logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





27-11-2014 02:51 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1156
المشاركات : 316
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 260
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : كاتب

مفهوم التوقيف للنظر حسب التشريع الجزائري
المبحث الأول: نطاق تطبيق الحجز تحت النظر
المطلب الأول: تعريف و مشروعية التوقيف للنظر
المطلب الثاني: الأشخاص المختصون بإصدار قرار التوقيف للنظر
المطلب الثالث: الإستثنائات


المبحث الثاني : الضمانات المتعلقة بالاستيقاف و التوقيف للنظر
المطلب الثاني: ضمانات الإستقاف
المطلب الثاني : الضمانات المتعلقة بالتوقيف للنظر
المبحث الثالث: حقوق الموقوف للنظر
المطلب الاول: تمكين الشخص المحجوز من الاتصال بعائلته
المطلب الثاني: حق الموقوف للنظر في السلامة الجسدية و الكرامة الإنسانية
المطلب الثالث: العقوبات المقررة للمساس بإحدى الضمانات
خاتمة


تمهيد
تمر الدعوى العمومية بمجموعة من المراحل أولها مرحلة التحقيق الابتدائي ، و هي مرحلة أولية من اختصاص جهاز الضبطية القضائية،تهدف الى البحث و التحري عن الجرائم و مرتكبيها،و الى حماية المصلحة العامة و ذلك عن طريق كشف الحقيقة من اجل اقتضاء الدولة لحقها في العقاب تكتسي هذه المرحلة أهمية بالغة لكونها تمس بأحد الحقوق الأساسية للإنسان ألا و هي حريته ، ونظرا لأهميتها أعطى المشرع لضباط الشرطة القضائية مجموعة من الصلاحيات منها العادية ومنها الاستثنائية التي تتضمن تعرضا لحقوق و حريات الأفراد بتقييدها ،هذه الصلاحيات فرضتها تنامي الظاهرة الإجرامية و تطور الأساليب المستخدمة فيها ونظرا لكون هذه الصلاحيات قد تمس بحقوق و حريات الأفراد المقررة قانونا ،نجد أن أغلب قوانين الدول نظمت هذه الصلاحيات ووضعتها في أطر قانونية محددة لا يجوز الخروج عنها لضمان ممارستها في ظل احترام حقوق الإنسان ، و عليه ينبغي على ضباط الشرطة القضائية عدم الخروج عنها و الا تقوم مسؤوليتهم الشخصية فمن بين هذه الصلاحيات التي تمكن ضباط الشرطة القضائية و تساعدهم على تقصي الحقيقة و كشف الملابسات المرتبطة بارتكاب الفعل المجرم هو التوقيف للنظر إذ يتم تقييد حرية هذا الشخص المشتبه فيه و وضعه تحت رقابة و تصرف الضبطية القضائية مدة معينة للتحقق و التحري عنه متى توافرت دلائل قوية و متماسكة تدل على ارتكابه الفعل المجرم .

مقدمة
إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعتمد في 10 .12 .1948 هو أول وثيقة دولية منظمة لأهم مبادئ ضمانات حقوق الإنسان، إذ ورد في دباجته ضرورة الاعتراف بكرامة الإنسان ... و بالحقوق المتساوية و الثابتة التي تقوم على أساس الحرية و العدل و السلام في العالم رغم هذا فإننا نجد أن الشريعة الإسلامية الغراء سبقت المواثيق الدولية في الإعلان عن هذه الحقوق، و نلتمس ذلك من خلال العديد من الآيات القرآنية الكريمة و أحاديث الرسول "ص"
قال تعالى" هو الذي جعل لكم الأرض دلولا فأمشوا في مناكبها و كلوا من رزقه و إليه النشور " سورة الملك

جميع الحريات مصانة و محفوظة في الإسلام فلا يحق لأحد أن يتعدى على حرمات الناس و قد جسد ذلك في الضمانات المختلفة التي يتمتع بها الفرد المسلم إن التحري عن الجرائم و البحث عن مرتكبيها يستلزم بالضرورة تمكين عناصر الشرطة القضائية من الوسائل الإجرائية التي تساعدهم على تقصي الحقيقة و كشف الملابسات المتعلقة بظروف اقتراف الفعل الإجرامي و معرفة الفاعل و من تلك الوسائل إمكانية الإبقاء على الشخص محل الشبهة تحت تصرفهم لمدة معينة للتحري معه

إن رجل الأمن يضطر إذن إلى القبض على الأشخاص و توقيفهم للنظر لمدة معينة تسمح له بفحص هويتهم و علاقتهم بالجريمة أو المجرم سواء كانت علاقة مباشرة أو غير مباشرة ، لذا وضع المشرع نصوصا تكفل ضمانات للمشتبه فيه موضوع التوقيف للنظر، و تراعي التوفيق بين هدفين يتمثلان في وقاية الأفراد من تعسف رجال الأمن و في ذات الوقت تمكينهم من أداء وظيفتهم المتمثلة في فرض احترام نظام عام و تنفيذ القانون و مكافحة الجريمة
نظم المشرع الجزائري إجراء التوقيف للنظر و صاغه في أحكام قانونية تحدد بشكل واضح الحالات التي يخول فيها القانون لضابط الشرطة القضائية توقيف للنظرشخص من الأشخاص و ما هي المبررات التي تسمح له بذلك و المدة الزمنية و الشكليات التي يجب مراعاتها لتنفيذ هذا الإجراء ، والتي تعد ضمانات للمشتبه فيه
لبيان تلك الضمانات نتناول هذا البحث في النقاط التي تعرف التوقيف للنظر و ضماناته و مشروعيته و مبررات التوقيف للنظر و شكلياته وضمانات الموقوف للنظر و الحقوق المقررة له

المبحث الأول : نطاق تطبيق الحجز تحت النظر
إن التوقيف للنظر يتظمن الاشخاص المختصون في اصدار قرار التوقيف للنظر وكذا الاشخاص محل هذا الإجراء ,حيث تم تحديدهم وفقا للتشريع المعمول به وسنتطرق الى ذالك ضمن العناصر التالية
المطلب الأول: : تعريف و مشروعية التوقيف للنظر:
قبل أن نعرف إجراء التوقيف للنظر، نلاحظ أن هناك تذبذب و عدم الالتزام بعبارة موحدة بالنسبة لمختلف التشريعات العربية، فالمشرع الجزائري أسماه التوقيف للنظر في كل من المادة 48 من الدستور (دستور 1996) و المادتين 51 و 65 من قانون الإجراءات الجزائية ، على غرار المشرع الموريطاني الذي أسماه مرة بالحجز و أخرى بالإيقاف ،أما المشرع المغربي فعبر عنه بالإيقاف رهن الإشارة مرة و الوضع تحت المراقبة مرة أخرى. و الشخص محل التوقيف هو ذلك الشخص الذي لا يخلى سبيله و لا سيما بعد سؤاله و أخذ أقواله

و يعرف الأستاذ عبد العزيز سعد إجراء التوقيف للنظر مسميا إياه بالاحتجاز كما يلي:الاحتجاز عبارة عن حجز شخص ما تحت المراقبة و وضعه تحت تصرف الشرطة القضائية لمدة 48 ساعة على الأكثر بقصد منعه من الفرار أو طمس معالم الجريمة أو غيرها ريثما تتم عملية التحقيق و جمع الأدلة تمهيدا لتقديمه عند اللزوم إلى سلطات التحقيق

أما الدكتور محدة فيعرفه بأنه" اتخاذ تلك الاحتياطات اللازمة لتقييد حرية المقبوض عليه و وضعه تحت تصرف البوليس أو الدرك مدة زمنية مؤقتة تستهدف منعه من الفرار و تمكين الجهات المختصة من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده

و يعرفه الأستاذ شارل بارا ( CHARLES PARRA ) بأنه" إجراء بوليسي ينفذ بأمر من ضابط الشرطة لقضائية لضرورة التحري بموجبه يوضع المشتبه فيهم تحت تصرف مصالح الشرطة أو الدرك في محلات أو أماكن معينة لفترة زمنية متغيرة مدتها 24 ساعة أو 48 ساعة حسب الحالات
تقدير التعريفات السابقة و التعريف المقترح من خلال المقارنة بين التعريفات المذكورة يمكننا استخلاص العناصر الأساسية لهذا الإجراء الخطير و التي نوجزها فيما يلي
- التوقيف للنظر إجراء ضبطي (بوليسي)من إجراءات التحريات الأولية .
- إجراء فيه تقييد لحرية الشخص و إبقائه تحت تصرف الشرطة أو الدرك .
- الحجز يكون لفترة زمنية مؤقتة يحددها القانون .


بقي أن نشير إلى أن التعريف الثالث للأستاذ شارل بارا يبدو في تقديرنا الأكثر دقة إذا ما وضعناه في سياق التشريع الفرنسي أما بالنسبة للتشريع الجزائري فلا يكون جامعا مانعا بالنسبة لتحديد المدة الزمنية

و لقد عرفه الكاتب أحمد غاي ، ماجستار في العلوم الجنائية ، على النحو التالي:"التوقيف للنظر إجراء بوليسي يأمر به ضابط الشرطة القضائية لضرورة التحريات الأولية بموجبه يوضع المشتبه فيه تحت تصرف مصالح الأمن ( الدرك- الشرطة) في مكان معين و طبقا لشكليات و لمدة زمنية يحددها القانون حسب الحالات"

المطلب الثاني: الأشخاص المختصون بإصدار قرار التوقيف للنظر
ان قانون الاجراءات الجزائية قد حدد الفئة التي يمكن لها اصدار قرار توقيف الاشخاص للنظر في اطار التحقيق ، على النحو التالي
ضباط الشرطة القضائية-

تختص هذه الفئة وحدها دون الاعوان باصـــدار قرارات التوقيف للنظر,لما يمثله هذا الإجراء من خطورة على الحريات الفردية
وتؤكد النصوص المنظمة لتوقيف للنظر ان ضباط الشرطة القضائية وحدهـــم المختصون للقيام بهذا الاجراء دون غيرهم من افراد الشرطة القضائية ,وان هــذه الصلاحيات تم استنباطها من نص المادة51 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنــص :(( اذا راى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق ان يوقف للنظر شخص او اكثر ......))، و المادة 65 من نفس القانون التي تنص(( اذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضابط الشرطة القضائية الى ان يوقف للنظر شخصا ......)) ، كما نصت المادة 141 ق ا ج (( اذا اقتضت الضرورة لتنفيذ الانابة القضائية ان يلجا ضابط الشرطة القضائية ان يوقف شخص للنظر .... ))

ولقد حددت المادة 15 من نفس القانون الأشخاص اللذين لديهم صفة الضبطية القضائية على النحو التالي
-رؤساء المجالس الشعبية البلدية
-ضباط الدرك الوطني
-محافظو الشرطة
-ضباط الشرطة
-ذوو الرتب في الدرك ، و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل و اللذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الدفاع الوطني ، بعد موافقة لجنة خاصة .
-مفتشو الأمن الوطني الذين قضوافي خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل و عينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الداخلية و الجماعات المحلية بعد مراقبة لجنة خاصة .
-ضباط و ضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر بين وزير الدفاع الوطني و وزير العدل.

