logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





21-01-2016 11:42 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 13-08-2015
رقم العضوية : 1926
المشاركات : 311
الجنس :
تاريخ الميلاد : 3-4-1988
الدعوات : 4
قوة السمعة : 150
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب

الظروف المخففة للعقوبة
لقـد أخذ القانون الجزائري الظروف المخففة من القانون الفرنسي الذي عرف هذا النظام منذ صدور قانون عقوبات 1810، الذي أدخل مبدأ الظروف المخففة في المادة 463 منه والتي لم تسمح بتطبيق ظروف التخفيف على الجنايات وكان يشـترط لاستعمالها في الجنح شروط شديدة، وهي أولا أن تكون الجنحة منصوصا عليها في قانـــون العقوبات وثانيا أن يكون الضرر الناشئ عن الجنحة لا يتجاوز25 فرنك فرنسي، ثم صدر قانـون25 يونيو(جوان)1824، الذي جنح السرقات التي ترتكب في الحقول والتـي ترتكب في الفنادق ونص على أنه يجوز لمحاكم الجنايات إذا تبين لها وجود ظروف مخففة أن تخفض العقوبات التي قررها القانون لجناية قتل الأطفال إذا وقعت من الأم وجناية إحداث ضربات وجروح نشأ عنها عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما وبعض السرقات المقترنة بظروف مشددة،
وبصدور قانون 28أفريل1832 ثم توسع سلطة المحلفين وقاضي الجنح بتخويلهم حق النزول في كل الأحوال عن الحد الأدنى للعقوبة القانونية باستعمال الرأفة،وعدلت المادة 463 عقوبات على هذا الوجه بمقتضى هذا القانون ، ثم أدخلت على هذا النظام عدة تعديلات إلى أن صدر الأمر المؤرخ في4 جوان1960الذي أعاد النظر في كيفية تطبيق الظروف المخففة, ومن ذلك التاريخ لم يعرف هذا النظام أي تعديل يذكر إلى أن صدر قانون العقوبات الفرنسي الجديد في 22/07/1992 الذي تخلى عن نظام الظروف المخففة ضمن الإصلاحات التي عرفها سلم العقوبات وحذف الحد الأدنى للعقوبات . وأصبح بإمكان القاضي النزول بالعقوبة عن حدها الأقصى لكن بشرط عدم النزول تحت عقوبة سنة أو سنتين حبس في المادة الجنائية حسب كل جناية وعن 7 أيام في مادة الجنح .

أما في الجزائر فقد اعتمد المشرع نظام الظروف المخففة منذ صدور قانون العقوبات بموجب الأمر المؤرخ في 8 جوان 1966 وتركها المشرع لتقدير القاضي فلم يحصرها ولم يحدد مضمونها، واقتصرت المادة 53 من قانون العقوبات على بيان الحدود التي يصح للقاضي أن ينزل إليها عند قيام الظروف المخففة، وإلى غاية تعديل قانون العقوبات بالقانون 06/23المؤرخ في20 ديسمبر سنة2006 تميز التشريع الجزائري بالسخاء في منح الظروف المخففة، و بالفسحة المتروكة للقاضي في تقدير العقوبة التي لا مثيل لها في القانون المقارن إلا ما قل وندر.
وبمناسبة تعديل قانون العقوبات أعاد المشرع الجزائري ترتيب أحكام الظروف المخففة في اتجاه التشدد في منحها والتقيد من حرية القاضي في تقدير العقوبة الجزائية وذلك في المواد من 53 إلى53 مكرر8 من قانون العقوبات المعدل بالقانون06/23 منتهزا فرصة هذا التعديل لسد الفراغ الذي كان يطبع التشريع الجزائري بخصوص تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي.
و سأتناول فيما يأتي، أولا مفهوم الظروف المخففة وتمييزها عن بعض الأنظمة المشابهة لها ثم مجال تطبيقها والجهات المختصة بمنحها وأخيرا أثر تطبيق الظروف المخففة والمسائل التي يثيرها هذا التطبيق.
مفهوم الظروف المخففـة وتمييزها عن بعض الأنظمة المشابهة لها
الفر ع الأول : مفهوم الظروف المخففة:
هي الظروف والأحوال التي ترك المشرع أمر تحديدها لفطنة القاضي وخبرته، فلقد قدر المشرع أنه قد يرى القاضي في بعض الحالات فيما وراء حالات الأعذار القانونية أن في ظروف الجريمة وأحوال المجرم ما يقتضي تخفيف العقوبة عليه، ولما كان من غير الممكن الإحاطة بكل هذه الظروف وحصرها مقدما، فقد اقتصر المشرع على منح القاضي سلطة تخفيف العقوبة تاركا له تقدير الظروف التي تبرر هذا التخفيف بحسب ما يظهر له من وقائع كل دعوى فلكل قضية ظروفها فقد يكون الظرف المخفف ظرفا خارجيا ذا صلة بالجريمة(ضآلة الضرر،أو مجرد شروع) أو لاحقا عليها(جبر الضرر،رد الشيء محل السرقة،وقوع صلح بين الجاني والمجني عليه)، أو ظرفا ذاتيا متعلقا بشخص الجاني(التوبة،التربية،نبل الباعث) .
فالظروف المخففة إذا هي أسباب متروكة لتقدير القاضي تخوله حق تخفيف العقوبة ضمن الحدود التي عينها القانون، وهي تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته وبشخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة، وكذلك كل ما أحاط ذلك العمل ومرتكبه والمجني عليه من الملابسات والظروف بلا استثناء، وهو ما أصطلح على تسميته بالظروف المادية و الظروف الشخصية ،ومن الظروف المخففة الأكثر شيوعا حسن ماضي المتهم وحداثة سنه وندمه و البواعث التي دفعته لارتكاب الجريمة و العواطف التي ساقته، والتأثير الذي أحدثه في ذهنه شريك له في الجريمة وبؤسه الشديد وجهله القانون وقلة الضرر الناشئ عن الجريمة أو إصلاح هذا الضرر، وفشل الجاني في عمله وعدم وجود سبق الإصرار لديه وغيرها.
وللإشارة فان نظام الظروف المخففة أنشئ حتى يتسنى للقاضي مراعاة درجة إجرام الفعل وإجرام مرتكبه وجعل العقاب متفقا مع حالة المتهم الخاصة، ولهذا الغرض نفسه أنشأ القانون نظاما للعقوبات ذا حد أقصى وحد أدنى، على أن وجود الحد الأدنى لا يغني عن نظام الظروف المخففة،لكن نظرية الظروف المخففة ليس لها محل في التشريعات التي تقتصر على وضع حد أقصى دون تعيين حد أدنى، لأن للقاضي سلطة تخفيض العقوبة إلى الحد الأدنى العام دون حاجة إلى أن يشير في حكمه إلى وجود الظروف المخففة كما هو الشأن في قانون العقوبات الفرنسي الصادر سنة 1992، وفي قانون العقوبات المصري بالنسبة للجنح والمخالفات .
