الاقطاب المتخصصة محكمة مقر المجلس سابقا المبحث الأول : ماهية الأقطاب المتخصصة
المطلب الأول : مفهوم الأقطاب المتخصصة
المطلب الثاني : اختصاصات الأقطاب المتخصصة
المبحث الثاني : القطب المختص الجزائي والأحكام الانتقالية
المطلب الأول : القطب المختص الجزائي
المطلب الثاني : الأحكام الانتقالية
خاتمة
تمهيد :
منح المشرع الجزائري ضمن قانون الإجراءات المدنية القديم إختصاص نوعي حصري لما إصطلح عليه المشرع بالمحكمة المنعقدة في مقر المجلس ففي المادة الأولى الفقرة الثالثة من قانون الإجراءات المدنية القديم :
( ويمتد الاختصاص المحلي لكل محكمة في جميع المواد المذكورة أعلاه والآلية إلى المحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية إلى دائرة اختصاص المجلس القضائي التي تكون المحكمة تابعة له).
- حيث كانت تختص دون سواها للنظر في بعض النزاعات حددها قانون الإجراءات المدنية بصورة حصرية وهي :
- الحجز العقاري،
- تسوية قوائم التوزيع وبيع المشاع ،
- وحجز السفن والطائرات وبيعها قضائيا ،
- وتنفيذ الحكم الأجنبي ومعاشات التقاعد الخاصة بالحجز ... الخ
والمشكل المطروح هنا أن القانون الجديد لم يطرح فكرة المحاكم التي تنعقد في مقر المجالس ، وربما حاول إستبدالها بما إصطلح عليه الأقطاب المتخصصة ، وما يدعم ما قلناه هو أنما جاء في النص المادة 1063 على أنه : ( تبقى قواعد الاختصاص النوعي والإقليمي النصوص عليها في المادة 40 الفقرة 3- 4 من هذا القانون ، سارة المفعول إلى حين تنصيب الأقطاب المتخصصة .)[/b]
أيضا فيما يخص:
-مسألة مطابقة النصوص التنظيمية المتعلقة بهذه الاقطاب للدستور حيث أن المجلس الدستوري صرح سنة 2005 بعدم مطابقة النصوص التنظيمية المتعلقة بهذه الأقطاب للدستور و يتعلق هذا بالقانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر في 2005 و قد صرح المجلس الدستوري بعدم دستورية المواد 24.25.26 المتعلقة بالاقطاب المتخصصة و لهذا تم إلغاء هذه المواد
و قد برر المجلس الدستوري موقفه بأن هذا يعتبر إعتداء السلطة التنفيذية على الاختصاصات الدستورية للسلطة التنفيذية حيث أن
- المادة 122-6 من الدستور تنص على انه ( يشرع البرلمان في الميادين التي يخصصها له الدستور و كذلك في المجالات التالية.. القواعد المتعلقة بالتنظيم القضائي ، و إنشاء الهيئات القضائية....) و على هذا الاساس اعتبر المجلس الدستوري أن تطبيق المادة 24 يترتب عليه تحويل صلاحيات إنشاء الهيئات القضائية الى المجال التنظيمي الذي يعود إلى الوزير الاول.
مقدمة:
التخصص في مجال القضاء له أهمية كبيرة ودور فعال في رفع مستوى العمل القضائي ولنظام التخصص جانبين هما تخصص القضاء وتخصيص الجهات القضائية وهو من التوجهات الحديثة البارزة للتنظيم القضائي الجزائري. وهو الأمر الذي استحدثه المشرع الجزائري بما يسمى الأقطاب المتخصصة غير أنه لم يعط تعريف محدد لها فيما إذا كانت هذه الأخيرة جهة قضائية أم قسم من أقسام المحكمة. ومن هنا نطرح الإشكال التالي:
ماهي الأقطاب المتخصصة؟ هل تم تجسيدها في الواقع؟
المبحث الأول : ماهية الأقطاب المتخصصة
المطلب الأول: مفهوم القطب المختص. (وتمييزه عن باقي أقسام المحكمة).