2 –قضاة النيابة والتحقيق
لقد نصت المادة 12 من قانون الاجراءات الجزائية (( يقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء ...)) حيث لم تنص صراحة النصوص القانونية ان لقضاة النيابة صفة الضبطية القضائية ، معدا بالنسبة لوكيل الجمهورية الذي نصت بشأنه المادة 36 من نفس القانون صراحة ، أن لديه السلطات و الصلاحيات المرتبطة بصفة ضابط الشرطة القضائية ، كما نستخلص ذلك أيضا من نص المادة 56 من القانون ذاته , التي تنص (( ترفع يد ضايط الشرطة القضائية عن التحقيق بوصول وكيل الجمهورية الى مكان الحادث ويقوم وكيل الجمهورية باكمال جميع اعمال الضبط القضائي المنصوص عليها في هذا الفصل ....)) لذلك نستنتج ان لقضاة النيابة صفة الضبطية القضائية باعتبار وكيل الجمهورية ينتمي الى هذه الفئة .

كذلك يتمتع بصفة الضبط القضائي قضاة التحقيق ,بحيث انه في مرحلة التحريات الاولية يجوز لهم ممارستها , و مما يدل انه لقاضي التحقيق صفة الضبط القضائي هو مباشرته لبعض الاعمال في الجريمة المتلبس فيها , حيث نصت المادة 60 من ق ا ج : (( اذا حضر قاضي التحقيق لمكان الحادث فانه يقوم باتمام اعمال ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليها في هذا الفصل .....))

وكما هومعروف ان قاضي التحقيق لا يستطيع ان يقوم بتحقيق قضائي الا بعد طلب افتتاحي من وكيل الجمهورية , غير انه اذا حضر الى مكان الحادث فانه باستطاعته ان يتم اعمال رجال الضبطية القضائية والاتمام لا يكون الا لحامل تلك الصفة ,وعليه فانه ملزم بعد الانتهاء من هذه الاجراءات بارسال جميع اوراق التحريات الى وكيل الجمهورية ،نفسها نفس التحريات المرسلة اليه من قبل ضباط الشرطة القضائية ،الامر الذي يجعلنا نجزم بان له صلاحياتهم .

3 – الـــولاة :
لم تمنح للوالي صفة الضبطية القضائية الا في الاحوال الاستثنائية والمقيدة بشروط في المادة 28 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص: (( يجوز لكل والي في حالة وقوع جناية او جنحة ضد امن الدولة وعند الاستعجال فحسب ، اذا لم يكن قد وصل الى علمه ان السلطة القضائية قد اخطرت بالحادث ان يقوم بنفسه باتخاذ جميع الاجراءات الضرورية لاثبات الجنايات او الجنح الموضحة انفا او يكلف بذلك كتابيا ضباط الشرطة القضائية المختصين واذا استعمل الوالي هذا الحق المخول له فانه يتعين عليه ان يقوم فورا بإبلاغ وكيل الجمهورية خلال 48 ساعة التالية لبدا هذه الاجراءات وان يتخلى عنها للسلطة القضائية ويرسل الاوراق لوكيل الجمهورية ويقدم له جميع الاشخاص المضبوطين.

من خلال الفقرة الأخيرة يتبين أن للوالي سلطة توقيف الأشخاص طبقا للشروط المذكورة أعلاه ، كما يمكنه أن يسلمهم إلى ضابط الشرطة القضائية المختص إقليميا ، و لأسباب عملية تكون الطريقة الأخيرة المتبعة .

المطلب ااثالث : الاشخاص محل التوقيف للنظر
أن ضابط الشرطة القضائية منحته النصوص القانونية صلاحيات لتوقيف أي شخص للنظراذا راى فائدة من وراء ذلك تفيد التحريات التي يجريها في اطار محاربة الجريمة كقاعدة عامة , غير انه يستثنى من ذلك بعض الفئات .

1-القاعدة العامة :
من خلال قانون الاجراءات الجزائية خاصة المواد :50,51,65,و 141 يتبين لنا ان لضابط الشرطة القضائية الحق في توقيف الاشخاص للنظر ، اذا ما راى ضرورة لذلك ولكن عليه ابلاغ وكيل الجمهورية أو القاضي المختص ,هذا الابلاغ لم يشترط فيه القانون ان يكون قبل التوقيف للنظر وانما كل ما اشترطه ان يكون حالا ويقدم له تقرير عن دواعي التوقيف للنظر واذا لم ير وكيل الجمهورية ( قاضي التحقيق في مجال التوقيف للنظر في اطار تنفيد انابة قضائية ) مبررا لذلك امر باطلاق سراح الشخص المقدم له ,والا استمر التوقيف للنظر نافذا وساري المفعول للمدة القانونية اللازمة .
ان اللجوء الى توقيف الاشخاص للنظر ,اجراء استثنائي في حالة الضرورة يتم بتوفر شرطين اساسين هما :

-ان يكون قد ارتكب جناية او جنحة معاقب عليها بالحبس , حيث انه اذا كانت الجنحة غير معاقب عليها بالحبس فلا يحق اتخاذ اجراء التوقيف للنظر طبقا لنص للمادة 55 من ق ا ج التي تنص:(تطبق نصوص المواد من 42الى 54 في حالة الجنحة المتلبس بها في جميع الاحوال التي ينص فيها القانون على عقوبة الحبس)

-ان تكون هناك مصلحة من وراء التوقيف للنظر, هذه المصلحة اما لفائدة التحقيق كالخوف منه في اطفاء او طمس معالم الجريمة او اخفاء اثارها او زيادة في الاجرام , او لفائدته هو شخصيا كالخوف عليه من توقيع القصاص او زيادة هياج الجماهير عند رؤيته طليقا , فاذا انعدم أي مبرر فلا داعي لتقييد حرية الشخص , غير ان التوقيف للنظر يختلف من حالة الى اخرى وهذا حسب اطر التحقيق المختلفة المخول ممارستها لضابط الشرطة القضائية.

2-أثناء تنفيذ إنابة قضائية :
إذا أستدعت الضرورة إلى توقيف شخص للنظر من طرف ضابط الشرطة القضائية خلال تنفيذه لإنابة قضائية ، جاز له ذلك بشرط أن يقدمه خلال 48 ساعة إلى قاضي التحقيق المتواجد في الدائرة التي يجري التنفيذ فيها الإنابة القضائية ، فضلا على ذلك فإن ضابط الشرطة القضائية مجبر على إحترام الأحكام التي تضمنتها المواد من : 51 إلى 53 ، وهذا وفقا لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص : ((إذا أقتضت الضرورة لتنفيذ الإنابة القضائية أن يلجأ ضابط الشرطة القضائية لتوقيف شخص للنظر . . . ))
تطبق الأحكام المنصوص عليها في المادتين 51 مكرر و51 مكرر/1 من هذا القانون على إجراءات التوقيف للنظر التي تتخد في إطار هذا القسم .

يمارس قاضي التحقيق صلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية بمقتضى المادتين 51 و52 الفقرة الأخيرة من هذا القانون ، وينوه في المحاضر طبقا للأوضاع المنوصوص عليها في المادتين 52 و53 بإجراءات التوقيف للنظر الذي يتخد بهذه الكيفية بمعرفة ضابط الشرطة القضائية من خلال ذلك يتبين أن الفرق بين التوقيف للنظر في حالتي التلبس والتحقيق الإبتدائي يخلف عن حالة الإنابة القضائية ، حيث أن ضابط الشرطة القضائية يرجع إلى وكيل الجمهورية في حالتين الأوليتين في حين يتعامل مع قاضي النحقيق في الحالة الثالثة .

المطلب الثالث الإستثنائات
الصلحيات التي منحت لضابط الشرطة القضائية في مجال التوقيف للنظر ليست مطلقة ، لوجود أشخاص لا يمكن توقيفهم للنظر مهما كان نوع الجريمة إلا استثناء محدود للغاية و هم:
1-المتمتعون بالحصانة الديبلوماسية
يقصد بها تلك الامتيازات التي تخص بها الدولة بعض الأجانب التي تصل إلى درجة عدم إخضاعهم لولاية القضاء الوطني، و يكون ذلك عادة أما بناءا لنصوص قانونية داخلية و أما بناءا على معاهدات تكون الدولة طرفا فيها أو عن عرف دولي، فهناك مبدأ يسود العلاقات الدولية و هو مبدأ (المعاملة بالمثل) و نذكر فيما يلي اللذين هم معفون من ولاية القضاء الوطني:
1رؤساء الدول الأجنبية (الحاليون و السابقون)و أفراد أسرهم و حواشيهم.
2الديبلوماسيون و أعضاء البعثات السياسية و اسرهم المقيمين معهم.
3 القناصل و أعضاء السلك القنصلي أثناء قيامهم بأعمالهم.
4البعثات الخاصة.
5قادة الطائرات و السفن الحربية.
6قوات الطوارئ الدولية.

تجدر الإشارة إلى أن حصانو الممثلين الديبلوماسيين هي حصانة شخصية تضمن لهم تأدية مهمتهم، فلا يمكن أن يسجنوا أو يوقفوا لأي سبب كان، كما أنهم يعاملون بكل إحترام من طرف الدول المعتمدين لديها و التي يجب أن تتخد كل الإجراءات اللازمة لحماية حرياتهم، بناء على ما جاء في معاهدة فيينا للعلاقات الديبلوماسية البند 29 ، ضف إلى ذلك حرية تنقلهم طيلة تواجدهم على إقليم هذه الدولة.

أما النوع الثاني من الحصانة التي يتمتع بها الممثل الديبلوماسي هي الحصانة القضائية، حيث أنه لا يمثل أمام المحاكم القضائية للدول المتواجد بها، و تكون مطلقة في مجال قانون العقوبات سواء عند قيامه بتجاوزات أو جرائم أو عند ضبطه متلبسا بها

2-موظفو المنظمات الدولية و المنظمات الأقليمية :
تطبق عليهم نفس الإجراءات المذكورة أعلاه .
3-المتمتعون بالحصانة البرلمانية
تمنح هذه الحصانة لنواب البرلمان و نواب مجلس الأمة، لتمكينهم من أداء واجباتهم الوطنية . و لقد نصت المادة 111 من قانون العقوبات " يعاقب بالحبس لمدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كل قاض أو ضابط بالشرطة القضائية يجري المتابعات أو يصدر أمرا أو حكما أو يوقع عليهما ، أو يصدر أمرا قضائيا ضد شخص متمتع بالحصانة القضائية في غير حالات التلبس بالجريمة دون أن يحصل قبل ذلك على رفع الحصانة وفقا للأوضاع القانونية ".