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد نص على الظروف المخففة وبين الحدود التي يمكن للقاضي النزول عندها وذلك في المادة 53 من قانون العقوبات قبل تعديله في 2006 لكن بعد تعديله بموجب القانون رقم 06/23 المؤرخ في 20 ديسمبر2006 جاء المشرع بالمواد 53، 53 مكرر1، 53 مكرر2 إلى غاية 53 مكرر8 التي حدد فيها بالتفصيل الحدود الدنيا التي يمكن النزول عندها عند الأخذ بالظروف المخففة دون أن يحدد هذه الظروف بل تركها لتقدير القاضي الجزائي عند نظره في الدعوى العمومية.
الفر ع الثانـي : التفرقة بين الظروف المخففة والأنظمة المشابهة لها.
أتناول في هذا الفرع أوجه الشبه والخلاف بين نظام الظروف والمخففة والأعذار القانونية المخففة من جهة، وبينها وبين نظام وقف تنفيذ العقوبة من جهة ثانية.
أولا. الظروف المخففة والأعذار المخففة:
إن الأعذار المخففة تتفق مع الظروف المخففة من حيث طبيعتها القانونية ومن حيث أثارها فكلاهما يؤدي إلى تخفيف العقوبة المقررة قانونا، وكلاهما يؤثر على جسامة الجريمة، وليس لهما من فارق إلا من حيث المصدر بحيث أخذ المشرع على عاتقه مهمة تحديد الأعذار المخففة بنصه في المادة 52 عقوبات على أن الأعذار هي الحالات المحدد في القانون على سبيل الحصر بينما ترك على عاتق القاضي أمر تحديد الظروف المخففة من خلال الظروف والملابسات المحيطة بالقضية المطروحة أمامه، لذلك وجب تحديد أوجه التمييز بينهما.
أ.التفرقة من حيث سلطة التقدير:
لقد ترك المشرع الجزائري أمر تطبيق الظروف المخففة لسلطة القاضي، فإذا تراءى له وجود أسباب تستدعي الأخذ بالرأفة يجوز له تخفيف العقوبة، وهذا التخفيف ليس حقا للمتهم، بل أن المحكمة غير ملزمة حتى بالرد على طلب المتهم إفادته بها، ويستفاد من نصوص المواد من 53 إلى 53 مكرر8 أن المشرع منح سلطة للقاضي في تحديد العقوبة دون تجاوز حدود معينة نص عليها في هذه المواد، فالقاضي غير ملزم بتسبيب حكمه عند أخذه بظروف التخفيف بل يكفي الإشارة إلى توافر ظروف مخففة أو الإشارة إلى السند القانوني المرتكز عليه بشرط أن لا ينزل عن الحد الأدنى المقرر للعقوبة المخففة، وإلا عرض حكمه للنقض، هذا ما جاء في قرار المحكمة العليا رقم 212841المؤرخ في27/09/2000، وكذا القرار رقم 255782المؤرخ في13/02/2001 الذي أكد أن إفادة المتهم بظروف التخفيف دون طرح السؤال المتعلق بها والإجابة عنه يشكل خرقا للقانون.
أما الأعذار المخففة فقد حددها المشرع على سبيل الحصر في القانون ولم يترك أمر تقديرها للقاضي، فهو ملزم بتحديد العذر الذي جعله يخفف العقوبة في حكمه ، ويخضع في ذلك لرقابة المحكمة العليا، فليس له أن يأخذ بعذر غير منصوص عليه في القانون، كما أن العقوبة في حالة الأخذ بالعذر المخفف محددة بدقة بين نهايتين قصوى ودنيا لا يجوز للقاضي تجاوزهما وإلا عرض حكمه للنقض.
ب.التفــرقة من حيث أثر كل منهمــا:
إن الأعذار المخففة تؤدي إلى تخفيف العقوبة دون الإعفاء منها ومثال ذلك الأعذار المنصوص عليها في المواد من277 إلى 283من ق.ع بخصوص عذر الاستفزاز المتعلق بجرائم العنف العمدية، وإذا توفر العذر المخفف فعلى القاضي أن ينزل بالعقوبة وجوبا إلى الحدود التي نص عليها القانون، وله بعد ذلك أن يستعمل سلطته التقديرية لتحديد العقوبة ضمن الحدين اللذين أوجبهما القانون، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الصادر عن الغرفة الجنائية المؤرخ في 25/05/1999 الذي جاء في إحدى حيثياته "أنه وعندما تثار مسألة العذر من طرف المتهم فإن محكمة الجنايات لا يمكنها رفض طرح السؤال بخصوصه " وفي هذا الصدد نصت المادة 283 على أنه "إذا ثبت قيام العذر فتخفض العقوبة على النحو التالي :
1.الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
2.الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأي جنحة أخرى.
3.الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الأمر بجنحــة.
4.سنة واحدة حبسا،إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات.
ويستنتج من هذه المادة أن محكمة الجنايات في استطاعتها إفادة المتهم المرتكب لجناية بظروف التخفيف وعليه إنزال العقوبة المقررة قانونا إلى ما دون حدها الأدنى المقرر دون تجاوز الحد الأدنى للتخفيف وإلا كان حكمها عرضة للنقض، هذا ما استقر عليه اجتهاد قضاء المحكمة العليا في قرارها رقم 240480 المؤرخ في 16/05/2000الذي قضى بنقض القرار المطعون فيه على أساس أنه لا يمكن تخفيض العقوبة المحكوم بها تحت الحد الأدنى المنصوص عليه في المادة 53 من ق.ع المحدد بخمس سنوات سجن إذا كانت الجناية معاقب عليها بالسجن المؤبد.
2 الجنــــــح :
لقد أباح المشرع الجزائري استعمال الظروف المخففة في مجال الجنح على غرار نظيره الفرنسي قبل صدور قانون العقوبات الجديد سنة1992 الذي ألغى نظام ظروف التخفيف،وفي هذا الصدد نصت المادة53 مكرر4 على إمكانية تطبيق الظروف المخففة على الجنح بقولها " وإذا كانت العقوبة المقررة قانونا في مادة الجنح هي الحبس و/ أو الغرامة وتقررت إفادة الشخص .... غير المسبوق قضائيا بالظروف المخففة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين(2) والغرامة إلى 20.000 دج .
كما يمكن الحكم بإحدى هاتين العقوبتين فقط على أن لا تقل عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة،وإذا كانت عقوبة الحبس هي وحدها المقررة يجوز استبدالها بغرامة على أن لا تقل عن20.000 دج وأن لاتتجاوز 500.000 دج.
إذا كان المتهم مسبوق بمفهوم المادة 53مكرر5،فإنه لا يجوز تخفيض عقوبات الحبس والغرامة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة عمدا ويتعين الحكم بهما في حالة النص عليهما معا،ولا يجوز في أي حال استبدال الحبس بالغرامة ".
ومنه فإنه يمكن تطبيق الظروف المخففة على الجنح وهذا يسمح للقاضي بالنزول بالعقوبة أو استبدالها لكن في إطار الحدود والشروط المحددة قانونا في المواد 53 مكرر4 ، 53 مكرر5من قانون العقوبات.


3_ المخالفــــات :
أجاز المشرع الجزائري في المادة 53 مكرر6 من قانون العقوبات منح الظروف المخففة في مواد المخالفات وذلك بنصها أنه "في حالة منح الظروف المخففة في مواد المخالفات،فإن العقوبات المقررة قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي لا يجوز تخفيضها عن حدها الأدنى.
