logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





28-12-2015 07:42 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1154
المشاركات : 326
الجنس :
قوة السمعة : 180
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

المسؤولية الإدارية لمصالح الشرطة
مذكرة تخرج

خطة
الـــفــصل اﻷول :المسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة على أساس الخطأ
‫المـبــحث اﻷول : الخطأ الشخصي كأساس للمسؤولية اﻹدارية عن أعمال‬ ‫الشرطة
‫المـطـلــب اﻷول: مفهوم الخطأ الشخصي للشرطي
‫المـطـلــب الـثـــاني : تحديد الخطأ الشخصي في الفعل الضار للشرطي
‫المـبـــحــث الثاني : المسؤولية اﻹدارية على أساس الخطأ المرفقي للشرطة
‫الـمـــطـلــب اﻷول: الخطأ الجسيم آشرط لقيام مسؤولية الدولة عن أعمال‬ ‫الشرطة
‫الـمــطـلــب الـثــاني : الخطأ البسيط آاستثناء لقيام مسؤولية الدولة عن‬ ‫أعمال الشرطة
‫الــفــصـــــل الــــثـانـي : المسؤولية اﻹدارية غير الخطئية عن أعمال الشرطة
‬ ‫المـبــحـــث اﻷول : المسؤولية الدولة عن مخاطر استعمال مصالح الشرطة‬ ‫للأسلحة النارية و اﻵﻻت الخطيرة
‬ ‫المـطـلــب اﻷول : شروط قيام المسؤولية اﻹدارية على أساس المخاطر
‫المـطـلــب الـثـاني : تطبيقات القضاء الجزائري للمسؤولية أﻹدارية على‬ ‫أساس المخاطر
‬ ‫المـبـــحــث الثاني : المسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة على أساس الإخلال ‫بالمساواة أمام اﻷعباء العامة
‬ ‫الـمـــطـلــب اﻷول : حاﻻت الإخلال بالمساواة أمام اﻷعباء العامة
‫الـمــطـلــب الـثــاني : موقف التشريع و القضاء الجزائري من مبدأ‬ ‫الإخلال بالمساواة أمام اﻷعباء العامة
‫خـاتــــمــة‬

مقدمة‬
‫ﻻ شك أن حقوق اﻹنسان و ما ينبثق عنها من حقوق و حريات تمثل جوهر دولة‬ ‫القانون ذلك أن نظامها الدستوري و القانوني يقوم على حماية تلك الحقوق و الحريات، و‬ ‫لذلك تغدو الموازنة بين حماية الحريات و الحقوق من جهة و حراسة النظام العام من جهة‬ ‫أخرى إحدى أهم غايات القانون في الدولة و ﻷجل حفظ النظام العام تعتمد السلطات العامة‬ ‫عدة وسائل و أدوات منها أجهزة الشرطة التي تتولى القيام بنشاطات تنظيمية و أخرى‬ ‫مادية من اجل حفظ النظام العام في إطار ما يسمى بالضبط اﻹداري. آما تتولى القيام بأعمال‬ ‫أخرى تندرج في إطار الضبط القضائي.‬ ‫و في الجزائر، أنشئت هيئة وطنية للأمن الوطني سنة 3691 بموجب المرسوم‬ ‫36/563 بتاريخ 61/90/3691 آإحدى الهيئات التابعة لوزير الداخلية، إﻻ أنه سنة 5691‬ ‫أنشأت مديرية عامة للهيئة الوطنية لﻸمن لدى رئاسة الجمهورية بموجب المرسوم رقم‬ ‫56/27 بتاريخ 11/30/5691 حيث ألحقت الهيئة الوطنية لﻸمن برئاسة الجمهورية، إذ تم‬ ‫وضعها تحت سلطة المديرية العامة للهيئة الوطنية للأمن برئاسة الجمهورية، غير أنه في‬ ‫شهر جويلية 5691 أعيدت هذه الهيئة الوطنية للأمن في شكل مديرية إلى وزارة الداخلية‬ ‫بموجب المرسوم رقم 56/581 في 21 جويلية 5691 المتعلقة بالهيئة الوطنية للأمن.‬ ‫و بموجب المرسوم 17/051 المؤرخ 30 يونيو 1791 أنشئت مجموعات متنقلة‬ ‫لشرطة الحدود و السير التابعة لمصالح أمن الوﻻيات و أمن الدوائر التي ترأس من قبل‬ ‫موظف اﻷمن الوطني معين من قبل وزير الداخلية، و يمارس صلاحياته تحت سلطته.‬ ‫و هناك مصلحة أمن الوﻻية التي تسهر على تسيير و تنسيق نشاطات أمن الدوائر‬ ‫التابعة لها و التي توضع تحت سلطة موظف يعينه وزير الداخلية طبقا للمرسوم السالف‬ ‫الذآر، آما يعتبر رئيس مصلحة امن الوﻻية تحت سلطة الوالي الوظيفية.‬ ‫أما مصلحة أمن الدائرة فتضم محافظات اﻷمن العمومي و الفرق المتنقلة للشرطة‬ ‫القضائية و فرق الإستعلامات العامة، و يكون مقرها في مرآز الدائرة، و تعمل تحت سلطة‬

‫‫موظف يعينه وزير الداخلية، و يعمل هذا الموظف رئيس مصلحة أمن الدائرة( تحت السلطة‬ ‫الوظيفية لرئيس الدائرة ) في مسائل اﻷمن و حفظ النظام العام.‬ ‫و تتكون شرطة اﻷمن الوطني من أعوان يعينون لشغل منصب دائم بالمصالح‬ ‫المرآزية أو المصالح الخارجية للأمن الوطني، و آذا في المؤسسات العمومية ذات الطابع‬ ‫اﻹداري التابعة للأمن.‬ ‫و ينقسمون حسب المادة 40 من المرسوم التنفيذي 19/425 الصادر بتاريخ 52‬ ‫ديسمبر 1991 المتضمن القانون الخاص بموظفي اﻷمن الوطني إلى:‬ ‫القسم اﻷول: الموظفين بالزي المدني‬ ‫القسم الثاني: موظفي الهيئة المشترآة.‬ ‫و هناك جهاز الشرطة البلدية الذي أنشئ بموجب المرسوم التنفيذي 39/702 في‬ ‫22/90/3991 المتضمن إنشاء سلك شرطة البلدية و المحدد لمهامه و آيفيات عمله، إذ‬ ‫يتولون المحافظة على النظام العام بعناصره المختلفة و يتكون هذا السلك من:‬ ‫ سلك مراقبي الشرطة البلدية‬‫ سلك محافظة الشرطة البلدية‬‫ سلك أعوان الشرطة البلدية.‬‫و يضاف إلى ذلك المادة 41 من المرسوم التنفيذي 79/40 المؤرخ 40/10/7991‬ ‫المتضمن شروط ممارسة عمل الدفاع الذاتي التي اعتبرت مجموعات الدفاع الذاتي تنشأ و‬ ‫تحل بناءا على قرار من الوالي.‬ ‫و يندرج أيضا ضمن مفهوم الشرطة الدرك الوطني الذي يمارس مهام الشرطة‬ ‫اﻹدارية و الشرطة القضائية المدنية إضافة إلى مهامه العسكرية اﻷخرى.‬ ‫و تتولى الشرطة مهام الضبط اﻹداري، بمعنى المحافظة على النظام العام بعناصره‬ ‫المختلفة، إضافة إلى الضبط القضائي طبقا للمادة 21 ق إ ج ، و يندرج فيها البحث و‬ ‫التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع اﻷدلة عنها و البحث عن مرتكبيها‬ ‫ما لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي.‬ ‫فالضبط الذي تمارسه أجهزة الشرطة ينقسم إلى نوعين: إداري و قضائي،‬

‫‫فالضبط اﻹداري، وقائي مانع يهدف إلى المحافظة على اﻷمن العام، الصحة العامة و‬ ‫السكنية العامة.‬ ‫أما الضبط القضائي، فهو قامع يهدف إلى إكتتشاف الجرائم بعد وقوعها و جمع اﻷدلة‬ ‫المثبتة لها.‬ ‫أو القضائية، تكتسي صعوبات ناجمة عن‬ ‫وآﻼ من أعمال الشرطة اﻹدارية‬ ‫خصوصية الجهاز في حد ذاته و نشاطه المتميز، الذي يفرض على موظفيه التدخل السريع و‬ ‫الفعال، و هو ما يعرض الشرطي ﻹرتكاب أخطاء وهو بصدد تأدية وظيفته، أو حتى خارجها‬ ‫اﻷمر الذي يرتب مسؤوليته الجزائية أو التأديبية.‬ ‫و من أجل حماية الحريات و الحقوق من جهة، و حماية أعضاء الشرطة نظرا لما‬ ‫ينطوي عليه نشاطهم من مخاطر من جهة أخرى، إبتكر القضاء اﻹداري فكرة (مسؤولية‬ ‫الدولة على أعمال الشرطة) بما يمنح حماية اآبر للضحية، إذ تصور الفقه و القضاء فكرة‬ ‫الشخص المعنوي الذي ينوب عن الموظف في دفع التعويضات.‬ ‫ففي مرحلة أولى استند القاضي اﻹداري إلى قواعد القانون العام في تقرير مسؤولية‬ ‫الدولة، ثم وسع من نطاق رقابته لتشمل النشاطات الخطيرة التي فرضها تطور المجتمع و‬ ‫ذلك بالنظر للوسائل المستعملة للحفاظ على النظام العام معتمدا المسؤولية على أساس‬ ‫المخاطر. ثم و تحقيقا لحماية أآبر للضحية، فقد وسع القضاء اﻹداري من مجال المسؤولية‬ ‫بغية تحميل الدولة التعويض على أساس الإخلال بمبدأ المساواة أمام اﻷعباء العامة.‬ ‫و معنى ذلك أن القضاء اﻹداري الفرنسي تبنى نظاما لمسؤولية الدولة عن أعمال‬ ‫الشرطة، بحيث صارت نظرية متكاملة تمتاز بخصوصياتها و مميزاتها استنادا للنشاط‬ ‫المميز ﻷعمال الشرطة.‬ ‫و الحقيقة أن لفكرة المسؤولية أهمية بالغة، باعتبارها إحدى الوسائل اﻷساسية‬ ‫للموازنة بين ضرورة التدخل في إطار الضبط اﻹداري أو القضائي، و ضرورة ضمان‬ ‫الحقوق و الحريات التي قد تتعرض لﻺنتهاك، و هو ما يفرض آفالة تعويض المتضرر،‬ ‫الذي تضمنه نظرية مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة التي تمثل إحدى وسائل القضاء‬

‫اﻹداري لحماية اﻷشخاص و ممتلكاتهم، و هو أحد اﻷوجه التي تكشف عن أهمية هذا‬ ‫الموضوع.‬ ‫أما عن الوجه اﻵخر، فإن هذه النظرية لم تلق العناية الكافية سواء من حيث المعالجة‬ ‫التشريعية، أو من جانب العمل القضائي في الجزائر، و هو ما أفقدها الوضوح الﻼزم لكفالة‬ ‫اﻷهداف المرجوة منها.‬ ‫و هكذا يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة، و خصوصا في ظل المسعى الحالي‬ ‫للسلطات العامة في الدولة، الذي يهدف لبناء الحكم الراشد و تكريس دولة القانون و هو ما‬ ‫يفرض توحيد الجهود لبناء نظرية واضحة و متكاملة تحمي الحقوق و الحريات.‬ ‫و على ذلك، فهذا الموضوع يثير إشكالية أساسية تتعلق بالنظام القانوني لمسؤولية‬ ‫الدولة عن أعمال الشرطة؟ أي آيفية المعالجة التشريعية و القضائية لهذه المسؤولية؟ بمعنى‬ ‫هل أن هذه المسؤولية تبنى على أساس قواعد القانون المدني؟ أم هي مسؤولية تفرض‬ ‫خصوصياتها المختلفة إعتماد أسس أخرى ﻻ يعرفها القانون المدني؟‬ ‫هذه اﻹشكالية تفرض علينا معالجتها بإعتماد منهجية مزدوجة تقوم على التحليل‬ ‫للقواعد القانونية رغم قلتها بغية إبراز موقف المشرع الجزائري من هذه المسؤولية و ذلك‬ ‫مع مقارنتها بالتطبيق القضائي للكشف عن الدور الخﻼق للقاضي اﻹداري الجزائري بما‬ ‫يكمل النقص التشريعي في هذا المجال و ذلك باﻹعتماد على القضاء المقارن و خصوصا‬ ‫الفرنسي لريادته في هذا المجال.‬ ‫
‫ذالك ما سنحاول اﻹجابة عليه من خلال الخطة التالية :‬

الفصل اﻷول :‬ المسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة على‬ ‫أساس الخطأ‬
‫لقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على قاعدة مسؤولية اﻹدارة عن أعمالها‬ ‫الضارة و غير المشروعة منذ قضية ‪ BLANCO‬ الشهيرة1 حيث رأى مجلس‬ ‫الدولة:"...أن مسؤولية اﻹدارة على اﻷضرار التي تلحق اﻷفراد بسبب تصرفات‬ ‫اﻷشخاص الذين تستخدمهم في الموفق العام، ﻻ يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها‬ ‫القانون المدني للعﻼقات فيما بين اﻷفراد.‬ ‫و هذه المسؤولية ليست بالعامة و ﻻ بالمطلقة، بل لها قواعدها الخاصة التي تتنوع‬ وفقا لحاجات المرفق و ضرورة التوفيق بين حقوق الدولة و الحقوق الخاصة"‬
‫‬
‫و على إثر هذا الحكم اﻷساسي استقر الوضع القانوني في هذا الصدد، بحيث‬ ‫أصبحت المسؤولية اﻹدارية الخطئية تقوم على ثلاثة أركان و هي: ركن الخطأ، ركن‬ ‫الضرر، و ركن العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر المترتب، و يقوم الخطأ فيها آأساس‬ ‫قانوني يبررها و يفسر تحميل المسؤول عبء نتائجها و بالتالي وجب علينا التمييز بين‬ ‫الخطأ المرفقي الذي ينسب فيه اﻹهمال أو التقصير إلى المرفق العام ذاته، و بين الحطأ‬ ‫الشخصي الذي ينسب إلى الموظف )العون( ذلك أنه في الحالة اﻷولى تقع المسؤولية على‬ ‫عاتق اﻹدارة )المجموعة العمومية( وحدها وتكون بالتالي ملزمة بأداء التعويض، و ينعقد‬ ‫اﻹختصاص فيها للقضاء اﻹداري.‬ ‫أما في الحالة الثانية فتكون المسؤولية على عاتق الموظف العون شخصيا ويقع‬ ‫التنفيذ على أمواله الخاصة و ينعقد اﻹختصاص للقضاء اﻹداري غير أنه من الضروري‬
----------------------------
‫1-انظر الدكتور سليمان الطماوي –القضاء اﻹداري-الكتاب الثاني قضاء التعويض و طرق الطعن في‬ ‫اﻷحكام دار الفكر العربي ص 811-911.‬
‫2‬ - Les grands arrêts de la jurisprudence administrative F 12éme édition responsabilité 8 février‬‬ ‫7-1 ‪1873 Blanco page‬‬

‫معرفة متى يكون الخطأ مصلحيا، فتسأل عنه اﻹدارة ؟ و متى يكون شخصيا فيسأل عنه‬ ‫الموظف (العون) و ما أثر الجميع بين الخطأين؟‬ ‫هذا ما سوف نتناوله من خلال تحديد آل من الخطأ الشخصي و المرفقي آأساس‬ ‫لقيام مسؤولية اﻹدارة.‬