المبحث الثاني : الضمانات المتعلقة بالاستيقاف و التوقيف للنظر
المطلب الأول : ضمانات الإستقاف
1- تعريف الاستيقاف:
يعرف القانونيون الاستيقاف بأنه إجراء بمقتضاه يحق لرجل القوة العمومية أن يوقف شخص لسأله عن هويته و حرفته و محل إقامته و وجهته و يعرفه رابح لطفي جمعه كما يلي: " هو أن يستوقف رجل الشرطة شخصا اشتبه في أمره بقصد التحري عنه فهو ليس قبضا و لا يرقى إلى مرتبة القبض بل هو مجرد إجراء يجب أن يتوفر لاتخاذه ما يبرره من مظاهر تدعو للريبة و الشك و لاشتباه في أمر المستوقف.

يختلف الاستيقاف عن القبض من حيث المبررات و الأشخاص الذين يخولهم القانون مباشرته و الآثار المترتبة عنهما، فالقبض أصلا من إجراءات التحقـــيق

و لا يتم إلا بناء على أمر قضائي (المادة:109 و المادة:119 ق.إ.ج)، أو بعد ارتكاب جريمة سواء في إطار إجراءات الجريمة المتلبسة أو إجراءات التحقيق الأولي ، و القبض هو " الحد من الحرية الشخصية بحيث لا يترك للشخص فيما يفعله ، و لو تطلب الأمر إستعمال القوة عند اللزوم .

أما الاستيقاف فلا يخول رجل الأمن تفتيش المستوقف إلا في حدود ضيقة أي تفتيشه تفتيشا أمنيا للتأكد من عدم حيازته على سلاح أو أدوات يمكن أن يعرض رجل الشرطة للخطر، و لا يجوز تفتيش الأشخاص دون مبرر أو دلائل كافية و هذا لسد أي ذريعة تبيح استيقاف الأشخاص و تفتيشهم، و هذا ما نجده في نص المادة:47 من الدستور " لا يتابع أحد و لا يوقف "

الإستقاف لا يبيح في ذاته إستعمال القوة معه ، و إنما ينحصر في مجرد إيقافه في الطريق لسؤاله عن إسمه و صنعته و عنوانه و وجهته بسبب مشاهدة هذا الشخص في وضع تحوطه الريب و الشبهات و ينبىء عن ضرورة تستلزم تدخل رجل القوة العمومية للكشف عن حقيقته.

2- التفتيش الجسدي الوقائي أو الأمني
تفتيش شخص ما يعتبر انتهاكا لحقوقه و حرمة شخصيته و لكن ذلك يصبح مبررا و مقبولا إذا ما تم في الحالات و طبقا للإجراءات التي نص عليها القانون، فالتفتيش من الضروريات التي يجب إليها من قبل رجل الأمن في إطار تنفيذ التحريات الأولية ، و تفتيش الأشخاص يدخل ضمن تفتيش الوثائق أو التفتيش الأمني.

إن تفتيش الأنثى لا يتم إلا بواسطة أنثى و هذا الشرط يعتبر من الإجراءات الجوهرية المتعلقة بالنظام العام، بحيث يترتب على مخالفته البطــــــــلان،

و من الضمانات إخضاع هذا الإجراء لرقابة قاضي الموضوع فهو الذي يقدر صحته أو بطلانه و كذا الملابسات و الظروف و من ثم تقدير الأخذ بالنتائج المترتبة عنه أو إهدارها.
إن القبض على المشتبه فيه و تفتيشه طبقا للإجراءات المقدرة قانونا ينتهي إما بإخلاء سبيله إذا تبين أن ليس له علاقة بالجريمة و زاول حالة الاشتباه، لكن في الغالب يقتاد المقبوض عليه إلى مركز الشرطة أو الدرك، حيث يتم سماع أقواله و يودع غرفة الأمن و يصدر في حقه إجراء التوقيف للنظر، هذا ما سنتناوله في سياق مذكرتنا.

3- التعرف على الهوية
أن يكون هذا التصرف في إطار ممارسة مهام الشرطة القضائية أي عند وقوع جريمة أو في حالة الإخلال بالنظام العام في إطار مهام الشرطة الإدارية، و أن يكون من أعضاء الشرطة القضائية المذكورين في قانون الإجراءات الجزائية، و أن يكون هؤلاء الموظفين مرتدين للزي الرسمي الذي يبين صفتهم و في حالة عدم الارتداء أن يظهروا صفتهم و لا يقوموا بأي تصرف مشتبه أو فيه احتقار للمشتبه فيهم يمكن وصفه بتعسف أو تجاوز للسلطة، كما جاز المشرع استعمال الوسائل القسرية أي اللجوء إلى القوة في الوقت الذي يبدي الفرد مقاومة أو رفضا للامتثال لما يطلبه منه ضابط الشرطة القضائية استعمال القوة يكون (ضروريا– مناسبا –منسجما)

لذا نلاحظ أن مقتضيات التحقيق غير محددة مما يعطي للمحقق إمكانية واسعة لحجز الأشخاص لمجرد الاشتباه فيهم ، فان توقيف الشخص للنظر يعد نتيجة للقبض عليه فكل من القبض و التوقيف للنظر يقيدان من حرية الشخص المحجوز .

المطلب الثاني : الضمانات المتعلقة بالتوقيف للنظر
عناصر الشرطة القضائية لدى قيامهم بالتحريات عن الجرائم ، يعتمدون على بعض الوسائل الإجرائية من بينها ، إمكانية الإبقاء على الشخص محل الشبهة تحت تصرفهم لمدة معينة للتحري معه ، و لكون هذا الإجراء يمس بإحدى الركائز الأساسية للحريات الفردية فإن المشرع ضبط نصوص تكفل ضمانات للموقوف للنظر و تراعي التوفيق بين هدفين يتمثلان في وقاية الأفراد من تعسف رجال الأمن و في ذات الوقت تمكينهم من أداء وظيفتهم المتمثلة في فرض احترام النظام العام و تنفيذ القانون و مكافحة الجريمة.

على غرار باقي التشريعات الأخرى و لاسيما المشرع الفرنسي نظم المشرع الجزائري إجراء التوقيف للنظر و صاغه في أحكام قانونية تحدد بشكل واضح الحالات التي يخول فيها القانون لضابط الشرطة القضائية حجز شخص من الأشخاص و ما هي المبررات التي تسمح له بذلك و المدة الزمنية و الشكليات التي يجب مراعاتها لتنفيذ هذا الإجراء و هي التي تعد ضمانات للمشتبه فيه .

1-حالات التوقيف للنظر:
التوقيف للنظر إجراء لا يمكن الأمر به إلا من طرف ضابط الشرطة القضائية في حالات واردة في القانون على سبيل الحصر و هي:
- حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بها
بموجب نص المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية و هي المادة المعدلة بموجب القانون رقم 01/08 المؤرخ في 26 يونيو 2001.
إذا رأى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر ممن أشير إليهم في المادة 50 فعليه أن يطلع فورا وكيل الجمهورية و يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف للنظر.
لا يجوز أن تتجاوز مدة التوقيف للنظر ثمان و أربعين ساعة غير أن الأشخاص الذين لا توجد أية دلائل تجعل ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم للجريمة مرجحا، لا يجوز توقيفهم سوى المدة اللازمة لأخذ أقوالهم.
و إذا قامت على شخص دلائل قوية و متماسكة من شأنها التدليل على اتهامه فيتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقتاده إلى وكيل الجمهورية دون أن يوقفه للنظر أكثر من ثمان و أربعين ساعة.
من خلال نص هذه المادة يتضح أنه في حالة ارتكاب جناية أو جنحة متلبسة فإن ضابط الشرطة القضائية عند تنقله لإجراء المعاينة يمكنه أن يوقف للنظر كل شخص موجود بمكان الجريمة و منعه من الابتعاد ريثما ينتهي من تحرياته كما يمكنه استيقاف أي شخص يرى ضرورة التحقق من هويته و هذا ما تنص عليه المادة 50 من قانون الإجراءات الجزائية التي تحيل إليها الفقرة الأولى من المادة 51 من نفس القانون.

فهؤلاء الأشخاص يمكن أن يفيدوا التحقيق بتوقيفهم للنظر و هو الإجراء الذي تبرره مقتضيات و ضرورة إجراء التحريات و الكشف عن ملابسات الجريمة.

أما السبب الثاني الذي أشارت إليه الفقرة الثالثة من المادة 51 فيتمثل في توفر دلائل قوية و متماسكة، فما هو المقصود بهذه العبارة ؟
إن الدلائل ( Indices) هي علامات و وقائع ثابتة و معلومة تسمح باستنتاج وقائع مجهولة و لكن الصلة بين النوعين ليست قوية و لا حتمية أي لا تفيد اليقين و الجزم و مثالها استعراف الكلب البوليسي أو حيازة سلاح الجريمة أو وجود جروح على جسم الشخص و تسمى أيضا القرائن التكميلية ( Présomptions Complémentaires )، والدلائل المعتبرة يجب أن تكون متناسقة و متماسكة فيما بينها و إذا فقدت قيمتها و يرجع تقدير ذلك لضابط الشرطة القضائية تحت رقابة وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق.

- التوقيف للنظر في التحقيق الأولي
لقد خول قانون الإجراءات الجزائية لضابط الشرطة القضائية حق توقيف شخص للنظر في إطار تحرياته العادية أي تنفيذ إجراءات التحري في غير حالة التلبس و ذلك بموجب المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على ما يلي" إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي (التحقيق الأولي) ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة فإنه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية...".

و تفيد عبارة مقتضيات التحقيق أن ضابط الشرطة القضائية يمكنه أن يتخذ إجراء التوقيف للنظر ضد أي شخص شرط أن يكون ذلك ضروريا و مفيدا لمجرى تحرياته و تقدير ذلك يعود له تحت رقابة وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق.

و قد يضطر ضابط الشرطة القضائية إلى استدعاء شاهد ، فيرفض هذا الأخير الامتثال ،فهل يحق له ـ في هذه الحالة ـ استعمال القوة لإرغامه على الحضور؟
للإجابة على هذا السؤال نشير إلى أنه في حالة تنفيذ الإجراءات خارج حالة التلبس من طرف ضابط الشرطة القضائية يجب أن تتم ـ على العموم ـ بموجب رضا الشخص المعني ، ولا يجوز لرجال الشرطة أو الدرك اللجوء الي التدابير القصرية كما هو الشأن بالنسبة للتحريات في الجريمة المتلبسة.

غير أن الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على تطبيق نصي المادتين 51 و 52 ، وهما المادتان اللتان تندرجان في حالة التلبس أثناء التحري ـ التعرف على هويتهم أو التحقق من شخصيتهم ، فإذا امتنع المستدعـى عن الحضور و رفض الامتثال، فإن ضابط الشرطة القضائية يخطر وكيل الجمهورية الذي يستطيع إجباره على الحضور بواسطة القوة العمومية.

ينبغي على ضابط الشرطة القضائية استدعاء الشخص كتابيا ، و أن يتضمن الاستدعاء سببه و تكفي عبارة لضرورة التحقيق كسبب للاستدعاء ثم التأكد من تسلم الاستدعاء و عدم وجود مبرر مقبول للامتناع عن الحضور كالقوة القاهرة .

