المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: القلم الذهبي الشفعة في القانون الجزائري شروط الأخذ بالشفعة
كيفية الأخذ بالشفعة
آثار الشفعة
مقـــــدمــة :
جاء تعريف الشفعة في المادة 794 من القانون المدني وهو النص المطابق للمادة 935 من القانون المدني المصري وكذا المادة 939 من التقنين المدني الليبي ، وقد نصت المادة 794 من القانون المدني السالفة الذكر على أن:" الشفعة هي رخصة تجيز الحلول محل المشتري في بيع العقار ضمن الأحوال والشروط المنصوص عليها في المواد التالية."
ويستخلص من هذا التعريف أن الشفعة تعد سببا من أسباب كسب الملكية ، إذا ما أستعملها الشفيع لتملك عقار باعه صاحبه لغير الشفيع ، الذي يحل محل هذا المشتري بشروط سيتم بيانها لاحقا .
ولهذا فالشفعة لا تكون بحسب المادة إلا في بيع العقار، ويسمى، العقار المشفوع فيه ومن شفيع وهو طالب الشفعة ، وقد عين القانون أحواله ومن مشتر هو المشفوع منه والذي يحل محله الشفيع، والبائع، وعقارا مشفوعا به وهو العقار الذي يملكه الشفيع والذي يستند إليه في طلب الشفعة لضمه إلى العقار المشفوع فيه .
والملاحظ مما سبق أن المصدر التاريخي الذي أستند وأستمد منه المشرع الشفعة وأحكامها هو الشريعة الإسلامية ومن رأي الجمهور تحديدا ، لأن المشرع الفرنسي لم يعرف الشفعة ولم يبين أحكامها
كما أن التساؤل حول وقت حلول الشفيع محل المشتري ، طرح خلاف بين الشريعة والقانون ، فهل يكون الحلول من وقت عقد البيع ؟ أم من وقت إعلان الرغبة ؟ أم من وقت صدور حكم نهائي يقضي بثبوت الشفعة ؟
وجدير بالذكر ، أن المشرع الفرنسي لم يتطرق إلى الشفعة لآنه لم يعرفها ولم يعمل بها ، عكس القانون المدني الجزائري الذي نص على الشفعة ، وخصها بمواد مبينة وواضحة ، لذا فالسؤال مطروح في هذا الصدد يتعلق بمحاولة معرفة مصدر الشفعة في القانون المدني ؟
المبحث الاول : شروط الأخذ بالشفعة
سنحاول من خلال هذا المبحث أن نتطرق إلى أهم شروط الأخذ بالشفعة ولما يميز هذه الشروط ومن خلال هذه الدراسة سنسلط الضوء على تبيان مدى التوافق أوالإختلاف الحاصل بين ما أقرته الشريعة الإسلامية وما قننه المشرع بموجب القانون المدني .
المطلب الأول : بيع العقار
كي يتم الأخذ بالشفعة لابد من وجود عقار معد للبيع، هذا ما أجمع عليه فقهاء الشريعة وأقره المشرع الجزائري إذ لا شفعة في المنقول.
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقال هو: هل أن كل بيع عقاري يمكن أن يؤخذ فيه بالشفعة؟ وللإجابة عن هذا السؤال سنتعرض إلى مسألتين :
الفرع الاول : بيع العقار الاصل فيه جواز الاخذ بالشفعة.
يمكن القول أنه بمجرد وقوع بيع عقاري، ينفتح باب الشفعة متى توافر شروط الأخذ بها، فالأصل هو جواز الأخذ بالشفعة في البيع العقاري، وقد أقرت الشريعة الإسلامية ووافقها القانون المدني جملة من المسائل تدخل في هذا الإطار سنتناولها فيما يأتي :
1 – لا شفعة في المنقول :
فالشفعة لا ترد إلا على العقار، لذا فلا ترد على بيع حصة شائعة في السفينة ( ) لأنها منقول كما لا ترد الشفعة في المنقول بحسب المآل لبيع بناء آيل للهدم أو غراس للقلع ( )، وتجدر الإشارة إلى أن العقار بالتخصيص هو منقول بطبيعته رصد لخدمة العقار أو لاستغلاله ، فإنه بيع مستقلا عن العقار أعتبر منقولا ولا شفعة فيه أما إذا بيع مع العقار جاز أخذه بالشفعة تبعا للعقار وفقا للقواعد العامة قرار رقم 181 155 مؤرخ في 18/11/1997 جاء فيه )"إن المادة 794 من القانون المدني تنص على أن حق الشفعة لا يكون إلا في العقارات ، ولا يمكن ممارسته في المحلات التجارية ".
قرار رقم 100 150مؤرخ في 19/11/1997 جاء فيه ( ) " من المقرر قانونا أنه يكتسب حق الانتفاع بالتعاقد ، بالشفعة وبالتقادم أو بمقتضى القانون."
و من المقرر أيضا أنه يثبت حق الشفعة:
1- لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة.
2- للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع لأجنبي.
3- لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أوبعضها.
ولما ثبت في قضية الحال – بأن قضاة المجلس قرروا بأن صفة الطاعنين كمستأجرين للأمكنة لا تسمح لهم التمسك بأي حق من حقوق الشفعة ، ولا يمكن اعتبارهم كذلك كمنتفعين حسب مفهوم المادة 844 من القانون المدني، فإنهم سببوا قرارهم تسبيبا كافيا ، وبالتالي فإن النعي على القرار المطعون فيه بانعدام الأسباب ليس في محله".
2 - الشفعة غير قابلة للتجزئة :
تتعلق هذه المسألة بالحالة التي إذا بيع فيها عقار ، فلا يجوز للشفيع أن يشفع في جزء من هذا العقار دون جزء آخر ، فإما أن يشفع فيه كله أو يتركه كله .
وهذه المسألة قد تم تبيانها سابقا ضمن خصائص الشفعة
3 –لا شفعة إلا في عقد البيع :
إن فحوى هذه المسألة هو وجوب توافر عقد بيع للعقار يصدر من مالك العقار المشفوع فيه إلى المشفوع به، حتى يجوز الأخذ بالشفعة، وعقد البيع هو تصرف قانوني صادر من الجانبين وناقل للملكية يعوض، وعلى هذا فأي عقد أخر ولو كان ناقلا للملكية لا تجوز فيه الشفعة مثل: الهبة والمقايضة .
كما أنه إذا إنتقلت ملكية العقار بغير تصرف قانوني للميراث أوالإلتصاق أو التقادم فلا شفعة وحتى لو إنتقلت ملكية العقار بتصرف قانوني من جانب واحد فلا شفعة، وهو الحال عليه في الوصية وما تجدر الإشارة إليه، هو حالة ما إذا كان عقد المعارضة الناقل للملكية هو عقد للبيع جاز الأخذ فيه بالشفعة ومع ذلك لا يؤخذ فيه بالشفعة، ومع ذلك لا يؤخذ بالشفعة في عقد البيع الباطل لأنه لاوجود له .
و يجوز الأخذ بالشفعة أيضا في البيع المعلق على شرط فاسخ أوعلى شرط واقف، لأن البيع في الحالتين موجود وإن كان وجوده قائم على خطر الزوال، ففي البيع العلق على شرط فاسخ، يكون البيع نافذا من وقت إبرامه، وعلى الشفيع أن يراعي مواعيد الشفعة وتسري من وقت إبرام العقد، فإذا أخذ بالشفعة في مواعيدها، حل محل المشتري في هذا البيع المعلق على شرط فاسخ، فإذا ما تخلف الشرط صار البيع باتا، وإذا ما تحقق زال البيع بأثر رجعي كما كان يزول بالنسبة للمشتري ولو لم يأخذ الشفيع بالشفعة أما إذا فوت الشفيع المواعيد فإن حقه يسقط. أما البيع المعلق على شرط واقف، فالبيع يكون غير نافذ و لكنه موجود، فيجوز الأخذ فيه بالشفعة و تحسب المواعيد من وقت إبرام البيع لا من وقت تحقق الشرط، فإذا مارس الشفيع الشفعة في المواعيد حل محل المشتري في هذا البيع وبتحقق الشرط ينفذ البيع بأثر رجعي وتنفذ معه الشفعة و إذا تخلف زال البيع بأثر رجعي و معه الشفعة، أما إذا فوت الشفيع المواعيد سقط حقه في الشفعة كما تجوز الشفعة كذلك في عقد البيع القابل للإبطال، لأنه موجود و نافذ و المواعيد فيه تحسب من يوم إبرام العقد ، و جدير بالذكر أن الشفيع قد يكون معرضا للمطالبة بالإبطال متى حل محل المشتري.
وتجدر الإشارة في ختام هذه المسألة إلى أن جميع النصوص و المواد المنظمة للشفعة تحدثت عن البائع و المشتري على أساس أن الشفعة لا تكون إلا في عقد البيع كما أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة في الوعد بالبيع في العقار وهذا ما أقرته المحكمة العليا في قرارها رقم 337 – 130 المؤرخ في 10/01/1995 إذ جاء فيه:" حيث أن قضاة الموضوع استجابوا لطلب المدعي و قضوا بإبطال عقد الوعد بالبيع القضاء له بإثبات حق الشفعة في العقار المتنازع عليه ، في حين أن حق الشفعة لا يكون إلا في حالة بيع العقار، فالمادة 794 من ق م تنص على أن الشفعة في بيع العقار، ولم تنص عليها في الوعد بالبيع ".
4 - الأخذ بالشفعة عند توالي البيوع :
لقد نصت المادة 797 من القانون المدني الجزائري على أنه:ًإذا إشترى شخص عقارا تجوز الشفعة فيه ثم باعه قبل أن تعلن أي رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل تسجيل هذه الرغبة طبقا للمادة801 ، فلا يجوز الأخذ بالشفعة، إلا من المشتري الثاني وحسب الشروط التي أشترى بها "، إن هذه المادة تفترض توالي عدة بيوع على نفس العقار، وتحدد في أي بيع منها يجوز للشفيع أن يأخذ فيه بالشفعة، ولتوضيح ذلك نفترض أن البائع قام ببيع عقاره لمشتر ما، ثم قام هذا المشتري ببيع نفس العقار لمشتر ثان ، فهل بأخذ الشفيع بالشفعة، في البيع الأول أم الثاني ؟
أجابت المادة على هذا التساؤل، وقضت الأخذ بالشفعة من المشتري الثاني، إذا لم تعلن الرغبة في الشفعة أو قبل تسجيلها، وهذا حسب الشروط التي اشترى بها، والسبب من وراء أخذ الشفعة في البيع الثاني، أي: من عند المشتري الثاني، هو أن البيع الأول لم يعد قائما بالنسبة للشفيع، وأما البيع الثاني فهو الساري المفعول والقائم في حقه لذا عليه المطالبة بالشفعة في هذا البيع بنفس الشروط، ولذا فإن كان هذا العقار مثلا غير قابل للشفعة لآي سبب منع على الشفيع الأخذ بالشفعة حتى ولو كانت شروط الأخذ بها قائمة في البيع الأول.
5- جواز الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل :
السؤال المطروح في هذه المسألة يتمحور حول مدى جواز الأخذ بالشفعة في البيع غير المسجل أو غير المشهر .
إن المشرع سكت عن هذه المسألة ولم يتعرض لها لذا سنحاول في هذا المجال إستقراء إلى ما ذهب إليه الأستاذ السنهوري، وما أكدته أيضا محكمة النقض المصرية، فقد ذكر أن الشفعة جائزة في بيع العقار غير المسجل طالما أن الشفيع يحل محل المشتري في حقوقه، ومنها التزام في ذمة البائع بنقل الملكية إلى المشتري الذي حل محله الشفيع، إذ يستطيع الشفيع إلزام البائع بتنفيذ هذا الالتزام عينا، بل أن الحكم بثبوت الشفعة للشفيع إذا ما قام بتسجيله، بنقل ملكية العقار المبيع فعلا من البائع إلى الشفيع، وهو ما ذهب إليه الفقه، طالما أن نقل الملكية ليس ركنا في البيع، بل وأن قانون التسجيل لم ينص على بطلان العقد غير المشهر، سيما وأن حق الشفعة ينشأ من يوم البيع ولا يمكن تعليقه على حصول تسجيل العقد فوقت قيام سبب الشفعة هو وقت قيام العقد .
الفرع الثاني : البيوع التي لايجوز الاخذ فيها بالشفعة
أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على تحريم البيع الفاسد إذ لا تثبت عندهم الشفعة، في المشترى شراء فاسدا، لآن هذا العقد يجب نقضه، ورد المبيع إلى ملك بائعه، للتخلص من الفساد، فلا يكون البيع لازما لاحتمال فسخه من كل المتعاقدين، أما في القانون المدني فقد نصت المادة 798 منه على ما يلي :
لا شفعة :
- إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقا لإجراءات رسمها القانون
- وإذا وقع البيع بين الاصول والفروع أو بين الزوجين أوبين الأقارب إلى غاية الدرجة الرابعة، وبين الأصهار لغاية الدرجة الثانية،
- إذا كان العقار قد بيع ليكون محل عبادة أو يلحق بمحل العبادة."
وبتفحص المادة يمكن القول بأن الفقرة الاولى تتحدث صراحة على أنه لا شفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني بإجراءات رسمها القانون ، ومن المعلوم قانونا أن البيع بالمزاد العلني هو البيع الجبري ، الذي يتم بناءا على أمر قضائي ، استنادا إلى طلب الدائنين قصد استيفاء حقوقهم من ثمنه ويتم وفقا لإجراءات رسمها القانون وهو ما يخص الدائنين المرتهنين وأصحاب حقوق الامتياز الخاصة على العقارات والحائزين على سند تنفيذي ، وقد حدد القسم الثاني من الباب السادس من قانون الاجراءات المدنية التدابير والاجراءات التي يتم بمقتضاها بيع العقارات بالمزاد العلني ، نظمتها المواد من 379 إلى 399 منه وعليه :
- البيع بالمزاد العلني لعقار شائع لا يمكن قسمته فلا تجوز الشفعة فيه .