المبحث اﻷول: الخطأ الشخصي كأساس للمسؤولية اﻹدارية عن أعمال‬ ‫الشرطة‬
‫من المسلم به أن إقرار المسؤولية الشخصية للموظف (العون) تتطلب ثبوت ارتكابه‬ ‫لخطأ شخصي رتب ضررا بالغير اﻷمر الذي يستدعي تمييز الخطأ الشخصي للموظف‬ (العون)، و آذا معرفة النتائج القانونية المترتبة على إقرار الخطأ الشخصي له.‬

المطلب اﻷول: مفهوم الخطأ الشخصي للشرطي‬
‫سوف نتطرق من خلال هذا المطلب إلى تعريف الخطأ الشخصي للشرطي بصفة‬ ‫عامة، و آذا إلى أنواع اﻷخطاء الشخصية، المرتكبة من قبله.‬
الفرع اﻷول: تعريف الخطأ الشخصي للشرطي‬
‫لقد اختلفت التعريفات الفقهية و القضائية للخطأ في المسؤولية بصفة عامة في غياب‬ ‫تعريف التشريع له.‬ ‫فنجد الفقيه الفرنسي مازو يعرفه:"بأنه عيب يشوب مسلك اﻹنسان ﻻ يأتيه رجل عاقل‬ ‫متبصر أحاطته ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت المسؤول"‬ ‫أما تعريف الفقيه بﻼنيول الذي أخذ به آل من المشرعان التونسي و المغربي فهو‬ ‫يرى:"أن الخطأ هو الإخلال باﻹلتزام سابق مع توافر التمييز و اﻹدراك لدى المخل بهذا‬ ‫اﻹلتزام"‬
‫لكن التعريف الغالب و الشائع للخطأ المستوجب للمسؤولية هو أنه "فعل ضار غير‬ ‫مشروع"‬ ‫و يتبين من التعريفات السابقة أن للخطأ رآنين:‬ ‫أولهما مادي و موضوعي و يعني به اﻹخﻼل بالتزام قانوني سابق ينطوي على‬ ‫عنصر التعدي أو الإخلال باﻻلتزامات و الواجبات القانونية سواء آانت هذه اﻷخيرة محددة‬ ‫أو مقابلة لحقوق الغير.‬ ‫و ثانيهما معنوي نفسي ينطوي على عنصر اﻹدراك و التمييز لكن إذا ما أردنا تحديد‬ ‫الخطأ الشخصي للموظف (العون) فإننا نجد القضاء قد أخذ بمعايير لتحديده3 و هو ما سوف‬ ‫نتطرق إليه في المطلب الثاني.‬ ‫لكن يمكننا على ضوء ذلك تعريف الخطأ الشخصي لعون القوة العمومية باعتباره ذلك‬ ‫الخطأ المترآب من قبل عون القوة العمومية بحيث ﻻ تكون له عﻼقة بوظيفته مما يؤدي لقيام‬ ‫المسؤولية المدنية ضده منفردا و بالتالي فإنه يتحمل التعويض في ذمته المالية، ذلك أن عون‬ ‫القوة العمومية هو قبل كل شيء موظف عام و بالتالي فإن آل خطأ يرتكبه يتمثل في الإخلال‬ ‫باﻻلتزامات و الوجبات القانونية الوظيفية المقررة و المنظمة بواسطة قواعد القانون‬ ‫اﻹداري، فيكون الخطأ الشخصي له هنا خطأ تأديبيا يقيم و يعقد مسؤوليته التأديبية ذلك أنه: "‬ ‫آل تقصير في الواجبات المهنية و آل مساس بالطاعة عن قصد و آل خطا يرتكبه موظف‬ ‫في ممارسة مهامه أو أثناءها يعرضه إلى عقوبة تأديبية دون الإخلال عند اللزوم بتطبيق‬
‫قانون العقوبات..."‬
--------------------------
‫3-لقد اختلف الفقهاء في المعايير التي استمدوها من قضاء مجلس الدولة و منهم ﻻ فيريير هوريو‬ ‫دوجي و جييز.‬ ‫4- انظر "اﻷستاذ عوابدي عمار"-نظرية المسؤولية اﻹدارية –نظرية تأصيلية تجليلية و مقارنة ديوان‬ ‫المطبوعات الجامعية ص911-021.‬

الفرع الثاني: أنواع اﻷخطاء الشخصية للشرطي‬
‫تتعدد اﻷخطاء الشخصية لعون القوة العمومية من عدة جوانب، فقد يكون الخطأ‬ ‫الشخصي للشرطي مثﻼ:خطأ تأديبيا، جزائيا، مدنيا أو إداريا كما قد يكون الخطأ في حد‬ ‫ذاته عمديا أو باﻹهمال كما يمكن أن يكون خطأ جسيما أو يسيرا، و هو ما سوف نتطرق‬ ‫إليه فيما يلي:‬ ‫فيقوم الخطأ التأديبي: و بالتبعية تقوم المؤسسة عنه بمجرد وقوع خطأ‬ وظيفي من العامل، فالخطأ التأديبي يعني به: "اﻻنحراف في السلوك الوظيفي للعامل مع‬ ‫إدراكه لهذا اﻻنحراف" و عليه نستنتج أن فكرة الخطأ التأديبي تقوم على ركنين"‬ ‫‬‫أحدهما مادي: و يقصد منه كل انحراف في السلوك يصدر عن الموظف و‬يكون موضوعا للمسائلة التأديبية، و يتمثل في قيام العامل بعمل محظور عليه أو امتناعه‬ ‫عن عمل مفروض عليه، و يستوي أن يكون الفعل الخاطئ إيجابيا أو سلبيا.‬
‫كما يحدد معيار السلوك المنحرف بمعيار شخصي يتمثل أساسا في السلوك المألوف‬ ‫الموظف ذاته إذا وجد في نفس الظروف، و كذا بمعيار موضوعي فيقاس سلوك الموظف‬ ‫بسلوك الموظف متوسط الكفاية من ذات فئته أو طائفته أو تخصصه بحيث يعتبر مخطئا‬ ‫إذا خرج على هذا المألوف، على أن يؤخذ في كل ذلك بكافة الظروف و المﻼبسات‬ ‫المحيطة بمرتكب الفعل.‬ ‫أما بالنسبة للركن الثاني و هو الركن المعنوي الخطأ، و يتمثل في اﻹدراك و هو‬ ‫ما يعبر عنه بضرورة توافر التمييز في الموظف.‬
----------------------
‫5-انظر كتاب اﻷستاذ العميد "محمد ماجد ياقاوت"-اﻹجراءات و الضمانات في تأديب ضابط الشرطة‬ ‫منشأة المعارف باﻹسكندرية ص من 05 إلى 45.‬

الخطأ المدني :‬
‫فهو ذلك الخطأ الذي يعقد المسؤولية المدنية، و نعني به كل إخﻼل بأي التزام قانوني و‬ ‫لو لم يكن مما تكلفه قوانين العقوبات، ذلك أن الخطأ المدني أعم في محتواه من الخطأ‬ ‫الجنائي الذي يكون ركن من أركان المسؤولية الجنائية.‬ ‫أما الخطأ الجنائي:‬ ‫‬‫بنص خاص.‬ ‫أما إذا جئنا لتعريف الخطأ الشخصي لعون القوة العمومية، فنجده ذلك الخطأ‬ ‫المرتكب خارج الوظيفة أو الذي ليست له عﻼقة بالوظيفة باعتباره يعبر عن تصرف‬ ‫فردي ﻻ يعط الوجه الﻼئق أو المنتظر من العون العمومي و يصيب الغير بأضرار و لذا‬ ‫فإنه يتحمل المرتكب وحده مسؤولية فعله، ذلك أن الجريمة الجنائية قد ﻻ تعتبر باستمرار‬ ‫و كقاعدة مطلقة خطأ شخصيا يستوجب مسؤولية الموظف الشخصية إذ يجب لكي يسأل‬ ‫الموظف أن تكون الجريمة عمدية6.‬ ‫و تجدر اﻹشارة أنه يمكن أن يكون هذا الخطأ عمديا أو باﻹهمال، كما قد يكون‬ ‫جسيما أو يسيرا و هو ما سوف نتطرق إليه بشيء من التفصيل في المطلب الموالي.‬

المطلب الثاني : تحديد الخطأ الشخصي في الفعل الضار للشرطي
‫قد يكون مصدر الضرر الخطأ الشخصي بعون القوة العمومية، و عليه نجد القضاء قد‬ ‫أخذ بمعايير في تحديده و ذلك لصعوبة عمل الشرطي في حد ذاته.
‬‫و هو ما سوف نتناوله من خلال تطرقنا إلى المعايير المعتمدة من قيل القضاء في‬ ‫تحديد الشخصي للشرطي، و آذا إلى صعوبات التكييف المتعلقة بعمله.‬ ‫فيعني به كل إخلال بواجب أو التزام قانوني تفرضه أو تقرره قواعد قانون العقوبات‬
--------------------
‫6- انظراﻷستاذ "عمار عوابدي" المرجع السابق ص‬

‫الفرع اﻷول: المعايير القضائية في تحديد الخطأ الشخصي للشرطي‬
‫لقد أخذ القضاء اﻹداري بمعايير لتحديد الخطأ الشخصي للشرطي، و تتمثل هذه‬ ‫اﻷخيرة في اعتباره ذلك الخطأ المرتكب خارج الوظيفة، و هو الخطأ العمدي و الخطأ‬ ‫الجسيم.‬ ‫و نشير أن إثبات هذا النوع من الخطأ بأبعاده الثﻼثة ضد موظف اﻷمن يؤدي إلى‬ ‫قيام مسؤوليته المالية الخاصة.‬ ‫معيار الخطأ المرتكب خارج الوظيفة:‬ ‫يجد الطابع اﻻنفصالي عن الوظيفة محتواه لما يكون الخطأ مرتكب أثناء ممارسة‬ ‫الوظيفة أو خارجها ولذا فإننا ﻻ نجد صعوبة في تكييف الخطأ المرتكب خارج الوظيفة، ذلك‬ ‫أن الوظيفة ﻻ تهيمن على حياة الموظف بصفة آلية، و عليه فﻼ يمكننا مسألة الدولة عن‬ ‫أعمال القوة العمومية بسبب أن درآي قام بقتل غريمه أو أن شرطي قام بقتل فتاة آان قد نقلها‬ ‫بسيارته الشخصية و خارج ساعات العمل، و على الرغم من ذلك فإن في مجال مسؤولية‬ ‫مصالح القوة العمومية و نظرا للقانون الخاص بموظفي اﻷمن العمومي الذي يعتبر الشرطي‬ ‫في حالة خدمة حتى خارج ساعات العمل، و عله فإن الطابع اﻻنفصالي للفعل الضار عن‬ ‫الوظيفة يجد مشاآل في تكييفه و هذا يرجع لصعوبة تكييف الخطأ الشخصي لعون القوة‬ العمومية المرتكب أثناء ممارسة الوظيفة‬
‫و عليه أوجد القضاء معيارين يميز من خلالهما اﻷخطاء الشخصية و هما:‬ ‫معيار نية العون و آذا معيار الجسامة الخاصة.‬ ‫معيار نية العون :‬ ‫تكمن النية في الرغبة في اﻹضرار بمرتفق مصلحة الشرطة و نيل مكاسب‬ ‫خاصة.و نظرا لعون لمعظم التصرفات التي تقوم على هاذين المعيارين بالنسبة لموظف‬ ‫الشرطة تقع تحت طائلة قانون العقوبات، و بالتالي يسهل التفرقة بين الخطأ الشخصي‬
----------------------
‫أنظر مذكرة التخرج الطالب بلقايد علي المرجع السابق ص 40‬

‫البحث و الخطأ الموقفي، و لكن بالرغم من ذلك تبقى هناك صعوبات ﻷن اﻹكراه لما‬ ‫يكون نشاط الشرطة مادي و ميداني فإنه يختلف عن اتخاذ تدابير تنظيمية )خطأ بسيط(.‬ ‫معيار الجسامة الخاصة:‬ ‫و يقصد بها تلك اﻷخطاء التي تكتسي خطورة معينة تتجاوز اﻷخطاء الممكن‬ ‫انتظارها عن عون القوة العمومية، و لذا فيعتبر من قبيل الخطأ الشخصي استعمال العنف‬ ‫أثناء اﻻستنطاق ﻷنها ﻻ تمد بصلة لضرورة ممارسة الوظيفة.‬ ‫كما أن استعمال القوة بشكل يزيد عن اﻻستعمال الشرعي المتعلقة بممارسة‬ ‫الوظيفة يعتبر خطأ شخصي8.‬ ‫أما الخطأ العمدي :فيعني به كل إخلال بواجب أو التزام قانوني مقترن بقصد‬ ‫اﻹضرار بالغير، و هو بالتالي يحوي عنصرين9.‬ ‫اﻷول: و هو فعل أو امتناع عن فعل يعد إخﻼﻻ بالتزام أو واجب قانوني.‬ ‫الثاني: وهو قصد و نية اﻹضرار.‬ ‫و عليه يعتبر الخطأ عمديا بمجرد اتجاه اﻹرادة إلى إحداث الضرر، و لذلك يتحتم‬ ‫على القاضي عند تقريره اعتماد مقياسين أحدهما موضوعي مادي و اﻵخر نفسي شخصي‬ ‫يتﻼءمان مع طبيعة الخطأ في حد ذاته.‬

الفرع الثاني : صعوبات التكييف المتعلقة بعمل الشرطي.
‫إن طبيعة عمل الشرطة المتضمنة اﻹكراه و السرعة في التنفيذ تشكل ﻻ محالة‬ ‫مصدرا للوقوع في الخطأ، و لذا فإننا نجد أن معظم اﻷخطاء الوظيفية تكون أخطاء‬ ‫جزائية، و عليه فقد اعتمد القضاء الفرنسي فكرة )انفصال الخطأ الجزائي عن الخطأ‬ ‫الشخصي( و اعتبر أن جنحة الجروح الخطأ المسندة للعون ﻻ تدخل في تكوين الخطأ‬
----------------------------------
‫8-إن مسألة جسامة الخطأ هي مسألة تقديرية متروكة للقاضي،و المﻼحظ أن قضاء مجلس الدولة‬ ‫الفرنسي في هذا الصدد نجده يتميز بحمايته للموظف، فهو ﻻ يعتبر الخطأ الجسيم شخصيا إﻻ إذا كان‬ ‫على درجة استثنائية من الجسامة.‬
‫9-انظر كتاب اﻷستاذ "عوابدي عمار" المرجع السابق ص 811.‬