غير أنه إذا كان المحكوم عليه لا يوجد في حالة العود، وكانت عقوبتا الحبس والغرامة مقررتين معا،فإنه يجوز الحكم بإحداهما فقط،وذلك دائما في إطار الحدين المنصوص عليهما في القانون الذي يعاقب عل المخالفة المرتكبة".
أما بالنسبة للمخالفات المرتكبة من شخص معنوي فإنه يمكن أن تكون محل لتطبيق ظروف التخفيف حسب مفهوم المادة 53 مكرر7 من قانون العقوبات لأنها جاءت بصياغة عامة.
ويمكننا القول أن المشرع الجزائري أخذ بنظام ظروف التخفيف في كل من الجنايات و الجنح والمخالفات على غرار المشرع الفرنسي قبل إصدار قانون العقوبات الجديد سنة1992 مخالفا بذلك القانون المصري الذي جعلها قاصرة على الجنايات فحسب.
ب . مجال تطبيق الظروف المخففة بالنسبة للمجرم:
يجوز قبول الظروف المخففة واستعمال الرأفة مع جميع المتهمين لا فرق في ذلك بين العائدين منهم والمبتدئين، وعلى كافة الجناة سواء كانوا مواطنين جزائريين أو أجانب بالغين أو قصر .
أما بالنسبة للمتخلف عن الحضور في الجنايات و الغائب عن المحاكمة في الجنح والمخالفات فقد اجتمع الفقه والقضاء على أنه لا يمكن إفادتهما من ظروف التخفيف، وقد نصت المادة 319 فقرة 4 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " في الحالة العكسية _أي حالة صحة إجراءات التخلف عن الحضور أمام محكمة الجنايات_ تصدر المحكمة حكمها في التهمة بغير حضور المحلفين .....دون أن يكون في استطاعتها حال الحكم بالإدانة منح المتهم المتخلف عن الحضور الاستفادة من ظروف التخفيف"،إذا لا يمكن إفادة المتهم المتخلف عن الحضور أمام محكمة الجنايات من ظروف التخفيف،وهذا ما أكده أيضا قرار المحكمة العليا رقم251843 المؤرخ في27/06/2000، أما المتهم المتغيب عن المحاكمة أمام محكمة الجنح أو المخالفات فلا يوجد نص صريح يمنع إفادة المحكوم عليه بها، أما في حالة الحضور الاعتباري فالقضاة لهم مطلق الحرية في منح ظروف التخفيف أو الامتناع عن ذلك،هذا ما جاء في قرار المحكمة العليا رقم 124438 المؤرخ في 03/12/1997.
ومما ينبغي ملاحظته أن الظروف المخففة شخصية وخاصة بكل متهم، ويترتب على ذلك أن للقاضي أن يقبل الظروف المخففة بالنسبة للفاعل الأصلي ويرفضها بالنسبة للشريك والعكس، وإذا قبلها بالنسبة للفاعل والشريك معا فله أن يعاقب الشريك بعقوبة أشد من عقوبة الفاعل، وكما يجوز للقاضي أن يبحث مسألة الظروف المخففة بالنسبة لكل متهم على حدى، يجوز له أن يبحثها بالنسبة للمتهمين جميعا دفعة واحدة، وإذا كانت الدعوى تتناول عدة تهم يجوز للقاضي أن يقرر وجود الظروف المخففة بالنسبة لجميع هذه التهم .
ثانيا : الاستثناءات الواردة على مجال تطبيق الظروف المخففة :
إن قاعدة جواز تطبيق الظروف المخففة ليست مطلقة، حيث استبعد المشرع صراحة تطبيقها في بعض المواد أو فرض قيودا على تطبيقها، كما استبعدها القضاء في جرائم الشيك.
أ.حالات استبعـاد تطبيق ظـروف التخفيف:
ويتعلق الأمر بحالات معينة في جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية وجرائم التهريب .
ففي جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية، نصت المادة26 من القانون رقم 04/18 المؤرخ في 25_12_2004 على استبعاد تطبيق الظروف المخففة على الجرائم المنصوص عليها في المواد من 12 إلى23 من هذا القانون في الحالات الآتية:
_ إذا استخدم الجاني العنف أو الأسلحة،
_ إذا كان الجاني يمارس وظيفة عمومية وارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته ويتعلق الأمر أساسا بأعوان الشرطة والدرك الوطني وأعوان الجمارك،
_ إذا ارتكب الجريمة ممتهن في الصحة(كالصيدلي) أو شخص مكلف بمكافحة المخدرات أو استعمالها.
_ إذا تسببت المخدرات أو المؤثرات القلية المسلمة في وفاة شخص أو عدة أشخاص أو إحداث عاهة مستديمة،
إذا أضاف الجاني للمخدرات موادا من شأنها أن تزيد في خطورتها.
وفي جرائم التهريب نصت المادة22 من الأمر رقم 05/06 المؤرخ في 23/08/2005 على استبعاد الظروف المخففة في الحالات الآتية:
_ إذا كان الجاني محرضا على ارتكاب الجريمة .
_ إذا استخدم العنف أو السلاح في ارتكاب الجريمة.
_ إذا كان يمارس وظيفة عمومية أو مهنة ذات صلة بالنشاط المجرم وارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته أو بمناسبتها، ويتعلق الأمر أساسا بأعوان الجمارك وأعوان الشرطة ورجال الدرك الوطنــي.
وإذا كانت الحالتان الثانية والثالثة لهما ما يبررهما فإن الحالة الأولى يصعب تبريرها، فكيف يستفيد الفاعل الأصلي من الظروف المخففة، بدون قيد ولا شرط ويحرم منها المحرض.
وبالنسبة للغرامة المقررة جزاء للجرائم الجمركية، فقد استبعد المشرع صراحة منح الظروف المخففة (المادة 281 من قانون الجمارك) والغرامة المقررة للجرائم الضريبية(المادة303/4 من قانون الضرائب المباشرة و548 من قانون الضرائب الغير مباشرة)،على أساس أن مثل هذه الجزاءات ذات طابع جبائي تختلط فيها العقوبة بالتعويض.
أما الغرامة المقررة جزاء لجريمة الصرف،فقد أثير التساؤل إثر تعديل الأمر رقم96/22المؤرخ في9/07/1996 بموجب الأمر رقم03/01 المؤرخ في 19/02/2003،حيث نصت المادة الأولى مكرر المستحدثة على غرامة لا يمكن أن تقل عن ضعف قيمة محل الجريمة،تكون جزاء للجريمة المرتكبة من قبل الشخص الطبيعي، والمؤكد،في غياب نص صريح،أن نية المشرع هي استبعاد تطبيق الظروف المخففة على الغرامة، ولهذا الاستنتاج ما يدعمه في عرض أسباب الأمر رقم 03/01المعدل والمتمم للأمر رقم 96/22 إذ جاء فيه أن من أسباب هذا النص تبني نظام عقابي رادع يستبعد فيه تطبيق الظروف المخففة على العقوبات المالية ،مع الإشارة إلى أن تخفيض الغرامة كان جائز قبل تعديل الأمر رقم96/22 سالف الذكر .



