logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





16-04-2013 01:50 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 15-04-2013
رقم العضوية : 233
المشاركات : 12
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب

السلام عليـــــكم
بحث شامل حول النضام التأديبي في الوضائف المدنية
مقــدمــة
يتفق الرأي الراجح في الفقه والقضاء أن الموظف العام هو ذلك الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام ،عن طريق الإستغلال المباشر ضمن تسلسل وظيفي معين، وتكون مساهمته في ذلك العمل عن طريق إسناد مشروع لوظيفة ينطوي على قرار بالتعيين من جانب الإدارة، وعلى قبول لهذا التعيين من جانب صاحب الشان، وذلك عن طريق شغله بصفة دائمة منصبا يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، ولا يهم بعد ذلك طبيعة النشاط الذي يقوم به هذا الأخير هل هو مادي أو قانوني، ولا مرتبته في التدرج الإداري، ولا كونه يتقاضى مرتبا أو لا يتقاضى، أي لا إعتداء بكون الموظف يشغل الوظيفة بمقابل أو بدون مقابل.
ونتيجة لإزدياد وظائف الدولة إزداد عدد موظفيها باعتبارهم يد الدولة ، وأصبح لهم دور في غاية الأهمية ، نظرا لكونهم هم الذين يقومون بتنفيذ سياسة الدولة والمسؤولين على تحقيق أهدافها في كافة المجالات ، غير أن ذلك لا يمنع هؤلاء الموظفين من إرتكاب أخطاء ومخالفات أثناء قيامهم بوظيفتهم تسمى هذه الأخطاء والمخالفات بالأخطاء التأديبية.
إن إرتكاب الخطأ التأديبي من طرف الموظف العام يؤدي إلى توقيع عقوبة تأديبية عليه ردعا له وردعا لغيره من العودة إلى إرتكابه ، وهي عقوبة تصيبه في مركزه الوظيفي وقد تؤدي إلى تسريحه من الوظيفة إذا كان الخطأ المرتكب على درجة كبيرة من الخطورة .
إن عملية تأديب الموظف العام عن خطأه التأديبي ليست عملية إنتقامية ولا قهرية بل بالعكس هي عملية قانونية يهدف من وراءها إلى إصلاح الموظف وتحذير باقي الموظفين، حفاظا على حسن سير المرافق العامة.

التأديب في الوظائف المدنية


المبحث الأول: تعريف الجريمة التأديبية وعقوبته
المطلب الأول: الجريمة التاديبية وعناصرها
الفرع الاول : تعريف الجريمة التأديبية :
من خلال دراستنا للموضوع عبر التشريعات ، يتبين اختلاف المصطلحات المستعملة في هذا المجال، فمنها ما نسميها الجريمة التأديبية، ومنها من يطلق عليها إسم المخالفات التأديبية، ومنها من يسميها الذنب الإداري ،ورغم هذه الإختلافات في التسمية، إلا أنها تعبر عن معنى واحد. ولهذا القضاء ومنه المحكمة العليا المصرية تستعملها معا في حكم واحد كمرادفات . (1) وهي تعني الإخلال بالواجبات أو القيام بالممنوعات المتعلقة بالوضيفة، او أفعال خارجة عن الوظيفة وتكون منافية لها .
وبالرجوع إلى المشرع الجزائري، نجد انه في البداية نحب نحب باقي التشريعات العربية، والمشرع الفرنسي. إذ أنه لم يورد تعريفا جامعا مانعا للخطأ التأديبي .لا في الأمر 66. 133 ولا في المرسوم 85 . 59 المتعلق بالوظيفة العامة. وإكتفى بنص المادة 17 من قانون الأساسي للوظفية حيث تنص: 2 "ان كل تقصير في الواجبات الوظيفية، وكل مساس بالطاعة عن قصد، وكل خطأ يرتكبه موظف في ممارسة مهامه أو اثنائها، بعرضه إلى عقوبة تأديبية دون الإخلال عند اللزوم بتطبيق قانون العقوبات ". وعمد في التعديل الأخير للوظيفة العامة. في الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العامة، وفي المادة 160 منه، الى وضع تعريف متماشيا مع التعريفات الفقهية والقضائية ،حيث عرفت الخطا التاديبي بانه: (3) "كل تخل عن الواجبات الوظيفية ،أو مساس بالإنضباط. وكل خطأ أو مخالفة من طرف الموظف أثناء أو بمناسبة تأدية مهامه خطأ مهنيا. ويعرض مرتكبه لعقوبة تأديبية. دون المساس عند الإقتضاء بالمتابعات الجزائية ".
وقدمت عدة تعريفات للخطأ التأديبي منها القضائية، ومنها الفقهية تتناول بعضها فيما يلي :
1/ التعريفــات القضائيـــة :
ـ عرفت المحكمة العليا المصرية الإدارية الأخطاء التأديبية في عدة قرارات منها: (4)
1) إن سبب القرار التأديبي في نطاق الوظيفة العامة، هو إخلال الموظف بواجبات الوظيفة، أو خروجه عن مقتضياتها،اوإرتكاب خارج الوظيفة ما ينعكس عليها .. 5) .
1 ـ سليمان محمد الطماوي – القضاء الإداري – فضاء التأديبي ص 47
Section 1.01 2 - م 17 الأمــــر 66 . 133
م3 160 الأمـــــر 06 – 03
4 ـ سليمان محمد الطماوي
ـ5 (1) ـ حكم محكمة الإدارية العليا 08. 12. 1968 س 14 ص 165


2) وفي حكم آخر .......كل عامل خالف الواجبات في عمل وظيفته، أو يظهر بمظهر من شانه الإخلال بكرامة وظيفته، يعاقب تأديبيا. والأخطاء التأديبية قد تحدث أثناء الوظيفة أو بمناسبها. وذلك بمخالفة ما تفرضه من واجبات ايجابية او نواه. ويستوى في ذلك أن ترد هذه الواجبات صريحة أو تفرضها طبيعة العمل الوظيفي ذاته. "
ـ وبذات المعنى تقول الجمعية العمومية للقسم الإستشاري في فتوى: " .... كل فعل يرتكبه الموظف من شانه الإخلال بواجبات الوظيفة، أو مخالفة القوانين واللوائح، تعتبر جريمة تأديبية، يحق للجهة الإدارية محاسبته عليها وتوقيع الإجراء المناسب عليه ...."3
2/ التعريفــات الفقهيــــة :
عرفه د. فؤاد العطار المخالفةالتأديبية بأنها: كل فعل يؤديه عامل ينشأ عنه ضرر يمس إدارة الحكم.
وعرفه د.سليمان محمد الطماوي أنه: كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافي واجبات منصبه .
وعرفه د. جودت الملط بأنه: الإخلال بواجبات الوظيفة ايجابا او سلبا .
وعرفه الدكتور /مختار محمد عثمان: " كل فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية او يقتضى واجب يصدر عن العامل أثناء أداء الوظيفة، أو مساسها بما ينعكس عليها بغيرعدر مقبول .
ويرى الدكتور عبد الفتاح حسن: بان الخطأ التأديبي هو تصرف يصدر عن العامل أثناء أداء الوظيفة أوخارجها، ويؤثر فيها بصورة دون قيام المرفق بنشاطه على الوجه الأكمل. وذلك متى ارتكبه هدا التصرف عن إرادة آتمة (3) .
تناول المشرع الجزائري الأخطاء المهنية في الأمر 06/03 في الفصل الثالث تحت عنوان" الأخطاء التاديبية ".(4) حيث أورد تصنيف لهذه الأخطاء في المادة 177. وقسمها إلى أربعة اقسام وهي أخطاءمن الدرجة الأولى وأخطاء من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة وفي المواد من 178 – 181 تبين على وجه الخصوص الأخطاء حسب كل درجة كما يلي :
م 177 تعرف الأخطاء المهنية بأحكام هذا النص .
تنصنف الأخطاء المهنية دون المساس بتكييفها الجزائي كما يأتي :
أخطاء من الدرجة الاولى
ـ أخطاء من الدرجة الثانية
ـ أخطاء من الدرجة الثالثة
ـ أخطاء من الدرجة الرابعة

1) ـ حكم محكمة // // في 22. 05 . 1965 س 10 ص 1405
(2) ـ فتوى صادرة في 27 جانفي 1965 س 19 ص 268
(3) ـ د . سعيد بوسعير الوظيفة العامة النظام التأديبي ص
4 . م177من الأمر رقم 06/03


م 178 تعتبر على وجه الخصوص، أخطاء من الدرجة الأولى، كل إخلال بالانضباط العام يمكن أن يمس بالسير الحسن للمصالح .
م 179 : تعتبر على وجه الخصوص، أخطاء من الدرجة الثانية ،كل الأعمال التي يقوم من خلالها الموظف بما يأتي :
ـ المساس بأمن المستخدمين وأملاك الإدارة .
ـ الإخلال بالواجبات القانونية الأساسية غيرتلك المنصوص عليها في م 180و 181 أدناه
م 180 تعتبر على وجه الخصوص أخطاء من الدرجة الثالثة الأعمال ،التي يقوم من خلالها الموظف بما يأتي :
ـ تحويل غير قانوني للوثائق الإدارية
ـ إخفاء المعلومات ذات الطابع المهني التي من واجبه تقديمها خلال تأدية مهامه .
ـ رفض تنفيذ تعليمات السلطة الرئاسية السلمية في إطار تأدية المهام المرتبطة بوظيفته دون مبرر مقبول .
- إفشاء او محاولة إفشاء أسرار مهنية.
ـ إستعمال تجهيزات أو أملاك الإدارة لأغراض شخصية أو لأغراض خارجة عن المصلحة .
ـ م 181 : تعتبر على وجه الخصوص أخطاء من الدرجة الرابعة إذ قام الموظف .
ـ الإستفادة من امتيازات من أية طبيعة كانت يقدمها له شخص طبيعي أ معنوي مقابل تأدية خدمة في إطار ممارسة الوظيفة .
ـ ارتكاب أعمال عنف على أي شخص في مكان العمل.
ـ التسبب عمدا في أضرار مادية أو جسمانية بتجهيزات أواملاك المؤسسة أو الإدارة العمومية التي من شأنها الإخلال بالسير الحسن للمصلحة .
ـ إتلاف وثائق إدارية قصد الإساءة إلى السير الحسن للمصلحة .
ـ تزوير الشهادات أو المؤهلات أو الوثائق التي سمحت له بالتوظيف او الترقية .
ـ الجمع بين الوظيفة التي يشغلها ونشاط مربح آخر غير تلك المنصوص عليها في المواد 43 . 44 من هذا الأخر .
ـ والمعيار المتبع من طرف المشرع الجزائري في هذا التقسيم، هو معيار خطورة الأفعال وتأثيرها على الوظيفة العامة. فالأخطاء المصنفة على أنها من الدرجة الأولى والثانية أقل خطورة من تلك المصنفة في الدرجة الثالثة والرابعة وفرق أيضا بين إجراءات توقيع العقوبات والجهة المختصة في ذالك، حيث جعل العقوبات من الدرجة 1 و2 توقع من طرف السلطة الرئاسة بقرار مسبب. وجعلت العقوبات من الدرجة 3و4 توقع من طرف اللجنة المشتركة متساوية الأعضاء مشكلة كمجلس تأديبي وجعل رأي اللجنة إلزاميا للسلطة الرئاسة وذلك بصريح النص في م من الأمر 06 . 03 .

