مجلس الدولة الجزائري يتمتع بنوعين من الاختصاصات : -إختصاصات ذات طابع قضائي . - اختصاصات ذات طابع استشاري .
أولا : الاختصاصات ذات الطابع القضائي : ( الاختصاصات القضائية ) خلافا لما كان عليه اختصاص الغرفة الإدارية التي كانت قائمة بالمحكمة العليا يتمتع مجلس الدولة باختصاص قضائي متنوع حيث يكون مجلس الدولة أحيانا : - محكمة أول و أخر درجة ( قاضي اختصاص ) -و أحيانا أخرى جهة استئناف ( قاضي استئناف ) - كما يختص أيضا بالطعون بالنقض ( قاضي نقض )
1 - مجلس الدولة قاضي إختصاص : يفصل مجلس الدول , كقاضي اختصاص ابتدائيا و نهائيا في المنازعات التي تثور بشان بعض الأعمال و القرارات و التصرفات ذات الأهمية و الصادرة عن السلطات و الهيئات و التنظيمات المركزية و الوطنية , حيث نصت المادة 09 من القانون العضوي رقم 98-01 على ما يلي : ( يفصل مجلس الدولة ابتدائيا و نهائيا في : أ – الطعون بالإلغاء المدفوعة ضد القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية الوطنية و المنظمات المهنية الوطنية. ب – الطعون الخاصة بتفسير و مدى شرعية القرارت التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة . )
2 – مجلس الدولة في الاستئناف : تنص المادة 10 من القانون العضوي رقم 98-01 السابق على ما يلي : ( يفصل مجلس الدولة في استئناف القرارات الصادرة ابتدائيا من قبل المحاكم الإدارية في جميع الحالات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ) و هو ما نصت عليه أيضا الفقرة الثانية من المادة 02 من القانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية , بقولها أن : ( أحكام المحاكم الإدارية قابلة للاستئناف أمام مجلس الدولة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ) و هكذا فقد وضع النصان السابقان قاعدة و مبدأ علم تكون بمقتضاه جميع القرارات الصادرة ابتدائيا من المحاكم الإدارية قابلة للطعن فيها بالاستئناف أمام مجلس الدولة إلا إذا نص القانون خلاف ذلك. و للمقارنة مع النظام الفرنسي فان جميع أحكام المحاكم الإدارية قابلة للطعن فيها بالاستئناف أمام مجلس الدولة : فإذا لم يكن الطعن فيها بالاستئناف بموجب القانون فهو طعن بالنقض , حتى و إن كانت النصوص تشير إلى طابعها النهائي أو عدم قابليتها لأي طعن , إلا في حالات محدودة .
3 – مجلس الدولة قاضي النقض : تنص المادة 14 من القانون العضوي رقم 98-01 على ما يلي : ( يفصل مجلس الدولة في الطعون بالنقض في القرارات الجهات القضائية الإدارية الصادرة نهائيا و كذا الطعون بالنقض في قرارات مجلس المحاسبة ) و إذا كانت الغرفة الإدارية القائمة سابقا بالمحكمة العليا أثناء مرحلة وحدة القرار ( 1965-1998 ) لم تكن تتمتع بهذا النوع من الاختصاص حيث كانت فقط أما قاضي الاختصاص( قاضي إلغاء ) أو قاضي استئناف فان مجلس الدولة يتمتع في مرحلة ازدواج القضاء إضافة إلى ذلك باختصاص الفصل في الطعون بالنقض , كما هو الحال بالنسبة لمجلس الدولة الفرنسي .
ثانيا : اختصاصات ذات طابع استشاري ( الاختصاصات الاستشارية ) يستمد مجلس الدولة وظيفته الاستشارية من الدستور و خاصة المادة 119 منه و كذا المادة 4 من القانون 98-01 و التي جاء فيها : ( يبدي مجلس الدولة رأيه في مشاريع القوانين حسب الشروط التي يحددها هذا القانون و الكيفيات المحددة ضمن نظامه الداخلي ) كما نصت المادة 12 من نفس القانون ( يبدي مجلس الدولة رأيه في المشاريع التي يتم إخطاره بها حسب الأحكام المنصوص عليها في المادة 4 ويقترح التعديلات التي يراها ضرورية.