تتمثل هذه الضمانات في تحديد المدة الزمنية التي يسمح بها المشرع لضابط الشرطة القضائية بتوقيف الشخص على مستوى مركز الشرطة أو الدرك، ومكان التوقيف وكيفية تنفيذ الإجراءات و إثبات كل البيانات المتعلقة به كتابة.
قبل أن نتناول مدة التوقيف للنظر وما يثيره حساب هذه المدة من إشكاليات، لا بد لنا أن نسجل ملاحظتين: الأولى تتمثل في أن طول هذه المدة

أو قصرها يتناسب طردا مع مدى الإحترام والحماية التي يوليها المشرع لحقوق وحريات الأفراد، حيث نلاحظ أن هذه المدة قصيرة في البلدان التي تسود فيها قيم الديمقراطية حيث تحظى حقوق وحريات الأفراد برعاية وإحترام كبيرين ويسود فيها مبدأ سيادة القانون فعلا لا نظريا على خلاف البلدان النامية وذات الأنظمة العسكرية التي نلاحظ أن مدة التوقيف للنظر فيها تكون طويلة وتقل فيها الضمانات المقررة للمحجوزين .

أما الملاحظة الثانية فتتمثل في أن طول مدة التوقيف للنظر تكون أطول في الحالات الإستثنائية أي في حالة تقرير أحكام القوانين العرفية وحالة الطوارىء وحالة الحروب الأهلية ففي هذه الظروف عادة ما تقلص الحريات والحقوق وتسند للسلطات التنفيذية مهام وإجراءات تمكنها من إحتجاز الأشخاص والقبض عليهم لمجرد الشبهة ويكون ذلك عادة مبررا بضرورة المحافظة على النظام أو أمن الدولة الذي يكون مهددا في هذه الحالة يكون الباب مفتوحا على مصرعيه لكل أشكال التجاوزات والتعسف نظرا لكون الظروف السائدة تسهل تبرير أي عمل ولو كان غير قانوني.

ونظرا لما تكتسيه حريات الأشخاص من أهمية، لجأ المشرع إلى تنظيم إجراءات التوقيف للنظر، وحدد المدة التي يجوز لضابط الشرطة القضائية توقيف للنظر شخص بمركز الشرطة أو الدرك، ويعد ذلك مظهرا من مظاهر الحماية القانونية للأفراد وتجسيد مبدأ الشرعية الإجرائية، وهذا ما فعل المشرع الجزائري حيث نص على التوقيف للنظر في المادة 48 من الدستور وحدد مدة التوقيف للنظر بـ 48 ساعة مشيرا إلى أن تمديد هذه المدة يعد إجراءا إستثنائيا يحدد شروطه القانون .

فمدة التوقيف للنظر هي48 ساعة ، سواء في حالة التلبس(المادة51من ق ا ج )او في حالة التحريات خارج حالة التلبس (المادة 65 من ق ا ج ) ، ففي حالة التلبس يوقف الشخس الذي تتوافر ضده دلائل قوية ومتماسكة ترجح ارتكابه للجريمة ويقتاد امام وكيل الجمهورية بعد توقيف للنظر لمدة لا تتجاوز 48 ساعة،اما في حالة إجراء ضابط الشرطة القضائية لتحرياته خارج حالة التلبس فعليه ان يقتاد الشخص الذي يوقف للنظر، أمام وكيل الجمهورية قبل انقضاء مدة 48 ساعة و هناك حالات لا يستطيع فيها ضابط الشرطة القضائية استكمال تحرياته خلال المدة المذكورة ويحتاج الى مزيد من الوقت ففي هذه الحالة اجاز القانون لوكيل الجمهورية مد مدة التوقيف للنظر 48 ساعة بعد تقديم الموقوف امامه وفحص ملف القضية ويكون قرار هذا التمديد باذن كتابي واستثناءا يجوز لوكيل الجمهورية الاذن بالتمديد دون تقديم الشخص امامه طبقا لنص المادة 65 من ق إ ج ، ونظرا لخطورة جرائم الارهاب والتخريب و بعض الجرائم الخاصة التي تستلزم تحريات كبرى و إجراءات أوسع تقلص من حرية المشتبه فيه نصت المادة 65 من ق.إ.ج ما يلي:

-المادة 65 : إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة، فإنه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية.

-و بعد أن يقوم وكيل الجمهورية باستجواب الشخص المقدم إليه يجوز بإذن كتابي أن يمدد حجزه إلى مدة لا تتجاوز 48 ساعة أخرى بعد فحص ملف التحقيق، غير أنه يمكن تمديد المدة الأصلية للتوقيف للنظر بإذن كتابي من وكيل الجمهورية المختص.
- مرتين (02) إذا تعلق الأمر بالاعتداء على أمن الدولة.
-ثلاث (03)مرات إذا تعلق الأمر بالجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية و جرائم تبييض الأموال و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف.
-خمس (05) مرات إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية.
-و يجوز بصفة استثنائية منح ذلك الإذن بقرار مسبب دون تقديم الشخص إلى النيابة.
و تطبق في جميع الأحوال نصوص المواد 51 و 51 مكرر و 51 مكرر1 و 52 من هذا القانون.



يحقق المزيد من الضمانات للموقوف للنظر وأصبح تمديد إجراء التوقيف للنظر في التحقيقات الموصوفة آنفا في المادة 65 ،لا يتم إلا بناءا على إذن من وكيل الجمهورية وبينت هذه المادة بشكل أكثر تفصيلا حقوق الموقوف للنظر إنسجامامع المسعى الرامي لتدعيم وحماية حقوق الإنسان .

وهذا الوضع قد يوحي لأفراد أجهزة الأمن، وأفراد الجيش وكل الأجهزة التنفيدية انه بامكانها التصرف بحرية ولا عقاب لما تقوم به من إجراءات حتى ولو تضمنت تجاوزات ما دام عملها يمكن تبريره بسهولة فيكفي مجرد الإشتباه للقبض على الشخص وحجزه، ولا يجد المواطن الأمر سهلا للطعن في أي إجراء لذلك كان من مستلزمات حماية الحقوق والحريات والحد من إحتمالات التجاوز والتعسف أن يضبط المشرع إجراءات هذا التمديد مبينا تفاصيل حالات اللجوء إليه وكيفية تنفيذه.

و مهما يكن ففي هذه الحال يبقى الضمان الوحيد هو الضمير، فخير رادع لرجال الأمن هو ما يكون لديهم من ضمائر و حسن خلق و إيمان يجعلهم يخافون من عقاب يوم: " توفى كل نفس ما كسبت و لا يضلمون فتيلا "
بالنسبة للأفراد العسكريين فان مدة التوقيف للنظر هي 3 أيام ويمكن تمديدها لمدة 48 ساعة بموجب اذن كتابي صادر عن وكيل الجمهورية العسكري وهذا ما تنص عليه المواد 57,58,59 من قانون القضاء العسكري .

إن مدة التوقيف للنظر تختلف من تشريع لأخر, فالمشرع المصري و المشرع الفرنسي يحددانها بـ 24 ساعة قابلة للتمديد لمدة تساويها أما المشرع الموريتاني فيحدد مدة التوقيف بالنظر بضرورة التحقيق- بـ 24 ساعة و عند توافر دلائل قوية ومتماسكة بـ 48 ساعة قابلة للتمديد لمدة تساويها- ونظرا لطبيعة المناطق الصحراوية- فلقد تضمن قانون الاجراءات الجزائية الموريتاني فقرة تخول مصالح الضبط القضائي حق حجز الشخص لمدة لا تتجاوز 8 أيام بالنسبة لحالة ايقاف شخص في مكان بعيد عن مقر المحكمة المختصة تحسب على اساس يوم واحد لكل 50 كلم ²

وتتقلص مدة التوقيف للنظر في بعض التشريعات لتصل إلى 6 ساعات كما هو الحال بالنسبة للتشريع الهولندي . أما المشرع المغربي و المشرع الكويتي فيحددان مدة التوقيف للنظر بـأربعة(4) أيام.
و الأمثلة المذكورة تعتبر مؤشر لمدى احترام المشرع لحقوق و حرية المشتبه فيهم في كل دولة

- بداية حساب مدة التوقيف للنظر:
إن النص على مدة اجراء التوقيف للنظر لايكفي لضمان الالتزام بهذه المدة بل يجب بيان كيفية حساب بدايتها, سواء بواسطة التشريع او التنظيم بحيث يتلقى رجال الامن – اثناء تكوينهم – كل التفاصيل التي تجعلهم عارفين بلحظة بداية حساب هذه

المدة و إلزامهم بإثبات ذلك في المحضر فذلك يشكل أحدى الضوابط و الضمانات التي تحول دون أي تجاوز أو تعسف في حق المشتبه فيهم.

و لقد نظم المشرع الفرنسي في المادة 124 من مرسوم 1903 المعدل بالمرسوم المؤرخ في 22 أوت 1958 و المتضمن تنظيم الخدمة في الدرك الفرنسي إجراء التوقيف للنظر و التعرض لمسألة بداية حساب مدة التوقيف و نظرا لتشابه تشريعنا والتشريع الفرنسي فان الاستئناس بالاجتهاد القضائي و الآلية التنظيمية التطبيقية له فائدة و يساعد على حل الكثير من الإشكالات.

- كيفية حساب مدة التوقيف للنظر:
عند توقيف شخص في حالة التلبس يبدأ حساب التوقيف للنظر من لحظة ضبطه و إذا تعلق الأمر بشخص منعه ضابط الشرطة القضائية من مبارحة مكان ارتكاب الجريمة أو شخص تبين له ضرورة التحقق من شخصيته ، فان بداية حساب مدة التوقيف للنظر يبدأ من لحظة تبليغه .و إذا كان الموقوف شاهدا أستدعي أمام ضابط الشرطة القضائية، فان سريان المدة يبدأ من لحظة تقديمه أمامه.

و قد يرى ضابط الشرطة القضائية في مجرى تحرياته و أثناء سماع شخص ضرورة توقيفه، فبداية حساب المدة بالنسبة لهذا الشخص هي بداية الشروع في سماع أقواله.

إن تحديد آجال إجراء التوقيف للنظر في النصوص التشريعية و التنظيمية لا يكفي لضمان احترامها، فالمشرع الزم رجال الأمن بإثبات كيفية تنفيذ هذا الإجراء كتابة في سجل خاص يفتح في مراكز الشرطة و الدرك ليعرف بسجل التوقيف للنظر يؤشر عليه وكيل الجمهورية و يراقبه دوريا(الفقرة الثانية من المادة 52 من ق إ ج ) و يثبت فيه ضابط الشرطة القضائية رقم المحضر و اسم ولقب الشخص الموقوف و سبب و مدة حجزه و لقد أكدت التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات الوظيفية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية في مجال إدارتها و الإشراف عليها و مراقبة أعمالها على ضرورة تفقد وكيل الجمهورية لأماكن التوقيف للنظر و الإطلاع على سجلات التوقيف للنظر.