الفرع الثاني : أركان الخطأ التأديبي الجريمة التأديبية لا تقوم المخالفة التأديبية شانها شان المخالفة الجنائية، إلا بتوافر أركانها. وهي ترتكز على ركنين أساسيين هما : الركن المادي ـ الركن المعنوي وفيما يلي تعرض هذين الركنين بإيجاز .
أ : الركـن المـادي : يتمثل الركن المادي للمخالفة التأديبية، في الفعل الإيجابي او السلبي الذي يقترفه الموظف إخلالا بالواجبات الملقاة على عاتقه، سواءا في نطاق الوظيفة أو خارجها .وهذا الركن يقوم على عناصر أساسية وهي : (1)
1 / صفة الموظف في الشخص الذي يسند إليه الفعل :
إن الخطأ في نطاق المسؤولية التأديبية في الوظيفة العامة، لا يعقل أن يقوم إلا إذا كان من وراء يد متمثلة في موظف عمومي. وهو ما أشارت إليه المادة 160 من الأمر 06/03 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة : كل خطأ ومخالفة من طرف الموظف أثناء أو بمناسة تأدية مهامه. خطأ مهنيا يعرض مرتكبه لعقوبة تأديبية ..." والموظف معرف في م2 و 4 من نفس الأمر .(2).. وبالتالي فإن صفة الموظف شرط أساس في قيام الركن المادي للجريمة التأديبية، وبانتفائها ينتفي الركن المادي
1 : تعريـف الموظــف العـــام :
إختلفت التعريفات الممنوحة للموظف العام وتعددت بصورة واضحة، سواءا التعريفات التشريعية أو المواقف القضائبة أو الآراء الفقهية. وسنتناول فيما يلي بعض التعريفات للموظف على ضوء الميادين الثلاثة السابقة (3)
تعريفـــات الفقهيـــة :
- يعرف الأستاذ /M . WALINE الموظف العام بأنه " كل شخص يعمل في خدمة سلطة وطنية ويسهم بصورة اعتيادية في سير مرفق عام يدار بطريقة الإدارة المباشرة ويشغل وظيفة دائمة مدرجة في الإطار الإداري
- ويعرفه الأستاذ/A .PLANTAY " الموظف العام هو ذلك الشخص الذي يسهم يصورة دائمة في تنفيذ نشاط مرفق عام إداري (4)
تعريفات التشريعيـــة :
تناول المشرع الجزائري تعريف الموظف العام في جميع القوانين التي سنها في مجال النظام
الأساسي للوظيفة العامة منذ الأمر 66. 133 (1) متابعا في ذلك مسار المشرع الفرنسي ومتأثرا به على

(1) د. سعيد بوسعير المرجع السابق ص 57
(2) الأمر 66. 132 المادة 2
(3) 4)د.نوفل عثمان
1- M.WALINE : traite ele . ; mentair de droit admi . paris s . sene e di p 324 .
(4) : traite de la fanction publique 1973 L.G.J.TOME 1 N 0 44 2- A.plantay


وهو بذلك عرفه بالتركيز وتبيان الشروط الأساسية الواجب توافرها في الشخص حتى يكتسب صفة الموظف العمومي .
أساس أن هذا الأخير هو الذي كان مطبق في هذا المجال وتناوله في التعديل الأخير أي في الأمر 06. 03 في مادة 4 منه حيث تنص : "يعتبر موظفا كل عون عين في مجال الوظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة السلم الإداري "(2)
ـ وعرفه المشرع الفرنسي بطريقةغير مباشرة، حينما حدد ميدان تطبيق قانون الخدمة المدنية الأخير : بنص م 2 من القانون 84- 16 الصادر في 11-01-1984 : " تسري أحكام هذا الباب على الأشخاص الخاضعة لأحكام الباب الأول من نظام الخدمة المدنية. والمعينيتن بوقت كامل لشغل وضيفة دائمة. والمثبتين في درجة الهرم الوظيفي للدائرة الدولة المركزية، والمرافق الخارجة التابعة لها أو المؤسسات العامة "(3) .
ومما تقدم، ومسايرتا لراي الأستاذان v.silvera. ;s.salon,. .فإن إكتساب صفة الموظف العام مرتبط بالعمل والدرجة. فيجب ان يكون التعيين في وظيفة دائمة، ويكمل إجباريا بالتعيين في الدرجة. (4)
وقد إستبعد المشرع الجزائري بعض فئات العاملين من نطاق تطبيق هذا القانون، وهم حسب نص المادة 2من الأمر 06/03 القضاة، والمستخدمين العسكريين والشبه العسكريين التابعين للدفاع الوطني، ومستخدمو البرلمان.
التعريفات القضائية
يعرف مجلس الدولة الفرنسي الموظف العام بأنه: الشخص الذي يشغل وظيفة دائمة كادر المرفق العام
وعرفته محكمةالعدل العليا الأردنية أنه: الشخص الذي يعهد له بعمل دائم ،في خدمة مرفق عام تديره الدولة،او إحدى الأشخاص الإقليمية اوالمؤسسات العامة .
و هذه التعريفات يتضح انها في مجملها تشترط لقيام صفة الموظف العام، ثلاث شروط اساسيةهي ديمومة الوظيفة ،والتثبيت فيها، والخدمة في مرفق عام تديره الدولة.
2/ فعل إجابي أو سلبي صادر عن ذلك الموظف :
يفترض في الخطأ التأديبي صدور فعل إلى المظهر الخارجي الملموس، سواءا فعلا ايجابيا أو سلبيا.ولا يكفي ذلك، بل يجب أيضا أن يكون هذا
الفعل محددا حيث أن توجيه الإتهام دون تحديد الفعل، لا يؤدي إلى قيام الركن المادي وذلك تطبيقا لما جاء في نص المادة الثانية من المرسوم 66 . 152 المتعلق بإجراءات التأديب : ينظر مجلس التأديب في الأمر بناءا على تقرير معلل، صادر عن السلطة التي لها حق التأديب، ويجب على هذه الأخيرة أن تبين بجلاء المخالفات 5 ...
وهو ما أكدته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، في قضية السيد/ لابزور رولو : LA BBSOR . ROLAND من والي ولاية تلمسان حيث اصدر قرار بفصله، بدعوى أنه ارتكب خطأ مهنيا عندماكان يقوم بحملة انتخابية داخل المستشفى. مما تسبب حسب إدعاء الوالي في إخلال بسير المرفق.
وطعن في قرار الوالي ، وتبين للمحكمة عدم تأكد الركن المادي وعليه حكمة بإلغاء القرار على أساس
عيب عدم قيام الركن المادي وذلك بتاريخ 13/12/1968 فالتصرف المكون للركن المادي ، إذن يجب أن يكون له وجود صاهر وملموس ومحدد. فلا يمكن مساءلة الموظف على الأعمال التحضيرية. كإعداد وسائل القيام بالمخالفة، أو وجود أفكار ذاتية في مخيلة الموظف. كما لا يمكن أن يسأل على أوصاف عامة غير محددة، كسوء السيرة الشخصية والخروج على مقتضيات الواجب الوظيفي. (6)
ب ـ الركن المعنوي : يتمثل هذا الركن في توافر لدى الموظف إرادة آتمة، ونية سيئة، وغير مشروعة عند امرتكب الفعل. أي اتجاه إرادة الموظف الى ارتكاب الفعل الإيجابي أو السلبي المخل للوظيفة العامة . (7)
وعليه فإنه تنتفي المسؤولية التأديبية بانتفاء هذه الإرادة الأتمة. فإرتكاب الفعل تنفيذا لأوامر رئاسية
واجبة الطاعة، لا تؤدي إلى المسؤولية لإنتفاء الركن المعنوي فيها. (2)
وبرى بعض الفقهاء انه لا يشترط لقيام المسؤولية التأديبية توافر الإرادة الآتمة لدى الموظف إذ ان مثل هذه الإرادة لا تدل على شيء غير ان الموظف تعمد دون عذر شرعي مجانبة واجباته والتزاماته. و سواءا كان يدرك أنه يرتكب فعل خاطئا أم لا، او حسنت نيته أم ساءت، او كانت مخالفة عمديه أو تقصيرية، فإن المسؤولية قائمة لا مجال.
ـ ويرى الدكتور محمد انس قاسم ان الركن المعنوي في الجريمة التأديبية، يتمثل في صدور فعل ايجابي أو سلبي من موظف،عن إرادة أتمة. فاذا تعمد الموظف كان الركن المعنوي هو القصد.وإذا انصرفت إرادته للنشاط دون النتيجة كان الركن المعنوي هو الخطا . (9) .
ـ وتنتفي المسؤولية بانتفاء ركن من هذه الأركان، سواءا المادي او المعنوي، فلا يسأل الموظف إذا صدرمنه الفعل عن غير اختيار . مثل حالة الضرورة، الإكراه . القوة القاهرة .

ـ الأمر رقم 66. 133 2 المادة – المرسوم رقم 85. 59 المادة رقم والأمر 06/03
ـ 7) + د.علي قطار السنطاوي الوجيز في قانون الإداري ص 414 داور وائل
- 4 ) د سعيد بوسعير المرجع السابق ص
(6) ـ سعـيد بوسعيـر المرجـع السابــق .
(3)+(5) د . سليمان محمد الطماوي المرجع السابق
(9) د . محمد انس قاســــم


المطلب الثاني: العقوبات التاديبية
الفرع الأول: تعريـف العقوبــة التأديبيـــة : لم يمنح المشرع الجزائري تعريفا للعقوبة التأديبية، كما لم يعرف العقوبة الجزائية أيضا. وإنما قام بتحديد هذه العقوبات على سبيل الحصر، بحيث لا يمكن الخروج عليها إلا بجود نص خاص في قوانين تأسيسية لبعض الأسلاك وذلك ما أشارت إليه المادة 164 من الأمر 06 .03. حلاقا للمرسوم 58 59 الذي كان يسمح بهذه القوانين بإضافة عقوبات من الدرجة الأولى والثانية فقط، دون الدرجة الثالثة فتعتبر مقيدة تقييد صارم . (1)
ويمكن تعريف العقوبة التأديبية بصورة عامة بأنها: إجراء يمس الموظف المخطئ في مركزه الوظيفي. وهي نوع من العقوبات المشتقة من طبيعة نظام الوظيفة العامة. توقع على العامل المرتكب لمخالفة تأديبية، وتؤثر في مركزه ومستقبله الوظيفي (2)
فقد تمسه من الناحية المعنوية والأدبية، كالإنذار والتوبيخ. أو من الناحية المادية فتحرمه من بعض المزايا المالية للوظيفة. كالخصم من الراتب أو تأجيل العلاوات او خفظ الدرجة. وقد تحرمه من الوظيفة مؤقتا، كالتوقيف المؤقت عن العمل. او نهائيا كالفصل او العزل من الوظيفة . (3)
والظاهر من التعريف السابق ان الأصل في العقوبة التأديبية، أنها تمس الحقوق والمزايا الوظيفية. وقد يكون هذا المساس جزئيا او كليا، ولا يمكن في أي حال من الأحوال ـ في مجال الوظيفة العام ـ أن يمس شخص العامل او ملكه الشخصي. وإن كانت هذه الميزة لا تسري على بعض القطاعات مثل عقوبة التوقيف والتوقيف الشديد المطبق في المجال العسكري. (4)
إلا ان هناك بعض التشريعات كالتشريع السفياتي، ينص على حبس العامل كعقوبة تأديبية، ويجوز أيضا تسليط عقوبة تأديبية تمس العامل في ملكه الخاص مثل الغرامات . (5)
والعقوبات التأديبية تهدف إلى تقويم سلوك العامل المخالف وزجره، ليكون عبرة للغير، حتى يلتزم كل عامل بواجباته الوظيفية . ممـا يحقـق المصلحــة العامـة وصالــح المرفـق العــام.
ـ والعقوبة التأديبية، على عكس المخالفة التأديبية، تقوم على مبدأ ااشرعية .حيث لا عقوبة إلا بنص وهذا في أغلب التشريعات.
كما تقوم على مبادئ أخرى متمثلة في شخصة العقوبة، وعدم إزدواج العقوبة .... وهذا ما نتناوله في الفرع الثاني من هذا المطلب كما يلي :
(1) المرسوم 85 . 59 . م 124 125
(2) الدكتور . محمد أمين عبد الهادي . إدارة شؤون موظفي الدولة . دار الفكر العربي ص 229
(3) +(5) المستشار عبد الوهاب البنداري . العقوبات التأديبية . دار الفكر العربي ص 11
(4) قانون الخدمة في الجيش
.