و على ضوء هذه النصوص فان مجلس الدولة يعتبر غرفة مشورة بالنسبة للحكومة في مجال التشريع. و المشاريع مثل المشورة قد تتعلق بعدة مجالات كقانون العقوبات أو الأحوال الشخصية و القانون التجاري و يقتصر على المجال الإداري. كما إن رقابة مجلس الدولة تمتد كذلك إلى الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني حسب المادة 124 من الدستور و كذا في الحالة الاستثنائية المنصوص عليها في المادة 93 أو في حالة عدم مصادقة البرلمان على قانون المالية في اجل أقصاه 75 يوما حسب المادة 120 فقرة 8 من الدستور . كما يبدي مجلس الدولة رأيه في مراسيم التي يتم إخطاره بها من قبيل رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة . إن اشتراك مجلس الدولة في الوظيفة التشريعية هو إحداث الانسجام بين النصوص القانونية و تجنب تصادمها .
إجراءات الاستشارة : لقد حدد المرسوم التنفيذي رقم 98-261 المؤرخ في 29/08/1998 هذه الإجراءات و هي : 1 – الإخطار : يخطر مجلس الدولة من قبل الحكومة و يطلب منه إبداء رأيه حول مشروع أو مشاريع قوانين و لا يعمل إلا بعد إخطاره لا من تلقاء نفسه. و الإخطار هو إجراء وجوبي بالنسبة للحكومة فبعد مصادقة المجلس الحكومة على مشروع القانون يلزم الأمين العام للحكومة بإخطار مجلس الدولة بالمشروع المصادق عليه مرفقا بعناصر السلف المختلفة و يسجل الإخطار في سجل يسمى سجل الإخطار. 2 – استلام المشروع: بعد استلام المشروع من جانب مجلس الدولة المصادق عليها من طرف مجلس الحكومة تكون أمام حالتين : الحالة الأولى: يتولى هذا الأخير بموجب أمر صادر منه بتعيين احد المستشارين كمقرر ثم تجتمع الجمعية العامة و يتفرغ المستشار المعين بدراسة المشروع قد يستعين في ذلك إلى خبرات في شتى العلوم حتى يكون على قناعة و يبدي رأيه فيه . الحالة الثانية : في حالة إذا كان المشروع يكتسب طابعا استعجاليا يتولى الرئيس بإحالته على رئيس اللجنة الدائمة و هو رئيس غرفة لتعيين مستشار مقررا .
انعقاد الجلسة : جلسة مجلس الدولة تتم في شكل جمعية عامة أو لجنة دائمة و يلي التقرير المعد من طرف العضو المقرر ثم عليه المناقشة و المداولة. و يجتمع مجلس الدولة أما في شكل جمعية عامة أو لجنة دائمة فالجمعية العامة تتشكل من رئيس المجلس رئيسا و نائب الرئيس و محافظ الدولة و رؤساء الغرف و خمسة مستشاري الدولة , الوزير المعني بالمشروع و لا يصح الفصل في المشروع إلا بحضور نصف عدد أعضاء الجمعية العامة . و ممثل الوزير داخل الجمعية العامة يجب أن لا يقل رتبته عن مدير إدارة مركزية و يعين من قبل رئيس الحكومة باقتراح من الوزير المعني. و بعد مناقشة المشروع يبدي الرأي فيه عما أن يبارك فينظم المشروع فيضم إلى رئيس الحكومة أو يبدي بعض التحفظات أو يدخل عليه بعض التعديلات و يتخذ المجلس رأيه بأغلبية الأصوات الحاضرين و في حالة التعادل يرجح صوت الرئيس.
اللجنة الدائمة : في حالة ما إذا كان المشروع ذو طابع استعجالي يعرض على اللجنة الدائمة التي تشكل من رئيس اللجنة برتبة رئيس غرفة , 4 مستشاري الدولة , محافظ الدولة , الوزير المعني أو ممثله .
الطبيعة القانونية لرأي مجلس الدولة : لا يكون لرأي مجلس الدولة القوة إلزامية لا تلتزم الحكومة الأخذ به فقد تصرف عنه .