أما بالنسبة للغرامة المقررة لجرائم المنافسة، فليس ثمة ما يمنع تخفيض عقوبة الغرامة المقررة جزاء لها لأنها تتراوح بين حد أدنى وحد أقصى، سواء في الأمر المؤرخ في 25/1/1995، الملغى، أو في القانون رقم04/02 الجديد المؤرخ في 23/06/2004 الذي حل محله، والذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية.
وينظر الفقه إلى سياسة التعطيل الكلي لظروف التخفيف بكثير من عدم الرضا,لأنها تنطوي وبغير علة مقنعة على تقييد لسلطة القاضي في تفريد العقاب،ذلك بأن لكل جريمة مهما تكن جسامتها ظروفا شتى لا يسع المشرع التنبؤ بها، وقد يستدعي بعض هذه الظروف رأفة القاضي،فلم يكن مستحبا أن يصادر المشرع تقديره والحاصل أن المشرع لا يسلب الجاني بذلك حقا، بل يجرد القاضي من رخصة ويوقعه في الحرج،فهو إما أن يقضي كارها بعقوبة يرى فيها غلوا و إسرافا أو يتلمس أسبابا واهية يقيم عليها حكم البراءة تخلصا مما يعانيه من قلق، وكلا الأمرين لا تقربه عين العدالة .
ب. حالات فرض قيود على تطبيق الظروف المخففة:
ففي القانون المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية، قيد المشرع منح الظروف المخففة في المادة 28منه،التي حددت في كل الأحوال،حدا أدنى للعقوبة لا يجوز النزول عنه عند تطبيق الظروف المخففة،بنصها على أن العقوبات المقررة لجرائم المخدرات والمؤثرات العقلية غير قابلة للتخفيض حسب الشكل الآتـــــــي :
– عشرون(20) سنة سجنا، عندما تكون العقوبة المقررة هي السجن المؤبد.
– ثلثا(2/3) العقوبة المقررة في كل الحالات الأخرى.
ويبقى التساؤل قائما، بالنسبة للحالة الثانية، حول الحد الذي نأخذ به عند تحديد مستوى العقوبة الذي لا يجوز النزول عنه في ظل التشريع الجزائري الذي مازال يراوح العقوبة بين حد أدنى وحد أقصى: فماذا يقصد بثلثي العقوبة،هل يقصد به ثلثا الحد الأدنى أو ثلثا الحد الأقصى أم ثلثا الحد الأدنى والحد الأقصى؟وإذا أخذنا بالحد الأدنى فكيف نحدد، على سبيل المثال، ثلثي شهرين وهو الحد الأدنى المقرر لجنحة استهلاك المخدرات المنصوص و المعاقب عليها في المادة 12 بالحبس من شهرين إلى سنتين.
أما قانون العقوبات، فقد كان سباقا إلى تقييد منح الظروف المخففة، وهذا في مجال الجرائم الإرهابية فنصت المادة 87 مكرر8 على حد أدنى للعقوبة لايجوز النزول إلى أدنى منه وهو:
– عشرون(20) سنة سجنا، عندما تكون العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤبد.
– نصف العقوبة، عندما تكون العقوبة المقررة هي السجن المؤقت.
ومن ناحية أخرى، قيد قانون العقوبات إثر تعديله في 2006 منح الظروف المخففة بتحديده مستويات خاصة بالمحكوم عليهم المسبوقين قضائيا، كما سيأتـي بيانه.
ج. حالات استبعد فيها القضاء تطبيق الظروف المخففة:
استبعد القضاء، من جهته، تطبيق الظروف المخففة بالنسبة للغرامة المقررة جزاء لجريمة إصدار شيك بدون رصيد أو برصيد غير كاف، حيث استقر قضاء المحكمة العليا في هذا الخصوص على عدم جواز التخفيض من قيمة الغرامة التي يجب أن لا تقل عن قيمة الشيك أو قيمة النقص في الرصيد حسب ماهو ثابت من قرار المحكمة العليا المؤرخ في 27/07/2005،وقضت في قرار أخر مؤرخ في27/04/1999 أن العقوبة الأصلية التي تخضع للمادة 53من ق.ع هي عقوبة الحبس وحدها،وأن الغرامة المقررة بجانبها غير قابلة للتخفيض باعتبارها عقوبة تكميلية إجبارية، والقضاء بها وحدها غير جائز ومخالف للمادة 374من ق.ع, ونتعجب من موقف المحكمة العليا خاصة بعد التعديلات الأخيرة التي طرأت على القانون التجاري، إثر تعديله بموجب القانون رقم 05_02 المؤرخ فـــي 6_02_2005، لاسيما بعد ما ألغت المادة 9 من القانون المذكور المادتين 538 و539 من القانـــون التجاري واستبدلت الإحالة إليهما في المواد 540 و541و542 بالإحالة إلى المادتين 374 و375 مـن قانون العقوبات. و تبعا لذلك، وبمقتضي نص المادة 540 من القانون التجاري، في صياغتها الجديدة تسري أحكام المادة 53من قانون العقوبات على جرائم الشيك المنصوص عليها في المادتين374و375 قانون العقوبات في صورتي إصدار شيك بدون رصيد وقبول شيك بدون رصيد فقط، ومن ثم فمن الجائز تطبيق الظروف المخففة على الغرامة المقررة جزاء للجريمة في الصورتين.
الفرع الثانـي : الجهات المختصة بمنح الظروف المخففة:
تختلف التشريعات في هذا الصدد ففي القانون الفرنسي حق تقرير وجود الظروف المخففة هو من اختصاص سلطة الحكم لا سلطة التحقيق، أما في القانون المصري فسلطة الحكم تبحث الظروف المخففة وتراعيها في تقدير العقوبة وقاضي الإحالة يبحثها ويراعيها في تعيين المحكمة المختصة وقراره يؤثر في تعيين العقوبة، ومتى أصبح أمر الإحالة نهائيا يتقيد به قاضي الجنح فلا يجوز له الحكم بعدم الاختصاص(المادة 5 من قانون 19 أكتوبر1975) وإنما يجب عليه متى كانت الواقعة ثابتة أن يطبق عقوبة الجنحة في الحدود التي رسمها القانون، أما النيابة فليس لها أن تقرر وجود الظروف المخففة .
أما المشرع الجزائري فقد انتهج نهج المشرع الفرنسي في تخويل سلطة القول بتوافر ظروف التخفيف إلى جهات الحكم دون تفرقة سواء كانت محكمة الجنح أو المخالفات والمجلس القضائي في حال الاستئناف ومحكمة الجنايات, غير أن هذه الأخيرة على الرغم من أخذها بنظام المحلفين إلا أن سلطة منح الظروف المخففة تعود إلى رئيس المحكمة الذي يطرح السؤال الخاص بإفادة الجاني بظروف التخفيف، والذي يطرح في قاعة المداولات وبعد ثبوت إدانة المتهم، وتكون الإجابة بالأغلبية.
ولعل السبب في عدم تخويل النيابة أو قاضي التحقيق تقرير وجود الظروف المخففة هو أن الظروف المخففة في حال تطبيقها لا تؤدي إلى تغيير الوصف القانوني للجريمة, وهذا ما نصت عليه المادة 28 من قانون العقوبات بقولها " لا يتغير نوع الجريمة إذا أصدر القاضي فيها حكما يطبق أصلا على نوع آخر منها نتيجة لظرف مخفف للعقوبة...".