- بيع الدولة لأملاكها الخاصة وفقا للإجراءات المقررة في التشريعات الجاري العمل بها، فهو بيع بالمزاد تلجأ إليه الإدارة في حالات معينة، فلا تجوز الشفعة فيه.
- الحجز الإداري و بيع العقار المحجوز عليه لاستيفاء الضرائب بمختلف أنواعها ، يتم وفقا لإجراءات غالبا ما تقررها التشريعات الجبائية، فهذا البيع لا تجوز فيه الشفعة.
- بيع عقار المفلس و عديم الأهلية والغائب بالمزاد العلني أمام جهة القضاء، فلا شفعة هنا.
- بيع أملاك القاصر العقارية بالمزاد العلني، بعد استئذان القاضي لما نصت عليه المادة 89 من قانون الأسرة، هو بيع لا تجوز الشفعة فيه.
أما قراءة الفقرة الثانية من المادة 798 من القانون المدني، فإننا نجدها تنص على أنه لا شفعة إذا وقع البيع بين الأصول و الفروع أو بين الزوجين أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة أو بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية و من ذلك :
- بيع الزوج لزوجنه أو الزوجة لزوجها ففي مثل هذه البيوع لا يجوز الأخذ بالشفعة
- بيع الشخص المالك لأحد فروعه أو لأحد أصوله فلا تتقيذ القرابة في هذه الحالة بدرجة معينة فإذا قام الأب أو الأم ببيع العقار لأحد أبنائهما أو أحفادهما ، فإن الشفعة لا تجوز، كذلك إذا قام الإبن أوالبنت ببيع عقار لأحد الوالدين أو الجدين فإن الشفعة في هذه الحالة أيضا لا يجوز الأخذ بها.
- بيع الشخص لأحد من أقربائه من الحواشي إلى غاية الدرجة الرابعة كإبن العم مثلا، فإن الشفعة في هذه الحالة لا يجوز الأخذ بها.
- بيع الشخص أملاكه لأحد أصهاره لغاية الدرجة الثانية مثل: الأب ، الزوجة أو لإبن زوجته من زوج أول ، أو لأخ زوجته أو أختها ، فهؤلاء الأشخاص يغلقون باب الشفعة على الشفيع، فلا يخول له إستعمال الشفعة عند حدوث هذا البيع.
أما الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر ، فتقرر أنه لا شفعة إذا كان العقار قد بيع ليكون محل عبادة أو ليلحق بمحل العبادة، فالمنع هنا تمليه إعتبارات دينية قدمها المشرع على مصلحة الشفيع . فإن باع شخص قطعة أرض لبناء مسجد فوقها أو ليلحقها بمسجد لغرض توسيعه، أو إقامة سكن للإمام، أولبناء حمام يضاف للمسجد، أو لإقامة دورة مياه للمسجد، أولبناء جناح صلاة للنساء، ففي كل هذه الحالات لا يمكن للشفيع أن يأخذ بالشفعة، وجدير بالملاحظة أن مثل هذه البيوع لا تشمل محلات العبادة للمسلمين فقط ، بل تتسع لتشمل أيضا الكنائس والمعابد لغير المسلمين.
و ما يمكن قوله حوله حول هذه المادة عموما هو،حظرها للشفعة مطلقا في هذه الحالات السالفة الذكر، فالشفعة بنص هذه المادة حظرت على الشفيع الأخذ بالشفعة ، تارة بالنظر إلى طريقة البيع، كحالة البيع بالمزاد العلني، وتارة إلى نوع العلاقة التي تربط طرفي عقد البيع كحالة القرابة، وتارة أخرى إلى الغرض الذي يقع البيع لأجله وتتجلى هذه الحالة في الفترة الأخيرة .
المطلب الثاني : وجود شفيع
الفرع الأول : من هو الشفيع ؟
لقد سبقت الإشارة إلى أن جمهور الفقهاء أعتبر أن الشفعة تثبت للشريك، أما الحنفية فقد إعتبروا أن الشفعة تثبت للشريك وجار، فهل أن المشرع الجزائري نحى هذا المنحى من خلال نصوص القانون المدني ؟ أم انه أقر غير هذا ؟
- إن المادة 795 من القانون المدني تنص : "يثبت حق الشفعة وذلك مع مراعاة الأحكام التي ينص عليها الأمر المتعلق بالثروة الزراعية :
-لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة .
- للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى الأجنبي.
- لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أوبعضها"
ولطالما أن المادة قد عددت الشفعاء مرتبين فسنستعرضهم هنا بهذا الترتيب الذي يتفاضلون به عند تزاحمهم كما سنرى لاحقا.
1- لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع :
هذه الحالة تكاد تكون نادرة في الحياة العملية، إلا أنه يمكن تحققها، كأن يكون هناك عقار مملوك لشخص معين ورتب عليه حق الانتفاع لشخص أخر، فإذا باع صاحب حق الانتفاع هذا الحق كان لملك العقار الذي أصبح مالكا لحق الرقبة بعد أن رتب حق الإنتفاع لغيره أن يشفع في حق الانتفاع المبيع، فإذا ما أخذ مالك الرقبة هذا الحق بالشفعة ضم بذلك حق الانتفاع لملكيته وعاد كما كان مالكا للعقار ملكية تامة ( ملكية وإنتفاع) وهذا هو الغرض الذي من أجله أعطى المشرع مالك الرقبة الحق في أن يأخذ بالشفعة، حق الانتفاع، وفي هذا الإحتمال لا نرى شفيعا أخر يزاحم مالك الرقبة في أخذ حق الانتفاع بالشفعة
كما يمكننا أن نتصور إحتمالا أخر، كأن يرتب شخص مالك لعقار معين حق إنتفاع لأكثر من شخص في الشيوع، فإذا باع أحدهما حقه المشاع في الإنتفاع لشخص ثالث، كان لمالك الرقبة أن يستعمل حق الشفعة من أجل شراء الحصة المبيعة فيصبح حينئذ مالكا ملكية تامة لنصف الإنتفاع ومالكا لرقبة النصف الآخر، وفي هذه الحالة فإن المالك أسترد النصف الشائع من حق الانتفاع وضمه للرقبة كلها، وهكذا، لأن الشريك الآخر في حق الإنتفاع، لا يستطيع أن يزاحم مالك الرقبة في أخذ الحصة المبيعة في حق الانتفاع بالشفعة، لأن مالك الرقبة يسبق في الترتيب الشريك في الشيوع، المستفيد من حق الانتفاع .
2 - للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي :
يتضح من هذه الفقرة أنه إذا قام أحد الشركاء في الشيوع ببيع حصته المشاعة أو جزء منها إلى شخص أجنبي، يكون الشركاء الآخرين في الشيوع أو أحد منهم أن يأخذ بالشفعة الحصة شائعة المراد بيعها، أو التي تم بيعها، وفي هذا المجال يجب أن تتوفر ثلاثة عوامل وهي :
- وجوب توافر عقار شائع
- قيام أحد الشركاء على الشيوع ببيع حصته المشاعة
- أن يكون البيع لفائدة أجنبي عن العقار قرار رقم 380 202 مؤرخ في 22/11/2000 الغرفة العقارية، القسم الثالث، "غير منشور جاء فيه:" من المقرر قانونا بالمادة 795 من القانون المدني، أن حق الشفعة يثبت الشريك في الشيوع، إذا بيع جزء من العقار لأجنبي، دون الإشارة إلى كون هذا الشريك وارثا أم لا.
- ولما كان ثابتا في قضية الحال أن الطاعن أصبح مالكا على الشيوع مع بقية الورثة المطعون ضدهم ، عندما إشترى مناب أختهما قي كل حقوقها العقارية ، بموجب عقد توثيقي مؤرخ في 29/01/1991 مسجل ومشهر، ومن ثمة فإنه لم يعد أجنبي عن العقار المشاع لما إشترى مرة ثانية كل الحقوق العقارية التي آلت إلى أختهما الثانية بموجب عقد توثيقي مؤرخ في 23/12/1996 ، عملا بأحكام المادة 795 من القانون المدني ، كما ذهب إليه خطأ قضاة المجلس عندما برروا موقفهم بأن الطاعن أجنبي عن الملكية الشائعة ، لأنه ليس وارثا ، وكرسوا للمدعي عليهما الطعن في حق إستعمال الشفعة، وبذلك فقد أخطئوا في تطبيق القانون، مما يتعين نقض قرارهم"
3-لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها :
و يتضح من هذه الفقرة أن صاحب حق الإنتفاع هنا يشفع في الرقبة، ولذلك يأتي في المرتبة الثالثة، وصورة ذلك تتجلى في إقدام مالك الرقبة على البيع إلى أجنبي في حين أنه كان قد رتب حق إنتفاع لفائدة شخص آخر ففي هذه الحالة فإن القانون بخول لصاحب حق الإنتفاع أن يتبع الإجراءات المنظمة للشفعة ، ذلك أنه بإستعماله هذا الحق يكون قد ضم حق الرقبة له و بذلك يستجمع عناصر الملكية التي ذكرناها سالفا ألا و هي السلطة القانونية التي يباشرها المالك على عقاره.
-هذه الصور الثالث السالفة الذكر هي ما أقره القانون المدني الجزائري ، إذ جعل الشفعة تثبت لأصحاب هذه الصور ، لكن السؤال الذي يبقى مطروحا، هو المتعلق بنوع الشروط الواجب توافرها في الشفيع حتى يستحق المطالبة بالشفعة و يصبح شريكا بمفهوم المادة 795 ؟
و يمكن القول في إطار الإجابة على هذا السؤال أن هناك شروطا وجب أن تتوفر في الشفيع حتى يطالب بالشفعة ، تتمثل أساسا في :
أ - أن يكون الشفيع مالكا للعقار المشفوع به من وقت بيع العقار المشفوع فيه، إلى وقت ثبوت حقه في الشفعة ، أي وجب أن يكون مالكا للرقبة أو صاحب حق إنتفاع، وإن كان الشفع بحصة شائعة في عقار مملوك على الشيوع، وجب أن يكون مالكا لهذه الحصة الشائعة، وملكيته سابقة على البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة ، فإن كانت الملكية بموجب عقد بيع، وجب أن يكون تاما ومسجلا وسابقا على البيع المشفوع فيه ، ولابد أن تستمر هذه الملكية حتى وقت ثبوت الشفعة.
ب - ألا يكون الشفيع وقفا فلا شفعة في الوقف شرعا وقانونا.
ج - أن تتوافر في الشفيع الأهلية الواجبة، أي أن يبلغ سن الرشد ولم يحجر عليه، ففي هذه الحالة جاز له أن يستقل بإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة، أما إذا كان قاصرا جاز لوليه أخذ الشفعة عنه.
د - أن يكون الشفيع غير ممنوع من شراء العقار المشفوع فيه، كأن يكون نائبا عن غيره في بيع مال لهذا الغير، أوأن يكون الشفيع من الذين يحضر عليهم شراء الحقوق والأموال المتنازل عليها، كالقضاة والمحامين، وجزاء هذا الحضر هو بطلان البيع لتعلقه بالنظام العام، ومن ثمة فلا شفعة لهم في هذه الأموال العقارية.
ومن خلال ما سبق قوله، يتبين لنا أن المشرع لم يقر الشفعاء كما أقرتهم الشريعة، إذ منح حسب نص المادة 795 من القانون المدني، الشفعة لأشخاص محددين وجعلهم شفعاء، ولكن السؤال المطروح يتعلق بكيفية منح الأولوية في الشفعة عند تزاحم الشفعاء ؟ وللإجابة على هذا السؤال نتطرق إلى النقطة الثانية من هذا المطلب.
الفرع الثاني : تزاحم الشفعاء
قد يتعدد الشفعاء وفي هذه الحالة تثور إشكالية أفضلية من يشفع قبل الآخر وما يلاحظ حول هذه الحالة، هو الإتفاق الحاصل بين فقهاء الشريعة الإسلامية، وما أقره القانون المدني إذ نجد نص المادة 796 قد بينت حكم تزاحم الشفعاء و فرقت بين ثلاث حالات :
الحالة الأولى : تزاحم الشفعاء من طبقة واحدة
نصت المادة 796 الفقرة 01 على أنه إذا كان الشفعاء من طبقة واحدة، إستحق كل منهم الشفعة بقدر نصيبه ، و على ذلك إذا تعدد الشفعاء و كانوا من الطبقة الأولى، أي: ملاك رقبة، فإنهم يقتسمون حق الإنتفاع متى شفعوا فيه، و هذا بقدر نصيب كل منهم في ملكية الرقبة، و في حالة ما إذا طلب الشفعة واحد فقط و لم يطالب باقي الشفعاء بها أو أسقطوها، جاز للشفيع المطالب أن يأخد الشفعة في كل العقار، غير أنه من الضروري التأكيد على أن أي شفيع متى طلب كل الشفعاء الشفعة فالقسمة هي التي تكون حسب نصيب كل منه في ملكية الرقبة. و يضاف إلى هذا أنه متى كان الشفعاء من الطبقة الثانية، وهم شركاء في الشيوع، فإنهم يقتسمون حق الإنتفاع، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء عدا الحنفية وأضافوا أن الأخص يفضل و يقدم على الأعم ، فالأخص في الشركة يقدم على الأعم .
