزوير (P.V faisant fois jusque in**ion de faux
3- المحاضر التي لها حجيتها إلى أن يثبت الع** P.V VAlant Jusqu'a Preuve du Contraire
أولا : المحاضر مجرد استدلالات : Simples RGTS
1- محضر محررة بعد وقوع جناية.
2- محررة بعد وقوع جنحة غير معاقب عليها في القوانين الخاصة.
مميزات محاضر مجرد استدلالات : م : 212.
عكش ما يحدث في المحاضر الأخرى المذكورة فإن محاضر مجرد استدلالات تلعب دورا استعلامي (rôle d'information) ، والقاضي حرفين لا يأخذ بعين الاعتبار بما حرر بالمحضر ، ويجوز له إطلاق صراح المحالف ، ويصدر حكما وفقا لاقتناعه الخاص م : (212 ق.إ.ج).
وتدخل ضمن هذه الفئة من المحاضر ، تلك التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في :
حالات التلبس بالجريمة.
حالات التحقيق الابتدائي.
استثناء : المحضر الذي حرر فيه المحرر ما رآه أو سمعه أو عاينه بنفسه م : (214 ق.إ.ج).
(إستعمال الحواس الخمس).
أمثلة :
- العون أو الضابط الذي سمع ضوضاء في الليل.
- الضابط الذي رأى جريمة ترتكب.
- العون الذي رأى سائق سيارة لم تحترم إشارة (قف).
- والأساس في ذلك هو أن المحرر لا يستخلص وإنما يصنف الأفعال كما وقعت.
ثانيا : المحاضر التي لها حجية الإثبات إلى م : 216 أن يثبت العكس : P.V valant j. Prenue du cont
محاضر محررة نتيجة لعدم مراعاة القوانين الخاصة :
1- قانون العمل.
2- قانون النقل بالسكك الحديدية.
3- قانون مصالح الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
4- المخالفات المعلقة بقانون المرور.
مميزات محاضر التي لها حجية الإثبات إلى أن يثبت العكس :
أهم الميزة لهذه المحاضر وكذا المحاضرات التي لها حجية الإثبات إلى أن يطعن فيها بالتزوير هو أن المحرر أورد فيها في الموضوع ما رأى أو سمع أو عاين بنفسه.
وهذه الحجية تكتسيها المحاضر التي إستوفت الشروط الشكلية والمحررة من طرف الأعوان أثناء تأدية مهامهم وفي حدود اختصاصهم.
ثالثا : المحاضر التي لها حجية الإثبات إلى أن يطعن فيها بالتزوير م 218 : P.V valant jusqu'a in**ion de faux
هي تلك المحاضر المحررة بعد وقوع جنحة معاقب عليها بقوانين خاصة ، وتتمثل في تلك المحررة من :
1- الشرطة البحرية (Police Maritime ) .
2- مصالح الجمارك.
3- أعوان المصالح الاقتصادية.
4- أعوان مصالح الغابات.
5- المصالح المكلفة بتطبيق القوانين المتعلقة بالصيد.
مميزات المحاضر التي لها حجية الإثبات إلى أن يطعن فيها بالتزوير (م : 218).
1- لا يمكن أن ترد هذه المحاضر إلا في حالة الطعن فيها بالتزوير.
2- القاضي يرتكز في هذه المحاضر على :
إن كانت الوقائع تشكل جريمة.
هل تدخل هذه الجريمة في اختصاص المحرر.
إذا لم تسقط بالتقادم أو صدر عنها العفو.
إن لم يكن فيها خطأ في الشكل (مثل : إهمال الإمضاء).
الخلاصة :
هناك محاضر يعمل بها حتى ثبوت تزويرها : وهي محاضر ملزمة للمحكمة أما لم تثبت تزويرها ويفترض فيها أن صحيحة من حيث الشكل، ولا يمكن تحت طائلة البطلان إقامة البينة الشخصية على ما يخالفها وليس للمحكمة أن تقبل سماع شهادة الشهود فيها ومنها محاضر الجلسات حيث أنه لا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير .
وإستثناء من محاضر الجلسات جرائم الجلسات فهي لا تنطبق عليها هذه القاعدة دون اللجوء إلى الطعن فيها بالتزوير .
محاضر يعمل بها حتى ثبوت ما يخالفها :
وهذه المحاضر تلزم المحكمة ما لم يقم الدليل على ما يخالفها وتكون من طريق الوثائق الخطية أو البنية الشخصية ، ومنها على سبيل المثال محاضر الجمارك التي تلزم القاضي فيما جاء إلى غاية إثبات الدليل العكسي بها هو ما نصت عليه م 336 ق الجمارك بأن محاضر إدارة الجمارك نتمتع بحجية الإثبات إلى حين ظهور دليل عكسي على صحة الإعترافات والتصريحات التي تضمنها.
بتوفيق.