- البيانات التي يتضمنها سجل التوقيف للنظر
يتفقد وكيل الجمهورية أماكن التوقف للنظر بصفة دورية في أي وقت لمعا ينة ظروف التوقيف و الا طلاع على السجلات ذات الصبغة القضائية، والتي يمكن له أن يدون عليها ملاحظاته, تكون سجلات التوقيف للنظر مرقمة وموقع عليها من طرف وكيل الجمهورية".

وبالإضافة إلى البيانات التي يتضمنها السجل فان المحضر الذي يحرره ضابط الشرطة القضائية يجب ان يتضمن البيانات التالية:
- مكان وسبب التوقيف للنظر, المكان الذي يحجز فيه الشخص الموقوف هو مكان إجراء التحقيق أوغرفة الأمن بمركز الشرطة او الدرك اما السبب فيكون اما – لمقتضايات التحقيق أو لوجود دلائل قوية ومتماسكة
-تاريخ وساعة بداية سريان مدة إجراء التوقيف للنظر.
-مدة سماع أقواله (البداية والنهاية(
-مدة الإستراحة (البداية والنهاية)
-ساعة وتاريخ تقديم الموقوف أمام وكيل الجمهورية أو إخلاء سبيله , ويوقع الشخص المعني على المحضر إثباتا للبيانات المسجلة مع ضابط الشرطة القضائية وإذا إمتنع عن التوقيع يشار إلي ذلك في المحضر.

3- شروط و مكان التوقيف للنظر:
- يجب تخصيص داخل مقرات مصالح الشرطة القضائية التي تباشر التحريات الأولية أماكن لوضع الأشخاص الموقفين للنظر (وحددت جملة من الشروط يجب أن تتوفر في هذه الأماكن (غرف الأمن )
يجب ان تراعي سلامة الشخص الموقوف للنظر وأمن محيطه أي أن يتوفر في الغرفة شرط التهوية والنظافة ومستلزمات النوم وان تكون خالية من أي شيئ يمكن استخدامه لإيذاء المحجوز نفسه وان تكون مجهزة بوسيلة لإنذار المناوبةعند الاقتضاء ، إلا أن مستلزمات النوم لم يتم تحديدها ، لذا يمكن أن تكون بعض هذه المستلزمات من الأشياء التي يمكن إستخدامها لإذاء المحجوز نفسه.


-ضرورة الفصل بين البالغين والاحداث وبالرغم من النص على هذا الشرط في التعليمة إلا أن الأحداث عادة لا يتم حجزهم بل يسلمون لأوليائهم
تخصص داخل مقر مصالح الشرطة او الدرك أماكن لوضع الأشخاص الموقوفين للنظر و التي يجب ان تكون لائقة بكرامة الإنسان ,هذا ما نصت عليه المادة 52 الفقرة 04 ( يتم التوقيف للنظر في أماكن لائقة بكرامة الإنسان و مخصصة لهذا الغرض) كما قد نصت التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات التدريجية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية في مجال إدارتها و الإشراف عليها و مراقبة أعمالها على مجموعة من الشروط الواجب مراعاتها في الأماكن المخصصة للتوقيف للنظر و هي :
- سلامة الشخص الموقوف للنظر و امن محيطه .
- صحة و كرامة الشخص الموقوف للنظر (مساحة المكان – التهوية – الإنارة – النظافة ......).
- الفصل بين البالغين و الأحداث .
- الفصل بين الرجال و النساء .
- يجب أن يعلق في مكان ظاهر عند مدخل كل مركز من مراكز الشرطة القضائية الذي يحتمل أن يتلقى أشخاصا موقوفين للنظر لوح تكتب عليه بخط عريض وواضح الأحكام الواردة في المواد 51و52و53 من قانون الإجراءات الجزائية و في كل الحالات يجب أن يحاط الشخص المعني علما بحقوقه باللغة التي يفهمها و هذا المكان هو عبارة عن غرفة تسمى (بغرفة الأمن ) .
و قبل أن يتم إدخاله في هذه الغرفة يجب ان يتم تفتيشه و تجريده من أي شئ قد يضر به نفسه او احد أعوان الشرطة او الدرك كالحزام – او سيور النعال أو أي شئ معدني بحوزته و حاد ..... كما يجب الا يكون في غرفة الأمن أي شئ يمكن للموقوف للنظر أن يستعملها للهروب او للإضرار بنفسه أو بالغير المراقبين له ويقع على عاتق وكيل الجمهورية هو الآخر في هذا المجال التزامات و تتمثل في:
- مراقبة أماكن التوقيف للنظر بصفة فجائية ليلا ونهارا والاطلاع على السجل المخصص لها و تدوين التعليمات و الملاحظات المسجلة و التأشير عليه في كل زيارة .
- مراقبة مدى استيفاء تلك الأماكن للشروط المحددة في التعليمة الوزارية المشتركة المؤرخة في 31/07/2000 سيما ما يتعلق بتعليق اللوح الموضح للمواد 51/52/53 من قانون الإجراءات الجزائية في المكان المحدد له .
- مراقبة الشروط الصحية اللائقة بكرامة الإنسان من حيث المساحة و النظافة و التهوئة و الإنارة و توفر الأفرشة ودورة المياه .
- وجوب مراقبة ما إذا تم الفصل بين البالغين و الأحداث و الذكور و الإناث
- و مدى تخصيص الوسيلة التي تسمح للموقوفين بالاتصال بعائلتهم إلى جانب الشروط الخاصة بسلامة الموقوف و أمنه و امن محيطه .
- مراقبة مدى تنفيذهم للتعليمات السابقة .
و يلتزم وكيل الجمهورية بإعداد تقرير يتضمن عدد الزيارات لأماكن التوقيف للنظر و تاريخها و أهم الملاحظات المسجلة و مدى تنفيذ التعليمات الخاصة بتحيين ظروف التوقيف يوجهه إلى المديرية الفرعية للشرطة القضائية .
-عند انتهاء وكيل الجمهورية من زيارته لهذه الأماكن يمكنه التأشير على كل النقائص التي قد يلاحظها في السجل الخاص بالتوقيف للنظر
-تكون زيارته لهذه الأماكن على الأقل مرة واحدة كل 03 أشهر و كلما رأى ضرورة لذلك (المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية) .

ملاحظة : فيما يتعلق بحجز الأحداث فان المشرع الجزائري قد سكت عن هذه الفئة ولم يتطرق ما إذا كان يمكن توقيفهم للنظر أم لا ، هذا هو الإشكال المطروح في الناحية العملية و التي تواجه ضباط الشرطة القضائية.
إلا انه قد تم الاتفاق على وضع الحدث الجانح في أي مركز استشفائي قبل تقديمه إلى الجهة القضائية المختصة.


الذين يلتزمون بتقديمهم في الوقت المحدد وإذا إ ظطر المحقق لحجز حدث فلا يجب ان يكون مع البالغ و عادة تكون غرف الحجز فردية. كما يفصل بين الذكور و الإناث.
و حجز النساء و الاحداث و تحديد مواصفات موحدة لغرف الأمن و طرق و اساليب الفحص الطبي وإتصال المحجوز بعائلته من المسائل التي تثير العديد من الإشكالات على صعيد الواقع.

المبحث الثالث : حقوق الموقوف للنظر

إن الحقوق التي يظمنها المشرع للمشتبه فيه موضوع التوقيف للنظر هي بالنسبة لضابط الشرطة القظائية إلتزامات نصت عليهاالمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية وتتلخص هذه الحقوق في:

المطلب الاول : تمكين الشخص المحجوز من الاتصال بعائلته
نصت المادة 51 مكرر 01 في فقرتها الأولى على : (يجب على ضابط الشرطة القضائية ان يضع تحت تصرف الشخص الموقوف للنظر كل وسيلة تمكنه من الاتصال فورا بعائلته ومن زيارتها له و ذلك مع مراعاة سرية التحريات)
و عليه يلتزم ضابط الشرطة القضائية عند اتخاذه إجراء التوقيف للنظر أن يضع تحت تصرف الموقوف كل وسيلة من شانها تساعده في الاتصال بعائلته لإعلامها عن مكان وجوده من أجل زيارتها له.
و لايحق لضابط الشرطة القضائية أن يمنعه من إجراء الاتصال بعائلته أو منعها من زيارته باعتبارها ضمانة من ضمانات الموقوف للنظر لا يجوز المساس بها، و لكي يتسنى له الاستفادة من هذه الضمانة استفادة حقيقية .
و لكن كيف يتم الاتصال؟ و من هم الأشخاص الذين يحق له الاتصال بهم؟
و كيف لضابط الشرطة القضائية أن يحافظ على سرية التحريات مع هذا الوضع ؟
وعليه سوف نتعرض إلى هذه الأمور و نبين كيف تكون فعلا في الجانب العملي

- ويمكن أن يتم ذلك بواسطة الهاتف، كما يسمح لعائلته بزيارته، فذلك أمر ضروري لطمأنة أهله بمعرفتهم بمكان وجوده مما يسهل تزويده بما يحتاجه من اكل وملبس عند اللزوم واختيار مدافع عنه ، بحيث أن كل ذلك يجب ان يتم بشرط عدم الإ ضرار بحسن سير التحريات. ونلاحظ في هذا السياق إن مشكل إطعام المحجوزين تعترض رجال الشرطة القظائية ولاسيما بالنسبة للمحجوزين اللذين يسكنون بعيدا عن مكان الحجز والذين ليس لديهم مقابل مالي للإقتناء مايحتاجونه. المبدأ في هذا الشأن أن الدولة هي التى تتكفل بالمصاريف ويلاحظ ان ليس هناك قواعد محددة تبين الجهة التى تدفع المصاريف اللازمة لإطعام الموقوفين للنظر الأمر الذي يجعل ظابط الشرطة القظائية-ولاسيما في المناطق النائية- الإظطرار الى إطعام المحجوزين من مالهم الخاص او اللجوء إلى المؤسسات العمومية القريبة. إن هذا الوظع غير طبيعي ويجب تداركه بوظع قواعد تنظيمية تحدد بدقة الجهة التي تتحمل تلك المصاريف وكذا الإجراءات التي تنظم طريقة إطعام المحجوزين ( الموقوفين للنظر).


الفرع الأول : كيفية الاتصال و الزيارة:
1- الاتصال:
لم ينص المشرع الجزائري على وسيلة الاتصال بل اكتفى بالنص على وجوب ان يوضع تحت تصرف الموقوف كل وسيلة تمكنه من الاتصال الفوري بعائلته.
كما لم يحدد الأشخاص الذين يحق له الاتصال بهم بل اكتفى المشرع بعبارة "العائلة " على عكس المشرع الفرنسي الذي حدد بصفة صريحة وسيلة الاتصال و اعتمد على الهاتف و نص على هذا في المادة 63 فقرة 2 فقرة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي كما حدد الأشخاص الذين يستطيع ان يتصل بهم و هم الأصول – الفروع او الشخص الذي يعيش معه عادة او احد الإخوة او الأخوات او من يستخدمه في الناحية العملية يتم اتصال الموقوف للنظر بعائلته عن طريق الهاتف باعتباره الوسيلة التي غلب التعامل بها في الوقت الحاضر و الأسرع من اجل إعلام عائلته عن مكانه كي تطمئن عليه طيلة فترة غيابه و معرفتهم بمكانه مما يسهل لهم تزويده بما يحتاج من مأكل و مشرب و ملبس و اختيار محامي للدفاع عنه .