الحالة الثانية : تزاحم الشفعاء و هم من طبقات مختلفة
القاعدة في الفقه الإسلامي عند الفقهاء الأربعة هي:"الأخص يقدم و يفضل على الأعم."ومثالهم المشارك في حائط الدار كالمشارك فيها، أما صاحب الأخشاب الممددة على الحائط الخاص بالجار فهو جار وليس شريك، ومن ثمة فلا شفعة له ومثالهم الخالص إلى أحقية الشريك في المبيع في الأخذ بالشفعة على الشريك في حق الإرتفاق.
أما المادة 795 فقد جعلت من الشفعاء ثلاث طبقات ، مالك الرقبة ، الشريك في الشيوع وصاحب حق الإنتفاع، فإن تزاحموا وكانوا من طبقات مختلفة ، فإنهم يعلو بعضهم على بعض، فالأعلى أولى من الأدن،ى ومثال ذلك :
لو أن عقارا رتب عليه شخصان حق إنتفاع، فإن أراد أحدهما بيعه، أي بيع حق إنتفاعه، كان الأحق بالشفعة في هذه الحالة هو مالك الرقبة متى طلبها، لأنه يقدم على الشخص الأخر، الشريك على الشيوع في حق الإنتفاع .
الحالة الثالثة : حالة تزاحم الشفعاء مع المشتري و هو شفيع مثلهم.
هذه الحالة لم يتطرق لها فقهاء الشريعة الإسلامية. وبالرجوع الى المثال السابق في الحالة الثانية فالمشتري يعد من الغير، لذا فلا يجوز لهذا الغير أو صاحب حق الإنتفاع أخذ الشفعة لأن مالك الرقبة هو نفسه يعد شفيعا و هو من الطبقة الأولى، ويفضل عليهما، فيأخذ وحده بالشفعة دونهما، أما لوكان المشتري هو شفيع بدوره، فإن الأمر يختلف حيث أنه إنطلاقا من المادة 796 /2 من القانون المدني نجد أنه بتوافر الشروط التي تجعل من المشتري شفيعا، فإنه يفضل على الشفعاء من طبقته ومن الطبقة الأدنى منه، لكن يتقدمه من هو أعلى منه طبقة.
المبحث الثاني : كيفية الأخذ بالشفعة
من الثابت شرعا وقانونا أن الشفعة تؤخذ بالتراضي أو بالتقاضي، ومفاد أخذها بالتراضي هو تنازل المشتري عن العقار المشفوع فيه لصالح الشفيع دون الحاجة إلى إتخاذ إجراءات قضائية ودون نزاع يذكر، ويحل بذلك الشفيع محل المشتري، ويصبح متمتعا بحقوق المشتري وتقع عليه إلتزاماته، ويصح التسليم في أي وقت، ومتى سلمت يبرم عقد البيع و يشرع في مباشرة الإجراءات الناقلة لملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع، غير أنه قد يثور نزاع بينهما حول أحقية كل منهما في تملك العقار، وفي هذه الحالة كان اللجوء إلى القضاء حتمية لا مفر منها.
وجدير بالذكر أن الشفعة مؤسسة على الإجراءات ، لذا سنحاول من خلال هذا المبحث التطرق إلى معرفة إجراءات الشفعة، وسنستطلع رأي الشرع وما ذهب إليه المشرع الجزائري في هذا المجال، كما يجدر بنا أن نتطرق كذلك إلى دعوى الشفعة والحكم الفاصل فيها، لنقارن بين الشريعة والقانون المدني في هذا الشأن ونتبين هل أن الشريعة إهتمت بالإجراءات والشكليات أم أنها أهتمت بإحقاق العدل وحسب ؟
المطلب الأول : إجراءات الشفعة
إن الشفعة مِؤسسة على الإجراءات بصورة جلية، و قد نص القانون على وجوب إتخاذ جملة من الإجراءات الأولية، قبل اللجوء الى القضاء، وهذا ما أقرته أيضا الشريعة الإسلامية، فكان مفروضا على القاضي في كل من الشريعة والقانون أن يناقش هذه الإجراءات ويبحثها. فما هي هذه الإجراءات؟ وكيف نظمتها الشريعة و القانون المدني ؟
الفرع الأول : إعلان الرغبة في الشفعة
لقد إهتمت الشريعة الإسلامية بإعلان الرغبة في الشفعة و اعتبرته إجراءا مهما ، رتبت عليه السقوط في حالة عدم المطالبة به. وهذا ما أقره المشرع من خلال القانون المدني، غير أنه جعل الإعلان مرتبطا بوجوب توجيه إنذار إلى الشفيع من قبل البائع أو المشتري، لذا سنحاول معرفة فحوى هذا الإنذار ثم نتطرق إلى الإعلان.
1 - الإنذار:
لم تهتم الشريعة بهذا الإنذار، و لم تعرفه على عكس المشرع الذي نص على وجوبه، فقد ألزم كلا من البائع و المشتري على إتخاذ هذا الإجراء الذي من شأنه أن يثير إهتمام الشفيع ويحفزه على إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة و في ميعاد معين ومحدد قانونا فبمجرد إبرام عقد البيع، يجب على طرفيه -البائع و المشتري- توجيه إنذار للشفيع بوقوع البيع على العقار المشفوع فيه حتى يتدبر أمره، فإن أراد الأخذ بالشفعة أعلن رغبته في ذلك وإن لم يرد لم يعلن، مع الإشارة إلى أنه في حالة تعدد الشفعاء وجب توجيه الإنذار إلى كل واحد منهم.
والملاحظ أن القانون المدني لم يحدد شكلا معينا للإنذار الذي يوجه للشفيع، فبإستقراء نص المادة 799 من القانون المدني لا نجدها تنص على شكلية محددة ، إذ جاءت على النحو التالي:"على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع المشتري في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإنذار الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري، وإلا سقط حقه أو يزاد على ذلك أجل مدة المسافة إن اقتضى الأمر ذلك."
وبالرجوع إلى نص المادة 800 من القانون المدني التي تنص:" يجب أن يشمل إنذار المنصوص عليه في المادة 795 على البيانات التالية وإلا كان باطلا:
- بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بيانا كافيا
- بيان الثمن والمصاريف الرسمية وشروط البيع وإسم كل من البائع والمشتري ولقبه ومهنته وموطنه والآجل الذي قدره ثلاثين يوما للإعلان المنصوص عليه في المادة 799."
فهذه المادة، لم تحدد أيضا شكلية معينة للإنذار، وإنما حددت البيانات الواجب ذكرها فيه تحت طائلة البطلان، لذا فإن فكرة الإنذار الشفوي مستبعدة، وعليه وجب أن يكون هذا الإنذار مكتوبا ورسميا يتم على يد محضر قضائي، فالإنذار الشفوي أو الموجه بالبريد غير كافي، لأننا بصدد بيع عقار، لذا وجب إضفاء الطابع الرسمي على هذا الإنذار، والذي يتولى ذلك هو الضابط العمومي المكرس في شخص المحضر القضائي ومتضمنا البيانات التالية :
أ - بيان العقار المشفوع فيه بيانا كافيا :
والغرض من هذا البيان أن يتعرف الشفيع على العقار بصورة كافية نافية للجهالة ولقاضي الموضوع مسألة تقدير كافية بيان العقار من غيره،وهذا في حالة وقوع نزاع حول الكفاية من عدمها.
ويكون بيان العقار بتعيين موقعه، وحدوده، ومساحته،معالمه، طبيعته والأملاك العقارية التابع لها.
ب - بيان الثمن والمصاريف الرسمية
وشروط البيع وأسم كل من البائع والمشتري ولقبه ومهنته وموطنه ويقصد بهذا وجوب بيان الثمن الذي بيع به العقار أو الثمن المصرح به في طلب العقد إضافة إلى المصاريف التي يتطلبها تحرير عقد البيع المضافة إلى الثمن، ونعني بهذا حقوق التسجيل ومصاريف الشهر العقاري وأتعاب الموثق والطوابع والرسم على القيمة المضافة وغيرها من المصاريف الواجبة الأداء، التي يتلقاها الموثق عند إمضاء عقد البيع .
ج - ذكر أجل ثلاثين يوما في الإنذار:
وهذه المدة هي الأجل الذي حدده المشرع للأخذ بالشفعة، إبتداءا من تاريخ هذا الإنذار.
وقد استقر قضاء المحكمة العليا على أن عدم توجيه الإنذار للشفيع يجعل حقه في المطالبة بالشفعة قائما وقد أكدت الغرفة المدنية بالمحكمة العليا هذا في قرارها الصادر بتاريخ 30/04/1984 في الملف رقم 64331 المنشور في المجلة القضائية العدد الثاني لسنة 1991 الصفحة 28 والذي جاء نصه كمايلي:"المادة 799 من المقرر قانونا أنه على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري في أجل 30 يوما من تاريخ الإنذار الذي يوجهه إليه البائع أوالمشتري وإلا سقط حقه، ومن ثمة فإن القضاء بما يخالف ذلك يعد خرقا للقانون.
ولما كان من ثابت في قضية الحال، أن كلا من البائع والمشتري لم يوجها إنذارا إلى الطاعن مما جعل حقه في الشفعة يظل قائما، ومن ثمة فإن قضاة الموضوع برفضهم دعوى الطاعن، الرامية إلى ممارسة حقه في الشفعة، يكونون قد اخطئوا في تطبيق القانون وكذا القرار الصادر بتاريخ 02/01/1985 تحت رقم 33030 إذ جاء فيه : وإذا لم يثبت أن البائع قد وجه الإنذار المنصوص عليه قانونا لإكساب أجل الشهر الواجب إعلان الرغبة في الشفعة خلاله فإن فوات الآجل بعد الإنذار الموجه من البائع أوالمشتري للراغب في الشفعة ، والمستكمل للشروط هو المسقط للحق في الشفعة لا غير"
2 - إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة :
إتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الشفعة حق ضعيف ، لذا فلا يمكن التملك بها مالم يبادر الشفيع إلى المطالبة بها، حتى يحكم له بالأحقية في أخذها، وأكد القانون المدني هذا المعنى، إذ جعل إعلان الشفيع لرغبته في الأخذ بالشفعة إجراءا جوهريا وجب المبادرة بإتخاذه قبل رفع دعوى الشفعة والسؤال الذي يطرح نفسه، هو وقت وجوب إعلان الرغبة والجزاء المترتب عن عدم القيام بهذا الإعلان ؟ وهل يجوز للقاصر أن يطالب بالشفعة ؟ و للإجابة على هذا السؤال، سنتطرق إلى وقت وجوب إعلان الرغبة ، ثم الجزاء المترتب عن عدم القيام بهذا الإجراء حسب رأي المشرع والقانون وأخيرا نظرتهما لمطالبة القاصر بالشفعة .
أ- وقت وجوب الإعلان عن الرغبة في الأخذ بالشفعة :
لقد إختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في تحديد الوقت الواجب إعلان الرغبة فيه ، إذ نجد أن جمهور الفقهاء المشكل من الأئمة : الشافعي ، أبو حنيفة ، إبن حنبل قد اشترطوا المبادرة في المطالبة بالشفعة، أي على الفور معتمدين على الحديث الشريف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم( ):"الشفعة كحل العقال". و لذلك فقد أقروا بأن طلب الشفعة يكون على الفور، و هذا بمجرد علم الشفيع بالبيع ، لأنها حق ثبت لدفع الضرر ، فإذا علم الشفيع بالبيع فليبادر على العادة ، فلو كان الشفيع في الصلاة أو في الحمام أو حالة قضاء الحاجة لم يكلف قطع ماهو فيه، وإنما له تأخير إلى الفراغ، وأضافوا أنه في حال مرض الشفيع أو غيبته عن بلد المشتري أوخوفه من عدو ، فوجب عليه أن يوكل وكيلا عنه ، فإن لم يستطع فليشهد شاهدين عدلين، أورجل وامرأتان، ثم له بعد ذلك أن يخاصم المشتري، ولو بعد أيام أو شهور أو سنين و مناط كل ما سبق هو أن ثبوت الشفعة على التراخي ربما يضر بالمشتري لعدم إستقرار ملكه.
أما رأي الإمام مالك فهو مخالف للجمهور، في إشتراط الفورية في طلب الشفعة، فلو سكت الشفيع بلا مانع سنة كاملة، بعد عقد البيع فما دونها ، أو غاب و عاد في أثناء السنة، ثم طلب الشفعة أخذها لأن السكوت عند الإمام ملك لا يبطل حق إمرئ مسلم ما لم يظهر من قرائن الأحوال لا
يدل على إسقاطه و خلاصة رأي الإمام ملك أن طلب الشفيع للشفعة أو إعلان رغبته في أخذها يكون على التراخي لمدة سنة.
و بإستقراء نص المادة 799 من القانون المدني ، نجدها تحدد أجل 30 يوما للشفيع لإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة و هذا من تاريخ الإنذار الذي يوجه إليه من البائع أو المشتري بعد إبرام عقد البيع، و يزاد على هذا الأجل مدة المسافة إن اقتضى الأمر ذلك .
وأول ملاحظة تـثار حول هذه المادة هي تحديدها لأجل قصير، أي: أنها نحت منحى جمهور الفقهاء في إعتماد وإشتراط الفورية في إعلان الشفيع لرغبته في المطالبة بالشفعة
أما الملاحظة الثانية، فهي حسم المشرع لما يمكن أن يثار من منازعات حول واقعة العلم بالبيع، لذا جعل الميعاد بادئ السريان من تاريخ توجيه الإنذار المكتوب والمحرر في عقد رسمي والذي يوجهه البائع أو المشتري إلى الشفيع .
