تدابير الأمن في قانون العقوبات الجزائري.
مقدمة
المبحث الأول : تدابيــــر الأمـــن
المبحث الثاني : شروط إنزال تدابيــــر
المبحث الثالث : الأحكام الموضوعية لتدابيــــر
المبحث الرابع : تدابيــــر الأمن في قانون العقوبات الجزائري
المبحث الخامس : تدابيــــر الخاصــــة بالأحداث
الخاتمــــة
مقدمة :
بقيت العقوبة حتى وقت قريب تمثل الوجه الوحيد للجزاء الجنائي ، ومع تطور فلسفة العقاب قويت الدعوة إلى وجوب الإصلاح و التحديث و قد أثمرت عن وسيلة جديدة أعطت وجها جديدا للجزاء الجنائي قيل فيه أنه قادر على إصـلاح المجرم و إعادة تأهيله بدلا من مجرد قهره و جزره بالعقوبة.
حدث هذا بتأثير الأفكار التي دعت إليها المدرسة الوضعية الايطالية التي أنكــرت على العقوبة قدرتها على إصلاح المجرم أو حماية المجتمع و قد دعت إلى وجوب هجر العقوبة و المبادئ التي تقوم عليها ليحل محلها نظام بديل يقوم على تدابير الأمن.
المبحث الأول: تدابيــــر الأمـــن.
المطلب الأول: تعريف تدابير الأمن :
سمي كذلك في القانون اللبناني بالتدابير الاحترازية أما في ليبيا و الكويت فتسمى بالتدابير الوقائية و التدبير هو معاملة فردية ينص عليها القانون لمواجهة الخطورة الإجرامية لدى الأشخاص منعـا من ارتكاب الجريمـة و الدفــاع عن المجتمع ضد الأجرام ، و يتضح من هذا التعريف أن تدابير الأمن هي معاملة فردية يرجى تطبيقها على المجرم مواجهة خطورته و إبعاده عن المجتمع قبل أن تتحول إلى جريمة و هي معاملة قصريه و قانونية أي أنها تطبق قهرا على الجاني فلا يجوز أن تترك لمشيئته لأنها جزاء جنائي و الجزاء الجنائي ينص عليه القانون عملا بمبدأ الشريعة.
المطلب الثاني : خصائص تدابير الأمن :
ا- خلو التدابير من الفحوى الأخلاقي : فتدابير الأمن تواجه الجريمة كواقعة مادية سواء صدرت من عاقل أو مجنون كبير أو صغيـر فالجريمة هنا هي الفعل المادي المجرم و الغير الخاضع لسبب من أسباب الإباحة.
ب- غاية التدابير الأمنية المستقبلية : الاستعانة بتدابير الأمنية ينذر بارتكاب جريمة على وجه الاحتمال ، فلا يعير التدبير للماضي الكثير من اهتمامه اللهم إلا لتحديد نوع الخطورة و أسبابها و بالتالي فالتدابير الأمنية بطبيعتها معاملة موجهة إلى المستقبل.
ج- استبعاد قصد الإيلام : لا تحمل بتدابير الأمنية معنى الإيلام فهي تطبق بقصد إعادة تأهيل الجاني و التأهيل يكون بالعلاج و الرعاية و ليس بالشدة و العقاب إلا أن بعض التدابير يكون فيا الإيلام ظاهرا إذ تعرضت حرية الفرد و حقوقه للانتقاص أو التقيد لكن الإيلام هنا ليس مقصود لذاته.
د- التدبير لا تحمل معنى التحقير : لا ينظر الجمهور لمن يخضع لتدابير الأمنية التي ينظر بها للجاني أللذي يخضع للعقوبة فالناس تنظر لمن خضع للتدبير على أنه فقد مقدارا من سلطان إرادته فهو لا يستحق الازدراء و التحقير لأنه أشبه بمريض بائس يستحق ان يعذر لا أن يلام.
ه-المراجعة المستمرة للتدابير : من خصائص التدابير الأمنية أنها قابلة للمراجعة أثناء التنفيذ و ذلك بقصد دوام ملائمة التدبير لتطور حالة الخطورة الإجرامية التي يواجههــا و مرد ذلك انه من الصعب على المشرع أو القاضي أن يحدد سلفا نوع التدبير و أن يقطع بأنه قادر على حالة الخطورة لدى الفرد فقد تتغير الخطورة الإجرامية بأن تزداد أو تنقص أو تتغير طبيعته مما لا بد له من إعادة النظر في التدبير المتخذ لمواجهتها دائما و جعلها تتلاءم مع ما يحدث عليها من تغير و عليه فإن التدبير المتخذ ابتداء ليس تدبير نهائي فقد يتبين بعد تطبيقه لوقت ما عدم فعاليته في مواجهة الخطورة الإجرامية مما يقتضي تعديل مضمونه أو إبداله بتدبير آخر أما إذا اثبت التدبير المطبق علـى الجانـي ابتداء فعــالية و قدرته على مواجهة الخطورة الإجرامية استمر تطبيقه دون السعي لإبدالــه أو تعديله و حسن فعل المشرع الجزائري أللذي أشار في المادة 19 ما يلي :{ و يجوز إعادة النظر في هذه التدابير على أساس تطور الحالة الخطيرة لصاحب الشأن }.
المطلب الثالث: أغراض تدابير الأمن :
ترمي التدابير إلى حماية المجتمع من الجريمة و ذلك مواجهة للخطورة الإجرامية لدى بعض الأشخاص للحيلولة دون تحقيق الجريمة المحتملة و حيث أن الخطورة الإجرامية فقد و جب أن يتخذ التدبير مظاهر متنوعة لمواجهة الجريمة فالتدابير العلاجية تتخــذ لمواجهة الخطورة الإجرامية التي تعود أسبابها لمرض عقلي أو مــرض نفسي و التدابير التهذيبية تنزل بذوي الخطورة اللذين ترجع خطورتهم إلى نقص في القيـــم أو فســـادها و هكذا تبين
أن الغرض من التدبير هو مكافحة الجريمة ولو بعدة صور:
- حماية المجتمع من الإجرام بتأهيل المجرم الخطير و ذلك بتهذيبــــه أو علاجه.
- حماية المجتمع بتجريد المجرم الخطير من الوسائل المادية التي تساعده على الإجرام.
- حماية المجتمع بعزل المجرم الخطير الميئوس من حياته و إبعاده.
و على ذلك فان التدابير تتوجه إلى الجاني للقضاء على خطورته إن أمكن أو عزلـــه أو إبعاده عن المجتمع إذا كان القضاء على خطورته غير ممكن.
مقارنة بين أغراض العقوبة و أغراض تدابير الأمن( الهدف) :
تنحصر أهداف العقوبة في الردع العام ، الردع الخاص، العدالة.
