شرح البيع العرفي في القانون الجزائري
مادة 327 قانون مدني
ليس هناك شكلية محددة في العقد العرفي و لكن يشترط الكتابة و التوقيع او البصمة
شروط عقد البيع العرفي للعقار ( التراضي , المحل , السبب , الشكلية )
أثر ببع العقار بعقد عرفي
نص المادة 327 قانون المدني :
يعتبر العقد العرفي صادرا ممن كتبه أو وقعه أو وضع عليه بصمة إصبعه مالم ينكرصراحة ما هو منسوب إليه؛ أما ورثته أو خلفه فلا يطلب منهم الإنكار ويكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم لا يعلمون أنالخط أو الإمضاء أو البصمة هو لمن تلقوا منه هذا الحق. ويعتد بالتوقيع الإلكتروني وفق الشروط المذكورة في المادة 323 مكرر1 أعلاه.
مقدمة
بيع القارات بموجب عقود عرفية ينطوي مخاطر قد يقدم عليها العديد من الأشخاص، لأن الغرض الذي وضعه المشرع من جعل عقد بيع العقار عقدا رسميا هو لحماية الأطراف والغير ، وإعطاء التصرف قوة الرسمية وحفاظا على استقرار المعاملات العقارية، فالرسمية في البيوع العقارية ضمانة أقرها المشرع للمتعاقدين من التردد وتذبذب رضا أحد المتعاقدين و عدوله عن تنفيذ التزامه في عقد البيع، ويعلم كلا الطرفان أنهما لا يستطيعان أن يرغما بعضهما البعض مسبقا، لأنهما يدركان مسبقا أن المنحى الذي اتخذاه في شكل عقد البيع غير صحيح، لأن النص الصريح، والرسمية في عقد البيع ليست خيار بل المنحى الوحيد ليرتب عقد البيع آثاره القانونية، فالقاعدة العامة هي أن العقود تتم بمجرد تطابق الإيجاب والقبول، إلا أنه ونظرا لخصوصية بعض التصرفات استثنى المشرع فيها الرضائية وجعلها من التصرفات التي تشترط فيها الرسمية كعقد الشركة وبيع العقارات . الفرع الأول: شروط عقد البيع العرفي للعقار
لم يشترط المشرع في العقود العرفية شروطا كالتي وضعها في العقد الرسمي ، إذ يكفي أن يكون العقد مكتوبا وموقعا من الأطراف، ولكن البيع العرفي للعقارات هو قبل كل شيء عقد ، تنطبق عليه أحكام العقد العامة المنصوص عليها قانونا. أولا: التراضي
يتم الراضي بين الأطراف بتطابق الايجاب الصادر من البائع والقبول الصادر من المشتري ، ويجب أن يكون الايجاب واضحا، كأن يعرض شخص ببيع عقار معين بقيمة محددة لشخص آخر، وينتج الايجاب أثر) القانوني بمجرد وصول التعبير عن الإرادة التعاقدية إلى الطرف الثاني ، وإذا حدد الموجب أجلا للقبول يلتزم بإيجابه طول المدة الني حددها، وإذا قبل الطرف الثاني بالعرض الذي تقدم به الموجب كان ملزما بما قبل به، ولتكون الرغبة في التعاقد ملزمة لابد من أن يكون الشخص متمتعا بالأهلية القانونية، والتي حددها المشرع بسن تسعة عشر 19 سنة كاملة ، أما بالنسبة لناقص وعديم الأهلية ينوب عنه ممثله القانوني في إبرام التصرفات .