- لكن قد يثور إشكال في حالة ما إذا كانت عائلة المعني ليس لديها هاتف او تسكن بمنطقة نائية فكيف العمل هنا لا سيما و أن المشرع ألزم ضابط الشرطة القضائية بوضع تحت تصرفه كل وسيلة من اجل ان يتصل فورا بعائلته .

هناك من يرى بأنه يمكن للموقوف ان يتصل بأحد معارفه او جيرانه لإخبارهم عن مكانه وهم الذين يخطرون أهله عن مكان وجوده , ولكن ما محل سرية التحريات هنا ؟ أليس من شان ذلك ان يؤدي إلى إفشاء سر التحريات و إلى طمس معالم الجريمة و بالتالي هدم كل ما قد يساعد في الوصول إلى الحقيقة, لأنه قد يدعي الموقوف للنظر بأنه سوف يتصل بأحد جيرانه كي يخبر عائلته عن مكانه في حين انه يكون قد اتصل بشريكه في الجريمة يوصيه بالقيام بأمر من اجل طمس آثار الجريمة مما يصعب التوصل إلى الحقيقة .
و عليه فهنا أحسن وسيلة هو أن يتم إخطار أهله عن طريق احد أعوان الشرطة القضائية و ذلك لضمان عدم تسرب أمر التوقيف و سببه للغير .

- لقد نص المشرع على وجوب أن يمنح للموقوف الاتصال الفوري بعائلته , هنا يجب ان يقدر ضابط الشرطة القضائية مدى فورية الاتصال اذ الأصل ان يقوم الموقوف بالاتصال مجرد ما يتم تقرير توقيفه للنظرو إبقاءه في مقر الشرطة او الدرك و ينبغي على ضابط الشرطة أن يقدر فيما يتعلق بفورية المكالمة لأنه قد تكون جرائم خطيرة كجرائم المخدرات أو الإرهاب فهنا يجوز تأخير المكالمة لكي لا يمس بسرية التحقيق .
ويكون الاتصال العائلي تحت مراقبة أعوان الشرطة القضائية لتفادي تسرب المعلومات و يتم تسجيل اسم الشخص الذي تم الاتصال به و رقمه , من اجل إثبات تمكين الموقوف من ممارسته هذا الحق في كل من المحضر و سجل التوقيف للنظر.
و إذا رفض الموقوف أن يتصل بعائلته فيتم تسجيل ذلك في كل من المحضر و السجل الخاص بالتوقيف للنظر و يوضح بأنه قد تنازل عن حقه هذا و يوقع في ملحوظة الاتصال بالأهل و زيارتهم (01)

2- حق الزيارة:
منح المشرع للمشتبه فيه حق زيارة أسرته له ما دام على هذا الوضع دون أن يعطي لرجال الضبطية سلطة المنع .
و لكن لم يحدد من هم الذين يحق لهم زيارته بل اكتفى بلفظ " العائلة "من دون تحديد من هم و لكن من البديهي أن يكون الأولوية لوالديه أو زوجته أو الأولاد و الإخوة و الأخوات باعتبارهم الأقربون إليه و ان تتم هذه الزيارة بحضور احد أعوان الشرطة القضائية لتفادي تسرب معلومات سرية حول التحقيق, مع وجوب تسجيل اسم الزائرين .
- وهناك مسألة أخرى و هي قيام عائلته بإحضار حاجات الموقوف للنظر كالملبس و المأكل . فهنا على رجال الأمن مراقبة و تفحص كل ما احضره الزائرين كتدابير أمنية كي لا يسلم للموقوف أي شئ او أداة قد تضر بأحد رجال الأمن كسلاح مثلا لمساعدته على الهروب و لهذا يتم تفتيش ما احضره الاهل من حاجيات .
كما هناك إشكال إطعام المحجوزين الذين تعترض رجال الأمن ( الشرطة /الدرك ) و لاسيما بالنسبة للمحجوزين الذين يسكنون بعيدا عن مكان التوقيف و الذين ليس لديهم مقابل مالي لاقتناء ما يحتاجونه ,المبدأ في هذا الشأن ان الدولة هي التي تتكفل بالمصاريف , و يلاحظ انه لا توجد قواعد محددة تبين الجهة التي يتوجب عليها دفع المصاريف لازمة لإطعام الموقوفين للنظر الأمر الذي يجعل ضابط الشرطة الاضطرار إلى إطعامهم من ماله الخاص .

الفرع الثاني : المحافظة على سرية التحريات :
إجراءات التحري سرية شانها شأن إجراءات التحقيق ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ودون إضرار بحقوق الدفاع و يرتب على فضح السرية الوقوع تحت طائلة القانون .
و عليه العلانية في هذه المرحلة تقضي على كل ما من شانه ان يساعد في اكتشاف الجناة او ملابسات الجريمة .و لهذا يجب مراعاة سرية التحريات عند الموقوف للنظر فرصة الاتصال بعائلته فيجب ان يتم التأكد ما إذا كان يريد الاتصال فعلا بعائلته و ليس بشركائه في الجريمة و عليه يكون الاتصال الهاتفي تحت رقابة عون الشرطة القضائية من اجل منعه من تسرب أي معلومة حول التحريات و كذلك أثناء الزيارة يكون العون حاضرا طيلة فترة زيارة أهله له .
و تعتبر السرية ضمانة للموقوف للنظر إذ يحفظه من الاعتداء عليه من طرف شركائه الذين قد يعملون جاهدا من اجل إسكاته بشتى الطرق .
ولهذا نجد انه أحيانا قد يتم تأجيل الاتصال بالعائلة ومن زيارتها له كي لا يؤثر هذا في جمع المعلومات حول الجريمة و بالتالي يصبح التوقيف للنظر بغير جدوى .

المطلب الثاني : حق الموقوف للنظر في السلامة الجسدية و الكرامة الإنسانية :
لقد ألزم المشرع الجزائري ضابط الشرطة القضائية عدم المساس بالسلامة الجسدية و الكرامة الإنسانية للموقوف للنظر فلا يحق له ان يكرهه من اجل الإدلاء بتصريحاته مستعملا معه أساليب القوة و العنف كما يجب عليه ان يعطيه قسطا من الراحة أثناء سماعه لأنه من جراء التعب قد يدلي بتصريحات منافية للواقع ولقد أكد المشرع الجزائري على وجوب عرضه على الطبيب لفحصه و التأكد من سلامته عند انقضاء مدة التوقيف للنظر , كما حرص كذلك على توفير مكان لائق له من أجل البقاء فيه طيلة فترة توقيفه حفاظا على كرامته الإنسانية.

الفرع الأول : عدم استعمال القوة و العنف مع الموقوف للنظر :
إن مناط مسؤولية الشخص سلامة إدراكه و حرية إرادته و بذلك يكون لما يدلي به من قيمة في الإجراءات الجزائية إذا ما احترم حقه بالإدلاء بتصريحاته من دون أي ضغط عليه,و يجب أن تراعي دوما التلازم بين ضرورة الحفاظ على مصلحتين: مصلحة المجتمع في تمكين السلطة المختصة من كل الوسائل و الإجراءات
التي تساعد في الكشف عن ملابسات الجريمة ومصلحة الفرد بحيث لا تمس تلك الوسائل بحقوقه و حريته و من الوسائل والطرق التي استقرت عليها الأبحاث العلمية لاستجواب الأفراد استعمال جهاز كشف الكذب أو التنويم المغناطيسي ولقد ثار نقاش حول مدى مشروعية استعمال هذه الوسائل و مدى اعتداد الأنظمة القانونية و القضائية بما ينتج عنها في مجال الأدلة الجنائية و الإثبات الجنائي ولو كان يرضى من خضع لها للحصول على تصريحاته وحجتهم في ذلك تغليب مصلحة المجتمع، إلا أن أغلب الفقه يعارض استخدام مثل تلك الوسائل كونها تؤثر على قدرات التمييز و الإدراك .
فالأصل إذا هو إباحة كل الوسائل التي تلجا إليها سلطة جمع الاستدلالات للحصول على المعلومات مادامت منتجة في إظهار الحقيقة و مادامت لا تضمن أي قيد على الحرية او تتعدى حدود القانون او أخلاق الجماعة لان من المبادئ القانونية المقررة انه لا يجوز اتخاذ الوسائل المنافية للآداب او المخالفة للقانون طريقة لكشف الجرائم (01) .
و لهذ ا حرصت كافة الدساتير و التشريعات على تجريم استعمال رجال الضبط القضائي للوسائل القهرية التي تؤثر على الإرادة الحرة للمشتبه فيه و تأكيدا لهذا المعنى فقد نصت المادة 34 من الدستور الجزائري على انه يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس بسلامة الإنسان البدنية و المعنوية ومن ثمة هذا الحظر فرضته كل التشريعات عموما لعدم استخدام كافة وسائل الإكراه مع المتهمين و المشتبه فيهم و منع رجال الضبط استعمالها تحت أي ظرف كان لان هذه الأساليب قد تؤدي بالمشتبه فيه الذي لا يتحمل الآلام التي كانت من جراء العنف المستعمل ضده إلى الإدلاء بأقاويل غير مطابقة للحقيقة حتى يتخلص فقط من ويلات التعذيب (02) .
- كما حضرت المواثيق الدولية المنادية بحقوق الإنسان المساس بسلامة المشتبه فيه الجسدية و المعنوية لحد من انتشار ظاهرة التعذيب من ابينه

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :في مادته الخامسة(05)( لايجوز إخضاع احد للتعذيب و لا للمعاملة او العقوبة القاسية او الإحاطة بالكرامة) كما نص على ذلك في المادة 07 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بنفس الصيغة.
الإعلان الخاص بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب و غيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية أو اللا إنسانية في مادته 02 نص على (أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة هو انتهاك للكرامة الإنسانية و يدان بوصفه إنكار لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة و انتهاكا لحقوق الإنســان و الحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ).
وقد يستند ضابط الشرطة القضائية إلى التعذيب كوسيلة من اجل الحصول على الاعترافات من الموقوف للنظر و هذا أسلوب من شان ممارسته الحط من قيمة الإنسان ، إذ اعتبر الاعتراف هنا شانه شان باقي الأدلة كما اعتبرت محاضر الضبطية ذات طابع استدلالي و لا يأخذ بها كدليل لإثبات وقوع الجريمة .