‫المنفصل عن ممارسة الوظيفة، و عليه فقد وسع من مجال الخطأ الشخصي على أساس‬ ‫علاقته بالمرفق، بالتالي أعفى العون العمومي من مسؤولية التعويض و أسندها إلى‬ ‫المرفق.‬ ‫و عليه فقد رأى القضاء أن أخطاء الرعونة وحدها تشكل خطأ مرفقي و بقيت‬ ‫الجرائم العمدية الضارة في مجال اﻷخطاء الشخصي، و لهذا فإننا نجد أن القضاء اعتبر‬ ‫الشرطي الذي يقود سيارة الخدمة أثناء ممارسة وظيفة و يسير بسرعة فائقة على اليسار‬ ‫مسببا أضرار للغير، اعتبره ارتكب خطأ شخصي و هذا قبل أن تصبح حوادث السيارات‬ ‫اﻹدارية من اختصاص المحاكم العادية بحكم المادة 70 مكرر ق إ م، حيث تستثني هذه‬ ‫المادة من اختصاص الغرفة اﻹدارية بالمجالس القضائية المنازعات المتعلقة بكل دعوى‬ ‫المسؤولية للتعويض عن اﻷضرار مهما كانت طبيعتها، التي سببتها أية مركبة تكون فيها‬ ‫الدولة أو الوﻻية أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الصيغة اﻹدارية مسؤولة بدل‬ ‫مأمورها هذا المسبب لﻸضرار خﻼل مزاولة مهامه.‬ ‫كما أثيرت مسألة هامة تتعلق بمدى تُثير أمر الرئيس اﻹداري على مسؤولية‬ ‫أ‬ ‫الموظف‪ Ordre Hiérarchique‬ذلك أنها تطرح مشكل التكييف الحقيقي حول ما إذا‬ ‫كان الضحية يتابع العون المنفذ أو اﻵمر بالفعل، إﻻ أننا نجد قضاء مجلس الدولة الفرنسي‬ ‫أقر كلما كانت المخالفة جسيمة، و وجه عدم المشروعية ظاهرا، فقد أقر بمسؤولية‬ ‫المخالف للقانون، و من‬ الموظف الشخصية رغم أنه تصرف بناءا على أمر الرئيس‬
‫أمثلة ذلك ما قضت به محكمة التنازع الفرنسية في قضية "الجرس" 71/11/0191 حيث‬ ‫قضت بالمسؤولية الشخصية لنائب المحافظ الذي قام بمصادرة جريدة لوجود قذف بها، و‬ ذلك رغم كونه تصرف بناء على أمر الرئيس اﻹداري‬ .
‫--------------------------------
‫01-انظر الدكتور"سليمان محمد الطماوي" المرجع السابق ص 731-831.‬ ‫11-انظر اﻷستاذ"عمار عوابدي" المرجع السابق ص 941.‬

المبحث الثاني : المسؤولية اﻹدارية على أساس الخطأ المرفقي للشرطة‬
‫يعد الخطأ المرفقي في جوهره خطأ شخصيا للموظف العام من الناحية العضوية، و‬ ‫لكن نظرا ﻻتصاله بالوظيفة العامة اتصاﻻ ماديا أو معنويا أو كليهما يصبغ بصبغة‬ ‫الوظيفة العامة فيتحول إلى خطأ مرفقي يقيم مسؤولية المرفق، و من مقتضى ذلك أنه‬ ‫يجب على المضرور لكي يحصل على التعويض أن يثبت خطأ العون باعتباره ارتكب‬ ‫خطأ تأدية واجبات الوظيفة أو بسببها و بالتالي نكون هنا قد انتقلنا من فكرة الخطأ‬ ‫الشخصي للعون (الشرطي) المرتب لمسؤولية الشخصية في ذمته المالية الخاصة إلى فكرة‬ ‫الخطأ المرفقي الذي يعقد مسؤولية السلطة اﻹدارية (الخزينة العامة) في التـــعـويض‬ ‫و نذكر في هذا الصدد قضية "سماتي نبيل" ضد وزير الداخلية – قرار الغرفة اﻹدارية‬ ‫بالمحكمة العليا في 52/70/6791 حيث جاء في حيثياتها القرار"...أن هناك خطأ مسند‬ ‫للمرفق العمومي" و لما كان الخطأ المرفقي في أساسه أصلا خطأ شخصي، لكن ليس‬ ‫منفصلا عن الوظيفة وبالتالي ينسب الخطأ للمرفق و ذلك لضمان تعويض الضحية من‬ ‫جهة و حماية رجل الشرطة من جهة أخرى و عليه يمكننا تعريف الخطأ المرفقي حسب‬ ‫اﻷستاذ "عوابدي عمار:" بأنه ذلك الخطأ الذي ينسب فيه اﻹهمال أو التقصير المولد‬ ‫للضرر إلى المرفق ذاته حتى و لو قام به ماديا أحد الموظفين، و يترتب عليه مسؤولية‬ ‫اﻹدارة العامة عن اﻷضرار الناجمة و تحميلها عبء التعويض و تسأل في ذلك أمام‬ ‫القضاء اﻹداري" كما يرى اﻷستاذ "فالين" أن الخطأ المرفقي هو ذلك الخطأ الذي ﻻ يمكن‬ فصله عن المرفق "
‫و للخطأ المرفقي بهذا المعنى صورثلاثة هي :‬ ‫مرفق الشرطة أدى الخدمة على وجه سيء:‬ ‫و يدخل تحت هذه التسمية جميع اﻷعمال اﻹيجابية الصادرة عن اﻹدارة و المنطوية‬ ‫على خطأ و حاﻻت المسؤولية من هذا القبيل هي التي أقرها القضاء، وصورها متعددة،‬
--------------------------------
‫21-انظر اﻷستاذ"عوابدي عمار" المرجع السابق ص 221.‬
‫‬
‫1- كأن يكون الخطأ راجع لعمل مادي صادر عن أحد اﻷعوان و هو يؤدي واجبه على وجه‬ ‫سيء و مثاله أن يطلق أحد اﻷعوان النار على أحد المتظاهرين في حفل رسمي فيقتله، و‬ ‫كان في إمكانه تجنب ذلك ) قضية ‪ DAME GUIRARD‬الحكم الصادر 81 ماي‬ ‫2391(31.‬ ‫كما قد يكون مرجع الضرر راجع إلى سوء تنظيم المرفق العام أو يكون مرجع‬ ‫الخطأ إلى تصرف قانوني معيب كما لو تعجلت اﻹدارة في تنفيذ حكم قضائي قبل أن‬ ‫يصير قابلا للنفاذ.
‬ ‫مرفق الشرطة لم يؤد الخدمة :
‬ ‫2-‬ ‫و ينطوي تحت هذه الصورة امتناع اﻹدارة عن أداء واجب تكون ملزمة قانونا‬ ‫بأدائه إذا كان من شأن هذا اﻹمتناع أن يصيب اﻷفراد بأضرار إذ تقوم المسؤولية هنا على‬ ‫أساس موقف سلبي وقفته اﻹدارة بامتناعها عن إتيان تصرف معين، و عليه تطور قضاء‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي في مجال المسؤولية في حالة إهمال اﻹدارة أداء واجباتها المترتبة‬ ‫على مرفق الشرطة و مثال ذلك أن تقوم اﻹدارة بإطﻼق صواريخ في بعض اﻷعياد دون‬ ‫أن تتخذ اﻹحتياطات الﻼزمة لمنع إصابة اﻷفراد بأضرار.
‫مرفق الشرطة تباطئ في آداء الخدمة أكثر من اللازم :‬
‫3-‬ ‫و هي أحدث صورة قرر فيها القضاء اﻹداري مسؤولية اﻹدارة، فاﻹدارة مثﻼ إذا‬ ‫ما تباطأت في تنفيذ أمر كان عليها تنفيذه فإن تباطؤها في أداء تلك الخدمة من شأنه أن‬ ‫يرتب ضررا لﻸفراد يقيم مسؤولياتها و بالتالي تحملت عبء التعويض.‬ ‫و ما تجدر اﻹشارة إليه أن القضاء وسع نظرية الخطأ المرفقي لحماية المتضرر‬ ‫حماية أكبر حيث اعتب الخطأ الشخصي خطأ مرفقي إذا تم أثناء ممارسة الوظيفة أو‬ ‫بسببها أوفي زمن يفترض أن يكون الموظف فيه قائما بنشاطه حتى إن كان في ذلك‬ ‫الوقت الذي ارتكب فيه الخطأ خارج العمل أو الخطأ ارتكب خارج نطاق العمل لكن‬ ‫بوسائل لم تكن ليتحصل عليها إﻻ بمناسبة عمله كالسﻼح مثﻼ، و باختصار فإذا توافرت‬
-----------------------------
‫31-انظرالدكتور "سليمان محمد الطماوي" المرج السابق ص 341-541.‬

‫ظروف ثلاث المكان الزمن و الوسائل -‪(circonstance-temporale spatial‬‬ ‫)‪ instrumentale‬اعتبر الخطأ خطأ مرفقي حتى إذا كان مرتكبه موظف معلوم.‬ ‫و عليه نتساءل عن الخطأ الذي يقيم المسؤولية اﻹدارية على أساس الخطأ المرفقي‬ ‫للشرطة و عن كيفية تقديره؟‬ ‫

المطلب اﻷول: الخطأ الجسيم كشرط لقيام مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة
‫إذا كانت المسؤولية تقوم على أساس أركان ثﻼثة تتمثل في: الخطأ الضرر و‬ ‫العﻼقة السببية بين الخطأ و الضرر.‬ ‫و إذا كان الخطأ بصفة عامة هو أساس قيام مسؤولية مرفق الشرطة عن اﻷعمال‬ ‫القانونية )أو النشاط التنظيمي( و اﻷعمال المادية التي يؤديها عنه اﻷعوان في نطاق‬ ‫اختصاصاتهم المحددة قانونا.‬ ‫فإن التساؤل القائم يتعلق بطبيعة الخطأ الذي يعقد مسؤولية اﻹدارة و عن كيفية‬ ‫تقدير القاضي له؟ و هو ما سنتناوله من خلال المطلب التالي.‬
الفرع اﻷول: تحديد الخطأ الجسيم
‫يمكننا بداية تعريف الخطأ الجسيم41 بصفة عامة على أنه ذلك الخطأ الذي ﻻ يقع‬ ‫من شخص قليل الذكاء و العناية كما يراد به، ذلك الخطأ الذي ﻻ يرتكبه بحسن نية اكثر‬ ‫الناس غباوة، فهو ﻻ ينطوي على قصد اﻹضرار وﻻ عدم اﻹستقامة و يبقى تحديد مفهومه‬ ‫تحت رقابة القضاء.‬ ‫و لقد أقر القضاء بوجوب وجود الخطأ الجسيم في قيام المسؤولية، و هذا حتى ﻻ‬ ‫يصبح الشرطي مقيد في تصرفاته متحسبا لكل نزاع قضائي قد يحصل أثناء تصرفه في‬
----------------------------------
‫41-انظر اﻷستاذ "عمار عوابدي المرجع السابق ص 911.‬
‫‬
‫إطار التنظيمات و ذلك بالنظر لنشاط مصالح الشرطة الذي يتميز بالصعوبة التي تحكم‬ ‫وحالة‬ طبيعته، و كذا اﻷخطار المتوقعة و غير المتوقعة نتيجة التدخلات الميدانية‬ اﻹستعجال التي تطبعها، و لذلك يجب أن يكون أساس المسؤولية اﻹدارية بفعل أعمال‬ ‫الشرطة في هذه الحالة هو الخطأ الجسيم الذي يخضع لتقدير القاضي طبقا لظروف‬ ‫الزمان و المكان و طبيعة النشاط كما سوف نتطرق إليه ﻻحقا.‬ ‫و عليه فإن للخطأ الجسيم بهذا المعنى صورتين:‬ ‫الخطأ باﻹمتناع عن التدخل‬ ‫الخطأ بالقيام بالتدخل‬
- أوﻻ الخطأ باﻹمتناع عن التدخل :
‫يتصور الخطأ هنا لما يقوم الشرطي بتنفيذ العمل الضروري أوفي حالة عدم وجود‬ ‫توقع الإخلال أو عدم توقع حدوث الإخلال.‬
‫و نجد تطبيقات القضاء حول عدم توقع الحادث كثيرة نذكر منها محاولة تفجير‬ ‫طائرة راكنة بالمطار، و كان القضاء قد أثبت انعدام مراقبة الشرطة على المطار بالرغم‬ ‫من وجود خطر على اﻷمن العمومي حسب القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي في‬ ‫41 مارس 6791 في قضية شركة ‪AIR INTER‬‬ ‫أما بالنسبة لعدم وجود الفعل، فيتمثل في غياب الفعل المادي للشرطة اتجاه إخلال‬ ‫حدث فعلا.‬
‫و على القاضي في هذه الحالة التحقق من وجود خطورة من اﻹمتناع عن التدخل‬ ‫أو ﻻ و ذلك انطﻼقا من ظروف الزمان و المكان و هذا ما رآه مجلس الدولة الفرنسي في‬ ‫72 أفريل 9791 حيث رأى بأن رجال الشرطة‬ قضية شركة ‪LE PROFIL‬‬

‫51-قد ﻻ تتحقق الصعوبات الميدانية في كل الحاﻻت إﻻ أن الصعوبة تكمن في تحضير و تصور‬ ‫التنظيم المﻼئم كما هو الحال مثلا في تنظيم حركة المرور في شارع كثير النشاط و به مداخل لسكنات‬ ‫خاصة و يطرح المشكل في تحديد جهة من الطريق تكون ممنوعة الوقوف تماما أو وقوف خاص أو‬ ‫وقتي.‬
----------------------------
‫61-انظر مذكرة الطالب "بلقايد علي" المرجع السابق ص 90.‬

‫المختصين في حراسة اﻷموال أثناء نقلها لم يرتكبوا خطأ جسيما عندما امتنعوا عن‬ إستعمال اﻷسلحة النارية للإعتراض على السارقين الذين يحملون أسلحة بالنظر إلى توقع‬ ‫الضرر المحتمل على اﻷشخاص لو استعملوا أسلحتهم ضد الفاعلين و وقع اشتباك بينهم.
‫ثانيا الخطأ بالقيام بالتدخل‬
عكس الصورة اﻷولى فقد يكون تقدير الجسامة محاط بنوع من النسبية، و لذا نجد‬ ‫كان‬ ‫القاضي يرجع في تقديره ﻷعمال الشرطة إلى معيار الظروف لمعرفة ما إذا‬ ‫الشرطي قد ارتكب خطأ جسيما أم ﻻ.‬
‫و مثال هذه الظروف عدم اﻹنتباه أو عدم اتخاذ اﻹحتياطات أو عدم تقدير اﻷوامر‬ ‫الخطيرة أو عدم حسن تقدير الظروف.‬
‫و من بين اﻷمثلة على هذا الخطأ نذكر أعمال القوة الغير ضرورية للتنفيذ قرار‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 03 أفريل 9691 قضية وزير الداخلية ‪REGIDOR‬‬ ‫التي تتلخص وقائعها في استعمال القوة غير المبررة من قبل حافظ اﻷمن العمومي ضد‬ ‫أحد اﻷشخاص أثناء ممارسة المهام و ذلك دون أن تجبره ضرورة ملحة للقيام بذلك، و‬ ‫عليه ٌقيمت مسؤولية الدولة.‬
‫أ‬ ‫و في قضية أخرى اعتبر حافظ اﻷمن قد إرتكب خطأ جسيما باستعماله لمسدسه‬ ‫أثناء مشاجرة استعماﻻ يفوق اللزوم بضربه بأخمسه أحد المعتدين في حين كان المسدس‬ ‫مزودا بالطلقات.‬
‫و ما تجدر اﻹشارة إليه أنه و في كل اﻷحوال هناك حاﻻت تمكن اﻹدارة من‬ ‫التخلص من المسؤولية و ذلك إذا أثبتت الخطأ في جانب الضحية أو قيام القوة القــاهرة‬ ‫و عليه فإذا كان نشاط الشرطة بهذه الخصوصية و إذا كان الخطأ المقيم لمسؤولية الدولة‬ ‫عن أعمال الشرطة هو ذلك الخطأ الجسيم، فكيف يمكن للقاضي تقدير جسامة هذا الخطأ‬ ‫المرفقي؟‬