و لكن التدابير التي تقوم على مجرد إصلاح المحكوم عليه بالقضــاء على خطورتــه الإجرامية فإنها لا تحقق سوى الردع الخاص و عليه فان أغراض العقوبة أوسـع بحيث تحقق هدفين لا يحققهم التدابير هما الردع العام و العدالة فالعقوبة تحقق النفعية الاجتماعية بنوعيها الردع العام و الردع الخاص إلى جانب العدالة ، في حين يسعى التدبير لتحقيق النفعية الاجتماعية في جانب واحد هو الردع الخاص.
المطلب الرابع : تقسيم التدبير:
ا- من حيث موضوعها :
فالتدابير تكون إما تدابير شخصية أو تدابير عينية بحسب المحل الذي يقع عليه التدبير فإذا كان هذا المحل هو شخص طبيعي كان التدبير شخصيا إما إذا وقع التدبير على شيء مادي كان التدبير عينيا فالاعتقال أو العزل تدبير شخصي أما المصادرة أو إغلاق المحل تدبير عيني و هذا ما تناوله المشرع الجزائري في المادة 4 في الفقرة الأخيرة { إن لتدابير الأمن هدف وقائي و هي إما شخصية أو عينية }.
ب- من حيث أهدافها :
هي تدابير تهذيبيــة كالتي تطبق على الأحداث و المشردين و تدابير علاجية كالتي تقع على المجرمين المجانين و المجرمين الشواذ و تدابير وقائية كتدابير التي تقع على المجرمين المعتادين على الإجرام.
و من حيث فئة المجرمين التي تنزل لهم التدابير يمكننا أن نميز بين التدابير التي تطبق على المجرمين القابلين للإنصلاح علاجيا كانت أم تهذيبية فالتدابير الاستئصالية التي تطبق على المجرمين الميئوس من انصلاحهم كتدابير الإبعاد أو الاعتقال ، أما الأحداث فتطبق عليهم تدابير تهذيبية أو تدابير مراقبة أو مساعدة فحسب.
ج- من حيث سلب الحرية :
فهناك تدابير سالبة للحرية كالاعتقال و العزل و تدابير غير سالبة للحرية كالرعاية و كفالة حسن السلوك و الحرية المراقبة و المنع من ممارسة بعض المهن.
المبحث الثاني : شروط إنزال تدابيــــر.
المطلب الأول : الجريمة السابقة :
إن القول بان التدبير لا يوقع إلا على من اقترف الجريمة مسألة من أهم المسائل التي تثير جدلا في نطاق نظرية التدبير و مرد ذلك أن التدبير يرتبط بالخطورة الإجرامـية و جودا و عدما و أن الخطورة حالة يمكن أن تظهر قبل ارتكاب الجاني للجريمة أو بعد ارتكابهـا و هنا لا بد من التساؤل : هل ننتظر حتى تتحول هذه الخطورة إلى جريمة أم يجب أن نواجهها قبل أن تتحول إلى جريمة تفاديا من وقوع ضررها على المجتمع ؟.
إن للمسالة وجهين هما الوجه المنطقي و العلمي و الوجه القانوني.
أ- الوجه المنطقي و العلمي حيث أنه من الجانب المنطقي أن نعتد بالخطورة قبل الجريمة ، و قبل أن تتحول إلى اعتداء على المجتمع، فما العلة من اشتراط تحققها حتى نواجهها بتدبير مناسب ؟ أليس في درئها ابتداء ماهو أجدى من انتظار تحققها ثم مواجهتها ؟.
ب- الوجه القانوني يرى أن الخطورة الإجرامية هي احتمال و أن السماح بتطبيق التدبير لمجرد الاحتمال بأن الفرد سيرتكب جريمة في المستقبل هو اعتداء خطير على الحريات الفردية يجب تجنبه باشتراط وقوع الجريمة السابقة لكي يمكن تطبيق التدبير
و أمام هذا الواقع ينقسم الفقه إلى فريقين، الأول يقول بضرورة الاعتـــداد بالخطورة و مواجهتها و الثاني يرى أن الخطورة الإجرامية لا يمكن مواجهتها قبـل ارتكاب الفرد للجريمة ، ولكل من هذين الرأيين حجة التي يمكن إيجازها فيما يلي:
- مذهب عدم اشتراط الجريمة السابقة :
تعتبر المدرسة الوضعية رائدة في هذا المضمار فطبقا لآرائها يجوز تطبيق التدبير على الخطرين اجتماعيا بمجرد علامـات تكشف عن خطورتهم على أمن المجتمع و لو قبل ارتكاب الجريمة فالتدبير تنزل لسبب الخطـورة الإجرامية و لذا فليس هناك سبب يدعو إلى انتظار حدوث الجريمة من اجـــل توقيع التدبير، فالجريمة السابقة قرنية على الخطورة الإجرامية ولكنه ليست القرنية الوحيدة فإذا ما توافرت قرائن أخرى قطعت بوجود الخطورة الإجرامية فلا وجه بعد ذلك لرفض وقوع التدبير.
ومنه يرى أصحاب هذا المبدأ أن الكفاح الحقيقي ضد الجريمة ليس بعد ارتكاب الجريمة وإنما قبل تحققها و أفضل عدالة هي العدالة التي تحمي من ارتكاب الجرائم ، و بالإضافة إلى ذلك فإن هذا التدخل لا يتعارض مع مبدأ الشرعية أللذي يمكن أن يصان و يحترم في حدود الضمانات.
مذهب اشتراط الجريمة السابقة :
ذهب الرأي الراجح في الفقه إلى وجوب ارتكـاب الجريمة قبل إنزال التدابير ، و لا يعني ذلك أن سبب التدبير هــو الجريمــة المقترفة و لا كن اشتراطها يعني تأكيد مبدأ الشرعيـــة و صون الحريـــات العامـة فتوقيع التدبير تأسيسا على فكرة الخطورة الإجرامية من شأنه أن يهدد الحريات الفرديـة و ليس من صالــح الجماعة في شيء إهدار الحريات لمجرد احتمال أن يرتكـب الشخــص جريمة لم يرتكبها بعد ، فمعيار الخطورة الإجرامية هو الاحتمال و الاحتمال هو معيـار متذبذب و يبعد عن اليقين و حتى لو توافرت جميــــع الأمارات التي تنبأ بالخطورة الإجرامية فإن ذلك لا يعني أن ترتكب الجريمة.
المطلب الثاني: الخطورة الإجرامية :
يعرف الفقه الخطورة الإجرامية على أنها احتمال أن يصبح الفرد فاعلا لجريمة ، تقوم حالة الخطورة لدى الشخص متى كان من المحتمل أن يقدم مباشرة على فعل غيــر اجتماعي و توصل احـــد أقسام علـم الإجرام بباريس 1950 إلى أن حالة الخطورة الإجرامية هي ظاهرة نفسية و اجتماعية تتميز بعلامات تكشف عن احتمال قوي لدى الفرد لارتكاب الجرائم ضد الأشخاص و الأموال.