كما أنه بإستقرار الفقرة الأولى من المادة 801 من القانون المدني و التي تنص على:" يجب أن يكون التصريح بالرغبة في الشفعة بعقد رسمي يعلن عن طريق كتابة الضبط، وإلا كان هذا التصريح باطلا ولا يحتج بالتصريح ضد الغير إلا إذا كان مسجلا". و ما يمكن قوله ، أن التصريح الذي يتقدم به الشفيع ليعبر بموجبه عن رغبته في أخذ العقار المشفوع فيه بالشفعة، يجب أن يكون بعقد رسمي، أي أن يتولى تحريره موثق مؤهل قانونا، ويؤكد الشفيع في طلب هذا التصريح أنه يرغب في شراء العقار المبيع طبقا للبيانات الواردة في الإنذار الذي وجه له من قبل البائع أوالمشتري كما يجب أن يعلن هذا العقد المتضمن الرغبة في الشفعة بغية الحلول محل المشتري عن طريق كاتبة الضبط بالمحكمة ( ). وقد إستقر رأي المحكمة العليا على هذا في قرارها المؤرخ في 17/10/1982 إذ جاء فيه:"على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته إلى كل من البائع و المشتري في أجل 30 يوما من تاريخ الإنذار الذي يوجهه إليه البائع أوالمشتري وإلا سقط حقه ويكون التصريح بالرغبة بعقد رسمي، يعلن عن طريق كتابة الضبط".
و يترتب عن عدم الإعلان عن طريق كتابة الضبط البطلان الإجرائي و يكون إعلان الرغبة من قبل الشفيع إلى كل من البائع و المشتري طبقا للنص المادة 799 من القانون المدني. وما تجدر الإشارة إليه هو حالة تعدد الشفعاء ، ففي هذه الحالة وجب على كل واحد منهم أن يعلن رغبته إلى البائع والمشتري في أجل 30 يوما من تاريخ الإنذار الموجه إليهم، ويجب أن يتم الإعلان بموجب عقد رسمي و عن طريق كتابة الضبط.
و نجد أن الفقرة الأولى من المادة السالفة الذكر إعتبرت أنه لا يمكن الإحتجاج بهذا التصريح في مواجهة الغير إلا إذا كان مسجلا، والمقصود بهذا التسجيل هو الشهر العقاري ، و هذا ما جاء بموجب القرار الصادر عن محكمة العليا بتاريخ 24/12/1991 ملف رقم 75678 إذ نص على أنه( ):" إذا كان مؤدى المادة 801 من القانون المدني، أنها تشترط لصحة إجراءات طلب الشفعة وجوب تسجيل عقد طلب الشفعة و إشهاره ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون غير سليم، ويستوجب رفضه، ولما كان من الثابت في قضية الحال أن قضاة الموضوع برفضهم دعوى الشفعة المقامة من الطاعنين لعدم إحترام إجراءات الشفعة طبقوا صحيح القانون "
ويستخلص من هذا أن تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ليس إجراءا ضروريا من إجراءات الشفعة ، وإنما هو طريق لجعل هذا الإعلان حجة على الغير، لأنه في هذه الحالة يعرض الشفيع نفسه لخطر تصرف المشتري في العقار المشفوع فيه، ويصبح هذا التصرف نافذا في حق الشفيع مادام قد صدر قبل تسجيل إعلان الرغبة، حتى لو صدر بعد ذلك، حكم يقضي بثبوت الشفعة لفائدة الشفيع ، ومن ثمة فيجدر به أن يبادر إلى تسجيل هذا الإعلان وقيده في مكتب الشهر العقاري، حتى يأمن من تصرفات المشتري، وتصبح غير نافذة في حقه، فالتسجيل هنا شرع لحماية مصلحة الشفيع، ولذا فليس هناك ميعاد محدد للتسجيل، لكن كلما تأخر الشفيع كلما عرض نفسه لخطر تصرفات المشتري، كما أسلفنا الذكر .
من خلال كل ما سبق ذكره، نلاحظ أن المشرع وافق جمهور الفقهاء في وجوب فورية إعلان الرغبة ، ولهذا حدد أجل الثلاثين يوما ، والذي يعد أجلا قصيرا لإعلان الشفيع وتصريحه برغبته في طلب الشفعة.
ب - جزاء التأخر في المطالبة بالشفعة :
أعتبر جمهور الفقهاء ـ عدا مالك ـ التأخر في طلب الشفعة، وعدم المبادرة والفورية في الطلب تراخيا، ينجم عنه سقوط حق الشفيع في الشفعة، غير أنه في حالة وجود مانع، فيستمر الأجل إلى غاية زوال المانع، وبزواله وعدم المبادرة في الإعلان بالرغبة، تكون نتيجة ذلك السقوط أيضا
أما الإمام مالك، فاعتبر فوات أجل السنة دون إعلان الرغبة و دون وجود مانع، سببا في سقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة
أما المشرع، فنجده قد رتب جزاءا عن ترك ميعاد الثلاثين يوما يمر دون إعلان الرغبة، و هو سقوط حق الشفيع في الشفعة، وهذا بنص المادة 799 من القانون المدني.
أما المادة 801 فقد رتبت البطلان على الإعلان الذي يكون محررا في عقد رسمي، ولا يعلن عن طريق كتابة الضبط، وهو بطلان إجرائي لم تعرفه الشريعة الإسلامية ولم تقره.
ج – مطالبة القاصر بالشفعة :
إتفق فقهاء المذاهب على أن الصغير له حق المطالبة بالشفعة، ويطلبها وليه، وكذا الحال لبقية المحجور عليهم ، و هذا مراعاة لمصالحهم ، فإذا أخذ الولي بالشفعة، لم يملك الصغير نقضها بعد البلوغ بإتفاق المذاهب الأربعة .
وذهب رأي الجمهور،كمالك وأبوحنيفة و الشافعي، بأن الولي إذا لم يطلب حق الشفعة للصغير، فلا يجوز له طلبها عند البلوغ، لأن الولي فعل ما كان صالحا للصغير غير أن الإمام إبن حنبل، رأى غير هذا، وأقر بأن للصغير حق طلب الشفعة بعد البلوغ، إذا لم يطلبها وليه وسواء كانت فيها مصلحته بعد أوقبل بلوغه، لأن المستحق للشفعة يملك الأخذ بها، سواء كان له فيها الحظ أم لم يكن، فهي حق ثابت للصغير، لا يمكن للولي إبطاله، كالغائب إذا ترك وكيله الأخذ بالشفعة لم تسقط .
أما في القانون المدني ، فلم يرد ذكر هذه الحالة ، غير أن التساؤل المطروح ، هل أن الشفيع إذا كان قاصرا ، جاز لوليه أن يطالب بالشفعة و يعلن رغبته بدلا عنه دون أن يستأذن القاضي في ذلك؟
وجوابا على ذلك ، إذا تأملنا المادة 88 من قانون الأسرة ، وأخذنا بمفهوم المخالفة، فنجد أن الحالات التي يستوجب فيها طلب الإذن من القاضي وردت على سبيل الحصر، أضف إلى ذلك أن الشفعة تزيد من الذمة المالية للقاصر فهو إثراء و ليس إفتقار مع مراعاة أن الأب أو الأم أحرص الناس على مصلحة الإبن القاصر.
و يرى الأستاذ : السنهوري أن القاصر أو المحجوز عليه ، لوليه أو وصيه طلب أو إعلان الرغبة في الشفعة بدلا عنه بإذن أو دون إذن المحكمة لأنه عمل من أعمال الإثراء لا الإفتقار و نحن نميل إلى هذا الرأي لما فيه من منطق ورجاحة فكر.
و تجدر الإشارة كذلك، إلى أن الوكيل، لا يجوز له إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة نيابة عن الشفيع الموكل متى كانت حاملا لوكالة عامة، لا تجيز له صراحة هذا الإعلان، ولما كانت الوكالة العامة تقتصر على بعض أعمال الإدارة، وجب على الموكل حتى يتسنى له إعلان الرغبة أن يحصل على وكالة خاصة من الموكل. الشفيع، و يجب أن تتوفر في هذه الوكالة الأشكال المحددة قانونا، حسب نص المادة 572 من القانون المدني .
الفرع الثاني : إيداع الثمن لدى الموثق :
أتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الشفيع يأخذ المبيع بالثمن أو العوض الذي ملك به، أويمثل الثمن الذي تملك به المشتري ، لا يمثل المبيع الذي يملكه المشتري لأن الشرع أثبت للشفيع ولاية التملك على المشتري بمثل ما يملك به قدرا و جنسا ، لحديث جابر :" فهو أحق به بالثمن" كما يلزم الشفيع بما أنفقه المشتري كأجرة سمسار و كاتب و رسوم ، غير أن الفقهاء إختلفوا في الإجابة عن السؤال الذي يتمحور حول مدى توقف القضاء بالشفعة على دفع الشفيع للثمن ؟
فذهب كل من الإمام الشافعي و إبن حنبل و مالك و أبو حنيفة في ظاهر الرواية إلى أنه لا يشترط في التملك بالشفعة حكم الحاكم ، و لا إحضار الثمن و لا حضور المشتري و لا يتوقف صدور الحكم القضائي بالشفعة على إحضار الشفيع الثمن إلى مجلس القضاء، لأن حقه ثبت بمجرد البيع لأجنبي دفعا لضرر عنه، فصار كما لو صدر الشراء له من البائع من أول الأمر، أو لأن الشفيع يصير متملكا المشفوع فيه بمقتضى القضاء بالشفعة، فكأنه إشتراه من البائع، والتملك بالشراء لا يتوقف على إحضار الثمن كالشراء أو البيع المبتدأ بجامع أنه تملك بعوض.
غير أن فقهاء المذهب المالكي قالوا:" إن قال الشفيع: أنا آخذ بالشفعة، منح له ثلاثة أيام لإحضار الثمن، فإن أتى به فبها، وإلا سقطت شفعته" .
وقال محمد بن الحسن : لايقضي القاضي بالشفعة حتى يحضر الشفيع الثمن، دفعا للضرر عن المشتري، لان الشفيع قد يكون مفلسا فيتوقف القضاء على إحضار الثمن ، ويؤجله القاضي ليومين أو ثلاثة تمكينا له من نقد الثمن، إذ لا يصح دفع الضرر عن الشفيع بإضرار غيره، لكن ما يخشاه محمد بن الحسن من هذا المحذور ، يمكن دفعه كما يقول أبو حنيفة وأبو يوسف بأن للمشتري حبس العين في يده، حتى يدفع الشفيع الثمن
لذا فرأي بعض الفقهاء بوجوب إيداع الشفيع للثمن لدى القضاء قبل الحكم له بالشفعة، ما هو إلا احتياط لأجل دفع الضرر عن المشتري.
أما الملاحظ في القانون المدني ووفقا لما جاء به نص المادة 820/2 التي تنص صراحة على أنه:" يجب إيداع ثمن البيع والمصاريف بين يدي الموثق خلال الثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ التصريح بالرغبة في الشفعة بشرط أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة ، فإن لم يتم الإيداع في هذا الأجل على الوجه المتقدم سقط الحق في الشفعة "
إذن، بعد إنتهاء الإجراء الأول من إجراءات الشفعة والمتمثل في إعلان الرغبة ، في الأخذ بالشفعة يأتي الإجراء الثاني وهو إيداع الثمن لدى الموثق والذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة السالفة الذكر والتي نخلص بعد تصفحها إلى الملاحظات التالية :
1- وجوب إيداع ثمن البيع والمصاريف بين يدي الموثق
الكائن مقره بدائرة وجود العقار المشفوع فيه والمقصود بالثمن هو ثمن العقار ، أما المصاريف، فهي التي يقتضيها تحرير العقد، كالرسوم وحقوق التسجيل ، إضافة إلى المصاريف التي يقتضيها تحرير العقد في حساب الزبائن التابع لمكتب التوثيق بالخزينة العمومية، أي: أن كل هذا يتم بمعية موثق.
هذا وقد لا يذكر في العقد الثمن الحقيقي للبيع ، ويذكر بدله له ثمن صوري تهربا من دفع الرسوم وبذلك يكون الثمن المعبر به في صلب العقد ، لايعبر عن القيمة الحقيقية للعقار المبيع ، فمبدئيا الشفيع يأخذ بالظاهر إلى أن يثبت العكس ، وحينها يرجع المشتري على البائع للمطالبة بالمبالغ التي لجأ إلى إخفائها لكن قد يقع أحيانا أن يكون الثمن المذكور في العقد مبالغ فيه بقصد إرهاق الشفيع ، هنا يقع عبء إثبات ذلك على الشفيع، فإذا مأثبت أن المبلغ الذي أودعه لايقل عن الثمن الحقيقي للعقار وكان أكبر منه ، فإن الإيداع يكون صحيحا حتى ولو كان أقل من الثمن المذكور في العقد، وله أن يسترد الفارق.
2- وجوب إيداع ثمن البيع والمصاريف بين يدي موثق خلال ثلاثين يوما
من تاريخ التصريح بالرغبة في الأخذ بالشفعة ، وذكرنا سابقا أن هذا التصريح يكون مجسدا في عقد رسمي، ويعلن إلى كل من البائع والمشتري عن طريق كتابة الضبط بالمحكمة الواقع بدائرتها العقار المشفوع فيه، ونلاحظ أن المادة 801/2 ذكرت أنه يجب الإيداع خلال ثلاثين يوما من تاريخ التصريح بالرغبة ، عكس ما ذهبت إليه المادة 942/2 من القانون المدني المصري والتي تحدد ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان عن التصريح بالرغبة لذلك فهي أكثر وضوحا، لأنها بذلك وحسب رأي الأستاذ السنهوري ، فإن الميعاد في الإيداع يبدأ حسابه خلال ثلاثين يوما من تاريخ وصول الإعلان في الرغبة إلى البائع والمشتري ، وبذلك فلا يحسب يوم وصول الإعلان ، ويبدأ الميعاد في اليوم الموالي له ، وينقضي بانقضاء ثلاثين يوما إبتداءا من هذا اليوم ، فإن صادف يوم عطلة إمتد الميعاد إلى اليوم الذي يلي أول أيام انتهاء العطلة ، وقد يصل إعلان الشفيع إلى البائع والمشتري في يومين مختلفين ، فتكون العبرة في بدء حساب الميعاد باليوم الأخير لوصول الإعلان إلى أحدهما لا إلى الأول.