ولقاضي الحكم مطلق الحرية في قبول الظروف المخففة أو استبعادها عند تقديره العقوبة المناسبة لحالة كل متهم حسبما يتراءى له من ظروف الدعوى، ولا معقب عليه من قبل المحكمة العليا، فليست الظروف المخففة حقا واجبا على القاضي الأخذ بها، وإذا قدم طلب استعمال نظام الظروف المخففة من المحكمة التي لها ألا تأخذ به لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم بطريق النقض لأنه مسألة موضوعية وليست قانونية ، ومن المتفق عليه أن قاضي العقوبة إذا أراد استعمال الرأفة والنزول عن درجة العقوبة المنصوص عليها قانونا إلى درجة أخف منها لا يكون ملزما ببيان الظروف التي أدت به إلى النزول بالعقوبة، بل كل المطلوب منه هو مجرد القول بأن هناك ظروف مخففة والاكتفاء بالإشارة إلى النص الخاص بها ، ولا عجب في ذلك إذ أن الرأفة شعور باطني تثيره في نفس القاضي علل مختلفة لا يستطيع أحيانا أن يحددها حتى يصورها بالقلم أو اللسان، ولهذا لم يكلف القانون القاضي ببيانها بل هو يقبل منه مجرد قوله بقيام هذا الشعور في نفسه ولا يسأل عليه دليلا .
أثر تطبيق الظروف المخففـة والإشكالات التي يثيرها هذا التطبيق:
إن تطبيق الظروف المخففة يرتب عدة أثار على العقوبات الجزائية وقد بين قانون العقوبات في المواد من 53إلى53 مكرر8 أثر الظروف المخففة على العقوبات الأصلية وحدها دون أن يحدد أثرها على العقوبات التكميلية، مع ذلك فإن تطبيق ظروف التخفيف على العقوبات يثير عدة إشكالات عملية، تظهر في مسألة اجتماع ظروف التخفيف مع الأعذار المخففة، وأيهما أسبق في التطبيق، وأيضا في مسألة تأثير الظروف المخففة على الوصف القانوني للجريمة، لذلك وجب تقسيم هذا المطلب إلى فرعين الفرع الأول يتناول أثر تطبيق الظروف المخففة على العقوبة الجزائية، وفي الفرع الثاني الإشكالات التي يثيرها تطبيق هذه الظروف.
الفرع الأول: أثر تطبيق الظروف المخففة على العقوبة الجزائية:
الظروف المخففة تسمح للقاضي بتخفيف العقوبة، ولكن سلطته في ذلك مقيدة بالحدود التي رسمها القانون وقد بينت المواد من53إلى 53 مكرر8 من قانون العقوبات أثر الظروف المخففة على العقوبات الأصلية(السجن، الحبس، والغرامة)، هذا الأثر الذي يختلف بحسب ما إذا كان المتابع جزائيا شخص طبيعي أو معنوي وما إذا كان مبتدئا، عائدا أو مسبوق لذلك سأتناول كل ذلك بالتفصيل التالــــي:
أولا: أثر تطبيق الظروف المخففة على الشخص الطبيعي :
يميز المشرع من حيث آثار منح الظروف المخففة بين الجنايات و الجنح والمخالفات على النحو الآتي بيانه:
أ_ في مواد الجنايات:
تختلف آثار منح الظروف المخففة بحسب العقوبة المقررة قانونا والسوابق القضائية للمحكوم عليه، وهي على النحو الآتــي.
1_ الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه غير مسبوق قضائيا:
وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 53 المعدلة في 2006.
إذا تقرر إفادة الشخص المدان بظروف مخففة، يجوز تخفيض العقوبة المنصوص عليها في القانون إلى حد:
_ 10 سنوات سجنا إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الإعدام .



_ 5 سنوات سجنا إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤبد.
_ 3 سنوات حبسا إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة.
_ سنة واحدة(1) حبسا إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي السجن المؤقت من 5إلى 10 سنوات.
و تجدر الإشارة إلى أن المادة 53، قبل تعديلها في 2006، كانت تخص الحالة التي تكون فيها العقوبة السجن المؤقت بحكم واحد وتطبق عليها نفس القاعدة وهي النزول بالعقوبة إلى حد3سنوات حبسا.
2_ الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه في حالة عود :
وهي الحالة المنصوص عليها في المادتين 53مكرر المستحدثة إثر تعديل قانون العقوبات في 2006.
القاعدة: ينصب التخفيف في حال تطبيق الظروف المخففة على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا الناتجة عن تطبيق العود إذا طبق هذا الأخير(الفقرة الأولى من المادة53 مكرر).
تطبيقات القاعـدة: يمكن أن نتصور ثلاث احتمالات :
2 .1.إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة، إثر تطبيق العود، هي الإعدام:
لا يجوز تخفيض العقوبة إلى أقل عن 10 سنوات. وهكذا فإذا صدر حكم على شخص بعقوبة 5سنوات سجنا من أجل جناية السرقة المنصوص عليها في المادة 353 والمعاقب عليها بالسجن من 10 إلى 20 سنة، ويرتكب بعد انقضاء العقوبة أو الإفراج عنه جناية القتل العمد فإن الحد الأقصى للعقوبة المقررة لهذه الجريمة يصبح، بتطبيق أحكام العود، الإعدام طبقا لنص المادة 54 مكرر قانون العقوبات. فإذا تقرر إفادته بظروف مخففة فإنه لا يجوز تخفيض العقوبة أقل من 10 سنوات سجنا، على أساس العقوبة المقررة له بتطبيق العود عوض5 سنوات سجنا لو كان التخفيض على أساس العقوبة المقررة أصلا للجريمة المرتكبة.
2 .2.إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة، إثر تطبيق العود، هي السجن المؤبد:
لا يجوز تخفيض العقوبة إلى أقل عن 5 سنوات سجنا، وهكذا فإذا صدر حكم على شخص بعقوبة 5 سنوات سجنا من أجل جناية السرقة المنصوص عليها في المادة 353 و المعاقب عليها بالسجن من 10 إلى 20 سنة، ويعود لارتكاب نفس الجريمة بعد انقضاء العقوبة الأولى أو الإفراج عنه فإن الحد الأقصى للعقوبة المقررة يصبح،بتطبيق أحكام العود، السجن المؤبد طبقا لنص المادة 54 مكرر قانون العقوبات، فإذا تقرر إفادته بظروف مخففة فإنه يجوز تخفيض العقوبة إلى حد 5 سنوات سجنا، على أساس العقوبة المقررة له بتطبيق العود، عوض 3 سنوات حبسا لو كان التخفيض على أساس العقوبة المقررة أصلا للجريمة المرتكبة.