طبعة الخطورة الإجرامية :
يصعب تحديد الخطورة الإجرامية لأنها من الأمور التي تتعلق بذاتية الإنسان و التي لم تتوصل المعارف العلمية بعد إلى الكشف عنها و تحديدها فمازالت الخطورة الإجرامية من الأمور الغامضة التي نهتدي إليهـا بآثـارها و نتـائجها و يرى الأستاذ " فيين" انه لا العلم و لا فن الإجرام سيتوصلان أبـدا إلى نتائج حاسمة في سبيل تحديد الخطورة الإجرامية.
مفهوم الاحتمال :
تقوم الخطورة الإجرامية على الاحتمال و هو توقع حدوث نتيجــة لم تحدث بعد و إنما نتوقع حدوثها في المستقبل في حدود توافر المسببات و ضمن السير العادي للقوانين الطبيعية و يحمل هذا التوقع ثلاث افتراضات ( فإما أن نتوقــع حدوث النتيجة على نحو حتمي أو يقيني و إما أن نتوقع حدوث النتيجــــة على وجه الإمكان و أخيرا فقد نتوقع النتيجة على وجه الاحتمال بحيث يرجع حدوثها ، فما هي طبيعة التوقع أللذي يمكن الأخذ به في نظرية التدابير؟ إن القول بالحتمية أو اليقين أمر مستبعـــد في تصاوير الخطورة الإجرامية إذ لا يجوز أن ندعي مهما كان علمنا للأسباب و قدرتنا على التوقع أن الجريمة ستحدث حتما فالجريمة تقوم على سلوك أنساني معقــد و تتداخل في إحداثه عدة عوامل مختلفة و متنوعة الأمر الذي يجعل أمر البت في حتمية حدوثها قبل أن تحدث أمر غير مقبول.
و نستبعد أيضا الأخذ بإمكانية حدوث الجريمـة للقـــول بإنزال التدبير و لو اعتبر الإمكان كافيا لتوافر الخطورة الإجرامية لوجب اتخاذه قبل أكثر الناس.
و بعد أن استبعدنا الافتراضين السابقين لا يسعنا إلا أن نؤكد أن المعيار الصالح لإثبات حالة الخطورة الإجرامية هي التوقع على أساس الاحتمال فالاحتمال هو درجة عالية وواضحة في التوقع بحيث لا يمكن أن تصل إلى درجة اليقين و لكنها لا تنزل إلى درجة الإمكان فهي منزلة بين المنزلتين.
الجريمة التالية :
يسعى التدبير للوقاية من الجرائم كل الجرائم و بالتالي لا يمكن تحديده بنوع معين من الجرائم و استثناء الأنواع الأخرى كما انه لا يمكن وصف الجرائم على قدر محدد من الجسامة و لا كن ذلك لا يمنع من إخراج بعض الجرائم و اعتبارها غير صالحة بأن تكون مصدرا لقيام حالة الخطورة كجرائم السياسة و جرائم العقيدة و الـرأي و الصحافة و علة ذلك أن الجرائم لا تصلح سببا لإنزال التدبير، لا تصلح لان تكون مصدرا للخطورة الإجرامية.
تقدير الخطورة الإجرامية و إثباتها :
بهذا الخصوص فقد انصب اهتمام الفقهاء على تحليل شخصية الفاعل من جهة و بيان أهمية الفعل المقترف بوصفه دليلا على خطورة الجاني من جهة أخرى و من خلال فحص هاذين العنصرين " شخصية الجاني و جريمته" يمكننا تقدير وجود الخطورة من عدمه.
و لقد لجأت التشريعات الوضعية إلى طريقتين لإثبات الخطورة الإجراميـة ، الأولــى و هي طريقة تفترض وجود الخطورة لا يقبل العكس كأن تتوافر شروط معينة في بعض الحالات و أفادها تكرير الجرائم و الاحتراف عندها يجب على القاضي أن يوقع التدبير المنصوص عليه تلقائيا كما في حالة نظام الإبعاد " relégation " الفرنسي ، أما الطريقة الثانية فتقوم بتحديد العوامل التي يرد عليها الإثبات و التي تستخلص منها الخطورة الإجرامية نشير بهذا إلى ما نصت عليه
المادة133 عقوبات ايطالي ، و العوامل هي :
1/ جسامة الجريمة ( طبيعتها، نوعها، وسائلها، موضوعها، وقتها و مكانها و كافة ملابساتها).
2/ جسامة النظر أو الخطر المترتب عليها للمجني عليه من الجريمة.
3/ مدى القصد الجنائي أو درجة الإهمال ( بواعث الإجرام، طبع الإجرام، سوابقه الإجرامية ، ظروف حياته الخاصة و الاجتماعية).
و يستفاد من هذا النص بـان المشرع قــد أعطى معيـارين للقاضي بموجبها يمكن استخلاص حالة الخطورة أي الأول يعتمد على الجريمة المفترضة و الثاني على شخصية المجرم.
المبحث الثالث : الأحكام الموضوعية لتدابيــــر.
المطلب الأول : خضوع التدبير لمبدأ الشرعية :
تخضع التدبير لمبدأ الشرعية و النصية و تبرير ذلك أن الحكمة المتوخات من تطبيق المبدأ على العقوبات متوفرة أيضا في التدبير ليمنحها الأساس القانوني و يبعدها عن التعسف في الإدارة أو تحكم القضاء و لذلك وجب أن يحدد القانــون التدابير بيان نوعها و شروط تطبيقها و أساليب تنفيذها.
يقتضي مبدأ الشرعية فيما يخص العقوبات أن ينص عليها القانون و أن التطبيق يكون بناء على اقتراف جريمة و بموجب حكم من القضاء.
الفرع الأول : لا تدبير إلا بنص قانوني :
طبقا لمبدأ الشرعية فان التدابير لا تكـون إلا بنص قانوني بموجبه يتحدد نــوع التدبير و بيان الأحكام و شروط توقيعه و على هذا يجمع الفقه و التشريع ، غير أن ذلك لا يعني تماثلا تاما في خضوع التدبير للشرعية كمـا في العقوبة ، فالقاعدة تتطلب أن تعين العقوبة وبشكل دقيق من حيث مدتها و نوعها وهاذا ما لا نجده في التدابير حيث تقتضي طبيعته أن تكون مدته غير محددة و يجوز مراجعتــه باستمرار فالشرعية هنا تخضع لمرونة لا يعرفها القانون في مجال العقوبات بحيث يكتفي القانون بالنص على التدبير ، وقد قيل في تبرير ذلك أن العقوبة تتمثل في إنذار الجاني و من حقه أن يكون مطلعا عليها و على مقدارها سلفا ، أما التدبير فلا يمكن تحقيق تقديره سلفا و ذلك لكونه يسعى إلى العلاج لا العقاب.