إجراءات رفع الدعوى أمام مجلس الدولة و الفصل فيها : طبقا للمادة 904 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ترفع الدعوى أو الطعن أمام مجلس الدولة بذات الكيفية على الوجه الغالب المطبقة أمام المحكمة الإدارية . إلى درجة أن المادة المذكورة إحالتنا إلى المواد من 815 – 825 من ذات القانون مع تسجيل فورقات جزئية و بسيطة تتميز بها الدعوى أو الطعن المرفوع أمام مجلس الدولة من ذلك أن المادة 905 استوجبت رفع الدعوى بواسطة محام معتمد لدى مجلس الدولة و لقد استثنت المادة 800 الدولة و الولاية و الهيئات الغير ممركزة على مستوى الولاية و البلدية و المؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية من أن تمثل بواسطة محام . و يوقع طعنها أو عريضتها أو مذكرتها الممثل القانوني المتصرف باسم هذه الهيئات كل على حده. و لا تفوتنا الإشارة انه لا وجود في المنظومة القانونية الجزائرية المتعلقة بممارسة مهنة المحاماة حتى إغلاق الدورة الربيعية لسنة 2008 ما يسمى بمحام معتمد لدى مجلس الدولة , ذلك أن المادة 103 من القانون 91-04 المؤرخ في 8 يناير 1991 أشارت وبصريح العبارة لشروط الاعتماد لدى المحكمة العليا و هذا قبل إنشاء مجلس الدولة سمة 1998 .
و كان يتعين على وزارة العدل أن تقدم مشروع تعديل قانون ممارسة مهنة المحامي بالموازاة مع تقديم مشروع قانون مجلس الدولة و تدمج من خلال هذا المشروع و التعديل و تسمية جديدة على غرار تسمية المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا . و هو بكل أسف لم يحدث ليس سنة 1998 ساعة تقديم مشروع القانون العضوي 98-01 بل و إلى غاية منتصف سنة 2008 أي أن السكوت امتد لفترة تجاوزت العقد من الزمن .
و قد يرد على ملاحظتنا هذه أن المجلس الدولة هو كالمحكمة العليا يشغلان موقعا واحدة ومكانة واحدة و من اعتمد لدى المحكمة العليا صار بالضرورة معتمدا لدى مجلس الدولة ...... غير أن مثل هذا الرد غير مؤسس و غير مقنع إذا لجوانب إجرائية و الصفات و التسميات يعددها القانون فهو من يحدد شروط اكتساب الصفة و هو من يرتب عليها الأثر القانوني . ثم انه ما كان يضر الوزارة العدل لو قدمت مشروع تعديل قانون المحاماة و لو جزئيا بإدراج مادة واحدة بل فقرة واحدة في قانون ممارسة مهنة الدفاع بما يتماشى و الهيكلة القضائية الجديدة , و الحقيقة أن السهو الذي حصل لم يقتصر على مؤسسة الدفاع بل امتد لجهاز القضاء , ذلك أن المشرع استحدث بموجب القانون العضوي 98-01 مجلس الدولة و ذكر بموجب المادة 20منه أن قضاة مجلس الدولة يخضعون للقانون الأساسي للقضاء , رغم أن هذا الأخير لم يعدل إلا سنة 2004 بموجب القانون العضوي 04-11 .
و ذلك الفراغ و الإشكال طرح بالنسبة للقضاة المحاكم الإدارية بالرغم من عدم تنصيبها .فالمادة 3 من القانون 93-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية أشارت بصريح العبارة لخضوع قضاة المحاكم الإدارية للقانون الأساسي للقضاة رغم أن هذا الأخير لم يتضمن الإشارة لهذه الفئة من القضاة إلا سنة 2004 .
و تأسيسا على ما تقدم كان حريا بوزارة العدل سنة 1998 حين أقبلت على تقديم المشاريع قوانين للحكومة لإيداعها أمام السلطة التشريعية و يتعلق الأمر بمشروع قانون عضوي لمجلس الدولة و أخر لمحكمة التنازع و ثالث للمحاكم التي الإدارية أن تبتعد بخطورة موازبة لتقدم مشروع تعديل القانون الأساسي للقضاة لإدراج الصفات الجديدة لقضاة مجلس الدولة و هو ما لم يتبع مما شكل فراغا كبيرا سد إلى اليوم جزءا منه و يجب أن يتضمن العريضة أو الطعن المرفوع أمام مجلس الدولة جملة البيانات في المادة 15 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية . و هي مادة كما رأينا مشتركة تنطبق على سائر العرائض المرفوعة أمام مختلف الهيئات القضائية.