الفرع الثاني : المبادئ العامة التي تقوم عليها العقوبة التأديبية 1/ مبدأ شرعية العقوبة التأديبية :
إن مبدأ شرعية العقوبة في المجال التأديبي، إنما تستهدف إحاطة الشخص مقدما بالواجبات والإلتزامات التي يترتب على مخالفتها إنزال العقاب به. وان يحاط أيضا بما يمكن ان يكون عليه هذا العقاب، ليتبين للشخص مركزه ووضعه، وليكون على بنية من أمره. وهذا يستلزم عدة ضوابط شرعية منها، أن يكون منصوص عليها في التشريع. وان تكون صادرة عن سلطة مختصة. وان تكون بعد أتباع الإجراءات. وطبقا للضمانات المقررة قانونا. كما يجب أن تكون العقوبة مناسبة للجريمة الصادرة في شأنها. فإذا لم تحترم هذه الضوابط وقعت العقوبة باطلة. (1)
ـ فانطلاقا من المبدأ العام للقانون، لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص. والذي ينصرف إلى العقوبة بصفة عامة، سواءا كانت جنائية أو تأديبية، ومن ثمة فلا يجوز توقيع عقوبة لم ينص عليها المشرع بنص صريح. وهذا يعني ان السلطة التأديبية سواءا كانت قضائية أو إدارية، لا يمكنها ان تحتار العقوبة المراد توقيعها إلا من بين العقوبات التي نص عليها القانون. حتى وإن كانت أخف شدة من التي كان يجب توقيعها، أو جاء بناءا على رضاء الموظف ، فهذا لا يخرجها من دائرة البطلان لأن مركز الموظف والعقوبة التي تسلط عليه من الأمور التي يحددها القانون، ولا يجوز الإتفاق على خلافها .
وفي هذا المجال، قضت المحكمة الإدارية العليا المصرية ببطلان عقوبة خفظ الدرجة التي تنطوي على خفظ الكادر، لأن خفظ الكادر ليس من العقوبات التأديبية التي على سبيل الحصر الجرائم والعقوبات.
وتجدر الإشارة في هذا المجال، الى المرونة الموجودة عند تطبيق مبدأالشرعية، بالنسبة للعقوبات التاديبية عنه في العقوبات الجنائية. بحيث أن المشرع الجنائي قد حدد على سبيل الحصر
الجنائية. وحدد عقوبة معينة لكل جريمة. وجعل السلطة التقديرية للقاضي محصورة في نطاق الحد الأقصى والأدنى. أما في المجال التأديبي، فقد حدد المشرع على سبيل الحصر العقوبات
التأديبية التي يجوز توقيعها، إلا أنه لم يحدد العقوبة الواجبة التوقيع عن كل فعل او نوع من الأفعال، أو الجرائم التأديبية. وإنما ترك التقدير واسع في ذلك للسلطة التأديبية، التي تقوم بالموازنة بين الجرم والعقوبة. والسبب في ذلك يرجع إلى حداثة النظام التأديبي وتنوع الوظائف. فلم يسع المشرع أن يحصر الأفعال التي تعد مخالفات، ولم يحصر العقوبات التأديبية لكل جريمة غير أن هذه السلطة التقديرية الواسعة، تختفي في حالة ما إذا نص المشرع صراحة على تسليط عقوبة معينة بالنسبة لجريمة معينة ففي هذه الحالة تلتزم بتوقيع تلك العقوبة عند ثبوت المخالفة،والإوقع القرار باطلا.

(1) + (2) م عبد الوهاب البنداري . العقوبات التأديبية للعاملين المدنيين بالدولة
(3) سليمان محمد الطماوي المرجع السابق دراسة فقهية وقضائية . دار الفكر العربي ص (29)
Section 1.02 (4) د . سعيد مصطفى . الأحكام العامة في قانون العقوبات : ص 92
* م 1 من الأمر 66 . 156 متضمن قانون العقوبات : 46 من الدستور
Section 1.03 " لا عقوبة إلا بمقتضى قانون صادر قبل إرتكاب للفعل المجرم "


2/ : عدم إزدواج العقوبة التأديبية على الفعل الواحد :
من المبادئ المقررة والمستقر عليه. عدم جواز العقاب على الواقعة الواحدة إلا مرة واحدة وهذا مبدأ مسلم به فقها وقضاءا وتشريعا، في جميع المجالات العقابية، سواءا الجزائية أو التأديبية. وقد التزمت به محكمة القضاء الإداري المصرية منذ إنشاء مجلس الدولة. كما التزمته أيضا المحكمة الإدارية العليا حيث قضت (1) لا تجوز معاقبة العامل علىالذنب الإداري الواحد مرتين، بجزائين أصليين، ما لم ينص القانون صراحة على الجمع بينهما. أو لجزائين لم يقصد المشرع إعتبار احدهما تبعيا للآخر.وهذا من البداهات التي تقتضيها العدالة الطبيعية. ومن الأصول المسلم بها في أغلب التشريعات . (2).
وعليه، أيا كان الجزاء التأديبي الذي وقع أولا فإنه يجب ما بعده، مادام قد وقع طبقا للاوضاع القانونية الصحيحة. وتطبيقا للذلك، فقد قضت محكمة المصرية بأنه، إذا وقع جزاء على موظف عن فعل إرتكبه فإنه لا وجه بعد ذلك لتكرار الجزاء عن السلوك ذاته، مادام هو عين الجريمة التأديبية ولا يسمح ايضا بتضمن قرار واحد ومحاسبة واحدة للموظف، على فعل او واقعة واحدة أكثر من عقوبة. وذلك فيما عدا الحالات الإستثنائية التي ينص فيها المشرع صراحة على ذلك. مثلا ان يجمعه عقوبتين خفظ الراتب مع خفظ الدرجة في مادة واحدة فيمكن في هذه الحالة تسليطهما عليه عند المخالفة .
ومن جهة أخرى، فإن المقرر أن الشخص إذا إرتكب فعلا يكون عدة جرائم من أجل غرض واحد فإنه لا يكافئ تأديبا عن كل فعل على حدى، بل يعاقب بعقوبة واحدة على الفعل المكون للجريمة الأشد.(( م 32 ق عقوبات جزائري (3)
وفي هذا السياق، يجب التمييز بين الحالات التي نكون فيها أمام ازدواج للعقوبة، من غيرها. فلا مجال
للتذرع بهذا المبدأ في حالة العقاب على جريمة مستمرة. بمعنى أنه إذاعوقب الموظف بعقوبة معينة ،عن جريمة معينة . ثم استمر الموظف في مخالفته بعد ذلك فإنه يعتبر مرتكبا لجريمة أخرى جديدة تالية للعقوبة التي سلطت عليه ومن ثمة فإنه يحاسب عنها مستقلة.وهذا المبدأ معتمدا في المجال التأديبي والجزائي . كما لا يعتبر ازدواجا للعقوبة،الجمع بين عقوبة التأديبية والجزائية.لأنهما دعويان مستقلتان عن بعضهما (4)م" 20 م ت 85 . 59 . التوظيف العمومي " التي تنصص " بتعريض العامل لعقوبة تأديبية

(1) عبد الوهاب البنداري المرجع السابق ص 50 – 55
(2) سعيد بوشعير
(3) م 32 .35 ف جزائري .
(4) سليمان محمد الطماوي " فضاء التأديب المرجع السابق ص145


دون المساس بتطبيق القانون الجزائي إن اقتضى الأمر ...." وأيضا لا يعتبر ازدواج للعقوبة الجمع بين العقوبة الأصلية والعقوبة التبعية لأن الثانية ليست مستقلة على الأولى . وهي تقوم معها وتتقع بقوة القانون وقد اعتمد مشرع معظم الدول من بينها المشرع الفرنسي لهذه الأستثناءات على مبدأ عدم الإزدواجية وذلك في عدة قضايا نذكر منها (1)
ـ الحكم الصادر في: 22/12/1950 قضية cquwerts مجموعة في ص 64
ـ الحكم الصادر في: 21/02/1957 قضية KLEE مجموعة في ص 107
ـ الحكم الصادر في: 23/01/1962 VERLONGEN مجموعة في ص 62
ـ3/ مبدأ شخصية العقوبة التأديبية :
إن هذا المبدأ يعني أن العقوبة لا تنال إلا الموظف المذنب، او المسؤول عن المخالفة الإدارية دون غيره. وهو يصفه عامة مقرر في جميع المجالات سواءا التأديبي أو الجنائي. ولو لم يوجد نص عليه. فهذا المبدأ ينبع من ضمير العدالة، " لاتزر وزارة وزر أخرى " وتطبيقا لذلك فقد قضى بأن المسؤولية التأديبية شأنها شأن المسؤولية الجزائية، مسؤولية شخصية ومن تم يتعين لإدانة الموظف، ومجازاته إداريا في حالة شيوع التهمة بينه وبين غير ، أن يثبت أنه وقع منه فعل سواءا ايجابي أو سلبي ".
يعد مساهمة في وقوع المخالفة الإدارية، وفيما عدا ذلك فلا يكون ثمة ذنب إداري، وبالتالي لا مجال لتوقيع العقوبة التأديبية لعدم توافر ركن من أركانها وهو السبب .
ومع هذا فإن من الناحية الواقعية لا تتوقف آثار العقوبة التأديبية عند شخص المخالف، بل قد تمتد لنصيب غيره أدبيا أو ماديا، مثل أفراد أسرته، خاصة العقوبات المالية كالغرامة اوالخصم من الراتب .
4/-مبدأ ملاءمة العقوبة التأديبية مع المخالفة المرتكبة :
إن الجزاء التأديبي يجب أن يكون عادلا وملائما للذنب الإداري. وذلك بأن يخلو من الإسراف في الشدة، أو الإمعان في الرأفة. لأن كلا الأمرين مجانب للمصلحة العامة ، ولقد سبق أن رأينا أن المشرع وإن قام بتحديد العقوبات التأديبية، إلا أنه لم يحدد جميع الجرائم. ولم يحدد بصفة مطلقة عقوبة مقررة لكل جريمة معينة مما يجعل مهمة الموازنة بين الفعل المرتكب، والعقوبة المراد تطبيقها، من اختصاص السلطة التأديبية. فهل هناك رقابة على هذه السلطة .؟
ـ بمراجعة الأحكام الصادرة على القضاء المصري، نجد أن محكمة القضاء الإداري في بداية عملها ، ذهبت الى إعتبار هذه الصلاحيات خاصة بالسلطة التأديبية.ولا يمكن التعقيب عليها من طرف القضاء.
ويساندها في ذلك محكمة الإدارية العليا في البداية .

1 فرانسيـس دليريــه
" LES MEMES FAITS POUVRAIENT DONC ETRE PUNIS DE DEUX SANCTION SI ELLE ETAIENT PRONONCES PAR DEUX AUTORITE DEFFENTES "

وبدأت تبتعد على هذا المبدأ، واعتماد مبدأ الرقابة على هذه السلطة، وذلك لكثرة التجاوزات التي وقعت من هذه الأخير. مما أدى إلى مجانية الغرض القانوني من العقوبة التأديبية، الذي يتمثل في انتظام سير المرفق العام. ولا يأتي هذا الهدف إذا انطوى الجزاء على مفارقة صارمة بينه وبين الفعل المرتكب من الموظف. وصدرت عدة قرارات بالمبدأ الجديد المتمثل في مراقبة التناسب بين الفعل والجزاء من طرف القضاء، على اعتباره وجه من أوجه اللامشروعية الموضوعية. وأصبحت المحكمة الإدارية تمارس هذه الرقابة على القرارات التأديبية، إذا ما اتسمت بعدم الملاءمة الظاهر بين درجة خطورة الذنب، و نوع الجزاء المقرر له وما لبث أن عمم هذا المبدأ في القضاء الإداري والمحاكم التأديبية، وأصبحت تقوم بالرقابة الفضائية على القرارات التأديبية .
وقد نص المشرع المصري في مادة 80 من نظام العاملين بالقطاع العام
حيث يقول يجاز العمل بالجزاء الذي يتناسب مع وظيفته و المخالفة التي ارتكبها .
ـ ونفس الموقف وقفه المشرع الجزائري في م 161 من الأمر 06. 03 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة حيث تنص " يتوقف تحديد العقوبة التأديبية المطبقة على الموظف على درجة جسامة الخطأ، والظروف ارتكب فيها، ومسؤولية الموظف المعني2، و النتائج المترتبة على سير المصلحة وكذا الضرر الذي لحق بالمصلحة او بالمستفيدين من المرفق العــام ".
5/ تسبـب القـرار التأديبـي :
لقد نصت معظم التشريعات على سبب القرار التأديبي، شأنه شأن القرارات الإدارية الأخرى المنصوص عليها صراحة. وينجر على انعدام الأسباب جزاء البطلان، او الإلغاء، وهو مبدأ معتمد في القضاء الجزائري، وقد نص عليه المشرع في م 125 م 85 . 59 المتعلق بالوظيف العمومي، وجعله شرط لصحته. وفي المادة 126 منه أيضا، حيث ينص في الفقرة الأولى على " تقررالسلطة عقوبة الدرجة الأولى بمقرر من الأسباب ....."
وفي م 126 ........عقوبة الدرجة الثانية بمقرر من الأسباب. وتناوله المشرع المصري في المواد 79 نظام العاملين المدنيين بالدولة. وفي م 81 نظام العاملين في القطاع العام وم 50ق الشرطة.
والمقرر فقها وقضاءا، ولئن كان الأصل أن الإدارة لا تلزم بتسبيب قراراتها، إلاإذا نص المشرع صراحة على ذلك. إلا أن هذا الأصل يرد عليه استثناء، وهو وجوب تسبب القرار التأديبي ولو لم ينص المشرع على ذلك صراحة * لأنه يلزم في العقاب الجنائي أن يكون مسببا وقضاء التاديب في الواقع قضاء عقابي في خصوص الذنب الإداري. لذلك وجب سببه بما يكفل الإطمئنان إلى صحة

البنداري . المرجع السابق ص 72 - 55
ـ محمد أمين قاسم . المرجع السابق
ـ م 161 من الأمر 06 .03 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة .


وثبوت الوقائع المستوحية لهذا الجزاء، واستظهار الحقائق القانونية، وأدلة الإدانة بما يفيد توافر اركنا الجريمة، ولأعمال الرقابة على القرار التأديبي
ـ ويجب في السبب أن يتناول وقائع الموضوع من حيث الشخص المتهم، والمخالفة المنسوبة إليه، والأدلة عليها، وأن يكون السبب واضحا نافيا للجهالة والإبهام، ووافيا غير مبتور. فإذا تخلف احد أسباب أو بعضها، وكان جوهريا في تقرير الجزاء ووزنه، فإن الجزاء يكون باطــلا

المبحث الثاني:أنواع العقوبات التاديبية و تقسيماتها
المطلب الأول: أنواع العقوبات التأديبية
الفرع الأول: العقوبات الأصلية والعقوبات التبعية 1 - العقوبات الأصلية:
إن القانون يميز بين نوعين من العقوبات وهي العقوبات الأصلية والعقوبات التبعية، فأما الأصلية فهي العقوبات التي يقررها القانون للجرائم بصفة عامة وهي أساسية ولا توقع على المتهم إلا ب ال نص عليها صراحة في الحكم [1]. ويمكن أن يقتصر عليها إجراء المفروض في القانون لتحقيق الأهداف المتوخاة من العقاب ومن ثم لا يمكن أن يصدر حكما بإدانة متهم دون النص فيه على عقوبة أصلية. والعقوبات الأصلية في المواد الجنائية محددة حصرا من طرف المشرع وذلك في م.5 من قانون العقوبات، وهي: الإعدام، المؤبد، السجن المؤقت، الحبس، والغرامة [2]. وأضافت عليها بعض التشريعات عقوبات أخرى، كالمشرع المصري مثلا يضيف الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة [3].
وفي المجال التأديبية نجد أن العقوبات أيضا تنقسم الى أصلية وتبعية، وقد تناول المشرع هذه العقوبات بالنسبة للموظفين العموميين في المادة55 من الأمر 66/ 133 [4]، ثم في المرسوم 85/59 بالمادة 124 منه [5]، وفي المادة 163 من الأمر 06/03 المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العامة [6]. وسنتناول هذه المواد بالدراسة في الفرع الموالي.
ونجد التشريعات المقارنة في معظمها نصت على هذه العقوبات سواء المشرع الفرنسي أو الدول العربية، ومثال ذلك القانون المصري الذي تطرق لها في المادة 80 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، كما نص عليها في م82 قانون العاملين في القطاع العام [7].
أما العاملين المستثنون من الوظيف العمومي سواءا العاملين في القطاع الخاص [8] أو المستثنون بموجب المادة2/2 فأن هذه العقوبات ينص عليها في القوانين الأساسية لكل قطاع، مثلا الموظفون العسكريون والشبه عسكريون فإنهم محكومون تأديبيا بقانون نظام الخدمة في الجيش الذي ينص في المواد من 69الى77 منه [9] على هذه العقوبات، وأيضا بالنسبة للقضاة الخاضعين الى القانون الأساسي للقضاء. ونخضع له اجراءات تأديبهم فينص على العقوبات في المادة 68 تحت عنوان " انضباط القضاة [10].
والعقوبات التأديبية الأصلية هي كالعقوبات الجنائية يلزم لتسليطها النص عليها في القانون صراحة، ويجب أيضا أن تذكر في القرار أو الحكم الصادر بها وإلا كان هذا القرار مجهول لعدم تحديد العقوبة [11].

2- العقوبات التبعية:
سمي هذا النوع من العقوبات بالتبعية لأنها تقع تابعة أو مرادفة للعقوبة الأصلية وهي تقع تلقائيا وبقوة القانون دون حاجة الى ذكرها في الحكم أو القرار الصادر بالعقوبة الأصلية، وهذا الكلام يصدق على العقوبات التأديبية أو الجزائية [12].
ولقد نص المشرع الجزائري على العقوبات التبعية في المادة 6 من قانون العقوبات تحت عنوان العقوبات التبعية وجعلها خاصة فقط بالجنايات، وهي تتمثل في الحجر القانوني والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية [13].
ومن أمثلة العقوبات التأديبية التبعية، حظر الترقية خلال مدة معينة، من تاريخ توقيع العقوبة الأصلية أو توقيف العامل في حالة ارتكابه خطأ جسيم من الدرجة الرابعة، وأيضا منع الموظف المعزول من الوظيفة بسبب تأديبي، من اعادة ادماجه في الوظيفة العامة حسب نص المادة 186 من الأمر 06/03.
وقد نص المشرع المصري صراحة في هذا المجال في المواد 85،89 من نظام العاملين في القطاع العام على حظر الترقية، وايضا مع ادماج العامل لمدة 4 سنوات بعد فصله من الخدمة.
ويذهب جانب من الفقه الى القول بأن العقوبة التأديبية التبعية قد تكون تابعة لعقوبة جنائية أصلية كانهاء الخدمة إذا حكم على العامل بعقوبة جنائية، غير أن الرأي الراجح في هذه المسألة أن انهاء الخدمة في هذه الحالة هي عقوبة جنائية تبعية حتى وإن ورد النص عليها في قانون آخر غير قانون العقوبات [14].

الفرع الثاني: العقوبات الصريحة والعقوبات المقنعة: 1 العقوبات التأديبية الصريحة: يقصد بها تلك العقوبات التي نص عليها المشرع صراحة. سواءا كانت أصلية أو تبعية، وقد سبق أن أشرنا الى هاذين النوعين من قبل حيث تناولهم المشرع الجزائري في نصوص المواد 5،6 من قانون العقوبات سالفة الذكر.
2 العقوبات التأديبية المقنعة: على عكس العقوبات التأديبية الصريحة، نجد هذا النوع من العقوبات، فهي التي لم ينص عليها القانون قط [15]. وإنما هي إبتكار أو تلاعب من طرف الادارة لمعاقبة العامل تأديبيا دون اعتماد الطريق القانوني لذلك باعتبار أن اجراءات التأديب معقدة وتستغرق وقتا، فتعتمد طريقا يحقق لها نفس الغرض أي التخلص من العامل بأقل التكاليف [16]. وهذا هو المعنى المقصود من اصلاح العقوبة المقنعة. فهي اجراء تتخذه الادارة ضد الموظف دون أن توجه له اتهاما معينا. ومثال ذلك ندب العامل أو نقله من وظيفة الى أخرى أو الى مكان آخر دون ابتغاء المصلحة العامة ولغير الأسباب التي شرع من أجلها الندب أو النقل وانما بقصد الاساءة الى العامل [17]. وقد عرفته المحكمة الادارية العليا "مصر" بقولها " لا يلزم لكي يعتبرالقرار الاداري بمثابة الجزاء التأديبي المقنع أن يكون متضمنا عقوبة من العقوبات التأديبية المعينة وإلا لكان جزاءا تأديبيا صريحا، وإنما يكفي أن يتبين المحكمة من ظروف الأحوال وملابساتها.إن نية الادارة اتجهت الى عقاب الموظف لكن بغير اتباع الاجراءات والأوضاع المقررة لذلك فانحرفت بسلطتها في القرار لتحقيق الغرض المستتر".ج
والمقرر أن هذا الاجراء أو العقاب المقنع يقع باطلا حتى ولو كان في أعقاب تحقيق، مادام قداستهدف به مصدره إذاء وعقاب الموظف وذلك لأنه ليس من العقوبات التأديبية المنصوص عليها في القانون ولأنه يعد بذلك خرقا للإجراءات والضمانات التأديبية المقررة للحفاظ على حقوق الموظف في الدفاع [18].

بعض الأمثلة للإجراءات قد تنطوي على عقوبات مقنعة:
1- النقل أو الندب : للإدارة السلطة التقديرية في نقل الموظف مادامت لا تخالف القانون ولا يستهدف غير الصالح العام، وهو حق مكرس للإدارة، ولا يمكن للموظف أن يتشبث بالبقاء في وظيفة معينة أو في مكان معين حرصا منه على ما يحققه من مزايا في هذا المنصب ما لم يمس هذا النقل حقا من حقوقه المقرر المتمثلة في نوع الوظيفة أو درجتها. ويعتبر النقل ساترا للعقوبة مقنعة ويستوجب إبطاله إذا استهدفت به الإدارة التنكيل بالعامل أو انحرفت عن الأهداف التي شرع النقل أصلا من أجلها أو انقص من درجة الوظيفة التي كان يشغلها الموظف في المنصب السابق.
2- الوقف الاحتياطي : هو إجراء شرع أساسا بوصفه احتياطي أي يوقع متى اقتضته مصلحة التحقيق الذي يجرى مع العامل، ومع ذلك فقد تسيء الإدارة استعمال سلطتها، وتوقف العامل وقفا احتياطيا دون أن يكون هناك مسوغ يستوجبه، وفي غياب الحالات التي يجوز فيها، والتي حددها المشرع، كما قد يكون للوقف مسوغ في البداية ثم يزول ويظل العامل مع ذلك موقوفا دون مبرر بقصد التنكيل به ومن ثم يعتبر الوقف في هذه الحالة جزاءا مقنعا

look/images/icons/i1.gif النضام التأديبي في الوضائف المدنية
  16-04-2013 02:02 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 15-04-2013
رقم العضوية : 233
المشاركات : 12
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب
المطلب الثاني : تقسيم العقوبات التأديبية
الفرع الأول: مبادئ تقسيم العقوبات التأديبية نظرا للترابط الوثيق الموجود بين الجرائم التأديبية وعقوباتها. فإن دراسة تقسيم العقوبات يجعلنا نتطرق حتما الى مبادئ قيام هذه الجرائم أي أساس وضعها في النشريات المختلفة وهذا الأساس يتمثل في تحديد الواجبات والمحضرات المتعلقة بالوظيفة [19]. والمتأمل في النصوص المختلفة للدول العربية سيما القانون المصري والسوري واللبناني والعراقي، نجدها تتفق في أنها تعتبر قيام المسؤولية المستحقة للعقاب التأديبي عند اخلال الموظف بالتزاماته المتمثلة في القيام بواجباته الوظيفية والامتناع عن المحضرات التي تنهى عنها [20]، والاساءة الى الوظيفة بصورة أو بأخرى. ومما يستخلص من هذه التشريعات بالاضافة الى التشريع الجزائري الذي تناول هذا الموضوع في المواد من 20 الى 29 من المرسوم 85/59 المتعلق بالوظيف العمومي تحت عنوان الحقوق والواجبات [21]، وفي المواد من 40 الى 54 من الأمر 06/03 المتعلق بواجبات الموظف.
وعن اختلاف قوائم الواجبات والمحضورات بين مختلف هذه التشريعات فإنها تلتقي في جوهر هذه الأخيرة، حيث تهدف الى تبيان كيفية أداء العمل وما يجب أن يلتزم به الموظف ليكون أداؤه للعمل سليما.
امتدت هذه القوائم لتمس حياة الموظف الخاصة، لأن الصلة وثيقة بين الحياة الخاصة للموظف ومركزه الوظيفي أو الحياة العامة .
ويستخلص أيضا، أن هذه القوائم لم تتضمن تعدادا علىسبيل الحصر للواجبات والمحضورات. وإنما وردت فيها على سبيل المثال، وهو ما يتفق مع المجال التأديبي في استحالة حصر الجرائم، وعدم خضوعها الى مبدأ شرعية الجريمة المعتمد في القانون الجنائي [22].
وعلى العموم نتطرق الى هذا الموضوع بتناولنا للتقسيمات الفنية المعتمدة في هذا المجال والمتمثلة في واجبات متعلقة بكيفية أداء العمل، وواجبات تتبع الموظف خارج مجال الوظيفة.
I - الواجبات المتعلقة بأداء العمل او الوظيفة :
1- واجبات الموظف في أداء عمله بنفسه وبدقة وفي الأوقات المحددة: نص المشرع على هذا الواجب في المواد 41 و47 من الأمر 06/03.
م 41 " يجب على الموظف أن يمارس مهامه بكل أمانة وبدون تحيز ".
م 47 " كل موظف ... مسؤول على تنفيذ المهام الموكلة اليه ".
ويعتبر هذا الواجب أول واجب يقع على عاتق الموظف وهو مركب بجملة من الالتزامات وتتمثل في الالتحاق بالمنصب الذي يشغله، وامتناعه عن ذلك دون سبب يؤدي الى عزله.
وبعد الالتحاق بالمنصب عليه القيام بالمهام المنوطة به والاعمال الملقاة على عاتقه بأمانة واخلاص، وفي هذا الصدد يجب أن يقوم بها بنفسه فلا يجوزله التنازل عنها لغيره إلا بمقتضى القانون، وتعتبر ممارسة أعمال الوظيفة من قبل الموظف التزام شخصي يستند الى مبدأ عام يجمع عليه الفقه الاداري وهو مبدأ شخصية الاختصاص [23] ، وتكريسا لذلك قضت المحكمة الادارية المصرية بادانة أحد الأطباء لأنه تغيب عن عمله وأنابه زميله فقررت المحكمة أن أعمال الوظيفة هي التزام شخصي وتكليف قانوني لا سبيل الى التحلل منه بالاتفاق بين الموظفين ما لم يعهد بذلك الرئيس المختص.
بالاضافة الى ضرورة قيام الموظف بهذه الاعمال بدقة وحرص ، والموظف ليس مطالب ببذل عناية الرجل العادي في هذا المجال، ولا تنتفي مسؤوليته ببذل مستوى من الجهد بل عليه بذل عناية الرجل الحريص.
ويقتضي التزام الموظف بالقيام بمهامه المحددة بانتظام وأن لا يتوان في تأديتها في وقتها دون تأخر، ويعمل باخلاص وأمانة وتجريد من الأهواء والمصالح الشخصية أو العائلية.
كما عليه احترام المواعيد المحددة في اللوائح وأن لا يتغيب من دون عذر، والاخلال بهذا الواجب يعد جريمة تأديبية تستوجب قيام المسؤولية التأديبية.
وتحدد المواعيد وأوقات العمل في الادارات والمصالح الحكومية في الجزائر بقرار من الوزير المكلف بالوظيفة العامة ويحدد حسب الأتي:
من الساعة الثامنة الثانية عشر صباحا
من الساعة الواحدة الرابعة والنصف مساءا.