‫‫الفرع الثاني: كيفية تقدير الخطأ المرفقي للشرطة‬
‫يناط بالقاضي اﻹداري تقدير الخطأ المرفقي الذي تقوم على أساسه مسؤولية اﻹدارة‬ ‫من أعمال موظفيها القانونية أو ما يعرف بالنشاط التنظيمي لمرفق الشرطة و كذا فيما‬ ‫يخص النشاط المادي التنفيذي الذي يتمثل في تلك العمليات التي تقوم بها المصالح لتنفيذ‬ ‫أوامر أو نصوص قانونية للحفاظ على النظام العام، ذلك أنه أصبحت مسؤولية مصالح‬ ‫الشرطة تقوم على أساس الخطأ الجسيم فيما يتعلق باﻷعمال المادية.‬

‫و‬أما فيما يخص النشاط التنظيمي اﻹداري فيكفي الخطأ البسيط لقيام المسؤولية‬ عليه فإن القاضي اﻹداري عند تقديره للخطأ ما إذا كان جسيما أو بسيطا ﻻ بد عليه أن‬ ‫يرتكز في ذلك على معايير ذاتية آخذا بعين اﻹعتبار المعطيات الخاصة بالشخص مرتكب‬ ‫الخطأ، و أخرى موضوعية و تتعلق بتقدير التصرف في حد ذاته81.‬

‫ففيما يخص النشاط التنظيمي فعلى القاضي تقدير مشروعية القرارات اﻹدارية‬ ذلك ان عدم المشروعية يشكل في حد ذاته خطأ مرفقي يرتب مسؤولية اﻹدارة.
فلكي‬ ‫يكون القرار اﻹداري سليما منتجا ﻵثاره القانونية ﻻ بد من توافر اﻷركان التي يقوم عليها‬ ‫وسﻼمة كل ركن منها من العيوب.‬
‫أما فيما يخص تقدير الخطأ المرفقي في حالة اﻷعمال المادية الذي قد يأخذ عدة‬ ‫صور كاﻹهمال، الترك، التأخير أو عدم التبصر فهنا القاضي اﻹداري لم يتقيد بأية قاعدة‬ ‫مجردة، و إنما يقدر الخطأ في كل حالة على حدى آخذا بعين اﻹعتبار جسامة الخطأ و كذا‬ ‫إعتبارات و ظروف متعددة كمراعاة ظرفي الزمان و المكان الذي أدى فيهما المرفق‬
------------------------------------
‫71- لقد فرق القضاء اﻹداري فيما يخص النشاط المادي لمصالح الشرطة بين ما إذا كان العمل المادي‬ ‫ﻻ يستعمل فيها السلاح فهنا يشترط الخطأ الجسيم لقيام المسؤولية أما فيما يخص اﻷعمال المادية‬ ‫التنفيذية التي يستعمل فيها السﻼح فهنا وجب التفريق بين ما إذا كانت الضحية معينة بالعملية أين‬ ‫يشترط الخطأ الجسيم لقيام المسؤولية وبين كون الضحية غير معنية، فتقوم المسؤولية هنا بدون خطأ‬ أصلا.‬
‫81-اﻻستاذ خلوف رشيد قانون المسؤولية اﻹدارية ديوان المطبوعات الجامعية ص52-62-82-76-86‬ ‫91يعرف القرار اﻹداري على أنه: )عمل قانوني من جانب واحد يصدر بإرادة إحدى السلطات اﻹدارية‬ ‫في الدولة و يحدث آثارا قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل أو إلغاء وضع قانوني قائم.‬

‫خدمته و كذا مراعاة كل من أعباء المرفق و موارده في مواجهة التزاماته، و كذا موقف‬ ‫المضرور إزاءه باﻹضافة على مراعاة القاضي لطبيعة المرفق و أهميته اﻹجتماعية، ذلك‬ ‫ام مرفق الشرطة باعتباره يسعى إلى الحفاظ على النظام العام بأبعاده الكﻼسيكية فإنه ﻻ‬ ‫يسأل إﻻ عن اﻷخطاء اﻹستثنائية و المنطوية على درجة معينة من الجسامة.‬ ‫و عليه فمنذ أن أقر القضاء مبدأ مسؤولية اﻹدارة عن أعمال الشرطة تعددت‬ ‫التطبيقات في هذا المجال نذكر منها:‬ ‫التجاء الشرطة إلى القسوة في معاملة الجماهير ‪Brutalité policières‬‬ ‫‬‫فهنا لم يقرر القضاء اﻹداري المسؤولية إﻻ إذا ارتكبت مصلحة الشرطة خطأ ظاهرا‬ ‫جسيما كأن تصل القسوة إلى المشاركة في القتل.‬ ‫الحجز التعسفي )‪(détention arbitraire‬‬ ‫رفض مصلحة الشرطة المعاونة في تنفيذ اﻷحكام و القرارات القضائية‬ ‫‬‫-‬ بدون وجه حق.‬

المطلب الثاني: الخطأ البسيط كاستثناء لقيام مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة‬ ‫
قد ﻻ تكون كل أعمال الشرطة صعبة و معقدة، ذلك أن هناك أعمال و نشاطات‬ ‫سهلة ﻻ تنطوي على صعوبة خاصة بسبب طبيعتها، كوضع إشارات للحفر أو اتخاذ‬ ‫تدابير في غير حالة اﻹستعجال أو إعطاء معلومات ففي مثل هذه الحاﻻت نجد القضاء‬ ‫اﻹدراك الفرنسي أقام المسؤولية على أساس الخطأ البسيط و اعتبر أن تسليم محافظة‬ ‫الشرطة لرخصة مبهمة للخروج خارج التراب الوطني خطأ بسيطا وكذلك اﻷمر بالنسبة‬ ‫لتسليم معلومات إلى غير المصالح التابعة لها أو مسك فهرس الشرطة بطريقة غير‬ ‫صحيحة.‬ ‫كذلك اﻷمر بالنسبة للقضاء الجزائري، الذي ساير نظيره الفرنسي في هذا الجانب‬ ‫إذ اعتبر أن عدم وضع اللوائح من قبل سلطات الشرطة اﻹدارية يشكل خطأ بسيطا تقوم‬ ‫على أساسه المسؤولية.‬

‫كذلك الشأن بالنسبة لعدم اتخاذ التدابير الوقائية لضمان سلامة اﻷشخاص و اﻷموال‬ ‫التدابير، يرتب‬ ‫في اﻷماكن العمومية التي قد يحصل فيها أي حادث أو عدم كفاية‬ ‫مسؤولية البلدية و مثاله ما جاء في المادة 541 من قانون البلدية رقم 09/80 التي تنص‬ ‫:"على أن البلدية مسؤولة عن اﻷخطاء التي يرتكبها رئيس المجلس الشعبي البلدي و‬ ‫المنتخبون البلديون و موظفو البلدية أثناء قيامهم بوظائفهم و بمناسبتها كما يمكن للبلدية‬ ‫أن ترفع دعوى ضد هؤﻻء في حالة ارتكابهم لخطأ شخصي و هذا ما تقرره المادة 811‬ ‫من قانون 09/90 المؤرخ في 70/40/0991.‬ ‫ذلك أن المادة 96 منه تلزم رئيس البلدية في إطار صﻼحيات الشرطة اﻹدارية‬ ‫الموكلة له بتنفيذ القوانين والتنظيمات و اتخاذ كل اﻹجراءات الوقائية اﻷمر الذي يؤكده‬ ‫قرار الغرفة اﻹدارية بالمحكمة العليا الصادر بتاريخ 60/40/3791 بشأن قضية "بن‬ ‫مشيش" ضد رئيس بلدية الخروب حيث جاء في إحدى حيثياته: "أن الضرر الحاصل‬ ‫للمستأنف يجد مصدره في خطأ رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي تغافل القانون و لم‬ ‫يتخذ كل اﻹحتياطات الضرورية لضمان النظام العام عبر تراب البلدية"‬ ‫و عليه نخلص أن الخطأ الغير موصوف فيما يتعلق باﻹجراءات الوقائية و التي ﻻ‬ ‫تشكل صعوبة في اتخاذها كافية ﻹقامة مسؤولية اﻹدارة سواء فيما يتعلق بالسكينة العامة‬ ‫أو اﻷمن العمومي أو تنظيم التسلية أو النظافة.‬

الفرع اﻷول: الخطأ في فحص الهوية و مراقبتها‬
‫قد يشكل عمل الشرطة المتمثلة في فحص و مراقبة هوية اﻷفراد خطأ يقيم‬ ‫مسؤوليتها اﻹدارية، و لهذا نجد المادة 05 من قانون العقوبات التي تنص أن فحص الهوية‬ ‫ﻻ يكون إﻻ إذا كان الشخص المراد التحقق من شخصيته موجودا في مكان وقوع الجريمة‬ ‫مما يعني أن التحقق من الهوية مرتبط بالضبطية القضائية.‬

‫لكن نظرا للوضع اﻷمني الذي مرت به البﻼد أصبح من الجائز ﻷفراد الشرطة‬ ‫طلب هوية أي شخص متواجد باﻷماكن العمومية كمحطات المسافرين و السكك الحديدية،‬ ‫و في حالة عدم حيازتهم للوثائق المطلوبة،، أمكن اقتيادهم حاﻻ إلى المركز و أخذ الوقت‬ ‫الكافي للكشف عن هويتهم وهذا دون أخذ صور فوتوغرافية و البصمات إﻻ في حالة‬ ‫عدم تمكن مصالح الشرطة من إثبات الهوية و الكشف عنها و إﻻ كنا بصدد خطأ يرتب‬ ‫المسؤولية.‬ ‫و تجدر اﻹشارة في هذا الصدد أنه احتراما للحريات الفردية قام المشرع الفرنسي‬ ‫في إطار تعديل قانون اﻹجراءات الجزائية بموجب قانون 01 أوت 3991 في مادته 87‬ ‫بإخضاع إجراءات الشرطة بشأن فحص و مراقبة هوية اﻷفراد تخضع لمراقبة القضاء‬ ‫حامي الحريات و الحقوق.‬

الفرع الثاني : الخطأ البسيط في التحريات اﻹبتدائية للشرطة القضائية
‫تنص المادة 15 من ق ع على أنه يلزم ضابط الشرطة القضائية من تمكين‬ ‫الموقوف تحت النظر باﻹتصال بأهله فورا و أن عدم اﻹلتزام يؤدي إلى الخطأ المقيم‬ ‫لمسؤولية الدولة وفقا لما تنص عليه المادة 801 ق ع التي تقيم المسؤولية على أساس‬ ‫الخطأ البسيط و ذلك عندما يأمر الموظف بعمل تحكمي أو الماس بالحريات و الحقوق‬ ‫الشخصية للأفراد.
‬ ‫ذلك أنه يعتبر مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة 701 مسؤول شخصيا‬ ‫مسؤولية مدنية و كذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل و من أمثلة ذلك‬ ‫تعرض سيارة أحد اﻷشخاص إلى أضرار فادحة بعد أن استدعى إلى مركز الشرطة و‬ ‫عند امتثاله وجد نفسه متهما فتم حجزه مؤقتا، و بعد يوم قدم إلى النيابة التي أمرت‬ ‫بإيداعه، و بعد 51 يوما أطلق سراحه و عندما وجد سيارته قد أصيبت بأضرار فادحة،‬ ‫فقدم دعوى للقضاء اﻹداري على أساس مسؤولية الشرطة باعتبار أنه لم يتم تمكينه من‬ اﻹتصال بأهله، و عليه فإن عدم إعطائه حق اﻹتصال بأهله من أجل استﻼم السيارة و‬ ‫حفظها لحسابه في أي مكان آمن هو الذي أدى ﻹتﻼفها.‬

‫نخلص في اﻷخير أن القضاء الجزائري كنظيره الفرنسي فرق بين كل من الخطأ‬ ‫كأخطاء تقيم المسؤولية اﻹدارية كما نجد الغرفة‬ ‫الشخصي و المرفقي، و اعتمدها‬ ‫اﻹدارية بالمحكمة العليا اعتمدت قاعدة جمع اﻷخطاء عندما يكون الضرر نتيجة خطأ‬ ‫شخصي و آخر مرفقي ارتكبهما موظف ما، و بالتبعية قد نكون أمام حالة جمع‬ ‫المسؤوليات سواء كان ذلك على أساس الخطأ الشخصي المرتكب خارج المرفق و من‬ ‫اﻵثار المترتبة عن قاعدة الجمع، هو منح الضحية حق اﻹختيار في رفع الدعوى ضد‬ ‫اﻹدارة أو ضد الموظف )العون( لكن و نظرا لمﻼءة اﻹدارة فإن الضحية تفضل دائما‬ ‫مخاصمة اﻹدارة.‬
‫و يقابل مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ آخر هو عدم جمع التعويضات الذي يترتب‬ ‫عليه حق كل من اﻹدارة، أو الموظف )العون( في رفع دعوى الرجوع يطلب فيها‬ ‫استرداد المبالغ المحكوم بها عليه، و التي قد تتخذ صورتين:‬ ‫إما دعوى الرجوع من اﻹدارة على الموظف (العون) أو من الموظف على اﻹدارة‬ ‫ذلك أن اﻹدارة ﻻ تتحمل المسؤولية كاملة، إﻻ في حالة الخطأ المصلحي الثابت بصفة كلية‬ ‫في جانبها.‬ ‫و في حالة النزاع بين كل من اﻹدارة و الموظف حول تقدير نصيب كل منهما فإن‬ ‫جهة القضاء اﻹداري هي التي تتولى تقدير نصيب كل من الطرفين، و ذلك طبقا لدرجة‬ ‫جسامة الخطأ.‬ ‫أما في حالة تعدد المسؤولون عن الخطأ الشخصي فإنه ﻻ تضمان بينهم، فيسأل‬ ‫كل منهم بنسبة ما ارتكبه من خطأ، و ذلك أن القرار الصادر على اﻹدارة بدفع التعويض‬ ‫استنادا إلى أخطاء متعددة ﻻ يحوز حجية الشيء المقضي به في مواجهة الموظف (العون) ‫من حيث توزيع عبء التعويض النهائي بينه و بين اﻹدارة.‬

‫و عليه فيحق للموظف عندما تتحرك عليه دعوى الرجوع أمام القضاء اﻹداري أن‬ ‫يثير النزاع برمته سواء فيما يتعلق بكيفية تقدير التعويض أو من حيث مبدأ المسؤولية‬ ‫ذاته.‬ ‫و بالتالي فإذا آانت المسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة على أساس الخطأ هي اﻷصل، و‬ ‫ذلك بعد أن تدخل القضاء اﻹداري بإقراره لمسؤولية اﻹدارة في قضية بﻼنكو الشهيرة فهل‬ ‫اعتمد القضاء اﻹداري أساسا آخر لقيام المسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة خاصة في‬ ‫حالة عدم توفر رآن الخطأ؟ و ما هي اﻷسس التي اعتمد عليها في قيامهما؟‬

الفصل الثاني : المسؤولية اﻹدارية غير الخطئية عن أعمال الشرطة
‫لقد كانت عدم مسؤولية الدولة عن نشاط مرفق الشرطة يشكل القاعدة العامة، و لم‬ ‫‪ TOMASO-GRICO‬و‬ 5091 بمناسبة قضية‬
‫تنتف مسؤولياتها الخطيئة إﻻ في‬ الذي أقر بموجبه مجلس الدولة الفرنسي بإمكانه قيام مسؤولية الدولة عن مصالح الشرطة‬ ‫في حالة إثبات الخطأ، ثم تحدد هذا الخطأ في أحكام ﻻحقة بالخطأ الجسم 2 مراعاة لصعوبة‬ ‫عمل الشرطة.‬ ‫فأمام تعاظم المخاطر التي يتكبدها اﻷفراد نتيجة عمليات الشرطة من جهة، و أمام‬ ‫التطور المذهل الذي شهدته نظرية المخاطر من جهة أخرى، أحدث مجلس الدولة‬ ‫الشهيرة بتاريخ‬
‫12 جوان 1991 أين قرر مسؤولية الدولة عن استعمال الشرطة لﻸسلحة الخطرة دون‬ ‫اشتراط الخطأ، و كذا أقر بمسؤوليتها على أساس الإخلال بالمساواة أمام اﻷعباء العامـة،‬ ‫و هو ما سوف نتناوله من خلال المبحثين التاليين:‬
-----------------------------
‫‪Les grands arrêts de la jurisprudence administrative F 12éme édition Responsabilité de la‬‬
‫38-97 ‪puissance public service de la police TOMASO GRICO 10/02/1905 page‬‬