نجد المادة 13 (بعد المطابقة) من القانون العضوي 05/11 المتعلق بالتنظيم القضائي تضمنت أقسام المحكمة دون الإشارة إلى الأقطاب القضائية مما يجعلنا نعتقد بأن هذه الأخيرة ما هي إلا أقسام عادية من أقسام المحكمة من جهة توسيع دائرة اختصاصها الإقليمي لدى المحكمة التابعة لها من جهة ومن جهة أخرى اختصاصا نوعيا محددا. ولكن بالعودة إلى النص الأصلي المادة 32 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على إمكانية تشكل أقطاب متخصصة إلى جانب أقسام المحكمة. ويلاحظ في هذه المادة أن المشرع لم يعتبر الأقطاب المتخصصة قسم من أقسام المحكمة فهي مستقلة عنها ولا يمكن أن نسميها جهة قضائية حيث أن هذه الأخيرة هي نفسها تتمركز داخل جهة قضائية وهي المحكمة وهذا وفقا للمادة 32 فقرة 1 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
كما تتشكل الأقطاب القضائية المتخصصة من تشكيلة جماعية مثلها مثل بعض أقسام المحكمة (القسم التجاري والقسم الاجتماعي) ولكن وجه الشبه يكمن فقط في اللفظ "تشكيلة جماعية" ولكن من حيث المحتوى نجد أن الأقطاب القضائية المتخصصة تتشكل من ثلاثة قضاة ومساعدين عند الاقتضاء وفقا للمادة 32 فقرة 8. عكس القسم الاجتماعي والتجاري اللذان يتشكلان من قاض ومساعدين وليس من ثلاثة قضاة. أما من حيث تعيين قضاة الأقطاب المتخصصة وبعدم وجود تنظيم لهذه الأخيرة نعتقد أنهم يعينون بنفس طريقة تعيين قضاة أقسام المحكمة أي عن طريق رئيس المحكمة بعد استشارة وكيل الجمهورية.
كما يلاحظ في قضاة الأقطاب المتخصصة تضفى عليهم صفة التخصص ولكن في الحقيقة أن الجزائر ليس لها قضاة مختصين بحيث أنهم تلقوا نفس التكوين والدليل على ذلك قضاة القضاء العادي والقضاء الإداري تلقوا نفس التكوين رغم الاختلاف الكبير في نوع المنازعات.
كما تتميز الأقطاب المتخصصة عن أقسام المحكمة من حيث الاختصاص الذي سنراه في المطلب الثاني من هذا المبحث.
المطلب الثاني : اختصاصات الأقطاب المتخصصة.
نجد أن المادة 32 فقرة 6. تنص على " تختص الأقطاب المتخصصة المنعقدة في بعض المحاكم بالنظر دون سواها في المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية والإفلاس والتسوية القضائية والمنازعات المتعلقة بالبنوك ومنازعات الملكية الفكرية ومنازعات البحرية والنقل الجوي ومنازعات التأمينات. "
يتضح لنا من نص هذه المادة أن للأقطاب المتخصصة اختصاص نوعي محصور في منازعات معينة كما نجد أن نص المادة يحتوي على كلمة ".. دون سواها .." فيتضح لنا أن للأقطاب المتخصصة اختصاص مانع فهي تفصل دون سواها في هذه المنازعات وبمفهوم المخالفة فلا يمكن للأقسام الأخرى للمحكمة الفصل في هذه المنازعات وبمفهوم المخالفة فلا يمكن للأقسام الأخرى للمحكمة الفصل في هذه المنازعات فهي محصورة ومقتصرة على الأقطاب فقط.
وعند تحليل المنازعات التي تختص بها لأقطاب المتخصصة نجد أن أغلبيتها هي منازعات ذات طبيعة تجارية حساسة في نفس الوقت فمثلا التجارة الدولية فهذا موضوع حساس يمس اقتصاد البلد كله وكذلك المنازعات الأخرى فهي تمس بحقوق الأفراد مثل الملكية الفكرية منازعات التأمينات. لذلك نجد أن هذه المنازعات من النظام العام يثيرها القاضي من تلقاء نفسه.