2- واجبات الحفاظ على السر المهني:يلتزم الموظف العمومي بواجب سلبي، [24] يتمثل في الحفاظ على السر المهني وعدم إفشاء الأسرار وظيفته، أو ما اتصل بها بمناسبة منصبه سواءا تعلق الأمر بأفعال أو أقوال أو معلومات فيمتنع على إذاعتها أو نشرها بأي صورة كانت أو تسليمها الى شخص إلا إذا كان شخصا مسؤولا [25] ، وذلك عندما تكون هذه الأفعال أو المعلومات والوثائق تدخل في دائرة الأسرار المهنية سواءا بطبيعتها، أو صدر أمر من المسؤول بسرية هذه الأمور [26] ، ويشمل هذا الحظر احتفاظ الموظف بنسخة من وثائق سرية أو اتلافها [27] .
وقد نص المشرع على هذا الواجب في المادة 48 من الأمر 06/03 وأضاف في المادة 49 من نفس القانون التزام المحافظة على الوثائق وأمنها.
وقد اعتبر المشرع الاخلال بهذا الواجب يمثل خطأ من الدرجة الثالثة وذلك حسب المادة 180 من القانون 06/03 ، ونظرا لخطورة هذا الواجب وأهمية المحافظة على السر المهني فقد أوجب المشرع على بعض الفئات من الموظفين الذين يشغلون مناصب حساسة بأداء اليمين على عدم افشاء الأسرار قبل توليهم لمهامهم ولا يعف الموظف من هذا الواجب إلا في الحالات التي يجيز فيها القانون صراحة أو حالة موافقة السلطة الرئاسية [28] ، ويبقى واجب الكتمان قائما في حق الموظف حتى بعض انفصاله عن الوظيفة.
وفضلا على أن هذا الاخلال بهذا الواجب يشكل جريمة تأديبية فهو يكون أيضا جريمة جنائية نص عليها المشرع الجزائري في المواد 301-302 من قانون العقوبات الجزائري [29] .
وهذا الواجب حسب رأي الفقيه plane platy لا يخلو من أمرين أساسيين وهما المحافظة على الصالح العام والمحافظة على مصلحة الأفراد.

3- واجب الطاعة قبل الرؤساء: ويقصد بهذا الواجب، ضرورة تنفيذ الموظف للأوامر الموجهة له من رئيسه بدقة وأمانة، ويتحمل كل رئيس مسؤولية الأوامر التي تصدر عنه، كما يكون مسؤول عن حسن سير المرفق العام. والسلطة الرئاسية تفرضها طبيعة العمل الاداري، لانه وفقا للمرسوم الرئاسي للوظيفة العامة 85/59 والأمر رقم 06/03 الذي نص على نفس المبدأ في المادة 52 منه " يخضع كل موظف في ممارسة مهامه الى موظف آخر أعلى منه درجة، ويقابل خضوع الموظف مسؤولية الرئيس المصدر للأمر.
المادة 52 أمر 06/03 " يجب على الموظف التعامل بأدب واحترام في علاقته مع رؤسائه ".
المادة 17 من المرسوم 85/59 " كل مساس بالطاعة الواجبة للرؤساء عن قصد يعرض الموظف الى عقوبة تأديبية ..".
غير أنه قد ثار نقاش فقهي في مسألة الطاعة للرؤساء، وذلك بالنظر الى القوانين واللوائح، وهي تتمثل في ثلاث آراء:
1- رأي الفقيه دوجي [30] : قال به في مطولته القانون الدستوري، ومفاده أن الرئيس والمرؤوس ملزمين باحترام القانون وعلى الموظف إذا رآى مخالفة الأمر للقانون أن لا ينصاع له. وانتقد هذا الرأي لأنه يؤدي الى عرقلة سير المرفق العام.
2- رأي الفقيه ستان بوليس [31] : وهو مبدأ نظرية النظام العام، ومفاده أن على الموظف الانصياع الى أمر رئيسه مهما كان. والطاعة في هذا المجال عمياء لا تسمح للموظف مناقشة أوامر الرئيس. وانتقد هذا الرأي بأنه يتنافى ومبدأ الشرعية ويجعل الموظف عبارة عن أداة في يد رئيسه.
3- النظرية المختلطة : وهي رأي وسط بين الرأيين السابقين، ومقتضاه هو الحفاظ على مبدأ الشرعية والحفاظ على سير المرفق العام، فهي ترى بأن الموظف يلتزم بالطاعة وتنفيذ الأوامر، إلا في الحالة التي يكون فيها عدم الشرعية جسيم وخطير.
والمتفحص للنصوص القانونية، يكتشف أن المشرع الجزائري أخذ بالرأي الثالث وذلك ما يبرز من المادة [32] 52من الامر06/03 وكذا المادة 17 من المرسوم 85/59.
وطبق هذا المبدأ في القضية رقم 5724 الغرفة الادارية بالمجلس الأعلى في الطعن في قرار الوزير في 20/06/1969 حيث طعن موظف في وزارة الخارجية في قرار عزله من طرف الوزير من وظيفته كملحق بوزارة الخارجية . وتبين للمحكمة من رأي المجلس التأديبي أن أسباب العزل راجعة للأخطاء التالية:
عدم الطاعة، كثرة العصيان، التمرد، الغياب عن الوظيفة بدون سبب ودون ترخيص من الرئيس، فضلا على تخاصمه مع رؤسائه. وصدر الحكم في: 10/12/1971 برفض عريضة الطعن وإن كان كل سبب من الأسباب السابقة يؤدي وحده الى عقوبة العزل [33] .
وقد جاء هذا المبدأ في ديننا الحنيف ومن أمثلته في القرآن الكريم الآية رقم .. من سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ".
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية. وإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ".
ويقول الدكتور سليمان الطماوي في هذا الصدد " طاعة الرئيس تعتبر العمود الفقري لكل نظام اداري ".

II - واجبات الموظف خارج مجال الوظيفة:
1 - واجب التفرغ للوظيفة: معنى ذلك أنه لا يحق للموظف مزاولة أي مهنة أخرى الى جانب وظيفته، سواء في القطاع العام أو الخاص ، إذ يمنع القانون الجزائري من ازدواج الوظيفة حتى وإن كانت مهنا حرة كأن يعمل محاميا، أو مهندسا أو محاسبا ولا أي عمل في التجارة لحسابه الخاص سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا ما يستفاد من المادة 15 من الأمر 66/133 حيث تنص على أنه " يجب على الموظف أن لا تكون لديه في مؤسسة باسمه أو بواسطة زوجه أو يدير نشاطا خاصا يدر عليه ربحا ويجب اخطار الادارة ... " [34] .
ونصت المادة 43 من الأمر 06/03 على نفس التحريم بالقول " ... ولا يمكنهم ممارسة نشاط مربح في اطار خاص مهما كان نوعه ".
وفي المادة 45 " يمنع على الموظف ... أن يمتلك داخل التراب الوطني أو خارجه مباشرة أو بواسطة شخص آخر ... مصالح من طبيعتها أن تؤثر على استقلالية.."
المادة 46 " إذا كان زوج الموظف يمارس نشاطا خاصا مربحا وجب عليه التصريح بذلك للادارة ..".
مما تقدم، يتضح مدى اهتمام المشرع بهذا الواجب حرصا منه على المحافظة على الأموال العامة والوظيفة. ولأجل ذلك حعل الاخلال بهذا الواجب يشكل خطأ جسيما من الدرجة الرابعة يعرض صاحبه لعقوبة العزل وذلك حسب المادة 181 من نفس الأمر.
ووضغ المشرع بعض الاستثناءات المتعلقة بهذا الواجب والمتمثلة حسب المادة 14 من الأمر 66/133 والمادة 43من الامر 06/03 والمتمثلة في إنتاج المؤلفات العلمية والأدبية والفنية والقيام بالتعليم والتكوين. ويجوز للادارة إن اقتضى الأمر وحفاظا على الوظيفة منع الشخص من ذكر اسمه أو صفته أو رتبته الادارية. على هذا المؤلف
ويرى الدكتور محسن أنس قاسم أن هذا الحظر راجع لعدة أسباب منها:
1- صالح المرفق العام: إذ أن مصلحة المرفق العام تقتضي المحافظة على استقلالية الموظف في عمله ومنع قيام أي رابطة بينه وبين الأفراد من شأنها عرقلة قيامه بأعباء وظيفته.
2- مقاومة البطالة: فعند تشغيل موظف في منصبين فإنه يؤدي الى حرمان شخص آخر منه وبالتالي التقليل من فرص الشغل التي قد تتوفر للاشخاص مما يزيد في ظاهرة البطالة.
2- واجب التحفظ:
من بين الالتزامات الملقاة على عاتق الموظف في قانون الوظيفة العامة، المحافظة في جميع الأوقات على كرامة وشرف الوظيفة، فالمشرع لم يحصر مسؤولية الموظف في ما يجب القيام به، أو ما يجب الامتناع عنه أثناء قيامه بمهامه، وإنما تعدى ذلك ليشمل ما قد يصدر عن الموظف خارج أوقات عمله، أو في حياته الخاصة، حيث لا يمكن فصل حياته الخاصة على حياته الوظيفية أو العامة، فالموظف مطالب على الدوام بالحرص على حسن سمعة منصبه، وعدم القيام بالتصرفات التي تس ي ئ اليه، أو بما يمكن اعتباره منافيا ومناقضا للثقة الموضوعة فيه بمناسبة هذا المنصب [35] ، وفي هذا المجال، قضت المحكمة العليا الأردنية " إن الموظف الذي حاز على ثقة الادارة عند تعيينه أن يسلك مسلكا حسنا ويتجنب الانزلاق في الخطأ، أو أن يسلك سلوكا شائنا لا يتفق وكرامة الوظيفة [36] .
وهذه التصرفات والسلوكات لم تحصر من طرف المشرع، وقد لا تكون معاقب عليها جزائيا لكن تكون شائنة، مثل تناول المشروبات الكحولية وتعاطي المخدرات، المقامرة، الأعمال المخلة بالشرف والآداب العامة.
وقد تناول المشرع الجزائري هذا الواجب اضافة الى القوانين السابقة في الأمر 06/03 وذك في مادته 42 حيث يقول: " يجب على الموظف تجنب كل فعل يتنافى مع طبيعة مهامه ولو كان ذلك خارج الوظيفة، كما يجب عليه أن يتسم في كل الأحوال بالسلوك اللائق والمحترم.