أما القانون المدني الجزائري في مادته 801/2 ، فإنه يثير إشكالا في تحديد تاريخ بدء حساب الميعاد، حين أقر أنه يكون الإيداع خلال ثلاثين يوما من تاريخ التصريح بالرغبة، فهل هذا التاريخ هو تاريخ تحرير عقد التصريح بالرغبة لدى الموثق بعد أن يتحصل على الإنذار؟ أم هو تاريخ تسجيل العقد المتضمن التصريح بالرغبة لإعطائه تاريخا ثابتا ؟ أم من تاريخ إشهار عقد التصريح بالرغبة في مصلحة الشهر العقاري ؟ يرى الأستاذ لعروم مصطفى أن التاريخ المعني، هو تاريخ الشهر العقاري المتعلق بعقد التصريح بالرغبة ، لأن هذا الشهر يحفظ حقوق الشفيع من تصرفات المشتري التي قد ترد على هذا العقار، غير أن المحكمة العليا إعتبرت أن التاريخ يبدأ سريانه من يوم إعلان الرغبة وذلك في قرارها الصادر عن الغرفة الشخصية بتاريخ 19 نوفمبر 1984 في الملف رقم 34.331 إذ أقرت:"متى كان من المقرر قانونا أنه يجب أن ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري معا أمام المحكمة الواقعة في دائرتها العقار، وذلك في أجل ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة." وقرارها الصادر بتاريخ 10/01/1995 تحت رقم: 130.337 إذا جاء فيه:"من المقرر قانونا أن التصريح بالرغبة في الشفعة ، يجب أن يتم بعقد رسمي يعلن عنه عن طريق كتابة الضبط وإلا كان هذا التصريح باطلا.
كما لا يحتج به ضد الغير ، إلا إذا كان مسجلا، ويجب أن يتم إيداع ثمن البيع خلال 30 يوما على الأكثر من تاريخ التصريح بالرغبة في الشفعة بشرط أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة وإلا سقط الحق فيها.
ولما ثبت -في قضية الحال- أن الإجراء الخاص بإيداع ثمن البيع والمصاريف، لم يتم في الأجل على الوجه المذكور أعلاه ، فإن تمسك المطعون ضده بحق الشفعة جاء في غير محله وينجر عنه نقض القرار القاضي بإثبات حقه فيها."
وبهذا فإن الإيداع يكون خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة. والعبرة بمدة ثلاثين يوما من تاريخ التصريح فهي فسح المجال للشفيع ليتدبر أمره ويتكفل بجمع المبلغ الذي يتضمن ثمن البيع والمصاريف التي يقتضيها عقد البيع.
وقد أعتبر المشرع هذه المدة من النظام العام ، فإذا لم تحترم تفقد صاحبها الحق في طلب الشفعة، بمعنى أن هذا المبدأ، يعد من الأشكال الجوهرية في الإجراءات ، يجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه ، وهذا ما أشار إليه القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية بالمحكمة العليا بتاريخ 19 نوفمبر 1984 في الملف رقم 34.331 والقاضي بما يلي :
"متى كان من المقرر قانونا أنه يجب أن ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري معا أمام المحكمة الواقعة في دائرتها العقار ، وذلك في أجل ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة ، ومن المقرر كذلك أن أحكام هذا المبدأ تعد من الأشكال الجوهرية في الإجراءات ومن النظام العام وتطبق تلقائيا، ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمباشرة الطاعن بمخالفة أحكام المادة 799 من القانون المدني غير مؤسس ويستوجب رده.
ولما كان ثابتا أن الطاعنين، لم يعلنوا رغبتهم في الشفعة خلال الأجل المحدد قانونا رغم علمهم بالبيع الواقع، وكان ثابتا انهم لم يرفعوا دعواتهم على البائع والمشتري معا واكتفوا برفعها على البائع فقط، لذا فإن قضاة الإستئناف بمصادقتهم على الحكم القاضي برفض طلب حقوق الطاعنين بوجه الشفعة التزموا صحيح القانون.
3 - وجب أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة،
أي أن الشفيع عقب رفع دعوى الشفعة يتعين عليه أن يستظهر الوثائق الثبوتية التي تؤكد أن الشفيع قد قام فعلا بإيداع الثمن والمصاريف، ويتضح بذلك من الوصل الذي يسلم له من قبل الموثق ويؤكد بمقتضاه أن الشفيع قد دفع فأودع الثمن في الخزينة العمومية وهذا الوصل يعتبر سندا أساسيا في رفع دعوى الشفعة، مضافا له عقد التصريح بالرغبة في الشفعة.
وخلاصة القول أن المشرع أعتبر أن إيداع الثمن لدى الموثق يعد إجراءا جوهريا قبل رفع دعوى الشفعة، وهو ما لم يقره فقهاء الشريعة الإسلامية عموما.
المطلب الثاني : دعوى الشفعة
بعدما تطرقنا في المطلب الأول إلى الإجراءات الواجب اتخاذها قبل رفع الدعوى، ورأينا أنها إجراءات جوهرية وأولية قبل اللجوء إلى رفع الدعوى لاستصدار حكم نهائي يقضي بثبوت الشفعة لفائدة الشفيع، سنحاول من خلال هذا المطلب أن نتطرق إلى الإجراءات الشكلية الواجبة في رفع الدعوى، فتطرق في فرع أول إلى المسائل التالية : الخصوم في دعوى الشفعة، المحكمة المختصة بنظر هذه الدعوى وميعاد رفعها، أما الفرع الثاني فسنخصصه للحكم الصادر في دعوى الشفعة، وكل هذا على ضوء الشريعة والقانون المدني.
الفرع الأول : رفع الدعوى
أقرت الشريعة الإسلامية حق الشفيع في اللجوء إلى القضاء بصفته مدعيا للطالبة بحقه في تثبيت الشفعة ومخاصمة المشتري في ذلك ، غير أنها لم تهتم بالشكليات كما إهتم بها القانون الوضعي وبتصفح القانون المدني نجد المادة 802 تنص على أنه:" يجب رفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري أمام المحكمة الواقع في دائرتها العقار في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة 801 وإلا سقط حقه." ولمحاولة معالجة إجراءات الدعوى نحاول الإجابة على الأسئلة التالية: من يرفع الدعوى؟ وعلى من ترفع؟ ماهي المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة؟ وهل هناك ميعاد محدد قانونا لرفع الدعوى؟
أ - من يرفع دعوى الشفعة :
إن الشفيع هو المخول لرفع دعوى الشفعة وطلب الأخذ بالشفعة عمل من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة، لذلك يشترط في الشفيع توافر الأهلية الواجبة للقيام بهذا العمل، أي أن يكون الشفيع كامل الأهلية بالغا سن الرشد على الأقل وغير محجور عليه، كما له أن يوكل في رفع الدعوى غيره، بشرط أن تكون الوكالة خاصة( )، لأن الوكالة العامة تقتصر على أعمال الإدارة دون أعمال التصرف.
وفي حالة كون الشفيع قاصرا أو محجورا عليه، فوليه أو وصيه هو الذي يرفع دعوى الشفعة بإذن المحكمة أو بدون إذن.
وفي هذا المجال، نجد أن الشريعة الإسلامية قد تبنت نفس القواعد في اعتبار الشفيع مدعيا في دعوى الشفعة.
ب - على من ترفع الدعوى :
ترفع الدعوى على البائع والمشتري معا ، فالشفيع مجبر على مخاصمة كل من البائع والمشتري في دعوى الشفعة ، لأن الشفيع سيحل محل المشتري في أخذ العقار بالشفعة، وعدم رفع الدعوى من قبل الشفيع ضد البائع والمشتري معا يجعل من الدعوى مرفوضة شكلا لبطلان الإجراءات.
أما الشريعة الإسلامية فنلاحظ، أن الخصم الشفيع هو المشتري مطلقا، سواء تسلم المبيع أم لا لأنه مالك، والبائع قبل التسليم لقيام حيازته، وبذلك يلاحظ الخلاف القائم بين الشريعة والقانون المدني الذي يستوجب رفع الدعوى ضد البائع والمشتري معا.
ج- المحكمة المختصة بنظر الدعوى :
إن دعوى الشفعة من الدعاوى العينية لأن الشفيع يطالب بملكية العقار المشفوع فيه نتيجة توافر سبب من أسباب الملكية، وهو الشفعة، وعلى هذا فإن المحكمة المختصة بنظر هذه الدعوى هي المحكمة الواقع بدائرتها العقار، اعتمادا على نص المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية ونص المادة 802 من القانون المدني، هذا من حيث الاختصاص المحلي ،أما من حيث الاختصاص النوعي فالقسم المختص هو المدني أو العقاري.
وتجدر الملاحظة إلى أن الدعوى المتعلقة بممارسة حق الشفعة لايجب شهرها وفقا لما قررته المحكمة العليا في قرارها الصادر في الملف رقم: 194437 بتاريخ 26/04/2000 إذا جاء فيه مايلي:"من الثابت قانونا أن دعاوى القضاء الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها لا يمكن قبولها إلآ إذا تم إشهارها مسبقا.
ولما تبن من القرار المطعون فيه الذي رفض دعوى الطاعنة المتعلقة بإثبات حقها في الشفعة شكلا لأنها لم تشهر دعواها طبقا لنص المادة 85 من المرسوم رقم: 63/76 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري، فإن قضاة الموضوع أخطئوا في تطبيق القانون لأن أحكام هذه المادة تخص الدعوى القضائية الرامية إلى النطق أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم إشهارها، والحال أن دعوى الطاعنة تتعلق بالأخذ بالشفعة في بيع العقار المشاع بينها وبين أختها، وهي تخضع لأحكام القانون المدني مما يعرض القرار المطعون فيه إلى النقص.".
وكذا القرار رقم: 34131 الصادر بتاريخ 19/11/1984 جاء فيه:" من المقرر قانونا أن يجب أن ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري معا أمام المحكمة الواقع في دائرتها العقار وذلك في أجل ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة. ومن المقرر كذلك أن أحكام هذا المبدأ تعد من الأشكال الجوهرية في الإجراءات ومن النظام العام وتطبق تلقائيا."
وجدير بالذكر أن الشريعة الإسلامية لم تحدد هذه الإجراءات ولكن يستنتج أنها اعتبرت موقع وجود العقار المشفوع فيه هو مكان رفع الدعوى.
د - ميعاد رفع الدعوى :
لقد أكدت المادة 802 من القانون المدني على وجوب رفع دعوى الشفعة في أجل ثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، فإذا تعذر أو تأخر إعلان كل من البائع أو المشتري فالمدة تبدأ بالسريان من تاريخ الإعلان الأخير بشرط عدم فوات ميعاد الثلاثين يوما من تاريخ الإعلان وإلا سقط حقه في الشفعة.
ولكن إذا رفع الشفيع الدعوى على بعض بائعي العقار في حالة تعددهم في الميعاد القانوني وهو لا يعلم بوجود غيرهم، جاز له رفع الدعوى على البائعين الآخرين بمجرد علمه بهم ولو كان ذلك بعد انقضاء الميعاد القانوني، وعلى هذا وجب على الشفيع رفع الدعوى في الميعاد القانوني المحدد بثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وهذا ما أقرته المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 16/06/1999 ملف رقم 186433 وقد جاء فيه : " من الثابت قانونا أن التصريح بالرغبة في الشفعة يجب أن يكون بموجب عقد رسمي والإعلان به يتم عن طريق كتابة الضبط كما أنه يجب أن ترفع الدعوى في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة 801 - ولما تبين من القرار المطعون فيه أنه تم رفع دعوى الطاعنة الرامية الى ممارسة حقها في الشفعة على أساس ورودها خارج مهلة ثلاثين يوما اعتبارا من تاريخ التصريح بالرغبة في الشفعة ، فإنهم خالفوا القانون لما أسسوا الدعوى ابتداءا من تاريخ التصريح بالرغبة في حين ان المادة 802 من القانون المدني ، تفرض وجوب رفع الدعوى ابتداءا من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة 801 من القانون المدني ، ومتى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه".
وبهذا نجد أن القانون المدني قد حدد ميعادا وأجلا قصيرا قدر بثلاثين يوما من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، عكس ما ذهبت إليه الشريعة الإسلامية باتفاق المذاهب على أن ميعاد رفع الدعوى مفتوح للشفيع متى شاء أخذ به، غير أن الفورية تكون لإعلان الرغبة كما بينا فيما سبق بيانه.
الفرع الثاني : الحكم الفاصل في دعوى الشفعة
لقد أقرت الشريعة الإسلامية انه متى تقدم الشفيع إلى القاضي للمطالبة بالشفعة ، وادعى شراء الدار المشفوعة، فإن القاضي يسأله أولا عن موضع الدار وحدودها ، لدعواه فيها حقا ، ثم هل قبض المشتري ثمن الدار فإن لم يقبض لم تصح دعواه على المشتري مالم يحضر البائع.
ويواصل القاضي سؤال الشفيع عن سبب وحدود ما يشفع به ، إذ قد تكون دعواه بسبب غير صالح، فإذا تحقق ذلك كله صحت دعواه .