الفرع الثاني : لا تدبير بلا جريمة :
لا تطبق العقوبة إلا على الجريمة و التدبير لا ينزل إلا بمقترف للجريمة و لكن التشريعات الوضعية عرفت استثناءات كثيرة و ردت على هذه القاعدة إذ أجازت التدبير قبل ارتكاب الجريمة كما في حالة جرائم التشرد التسول السكر ،الاشتباه بالإدمان على المخدرات، التردد على أماكن الفسق و الدعارة، ارتياد محلات القمار و غيرها...، و مثل هذه الحالات فيها اعتداء على مبدأ الشرعية.
و من اجل منع التحكم لابد من تحديد الخطورة الإجرامية على أساس ربطــها بعنصر مادي ، فتقدير خطورة الفرد الإجرامية يجب أن تستند إلى أفعال محددة سابقا و يمكــن السيطرة عليها و التي بموجبها يمكن أن نسبب و أن نتوقع و يمكن أن يأخذها القاضي في الحسبان عند إصدار الحكم ، و هذا يعني أن يكون للفرد سلوك سابق على الجريمة فهذا السلوك المادي راجع إلى طريقة عيش معينة كالتسول و التشرد أو إلى أسباب داخلية كالسكر أو تعاطي المخدرات يجب أن يظهر و يحدد و يمكن التأكد منه علميا ، إن النص على هذا العنصر المادي يعني أننا أعطيناه الركن الشرعي و هو ما يحفظ مبدأ الشرعية فالفرد الذي يتطابق سلوكه مع ما ينص عليه القانون و عليه أن يعلم انه سيكون محـلا للمسائلة و انه إذا ما ثبتت خطورته فسيخضع للتدابير.
الفرع الثالث : التدخل القضائي :
إن إنزال التدبير بالمحكوم عليه هو عمل قضائي و السلطة القضائيـة وحدها هي المؤهلة و المختصة بالتطبيق و يبرر ذلك أن التدابير تصيب الأفراد في حرياتهم العامة و لذا وجب أن يناط أمرها بالقضاء بوصفه الجهة الصالحة و المؤهلة للنطق بالتدبير ، فلا يكفي أن ينص القانون على التدبير و يحدد أنواعه بل يجب أن يناط أمر الحكم بها إلى القضاء وحده باعتباره الحارس الأمين للحريات العامة لما يتصف به من صفات النزاهة و الحيـاد و الاستقلال، بالإضافة إلى ذلك فان التدابير تنزل بناء علـى اقتراف الجريمة ومن اجل مواجهة جريمة في المستقبل وكل هذا يتطلب تدخل قضائي بلا منازع.
المطلب الثاني : مدى تطبيق نتائج مبدأ الشرعية من حيث الزمان على التدبير :
الأصل في النصوص الجزائية أنها غير ذات اثر رجعي ، إذ لا يجوز أن تطبق النصوص الجزائية على الوقائع التي حدثت قبل نفاذها إلا إذا كانت أصلح للمتهم ، و هذه القاعدة تسمى " قاعدة عدم رجعية القوانين الجنائية " و التي بموجبها لا تسري القوانين على الوقائع السابقة على نفاذها حيث لا يجوز تهديد حريات الأفراد بمفاجأتهم بتحريم أفعال لم يكن وقت إتيانها مجرمة ، أو الحكم على شخص ارتكب جريمة بعقوبة اشد من العقوبة التي كانت موضوعة لها وقت ارتكابها ، و نظرا لأهمية هذه القاعدة فقد نصت عليها الدساتير أحيانا و القوانين الجنائية كقاعدة مكملة ولازمة لمبدأ الشرعية المادة 43 من الدستور الجزائري ، المادة 02 ق ع ج ، و قد ذهب جانب من الفقه إلى القول بضرورة تطبيق هذه القاعدة على التدبير أسـوة بالعقوبات حيث أنها لا تقل خطورة على الحريات الفردية ، وفي رجوع التدابير إلى الماضي تعارض لمبدأ الشرعية لا يمكن التسليم به فلا ينبغي التهوين من قسوة هذه التدابير و على نقيض ذلك يذهب الرأي الراجح في الفقه إلى القول بان التدابير تواجه الخطورة الإجرامية و هي خطورة مستمرة فما ينبغي أن يطبق عليها القانون بأثر فوري و لا مجال للأخذ بقاعدة " عدم رجعية القوانين الجنائية" في مجال التدابير لأن التدبير ليس إيلاما و لا يحمل في طياته لوما اجتماعي و هو ليس لعقاب حيث يسعى إلى الوقاية و العلاج مما يبرر عدم خضوعه للقاعدة ، و يواجها لتدبير خطورة إجرامية مستمرة و متطورة ، و لذا فان للقاضي الحق في استعمال كل التدابير الملائمـة و الفعالة النصوص عليها في القانون لإيقاف هذه الخطورة و لو أنهـا تمت لقانون جديد بالإضافة إلى ذلك فقد قيل بان التدبير الجديد هو دائما التدبير الأصح لمـا يبرر الأخذ به فورا عملا بعدم رجعية القانون إلا ما كان منه اصح.
المطلب الثالث : مدى تأثير خاصية عدم تحديد مدة التدبير على مبدأ الشرعية :
إن خاصية عدم تحديد مدة التدبير و التي هي خاصية يمتاز بها لمواجهة حالة الخطورة التي لا يمكن أن نحدد سلفا متى تنتهي ، تثير نقاشا حادا حول ضرورتها و إمكانية التوفيق بينها و بين مبدأ الشرعية الذي يتطلب أن يكون الجزاء محدد سلفا حتى يستطيع الفرد أن يعلمه قبل ارتكاب للجريمة ، ولحل هذا الأشكال لجأت بعض القوانين إلى النص على حد واحد أقصى للعقوبة لا يجوز تجاوزه في حين لجأت قوانين أخرى إلى تقيد المدة بحد أدنى لا يجوز أن ينقضي التدبير إلا بعد انقضاء المدة الدنيا التي يحددها القانون و في الفقه يسود الرأي القائل بوجوب عدم تحديد مدة التدبير و إن كان فريق من الفقهاء يقول بعدم التحديد النسبي انتصار لمبدأ الشرعية و حقيقة الأمر أن طبيعة التدبير تقتضي عدم تحديد مدته.
نظام وقف التنفيذ والتدبير :
يقوم هذا النظام على مجرد تهديد المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر عليه بالحبس أو الغرامة إذا ما اقترف جريمة جديدة خلال مدة محددة تكون بمثابة فترة تجربة للمحكوم عليه فإذا ما إذا اجتاز المحكم عليه تلك الفترة دون إن يقع في جريمة ثاني سقط الحكم الصادر ضده و اعتبر كان لم يكن و في ميدان التدابير فإن التدابير تواجه الخطورة الإجرامية يجب مواجهتها فورا قبل أن تتحول إلى جريمة و على ذلك فان التدابير تستبعد تماما من وقف التنفيذ لأنها تستهدف مواجهة الخطورة الإجرامية لا تستأصل إلا بالتنفيذ ، و من ثم يكون الحكم بها وقت تنفيــذها غير ذي جـدوى في مواجهة هاته الخطورة ، بل إن ذلك يعادل عدم النطق بها أصلا و قد استبعدت التشريعات الوضعية جواز تطبيق نظام وقف التنفيذ على التدبير، إما صراحة أو ضمنيا، و قد حددت المادة " 592" إجراءات جزائية جزائري بان نظام إيقاف التنفيذ يقتصر على من حكم عليه بالحبس أو الغرامة و لم تذكر هذه المادة التدابير.