كما أن لها اختصاص إقليمي موسع ويظهر ذلك ضمنيا في المادة 32 فقرة6 " تختص الأقطاب المتخصصة المنعقدة في بعض المحاكم ...."
ولكن المحاكم التي لم تنشأ فيها أقطاب متخصصة فمن يفصل في منازعات التي يختص بها القطب المختص وهنا يظهر الاختصاص الإقليمي الموسع لهذا الأخير.
إذ يمكن أن يتعدى اختصاصها الإقليمي إلى محكمتين أو أكثر لنفس المجلس كما يمكن عند الاقتضاء أن تتعدى إلى محكمة لمجلس قضائي آخر مثلا قطب مختص بالجزائر العاصمة يمكنه أن يفصل في منازعات محددة بإقليم تابع لمجلس قضاء بومرداس.
المبحث الثاني : القطب المختص الجزائي والأحكام الانتقالية
المطلب الأول : القطب المختص الجزائي
كما ذكرنا في السابق أن الاختصاص الإقليمي للأقطاب القضائية واسع فقد يشمل محكمتين أو ثلاثة ولكن هل يمكن أن يكون اختصاصها وطني؟ وهنا تظهر فكرة الأقطاب الجزائية المتخصصة حيث نص القانون رقم 04/14 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية على أنه "يجوز تمديد دائرة الاختصاص للمحكمة و كذا لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم ... الأموال و الإرهاب و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف" حيث أعطيت مهمة الفصل في هذه المنازعات للأقطاب الجزائية المتخصصة ومن هنا نستنتج أن للأقطاب المتخصصة مهام عادية تتمثل في الفصل في المنازعات المنصوص عليها في المادة 32 فقرة 6 ومنازعات استثنائية تفصل فيها عن طريق أقطاب جزائية متخصصة ونصت عليها المادة في قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثاني : الأحكام الانتقالية
في قانون إجراءات المدنية والإدارية القديم كانت محكمة مقر المجلس هي التي تفصل في دعاوي الإفلاس والتسوية القضائية وطلبات بيع المحلات التجارية .... بقيد الرهن الحيازي. ومنازعات الملكية الفكرية ...."
ولكن في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد نجد أن معظم هذه الاختصاصات ذكرت في المادة 32 فقرة 6 وأعطيت للأقطاب المتخصصة مهمة الفصل فيها. كما نجد أيضا المادة 40 من نفس القانون في فقرتيها 3 و 4.
المادة 40 ق إ م إ : " فضلا عن ما ورد في المواد 37 و 38 و36 من هذا القانون ترفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المبينة أدناه دون سواها ....."
الفقرة 3: " في مواد الإفلاس أو التسوية القضائية للشركات وكذا الدعاوي المتعلقة بمنازعات الشركاء أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية."
الفقرة 4: " في مواد الملكية الفكية أمام المحكمة المنعقدة في مقر المجلس القضائي الموجودة في دائرة إختصاصه موطن المدعى عليه."
- ونجد أن هذه المادة مخالفة تماما لمحتوى المادة 32 فقرة 6 التي نصت صراحة على أن الأقطاب المتخصصة هي التي تفصل دون سواها في منازعات التسوية القضائية والملكية الفكرية ...... ولحل هذا الخلاف قام المشرع بوضع حكم انتقالي في المادة 1063 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تنص "تبقى قواعد الاختصاص النوعي والإقليمي المنصوص عليها في المادة 40 فقرة 3 و 4 سارية المفعول إلى حين تنصيب الأقطاب المتخصصة.
خاتـمـة:
من خلال ما سبق يتضح لنا أن الأقطاب المتخصصة ليست بقسم فهي مختلفة عنها تماما من حيث إختصاصها الإقليمي الموسع والنوعي المانع، كما أنها ليست بجهة قضائية لأن المحكمة ككل هي جهة قضائية. وفي انتظار تجسيدها على أرض الواقع تبقى محكمة مقر المجلس هي المختص في الفصل في منازعات الملكية الفكرية ..... كما يستحيل التوسع في موضوع الأقطاب أكثر لغياب النصوص المتعلقة بها في إنتظار تنظيم قضائي خاص بالأقطاب المتخصصة لحل الفراغ التشريعي.