2 .3.إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة، إثر تطبيق العود هي السجن المؤقت من 5 إلى 20 سنة:
وهو الاحتمال الذي أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة 53 مكرر. لا يجوز في هذه الصورة أن يقل الحد الأدنى للعقوبة المخففة عن 3سنوات حبسا. وهكذا، وعلى سبيل المثال، فإن المحكوم عليه بعقوبة 6 سنوات حبسا من أجل جنحة السرقة المشددة المنصوص عليها في المادة 350 مكرر و المعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات، الذي يرتكب جناية الضرب المترتب عليه فقد البصر المنصوص عليها في المادة 264، في فقرتها الثالثة، والمعاقب عليها بالسجن من 5 إلى 10 فإن الحد الأقصى للعقوبة المقررة يصبح السجن من 5 إلى 20 سنة سجنا طبقا لنص المادة 54 مكرر في فقرتها الثانية، فإذا تقرر إفادته بظروف مخففة فإنه لا يجوز في هذه الحالة أن يقل الحد الأدنى للعقوبة المخففة عن 3سنوات حبسا، عوض سنة واحدة لو كان التخفيض على أساس العقوبة المقررة أصلا للجريمة المرتكبة.
3.الحالة التي يكون فيها المتهم مسبوقا قضائيا:
وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 53 مكرر1 المستحدثة، ويعد مسبوقا في نظر المادة 53 مكرر5 كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية، سواء كانت نافذة أو مع وقف التنفيذ، من أجل جناية أو جنحة من القانون العام. وهو مفهوم أوسع من مفهوم العود المعرف في المواد54 إلى 54 مكرر4 لا سيما عندما يتعلق الأمر بالجنح والمخالفات التي يشترط فيها المشرع التماثل بين الجريمة السابقة واللاحقة ومرور مدة من الزمن بينهما، كما سيأتي بيانه، ويميز المشرع بالنسبة للمسبوق قضائيا بين فرضين:
3 .1.إذا كانت الغرامة غير مقررة أصلا في النص المعاقب على الجريمة:
يجوز الحكم على المستفيد من العقوبة السالبة للحرية المخففة بغرامة، يختلف مقدارها باختلاف العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة، فتكون الغرامة ما بين1.000.000دج و2.000.000دج إذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام، وتكون الغرامة من500.000 دج إلى1.000.000 دج إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤبد، وتكون الغرامة من100.000دج إلى1.000.000دج إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن المؤقت.
3 .2.إذا كانت الغرامة مقررة أصلا في النص المعاقب على الجريمة:
يستوجب في هذه الحالة النطق بالغرامة مع العقوبة السالبة للحرية. وفي كل الأحوال، سواء كانت الغرامة مقررة أصلا أم لا، نصت المادة53 مكرر2 على عدم جواز النطق بالغرامة وحدها في مواد الجنايات، ونصت على أن يكون الحكم بها دائما في إطار الحدين المنصوص عليهما في القانون.
وعلاوة على الغرامة، نصت المادة 53مكرر3 على أن الحكم بالحبس كعقوبة مخففة من أجل جناية لا يحول دون الحكم بالحرمان من مباشرة حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في المادة9 مكرر1 قانون العقوبات، ويجوز الحكم كذلك بالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12و13 من ق.ع
ب. في مواد الجنح :
على غرار الجنايات، تختلف آثار منح الظروف المخففة في مواد الجنح بحسب العقوبة المقررة قانونا و السوابق القضائية للمحكوم عليه، وهي على النحو الآتـــي:
1.الحالة التي يكون فيها الجانح غير مسبوق قضائيا : وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 53 مكرر4 المستحدثة إثر تعديل قانون العقوبات في2006.
يمكن أن نتصور أربع فرضيات :
1.1.إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة:
و هو الفرض المنصوص عليه في الشطر الأول من الفقرة الأولى من المادة 53مكرر4، ونكون في هذه الفرضية أمام ثلاث خيارات:
_ فإما الحكم بالحبس و الغرامة معا، وفي هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين(2) و الغرامة إلى 20.000دج.
_ وإما الحكم بالحبس فقط، على ألا تقل العقوبة المحكوم بها، في هذه الحالة، عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
_ وإما الحكم بالغرامة فقط، على ألا تقل العقوبة المحكوم بها، في هذه الحالة،عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
ومن قبيل الجنح التي يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة، جنحة السرقة (المادة 350ق.ع) والمعاقب عليها بالحبس من سنة إلى 5سنوات و بغرامة من 100.000إلى500.000دج.
ويبقى التساؤل قائما بالنسبة لجنحة السب الموجه إلى الأفراد المنصوص عليها في المادة 299من ق.ع والمعاقب عليها بالحبس من شهر(1)إلى ثلاثة(3)أشهر، وبغرامة من 10.000إلى 25.000دج، وهي حالة فريدة في قانون العقوبات تتميز بكون الحد الأدنى لعقوبة الحبس المقرر لها أقل من شهرين و الحد الأدنى للغرامة المقرر قانونا أقل من20.000دج، فهل يطبق حكم المادة 53مكرر4 في فقرتها الأولى كما جاء، أي أنه لا يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى أقل من شهرين ولا الغرامة إلى أقل من 20.000 دج أم أنه يجوز النزول بعقوبة الحبس إلى حدها الأدنى، أي شهر،والغرامة إلى حدها الأدنى، أي 10.000دج؟
1 .2 إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة أو إحداهما:
وهو الفرض المنصوص عليه في نفس الشطر ونفس الفقرة(الفقرة الأولى من المادة53مكرر4).
نكـون في هذه الفرضية أمام ثلاثة خيارات أيضا:
_ فإما الحكم بالحبس والغرامة معا مع جواز تخفيض الحبس إلى شهرين والغرامة إلى20000دج.
_ وإما الحكم بالحبس فقط، مع جواز تخفيضه إلى حد شهرين(2).
_ وإما الحكم بالغرامة فقط، مع جواز تخفيضها إلى 20.000دج.
ومن قبيل الجنح المعاقب عليها بالحبس أو الغرامة، جنحة تزوير إقرار أو شهادة المنصوص عليها في المادة 228 و المعاقب عليها بالحبس من ستة(6)أشهر إلى سنتين وبغرامة من 20.000 إلى 100.000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين.
1 .3 إذا كانت عقوبة الحبس هي وحدها المقررة:
يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى حد شهرين ويجوز استبدال عقوبة الحبس بغرامة، على ألا تقل عن 20.000دج ولاتتجاوز500.000دج.
ومن هذا القبيل جنحة التجمهر المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 98 والمعاقب عليها بالحبس من شهرين إلى سنة، و جنح تخريب أو تشويه أو تدنيس المصحف الشريف أو العلم الوطني المنصوص عليهما في المادتين 160و160 مكرر والمعاقب عليها بالحبس من خمس(5)إلى عشر(10)سنوات.
1 .4 إذا كانت عقوبة الغرامة هي وحدها المقررة:
يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 20.000دج.
ومن هذا القبيل جنحة نكران العدالة المنصوص عليها في المادة 136قانون العقوبات، وعقوبتها غرامة من 20.000إلى 100.000دج، وجنحة انتحال اسم الغير المنصوص عليها في المادة 247قانون العقوبات، والمعاقب عليها بنفس العقوبة.
2.الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه مسبوقا قضائيا(بما فيها حالة العود):
وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 53مكرر4، وقد سبق لنا تعريف المقصود بالمسبوق قضائيا.
يستفاد من النص أن المشرع يميز بين الجنحة المرتكبة عمدا والجريمة غير العمدية.