الفرع الثاني: أقسام العقوبات التأديبية في التشريع الجزائري. انطلاقا مما تقدم شرحه في المبحث السابق، ومن مبادئ شرعية العقوبة التأديبية المعترف به في معظم التشريعات في العالم فإن المشرع هو الذي يحدد العقوبات التأديبية التي يجب توقيعها على الموظف المذنب [37]، وإذا سمح لبعض السلطات بأن تصدر لوائح، جزاءات، فإنها تكون مقيدة بالعقوبات التي تقررها في هذه اللوائح، وتنحصر سلطتها في تحديد الجرائم التأديبية التي يعاقب الموظف إذا ارتكبها، اختيار العقوبة الملائمة من بين العقوبات المحددة سواء في قانون الوظيفة العامة أو قوانين قطاعات أخرى، ولا يمكن ابتداع عقوبات أخرى ولو عن طريق القياس [38].
وبالرجوع إلى بعض القوائم العقابية في التشريع المقارن العربي أو الفرنسي نلمس اختلافا في صياغة نصوصها فمنها من سردها مباشرة مثل القانون المغربي، ومنها من قسمها إلى عقوبات خفيفة وأخرى شديدة مثل القانون السوري والعراقي، وأوردها المشرع الفرنسي في مجموعات [39]، وكل هذه التقسيمات تصب في معيار واحد وهو التدرج بين الخفة والشدة رغم اختلاف التسميات.
والمشرع الجزائري كغيره اعتمد في تقسيم العقوبات نفس المعيار أي معيار الشدة تناسبا مع خطورة الأفعال المرتكبة مميزا بينها في كيفية تطبيقها والسلطات المختصة بها و إجراءات تسليطها. وذلك غبر كل القوانين المتناولة لموضوع التأديب في الوظيفة العامة. مع بعض الاختلاف في كل مرحلة. وسنتناول دراسة هذه العقوبات حسب التدرج الزمني وذلك بدءا بالأمر 66/133 ثم المرسوم 85/59 وأخيرا الأمر 06/03.
أ- العقوبات التأديبية حسب الأمر 66/133 :
أورد المشرع الجزائري العقوبات التأديبية الممكن تسليطها على الموظف العام في هذا الأمر، وفي المادة 55 على النحو التالي:
أ‌- عقوبة من الدرجة الأولى: 1- الاندار. 2- التوبيخ.
ب‌- عقوبة من الدرجة الثانية: 1- الشطب من قائمة الترقية 2- التنزيل من درجة إلى ثلاث درجات. 3- النقل التلقائي. 4- التنزيل في الرتبة.
5- الإحالة على التقاعد التلقائي. 6- العزل دون إلغاء الحقوق في المعاش. 7- العزل مع إلغاء الحقوق في المعاش.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقرير الاستبعاد المؤقت من الوظيفة لمدة لا تتجاوز 6 أشهر، كعقوبة من الدرجة الثانية. وذلك كعقوبة أصلية أو تبعية ويحرم المعاقب من كل المكافآت والمنح العائلية.
وعقوبة العزل يمكن أن ينتج عنها و ضمن الشروط المحددة بمرسوم. المنع من التوظيف في الإدارات والمصالح والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية المشار إليها في المادة الأولى من هذا الأمر.

ب- العقوبات التأديبية حسب المرسوم 85/59 :
صنفت المادة 124 من المرسوم المذكور أعلاه العقوبات التأديبية الى 3 أصناف وذلك كما يلي:" تصنف العقوبات التي يمكن أن يعاقب بها الموظفون تبعا لخطورة الأخطاء المرتكبة في ثلاث درجات.
أ-عقوبات من الدرجة الأولى:
1- الإنذار الشفوي. 2- الإنذار الكتابي. 3- التوبيخ. 4- الإيقاف على العمل من يوم إلى 3 أيام.
هذه الدرجة من العقوبات تطبق على الموظفين خلال فترتهم التجريبية حسب نفس المادة وهي تقرر من طرف السلطة التي لها صلاحيات التعيين بمقرر مبين الأسباب دون استشارة لجنة الموظفين م 125.
ت‌- عقوبات من الدرجة الثانية:
1- الإيقاف عن العمل من أربعة أيام إلى ثمانية أيام. 2- الشطب من جدول الترقية.
تقرر السلطة التي لها صلاحية التعيين عقوبة الدرجة الثانية بقرار مبين الأسباب حسب م 126 من نفس المرسوم.
ث‌- عقوبات من الدرجة الثالثة:
1- النقل الإجباري. 2- التنزيل. 3- التسريح مع إشعار مسبق و التعويضات. 4- التسريح دون الإشعار المسبق ولا تعويض.

ج- العقوبات التأديبية حسب الأمر 06/03:
أورد المشرع الجزائري أقسام العقوبات التأديبية في الأمر 06/03 في الفصل الثاني تحت عنوان العقوبات التأديبية، وقسمها خلافا لما سبق الى 4 أقسام حسب جسامة الأخطاء المرتكبة وهي:
أ‌- الدرجة الأولى: 1- التنبيه. 2- الاندار الكتابي. 3- التوبيخ.
ب‌- الدرجة الثانية: 1- التوقيف عن العمل من يوم الى ثلاثة أيام. 2- الشطب من قائمة التأهيل.
ت‌- الدرجة الثالثة: 1- التوقيف عن العمل من أربعة أيام إلى ثمانية أيام. 2- التنزيل من درجة إلى درجتين. 3- النقل الإجباري
ث‌- الدرجة الرابعة: 1- التنزيل إلى الرتبة السفلى مباشرة. 2- التصريح.


المبحث الثالث:الاختصاص التأديبي في الوظائف العامة والضمانات الممنوحة للموظف
المطلب الأول: الاختصاص التأديبي " سلطة التأديب
الفرع الأول: المبادئ العامة
عند الحديث عن السلطة المختصة بالتأديب نشير الى الالتزام بمبدأ الشرعية الذي يفيد أنه لا تستطيع توقيع عقوبة تأديبية معينة على موظف إلا السلطة التي يعينها المشرع ويخول لها هذه الصلاحية، فلا يمكن – تحت طائلة البطلان – توقيع عقوبة تأديبية على موظف من قبل سلطة غير مختصة، وهو اختصاص أصيل حيث لا يمكن لهذه السلطة تفويض اختصاصها في ذلك إلا في حدود القانون والقضاء يعمل بصرامة في هذا المجال ويلجأ الى التفسير الضيق للنصوص بالنظر الى الطبيعة العقابية التأديبية .(1)
وكل التشريعات في العالم لا تخلوا من اعتمادها اتجاه من بين اتجاهين رئيسيين وهما: الاتجاه الرئاسي الذي يوكل التأديب للسلطة الرئاسية التي تعلوا الموظف المذنب، اتباع الطريق الإداري في التأديب والاتجاه القضائي الذي يضفي الطابع القضائي على اجراءات التأديب. (2)
وهذا ولقد قام المعهد الدولي للعلوم الادارية بدراسة هذا الاتجاه في الدول الأعضاء بالمعهد، وخرج من دراسته بأن العالم يسلك أحد السبل الثلاثة التالية [40] .

I - النظام الرئاسي: كان هذا الطريق هو المعتمد وحده في الأصل ويقرر هذا النظام أن الذين يقدرون الأخطاء ويقررون لها العقاب انما هم الرؤساء المختصون في السلم الاداري دون أي مساعدة أو تدخل سابق من أي هيئة جماعية استشارية "
ومن بين الدول التي اعتمدت هذا الاتجاه الدنمارك، اسبانيا، كندا ... .
وهذا المذهب يستمد منطقه من عدة اعتبارات منها:
- أن الجريمة الادارية لا تقوم على مجرد اعتبارات قانونية، بل هي توزن وتقاس على أساس التقاليد المستقر بها العمل، وتحيط بها اعتبارات لا تكشف عنها النصوص فهي تصعب على القضاة وبالتالي فمن الأحسن ترك هذا المجال الى الادارة التي ترأس الموظف المذنب.
- إن نزع هذه السلطة من يد الادارة، وترك لها سلطة الاتهام فقط، يؤدي الى التردد في اللجوء الى سلطة التأديب. لأن هيبتها سوف تهتز إذا ما اتهمت شخص باذنابه وقامت السلطة التأديبية لاعتبارات معينة بتبرئته.
- إن التأديب يستوجب السرعة والحسم في الأمور، وأن يتم في ذات البيئة التي وقع فيها الخطأ، ليتحقق أثره على أحسن وجه ولضمان حسن سير المرفق العام.
II - النظام الشبه القضائي: هذا النظام صورة من صور النظام الرئاسي، ذلك أن سلطة توقيع الجزاء من اختصاص السلطة الرئاسية، ومع ذلك يستلزم قبل توقيع العقاب أو الجزاء نهائيا، استشارة هيئات مشكة من ممثلين للادارة والموظفين، فيطلب اليها النظر في الاجراءات واقتراح الجزاء، وكقاعدة عامة هذا الرأي يكون مقيد للسلطة الادارية. وهو مطبق بصفة أساسية في كل من فرنسا ، بلجيكا، ايطاليا.
III - النظام القضائي: يتميز نظام التأديب القضائي باقتراب الدعوى التأديبية من الدعوى الجنائية، وهو يفصل بين السلطة الرئاسية التي ترفع الدعوى التأديبية وتتابعها، وبين الهيئة القضائية الخاصة والمستقلةالتي تختص بتقدير الخطأ المهني المنسوب الى الموظف، وتوقيع الجزاء الذي تراه مناسبا للوقائع وقرار هذه الهيئة يكون ملزم للسلطة الرئاسية، ويوجد هذا النظام في ألمانيا، والنمسا.
الفرع الثاني: اتجاه المشرع الجزائري
وقف المشرع الجزائري في هذا المجال موقفا وسطا بين النظامين الرئاسي والقضائي، حيث أنه حاول تجنب المساوئ والأخذ بمحاسن كل من النظامين سيما التعسف في استعمال السلطة بالنسبة للنظام الرئاسي، وطول الاجراءات في النظام القضائي. وذلك منذ الاستقلال، مسايرا للنظام الفرنسي الذي كان مطبقا في الجزائر أثناء الاحتلال، وبقي معتمدا هذا الموقف في جميع القوانين المتعلقة بالوظيفة العامة سواء الأمر 66/133 والمرسوم 85/59 أو في التعديل الأخير الصادر في الأمر 06/03 مع ادخال بعض التعديلات البسيطة في هذا المجال.
ويتجلى ذلك في اسناد صلاحيات توقيع العقاب للسلطة الرئاسية المباشرة عندما يتعلق الأمر بعقوبة من الدرجة الأولى أو الثانية، وذلك دون استشارة أي هيئة حسب المادة 125 و126 من المرسوم 85/59 والمادة 165/1 من الأمر 06/03 التي جاءت في نفس السياق، حيث تنص " تتخذ السلطة التي لها صلاحية التعيين بقرار مبرر العقوبات التأديبية من الدرجة الأولى والثانية بعد حصولها على توضيحات كتابية من المعني ".
ومنح لها أيضا تسليط العقوبة من الدرجة الثالثة والرابعة بعد أخذ رأي اللجنة الادارية المتساوية الأعضاء المجتمعة كمجلس تأديبي وذلك بنص المادة 165/2
" تتخذ السلطة التي لها صلاحية التعيين العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة بقرار مبرر بعد أخذ الرأي الملزم من اللجنة الادارية المتساوية الاعضاء والتي ...".
وتحدث المشرع عن هذه اللجان في المادة 62 من الأمر 06/03 وفي المواد 63، 64 من نفس الأمر على كيفية تشكيلها وعملها.
وهذه المجالس أو اللجان عبارة عن تشكيلة متساوية الأعضاء من ممثلين عن الادارة وممثلين عن الموظفين يرأسها أحد الاداريين.
وتجدر الاشارة بالنسبة لرأي هذه اللجان الى تبيان الفرق أو التعديل الذي جاء به المشرع الجزائري في الأمر 06/03 حيث أنه وبصريح العبارة في نص المادة 165/2 نص على الزامية رأي اللجنة الاستشارية- عند اجتماعها كمجلس تأديبي- للادارة في اتخاذ العقوبة التأديبية، بينما كان عبارة عن رأي استشاري في السابق، حيث ينص القانون على " يمثل الموظفين باتساوي مع الادارة، اللجان المتساوية الأعضاء المكلفة بالتدخل بصفة استشارية في التدابير المتعلقة بتعيين الموظفين ونظام تأديبهم. " باستثناء عقوبة العزل التي يكون فيها وجوب تطابق رأي اللجنة وقرار الادارة.
ومما تقدم يتضح لنا جليا أن النظام المتبع في الجزائر رئاسي وشبه قضائي، حيث أسندت مهمة التأديب للسلطة الرئاسية، وانشاء الى جانبها لجنة متساوية الأعضاء على مستوى كل هيئة، تختص بالنظر في المسائل الفردية الخاصة بالموظفين، والتي تعد بمثابة ضمان من الضمانات الممنوحة للموظف في وجه تعسف الادارة وانفرادها باتخاذ القرارات ضده.