الفرع الثاني :تنظيم فترات سماع الموقوف للنظر :
ان سماع أقوال الموقوف للنظر لا بد و أن يكون محاطا بمجموعة من الظروف التي تضمن عدم المساس بالكرامة الإنسانية و رعاية القيم اللصيقة بالإنسان و صيانة حرمته و كيانه المادي و المعنوي اذ يجب ان تنظم فترات سماع الموقوف للنظر و يجب أن يتخلله فترات الراحة ,هذا ما نصت عليه المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية و التي نصت على انه ( يجب على كل ضابط للشرطة القضائية أن يضمن محاضر سماع كل شخص موقوف للنظر مدة استجوابه و فترات الراحة التي تخللت ذلك واليوم و الساعة اللذين أطلق سراحه فيهما أو قدم إلى القاضي المختص)
ـ إذا عند سماع ضابط الشرطة القضائية للموقوف للنظر يتلقى منه المعلومات بخصوص الجريمة موضوع البحث و يعطيه فرصة من اجل الاستراحة كي لا يدلي هذا الأخير بتصريحات منافية للواقع بسبب الإرهاق الذي أصابه .
فإذا رأى ضابط الشرطة القضائية آثار التعب و الإرهاق بادية على الموقوف فيجب عليه أن يمنحه قسطا من الراحة ، ولهذا ألزم المشرع ضابط الشرطة القضائية بان يدون كل ذلك في المحضر الذي سوف يقدم أمام الجهة القضائية المعنية ، وينوه فيه على تحديد ساعات السماع وساعات الراحة التي تخللته.
إذا فان سماع المشتبه فيه لمدة طويلة حتى ينهار و يعترف بما لا يريد الاعتراف به يعتبر من بين الإكراه الأدبي (01)
وعليه يجب أن يتم السماع في ظروف حسنة و لا تأثير فيها على إرادة الموقوف للنظر و على حريته في إبداء أقواله حول الجريمة التي تم توقيفه فيها دون اللجوء إلى الوسائل غير الشرعية كالتهديد و إجراء السماع لفترات طويلة حتى الإنهاك .

وهناك مسألة أخرى تثار هنا وهي مدى جواز حضور المحامي مع الموقوف للنظر في مرحلة التحقيق الأولي ؟
نجد بان المشرع الجزائري لم ينص على حضور المحامي في التحريات الأولية بالرغم من ان المؤتمرات الدولية توصي بضرورة حضور محامي في هذه المرحلة حرصا على ضمان حقوق الشخص الموقوف للنظر و من اجل ضمان عدم تعرضه إلى أي نوع من أنواع التعذيب أو التهديد أو أي تأثير على إرادته أثناء هذه الفترة
و هنا اختلفت الآراء حول حضور المحامي : إذ هناك من يرى بان حضوره مع الموقوف يشكل ضمانة كبيرة لحسن سير إجراءات جمع الاستدلالات و يكون بصفة فعلية حق الدفاع مكفول دستوريا لكل شخص .
و هناك رأي معارض يرى بان تدخل المحامي من شانه ان يعرقل عملية البحث و التحري عن الجريمة عندما يقوم المحامي بتحريض المشتبه فيه بلزوم الصمت .
- و الرأي الراجح انه لما هذه المرحلة – مرحلة الاستدلالات – من أهمية لكون معظم أقوال المشتبه فيه تؤخذ خلال هذه المرحلة و حفاظا على حقوقه و حرياته فانه من المستحسن و المفضل أن يحضر معه محامي باعتباره الذي يدافع عنه لتفادي أي ضغط قد يمارس عليه من طرف ضابط الشرطة القضائية و هذا ما أكدته كذلك المحافظة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي حددت مقاييس دولية مرتبطة بحقوق الإنسان (01) و نصت على انه من حق كل شخص تم إيقافه او حبسه الاستفادة من خدمات محامي .

الفرع الثالث :وجوب إجراء فحص طبي:


إخضاع الشخص الموقوف للنظر للفحص الطبي
عند نهاية مدة الحجز و قبل تقديمه أمام القاضي المختص أو إخلاء سبيله. وعلى ضابط الشرطة أن يبلغه بحقه في إجراء فحص طبي إذا رغب هو شخصيا في ذلك أو بطلب من أحد أفراد عائلته

أو محاميه، و يكون الفحص من طرف الطبيب الذي يختاره الموقوف أو بناءا على تسخير من ضابط الشرطة القضائية أو وكيل الجمهورية.
و تفاديا لأي طعن في مصداقية التحريات و مشروعيتها من قبل الأشخاص المحجوزين يوصى عادة – من الناحية العملية- بإجراء فحص

حتى ولو لم يطلبه الموقوف و ذلك توقيا من الادعاءات المغرضة أو الاتهامات الكيدية التي قد يلجأ إليها المحجوز و عادة ما تكون ادعاء بأن الاعترافات التي أدلى بها أمام رجال الشرطة القضائية كانت نتيجة التهديد أو الإكراه أو الضرب. تضاف الشهادة الطبية إلى أوراق المحضر لتكون شاهدا يوم المحاكمة أو أمام قاضي التحقيق على أن الموقوف للنظر كان سليما يوم ان غادر الشرطة أو الدرك.سواء اجري الفحص للمحجوز أم لا فإن المحضر يجب أن يشير إلى الفحص أو إلى أن المعني قد بلغ بحقه في إجراء الفحص و لم يرغب في ذلك.
إن الفحص الطبي الذي نص القانون على وجوب إجراءه عند انقضاء آجال التوقيف للنظر من شأنه أن يكشف عن الممارسات غير المشروعة و الأعمال المنافية للقانون و الآداب التي يمكن إن يلجا إليها ضابط الشرطة القضائية من اجل استئصال المعلومات عنوة من الموقوف إذ قد يلجأ إلى العنف و القوة و الذي قد ينتج عنه آثار على جسم الموقوف الذي رفض الإدلاء بتصريحاته حول الجريمة أو أنكر علاقته تماما بها .

ولقد نصت المادة 51 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الثانية على (... و عند انقضاء مواعيد التوقيف للنظر يتم وجوبا إجراء فحص طبي للشخص الموقوف اذا ما طلب ذلك مباشرة او بواسطة محاميه او عائلته و يجرى الفحص الطبي من طرف طبيب يختاره الشخص الموقوف من الأطباء الممارسين في دائرة اختصاص المحكمة، و اذا تعذر ذلك يعين له ضابط الشرطة القضائية تلقائيا طبيبا ،تضم شهادة الفحص الطبي بملف الإجراءات...)
من خلال نص هذه المادة نلاحظ بان الفحص الطبي للموقوف أصبح وجوبيا على عكس ما كان ينص عليه القانون قبل تعديله سنة 2001 بالقانون 01/08 و هذا في مادته 51 في فقرتها 4 التي نصت على (و لدى انقضاء مواعيد الحجز يكون من المتعين إجراء فحص طبي للشخص المحتجز اذا ما طالب ذلك مباشرة او بواسطة محاميه او عائلته ....)
ـ إذ نظرا لأهمية الفحص الطبي للموقوف للنظر أكد المشرع الجزائري على وجوب إجراء هذا الفحص اذ يعتبر وسيلة مراقبة مدى احترام ضابط الشرطة القضائية و أعوانه للسلامة الجسدية و يدفعهم الى عدم ممارسة كل ما من شانه ان يلحق أذى بجسم الإنسان خاصة تلك التي تترك أثر على جسمه.
ـ هناك الكثير من الأشخاص الذين يجهلون مثل هذه المكنة القانونية لهذا قد ألزم القانون على ضابط لشرطة القضائية إخطار الموقوف بحقه في إجراء فحص طبي (01).

من له الحق بطلب الفحص الطبي :
ـ ويكون طلب إجراء فحص طبي من طرف الموقوف ذاته او من طرف محاميه أو ممن لهم الحق في طلب ذلك (02)
و هي عائلته وذلك عند انقضاء مدة التوقيف للنظر وقبل عرض الموقوف أمام وكيل الجمهورية او قاضي التحقيق حسب الحالة ، و في حالة عدم اختيار الموقوف لطبيب فهنا على ضابط الشرطة القضائية ان يعين له واحدا من تلقاء نفسه
ولقد خول قانون الإجراءات الجزائية لوكيل الجمهورية كذلك سواء من تلقاء نفسه أو بناءا على طلب عائلة الموقوف للنظر او محاميه أن يعين طبيبا لفحص الموقوف في أي وقت من مدة التوقيف للنظر و هذا طبقا لنص المادة 52/06
ـ و عليه يقوم ضابط الشرطة القضائية بنقل المشتبه فيه و أخذه إلى طبيب تحت الحراسة كي لا يهرب إلى المستشفى او العيادة الطبية ,مع العلم انه يجوز ان يتم الفحص الطبي في مركز الشرطة او الدرك .
ومنه نستخلص من كل هذا انه :
01/ يجب على ضابط الشرطة القضائية إخطار الموقوف بحقه في الفحص الطبي .
02/ يختار الموقوف للنظر طبيب بنفسه او عن طريق عائلته او محاميه شريطة ان يكون هذا الطبيب يمارس مهامه في دائرة اختصاص المحكمة اين تم توقيف المشتبه فيه المراد فحصه .
03/ في حالة عدم اختياره لطبيب فهنا على ضابط الشرطة القضائية ان يعين له واحدا .
04/ يتم الفحص الطبي عقب انتهاء مدة لتوقيف للنظر. (03)

أولا :
يعتبر ضمانة و حماية لأعضاء الشرطة القضائية اذ انه يثبت بان الموقوف للنظر لم يتعرض لأي ضرب او جرح خلال مدة توقيفه للنظر مما يضفي مصداقية على أقواله و إثبات ان تصريحه كان تلقائيا و لم يكن نتيجة أي شكل من أشكال الضغط او الترهيب.
ـ و لهذا زيادة للاحتياط يلجا الكثير من ضباط الشرطة القضائية إلى إخضاع الموقوف للنظر إلى فحص طبي في بداية التوقيف و في نهايته .

ثانيا :
منع أي معاملة قاسية أو سيئة أو أي تجاوز و مساس بالسلامة الجسدية للموقوف حيث يعد ضمانة له خلال مرحلة التحريات الأولية و يجعل أعضاء الشرطة القضائية يلتزمون بالقانون و يمتنعون من جهة أخرى عن أي تصرف أو أذى يمس بالسلامة الجسدية للموقوف كوسيلة ضغط للحصول منه على الاعتراف او الإدلاء بمعلومات وذلك ضمانا للحرية الفردية .


- ضمانات تنظيمية
و لقد ألزمت التعليمة الوزارية المشتركة عرض الموقوف للنظر على الطبيب عقد انتهاء مدة التوقيف للنظر "بتعيين عقد انتهاء المدة القانونية للنظروبصفة تلقائية عرض الشخص الموقوف على الطبيب وفقا لأحكام المادة51 الفقرتان4و 5 من قانون الإجراءات الجزائية و في حالة تنازل المعني عن هذا الحق يجب الإشارة الى ذالك من طرف الطبيب الذي كلف فعلا بفحـصه "

ومن الضمانات التي وردت في التعليمة الوزارية المشتركة فرض تعليق في مكان ظاهر عند مدخل كل مركز من مراكز الشرطة القضائية حيث يحتمل إستقبال اشخاص لتوقيفهم للنظر لوحة يكتب عليها بخط بارز وواضح الأحكام الواردة
في المواد 51 و52 و 53 من قانون الإجراءات الجزائية و في كل الحالات يجب ان يحاط الشخص المعني علما بحقوقه باللغة التي يفهمها.