ويجب أن يكون التعبير عن الإرادة خاليا من العيوب، هذه الأخيرة حددها المشرع في المواد من 81 إلى 91 من القانون المدني، وإذا تخلل عقد البيع عيب من هذه العيوب جاز له أن يطلب إبطال البيع وللمحكمة أن تقرر الإبطال، أو أن تأمر بإنقاص العقد إذا كان التزامات أحد الطرفين متفاوتة واستغل أحد الطرفين الطيش البين أو الهوى الجامح الذي يتملك أحد الطرفين ثانيا: المحل
محل البيع هو العقار بالنسبة للمشتري وهو الثمن بالنسبة للبائع، فالعقار المبيع بالنسبة للمشتري، يجب أن يتم تحديده تحديدا نافيا للجهالة، وذلك بأن يتضمن ذكر موقعه ومكوناته وحدوده ومساحته، ويمكن أن يكون العقار غير موجود وقت التعاقد ولكنه قابل للوجود في المستقبل، كعقد البيع على التصاميم ، إذ يجوز للمرقي العقاري أن يبرم عقود مع الأشخاص لبيع شقق،
وبنايات حسب الاتفاق، ويوضح للأطراف في مخططه المصغر وتصاميمه الشكل الذي سيكون عليه العقار أو البناء بعد الانجاز، مقابل دفع مبالغ دورية حسب الاتفاق، إلى حين إنشاء العقار محل الاتفاق.
وهو نفس الأمر بالنسبة للبائع فيحب أن يكون الثمن محددا وفقا لإرادة الطرفين، وان يكون الثمن حقيقا لا صوريا، فيحب أن يعبر الثمن على القيمة الحقيقة للعقار، أما إذا بيع بغبن يزيد عن الخمس جاز للبائع طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل، وتكون العبرة في تقدير الغبن بوقت البيع .
تجدر الإشارة في هذا الصدد أنه يشرط في بيع العقارات أن يكون الثمن المصرح به حقيقي، ولكن ما يقع عمليا أن الأطراف المتعاقدة تعمد للتصريح بمبلغ غبر ذلك المتفق عليه، ولهذا الفعل نتائج خطيره تجاه المتعاقدين والغير، فمن شانه أن يضر بخزينة الدولة كون هذه الأخيرة كلفت مصلحة الضرائب، بجمع رسوم عن كل عملية يقوم بها الأشخاص، وترتفع نسبة الضريبة بارتفاع قيمة العقار المبيع ، أما بالنسبة للأطراف فيكونون محل للمتابعة من طرف إدارة الضرائب إذا ثبت التصريح الكاذب في حقهم بثمن العقار المبيع هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إذا وقع نزاع ببين الأطراف، وقرر القاضي فسخ البيع لعدم تنفيذ الالتزام، فيستطيع البائع أن يتمسك برد المبلغ المصرح به لا المتفق عليه، ففي هذه الحالة يكون المشتري قد جازف بمبلغ من المال من أجل التهرب الضريبي. ثالثا: السبب
السبب هو الغاية المتوخاة من عقد البيع العرفي للعقار، والسبب نوعان سبب ظاهر، ويسمي سبب الالتزام وفق النظرية التقليدية وهو انتقال ملكية العقار بالنسبة للمشتري، وبالنسبة للبائع هو استفاء الثمن، وهناك سبب خفي قد لا يصرح به الأطراف، كأن يكون الغرض من البيع هو التخلص من حالة قانونية كالشيوع مثلا، أو التهرب من تنفيذ الالتزام، لأنه في حالة عدم التنفيذ يلجأ الدائن إلى وسائل التنفيذ الجبرية كالحجز التحفظي والتنفيذي، وقد يكون الدافع للتعاقد في بيع العقار بعقد عرفي هو التنصل من تنفيذ التزامه بالنسبة للبائع، فهو يعلم أنه في هذه الحالة سيلجأ المشتري للقضاء للمطالبة بتنفيذ للمشتري لالتزامه، والقضاء في أغلب الأحوال سيقضي ببطلان العقد، على أساسا أن الرسمية شرط أساسي في عقود بيع العقارات، وقد يكون غرض المشتري هو شراء العقار من اجل غرض غبر مشروع، وقد رتب المشرع البطلان لعقود بيع العقارات إذا كان السبب غير مشروع أو مخالف للنظام العام والآداب العامة. رابعا: الشكلية