نظام الإفراج الشرطي والتدابير :
بعد قضاء فترة محددة من تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة يمكن أن يمنحه الإفراج المشروط و إذا ما قدم أمام التنفيذ أدلة جديدة عن حسن سيرته تحمل على الاعتقاد بأنه قادر على إصلاح نفسه ، فهل يجوز أن يمنح هذا النظام لمن يخضع للتدابير؟
الجواب و هو الرأي الراجح وجوب استبعاد نظام الإفراج الشرطي من التطبيق على التدابير فبطبيعتها قابلة للتعديل و تتكيف مع خطورة الفرد الإجرامية و لذا فلا حكمة في إخضاع نظام التدبير لنظام الإفراج المشروط لان القاضي يستطيع أن يعدل التدبير في أية لحظة يرى ضرورة ذلك.
و قد استبعد هذا النظام من التطبيق في القانون الجزائري على التدابير حيث حصر تطبيقه على العقوبات السالبة للحرية و هو ما يستفاد من مراجعة المواد "179-194" من قانون إصلاح السجون.
تأثير الظروف المخففة على التدابير :
الأخذ بهذا النظام هو إعطاء الحق للقاضي بالهبوط عن الحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونا عند توافر الظروف التي تستدعي ذلك ولذا يرى انه يجب استبعاد هذا النظام من التطبيق على التدابير مستندين في ذلك إلى ما يلي:
1/ تنصب الظروف المخففة على العقوبة فتنقص من مدتها و هو ما لا يستطيـع أن نطبقه على التدبير حيث تكون مدته متغيرة بطبيعتها.
2/ إن وجود الظروف المخففة لا تعدم القول بوجود الخطورة الإجراميـة التي إن وجدت وجب إنزال التدابير بالمقابل لها.
3/ إن بعض الظروف المخففة تدل على وجود الخطورة كما في حالة صغـر السـن و سوء التربية و الحالة الصحية السيئة للمتهم و سرعة تأثره و انفعاله و هي الأمور تستدعي تطبيق التدابير كعلاج لهذه الحالة.
4/ إن الاعتبارات التي تطبق الظروف المخففة على العقوبات لا مجال لها في نطاق التدابير فالقول بان تطبيق الظروف المخففة يساعد على تفريد العقوبة و تخفيف قسوتها في بعض الحالات لا يعد تبريرا في نطاق التدابير التي هي بحسب طبيعتها غير محددة المدة و تقوم على التفريد أصلا.
تأثير العفو على التدابير: و هناك نوعين من العفو :
ا-العفو عن العقوبة ( عفو خاص) و مدى تأثيره على التدابير :
و هو سلطة تقليدية تناط برئيس الدولة يحق له بموجبها أن يصدر عفوا عن أي مجرم بعد أن تثبت إدانته نهائيا بإسقاط العقوبة كلها أو بعضها إصلاحا لخطأ قضائي وقع أو تخفيفا لقسوة بعض العقوبات أو مكافأة المحكوم عليه لسلوكه الحسن.
و يميل الفقه إلى ضرورة استبعاد هذا النظام من التطبيق على التدبير لأنه نظام عاجز عن تقديم أي مفيد في مجال التدابير فإذا كان العفو عن العقوبة يهدف إلى إصلاح الخطأ القضائي بعد استنفاذ الطرق القانونية العادية فهو لا يفيد في نطاق التدابير التي تخضع للمراجعة الدورية و لذا فقد وجب حصر نظام العفو بالعقوبات دون التدابيــر و ذلك
للأسباب التالية :
1/ تنقضي التدابير بزوال الخطورة الإجرامية التي كانت سببا لإنزالـه بالمحكوم عليه و ليس من شان العفو أن يزيل هذه الخطورة
2/ إن العفو عن التدابير ووقف تنفيذه قبل أن يقضي على الخطورة الإجرامية التي طبق بسببها يعني تعريض المجتمع للخطر الذي ينجم عن إطلاق سراح المجرم
3/ العفو ينزل بالعقوبة النهائية لأنها خرجت عن نطاق القضاء في حين يبقى التدبير حكم خصائصه محلا للمراجعة القضائية
ب- العفو الشامل(العفو عن جريمة) و مدى تأثيره على التدابير :
و هو إسدال الستار من النسيان على الجرائم السابقة و ذلك بتجريد بعض الأفعال من الصفـــة الإجرامية بأثر رجعي و يصبح الفعل كما لو كان مباحا و يطبق هذا العفو على كافــة العقوبات، فهل يطبق على التدابير؟ و يميل الفقهاء إلى ضرورة إبعاد نظام العفو الشامل من التطبيق على التدابير لأنه لا يمكن أن يكون للعفو الصادر عن الجريمة و التي كانت لها تأثيــر على الخطورة الإجرامية فالعفو الشامل لا ينهي التدابيـر فالتدابيـر منصوص عليها لمواجهة خطورة ارتكاب الجريمة مستقبلا و ليس من اجل الجريمة السابقة و لذا فان العفو على الجرائم السابقة لا تحمل نتائج معينة على التدابير.
نظام العود على التدابير :
تعتبر العقوبة الصادرة بموجب حكم نهائي سابقة في العود في حالة اقتراف الجاني لجريمة جديدة ضمن الشروط التي حددها القانون.
و اعتبرت القوانين بمجملها العود ظرفا عاما مشددا يقر تشديد العقوبة على العائد يفيد ظرف العود في وجوب تشديد العقوبة لان العقوبة العادية السابقة لم تحقق الردع الخاص للمجرم ، و هذا ما لا يستطيع تطبيقه في حالة التدابير باعتبارها غير متدرجة فلا يقال تدبير أشد أو تدبير أقل شدة فالتدابير على العموم ينقصها التدرج و لكن الأمر ليس كذلك على نحو مطلق ، فالتدابير العينية تقبل التشديد كسحب رخصة القيادة لمدة قصيرة أولا ثم سحبها لمدة أطول في حالة العود.
نظام رد الاعتبار والتدابير :
بعد مرور فترة زمنية محددة بالقانون تلي تنفيــذ العقوبات تكون بمثابة تجربة للمحكوم عليه تفصح عن جدارته لان يكون مواطنا صالحا بشروط يحددها القانون يعود له اعتباره و يزول عنه كل أثار حكم الإدانة فنطاق نظام رد الاعتبار ينحصر في الآثار المستقبلية للأحكام الجنائية ، هناك سؤال يطرح نفسه هل يمكن تطبيق هذا النظام على التدابير؟.