و نتيجة لذلك و جب أن تتضمن العريضة الجهة القضائية التي ترفع أمامها . و اسم و لقب المدعي .كما تتضمن الإشارة إلى التسمية و طبيعة الشخص المعنوي . و عرض موجز للوقائع و طلبات و المستندات ووسائل الدفاع.
غير أن المادة 819 في فقرتها الثانية و التي تسري إلى المحاكم الإدارية و مجلس الدولة على حد سواء طبقا للإحالة المقررة بموجب المادة 904 المذكورة أوردت استثناء يتعلق بالمانع المبرر و يقصد به حالة الامتناع الإدارة عن تسليم المعني نسخة من القرار.
و في هذه الحالة يكفي إثبات واقعة الامتناع بموجب وثيقة صادرة عن ضابط عمومي (محضر قضائي ) ليتولى القاضي المقرر جبر الإدارة المعنية على تسليم القرار . و بذلك يكون المشرع الجزائري قد خطى خطوة نوعية من اجل محاربة بعض التصرفات السلبية المنافية لدولة القانون و التي قد تقبل عليها بعض الجهات الإدارية المركزية . و تثير قراءة المادة 904 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية إشكالا بخصوص الإحالة العامة و المطلقة .فلقد أحالتنا إلى المواد من 815 إلى 825 أي إلى 11 مادة. و بالتوقف عند المادة 825 نجدها قد نصت على أن ترفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية بعريضة موقعة من محام هكذا و دون وصف و دون شرط الاعتماد مما قد يثير الالتباس . غير أن المادة 905 من ذات القانون جاءت أكثر دقة و تحديدا حينما اشترطت الاعتماد لدى مجلس الدولة و كان أصوب و أليق باعتقادي لو استغنت المادة 904 عن الإحالة للمادة 815 و اكتفت بالإحالة ابتدءا من المادة 916 إلى غاية المادة 825 , و هذا تفاديا لتناقض النصوص بين العمومية و اللفظ العام و هو ما ورد في المادة 815 . و بين الخصوصية و التحديد و الشرط و هو ما ورد في المادة 905.
و يثير مضمون المادة 812 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و هي تطبق على مجلس الدولة بالإحالة المقررة في المادة 904 منه إشكالا أخر تمثل في أن نص المادة 821 استعمل عبارة ( تودع العريضة بأمانة ضبط المحكمة الإدارية )
فهذا الإجراء أن كان تطبيقه لا يثير إشكالات عملية على المستوى المحاكم الإدارية بحكم كثرتها , فانه يتعذر تطبيق ذات الإجراء بالنسبة لمجلس الدولة باعتباره هيئة وحيدة مقرها العاصمة . فلا يتصور أن نرفق هيئة الدفاع و نلزمها بالتنقل للعاصمة و من مختلف المناطق من اجل إيداع عريضة أمام أمانة ضبط مجلس الدولة . لذا كان من المفروض التدقيق أكثر عند الإحالة للنصوص لان ما صلح أتباعه أمام هيئة قضائية قد لا يصلح أمام هيئة قضائية أخرى و لو من نفس الطبيعة ( قضاء إداري ). و تقيد العريضة عند إيداعها في سجل خاص و ترقم حسب التاريخ ورودها و هذا بعد دفع الرسوم القضائية . و يفصل رئيس المجلس الدولة في الإشكالات المتعلقة بالإعفاء من الرسوم بأمر غير قابل للطعن.
و ذات الجوانب الإجرائية وجب أتباعها بشان ممارسة حق الاستئناف أمام مجلس الدولة طبقا للمادة 11 من القانون الوي 98 -01 مع إرفاق القرار القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية.
و يصدر القرار بأغلبية الأصوات , و يتم التصريح بمضمونه في جلسة علنية من قبل الرئيس و بحضور التشكيلة . و يعمل القرار الإداري بتاريخ النطق به . و يجب أن يشمل القرار تحت طائلة البطلان عبارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية لشعبية باسم الشعب الجزائري و يتضمن جملة البيانات الواردة في المادة 276 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية سابق الإشارة إليها .