2_1 صورة الجنحة المرتكبة عمدا: يمكن أن نتصور أربعة فرضيات :
- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة أو إحداهما:
يجوز الحكم بإحداهما فقط ولا يجوز تخفيض عقوبة الحبس ولا عقوبة الغرامة إلى اقل عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة، مثال ذلك جنحة تزوير إقرار أو شهادة المادة 228من ق.ع.
- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة:
في هذه الحالة يجب الحكم بالعقوبتين معا مع جواز تخفيضهما إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة،مثال ذلك جنحة السرقة المادة 350من ق.ع.
- إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط :
يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة، ولا يجوز استبدال الحبس بالغرامة، مثال ذلك جنحة التجمهر المادة 98من ق.ع.
-إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة فحسب:
يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة، مثال ذلك جنحة انتحال اسم الغير المنصوص عليها في المادة 247من ق.ع.
2_2. الحالة التـي تكون فيها الجنحة المرتكبـة غير عمديه :
لم يشر المشرع صراحة إلى هذه الصورة وإنما تستشف من الصورة الأولى التي اشترط فيها المشرع أن تكون الجنحة مرتكبة عمدا. فإذا كانت الجنحة غير عمديه، يفهم من الصورة الأولى، وبمفهوم المخالفة، أن حكم الفقرة الأولى من المادة 53مكرر4 هو الذي ينطبق عليها، أي أنها تخضع من حيث تطبيق الظروف المخففة لنفس القواعد التي تحكم الشخص المدان الذي ليست له سوابق قضائية، مثال ذلك جنحة الجروح الخطأ المنصوص عليها في المادة 289من ق.ع.
ج_ في مـواد المخالفـات :
على غرار الجنح،تختلف آثار منح الظروف المخففة في مواد المخالفات بحسب العقوبة المقررة قانونا والسوابق القضائية للمحكوم عليه، وهي على النحو الآتـــي:
1. الحالة التي لا يكون فيها المحكوم عليه في حالة العود: وهي الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 53 مكرر6 المستحدثة إثر تعديل قانون العقوبات في 2006. و تختلف هذه الحالة عن سابقتها في مواد الجنح كون المشرع اشترط أن لا يكون المحكوم عليه في حالة العود، على النحو الذي سيأتي بيانه عند دراسة العود، وليس غير مسبوق قضائيا فحسب. يجوز في هذه الحالة، إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة، الحكم بإحداهما وتخفيض العقوبة إلى حدها الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
2. الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه في حالة العود: وهي الحالة التي تستشف من الفقرة الأولى من المادة53مكرر6 ذاتها.
يستفاد من المادة 53 مكرر6 في فقرتها ما يأتـي :




2_1 إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة: ي
جوز تخفيض عقوبة الحبس وعقوبة الغرامة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفة المرتكبة، ويمكن الحكم بإحدى العقوبتين، على النحو الذي سبق بيانه في مواد الجنح.
2_2 إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة:
يجب الحكم بالعقوبتين معا مع جواز تخفيضها إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفة، على النحو الذي سبق بيانه في مواد الجنــح.
ثانيا: أثر تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي :
أجازت المادة 53مكرر7، المستحدثة إثر تعديل قانون العقوبات في2006، تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي، وبذلك يكون المشرع قد سد فراغا دام سنتين باعتبار أن المشرع الجزائري كان قد أقر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب القانون المؤرخ في 10/11/2004 غير أنه لم يتطرق لمسألة الظروف المخففة فيما يخصه إن بجوازها أو بحظرها،وقد حصرت المادة 53مكرر7مجال تطبيق الظروف المخففة بالنسبة للشخص المعنوي في الغرامة، وهي تميز بين فرضيتين:
أ.إذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا:
يجوز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي
يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
وهكذا، وعلى سبيل المثال، إذا ما أدين الشخص المعنوي من أجل جنحة خيانة الأمانة المعاقب عليها في المادة 376قانون العقوبات بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة من20.000إلى100.000دج. وتقرر إفادة الشخص المعنوي بالظروف المخففة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 20.000دج(الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي).
ب. إذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا:
يجوز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.وهكذا، وفي المثال السابق، إذا ما أدين شخص معنوي، مسبوقا قضائيا، من أجل جنحة خيانة الأمانة(المادة376ق.ع) وتقرر إفادة بالظروف المخففة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 100.000دج (الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي).
وقد عرفت المادة 53 مكرر8 المقصود بالمسبوق قضائيا بالنسبة للشخص المعنوي، وهو كل شخص معنوي محكوم عليه نهائيا بغرامة، مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ، من أجل جريمة من القانون العام، دون المساس بالقواعد المقررة في حالة العود. وتجدر الإشارة إلى أن المشرع استبعد تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي في بعض الجرائم، كما فعل في المادة389مكرر7 قانون العقوبات بالنسبة لجريمة تبييض الأموال التي نصت على أن الغرامة لا يمكنها أن تقل عن أربعة أضعاف الحد الأقصى المقرر للشخص الطبيعي، أي لا يجوز أن تقل عن 12.000.000دج في الجريمة المنصوص و المعاقب عليها في المادة 389 مكرر1 بغرامة من1.000.000إلى3.000.000 دج بالنسبة للشخص الطبيعي، وأن لا تقل أيضا عن الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة389مكرر2وهو8.000.000دج، وما فعل في المادة 5 من الأمر المؤرخ في9/07/1996 المعدل في19/02/2003 بالنسبة لجريمة الصرف التي نصت على أن الغرامة لا يمكنها أن تقل عن أربعة أضعاف قيمة البضاعة محل الغش.
ج. حالة عدم النص في القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي :
نصت المادة18 مكرر2 على هذه الحالة الخاصة وبينت الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي، على النحو الآتي:
- 2.000.000دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد، كما هو الحال بالنسبة لبعض الجنايات ضد أمن الدولة(المواد من 61إلى96)وبعض الجنايات الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية(المادة 96 مكرر) وبعض جنايات التزوير كتزوير النقود(المادتان197و198) وتزوير المحررات العمومية أو الرسمية(المادتان214و215).
- 1.000.000دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت، كما هو الحال بالنسبة لبعض الجنايات ضد أمن الدولة(المواد66و68)وبعض الجنايات الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية(المادة 87مكرر3).
- 500.000 دج بالنسبة للجنح، كما هو الحال في جنح كسر الأختام الموضوعية بأمر من السلطة العمومية(المادتان155و157) وتدنيس أو تخريب المصحف الشريف(المادة160) وتلوين النقود(المادة200).
وإذا كانت المادة 18مكرر2 تسمح بتحديد عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي استنادا إلى الحد الأقصى المعين في النص فإن ما جاءت به المادة18مكرر2 لا يمكن اعتماده بالنسبة لتطبيق الظروف المخففة إلا في حالة ما إذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا باعتبار أن المشرع يجيز، في هذه الحالة، تخفيض الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي، وهو الحد الذي يتطابق مع الحدود التي وضعها المشرع في المادة 18مكرر2.
أما في حالة ما إذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا فإن ما جاءت به المادة18مكرر2 لا يمكن الاستناد إليه لتحديد الحد الأدنى الذي يجوز تخفيض الغرامة إلى مستواه، الأمر الذي يستدعي تدخل المشرع لمعالجة هذه المسألة كما فعل في المادة 18مكرر2 بالنسبة للغرامة التي تطبق على الشخص المعنوي في الحالة التي لا ينص فيها القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي.