رد الاعتبار يتناول الآثار المترتبة على الإدانة و انه يتناول التدبير كما تناول العقوبات التكميلية الأخرى إذا كان التدبير أثرا من أثار الحكم بالإدانة فرد الاعتبار حكم بزوال الخطورة الإجرامية ولا مبرر للتدابير إذا ما زالت الخطورة الإجرامية.
المبحث الرابع : تدابيــــر الأمن في قانون العقوبات الجزائري :
لقد عرف قانون العقوبات الجزائري التدابير أسوة مع غيره من القوانين الوضعية الحديثة التي عرفت بدورها هذه التدابير فقد نص عليها في مادته الأولى ليكسبها الشرعية و قد بين أهدافها في مادته الرابعة بنصه{ إن لتدابير الأمن هدف وقائي وهي إما شخصية أو أمنية } ثم فصل القانون أنواعها في
المادة 19 القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 تدابير الأمن هي :
1/ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية.
2/ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية .
و بالإضافة إلى هذه التدابير التي تطبق على الكبار البالغين هناك التدابير الموجــــودة و المنصوص عليها في المادة 444 القانون رقم82-03 المؤرخ في 13/02/1982 { لا يجوز في مواد الجنايات و الجنح أن تتخذ في ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامن عشر إلا تدابير أو أكثر من تدابير الحماية و التهذيب الأتي بيانها:
- تسليمه لوليه أو لوصيه أو لشخص جدير بالثقة
- تطبيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت الرقابة
- وضعه في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو للتكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض
- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة غير انه يجوز أيضا أن يتخذ في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره 13 سنة تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإصلاحية}.
و يتعين في جميع الأحوال أن يكون الحكم بالتدبير المذكورة أنفا لمدة معينة لا تجوز أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني.
و كذلك منصوص المواد 445و المادة 446 ق ا ج.
المطلب الأول : الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية :
بينت المادة 21 قانون العقوبات مفهوم الحجز القضائي بنصها{ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية هو وضع الشخص بنــاء على أمر أو حكم أو قرار قضائي في مؤسسة مهيأة لهذا الغـرض بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت ارتكابه للجريمة أو اعتــراه بعـد ارتكابها}، يمكن أن يصدر الأمر بالحجز القضائي بموجب أي أمر أو حكم أو قرار بإدانة المتهم والعفو عنه أو ببراءته أو بانتفاء وجه الدعوة غير انه في الحالتين الأخيرتين يجب أن تكون مشاركته في الوقائع المادية ثابتة ، يجب إثبات الخلل العقلـي في الحكم الصادر بالحجز القضائي بعد الفحص الطبي يخضع الشخص الموضوع في مؤسسة استشفائية للأمراض العقلية لنظام الاستشفـــاء الإجباري المنصوص عليها في التشريع الجاري العمل به غير أن النائب العام يبقى مختصا في ما يتعلق بمآل الدعوى العمومية التزاما بالقواعد العامة في المؤسسة الجنائية التي تقيد المسؤولية على وجود إرادة صحيحة يمكن أن يعتمد منها قانونا فان من أصابه خلل في قواعده العقلية لا يمكن محاكمته على الجريمة التي اقترفها إذا كان الخلل وضع عند ارتكابها ، ذلك أن الخلل في هذه الحالة يعد مانعا للمسؤولية تطبيقا للمبادئ التي توجب أن تكون الإرادة صحيحة لإرادة مجنون أو غير عاقل لا يدرك سير المحاكمات ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه ، و قد يصيب المرء خللا في قواه العقلية بعد ارتكابه للجريمة و أثناء سير الأعمـال الإجرائية و في هذه الحالة يتوجب وقف الإجراءات سواء ما تعلق الأمر منها برفع الدعــــوى أو بالمحاكمة أسوة بما سبق و اشرنا إليـــه من وجوب وقف محاكمة من اقترف الجريمة إذا كان مختلا وقت ارتكابها.
و أخيرا فانه لا يجوز الاستمرار في تنفيذ العقوبة المحكوم بها على الجاني الذي أصابه الخلل العقلي و ذلك لأنه لا يصبح عاجزا عن فهم و إدراك مضمون العقاب.
و امتناع المسؤولية في مثل هذه الحالات تعود إلى نص المادة 47 ق ع { لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة و ذلك دون الإخلال بأحكام الفقــرة 02 المادة 21}.
و ربط المادة 21 عقوبات بالمادة 47 عقوبات تعني أننا توسعنا في معنى الجنون وطبقناه بمعنى كل خلل عقلي ، فأصبح ذلك الخلل العقلي مانع للمسؤولية.
و قد جرى العمل في إطلاق سراح المتهم المصاب بمرض عقلي لامتناع مسؤوليته الأمر الذي كان يحمل بعض النتائج السيئة على المتهم نفسه أو على المجتمع في بعض الحالات و قد حاولت بعض التشريعات الحديثة و منها التشريع الجزائري أن تتجنب مثل هــذه النتائج و ذلك بإعطاء السلطات القضائية الحق بحجز المجرمين المصابيـن بخلل عقلـي و إخضاعهم لتدابير الأمن تنفذ في أماكن معدة لذلك في محاولة لعلاج المتهــم و حفاظا على امن المجتمع و سلامته.
الفرع الأول : مضمون هذا التدبير و شروط تطبيقه :
1- مضمون التدبير:
الوضع في مؤسسة عقابية هو تدبير علاجي ينفذ في مؤسسات مختصة بالعــلاج و يعني ذلك أن فكـــرة السجن مستبعدة تماما لأن الهـدف هو علاج الجاني، و نشير إلى أن التدبير غير محدد المدة وقد أحسن المشرع بنصــه على ذلك لأننا لا نستطيع أن نحدد سلفا متى تنتهي خطورة الجاني ، فإطلاق سراح الجــاني مرتبط بشفائه من المرض الذي كان سببا في إنزال التدابيـــر ومن الطبيعي أن يستمر التدبير مطبقا حتى يشفى المحكوم عليه.
2- شروط تطبيق هذا التدبير:
لا ينزل هذا التدبير بكل مجرم مجنون تلقائيا بعد العفو عنه أو براءته أو لأي سبب آخر بل لا بد من توافر شروط :
- الجريمة السابقة :
يشترط أن يكون للمحكوم قد قام بجريمة قبل إنـزال التدابير بـــه و يستدل هذا الشرط من نص المادة 21 قانون رقم 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 الذي اشترط أن يكون الخلل قائما وقت ارتكاب الجريمة أو اعتراه بعد ارتكابها و أضافت نص المادة { يمكن أن يصدر الأمر بالحجز القضائي بموجب أي أمر حكــم أو قرار أو بإدانة المتهم أو العفو عنه أو براءته أو بانتفاء وجه الدعوى غيـر انه في الحالتين الأخيرتين يجب أن تكون مشاركته في الوقائع المادية ثابتة}.