ويسأل القاضي المدعى عليه – المشتري – عن ملكية الشفيع لما يشفع به ، فإن أقر بملكية الشفيع ما يشفع به ، فبها ، وإن أنكر تلك الملكية ، كلف القاضي الشفيع إقامة البينة على ملكه ، لأن الحيازة لا تكفي لإثبات الاستحقاق ، فإن عجز الشفيع عن البينة، استحلف – بطلب الشفيع – المشتري ، بالله ما يعلم أن الشفيع مالك لما ذكره ، مما يشفع به ، فان نكل المشتري عن اليمين ، أو قامت بينة الشفيع ، ثبت ملكه الدار التي يشفع بها ، وثبت له حق الشفعة .
ثم يسأل القاضي المدعي عليه أيضا هل اشترى الدار المشفوعة ، أم لا؟ فان اقر، فبها ، وإن أنكر الشراء قيل للشفيع: أقم البينة على شراءه ، لأن الشفعة لا تثبت إلآ بعد ثبوت البيان بالحجة ، فإن عجز عنها استحلف المشتري بالله ، ما ابتاع هذه الدار أو بالله ، ما يستحق علي في هذه الدار شفعة، من الوجه الذي ذكره الشفيع ، وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن الحكم القاضي بثبوت الشفعة كاشف لا منشأ. فقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الشفيع يستقر حقه بطلب الإشهاد والتقرير، دون حاجة إلى قضاء القاضي، وبذلك لا يكون الحكم ضروريا لإستقرار حق الشفيع ولذلك فالحكم ليس هو المنشأ لحق الشفيع، أما المذاهب الثلاثة الأخرى، فلا يتوقف تملك الشفيع للعقار والمشفوع فيه على رضا المشتري أو على قضاء القاضي، بل يتملكه قبل ذلك، بمجرد طلب الشفعة عند الإمام أحمد بن حنبل، وبمجرد طلبها إذا علم الشفيع بالثمن عند مالك، وبطلبها إذا دفع الشفيع الثمن إلى المشتري عند الشافعي.
وجدير بالذكر أنه لا تسمع البينة على البائع، حتى يحضر المشتري، لأنه المالك ويفسخ بحضوره، فان سلم المبيع للمشتري لا يلزم حضور البائع لزوال الملك والحيازة عنه .
أما إذا تصفحنا القانون المدني فإن المادة 803 منه تنص على أن الحكم الذي يصدر نهائيا بثبوت الشفعة، يعد سندا لملكية الشفيع دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالشهر العقاري ، ويستفاد من هذا الفحوى للنص بأن الحكم النهائي الصادر بثبوت حق الشفيع في الشفعة يعد سندا لمكية الشفيع للعقار المشفوع فيه ، وعليه فالحكم بالشفعة هو حكم بحلول الشفيع محل المشتري في عقد البيع الذي تم ما بين المشتري والبائع وهذا الحكم يعد بالنسبة للشفيع كسند ملكية يغنيه عن إبرام عقد بيع بينه وبين البائع .
وعلى هذا وجب على الشفيع أن يقوم بتسجيل الحكم وشهره حتى تنتقل له ملكية العقار المشفوع فيه وقد أكدت ذلك المادة 793 من القانون المدني التي أكدت عدم إنتقال الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات المنصوص عليها قانونا ولا سيما المتعلقة بالشهر العقاري.
وقد أقرت المحكمة العليا هذا في قرارها الصادر بتاريخ 07/02/1994 ملف رقم: 30.840 وجاء فيه:"من المقرر قانونا أنه لا تنتقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات القانونية ولا سيما التي تدير مصلحة شهر العقار، وعليه، فالشفيع الذي يستصدر حكما نهائيا بأحقيته في الشفعة، والحلول محل المشتري في ملكية العقار المشفوع، يكون قد تحصل على سند لملكية، إلا أن هذا السند لا يكون حجة على الغير إلآ إذا خضع لإجراءات الشهر العقاري" .
ويمكن القول بأن الحكم بالشفعة هو حكم كشف عن حلول الشفيع محل المشتري بالرغم من منازعة المشتري والبائع في ذلك، وبذلك فالحكم هو بمثابة حكم بصحة التعاقد، ولكن لا لمصلحة المشتري الأصلي، بل لمصلحة الشفيع.
وبنبغي أن يتضمن الحكم القاضي بثبوت الشفعة جميع إجراءات المطالبة بها لأن الإكتفاء بذكر عموميات فقط يعد قصورا في التسبيب، يوجب النقض وفي هذا الإطار فقد ورد في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ: 09/01/1985 ملف رقم: 33798 مايلي:" من المقرر قانونا أن القرار الذي لا تكفي أسبابه لمواجهة ما قدم من أدلة في الدعوى وما أبدى من طلبات ودفوع أطرافها فإن هذا القرار يكون مشوبا بالقصور في التسبيب.
ولما كانت جهة الإستئناف لم تقم فعلا باحتساب الآجال المحددة بالمواد 799 ، 801 و802 من القانون المدني بالنسبة للعمليات الصادرة عن الطالبة في طلبها إستعمال حق الشفعة، والإنذار الموجه لها من البائعة والمشتري حتى يتسنى للمجلس الأعلى استعمال حق الرقابة عليها.
واقتصرت على ذكر عموميات لا تفي بالمطلوب، وقضت بالمصادقة على الحكم المستأنف لديها والقاضي برفض الدعوى لسقوط حق المدعية، فإنها بهذا القضاء شوهت قرارها بالغموض والقصور في التسبيب، ومتى كان ذلك استوجب نقض وإبطال القرار المطعون فيه"
وخلاصة القول أن هناك إتفاقا بين فقهاء الشريعة الإسلامية والقانون المدني على إعتبار الحكم القاضي بثبوت الشفعة، هو حكم كاشف لا منشأ، فهو يكشف عن حلول الشفيع محل المشتري في أخذ العقار المشفوع فيه باستعمال الشفعة.
المبحث الثاني : آثار الشفعة
سنتطرق من خلال هذا المبحث لآثار الشفعة لنتبين أن هذه الآثار تتجسد في انتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع، وبروز جملة من العلاقات التي تربط بين الشفيع وكل من البائع والمشتري والغير.
ومن خلال هذه الدراسة سنحاول دائما معرفة مدى التوافق أو الإختلاف الحاصل بين الشريعة والقانون المدني.
المطلب الأول: إنتقال ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع
لقد أقرت الشريعة الإسلامية، كما أسلفنا الذكر أن الشفعة حق للشفيع، يمارسها لتملك العقار المشفوع فيه متى توافرت شروط الشفعة وأسبابها، ونفس القاعدة تقريبا أقرها القانون المدني مع الإختلافات التي تم إبرازها سابقا.
وقد سبقت الإشارة إلى أن الشفعة واقعة مركبة، وهي تشتمل على عناصر ثلاثة سيما الارتباط ما بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به، بيع العقار المشفوع فيه وإعلان الشفيع لرغبته في الأخذ بالشفعة، ومتى تكاملت هذه العناصر، قامت الشفعة كسب قانوني يحدث أثره مباشرة، وهو حلول الشفيع محل المشتري في عقد البيع الذي أبرمه البائع مع المشتري وهذا ما حددته المادة 794 من القانون المدني وأكدته المادة 804 من نفس القانون.
وهذه النصوص تتضمن قاعدة عامة، مفادها إنتقال جميع الحقوق والإلتزامات التي كانت مقررة أصلا لصالح المشتري، ثم صارت مقررة لصالح الشفيع بموجب الشفعة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، هو ضرورة معرفة الوقت الذي يتم فيه حلول الشفعة محل المشتري ، هل من وقت صدور الحكم النهائي القاضي بالشفعة؟ أم من وقت إعلان الشفيع لرغبته في الأخذ بالشفعة؟
وللإجابة على هذا السؤال، لابد من التطرق إلى الإختلاف الظاهر الذي وقع بين فقهاء الشريعة والقانون حول وقت حلول الشفيع محل المشتري، لنلاحظ تضارب الرؤى في هذا المجال.
الفرع الأول : حلول الشفيع محل المشتري من وقت صدور الحكم بثبوت الشفعة
ذهب رأي بعض فقهاء الحنفية إلى أنه إذا بيع العقار أدخل في ملك المشتري بمجرد عقد البيع دون توقف على أداءه الثمن أو على تسلمه من البائع، فإذا إستحقه شفيعة بالشفعة لم يتملكه بمجرد طلبه ، لان حق الشفعة ضعيف ، فلا يتقوى إلا بطلبه من القاضي، وعلى هذا فلا يتملك الشفيع العقار المشفوع فيه إلا بأحد أمرين: الأول: تسلمه من المشتري عن رضا منه، فيتملكه الشفيع من وقت تسلمه ، والثاني: قضاء القاضي له به ، فيتملكه من وقت القضاء وإن لم يتملكه فعلا.
وقد ذهب الرأي الغالب في الفقه القانوني إلى الميل إلى هذا الرأي ، إذ إعتبروا أن حلول الشفيع محل المشتري في عقد البيع، يكون من وقت صدور حكم نهائي يقضي بثبوت حقه في الشفعة أو من وقت التراضي عليها ، بحيث يعتبر هذا التراضي أو الحكم القاضي بثبوت الشفعة ، منشئا لحق الشفيع لا مقررا له ، ومن ثم ناقلا لملكية العقار المشفوع فيه بتسجيله ، ويظل المشتري إلى تاريخ التسجيل مالكا للعقار المشفوع فيه .
ويستند هذا الرأي إلى أن الحكم بالشفعة منشأ لحق الشفيع لا مقررا له، وبالتالي فإن الشفيع يعد مالكا للعقار المشفوع فيه من وقت ثبوت الحكم النهائي بالشفعة، وهذا راجع إلى أن المسألة لا تتعلق بنزاع حول الملكية ولا بإبطال البيع أو فسخه، وإنما تتعلق بوسيلة يستطيع الشفيع بواستطها أن يكسب ملكية العقار المبيع بدلا من المشتري، وهذا يعني أن الشفيع يتملك العقار من وقت تسليم المشتري بالشفعة أو الحكم بها، أما قبل صدور الحكم بالشفعة فإن المشتري يعد مالكا للعقار المشفوع فيه، ويتصرف فيه كما يشاء وهذا الكلام ينطبق على أي مشتري إنتقلت إليه ملكية هذا العقار وعلى ذلك فإن جميع التصرفات التي تصدر من المشتري قبل تسجيل إعلان الرغبة تكون نافذة في حق الشفيع وإذا بيع العقار المراد أخذه بالشفعة إلى مشتر ثان في هذا الوقت، فلا يجوز للشفيع أن يأخذ العقار بالشفعة إلا من المشتري الثاني، وهو ما نصت عليه المادة 797 من القانون المدني كما رأينا سالفا.
وإذا كان المشرع من خلال نصوص القانون المدني المتعلقة بالشفعة قد قرر إبطال التصرفات الصادرة من المشتري بعد تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة، فهذا لا يعني إنتقال الملكية إلى الشفيع من هذا التاريخ، وإنما قرر ذلك لحمايته من التصرفات التي قد تضربه والتي تحول دون أخذه بالشفعة فالمشرع وضع قيودا على المشتري في البناء أو الغراس في العقار بعد حصول الطلب كما جاء في نص المادة 805 من القانون المدني.
الفرع الثاني : حلول الشفيع محل المشتري من وقت البيع
يرى أبو حنيفة بأن الشفيع إذا طلب المواثبة ثم طلب الإشهاد والتقرير بشكل صحيح، استقر حقه على وجه لا يبطل بتأخير طلب الخصومة حتى يسقطها بلسانه، لأن الحق ثبت للشفيع بالطلبين، والأصل أن الحق متى ثبت لإنسان لا يبطل إلا بإبطال، لأن تأخير طلب الخصومة لا يكون إبطالا كتأخير إستيفاء القصاص وسائر الديون.
أما المذاهب الأخرى الثلاثة، فنجد أن الإمام مالك قد إرتأى أن الشفيع يتملك المشفوع فيه بقوله، أخذته بالشفعة وما في معناه دون إشتراط قضاء من القاضي أو رضاء من المشتري متى كان عالما بالثمن، لأن ذلك يعتبر قبولا لبيع البائع وكأن إيجابه وجه إليه عند حصوله وكذا قال الإمام أحمد، أما الإمام الشافعي فقال بأنه يملكه به بشرط أن يدفع الثمن إلى المشتري .
ومما سبق قوله، فإن جمهور الفقهاء الأربعة تعتبر بأن قضاء القاضي لا يكون ضروريا لتملك الشفيع العقار المشفوع فيه، ومن ثم لا يكون حكم الشفعة منشئا لحق الشفيع.
وأما في الفقه القانوني فيرى الأستاذ السنهوري، بأن المبادئ العامة في الشفعة، ترجع أساسا إلى التكييف الصحيح لطبيعة الشفعة التي تعد واقعة مركبة من عناصر ثلاثة، الإرتباط ما بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به، وبيع العقار المشفوع فيه، وإعلان الشفيع إرادته في الأخذ بالشفعة فمتى تكاملت هذه العناصر فقد قامت الشفعة سببا قانونيا يحدث أثره وهذا الأثر هو حلول الشفيع محل المشتري في البيع الذي تم بين البائع والمشتري، منذ تمام هذا البيع فالشفعة لا تحدث أثرها إذن إلا عند إعلان الشفيع إرادته في الأخذ بالشفعة، و لكن متى أحدثت هذا الأثر، فقد حل الشفيع محل المشتري منذ تمام البيع لا منذ إعلان الشفيع لإرادته ، وعلى هذا يجب إستبعاد القول بأن الشفيع يحل محل المشتري من وقت صدور الحكم بالشفعة، أو من وقت رفع الدعوى، أومن وقت تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أو من وقت إعلان الرغبة أساسا.
و تجدر الإشارة إلى وجوب التوقف عند إعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة ، و لكن لتقرير أن الشفعة قد تكاملت عناصرها ، و قامت سببا قانونيا لحلول الشفيع محل المشتري من وقت إبرام البيع بحيث يختفي شخص المشتري من الصفقة ، فلا يتوسط مابين البائع والشفيع وتكون الصلة ما بين البائع والشفيع صلة مباشرة على الوجه الذي تم بيانه.