‫2-ﻻ يتعلق الخطأ الجسم إﻻ باﻷعمال المادية للشرطة دون اﻷعمال القانونية التي تبقى خاضعة للقاعدة‬ ‫العامة.‬
‫3- تتلخص وقائع قضية ‪ le comte‬أنه في 01فيفري5491 حوالي العاشرة ليﻼ بينما كان أعوان اﻷمن‬ ‫العمومي في باريس مكلفين بإيقاف سيارة مشبوهة، و رغم استعمال إشارة التوقف ثم الصفارة إﻻ أن‬ ‫السيارة قامت بخرق الموقف، اﻷمر الذي أدى بأخذ رجال الشرطة إلى إطﻼق النار باتجاه أسفل‬ ‫السيارة، و لكن أصابت الرصاصة السيد ‪ le comte‬الذي كان جالسا إلى جانب السائق فأردته قتيﻼ و‬ ‫على إثر دعوة التعويض التي رفعها ورثته قرر مجلس الدولة المسؤولية دون اشتراط الخطأ ﻷول مرة‬ ‫و ذلك لوجود مخاطر إستثنائية.‬

المبحث اﻷول : مسؤولية الدولة عن مخاطر إستعمال مصالح الشرطة‬ للأسلحة النارية و اﻵﻻت الخطيرة‬
‫تتنوع مجاﻻت المسؤولية عن المخاطر و تتوسع من مجال إلى آخر بما فيها تلك‬ ‫المتعلقة باستعمال الشرطة للأسلحة و اﻵﻻت الخطرة، و التي ظهرت بمناسبة قضية ‪le‬‬ ‫‪ 1949 comte‬أين أقر مجلس الدولة الفرنسي بمسؤولية الدولة على أساسها.‬ ‫و عليه فإذا كانت المسؤولية عن استعمال اﻷسلحة و اﻵﻻت الخطرة هي صورة‬ ‫من صور المسؤولية عن اﻷشياء الخطرة، فما هي شروطها و آذا تطبيقاتها في القضاء‬ ‫الجزائري؟ و هو ما سوف نتناوله من خلال تطرقنا لشروط المسؤولية من جهة، و آذا‬ ‫موقف القضاء الجزائري من جهة أخرى.

‫المطلب اﻷول : شروط قيام المسؤولية اﻹدارية على أيساس المخاطر
‫يمكننا إستخلاص شروط تطبيق نظرية المخاطر اﻹستثنائية في مجال استعمال الشرطة‬ ‫للأسلحة و اﻵﻻت الخطيرة من خلال مراجعتنا لقرار ‪ le comte‬ و هي : الطابع الخطير للشيء‬ ‫المستعمل )السلاح ( الضرر غير العادي، و آذا وضعية الضحية ( و فكرة الغير).
‫الفرع اﻷول: فكرة اﻷشياء الخطيرة‬
‫نستخلص من خلال قرار ‪ le comte‬ الذي يتحدث عن أسلحة و آﻻت تنطوي‬ ‫على مخاطر استثنائية، أن السلاح بهذا الوصف يعد من اﻷشياء الخطرة، فإذا آانت هذه‬ ‫الفكرة قد طرحت آشرط لقيام المسؤولية غير الخطيئة في قضاء مجلس الدولة آما في‬ ‫قضاء محكمة النقض02 فإن هذا الطرح لم يكن واحدا و إذا كان القضاء العادي قد تخلى‬

‫02-اعتبرت محكمة النقض كل اﻷشياء الخطرة بصفة عامة مستوجبة لقيام المسؤولية غير الخطيئة في‬ ‫حين كان مجلس الدولة يعمد إلى دراسة كل حالة على حدة دون أن يصل إلى تكوين مبدأ يتحكم في‬ ‫قراراته.‬
‫03‬ تحت وطئه اﻻنتقادات عن فكرة اﻷشياء الخطرة منذ 0391 مقررا و مقيما المسؤولية‬ ‫دون خطأ عن آل اﻷشياء الجامدة مهما آانت طبيعتها و نوعها، فإن القضاء و اﻹداري‬ ‫ﻻ يزال متمسكا بهذه الفكرة رغم عجزه عن وضع معيار للتمييز بين اﻷشياء الخطيرة‬ ‫و العادية مكتفيا بوضع قائمة لها، و التي اعتبرها عبر سنوات اجتهاده خطيرة و ما‬ ‫آون أن مجلس الدولة الفرنسي اعتبر السﻼح إلى‬ ‫‪ RABBET‬خاصة على السلاح يعنينا منها هو السلاح الخطير‬ الرشاش ‪ Mitraillette‬في قضية ‪ le comte‬السالف عرضها سﻼحا خطيرا، و عليه‬ ‫فقد ألح مفوض الحكومة السيد‬ ‫الرشاش ‪ Mitraillette‬الجديد و على قوته و استعماله )الحرج( و قد وسع هذا الطابع‬ ‫الخطير ليشمل المسدسات البسيطة ‪
‫pistolets et revolvers‬ و بالتالي نخلص أن‬ ‫مفهوم السﻼح الخطير يقتصر في اجتهاد مجلس الدولة على الناري فقط مهما آان‬ ‫عاديا أو استثنائيا دون باقي اﻷسلحة مهما آانت.‬ ‫آما يرى اﻷستاذ "مسعود شيهوب" أن مفهوم السﻼح الخطير يتوسع ليشمل آل‬ ‫سﻼح يشكل خطورة على اﻷموال و اﻷشخاص.‬ ‫و ما تجدر اﻹشارة إليه أنه و رغم تمسك مجلس الدولة بمفهوم فكرة اﻷشياء‬ ‫الخطرة وفق تعريف ذاتي في غياب معياره موضوعي، فإنها ﻻقت الكثير من النقد من‬ ‫قبل الفقه.‬ ‫فيرى البعض في نقد فكرة اﻷشياء الخطرة، أن المسؤولية غير الخطيئة عن‬ ‫اﻷشياء الخطرة هي في حقيقة اﻷمر نوع من المسؤولية الخطئية بفعل التدخل اﻹيجابي‬ ‫للشيء في إحداث الضرر، و ذلك بسبب الخطورة الكامنة فيه.‬ ‫في حين يرى البعض اﻵخر أن فكرة اﻷشياء الخطرة ﻻ تتماشى مع أساس‬ ‫المسؤولية المتمثلة في الغرم بالغنم، ذلك أن حارس الشيء يتحمل المغارم )اﻷضرار(‬ ‫المترتبة عن استعمال هذا الشيء ﻷنه يغنم من استعماله، بغض النظر عما إذا آان شيئا‬ ‫خطيرا أم ﻻ.‬
-------------------------
‫12-عرف قانون العقوبات الجزائري السلاح في المادة 39/3-4.‬

‫عليه نخلص أنه و رغم جدية هذه اﻹنتقادات الموجهة إلى معيار اﻷشياء‬ ‫الخطرة فإن البدائل المقترحة آانت هي اﻷخرى ﻻ تخلو من النقد اﻷمر الذي يفسر ربما‬ ‫بقاء مجلس الدولة متمسكا بفكرته.

‬‫الفرع الثاني : الضرر غير العادي‬
‫يعرف الضرر بصفة عامة، على أنه إخلال بمصلحة المضرور سواء آانت ذات قيمة‬ ‫مالية أو ذات أهمية، آما قد تكون مصلحة معنوية، و عليه يكون الضرر نوعين:‬
الضرر المادي:
و يقصد به الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية باعتبار أنه يصيب‬ ‫المضرور في جسمه أو في ماله، و هو اﻷآثر حدوثا و بالتالي فﻼ بد من توافر شرطين هامين‬ ‫حتى يتحقق الضرر المادي و هما:‬ ‫أن يكون هناك إخلال بمصلحة مالية للحضور.‬ ‫
و أن يكون هذا الإخلال بالمصلحة المادية (المالية) محققا22.‬ ‫‬‫
أما الضرر المعنوي :
أو اﻷدبي فيقصد به كل ألم نفسي أو جسدي يحدثه عمل أو إهمال‬ ‫صادر من الغير في نفس شخص ما.‬
‫و يتمثل الضرر غير العادي آشرط لقيام المسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة في ذلك‬ ‫الضرر البليغ للضحية، بحيث يتجاوز اﻷعباء التي يمكن أن يتحملها الشخص العادي مقابل‬ ‫استفادته من اﻹمتيازات التي يتحصل عليها من مرفق الشرطة.‬ ‫و ما يجب التأآيد عليه هو أنه ﻻبد أن يصيب الضرر غير العادي32 الضحية الغير معنية‬ ‫بعمليات الشرطة، ذلك أن مفهوم هذا الشرط يكتنفه الغموض في غياب معيار نستطيع به التمييز‬ ‫بين الضرر العادي و الضرر غير العادي.‬
----------------------------
‫22- يصيب الضرر المعنوي شعور كرامة أو شرف المتضرر أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص‬ ‫و يحافظ الناس عليها.
‬‫32- يرى البعض من الفقهاء أن مفهوم الضرر غير العادي ﻻ يضيق شيئا لفكرة اﻷشياء الخطرة التي ن‬ ‫المفروض أنها تلغي فكرة )الضرر غير العادي( ذلك أنه عندما تتحقق المخاطر غير العادية و تحصل‬ ‫اﻷضرار الخطيرة فليس ذلك سوى تأكيد لفكرة أن الشيء خطير.‬

‫نخلص مما سبق أن مسؤولية الدولة تقوم دون وجود أي خطأ عندما تستعمل مصالح‬ ‫اﻷمن أسلحة نارية قد تشكل مخاطر بالنسبة للأشخاص و اﻷموال بحيث تتجاوز اﻷضرار‬ ‫المترتبة عنها الحدود العادية التي يمكن تحملها.‬

الفرع الثالث: وضعية الضحية كشرط لقيام المسؤولية
‫لقد اشترط مجلس الدولة الفرنسي في قيام مسؤولية الدولة دون خطأ على أساس مخاطر‬ ‫استعمال مصالح الشرطة لﻸسلحة النارية و اﻵﻻت الخطيرة أن يكون المضرور غير معني‬ ‫بعمليات الشرطة، أما الضحية المعنية بعمليات الشرطة تكون مجبرة على إثبات الخطأ البسيط.‬ ‫لكننا نجد مجلس الدولة قد وسع اجتهاده و امتدت القاعدة إلى تحميل المسؤولية على‬ ‫الشرطة حتى في حالة أن الشخص الذي أطلق النار باعتباره يمد يد المساعدة للشرطة سواء من‬ ‫تلقاء نفسه أو بصفته مسخرا من قبلها، و بالتالي نجده قد تعرض إلى اﻷضرار التي تصيب‬ ‫المتعاونين سواء كأن المتعاون مسخر أو تلقائي و آذلك إلى اﻷضرار الناجمة عن التجمهر.
‫أوﻻ: اﻷضرار التي تصيب المتعاونين‬
‫لقد سبق لنا القول أنه تقوم مسؤولية مصالح الشرطة أو الدرك نتيجة تنفيذهم لعمل مادي‬ ‫ضار، لكن قد تقوم مسؤولية الشرطة آذلك في حالة أن تصاب ضحية ما بأضرار من قبل الغير‬ ‫جراء تعاونها سواء بصفة تلقائية مع مصالح الشرطة أو باعتبارها مسخرة.‬ ‫المتعاون المسخر:‬
------------------------------
‫‫1-‬ يمكن لمصالح الشرطة أو الدرك اﻹستعانة بشخص أو أآثر أثناء ممارسة مهامها، و‬ ‫بالتالي يكون لهم الحق في التعويض إذا ما أصيبوا بضرر أثناء فترة تعاونهم.‬

‫و عليه يمكن تعويض الشخص المار المسخر من قبل الشرطي أو الدرآي نتيجة الضرر‬ ‫الذي يصيبه أثناء قيامه بإيقاف مجرم مثﻼ، آما يمكن تعويض الطبيب المسخر من طرف الدرك‬ باعتبار أن مجلس الدولة الفرنسي في قضية الطبيب‬ GIRY‬‬ مسؤولية اﻹدارة بالنسبة للمتعاونين الظرفين سواء آانوا تلقائيين أو مسخرين تبني على أساس المسؤولية بدون خطأ.

‫‬‫يقصد بالتلقائية، قيام الشخص بمساعدة القوة العمومية دون تلقيه أي أمر أو طلب من‬ ‫ففي حالة المتعاون التلقائي يكون المبدأ هو جبر الخطر اﻹجتماعي الذي يفرض تدخل‬ ‫الشخص تلقائيا من أجل تقديم المساعدة لشخص آخر في حالة خطر، و بالمقابل يكون من‬ ‫الواجب تعويضه في حالة إصابته بأضرار تطبيقا لمبدأ التضامن، و هو ما يفهم من خلال نص‬ ‫المادتين 281-154/80 من قانون العقوبات الجزائري52.‬
‫و عليه فكما تقوم مسؤولية الدولة عن العمل الضار لمصالح الشرطة، فتقوم أيضا‬ ‫مسؤوليتها نتيجة اﻷضرار التي تصيب اﻷشخاص المتعاونين التلقائيين مع مصالح الشرطة حتى‬ ‫في حالة عدم وجود الخطأ، و تكون بالتالي مطالبة بالتعويض و نشير في هذا السياق إلى أن‬ ‫المشرع الجزائري أقر بتعويض المسخرين عن اﻷضرار اللاحقة بهم في بعض النصوص‬ ‫القانونية نذكر منها:‬
-------------------------------
‫42-مذكرة تخرج للطالب بلقايد علي-المرجع السابق ص 61-71.‬ ‫52-تتعلق المادتين بفرض جزاءات على كل من يمتنع عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر سواء‬ ‫طلبت منه أو أهمل ذلك و كان بإمكانه القيام بها دون أن تشكل عليه خطورة أو على الغير.‬
‫43‬ المادة 02 من القانون 48/21 المعدل و المتمم بقانون 19/02 المتضمن قانون الغابات التي‬ ‫تنص أنه: "...تضمن الدولة جبر اﻷضرار التي تلحق باﻷشخاص المسخرين لهذا الغرض‬ ..."‬