و أضافت نص المادة في الفقرة الأخيرة { يخضع الشخص الموضوع في مؤسســـة استشفائية للأمراض العقلية لنظام الاستشفاء الإجباري المنصوص عليــه في التشريع الجاري المعمول به غير أن النائب العام يبقى مختصا فيما يتعلق بمآل الدعوى العمومية}.
و لم يشترط القانون جسامة معينة في الجريمة لتطبيق التدابير نعني ذلك أن أي جريمة جناية أو جنحة أو مخالفة تكون صالحة لتطبيق التدابير.
- الخطورة الإجرامية :
يشتـرط القانون ضمنيا أن يكون الجاني ذا خطورة إجرامية لكي تطبق عليه تدابير الأمن ، إذ لا يطبق التدبير على جميع من برأ أو اعفي عنهم فالمادة 311 إجراءات جزائية تنص على { إذا اعفي المتهم من العقاب أو برئ أفرج عنه في الحال ما لم يكن محبوسا لسبب آخر دون الإخلال بتطبيق أي تدبير امن مناسب تقرره المحكمة ، و لا يجوز أن يعاد أخذ شخص قد برئ قانونا أو اتهامه بسبب الوقائع نفسها حتى ولو صيغت بتكليف مختلف }.
فالأصل أن يفرج عن من اعفي عنه أو برئ و يطبق التدبير بناء على أي أمر مــن المحكمة بالرغم من الإعفاء و البراءة ، لسبب آخر و هو الخطورة الإجرامية التي يمثلها المتهم.
الفرع الثاني : ضمانات عدم التعسف في تطبيق هذا التدبير :
1- وجوب الفحص الطبي :
بما أن الخلل العقلي أمر طبي لا يستطيع القاضي أن يدركه أو يتأكد منه إلا بعد الاستشارة الطبية و قد تنبه المشرع إلى هذه الحقيقة فأوجب إثبـات الخلل في الحكم الصادر بالحجز بعد الفحص الطبي من المادة 21{ يجب إثبــات الخلل العقلي في الحكم الصادر بالحجز القضائي بعد الفحص الطبي}.
2- التدخل القضائي :
و هــذا بناء على قرار قضائي و تعد هذه الضمانات من أهــم الضمانات باعتبار أن القضاء هو الحارس الطبيعي للحريات الفردية.
3.ضرورة ثبوت ارتكاب الجريمة :
و عملا على احترام مبدأ الشرعيـــة فقد اوجب القانون أن يكون المتهم مرتكبا للجريمة و اوجب أن تكون مشاركته أكيــدة في الوقائع المادية عند الحكم بالبراءة أو بعد عدم وجود وجه لإقامة الدعوى.
4-المراجعة المستمرة للتدبير :
يجوز النظر في التدبير على أساس تطور حالة الخطورة لصاحب الشأن و هذا ما أشارت إليه المادة 22 من القانون رقم06-23 المؤرخة في 20/12/2006 في فقرتها الثالثة :{ يجوز مراجعة الوضع القضائي في مؤسسة علاجية بالنظر إلى تطور الخطورة الإجرامية للمعني وفقا للاجراءت و الكيفيات المنصوص عليها في التشريع و التنظيم المعمول به.
و خلاصة القول أن الحجز القضائي هو تدبير يراد به مواجهة الخطورة الإجرامية للمجرمين المختلين عقليا تأمر به السلطات القضائية بناء على نتائج الفحوص الطبية.
المطلب الثاني : الوضع القضائي في مؤسسة علاجية :
لقد أثار الكثير من علماء الأجرام إلى وجود علاقة قويـة بين الإدمان علــى الكحـول و المخدرات و بين ارتكاب الجريمة و هو ما فسروه إلى تحول شخصية الفرد إلى شخصية عدوانية بسبب الأمراض العصبية النفسية الشذوذ النفسي و الفســاد الأخلاقي و هذا نتيجة الإدمان.
و أثار العلماء الإجرام إلى أن العقوبة لا تجدي نفعا في مواجهة المدمنين لأن العقوبة لا تستأصل المرض بل يجب أن يواجه بتدبير علاجي يكون قادرا على إبطال مفعول الإدمان و نص قانون العقوبات الجزائري في مادته 22 المعدلة لمواجهة المدمنين و التي جاءت كما يلي:{ الوضع القضائي في مؤسسة علاجية هو وضع شخص مصاب بالإدمان الاعتيادي ناتج عن تعاطي مواد كحولية أو مخدرات أو مؤثرات عقلية تحت الملاحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض و ذلك بناء على أمر أو حكم أو قرار قضائي صادر من الجهة المحال إليها الشخص إذا بدا أن السلوك الإجرامي مرتبط بهذا الإدمان}.
يمكن أن يصدر الأمر بالوضع القضائي طبقا للشروط المحددة في المادة 21 الفقرة 02.
الفرع الأول : شروط إنزال هذا التدبير العلاجي :
ا-أن يكون الجاني مدمنا :
الإدمان حالة تبدأ كعادة لتقوى هذه العادة و يشتد تأثيرها على الشخص على نحو حاد إلى درجة يصعب الرجوع عنها أو التخلص من تأثيرها.
و لم يعرف القانون الإدمان بل ولم يقرنه بمدلول طبي معين و أشارة المادة 22 إلى الإدمان فوصفته بأنه { إدمان اعتيادي ناتج عن تعاطي المواد الكحوليـــة أو مخدرات أو مؤشرات عقلية }.
ب-ارتكاب الجريمة :
هو شرط يستفاد من نص المادة 22 التي توجب بأن يكون التدبير ناتج على حكم قضائي صادر من الجهة المحال إليها الجاني و تبرير هذا الشرط يعود إلى وجوب التمسك بمبدأ الشرعية من جهة و اعتباره دليلا على خطورة الفاعل و تفاقم مرضه الذي أخذ يعبر عنه بالجريمة من جهة أخرى.
ج-الخطورة الإجرامية :
لا ينزل التدبير إلا لمواجهة خطورة إجرامية يمثلها الجاني فإذا ثبت أن الجريمة المرتكبة أو الجريمة التي يخشى من ارتكابها مستقبلا لا علاقة لها بهذا الإدمان فلا موجب للتدبير.
الفرع الثاني : طبيعة هذا التدبير :
التدبير المتخذ في مواجهة المدمنين هو تدبير علاجي و ينفذ في أماكن معدة خاصة لذلك أي في مؤسسات خاصة للعلاج و يقتضي في هذه الحالة أن يتعاون المحكوم عليه مع المشرفين على المؤسسة العلاجية وهو ما يستدعي أن يكون نظام المعيشة في المؤسسة قائمة على أسس سليمة تجعل المحكوم عليه يتجاوب مع العلاج الطبي و تتقوى عزيمته على تجاوز محنته و الابتعاد على تناول المخدرات أو شرب الخمر أو الأقراص المهلوسة من جديد.