المطلب الثاني: الضمانات الممنوحة للموظف تقوم معظم التشريعات في العالم، في مجال الوظيفة العامة. على تحفيز الموظفين النجباء ومكافأتهم وترقيتهم في المناصب التي يشغلونها، للزيادة في الاجتهاد والتفاني في خدمة الوظيفة العامة. ومعاقبة الموظفين الكسالى والمشاغبين المتسببين في عرقلة سير المرفق العام. وفي كلتا الحالتين تضع ضمانات سواءا للمكافئة أو العقاب، وإذا كانت هذه الضمانات لازمة في الحالة الأولى، فإنها ألزم في الثانية [41] ، لأن درء الأذى مقدم على جلب المنافع، لذلك يعتبر الضمان ركن أساسي في مجال التأديب، لأن من حق الموظف ومن دواعي الصالح العام إن يمكن هذا الأخير من الدفاع عن نفسه ومحاولة اظهار برائته، لأن التأديب في مجال الوظيفة العامة ليس الهدف منه مجرد العقاب، لكنه يرمي في المقام الأول الى سد الثغرات وتجنب وقوع الاخطاء مستقبلا [42] ، لذلك يسعى المشرع الى احاطة الموظف بمجموعة من الضمانات التي تمليها عدالة العقوبات التأديبية من جهة، وحماية الموظف وتمكينه من الدفاع عن نفسه في مواجهة سلطة التأديب [43] من جهة أخرى.
والواضح في هذا المجال أن الضمانات الممنوحة في نصوص العقوبات التأديبية في تزايد مستمر، مما يطمئن الموظف على كيانه ومستقبله، وهذا ما يتجلى بالنظر الى النصوص التشريعية في الدول، ويظهر أيضا في التدرج التشريعي الذي مر به النظام الأساسي للوظيفة العامة في الجزائر.
فالضمانات التي كانت مقررة في الأمر 66/133. ضئيلة بالمقارنة مع التي في المراسيم التالية له، وقررت ضمانات أخرى في التعديل الأخير 06/03 الذي تناولها في المواد من 166 الى 170 منه.
ومن بين هذه الضمانات، نذكر على الخصوص، اجراء التحقيق، حق الدفاع، اعلام الموظف بالتهم المتابع بها، حق الاطلاع على الملف، الرأي الاستشاري للمجلس التأديبي، ابلاغ الموظف المعاقب بقرار التأديب، التظلم، الطعن في القرارات، وسنتناوله بالشرح كما يلي:

الفرع الأول :الضمانات السابقة لصدور القرار التأديبي 1- إجراء التحقيق: نص المشرع الجزائري في المادة 171 من الأمر 06/03 " يمكن للجنة المتساوية الأعضاء المختصة المجتمعة كمجلس تأديبي طلب فتح تحقيق اداري ...".
واجراءات التحقيق تهدف الى اظهار الحقيقة، حتى يتسنى اثبات المخالفة في حق الموظف أو تبرئته منها.ويكون التحقيق أمرا جوازيا حسب نص المادة سالفة الذكر، أي بطلب من المجلس التأديبي.وحسب رأينا فإنه يكون في العقوبات الشديدة المصنفة من الدرجة الثالثة أو الرابعة.
والتحقيق في التشريعات المقارنة سيما الأردني والمصري فإنه اجباري بنص قانوني وذلك في حالتين: إذا ارتأت الجهة المختصة بالنظر في مخالفة أن تفرض على الموظف أي من الجزاءات التالية " بتنزيل الراتب، تنزيل الدرجة، الاستغناء عن الخدمة، وإذا ... هذه الجهة احالة الموظف الى مجلس التأديب [44] .
وفي أحكام لمحكمة العدل العليا قد أكدت على أنه لا يجوز للادارة معاقبة الموظف بغير اجراءات التحقيق [45] .
وقد استقر القضاء المصري على أن الأصل في مجال التأديب وجوب اجراء التحقيق قبل توقيع العقوبة. لأن ذلك من الأمور الهامة التي تقتضيها العدالة كمبدأ عام في المحاكمة الجنائية أو التأديبية، دون حاجة الى نص خاص [46] .
2- إعلام الموظف بالتهم المنسوبة اليه:
إن المشرع الجزائري الزم السلطة التي لها حق التأديب، باخطار المجلس التأديبي عن العقوبة التي تريد تسليطها على الموظف المختص. وإذا كانت من الدرجة الثالثة أو الرابعة يجب الحصول على الموافقة أي تطابق الرأي معها، كما ألزمها باحضار الموظف بالأفعال المنسوبة له، وذلك في المادة 167 من الأمر 06/03 حيث تنص:" يحق للموظف الذي تعرض لاجراء تأديبي أن يبلغ بالاخطار المنسوبة اليه ..." [47] ، وقيدها بالاجال في ذلك وهي 15 يوما من تاريخ تحريك الدعوى ضده حسب نفس المادة.
فالسلطة التأديبية بعد معاينة الأفعال التي تشكل خطأ مهنيا، تلتزم باخطار الموظف المخطأ بأنه سيمثل أمام المجلس التأديبي في تاريخ معين، وبالافعال التي يتابع من أجلها، وهذا الاخطار هو ضمان جوهري حيث يكون بامكانه تهيئة نفسه للدفاع واثبات البراءته.
3- استجواب الموظف المتهم:
وتعني مناقشة الوقائع والأفعال التي يفترض ان الموظف قد قام بها حسب اتهام الادارة وهو اجراء من الجراءات التحقيق الضرورية، وذلك حتى يعلم الموظف بالأفعال المنسوبة اليه ويكون على بينة من أجل تحديد أوجه دفاعه.
ورغم عدم النص صراحة على هذا الضمان، إلا أنه يستشف من النصوص الأخرى سيما المادة 169 التي تمنح للموظف حق تقديم ملاحظات كتابية أو شفوية، وأن يستحضر شهود.
4- سماع الشهود:
نص على هذا الحق في المادة 169 من الأمر رقم 06/03 " يمكن للموظف تقديم ملاحظات شفوية أو كتابية أو أن يستحضر شهودا.
ومن هذا النص، نرى أن استعمال كلمة شهودا باعتبارها وسيلة من وسائل الاثبات ،جاءت عامة فللموظف المتهم مناقشة الشهود الذين يقدمون من طرف الادارة لاثبات المخالفة في حقه، كما له أن يستحضر شهودا من أجل دحض ودرء التهمة المنسوبة له، وعلى اللجنة استدعاء الشهود وسماعهم بحضور المتهم، واعطائه الحق في مناقشة هذه الأقوال ودفعها اوتكذيبها بشهادات مماثلة.
5- كفالة حق الدفاع:
حق الدفاع يعتبر من قبيل الحقوق الاساسية والضمانات المكفولة دستوريا لأنه من المبادئ العليا في كل مجتمع، لذلك يجب احترامه وافساح المجال لتطبيقه، ونصت عليه المادة 57 من الأمر 66/133 واعاد تكريسه الأمر 06/03 في المادة 169/2 حيث تنص على:" ويحق له- أي للموظف- أن يستعين بمدافع مخول أو موظف يختاره بنفسه ". ويفهم من هذا النص أن للموظف الحق في حضور الجلسة، بل هو حق وواجب في نفس الوقت، وإذا تعذر عليه ذلك أو قدم مبرر شرعي للغياب أن ينوب عنه محاميه، وله الحق أيضا ابداء الدفاع شفاهة أو كتابة، شأنه في ذلك شأن الادارة، ويتم كل ذلك أثناء انعقاد المجلس التأديبي.
والملاحظ أن المشرع منح للموظف مجالا واسعا للدفاع عن نفسه.وتطبيقا لحق الدفاع أصدرت الغرفة الادارية للمجلس الأعلى بالعاصمة قرارا في 12/12/1962 في قضية السيد بن تومي ضد بلدية الاغواط جاء فيه " ان الاجراء التأديبي الذي اتخذ ضده دون اخطاره من طرف الادارة. بأنه ستوقع عليه عقوبة العزل ولم يطلب منه تقديم الدفاع عن نفسه، وعن الافعال المنسوبة له يعتبر بمثابة تجاوز للسلطة، وفصلت بعدم شرعية قرار العزل في 18/01/63 .
وفي الأخير نشير الى ان حق الدفاع يضمن للموظف عدة حقوق أخرى وهي واجبة على الادارة ويمكن ذكرها باختصار فيمايلي:
- وجوب احاطة الموظف المتهم بالتهم المنسوبة له. م167.
- السماح للموظف أو وكيله الاطلاع على أوراق الملف.
- وجوب اجراء التحقيق بحضور المتهم إلا إذا قدم عذرا شرعي عل الغياب أو افتضت المصلحة العامة ذلك. م 168 .
- السماح للموظف بالدفاع عن نفسه أو توكيل محامي. م 169 .
6- وجوب تبليغ الموظف المدان بالقرار التأديبي:
أوجب المشرع في المادة 172 من الأمر 06/03 على ابلاغ الموظف المعاقب بالقرار الصادر ضده وفيها بآحال لا تتعدى 8 أيام من تاريخ صدور القرار وذلك ليتسنى له حق الطعن.
7- تسبيب القرار التأديبي:
نعني باشتراط التسبيب، اشتماله على البيانات الضرورية. مثل الوقائع الموجبة للعقوبة، و الأسباب التي يبنى عليها القرار التأديبي، دون جهالة أو ابهام.
ويعتبر تسبيب القرار التأديبي من الضمانات الهامة التي تكفل عدالة العقوبة التأديبية، فهو فضلا على أنه يحقق المصلحة العامة من خلال تأديب الموظف الذي يخل بواجباته، فإنه يحقق ايضا المصلحة الخاصة للموظف المتهم من حيث ضمان عدالة العقوبة التأديبية المسلطة عليه وحمايته من تعسف سلطة التأديب وجورها، فضلا على أن التسبيب يمكن السلطة القضائية من تحري أسباب القرار والوقائع التي تبرر العقوبة التأديبية والأسباب القانونية التي استندت اليها الادارة في اصدار العقوبة بما يسمح لها – أي السلطة القضائية – من إعمال الرقابة على ذلك كله من حيث صحة تطبيق القانون على الوقائع [48] .
وإذا كان الأصل الذي استقر عليه الفقه والقضاء الاداريين أن الادارة غير ملزمة بسبب قراراتها إلا بوجود نص، أي أوجب القانون عليها ذلك، فإن تسبيب القرار التأديبي ضروريا وذلك بنص صريح في القانون الأساسي للوظيفة العامة، حيث نص عليه في المادة 125 من الأمر 85/59 واشترطه في المادة 126 ، وقال في الأولى" تقرر السلطة عقوبة الدرجة الأولى بمقرر من الأسباب" .
وفي الثانية عقوبة الدرجة الثانية بمقرر مبين الأسباب، وتناوله أيضا في الأمر 06/03 المتعلق بالوظيفة العامة في المادة 165 " تتخذ السلطة التي لها صلاحية التعيين بقرار مبرر، العقوبة التأديبية من الدرجة الأولى والثانية، بعد حصولها على توضيحات كتابية من المدعي.
وتتخذ السلطة التي لها صلاحية التعيين. العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة بقرار مبرر بعد أخذ الرأي الملزم من اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة والمجتمعة كمجلس تأديبي.
ويرتبط تسبيب القرار التأديبي كضمان من ضمانات التأديب بالضمانات الأخرى سواءا السابقة لتوقيع العقوبة أو اللاحقة لها، ويتمثل هذا الارتباط بالنسبة للأولى في تمكن الموظف من التحقق بأن المخالفة التي ووجت له في الاتهام هي التي تمت معاقبته عليها ، وكذلك تمكن الموظف المتهم من الدفاع عن نفسه، إ ذ أن تسبيب القرار التأديبي، يسهل مهمة الدفاع بتمكينه من معرفة الوقائع والأسباب التي ينازعها في القرار.
أما بالنسبة للثانية، أي التي تلي توقيع العقوبة، فتتمثل في رقابة القضاء الاداري على السلطة التأديب. عند تكييفها للاعمال التي اعتبرتها مخالفة، ومدى تناسب المخالفة مع العقوبة المقررة على الموظف، ولذلك جعل المشرع هذا العنصر ضروري وضمانا هاما للموظف في مجال الوظيفة العامة، ويتضمن تسبيب القرار ثلاث عناصر هامة أجمع الفقه والقضاء عليها، وهي:
1- تحديد الوقائع الموجبة للعقوبة : وهذا يقتضي أن تذكر السلطة، وتبين بوضوح الوقائع التي تستند اليها العقوبة بحيث يستطيع الموظف أو أي شخص آخر معرفة أسباب القرار الصادر في حقه بالعقوبة، من مجرد قراءته له.
2- بيان الأسس القانونية التي بني عليها القرار التأديبي: وهذا العنصر يقتضي أن يتضمن التسبيب الفعل الايجابي أو السلبي الذي يعد جريمة تأديبية، وهو بفعل ينطوي على الاخلال بواجب من الواجبات المفروضة على الموظف والمحددة في القانون.
3- الرد على ما يبديه الموظف المتهم من أوجه دفاع: ويبقى هذا العنصر مناقشة أقوال وأدلة الموظف، فإذا لم يرد القرار التأديبي في أسبابه على دفوع المتهم، أو كان الرد قاصرا فإنه يمكن ابطال القرار لهذا السبب أو ذاك.