ثانيا : اﻷضرار الناجمة عن التجمهر
‬لم يعد مفهوم التجمهر يشكل حاليا أي عائق في إقامة المسؤولية غير الخطئية، و‬ ‫ذلك أن القضاء في فرنسا لم يعد يفرق بين آون مصدر الضرر جموع المتجمهرين أو‬ ‫قوات الشرطة.‬ ‫فالقاعدة العامة أن مسؤولية الشرطة عن نشاطها العام يخضع لنظام الخطأ الجسيم‬ ‫إﻻ في حالة استعمال السلاح الخطير حيث تقوم المسؤولية دون خطأ. أما في حالة‬ ‫التجمهرات فإن المسؤولية تقوم دون خطأ و بغض النظر عن نوعية السﻼح المستعمل، و‬ ‫ذلك أنه من الصعب على الضحية تحديد سبب الضرر و المسؤولية عنه.‬
‫و قد أشارت المادة 79 من قانون العقوبات الجزائري إلى تعريف التجمهر المسلح‬ ‫و التجمهر غير المسلح، و بينت كيفية تدخل القوة العمومية في الحالتين و كذا اﻷشخاص‬ ‫المؤهلين بإعطاء إشارات التنبيه أو التفرق و هم: الوالي رئيس البلدية و رئيس المجلس‬ ‫الشعبي البلدي 72.‬
‫تعتبر‬ البلدية مسؤولية مدنيا عن الخسائر و اﻷضرار المترتبة عن الجنايات و الجنح المرتكبة بالقوة‬ و ما تجدر اﻹشارة إليه، أن المادة 931 من قانون البلدية تنص على أنه‬ ‫العلنية أو بالعنف في ترابها، فتصيب اﻷشخاص و اﻷموال أو خلال التجمهرات و‬
‫--------------------------------
‫62-لقد فرضت المادة 48 من قانون 19/02 المعدل و المتمم لقانون 48/21 المتضمن قانون الغابات‬ ‫جزاءات على كل شخص رفض تقديم المساعدة في إطار التسخير.‬ ‫72-يمارس صﻼحيات الضبط اﻹداري الوالي و رئيس البلدية أو أحد نوابه أو محافظ الشرطة أو أي‬ ‫ضابط آخر من الضبط القضائي.‬ ‫82-نصت المادتين 18-38 من قانون البلدية عل حاﻻت حلول الوالي محل رئيس البلدية في اتخاذ‬ ‫إجراءات الحفاظ على اﻷمن و السﻼمة العامة و ذلك عندما يتهدد النظام العام في بلدتين أو أكثر متجاوزة‬ ‫و هنا يمارس الوالي صﻼحيات الضبط تبعا لتوجيهات وزير الداخلية مستعمﻼ في ذلك قوات اﻷمن التابعة‬ ‫للدولة.‬

‫التجمعات، غير أنها تعفى من المسؤولية في حالة اﻷضرار الناجمة عن الحرب أو عندما‬ ‫يساهم المتضررون في إحداثها.‬
‫و نخلص في اﻷخير إلى القول أن التمييز بين المعني و غير المعني بعمليات الشرطة هو‬ ‫طرح يؤدي إلى تعايش نظامين للمسؤولية في نفس الموضوع حسب ما ذهب إليه اﻷستاذ‬ ‫"مسعود شيهوب" ذلك أنه و حسب رأيه ﻻ يوجد من داع لربط وضعية الضحية بنظام‬ ‫المسؤولية، و بالتالي يقتصر نظام المسؤولية بدون خطأ على الغير دون المعني بعمليات‬ ‫الشرطة.‬ ‫ذلك أنه قد تكون متابعة المعني بناءا على معلومات خاطئة، مما ينجم عنه الحكم ببراءته‬ ‫و عليه فليس من العدل أن نطالبه بإثبات الخطأ.‬ ‫و بالتالي يجدر تعميم نظام المسؤولية بدون خطأ على الجميع سواءا آانوا معنيين أو ﻻ‬ ‫بعمليات الشرطة مع اﻹبقاء على حق الدولة في الرجوع على من ساهم بخطئه في الضرر سواء‬ ‫آان من أعوان اﻷمن أو من المعنيين بالعملية أو حتى من الغير.‬ ‫و إذا آانت مسؤولية الدولة عن مخاطر استعمال مصالح الشرطة لﻸسلحة النارية و‬ ‫اﻵﻻت الخطرة باعتبارها صورة من صور المسؤولية عن اﻷشياء الخطرة تقوم على الشروط‬ ‫الخاصة السالفة الذآر، فهل نجدلها تطبيق في القضاء الجزائري؟‬
‫المخاطر.‬

‫المطلب الثاني : تطبيقات القضاء الجزائري للمسؤولية اﻹدارية على أساس‬ المخاطر
‫يتضح من الوهلة اﻷولى تطابق موقفي القضاء الجزائري و الفرنسي من خلال ما ذهبت‬ ‫إليه الغرفة اﻹدارية بالمحكمة العليا بمناسبة القضايا المطروحة عليها والتي ستناول أهمها، آما‬ ‫أن الفرق الوحيد الموجود يمكن في تحدث الغرفة اﻹدارية )المحكمة العليا( عن المخاطر‬ ‫الخاصة ‪ Risque spéciale‬ في الوقت الذي نجد فيه مجلس الدولة الفرنسي يتحدث في قضية‬ ‫‪ Le comte‬السالفة الذآر، عن المخاطر اﻹستثنائية ‪Les risques exceptionnels‬‬ ذلك أننا نجد مجلس الدولة اعتمد في تأسيسه لقيام المسؤولية في قضية وزارة الدفاع‬ ‫الوطني ضد ورثة بن عمارة لخميستي في 80/30/9991 على نظرية المخاطر آما أوجدها‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي في قضية ‪Le comte‬‬ ‫

الفرع اﻷول: اﻷخطار اﻹستثنائية كأأساس للمسؤولية اﻹدارية عن أعمال الشرطة.‬
‫لقد تبنت الغرفة اﻹدارية المسؤولية على أساس اﻷخطار اﻹستثنائية في قضية‬ ‫"بن حسان أحمد" ضد وزير الداخلية92 و تعود وقائع القضية إلى انفجار خزان البنزين‬ ‫بمحافظة الشرطة المرآزية بالجزائر العاصمة و أصيبت أسرة بن حسان أحمد بأضرار‬ ‫بليغة، حيث أدى اﻹنفجار إلى وفاة زوجته الحامل و ابنته صفية، و عليه جاء في حيثيات‬ ‫قرار الغرفة اﻹدارية:"حيث أنه آان خزان البنزين تم وضعه من قبل سوناطراك و‬ ‫شرآة آالطام ﻻ يعفى بأي حال من اﻷحوال السلطة العمومية من مسؤولياتها، و أن‬ ‫وجود هذا الخزان يشكل أخطار استثنائية على اﻷشخاص و الممتلكات و أن اﻷضرار‬ ‫الناتجة في هذه الحالة تتجاوز بجسامتها اﻷعباء التي يمكن تحملها من قبل اﻷفراد عادة"‬ ‫

الفرع الثاني : إستعمال مصالح اﻷمن أسلحة نارية تشكل مخاطر خاصة
‫لقد أقامت الغرفة اﻹدارية بالمحكمة العليا المسؤولية اﻹدارية على أساس المخاطر‬ بمناسبة قضية وزارة الداخلية ضد السيدة ل م بتاريخ 61 فيفري 6791.‬
‫و تعود وقائع القضية إلى 51 سبتمبر 0791 عندما قام رجال الشرطة بعملية إلقاء‬ ‫القبض على أحد المجرمين في مدينة البليدة حيث أصيب السيد ب م برصاصة ضائعة و هو‬ ‫واقف أمام دآانه فتوفي، فقامت أرملة المرحوم برفع دعوى تعويض بإسمها و بإسم‬
-----------------------------------
‫92-انظر كتاب "اﻷستاذ لحسن الشيخ آث ملويا" المنتقى في قضاء مجلس الدولة-الجزء اﻷول-دارهومة‬ ‫طبعة 2002 ص19-99.‬ ‫03-"الدكتور مسعود شيهوب"-المسؤولية عن المخاطر ص 601.‬

‫أبنائها، فصرحت الغرفة اﻹدارية بالمجلس القضائي بمسؤولية الدولة على أساس الخطأ،‬ ‫غير أنه و لدى استئناف القرار ذهبت الغرفة اﻹدارية بالمحكمة العليا ﻹقامة المسؤولية على‬ ‫أساس المخاطر بحيث جاء في إحدى حيثياته:‬ ‫"...حيث أنه إذا آانت مسؤولية مصالح اﻷمن ﻻ يمكن أن تقام إﻻ على أساس الخطأ‬ ‫الجسيم، فإن مسؤولية الدولة تقوم دون وجود أي خطأ عندما تستعمل مصالح اﻷمن أسلحة نارية‬ ‫قد تشكل مخاطر خاصة بالنسبة للأشخاص و اﻷموال تتجاوز اﻷضرار الناجمة عنها الحدود‬ ‫العادية التي يمكن تحملها"

‫الفرع الثالث: المسؤولية المدنية على أساس التابع و المتبوع كإستثناء لقيام مسؤولية‬ ‫الدولة.‬
‫لقد أخذ القضاء اﻹداري الجزائري، آاستثناء بالمسؤولية المدنية، عكس بعض القضايا‬ ‫التي طبق فيها قواعد القانون العام آخذا بالمسؤولية على أساس الخطأ و المخاطر، غير أنه في‬ ‫القرار الصادر عن مجلس الدولة بتاريخ 82/20/0002 نجده أخذ بالمسؤولية المدنية على‬ ‫أساس التابع و المتبوع بمناسبة قضية أرملة عمور عبد اﷲ مع وزارة الداخلية و تتلخص‬ ‫وقائعها:‬ ‫أنه بتاريخ 12/20/5991 أوقفت دورية السيد عمور عبد اﷲ و اقتادته إلى مرآز الشرطة‬ ‫بمستغانم للتحقيق معه حول مصدر جهاز الراديو الذي ضبط بحوزته غير أنه و لدى خروجه‬ ‫من المرآز تعرض له الحارس )عون اﻷمن العمومي( مستعملا سلاحه الناري، و مصيبا إياه‬ ‫برصاصة برأسه أردته قتيلا.‬
‫فرفع ذوي الحقوق دعوى ضد عون اﻷمن من وزارة الداخلية فقضت الغرفة اﻹدارية‬ ‫بمجلس مستغانم برفض التعويض بسبب حفظ القضية جزائيا ضد عون اﻷمن العمومي، غير أن‬ ‫مجلس الدولة أقر مسؤولية وزارة الداخلية لكن على أساس المادة 631 ق م )التابع و المتبوع(‬ ‫و لعدم إثبات خطأ الضحية قضى بالتعويض لصالح ذوي الحقوق.‬

‫و نخلص مما سبق أن القضاء اﻹداري الجزائري عكس القضايا السابقة أخذ بالمسؤولية‬ ‫المدنية )التابع و المتبوع(في حين كانن بإمكانه إقامة المسؤولية على أساس المخاطر مستندا على‬ ‫الخطأ البسيط آون أن الضحية في قضية الحال هي معنية بعمل الشرطة.‬ ‫ذلك أنه و حسبما رأيناه تقوم مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة أثناء استعمالها لﻸسلحة‬ ‫النارية على أساس المخاطر عندما تكون الضحية غير معنية بعمليات الشرطة، آما تقوم على‬ ‫أساس الخطأ البسيط عندما تكون الضحية معنية بهذه العمليات و نذآر في هذا السياق ما قضى‬ ‫به مجلس الدولة بمناسبة قضية المديرية العامة للأمن الوطني ضد أرملة لشاني و من معها في‬ ‫10/20/9991 و الذي رأى أن مسؤولية المديرية العامة للشرطة تقوم ما دام أن الضرر ناتجا‬ ‫عن استعمال السلاح الناري.‬ ‫و تتخلص وقائع القضية، أنه بتاريخ 31/90/0991 أسندت للشرطي "عبد الرحمن"‬ ‫مهمة الحراسة بلباس مدني بمستودع ميترو الجزائر بمنحدر تافورة، غير أنه أهمل منصب‬ ‫عمله متوجها إلى ساحة الشهداء ليشتري بعض اللوازم حامﻼ معه سلاحه الناري الخاص بعمله‬ ‫و الذي استعمله ضد المدعو "لشاني نور الدين" مصيبا إياه بجروح خطيرة أفضت لوفاته.‬ ‫و على إثر الدعوى التي رفعتها أرملة الضحية المتوفاة ضد المديرية العامة للأمن‬ ‫الوطني أصدرت الغرفة اﻹدارية بمجلس قضاء الجزائر قرار صرحت فيه بمسؤولية المديرية‬ ‫العامة للأمن الوطني و ألزمتها بالتعويض، و ذلك على أساس المادة 831 ق م آون أن:‬ ‫الشرطي آانت له وقت الوقائع حراسة سلاحه و استعماله و إدارته و مراقبته و‬ ‫أن الشرطي لم يكن وقت الوقائع بلباسه الرسمي، و لم يكن في خدمته، بل في‬ ‫1-‬ ‫2-‬ ‫بالتالي يكون مسؤوﻻ عن ما يحدث به من ضرر.‬ ‫وضعية غير شرعية، لكونه أهمل بإرادته منصب عمله.‬

‫غير أن مجلس الدولة و على إثر اﻹستئناف المسجل من قبل مديرية اﻷمن الوطني،نجده أيد‬ ‫قرار الغرفة اﻹدارية مؤسسا قضاءه على المادة 631 ق م و التي تنص على أن المتبوع مسؤول‬ ‫عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى آان واقعا في حالة تأدية وظيفته، أو‬ ‫بسبب وظيفته، و رأى أن دفع المديرية العامة للأمن الوطني القائل بأن الشرطي المتسبب في‬ ‫وفاة الضحية آانت له وقت الحادثة السيطرة الكاملة على سلاحه الناري، و أنه لم يكن في‬ ‫الخدمة مردود عليه من جهته:‬ ‫أولهما: أن السﻼح الناري سلم إليه بسبب وظيفته، و أن على اﻹدارة التأآد من آونه لن‬ ‫يستعمل سﻼحه في إحداث ضرر بالغير.‬ ‫و ثانيهما: أن الشرطي استعمل سﻼحه الناري بمناسبة وظيفته، بمعنى أن وظيفته هي‬ ‫التي سهلت له ارتكاب الجريمة.‬ ‫و عليه نجد مجلس الدولة استند في قراره على أساس المسؤولية بدون خطأ على أساس‬ ‫استعمال السلاح الناري و الخطير و ذلك بتوافر 3 شروط هي:‬ ‫استعمال أسلحة أو آﻻت ذات مخاطر استثنائية للأشخاص و اﻷموال‬ ‫أن تكون اﻷضرار نتيجة لذلك اﻹستعمال‬ ‫أن تكون تلك اﻷضرار متميزة في جسامتها و تتجاوز المساوئ العادية الناتجة عن‬ وجود مصالح الشرطة.‬
‫‬
‫و عليه فيكفي إذن لتقوم مسؤولية المديرية العامة للشرطة أن يكون هناك سﻼحا ناريا، و‬ ‫أن ينتج الضرر عن إستعمال ذلك السﻼح دون التفكير في وجود الخطأ أم ﻻ مادامت اﻹدارة هي‬ التي منحت السلاح للشرطي، فأساس المسؤلية هو المــخــاطر أو خطورة السلاح.‬
‫ ------------------------
‫13-انظر اﻷستاذ "لحسين بن الشيخ آث ملويا-المرجع السابق ص 22-32-42.‬ ‫23-يرى محافظ الدولة باربي ‪" BARBET‬نظن بأن استعمالالسلاح من طرف اﻷعوان المكلفين بحفظ‬ ‫اﻷمن يجعل الخواص عرضة لمخاطر غير عادية، و التي تفتح أهم الحق في التعويض إذا تحققت تلك‬ ‫المخاطر"‬

‫و إذا كانت مسؤولية الدولة عن عمل الشرطة تقوم بدون خطأ على أساس مخاطر‬ ‫استعمالها للأسلحة النارية واﻵﻻت الخطرة، فهل يمكننا اعتباره اﻷساس الوحيد في قيام مسؤولية‬ ‫الدولة؟‬