موقف المشرع الجزائري :
من خلال ما سبق ذكره يمكن القول بأن الموقف الذي اتخذه المشرع، يتماشى مع ما ذهب إليه بعض فقهاء الحنفية، وما ذهب إليه الرأي الغالب في الفقه القانوني من أن حلول الشفيع محل المشتري يكون من وقت صدور حكم نهائي يقضي بثبوت الشفعة للشفيع، و يتضح هذا بصفة جلية في نص المادة 803 من القانون المدني و التي تنص على ما يلي :"يعتبر الحكم الذي يصدر نهائيا بثبوت الشفعة سند الملكية الشفيع ، و ذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالإشهار العقاري".
فمن خلال هذه المادة ، يمكن استقراء مبتغى و مذهب المشرع في إعتبار حلول الشفيع محل المشتري، يكون من وقت صدور حكم نهائي بثبوت الشفعة .
المطلب الثاني : العلاقات المترتبة عن ممارسة حق الشفعة :
إن حلول الشفيع محل المشتري في أخذ الشفعة ، تنشأ عنه جملة من العلاقات تربط بين البائع، المشتري والشفيع أو بين الغير والشفيع ، و سنحاول من خلال هذا المطلب التطرق إلى هذه العلاقات.
الفرع الأول : علاقة الشفيع بالبائع :
لقد نصت المادة 804 من القانون المدني على ما يلي : "يحل الشفيع بالنسبة إلى البائع محل المشتري في جميع حقوقه و إلتزاماته، إلا أنه لا يمكن له الإنتفاع بالأجل المضروب للمشتري عن دفع الثمن إلا برضاء البائع ، و لا يرجع الشفيع على البائع إذا ما استرد الغير العقار بعد الشفعة".
ويترتب على ثبوت حق الشفيع في الأخذ بالشفعة أن تنتقل إليه ملكية العقار المشفوع فيه ، و هذا نتيجة حلوله محل المشتري في عقد البيع المبرم بينه و بين البائع ، و بهذا و نتيجة لهذا الحلول ، يخرج المشتري من المعاملة ، و يصبح كأنه لم يكن ، و يبقى العقد الذي تم قائما بين طرفين هما البائع والشفيع ، و بالتالي ينتج هذا البيع أثاره القانونية فيما بين البائع و الشفيع و نتيجة لهذا ، يلتزم البائع نحو الشفيع بجميع إلتزامات البائع، كما يلتزم الشفيع نحو البائع بجميع إلتزامات المشتري، فيلتزم البائع بنقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع، وهذا بعد تسجيل الشفيع للحكم القاضي له بالشفعة وشهره، كما يلتزم البائع بتسليم الشفيع العقار المشفوع فيه، إن لم يكن قد سلمه له، كما يلتزم بالضمان، فإذا إستحق العقار بعد أخذه بالشفعة، فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع، وهذا ما يفهم من النص الفرنسي لأن النص العربي ورد مخالفا لهذا المعنى، فقد ورد فيه أن الشفيع لا يرجع على البائع إذا ما استرد الغير العقار بعد الشفعة؟ فهل يفهم منه أن البائع لا يلزم بالضمان في حالة إستحقاق المبيع بعد أخذه بالشفعة ولهذا فنحن نعتقد أن ذلك مجرد ترجمة غير صحيحة ولكن ولطالما أن النص العربي هو الأصل وهو واجب التطبيق، فوجب تطبيقه كما هو وأن كان فيه خروج على القواعد العامة في مجال إلتزامات البائع، حيث يقع عليه ضمان الإستحقاق.
وقد نصت المادة السالفة الذكر على أن الشفيع لا يستفيد من الأجل المضروب للمشتري عن دفع الثمن إلا برضاء البائع و لذا فإن أراد الشفيع الإستفادة من هذا الأجل ، وجب عليه التفاوض مع البائع على هذا ، و بهذا نكون أمام واقعة قانونية جديدة ( ) تخضع للإيجاب و القبول و عرض تفاصيل تمس العقد و تتم بإتفاق البائع والشفيع .
والملاحظ في الشريعة الإسلامية ، أن هناك رأيان رأي يمثله فقهاء الحنفية ، و الذين يؤكدون على أن علاقة البائع بالشفيع تكون خلال المدة التي تفصل بين إعلان الشفيع لرغبته و حكم القاضي له بالشفعة، و على ذلك فإن تصرفات البائع خلال هذه المدة لا تسرى في حق الشفيع المعلن لرغبته وإنما تنفذ في حقه التصرفات السابقة عن إعلان الرغبة ، أما رأي جمهور الفقهاء فقد ذهب إلى القول بعدم نفاذ تصرفات البائع في مواجهة الشفيع متى أعلن رغبته ودون انتظار حكم القضاء ، أما قبل إعلان الرغبة فالبائع حر في التصرف في ملكه .
الفرع الثاني : علاقة الشفيع بالمشتري :
لا تنشأ علاقة تعاقدية بين الشفيع و المشتري ، و مع ذلك فقد تنشأ بينهما علاقات قانونية أوإلتزامات متبادلة نتيجة حلول الشفيع محل المشتري في بيع العقار المشفوع فيه ، و قد نصت المادة 805 من القانون المدني على ما يلي:" إذا بنى المشتري في العقار المشفوع أو غرس فيه أشجارا قبل الإعلان بالرغبة في الشفعة ، كان الشفيع ملزما تبعا لما يختاره المشتري أن يدفع له إما المبلغ الذي أنفقه أو مقدار ما زاد في قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس ، أما إذا حصل البناء أو الغراس بعد الإعلان بالرغبة في الشفعة ، كان للشفيع أن يطلب الإزالة و إذا إختار أن يستبقي البناء أو الغراس، فلا يلزم إلا بدفع قيمة أدوات البناء و أجرة العامل أو نفقات الغراس ."
وعليه فقد يستلم المشتري العقار المشفوع فيه من البائع ، و هذا هو الغالب فسواء سجل عقد شرائه أو لم يسجل ، فإن له حقوقا تنشأ قبل الشفيع و تنشأ للشفيع حقوق قبل المشتري ، و لما كان المشتري قد إختفى من الصفقة نتيجة حلول الشفيع محله ، و لكنه وطالما أنه تسلم العقار المشفوع فيه يمكن إعتباره حائزا لهذا العقار ، و يكون حائزا حسن النية قبل إعلانه برغبة الشفيع في الشفعة وحائزا سيئ النية بعد إعلانه بهذه الرغبة .
وتجدر الملاحظة بأن المشتري إذا لم يستلم العقار المشفوع فيه من البائع فإن علاقته بالشفيع تنحصر في إسترداد مصروفات البيع التي دفعها فقط و إستردادها يتم من الثمن الذي قام الشفيع بإيداعه كإجراء من إجراءات الشفعة.
ويتضح من نص المادة 805 السالفة الذكر ، أن مسألة بناء أو غراس الشفيع في العقار المشفوع فيه تختلف آثارها حسب الحالتين الآتيتين :
الحالة الأولى : بناء المشتري أوغراسه في العقار المشفوع فيه قبل إعلان الشفيع رغبته .
في هذه الحالة، فلا يحق للشفيع طلب الإزالة للبناء أو الغراس الذي أقامه المشتري ولكن يجب عليه أن يأخذ العقار بالحالة التي هو عليها، وبذلك يلتزم الشفيع تبعا لما يختاره المشتري إما بدفع مقدار مازاد في قيمة العقار أو دفع المبلغ الذي أنفقه، و مؤدي هذا أن يدفع الشفيع بأكبر هاتين القيمتين وأساس ذلك أن المشتري عندما بنى أو غرس في العقار المشفوع فيه، كان ذلك في أرضه ، ولا يوجد بذلك أي مانع يمنعه من ممارسة الملكية على ملكه كما له أن يبني عندما يوجه له طلب الشفعة و عارض هذا الطلب ، لأنه قد يكون على حق في معارضته.
و قد ذهب فقهاء الشريعة الإسلامية نفس المذهب، غير أنه فرقوا بين التصرفات التي ينشئها المشتري أو العقود التي يبرمها و بين نماء المشفوع فيه و زيادته لدى المشتري ، سواء كان هذا النماء طبيعيا أومحدثا .
ففيما يخص التصرفات والعقود المنشئة من قبل المشتري قبل إعلان الشفيع رغبته فقد إتفقت المذاهب الأربعة على عدم جواز نقض هذه التصرفات والعقود.
أما فيما يخص النماء الطبيعي أو المحدث الذي ينشئه المشتري في العقار المشفوع فيه، قبل إبداء الشفيع لرغبته، فإن المذاهب الأربعة جعلته من حق المشتري على قول المالكية :"الغلة قبل الشفعة للمشتري" .
الحالة الثانية : بناء المشتري أو غراسه بعد إعلان الشفيع رغبته في الشفعة.
في هذه الحالة إذا قام المشتري ببناء أو غراس في العقار المشفوع فيه، بعد إعلان الشفيع لرغبته في الشفعة، فإن الفقرة الثانية من المادة 805 من القانون المدني السالفة الذكر قررت بأن للشفيع الحق في إمكانية طلب إزالة البناء أو الغراس على نفقة المشتري، وإعادة العقار إلى أصله، مع التعويض إذا كان له مقتضى( )، كما له أن يستبقي على البناء أو الغراس، فلا يلزم إلا بدفع ما أنفقه المشتري، أي قيمة أدوات البناء والغراس، وتقدير هذه النفقات والمصروفات متروك لسلطة القاضي التقديرية( ).
أما فقهاء الشريعة الإسلامية، فقد سبق القول بأنهم يميزون بين العقود والتصرفات التي يبرمها المشتري بعد إعلان الشفيع لرغبته وبين نماء المشفوع فيه وزيادته.
فبالنسبة للعقود والتصرفات المبرمة من قبل المشتري بعد إعلان الشفيع لرغبته، فإن المذاهب الأربعة إتفقت على جواز نقض بعض التصرفات الناقلة للملكية وهو البيع بعد حكم القاضي بالشفعة لمستحقها، لتعلق حق الغير في البيع، كما اتفقوا على جواز نقض الرهن والإجازة والإعارة، مما لا شفعة فيه إبتداءا وفي حالة البيع يخير الشفيع بين أن يأخذ العقار المبيع بالثمن الذي تم به الشراء الأول أو الثاني، لأن كل واحد من العقدين سبب تام لثبوت حق الشفعة، ولأن حق الشفيع سابق على هذا التصرف، فلا يبطل.
أما بالنسبة لنماء المشفوع فيه وزيادته فيفرق الفقهاء بين حالتين أو صورتين :
الصورة 1 : النماء الطبيعي :
فإذا نما المبيع في يد المشتري، كأن أثمر الشجر في يده بعد الشراء، فإن رأي الحنفية ذهب إلى القول بأحقية الشفيع في أخذ هذا الثمر، لأنه مبيع تبعا لأصله، أما الشافعية والحنابلة فقالوا بأن الشفيع يأخذ المبيع مع زيادته متى كان النماء متصلا، أما إذا كان النماء منفصلا، فهو للمشتري يأخذه دون الشفيع ومثاله الثمرة الظاهرة والطلع المؤبر، وعلة ذلك كون الثمر حدث في ملك المشتري ولذا فلا يتبع المبيع .
الصورة2 : الزيادة المحدثة :
قد يحدث المشتري زيادة في العقار المشفوع فيه، كالزرع أو الغرس أو البناء، وهذا بعد إعلان الشفيع لرغبته وعلى هذا يرى الفقهاء على أنه في حالة الزرع الذي له نهاية معلومة، فإن الشفيع يأخذ الشفعة ويبقى الزرع من حق المشتري، غير أن الزرع يبقى في الأرض إلى غاية الحصاد، والأجرة على المشتري عند الحنفية عن المدة التي تمضي بين القضاء بالشفعة وبين الحصاد، وليس عليه أجرة عند الشافعية والحنابلة ، أما حالة البناء والغراس فالشفعة للشفيع وذهب جمهور الفقهاء عدا الحنفية، إلى القول بأن للمشتري الخيار في القلع أو الإزالة دون ذلك، فإن اختار القلع والإزالة لم يمنع إن لم يكن هناك ضرر للشفيع لأنه بنى في ملكه، وإن لم يختر المشتري القلع فالشفيع بالخيار بين ترك الشفعة وبين دفع قيمة البناء أو الغراس مستحق البقاء.
أما الحنفية فذهبوا إلى القول بأنه متى بنى المشتري أو غرس فيما إشتراه ثم قضي للشفيع بالشفعة ، كان للشفيع الخيار( ).
- إن شاء كلف المشتري بالقلع وتخلية الأرض مما أحدث فيها، لأنه وضعه في محل تعلق به حق متأكد للغير من غير إذن، وتكون الأنقاض للمشتري لا للشفيع لزوال التبعية بالإنفصال.
- وإن شاء أخذ الأرض بالثمن الذي دفعه للمشتري، على أن يدفع قيمة البناء أو الغرس مقلوعا، أي مستحق القلع أنقاضا.
من خلال ما سبق ذكره، فإننا نلاحظ توافق رأي الشريعة الإسلامية، ولاسيما رأي الحنفية مع ما أقره المشرع بنصوص القانون المدني، لاسيما المادة 805 منه.
الفرع الثالث: علاقة الشفيع بالغير
تنص المادة 806 من القانون المدني :" لا تكون حجة على الشفيع الرهون والاختصاصات المأخوذة ضد المشتري ، وكذلك كل بيع منه ، وكل حق عيني رتبه المشتري عليه ، إذا كان كل ذلك قد تم بعد تاريخ شهر الإعلان بالرغبة في الشفعة ، على أنه يبقى الدائنين المسجلة ديونهم، مالهم من حقوق الأفضلية ، فيما آل للمشتري من ثمن العقار".