الفرع الثاني: الضمانات اللاحقة على توقيع القرار التأديبي لا يعني إصدار قرار تأديبي بشأن مخالفة تأديبية ضد موظف توقيع هذاالجزاء مباشرة، بل هناك ضمانات وحقوق أخرى جوهرية لاحقة على مساءلته، وهذه الضمانات هي التظلم الاداري أمام الجهة الادارية ولجنة الطعن، والطعن قضائيا أمام مجلس الدولة [49] ، وسنتناول العنصرين كل على حدى على النحو التالي:
1- التظلم الاداري: يمكن تعريف التظلم الاداري بأنه شكوى أو طلب يرفع من قبل الموظف الصادر في حقه قرارا تأديبيا، الى السلطة المختصة بنظر هذا التظلم، فقد تكون هي مصدرة القرار – تظلم ولائي – وقد تكون سلطة تعلو تلك المصدرة، - تظلم رئاسي- أو أي هيئة مستقلة تختص بالرقابة، والغرض منه هو اعادة النظر في القضية ومراجعة القرار إما بسحبه أو تعديله، أو الغائه [50] .
أ‌- التظلم الولائي : gracieux le recoure administratif
يجوز للموظف المعاقب بقرار اداري، رفع تظلم أمام السلطة التي أصدرت قرار العقوبة ضده، يطلب فيه اعادة النظر في هذا الأمر، وعليه أن يوضح في هذا الالتماس الأسباب التي يستند اليها في طعنه، وللسلطة الرئاسية أن تقبل التظلم أو ترفضه حسبما تراءى لها، وما يكون متفقا وأحكام القانون وحسن سير المرفق العام.
ب- التظلم الرئاسي: hiérarchique le recoure administratif
وهنا يكون التظلم إما السلطة الرئاسية التي تعلو السلطة مصدرة القرار التأديبي، ولهذه الأخيرة مراقبة مدى قانونية القرار وفي حالة خلافه للقانون تقوم بالغائه.
وفي كلتا الحالتين السابقتين فإن عدم رد الادارة على التظلم يعتبر بمثابة قرار رفض ضمني للتظلم.
ج‌- التظلم أمام لجنة الطعن: يجوز للموظف المعاقب تقديم تظلم أمام اللجنة الادارية الشرعية في حالة اصدار قرار من هذه الأخيرة مخالفا لرأي المجلس [51] . وللمجلس أن يصدر توصية غير الزامية للسلطة الرئاسية في اقتناعه بطعن الموظف [52] .
وقد اعتمد المشرع الجزائري التظلم الاداري أمام لجنة الطعن وذلك بالنص عليها في المادة 175 من القانون الاساسي للوظيفة العامة 06/03 حيث تنص: "يمكن للموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة أن يقدم تظلم أمام لجنة الطعن المختصة في أجل أقصاه شهر ابتداءا من تاريخ تبليغه".
وتناول في المواد 62، 65، 66، 67 من نفس الأمر كيفية تشكيلها وطبيعة عملها [53] .
فإذا أصدر قرار تأديبي من الدرجة الثالثة أو الرابعة، أي من المجلس التأديبي كان له الحق في رفع تظلم أمام لجنه الطعن.
وما هو جدير بالذكر في هذا الموضوع أن المادة السالفة الذكر تحدثت عن العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة دون سواها مما يجعلنا نقول أن العقوبات من الدرجة الأولى والثانية لا يمكن التظلم فيها أمام هذه اللجنة ولا ندري أي جهة مختصة بذلك، ويكون ميعاد التظلم شهر واحد من تاريخ تبليغ القرار الى المعني [54] .

- الطعن بالإلغاء في القرارات التأديبية:
بعد أن يستنفد الموظف جميع الضمانات الادارية وإذا لم تجدي له نفعا، يبقى أمامه طريق وحيد وهو اللجوء الى القضاء للطعن في القرارات التأديبية الصادرة ضده إذا كانت غير مشروعة [55] .
وتعد الرقابة القضائية آخر ضمان يلجأ إليه الموظف إذا لم تسعفه الضمانات الأخرى، إذ أن مصدر القرار قد يرفض الاعتراف بالخطأ وقد يجاريه رئيسه [56] . وفق كل هذا فلا يمكن ترك الخطأ بين الادارة والأفراد لتفصل فيه الادارة نفسها لأن من مقتضيات العدالة أن لا يكون الخصم حكما في نفس الوقت، ولأن هذا يزرع عدم الثقة في أوساط الموظفين [57] .
والأصل في رقابة القضاء سواءا الفرنسي أو الجزائري أنها رقابة مشروعة أو مطابقة بين الواقع والقانون وليست رقابة ملائمة، أي أن القاضي الاداري يراقب مدى سلامة القرار التأديبي من العيوب التي قد تؤدي الى الغائها، وليس له أن يراقب مدى ملائمة العقوبة التأديبية للجريمة الإدارية الا في اطار عيب اساءة استعمال السلطة اذ ان السلطةالإدارية تتمتع بكل صلاحية في تقدير واختيار العقوبة الملائمة. ويكون الطعن في حالتين:
الحالة الأولى: حالة الموظف الذي يطعن في قرار سلطة تأديبية امام المجلس الأعلى للوظيفة العامة، فيرفض هذا المجلس التظلم أو لا يجيب عليه، ففي هذه الحالة يجوز للموظف أن يستأنف قرار المجلس الأعلى للوظيفة أمام مجلس الدولة.
الحالة الثانية: حالة الموظف المعين بمرسوم رئاسي أو وزاري أي من طرف سلطة مركزية، فيجوز له الطعن في قرارات التأديب – بعد التظلم – أمام مجلس الدولة [58] .
وفي مسألة تحديد الاختصاص بين مجلس الدولة والمحاكم الادارية فهذا حسب رأينا من خلال دراسة المادة 65 من الأمر 06/03 " تنشأ لجنة الطعن لدى كل وزير وكل والي وكذا لدى كل مسؤول مؤهل ... [59] ". إن هناك عدة لجان للطعن، تكون على المستوى المحلي وعلى مستوى الوزارة. وبالتالي فإن الطعن في القرارات الصادرة من الهيئات المحلية، يكون أمام المحاكم الادارية، أما الطعن في القرارات الصادرة من الهيئات أو لجان الطعن الوزارية، فيكون أمام مجلس الدولة كأول درجة.
ويكون الطعن بالنقض في جميع القرارات التأديبية سواءا الصادرة من المحاكم الادارية أو من مجلس الدولة أمام مجلس الدولة كمحكمة نقض [60] .
ويترتب على مخالفة القانون أو الاخلال بالضمانات التأديبية ابطال الاجراء التأديبي من طرف مجلس الدولة، وما يترتب على ذلك من نتائج ترتبط بهذا الابطال.
] - الدكتور حسن بوصقيعة، الوجيز في شرح القانون الجنائي العام.
[2] - قانون العقوبات، م 5 منه.
[3] - المستشار عبد الوهاب البنداري،،العفوبات التاديبية دار الفكر العربي ص112.
[4] - الأمر 66/133.
[5] - م.124، المرسوم 85/59.
[6] - م.163، الأمر 06/03.
[7] - المستشار عبد الوهاب البنداري، المرجع السابق، ص رقم112.
[8] - المادة 2/2 من الأمر 06/03
[9] - قانون الخدمة في الجيش
[10] القانون الأساسي للقضاء
[11] د . عبدالوهاب البنداري العقوبات التاديبية للعاملين المدنيين بالدولة و القطاع العام دراسة فقهية دار الفكر العربي
[12] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة
[13] قانون العقوبات الجزائري مادة 06
[14] عبدالوهاب البنداري العقوبات التاديبية للعاملين المدنيين بالدولة و القطاع العام دراسة فقهية دار الفكر العربي
[15] سليمان محمد الطماوي المرجع السابق
[16] د . عبدالوهاب البنداري العقوبات التاديبية للعاملين المدنيين بالدولة و القطاع العام دراسة فقهية دار الفكر العربي
[17] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة
[18] عبدالوهاب البنداري المرجع السابق
[19] د . عبدالوهاب البنداري العقوبات التاديبية للعاملين المدنيين بالدولة و القطاع العام دراسة فقهية دار الفكر العربي
[20] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة [21] سعيد بوشعير التاديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[22] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري المرجع السابق
[23] د –كنعان نواف قضاء التاديب القانون الإداري الكتاب الثاني الوظيفة العامة
[24] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة [25] سعيد بوشعير التاديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[26] الأمر رقم 06/03 الميعلق بالقانون الاساسي للوظيفة العامة. المواد 48 و49
[27] علي خطار الشنطاوي الوجيز في القانون الاداري دار وائل للنشر
[28] المواد 301 و302 من قانون العقوبات
[29] المرسوم رقم 85/59 المادة 17
[30] سعيد بوشعير التأديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[31] سعيد بوشعير التأديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[32] سعيد بوشعير التاديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[33] سعيد بوشعير التاديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[34] الامر رقم 06/03 المادة 43 +الامر 66/133 المادة 14
[35] علي خطار الشناوي المرجع السابق
[36] د –كنعان نواف قضاء التاديب القانون الإداري الكتاب الثاني الوظيفة العامة
[37] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة [38] علي جمعة محارب المرجع السابق
[39] [39] الامر رقم 06/03 المادة 43 +الامر 66/133 المادة 14
[40] كمال رجماوي تاديب الموظف العام في القاتون الجزائري دار الهومة الطبعة 2003
2 سعيد بوشعير التاديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[41] سعيد بوشعير التاديب في الوظيفة العامة طبعة 1989
[42] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة
[43] د عبد الوهاب البنداري المرجع السابق ص 254
[44] د –كنعان نواف قضاء التاديب القانون الإداري الكتاب الثاني الوظيفة العامة
[45] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة
[46] محمد بوضياف الجريمة الياديبية للموظف العام ةفي الجزائر
[47] الامر 06/03
[48] علي جمعة محارب التاديب الاداري في الوظيفة العامة دراسة مقارنة دار الثقافة ص306
[49] د –كنعان نواف قضاء التاديب القانون الإداري الكتاب الثاني الوظيفة العامة
[50] سلامي عمور محاضرات في مادة المنازعات الادارية
[51] علي جمعة محارب المرجع السابق ص 240
[52] علي جمعة محارب المرجع السابق ص 240
[53] الامر رقم 06/ 03
[54] الامر 06/ 03
[55] علي جمعة محارب المرجع السابق ص 244
[56] د سليمان محمد الطماوي ,القضاء الإداري .قضاء التأديب الكتاب الثالث دراسة مقارنة ص-354
[57] علي خطار الشناوي المرجع السابق ص286
[58] علي خطار الشناوي المرجع السابق ص286
[59] المادة 65 من الامر 06/ 03
[60] علي خطار الشناوي المرجع السابق .

look/images/icons/i1.gif النضام التأديبي في الوضائف المدنية
  19-06-2021 07:40 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 19-06-2021
رقم العضوية : 28132
المشاركات : 1
الجنس :
تاريخ الميلاد : 17-6-1984
قوة السمعة : 10
المستوي : ثانوي
الوظــيفة : كاتب
ما شاء الله

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
النضام ، التأديبي ، الوضائف ، المدنية ،









الساعة الآن 07:18 AM