المبحث الثاني : مسؤولية الدولة من أعمال الشرطة على أساس الإخلال بالمساواة أمام‬ ‫اﻷعباء العامة.‬
‫لقد شهد القضاء تطورا ملحوظا في مجال المسؤولية بدون خطأ، فبعد أن شملت آل‬ ‫مظاهر النشاط المادي للإدارة حيث أقام القضاء و التشريع - حسب الحاﻻت- المسؤولية‬ ‫في هذا المجال على أساس المخاطر، بعد ذلك آان ﻻبد أن تشمل هذه المسؤولية‬ ‫التصرفات القانونية المشروعة على أساس مبدأ المساواة أمام اﻷعباء العامة.‬ ‫من صنع الفقه تأييدا لفكرة إستقلال المسؤولية العـامــة و تعتبر هذه النظرية

‫إستجابة لمفاهيم العدالة اﻹجتماعية، و بالتالي فإن اﻷعباء العامة التي تفرضها السلطة‬ ‫تحقيقا للمصلحة العامة توزع بالتساوي و على أفراد المجتمع.‬
‫لكن ما دمنا بصدد دراسة مسؤولية الدولة عن مرفق حساس آمرفق الشرطة فإن‬ ‫التصريح بمسؤولية الدولة عنها مرهون بتحقيق 3 أنواع من الشروط عامة، خاصة و‬ ‫إضافية لصيقة بكل حالة من حاﻻت الإخلال بالمساواة.‬ ‫ذلك أنه يعني بالشروط العامة، تلك المطلوبة في المسؤولية دون خطأ بوجه عام‬ ‫حيث ينبغي توافر رآني الضرر و العلاقة السببية، كما ﻻ بد أن يكون الضرر فيها أكيدا و‬ ‫مباشرا ...إلخ.‬ ‫
أما الشروط الخاصة، فهي تلك المتعلقة بالمسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة فقط‬ ‫دون الحاﻻت اﻷخرى للمسؤولية غير الخطئية و تتعلق بخصائص الضرر المستوجب لقيام‬ ‫المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة، إذا ﻻ بد أن يكون هذا الضرر خاصا و غير عادي.‬
‫و أخيرا بالنسبة للشروط اﻹضافية فهي تتعلق بكل حالة من حاﻻت المسؤولية عن‬ ‫الإخلال بمبدأ المساواة، ففي المسؤولية بسبب اﻹمتناع عن تنفيذ اﻷحكام و القرارات‬
-----------------------------------
‫33- يرى أنصار هذه النظرية و من بينهم ‪ A DE LAUBADERE‬أنها تهتم أساسا بالضرر و ترتكز على‬ ‫إصلاحه دون أدنى اهتمام بالخطأ أو المخاطر الذين يعتبران من وجهة نظرهم مجرد شروط لقيام‬ ‫المسؤولية و ليس أساسا لها.‬

‫القضائية مثلا يشترط أن يكون الحكم محل اﻹمتناع عن التنفيذ نهائيا، و أن يكون بسبب‬ ‫تحقيق النظام العام و أن يكون اﻹمتناع قد استمر لفترة زمنية معينة، و عليه يجدر بنا‬ ‫التساؤل عن حاﻻت الإخلال بالمساواة التي تقيم مسؤولية الدولة و عن موقف القضاء‬ ‫الجزائري منها؟‬

المطلب اﻷول : حاﻻت الإخلال بالمساواة أمام اﻷعباء العامة
‫حتى تقوم المسؤولية اﻹدارية بفعل أعمال الشرطة التي تبنى على أساس بدون خطأ ﻻبد‬ ‫من امتناع من أعطت له الدولة صلاحية تنفيذ حكم أو قرار قضائي عن تنفيذه تحت طائلة‬ ‫الإخلال بالنظام العام أو حتى في حالة إتخاذ بعض التدابير، و عليه تتمثل حاﻻت الإخلال‬ ‫بالمساواة أمام اﻷعباء العامة التي سنتناولها فيما يلي في:‬ ‫عدم تنفيذ قرار قضائي‬ ‫عدم ضبط النظام العام‬ ‫عدم تطبيق قرار إداري‬

الفرع اﻷول : عدم تنفيذ حكم أو قرار قضائي
‫تكون الدولة مسؤولة في مثل هذه الحالة دون ارتكابها لخطأ إذا كان امتناعها عن تنفيذ‬ ‫القرار القضائي راجعا إلى حرص اﻹدارة على تفادي حصول بعض المشاآل الوخيمة، و ذلك‬ ‫بتوافر شروط معينة إضافة للشروط العامة و الخاصة السالفة الذآر:‬ ‫أن يكون الحكم محل اﻹمتناع عن التنفيذ نهائيا‬ ‫أن يكون اﻹمتناع بسبب النظام العام )و إﻻ اعتبر تعسفا(‬ ‫و ان يكون اﻹمتناع قد استمر لفترة زمنية معينة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫.
‫و أحسن مثال يذكر في هذه الحالة هو قضية ‪ (Couitéas‬قرار مجلس الدولة‬ ‫الفرنسي 03 نوفمبر 3291 و التي دارت وقائعها في تونس، و التي صدر بشأنها قرار من‬ ‫مجلس الدولة الفرنسي باعتبار اﻹدارة مسؤولة دون خطأ و يتعلق اﻷمر برفض السلطة‬ ‫اﻹدارية الفرنسية بتونس آنذاك تنفيذ حكم قضائي صدر لصالح أحد المعمرين اﻷجانب تفاديا‬ ‫لنشوب إضطرابات خطيرة من قبل السكان التونسيين باعتبار أن الحكم القضائي المراد‬ ‫تنفيذه آان لصالح أحد المعمرين آما سبق ذآره والذي يقضي بطرد عدد من القبائل الرحل‬ ‫من أراضي بالجنوب التونسي43.‬ ‫وعليه ففي مثل هذه الحالة و آما تم اقراره في قرار ‪ ،COUITEAS‬يكون‬ ‫للشخص الذي امتنعت اﻹدارة عن ضمان تنفيذ الحكم القضائي الصادر لفائدته مستحقا‬ ‫للتعويض على أساس مسؤولية اﻹدارة دون خطأ بما أن إمتناع اﻹدارة عن ضمان تنفيذ‬ ‫الحكم القضائي )اﻷمر الذي يتطلب تدخل القوة العمومية( مرده درء وقوع اضطراب في‬ ‫النظام العام.‬ ‫و في قضية أخرى امتنعت اﻹدارة عن ضمان تنفيذ حكم قضائي بإخراج مجموعة‬ ‫من العمال المضربين المعتصمين بأحد المصانع، فامتنعت اﻹدارة عن تنفيذ مثل هذا الحكم‬ ‫القضائي تفاديا لحصول مشاآل إضافية53.
‬ ‫ففي مثل هذه الحاﻻت يفرض على اﻹدارة إذن تعويض أصحاب اﻷحكام القضائية‬ ‫التي امتنعت عن تنفيذها، وهذا بالرغم من عدم ارتكابها ﻷي خطا إذ يؤسس عدم قيامها‬ ‫بالتنفيذ على مقتضيات المصلحة العامة.‬ ‫و عليه نخلص أنه آلما رأت المجموعة العمومية أن تنفيذ حكم قضائي نهائي‬ ‫ممهور بالصيغة التنفيذية، وصادر ضد أحد اﻷفراد لصالح أفراد أخرين يرتب إخلال جسيما‬ ‫باﻷمن العام و يعرض فكرة الصالح العام للخطر و التهديد، آان لها أن تمتنع عن المساعدة‬ ‫على تنفيذه بالقوة الجبرية، و هي في ذلك ﻻ تكون قد إرتكبت خطأ مصلحيا و‬
-------------------------------
‫43-انظر الدكتور توفيق بوعشبة مبادئ القانون اﻹداري التونسي التنظيم اﻹداري-النشاط اﻹداري-القضاء‬ ‫اﻹداري المدرسة القومية للإدارة مركز البحوث و الدراسات اﻹدارية –تونس-ص 612.‬ ‫53-انظراﻷستاذ عوابدي عمار المرجع السابق ص 042.‬
‫لكن يجب عليها أن تعوض الشخص الذي صدر الحكم لصالحه ﻷنه دون شك يكون قد تحمل‬ ‫في هذه الحالة عبأ ثقيلا في سبيل المصلحة العامة ﻻ يتفق مع ما يقضي به مبدأ المساواة أمام‬ ‫اﻷعباء العامة.‬

الفرع الثاني: عدم تطبيق قرار إداري
‬ ‫قد يؤدي عدم تطبيق قرار إداري من قيل اﻹدارة إلى إلزامها بالتعويض إذا آان هذا‬ ‫اﻻمتناع قد ألحق ضررا خاصا و غير عادي بأحد المخاطبين بالقرار اﻹداري محل التنفيذ.‬
‫و لقد وسع القضاء اﻹداري في مجال هذه المسؤولية لتشمل القرارات التنظيمية المتعلقة‬ ‫بالضبط اﻹداري إذا آانت هذه القرارات قد رتبت إخلالا ب المساواة أمام اﻷعباء العامة، و مثال‬ ‫ذلك: قرارات الضبط اﻹداري التي تمنع مرور شاحنات في طرق معينة.
أو حتي مرور‬ ‫اﻷشخاص في شوارع معينة أين فتحت محلات تجارية بنيت معظم نشاطاتها على استقطاب‬ ‫زبائنها من هؤﻻء الراجلين أو أصحاب الشاحنات مما أدى ﻹلحاقهم بأضرار خاصة، و بالتالي‬ ‫منح لهم القضاء التعويض على أساس مبدأ المساواة أمام اﻷعباء العامة بدون وجود أي خطأ‬ ‫ضد مصالح الشرطة القضائية أو اﻹدارية.‬

‫الفرع الثالث: عدم ضبط النظام
العام‬ ‫قد ترى القوة العمومية أحيانا، أن تدخلها لفظ نزاع أو وضع معين يؤدي إلى تفاقم‬ ‫اﻷوضاع اﻷمنية و ينجر عنه إخلالا خطير بالنظام العام و عليه إن رأت ذلك في إطار سلطتها‬ ‫التقديرية، فتكون بالتالي مجبرة ﻷدائها التعويض لكل متضرر له الحق الحماية القانونية من‬ ‫جراء اﻷضرار المادية التي تكون قد مسته و آذا له حق التعويض عن ما فاته من آسب و ما‬ ‫لحقه من خسارة من جراء عدم اتخاذ السلطات اﻹجراءات القانونية و المادية ﻹعادة استتباب‬ ‫اﻷمن و النظام العام المترتب عن عدم تدخلها، و مثال ذلك :‬
‫عدم تدخل القوة العمومية لإخلاء سكنات احتلت بطريقة غير شرعية إذ أن عدم تدخلها‬ ‫هذا و إن كان مبررا بتفاهم اﻷوضاع اﻷمنية في حالة الإخلاء، بحيث يؤدي إلى المساس الخطير‬ ‫بالنظام العام، فإنه ﻻ ينبغي من جهة أخرى أن يشكل عبئا أو ضررا يتحمله المتضرر لوحده و‬ ‫لذلك وجب تعويضه لوحده، و لذلك وجب تعويضه على أساس مبدأ المساواة أمام اﻷعباء العامة.‬ ‫و عليه، إن آانت مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة تقوم على أساس الإخلال بالمساواة‬ ‫أمام اﻷعباء العامة من خلال الحاﻻت التي تم التطرق إليها، فما هو موقف القضاء و التشريع‬ ‫الجزائري منها ؟‬

المطلب الثاني : موقف التشريع و القضاء الجزائري من مبدأ الإخلال بالمساواة أمام‬ ‫اﻷعباء العامة
‫سنتناول من خلال هذا المطلب آل من موقف التشريع و القضاء الجزائري من مبدأ‬ ‫المساواة أمام اﻷعباء العامة كأساس لقيام مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة، باعتبار أن هذا‬ ‫المبدأ يشكل تدعيما ثمينا لمبدأ المسؤولية الذي يتميز به النظام القانوني للنشاط اﻹداري بصفة‬ ‫عامة.‬

الفرع اﻷول: موقف التشريع الجزائري من مبدأ الإخلال بالمساواة أمام اﻷعباء العامة
‬ ‫لقد أكد الدستور الجزائري في مادته 541 على ضرورة تنفيذ أحكام القضاء بنصه "على‬ ‫آل أجهزة الدولة المختصة أن تقوم في آل وقت و في كل مكان و في جميع الظروف بتنفيذ‬ ‫أحكام القضاء"‬ ‫و من خلال استقرائنا للمواد 023-423 ق إ م نجد أن تسخير القوة العمومية‬ ‫للتنفيذ الجبري للأحكام و القرارات القضائية يكون من اختصاص السلطة القضائية‬ ‫عن طريق قضاة النيابة العامة مباشرة و عن طريق استعمال القوة العمومية و يشعر‬ ‫الوالي بذلك،‬
‫و عكس ما هو محمول به في فرنسا حيث أن منح القوة العمومية لطلب التنفيذ‬ ‫يكون من اختصاص الوالي الذي يقدر في مهلة محددة مدى تأثير التنفيذ على النظام العام‬ ‫لمنح القوة العمومية من عدمه و في الحالة اﻷخيرة فإن الدولة تكون مسؤولة عن تعويض‬ ‫أي ضرر خاص و غير عادي يصيب اﻷفراد من جراء عدم تدخل القوة العمومية لحماية‬ ‫مواطنيها.‬
‫و تجدر اﻹشارة أنه حتى يكون قرار قضائي عادي قابلا للتنفيذ ﻻبد أن يكون نهائي‬ ‫ممهور بالصيغة التنفيذية63 يأمر فيه كل أعوان التنفيذ القيام بتنفيذ القرار.‬
‫لكن في الحالة التي يعكر فيها التنفيذ اﻷمن العمومي، يمكن للوالي حسب المادة‬ ‫423- 20 ق ا م أن يوقف التنفيذ مؤقتا، لكن القانون لم يحدد لنا مدة هذا التوقيف، اﻷمر‬ ‫الذي أدى إلى صدور منشور يحدد المهلة بـ 30 أشهر و يتعلق اﻷمر باﻷحكام و‬ ‫القرارات القابلة للتنفيذ في مجال الطرد من السكنات أو إخلاء قطع أرضية و حتى‬ محلات تجارية حيث أنه وقبل تسخير القوة العمومية من قبل وكيل الجمهورية فعلى هذا‬ ‫اﻷخير أن يخطر الوالي بهذا التنفيذ، و على الوالي أن يرد خلال 51 يوما سواء‬ ‫باﻹيجاب إن لم يرى هناك مانع أمني، أو بتأجيل التنفيذ لمهلة ﻻ تتجاوز في كل اﻷحوال‬ ‫30 أشهر73.‬
‫لكن الجدير بالذكر أنه في حالة كون القرارات الصادرة ضد اﻹدارة و التي ﻻ‬ ‫تستجيب للتنفيذ من تلقاء نفسها، فإننا نجد المشرع قد تدخل من هذا الجانب بموجب نص‬ ‫قانوني يحمل رقم 19/20 المؤرخ في 80 جانفي 1991 حيث يتجه الشخص المحكوم له‬ ‫ليقدم ملفا إلى الخزينة العامة بالوﻻية بعد تحرير محضر عدم وجود من قبل المحضر‬ ‫القضائي بعد ذلك يصرف له المبلغ المحكوم به مباشرة من رصيد اﻹدارة المحكوم‬ ‫ضدها‬
-----------------------------------
‫63 - تكون الصيغة التنفيذية القرارات القضائية قي القضايا اﻹدارية "الجمهورية تدعو و تأمر وزير...أو‬ ‫الوالي عندما يتعلق اﻷمر بدعوى تخص جماعة محلية"‬ ‫73 - لقد حدد مجلس الدولة الفرنسي المهلة العادية لتوقيف التنفيذ بشهرين فقط و ما بعدها فإن ر فض‬ ‫طلب مساعدة القوة العمومية يعتبر خطأ جسيما.‬