إن الالتزام بآجال التوقيف للنظر و الشكليات المنوه عنها سالفا تعد ضمانة لحقوق المشتبه فيهم، و كل إخلال او إنتهاك لها يعرض ضابط الشرطة القضائية للمسؤولية التأديبية و حتى الجزائية، غير إن الالتزام بتلك الشكليات لم يوضع تحت طائلة البطلان فتختلف إحدى الشكليات لا ينتج عنه بالضرورة بطلان الإجراءات ما لم يتضمن عيوبا تؤثر تأثيرا بالغا على إثبات الحقيقة وهذا ما قرره الاجتهاد القضائي في فرنسا ويبقى خير ضمان مقرر للمشتبه فيه هو رقابة السلطة القضائية على أعمال الشرطة القضائية.

و نشير أخيرا إلى أن المشرع الجزائري لم ينص على إمكانية استعانة الموقوف للنظر بمحامي بينما نصت المادة 4-63 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية المعدلة بموجب قانون رقم 2000-516 بتاريخ 15جوان 2000 على إمكانية حضور المحامي منذ الساعات الأولى وبعد الساعة العشرين وتبادل الحديث مع الموقوف للنظر وهذا المنحى من المشرع الفرنسي يعد من الضمانات المقررة للمشتبه فيه.

المطلب الثالث:العقوبات المقررة للمساس بإحدى الضمانات
لقد نظم المشرع الجزائري التوقيف للنظر وقرر مجموعة من الضمانات التي تصون للفرد حقوقه وحريته و ألزم ضابط الشرطة القضائية احترامها و عدم المساس بها، و لهذا قرر مجموعة من الجزاءات التي توقع على ضابط الشرطة القضائية الذي يخل بقواعد التوقيف للنظر وقرر قيام مسؤوليته الشخصية .
إن المشرع الجزائري قد سلك مسلك المشرع الفرنسي (01) فيما يخص مخالفة قواعد التوقيف للنظر فجعل مخالفة هذه القواعد لا يترتب عنها البطلان و لكن تقوم عنها و تنشا المسؤولية الشخصية لضابط الشرطة القضائية (02) هذا ما يستشف صراحة من نص المادة 51 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على ( ان انتهاك الأحكام المتعلقة بآجال التوقيف للنظر كما هو مبين في الفقرات السابقة يعرض ضابط الشرطة القضائية للعقوبات التي يتعرض لها من حبس شخصا تعسفيا )
و عليه فقد نص صراحة على مسؤولية ضابط الشرطة القضائية عند مخالفته لقواعد التوقيف للنظر


- و لتعزيز العمل بالمواد المحددة لضمانات المشتبه فيه الموقوف للنظر و كذا السهر على عدم مخالفة أحكامها ، وضع المشرع نصوص معاقبة عن الإخلال بها ، بحيث تطرق قانون العقوبات في قسم الإعتداء على الحريات إلى العقوبات المطبقة على كل من يتعدى على حق من الحقوق ، بحيث نص في المادة 107 " يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات إذا أمر بعمل تحكمي أو ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر " و في المادة 108

"مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة 107 مسؤول شخصيا مسؤولية مدنية و كذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل".
و لقد حددت المادة 110 مكرر العقوبات المخصصة لكل مخالفة تخص سجل الوضع تحت النظر و كذا الفحص الطبي على النحو التالي:
" كل ضابط بالشرطة القضائية الذي يمتنع عن تقديم السجل الخاص المنصوص عليه في المادة 52 الفقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية إلى الأشخاص المختصين بإجراء الرقابة و هو سجل خاص يجب أن يتضمن أسماء الأشخاص الذين هم تحت الحراسة القضائية يكون قد إرتكب الجنحة المشار إليها في المادة 110 و يعاقب بنفس العقوبات (أي جريمة الحجز التحكمي و يعاقب بالحبس مدة من ستة أشهر إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 1000 دج)

و كل ضابط بالشرطة القضائية الذي يتعرض رغم الأوامر الصادرة طبقا للمادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية و من وكيل الجمهورية لإجراء الفحص الطبي لشخص هو تحت الحراسة القضائية الواقعة تحت سلطته يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة من 500 إلى 1000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط."

إن ضابط الشرطة القضائية يخضع لإشراف مزدوج ،إشراف رئاسي من طرف رؤسائه المباشرين في سلكه الأصلي وآخر وظيفي بمناسبة عمله بصفته ضابط الشرطة القضائية, مما يجعل من هذه الازدواجية في إشراف مجالا لإمكان مساء لته مساءلة مزدوجة من طرف جهتي الإشراف فيسال تأديبيا من رؤسائه المباشرين في حالة إخلاله بقواعد عمله كأن ينذر او يوقف عن العمل لفترة محددة و تطبق فيها قواعد
وأحكام الأنظمة القانونية المقررة لكل صنف , و مساءلة أخرى ذات صبغة تأديبية من طرف غرفة الاتهام باعتبارها جهة رقابة على جهاز الضبطية القضائية

ـ وعليه فإن ضباط الشرطة القضائية يعاقبون تأديبيا من جهة رؤساءهم ومن جهة أخرى من طرف رجال القضاء .
فبالنسبة للجزاءات التأديبية المقررة من طرف رؤساء و ضباط الشرطة التابعين للأمن الوطني فإنها تتمثل في: الإنذار الشفوي والمكتوب ،التوبيخ ، التوقيف المؤقت عن العمل لمدة تتراوح ما بين يوم إلى 8 أيام ،الشطب من جدول الترقية و التعيين أو الإدماج في سلك نظير آخر ، التحويل التلقائي و الفصل النهائي مع الإشعار و التعويض أو بدونهما .
أما بالنسبة لضابط الشرطة القضائية التابعة للدرك الوطني فالجزاءات التأديبية المقررة لضابط الشرطة القضائية تتمثل في :
الإنذار التوبيخ ، التوقيف البسيط و التوقيف الشديد لمدة تتراوح ما بين 8ايام و 45 يوما ، ولا يتم توقيع هذه العقوبات على ضابط الشرطة القضائية الا بعد التأكد حقيقة من وقوع الخطأ و بعد إحالته على مجلس التأديب إذ هناك يقدم دفعاته
ـ كما هناك عقوبات تأديبية توقع على ضابط الشرطة القضائية من طرف الجهة القضائية و هي غرفة الاتهام و هذا بغض النظر عن الجزاءات التأديبية الأخرى المقررة في القانون الأساسي للهيأة التي يتبعها هذا الضابط .
إذ تنظر غرفة الاتهام باعتبارها جهة مراقبة لأعمال الشرطة القضائية في المخالفات المرتكبة من طرفهم .
ـ طبقا لنص المادة 12 الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية : ( يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام بذلك المجلس )
ـ من هذه المادة يتضح بأنه من اختصاص وكيل الجمهورية إدارة الشرطة القضائية أما النائب العام فيشرف عليه في حين ان غرفة الاتهام تراقب أعمالها و توقع الجزاءات التأديبية (01) و يتجلى دور وكيل الجمهورية من خلال :
01/ قيام وكيل الجمهورية بمراقبة تدابير التوقيف للنظر طيقا للنظر لنص المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية .
02/إخطاره من طرف ضابط الشرطة القضائية بالجرائم المرتكبة ورفع يد ضابط الشرطة القضائية بمجرد حضوره بمكان الجريمة .
03/ إخطاره باتخاذ إجراء توقيف النظر و مراقبته لسجل الخاص بذلك .
04/كما يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاص المحكمة (المادة 18 مكرر).
إذ ترسل بطاقات التنقيط إلى وكلاء الجمهورية المختصين إقليميا لتقييم و تنقيط الضباط العاملين بدائرة اختصاصهم في اجل أقصاه 01 ديسمبر في كل سنة لترجع إلى النائب العام بعد تبليغها للضابط المعني في اجل أقصاه 31 ديسمبر .
ـ أما إشراف النائب العام فيظهر من خلال :
01/ مسكه لملفات الشرطة القضائية المادة 18 مكرر و 208 قانون الإجراءات الجزائية ويحاط النائب العام علما بهوية ضباط الشرطة القضائية المعنيين في دائرة اختصاصه و الذين يمارسون بصفة فعلية مهام الشرطة القضائية .
و يتولى مسك ملفاتهم الشخصية (01) التي ترد إليه من السلطة الإدارية التي يتبعها الضابط المعني أو النيابة العامة لأخر جهة قضائية باشر فيها هذا الأخير مهامه .
و يستثنى هنا ملفات ضباط الشرطة القضائية التابعين للمصالح العسكرية للأمن و الذين تمسك ملفاتهم من طرف وكلاء الجمهورية العسكريين (02).
02/ مراقبة تنقيط ضباط الشرطة القضائية


خاتمــــــة
من خلال البحث يتضح أن موضوع ضمانات التوقيف للنظر أثناء التحقيق الإبتدائي ، من المواضيع الدقيقة و الحساسة في مرحلة البحث و ذلك لإرتباطها بحماية حقوق الأشخاص الموقوفين للنظر ، ذلك أنه كلما كانت الإجراءات صحيحة و سليمة دل ذلك على أن الضبطية القضائية قد سارت بكيفية قانونية و أن الضمانات القانونية قد روعيت فيها.
إن هذا البحث يؤكد في مجمله الفكرة التي دفعتنا إلى القيام به و هي أن التوقيف للنظر يكتسي أهمية بالغة و خطيرة بالنسبة لضابط الشرطة القضائية ، بوصفه إجراء يخضع لضمانات تمثل وسيلة لحماية حقوق الموقوف للنظر ، الضمانات الضرورية ضد التعسف و الإنحراف اللذين يمكن أن يؤثرا على المسار المهني لضابط الشرطة القضائية .
و في الأخير نشير إلا أن المشرع قد أغفل بعض الجوانب في إجراء التوقيف للنظر منها عدم التحديد الصريح لوقت بداية حساب مدة هذا التوقيف المحددة ب48 ساعة ، عدم تحديد مستلزمات النوم بدقة بحيث يمكن أن تعتبر إحداها من الأشياء التي يمكن إستخدامها لإيذاء المحجوز نفسه ، و كيفية التكفل بجانب تغذية الموقوف للنظر التي تخلق مشاكل جمة لضابط الشرطة القضائية ، الشيء الذي يفرض إيجاد حلول ناجعة خاصة للمشكل الأخير و صياغتها في نصوص واضحة .

look/images/icons/i1.gif التوقيف للنظر وفق التشريع الجزائري
  08-04-2017 09:39 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-04-2013
رقم العضوية : 173
المشاركات : 85
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 80
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب
موضوع مميز شكرا جزيلا لكم

look/images/icons/i1.gif التوقيف للنظر وفق التشريع الجزائري
  11-05-2018 07:32 صباحاً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 14-01-2012
رقم العضوية : 1
المشاركات : 852
الدولة : الجــــزائر
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 570
موقعي : زيارة موقعي
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب
تشكر علي المساهمة

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
التوقيف ، للنظر ، وفق ، التشريع ، الجزائري ،









الساعة الآن 04:08 AM