الفرع الثاني: إشكالات يثيرها تطبيق الظروف المخففة:
أثار تطبيق الظروف المخففة جملة من المسائل والإشكالات، يتعلق الإشكال الأول بمسألة اجتماع الظروف المخففة مع الأعذار القانونية وأيهما يطبق أولا، أما الإشكال الثاني فيخص تأثير الظروف المخففة على الوصف القانوني للجريمة والتي سنعرضها فيما يلي:
أولا: اجتماع الظرف المخفف مع عذر قانوني:
يثور التساؤل حول ما إذا كان جائزا الجمع بين العذر القانوني المخفف والظرف القضائي المخفف، إذا كان الرأي الراجح في غياب نص صريح يفيد بجواز الجمع بينهما فبأي منهما يبدأ القاضي: هل يعمل بالظرف المخفف ثم بالعذر أو العكس؟
ففي القانون المصري يرى الدكتور عوض محمد أن يبدأ القاضي بالعذر ثم يعمل الظرف إن رأى لذلك داعيا، فالتنافي بين العذر والظرف المخفف لا يجد له سندا من نصوص القانون ولا من روحه وإنما العكس هو الصحيح .
في حين استقر القضاء الفرنسي في هذا الشأن على أنه في حالة اقتران ظرف مخفف بعذر صغر السن المخفف يتعين تطبيق الظرف المخفف أولا ثم عذر صغر السن، أي أن العذر القانوني يطبق على أساس العقوبة المتحصل عليها بعد إفادة الجاني بالظرف المخفف .
وبالرجوع إلى القضاء الجزائري فإننا لا نجد أي حكم قضائي يشير إلى هذه المسألة، لكن حسب ما يستشف من نص المادة 305 من ق.إ.ج، التي رتبت وضع الأسئلة أمام محكمة الجنايات في ورقة الأسئلة، فيبدأ بوضع سؤال عن كل واقعة معينة في منطوق قرار الإحالة ثم سؤال عن كل ظرف مشدد، وبعد ذلك سؤال عن كل عذر تم التمسك به، ولا يوضع السؤال المخفف إلا في قاعة المداولة بعد ثبوت الإدانة، وهذه القاعدة التي جاءت بها هذه المادة يمكن إعمالها من طرف قاضي الجنح والمخالفات بالرغم من ورودها في باب محكمة الجنايات، فيبدأ أولا بتطبيق العذر المخفف إذا ما كان هناك عذر ثم بعد ذلك يمكن للقاضي منح ظروف التخفيف لأنها جوازية، وهذا ماهو جاري به العمل علي مستوى قسم الأحداث على مستوى محكمة بومرداس .
ثانيا: تأثير الظروف المخففة على الوصف القانوني للجريمة:
التكييف كما هو معروف هو تلك العلاقة بين الواقعة الخاضعة لتقدير القاضي والنص القانوني الذي يجرمها والتكييف ينقسم إلى قسمين: تكييف للواقعة وتكييف للجريمة، فإزهاق روح انسان حي عمدا يعتبر قتلا ويطلق عليه تكييف الواقعة، وأن الجريمة المعاقب عليها تعتبر جناية وهو تكييف الجريمة، وأنه حسب التقسيم الثلاثي للجريمة والذي أخذ به المشرع الجزائري تقسم الجريمة إلى جناية وجنحة ومخالفة، وقرر لكل منها عقوبة خاصة بها.
ففي مواد الجنايات تكون العقوبة هي الإعدام أو السجن المؤبد، أو السجن المؤقت لمدة تتراوح بين5سنوات و20 سنة، وفي هذه الحالة الأخيرة يمكن الحكم بالغرامة بينما العقوبات الأصلية في مواد الجنح تكون بالحبس مدة تتجاوز شهرين إلى 5سنوات ماعدا في الحالات التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى، والغرامة التي تتجاوز 20.000 دج.
أما العقوبات الأصلية في مادة المخالفات هي الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر، والغرامة من 2.000 دج إلى 20.000 دج.
هذا ما نصت عليه المادتين 05 _ 05 مكرر من قانون العقوبات، غير أنه وبتطبيق الظروف المخففة تؤدي إلى النزول بالعقوبة إلى أقل من حدها الأدنى المقرر أصلا، كما قد تؤدي إلى الحكم بعقوبة أخف منها وذات طبيعة مختلفة، فقد يستتبع تطبيق الظروف المخففة إحلال عقوبة جنحة محل عقوبة جناية، فهل هذا يغير من الوصف القانوني للجريمة؟.
لقد اختلف الفقه والقضاء في هذا الشأن فمنهم من يقول بأن ظروف التخفيف تغير من الوصف القانوني للجريمة، ومنهم من يرى عكس ذلك، ومنهم من يفرق بين الأعذار وظروف التخفيف في ذلك وتأثير أحدهما دون الآخر على نوع الجريمة، والراجح أن التخفيف لا أثر له على نوع الجريمة، فهو لا يحول الجناية جنحة بل تظل جناية كما كانت.
وبالرجوع إلى المادة28 من قانون العقوبات الجزائري نجد أن الظروف المخففة وإن كانت تؤدي إلى تغيير نوع العقوبة، إلا أنها لا تؤدي إلى تغير الوصف القانوني للجريمة، ذلك أن القانون قد قسم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات بحسب العقوبة التي ينص عليها هو، والحكم بعقوبة الجنحة في حالة اقتران الفعل بظروف مخففة ناتج عن تقدير القاضي لا عن نص في القانون، ولم يقصد المشرع من المادة 53 من قانون العقوبات السماح للقاضي بتغيير الوصف القانوني للجريمة وتحويلها من جناية إلى جنحة، بل إن كل ما قصده هو مجرد تغيير نوع العقوبة فقط، وهذا ما يستشف من نص المادة 28 من قانون العقوبات، التي تنص على أنه" لا يتغير نوع الجريمة إذا أصدر القاضي فيها حكما يطبق أصلا على نوع آخر منها نتيجة لظرف مخفف للعقوبة...". وهذا ما هو جاري به العمل قضاء .


look/images/icons/i1.gif الظروف المخففة للعقوبة
  10-12-2016 07:57 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 10-12-2016
رقم العضوية : 10565
المشاركات : 11
الجنس :
تاريخ الميلاد : 11-1-1980
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب
شكرا وبارك الله فيكم

look/images/icons/i1.gif الظروف المخففة للعقوبة
  07-01-2021 12:08 صباحاً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 14-01-2012
رقم العضوية : 1
المشاركات : 852
الدولة : الجــــزائر
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 570
موقعي : زيارة موقعي
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب
ظروف التخفيف في القانون الجزائري موضوع قيم شكرا علي المساهمة

look/images/icons/i1.gif الظروف المخففة للعقوبة
  10-05-2021 03:32 مساءً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 10-05-2021
رقم العضوية : 27838
المشاركات : 1
الجنس :
تاريخ الميلاد : 11-8-1986
قوة السمعة : 10
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : إداري
جميل جدا

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الظروف ، المخففة ، للعقوبة ،









الساعة الآن 08:34 PM