نلاحظ أن النص يتطرق إلى مجمل الحقوق العينية ، التي رتبها المشتري على العقار المشفوع فيه، ويميز النص بين ما ترتب من حقوق قبل تسجيل الشفيع لرغبته في الشفعة وما ترتب من حقوق بعد تسجيل الشفيع لرغبته في الشفعة، كما نجد أن النص، قد نص على ما يترتب من حقوق من جانب البائع سواء قبل أو بعد تسجيل الشفيع لإعلان رغبته في الشفعة .
وسنتعرض إلى جملة الحقوق العينية المرتبة على العقار المشفوع فيه سواء من قبل البائع أوالمشتري قبل أو بعد تسجيل إعلان الرغبة من الشفيع .
أولا : الحقوق العينية المترتبة على العقار المشفوع فيه قبل تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة.
قد تترتب هذه الحقوق من جانب البائع ، وهي متنوعة بحسب أنواع التصرفات التي يقوم بها البائع ، كأن يبيع العقار أو يقايض عليه أو يهبه أو كأن يرتب عليه حقا عينيا أصليا كحق الانتفاع أوالإرتفاق أو أن يرتب عليه حقا عينيا تبعيا ، كرهنه رهنا رسميا أو حيازيا وغير ذلك من الحقوق .
فإذا ترتبت هذه الحقوق قبل تسجيل الشفيع إعلان رغبته في الشفعة ، فإنها تسري في حقه ، شرط أن يشهر صاحب هذا الحق حقه قبل التسجيل ، أو حتى قبل أن يسجل المشتري عقد شرائه أو صحيفة دعواه بصحة التعاقد ، ومثال ذلك إذا باع البائع – بعد البيع الاول – العقار إلى مشتري آخر، وقام هذا الأخير بتسجيل عقده قبل أن يسجل المشتري الاول عقده ، وقبل أن يسجل الشفيع رغبته، فإن هذا البيع يسري في حق الشفيع ولا يستطيع أن يأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني في مواعيده وبالثمن الذي ورد فيه وبالشروط التي تم بها .
ونفس القول بالنسبة للمشتري الذي يمكن أن يرتب نفس الحقوق التي تم بيانها سابقا وهذا قبل تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة ، ففي هذه الحالة تسري على الشفيع نفس القواعد السالفة الذكر .
ومثال ذلك إذا باع المشتري العقار المشفوع فيه وسجل المشتري الثاني من المشتري الاول عقد شرائه قبل تسجيل الشفيع إعلان رغبته في الشفعة ، فإن هذا البيع يصبح نافذا في حق الشفيع ولا يمكن له أن يأخذ بالشفعة إلا في البيع الثاني في مواعيده ، بثمنه وبشروطه وهذا ما نصت عليه المادة 797 من القانون المدني لقولها :"إذا اشترى شخص عقارا تجوز الشفعة فيه ثم باعه قبل أن تعلن أي رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل تسجيل هذه الرغبة طبقا للمادة 801 فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وحسب الشروط التي أشترى بها "
وتجدر الملاحظة إلى أن الحقوق العينية الأصلية والتبعية التي يرتبها المشتري قبل تسجيل الشفيع لرغبته تسري في مواجهته وتنتقل إليه الملكية مثقلة بهذه الحقوق .
ثانيا:الحقوق العينية المترتبة على العقار المشفوع فيه بعد إعلان الرغبة في الشفعة.
قد يترتب على العقار المشفوع فيه من جانب البائع حقوق على الوجه المتقدم ذكره ، لكن صاحب هذا الحق ، لم يشهر حقه إلا بعد تسجيل الشفيع لإعلان رغبته أو بعد تسجيل المشتري عقد شرائه لذا فإن هذا الحق لا يسري في مواجهة الشفيع.
ومثالنا دائما ، هو تصرف البائع ببيع العقار المشفوع فيه ، فإذا باع البائع -بعد البيع الاول- العقار إلى مشتر أخر وقام هذا الأخير بتسجيل عقده بعد تسجيل الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة ، فإن هذا التصرف لا يسري في حق الشفيع والذي لا يسري في حقه هو البيع الأول، عكس ما يحدث في حالة التصرف قبل تسجيل إعلان الرغبة ، فيأخذ الشفيع العقار بالشفعة ويرجع المشتري طبقا لأحكام القانون - ولو سجل هذا الأخير عقده، على المشتري الأول، فلا يسري في حقه في مواجهة الشفيع، مادام أنه لا يسري في مواجهة المشتري الأول، وفي هذه الحالة فإن حق الشفيع لا يسري، إلا على البيع الأول، فيأخذ فيه بالشفعة.
أما الحقوق العينية التي يرتبها المشتري بعد تسجيل الإعلان بطلب الشفعة ، وهذا ما تحدده المادة 806 من القانون المدني ، التي تقرر أن الحقوق العينية التي ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشتري ، بعد تسجيل إعلان الرغبة ، لا تسري في حق الشفيع.
وعلى ذلك فإذا باع المشتري العقار المشفوع فيه بعد تسجيل إعلان الرغبة ، فلا يسري هذا البيع في حق الشفيع ، ويأخذ بذلك الشفيع الشفعة في البيع الاول بثمنه وفي مواعيده وشروطه ، أما إذا رأى أن شروط البيع الثاني أيسرا أوأن الثمن فيه أقل، جاز له أن ينزل عن الشفعة في البيع الأول، ويطالب بها في البيع الثاني بشروطه ، ثمنه ومواعيده ، وعلى ذلك إذا كان البيع الثاني، لا يجيز الشفعة كما لوكان قد تم بين الأصول والفروع مثلا، لا تثبت فيه الشفعة ، ومع ذلك إذا أثبت الشفيع صورية البيع الثاني أو أنه تم نتيجة غش أو تواطؤ للتهرب من الشفعة أوتعقيدها ، فإنه يكون للشفيع أن يتمسك بعدم وجود التصرف بالنسبة له أو يطلب عدم سريانه في مواجهته .
وجدير بالذكر أن الحقوق العينية الأصلية والتبعية التي يرتبها المشتري على العقار ، تسري في حق الشفيع ، وتنتقل إليه الملكية مثقلة بهذه الحقوق ، غير أن للشفيع حق الرجوع على المشتري بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية، إذا كان تصرف المشتري لاحقا على تسجيل الشفيع لإعلان رغبته في الأخذ بالشفعة.
وخلاصة لما سبق ذكره، فإن علاقة الشفيع بالغير، تظهر إذا رتب المشتري أو البائع على العقار المشفوع فيه حقوقا عينية أصلية أو تبعية،فمتى أنذر الشفيع بوقوع البيع، تعين عليه أن يعلن رغبته في الشفعة إلى كل من البائع والمشتري، والقانون لم يلزم الشفيع بتسجيل إعلان رغبته في أخذ الشفعة، ولكن قيام الشفيع بتسجيل هذا الإعلان مقرر لمصلحته، لانه يحول دون نفاذ تصرفات المشتري على العقار، ودون ترتيب حق عيني أصلي عليه ، كحق الانتفاع أو الارتفاق ودون ترتيب حق عيني تبعي عليه ، كحق الرهن، اختصاص أو إمتياز.
ورغم إلزام القانون الشفيع بتسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ، إلا أنه يستفاد من النص أن تسجيل هو حجة على الغير ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا بقرارها الصادر بتاريخ 24/12/1991 ملف رقم 75678 ، والذي جاء نصه كالتالي :" إذا كان مؤدى المادة 801 من القانون المدني ، أنها تشترط لصحة إجراءات طلب الشفعة ، وجوب تسجيل عقد طلب الشفعة وإشهاره ، ومن ثمة فإن النعي على القرار المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ، غير سليم يستوجب رفضه .
ولما كان من الثابت في قضية الحال أن قضاة الموضوع لرفضهم لدعوى الشفعة المقامة من الطاعنين لعدم احترام إجراءات الشفعة ، طبقوا صحيح القانون."
والملاحظ أن تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة ، هو الحد الفاصل بين التصرفات التي تنفذ في حق الشفيع والتصرفات التي لا تنفذ في حقه ، فالتصرفات السابقة على التسجيل تنفذ في حق الشفيع، ولو لم تكن مشهرة، أما اللاحقة فلا تنفذ ولو كانت مشهرة، وعلى هذا يفضل الشفيع على كل من يتلقى حقا على العقار بعد هذا التسجيل ويأخذ العقار خاليا من أي حق ، وعلى ذلك إذا باع المشتري العقار المشفوع فيه ، بعد تسجيل الرغبة لم يسر في حق الشفيع البيع الثاني الصادر من المشتري إلى المشتري الثاني، ويأخذ الشفيع بالشفعة في البيع الأول في مواعيده، بثمنه وطبقا لشروطه، وإذا رأى أن شروط البيع الثاني أيسر، والثمن أقل، جاز له أن ينزل عن طلب الشفعة في البيع الأول ويطلبها في الثاني.
والملاحظ أن فقهاء الشريعة الإسلامية، لم يتحدثوا عن علاقة الشفيع بالغير، بل أن جل تركيزهم كان على علاقة الشفيع بالبائع وخصوصا علاقة الشفيع بالمشتري.
خـــــــــاتمة
إن الشفعة حق استثنائي من شانه أن يقيد المالك في التصرف بملكه، ولهذا السبب ونظرا لما تمثله الشفعة من قيد، فقد اعتنى المشرع على غرار فقهاء الشريعة بوضع أحكامها وتحديد إجراءاتها وشروطها .
أول أثر و هو إنتقال ملكية العقار المشفوع فيه الى الشفيع وخلصنا الى أن الشريعة أقرت بإجماع على أن الإنتقال يكون بحكم القاضي للشفيع بالشفعة رغم أن حلول الشفيع يكون من وقت إبرام عقد البيع ، و قد ذهب المشرع في القانون المدني مذهب بعض فقهاء القانون الى إعتبار الشفيع يحل محل المشتري من وقت صدور الحكم النهائي القاضي بالشفعة و تنتقل إليه الملكية بإتمام إجراءات الشهر أما الأثر الثاني، و المتمثل في علاقة الشفيع بالبائع ، المشتري والغير ، فقلنا أنها محددة بموجب القواعد العامة .
المراجع :
النصوص القانونية و التنظيمية :
1 – الأمر رقم 75- 58 مؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق لـ26 سبتمبر 1975 ، يتضمن القانون المدني ، معدل و متمم
2 – الامر رقم 66- 154 مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 08 يونيو سنة 1966 ، يتضمن قانون الاجراءات الجزائية.
3 – قانون رقم 84-11 مؤرخ في 09 رمضان عام 14104 الموافق ل 09 يونيو سنة 1984 يتضمن قانون الاسرة الجزائري
4- القانون رقم 87-19 مؤرخ في 08 ديسمبر 1987 المتضمن كيفية غستغلال الاراضي الفلاحية التابعة لاملاك الدولة وتحديد حقوق المنتجين وواجباتهم .
5- قانون التوجيه العقاري 90-25 مؤرخ في 18 نوفمبر1990 المعدل والمتمم بالامر 95-26 المؤلرخ في 25 سبتمبر 1995
6- المرسوم التشريعي 93-03 المؤرخ في 01 مارس 1993 المتضمن النشاط العقاري
7 – المرسوم 76-147 المؤرخ في 23 أكتوبر 1976 المتضمن العلاقات بين المؤجر والمستأجر لمحل معد للسكن وتابع لمكاتب الترقية والتسيير العقار
المؤلفات :
- الدكتور – رمضان أبو السعود – الوسيط في الحقوق العينية الأصلية – دار الفكر العربي – طبعة 1986
- الدكتور – عبد الرزاق السنهوري - الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – الجزء التاسع – دار النهضة العربية - القاهرة 1968
- الدكتور - محمد خيال – الحقوق العينية الأصلية – جامعة القاهرة 1992
- الدكتور – نبيل إبراهيم سعد - الشفعة علما و عملا - منشاة المعاريف الإسكندرية – طبعة 1997
- المستشار – أنور طلبة – الوسيط في القانون المدني - الجزء الثالث - جامعة القاهرة 1992
- الدكتور - محمد رواس قلعجي – موسوعة فقه الإمام على بن أبي طالب – دار الفكر - دمشق سورية – الطبعة الأولى 1983
- الدكتور – وهبة الزحيلي – الفقه الإسلامي و أدلته – الجزء الخامس – دار الفكر – دمشق – سورية الطبعة الثانية 1985
- الشيخ - أبو بكر جابر الجزائري - منهاج المسلم - دار البعث بالطباعة و النشر – قسنطينة الجزائر طبعة الأولى 1981
- المحقق - محمد أمين المشهور بإبن العابدين – حاشية رد المحتار على الدر المختار- شرح تنوير الأبصار في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان – الجزء السادس ، دار الفكر ، بيروت 1989
- العلامة – أحمد بن محمد بن أحمد الدردير - الشرح الصغير على أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك - الجزء الخامس – دار المعارف - مصر 1986
- الإمام – محمد بن أحمد بن رشد القرطبي – الحفيد – بداية المجتهد و نهاية المقتصد - الجزء الثاني - دار الشريفة الجزائر .
- الدكتور - علي الخفيف – ملكية في الشريعة الإسلامية مع مقارنتها بالقوانين العربية - الجزء الثاني الطبعة 1969
- الدكتور – توفيق حسن فرج – الحقوق العينية الأصلية – الدار للطباعة و النشر – دون سنة
- القاضي – عمر حمدي باشا – القضاء العقاري – دار هومة – الجزائر طبعة 2002