و لم يحدد القانون مدة التدابير على نحو مطلق و حسن الفعل ، فهو يواجه مرض لا يستطيع أن يحدد سلفا المدة الواجبة انقضاؤها للقول بشفاء المدمن ، و يعني ذلك أن التدبير ينتهي عند شفاء المدمن من مرضه حيث يعود للسلطة القضائية المشرفة على تنفيذ التدبير أمر تقديره بناء على التقارير الطبية بهذا الشأن.
المبحث الخامس : تدابيــــر الخاصــــة بالأحداث :
لقد فرقت التشريعات الحديثة بين معاملة المجرمين البالغين و بين معاملة الأحداث بحيث تفرد المجرمين الأحداث أحكاما خاصة و جزاآت مناسبة تقوم أساسا على وجوب تطبق التدابير الملائمة لشخصية الحدث الجانح املآ في مساعدته و تهذيبه فقد اتضح أن العقوبـة و حتى المخفف منها إنما هي وباء على الحدث غير فعالة ومضارها عليه أكثر من نفعها له و عليه فقد اتجهت القوانين الحديثة إلى السعي لإنزال التدابير الملائمة بالحدث الجانح.
و قد اخذ المشرع الجزائري بهذه النظرة الحديثة لمعاملة الأحداث فحدد في المادة 49 المفهوم العام للمسؤولية الجنائية للأحداث على النحو التالي: { لا توقع على القصر الذي لم يكمل 13 سنة إلا تدابير الحماية أو التربية و مع ذلك فانه في مواد المخالفات لا يكون محل إلا للتوبيخ ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13 إلى 18 سنة إما تدابير الحماية أو التربية أو العقوبات المخففة}.
و تطبقا لهذه المفاهيم الخاصة بمسؤولية الأحداث بينت المواد 442-494 من قانون الاجراآت الجزائية الأحكام الخاصة بالأحداث الجانحين و ذلك بعد أن فصل المشرع القضاء الخاص بالأحداث عن قضاء البالغين ، و قد جاءت في الأحكام التمهيدية لهذه الأحكام نوع التدابير التي يمكن اتخاذها قبل الحدث أللذي لم يكمل سن 13 من عمره في المادة 444 من قانون الاجراآت الجزائية كالآتي:{ لا يجوز في مواد الجنايات أو الجنح إن يتخذ ضد الحدث
الذي لم يبلغ 18 سنة إلا تدابير أو أكثر من تدابير الحماية و التهذيب الأتي بيانها :
أ- تسليمه لوالديه أو لوصيه أو لشخص جدير بالثقة
ب- تطيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة
ج- وضعه في منطقة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو للتكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض
د- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك
و- وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعدة
ت- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة غير انه يجوز أن يتخذ كذلك في شأن الحدث الذي تجاوز عمره 13 سنة تدبير يرمي لوضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإسلامية}.
وأجاز المشرع لجهة الحكم في المادة 445 "ا ج " بصفة استثنائية أن تستبدل أو تستكمل التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بعقوبة الغرامة أو الحبس المنصوص عليها في المادة 50 من قانون العقوبات { إذا قضي بان يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من
13 سنة إلى 18 سنة لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عليه تكون كالأتي :
أ- إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فانه يحكم عليه بعقوبة الحبس من 10 سنوات إلى 20 سنة.
ب- إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فانه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا}.
و هكذا يكون المشرع قد استجاب للنظريات العلمية التي تقول بوجوب إبعاد المجرم الحدث عن العقاب التقليدي إذ جعل التدبر هي أصل معالجة الأحداث و قد التزم المشرع بالأحكام العامــة لنظريـة التدابير في تطبيق تدابيـر الأمن هذه على الأحداث فهي غيـر محددة المدة و يمكن تعديلها ، أو إبدالها أو إلغاؤها و لا يكون للطعن فيهــا أو الاستئناف أو المعارضـة اثر على تنفيذها و هذا ما أشارت إليـه المواد 474-488 من "ق ا ج".
المادة 474 { يعقد قسم الأحداث في المجلس القضائي وفقا للأشكال المقررة في المواد 468 من هذا القانون ، تطبق على الاستئناف أوامر قاضي الأحداث و أحكام قسم الأحداث القواعد المقررة في مواد الاستئناف في هذا القانون ، و لا يكون للطعن فيها بالنقد اثر موقف لتنفيذها إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الجزائية التي يقضي بها تطبيقا للمادة 50 ق ع}.
المادة 488 { الأحكام الصادرة في شان المسائل العارضة أو الدعاوي التغير في التدبير أو بخصوص الإفراج تحت المراقبة أو الإيداع أو الحضانة يجوز شمولها بالنفاذ المعجل رغم المعارضة و الاستئناف و يرفع الاستئناف إلى غرفة الأحداث بالمجلس القضائي }.
طبيعة هذا التدبير :
إن التدابير المخصصة للأحداث ذات طابع تهذيبي إذ ينظر إلى العوامـل الاجتماعية و البيئة على أنها الدافع الأساسي في انحراف الحدث وقد يعود انحراف الحدث إلى مرض عضوي أو نفسي مما يجعلنا نبحث عن التدبيـــر العلاجي المناسب و يعني ذلك وجوب
حصر التدابير النازلة بالأحداث في التدابير العلاجيـة و التهذيبية و تهدف هذه التدابير إلى مساعدة الحدث و تقويمه و تهيئته للحياة العاديــة.
خاتمــــــة :
من خلال دراستنا لمبدأ الشرعية و نتائجه تبين أن غرضه هو الحفاظ على المجتمع من المجرمين و من تعسف السلطة التي تقرر الأفعال المجرمة و ما يقابلها من عقوبات فهو الأساس الذي يقوم عليه قانون العقوبات الحديث و ضمان من ضمانــات حقوق الإنسان فيعتبر إعتداء صارخ على حقوق الإنسان أي عقوبة تتخذ على فعل لــم يجرمه النص أو تقرر عقوبة لا يحتويها نص تجريم.
نستنتج أن العقوبة وحدها لم و لن تكفي لحماية المجتمع ، فتدابير الأمن تكمل العقوبة فتعمــل على حماية المجتمع من الخطر الذي يهدده ،ونظرا لخصوصياتها فلا يجب أن تحاصـر بمبدأ الشرعية بطريقة جامدة بل يجب حين إخضاع التدابير بمبدأ الشرعية أن يوافـــق خصوصياتها و يحدد لها إطار قانوني خاص.
المراجع
- الدكتور رضا فرج الدكتور عادل قورة / ديوان المطبوعات الجامعية/1994
- سليمان ع/ المنعم سليمان
- احمد فتحي البهنسي
- عبد الله سليمان شرح قانون العقوبات الجزائري كتاب/الشركة الوطنية للنشر و التوزيع -الجزائر
- محاضرات في قانون العقوبات القسم العام
- أصول علم الأجرام القانوني"1994"
- العقوبة في الفقه الإسلامي-بيروت"1983"
- شرح قانون العقوبات الجزائري"1998"