‫بعد التأكد من كون القرار نهائي و أن المبلغ المحكوم به محدد إثر التحقيق المنجز عن‬ ‫طريق النائب العام.‬ ‫لكن تجدر المﻼحظة، و مع حالة العسر التي أصبحت تعاني منها كثير من البلديات،‬ ‫أصبح أمين الخزينة يرفض دفع المبلغ كله أو جزء منه بدعوى عدم كفاية الرصيد، فهل يحق‬ ‫هنا لطالب التنفيذ أن يرفع دعوى تعويض أخرى ضد الدولة ممثلة في شخص وزير المالية‬ ‫بفعل رفض تنفيذ القانون إذ التطبيقات القضائية في هذا الجانب منعدمة لحد اﻵن.‬

الفرع الثاني : تطبيقات القضاء الجزائري لمبدأ الإخلال بالمساواة أمام اﻷعباء العامة
‫إن تطبيقات القضاء الجزائري لهذا النوع من المسؤولية ضئيل جدا، و لم نجد في‬ ‫إطار بحثنا إﻻ تطبيقا وحيدا يتعلق بتدخل اﻹدارة في منع تنفيذ قرار قضائي ورد في قضية‬ ‫بوشات و سعيدي ضد وزير الداخلية وزير العمل و والي الجزائر ) قرار الغرفة اﻹدارية‬ ‫بالمحكمة العليا بتاريخ 02جانفي 9791 ( حيث ترجع وقائعها إلى أن العارضين كانا قد‬ ‫تحصﻼ على حكم مؤيد بقرار ضد السادة قرومي و مراح يقضي بدفع لهما مبلغا ماليا معينا‬ ‫عن 82 شهر إيجار، و أن والي وﻻية الجزائر قد أرسل للمكلف بالتنفيذ بدائرة اﻹختصاص‬ ‫يمنعه فيها بإجراء التنفيذ ضد قرومي و مراح، فرفع السيدين سعيدي و بوشات دعوى أمام‬ ‫الغرفة اﻹدارية بالجزائر التي رفضت منحهما التعويض بسبب رفض تنفيذ الحكم الصادر‬ ‫لصالحهما بفعل الوالي، فرفضت الغرفة اﻹدارية بالمحكمة العليا قبلت طلبهما إﻻ أن الغرفة‬ ‫اﻹدارية بالمحكمة العليا قبلته، حيث جاء في القرار ما يلي:"حيث أن المتقاضي المتحصل‬ ‫على حكم يكتسي الصيغة التنفيذية له الحق في مساعدة السلطة اﻹدارية لضمان تنفيذ السند‬ ‫المسلم له، و إن السلطة اﻹدارية لها الحق في تقدير ظروف التنفيذ و بالتالي الحق في تأجيله‬ ‫لما ترى وجود خطر على اﻷمن و السكينة، و إن الضرر الناتج‬ عن هذا الرفض ﻻ ينبغي النظر إليه كعبء يتحمله المعني إذا ما امتد هذا الرفض خارج‬ ‫المدة الممنوحة لﻺدارة للتقدير"‬ ‫نخلص في اﻷخير، و بمقارنة المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة أمام اﻷعباء‬ ‫العامة مع مسؤولية الدولة عن اﻷضرار الناتجة عن استعمال مصالح الشرطة للأسلحة النارية‬ ‫مع اﻹشارة لقلة غزارة التطبيقات‬ ‫و اﻵﻻت الخطيرة إلى تباين تطبيقات كل منهما،‬ ‫المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة و يرجع ذلك حسب بعض الفقهاء إلى حداثة المسؤولية‬ ‫بالمقارنة مع المسؤولية عن استعمال اﻷسلحة النارية و اﻵﻻت الخطيرة أما السبب الثاني و‬ ‫هو اﻷهم فيرتبط بشروط المسؤولية المتعددة التي بالغ القضاء في تعدادها اﻷمر الذي جعله‬ ‫يحد من أي توسع محتمل للمسؤولية فإلى جانب الشروط العامة و اﻹضافة فإن هناك شروط‬ ‫خاصة تتعلق بخصوصية الضرر و خطورته و هما شرطان نجدهما يتجليان أيضا في‬ ‫المسؤولية عن اﻷضرار الناتجة عن استعمال مصالح الشرطة للأسلحة النارية و اﻵﻻت‬ ‫الخطيرة.

‬ ‫و على العموم و بالرغم من أن شرطي الخصوصية و الخطورة قد إستعملا سابقا‬ كحواجز لمنع أي توسع في تطبيق المسؤولية إﻻ أن اﻻجتهاد الحديث بدأ يتحرر من المفهوم‬ ‫الضيق لهذين الشرطين اﻷمر الذي يجعلنا نعتقد بأن المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة‬ ‫سيتوسع أكثر في المستقبل ذلك أن تحفظ القضاء بشأن هذه اﻷخيرة نجد له على اﻷقل تفسيرين :
اﻷول : و يتعلق بالحفاظ على المال العام فحرص القاضي على ميزانية الدولة هو الذي‬ ‫جعله يقيد تطور المسؤولية دون خطأ و يضيق من نطاق تطبيقها، آما يأخذ هذا التضييق شكلا‬ أكثر صرامة في المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة منه عن المخاطر.‬
الثاني:
فيتعلق بكون أن أهم حاﻻت المسؤولية عن الإخلال بمبدأ المساواة‬ ‫تتعلق بأعمال السيادة التي آانت نموذجا عمليا لفكرة عدم مسؤولية الدولة.‬

خـاتـمـة‬
‫نستخلص من خلال هذا البحث خصوصية نشاط مرفق الشرطة سواء تعلق اﻷمر بنشاطه‬ ‫التنظيمي أو المادي و لذلك يختلف نظام المسؤولية فيها عن تلك المطبقة في القانون المدني ذلك‬ ‫أن طبيعة مرفق الشرطة من حيث هو مرفق عمومي له أساليبه الخاصة من حيث اتخاذه للتدابير‬ ‫الوقائية أو توقع اﻹخﻼﻻت الممكنة وقمعها و ذلك في إطار ما يسمى بالضبط اﻹداري أو الضبط‬ ‫القضائي مما حفز القضاء اﻹداري على مسايرة هذا التغيير في الظروف و النشاط المتميز‬ ‫لمرفق الشرطة معتمدا أسس جديدة في المسؤولية فمن إشتراطه الخطأ الجسيم إلى الخطأ البسيط‬ ‫في حاﻻت إستثنائية إلى اﻷخذ بالمسؤولية اﻹدارية بدون خطأ سواء على أساس المخاطر أو‬ ‫على أساس المساواة أمام اﻷعباء العامة وذلك ضمانا لحماية أكبر للضحية مقابل تعقيد أساليب‬ ‫أعمال الشرطة.‬
‫و ما تجدر اﻹشارة إليه من خلال التطبيقات القضائية في مجال المسؤولية اﻹدارية هو‬ ‫تأثر القضاء الجزائري بنظيره الفرنسي من خلال اﻷخذ بنظام وأسس المسؤولية اﻹدارية بفعل‬ ‫أعمال الشرطة.‬ ‫غير أنه بإعتماد المشرع الجزائري المعيار العضوي في المادة 70 من قانون اﻹجراءات‬ ‫المدنية في تحديده جهة اﻹختصاص النوعي تكون قد سهل من مهمة القاضي في تكييف النزاع‬ ‫المطروح عليه ووضعه في إطاره القانوني الصحيح.‬
‫غير أن الفائدة من معرفة هيئات الشرطة و النشاط الذي تقوم عليه يكمن في تحديد‬ ‫مستوى الهيئة القضائية المختصة داخل النظام القضائي اﻹداري و اﻷشخاص الممثلة أمام‬ ‫القضاء و هو ما يساعد على تحفيز و إثراء اﻹجتهاد القضائي في هذا المجال نظرا للطابع‬ ‫المتميز لمرفق الشرطة و نشاطه الخاص.‬
‫و من ثم فإن تطبيق القرارات المتضمنة التدابير الوقائية يؤول تنفيذها إلى أفراد القوة‬ ‫العمومية من شرطة اﻷمن الوطني أو شرطة البلدية و أثناء تنفيذهم لهذه المهام آشرطة إدارية‬ ‫فإن معرفة المتسبب في الضرر يؤدي بالضرورة إلى معرفة الجهة القضائية المختصة .‬
‫أ‬ ‫و عليه فإن اﻷعمال الضارة لموظف اﻷمن الوطني سواء تعلق اﻷمر بالمستوى المرآزي‬ ‫أو الغير المرآزي فإن المسؤولية اﻹدارية تبنى على أساس الخطأ البسيط أو الجسيم أو على‬ ‫أساس المخاطر و ترفع الدعوى ضد الدولة أمام مجلس الدولة ممثلة في وزارة الداخلية.‬ ‫أما بالنسبة لﻸضرار المتسبب في وقوعها شرطة البلدية فإن الدعوى توجه حسب رأينا‬ ‫ضد الوالي آونه صاحب صﻼحية التعيين و البلدية بالتضامن نظرا لسلطة اﻹدارة و اﻹشراف‬ ‫طبقا لقانون إنشاء سلك الشرطة البلدية.‬ ‫أما بالنسبة ﻷعمال الضبطية القضائية و المتمثلة في معاينة الجرائم و البحث عن‬ ‫مرتكبيها و تقديمهم للعدالة فإن الأضرار المتسبب فيها ضباط الشرطة القضائية في رأينا فإن‬ ‫المسؤولية اﻹدارية تقام ضد الدولة ممثلتة في وزارة الداخلية حسب المادة 70 ق إ م التي تعتمد‬ ‫المعيار العضوي في اﻹختصاص القضائي اﻹداري. و الذي إعتمده المشرع الجزائري في‬ ‫تحديد جهة اﻹختصاص النوعي.‬

المراجـــــــع :‬
أولا : الكتب
‫‫1- الدكتور سليمان محمد الطماوي – القضاء اﻹداري . الكتاب الثاني. قضاء التعويض و‬ ‫طرق الطعن في اﻷحكام دراسة مقارنة – دار الفكر العربي 6891.
‬‫2- الدآتور سليمان محمد الطماوي – القضاء اﻹداري . الكتاب الثالث. قضاء التأديب دراسة‬ ‫مقارنة 7891.‬
‫3- الدآتور موريس نخلة – المختار في اﻻجتهاد اﻹداري – منشورات الحلبي الحقوقية.‬ ‫8991.
‬‫4- الدآتور توفيق بوعشبة – مبادئ القانون اﻹداري التونسي ) التنظيم اﻹداري – النشاط‬ ‫اﻹداري – القضاء اﻹداري( المدرسة القومية للإدارة. مركز البحوث و الدراسات اﻹدارية‬ ‫تونس.
‬‫5- الدكتور مصطفى أبوزيد فهمي – القانون اﻹداري. ذاتية القانون اﻻداري اﻹدارة العامة في‬ ‫معناها العضوي. اﻹدارة العامة في معناها الوظيفي. الدار الجامعية 3991.‬
‫6- اﻷستاذ محمد ماجد ياقوت – اﻹجراءات و الضمانات في تأديب ضابط الشرطة. منشأة‬ ‫المعارف باﻹسكندرية.‬
‫7- اﻷستاذ خلوفي رشيد – قانون المسؤولية اﻹدارية – ديوان المطبوعات الجمعية 4991.
‬‫8- اﻷستاذ مسعود شهوب – المسؤولية عن المخاطر و تطبيقاتها في القانون اﻹداري دراسة‬ ‫مقارنة . ديوان المطبوعات الجامعية. بن عكنون الجزائر.
‬‫9- اﻷستاذ مسعود شهوب – المسؤولية من اﻹخﻼل بمبدأ المساواة و تطبيقاتها في القانون‬ ‫اﻹداري دراسة مقارنة. ديوان المطبوعات الجامعية. بن عكنون الجزائر.
‬‫10- اﻷستاذ عوابدي عمار - نظرية المسؤولية اﻹدارية نظرية تأصيلية تحليلية و مقارنة –‬ ‫ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الثانية 4002.‬ ‫11- اﻷستاذ جيلالي بغدادي – التحقيق دراسة مقارنة نظرية و تطبيقية الديوان الوطني‬ للاشغال التربوية الطبعة اﻷولى 9991.‬
‫12 ‫21(- ‪Les grands arrêts de la jurisprudence administrative F 12éme‬‬ ‫‪édition.Dalloz‬‬

ثانيا: القوانين‬
‫1- اﻷمر رقم 66-651 مؤرخ في 81 صفر عام 6831 الموافق 8 يونيو سنة 6691 يتضمن‬ ‫قانون العقوبات.‬
‫2- اﻷمر رقم 66-551 المؤرخ في 81 فصر عام 6831 الموافق 8 يونيو سنة 6691 يتضمن‬ ‫قانون اﻹجراءات الجزائية المعدل و المتمم .‬
‫3- اﻷمر رقم 66-451 مؤرخ في 81 فصر 6831 الموافق 8 يونيو 6691 يتضمن قانون‬ ‫اﻹجراءات المدنية.
‬‫4- قانون رقم 09/90 مؤرخ في 70/40/0991 المتضمن قانون الوﻻية الجريدة الرسمية رقم‬ ‫51 مؤرخ في 11/40/0991.‬
‫5- قانون رقم 09/80 مؤرخ في 70/40/0991 المتضمن البلدية الجريدة الرسمية رقم 51‬ ‫مؤرخ في 11/40/0991.‬
‫6- المرسوم التنفيذي 19/425 المؤرخ في 81 جمادي الثانية عام 2141 هـ الموافق لـ 52‬ ‫ديسمبر سنة 1991 المتضمن القانون الخاص بموظفي اﻷمن الوطني.
‬‫7- المرسوم التنفيذي رقم 29/27 المؤرخ في 50 جمادي اﻷول عام 3141 هـ الموافق لـ13‬ ‫أآتوبر سنة 2991 يتضمن مهام المديرية العامة للأمن الوطني و تنظيمها.‬
‫ 8- المرسوم التنفيذي رقم 99/74 مؤرخ في 72 شوال عام 9141هـ الموافق لـ 31 فيفري سنة‬ ‫9991 يتعلق بمنع تعويضات لصلح اﻷشخاص الطبيعيين ضحايا اﻷضرار الجسدية أو المادية‬ ‫التي لحقت بهم نتيجة أعمال إرهابية أو حوادث وقعت في إطار مكافحة اﻹرهاب و كذا لصالح‬ ‫ذوي حقوقهم‬
ثالثا : المجلات القضائية‬
- حسين بن الشيخ آث ملويا
- المنتقي في قضاء مجلس الدولة الجزء اﻷول دار هومة طبعة‬‫2002 .‬

----------------------------------
من إعداد : الطالبة القاضية
‫- بــولـــعــيــون فــــراح‬
تم تحرير الموضوع بواسطة :Harrir Abdelghani بتاريخ:29-12-2015 09:25 مساءً

look/images/icons/i1.gif المسؤولية الإدارية لمصالح الشرطة
  15-08-2016 07:03 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 26-04-2013
رقم العضوية : 343
المشاركات : 330
الجنس :
الدعوات : 7
قوة السمعة : 200
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب
عمل مميز جزاك الله خيرا

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
المسؤولية ، الإدارية ، لمصالح ، الشرطة ،









الساعة الآن 06:38 PM