ويقصد بهذا الشرط القالب الذي يفرغ فيه العقد، وبالرجوع إلى المادة 327 ق م نجد أن المشرع اشترط في العقد العرفي الكتابة والتوقيع ، والمتداول في الواقع العملي أن يتوجه المتعاقدان إلى أحد المكاتب العمومية للكاتب العمومي ويحرر لهم العقد، والذي يصح أن يطلق عليه تسمية المحرر، والسبب وراء اللجوء إلى العقد العرفي هو سرعة الاجراء، وقلة التكاليف فشرطا المحرر العرفي هما الكتابة والتوقيع ، إذ يكفي أن يحضر الأطراف وقد يحضرن معهما شاهدان أمام الكاتب العمومي أو أن يحرر العقد بمعرفتهما الشخصية ويوقع الأطراف، ولا يحتاج للتوجه إلى الموثق وإيداع المبلغ، ودفع مستحقات الضرائب والرسوم عن طريق الموثق زيادة على عمولة هذا الأخير . الفرع الثاني: أثر ببع العقار بعقد عرفي
قبل التطرق إلى أثر بيع العقار بموجب عقد عرفي وفقا للقانون الحالي، تجدر الإشارة إلى أن شكل البيوع العقارية وفقا للتشريع الجزائري مر بعدة مرحل، فأول قانون جزائري صدر ينظم ثكل انتقال الحقوق العقارية هو الأمر رقم 70-91 المؤرخ في 15 ديسمبر 1970 والذي دخل حيز التنفيذ 1 جانفي 1971 والمتضمن تنظيم التوثيق إذ نص في المادة 12 على أنه : )زيادة عن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان، تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أو كل عنصر من عناصرها، عن أسهم من شركة أو حصص فيها، أو عقود إيجار زراعية أو تجارية أو مؤسسات صناعية، في ثكل رسمي، ويجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد (
ثم صدر القانون المدني بموجب الأمر 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 والذي تطرق إلى العقد كطريقة لانتقال الملكية العقارية، وتطرق إلى الشهر المتعلق بالحقوق العينية العقارية، وذلك ليكون للتصرف حجة على الغير ، وهذا ما أكده المشرع بنص لاحق وهو الأمر 74/75 المؤرخ في 1975/11/12 المتضمن اعداد المسح العام وتأسيس السجل العقاري و الذي نص في المادة 15 على ما يلي : ) كل حق ملكية وكل حق عيني آخر متعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ نشره في مجموعة البطاقات العقارية(
وبالتالي لم تعد الرسمية التي تطرق لها قانون التوثيق في المادة 12 كافية لتمام انتقال الملكية العقارية، بل لابد من شهرها بالمحافظة العقارية، وقد تدخل المشرع الجزائري بالقانون رقم 88-14 المؤرخ في 03 ماي 1988 والذي عدل القانون المدني بعد أن نقل المادة 12 من قانون التوثيق السالفة الذكر حرفيا في القانون المدني، واصبحت ضمن الشريعة العامة وليس في قانون التوثيق حسب .
و كان للمرسومين 80-210 و 93-123 وقع كببر في تسوية شكل التصرفات المحررة بموجب عقود عرفية، فكما هو معلوم بعد الاستعمار تم مواصلة العمل بالقوانين الفرنسية إلا ما مس بها بالسيادة الوطنية، فكان المرسوم59-1190 الذي دخل حيز التنفيذ 1 مارس 1961 .
المتضمن نضام الشهر العقاري، ساريا المفعول إلى أن صدر قانون التوثيق سنة 1971، وما ميز هذه الفترة هو كثرة إبرام العقود العرفية وتزايد النزعات حول إثبات الملكية العقارية لذا تدخل المشرع لضبط استقرار البيوع العقارية بالمرسوم رقم 80-120 المؤرخ 13 سبتمبر 1980 والذي عدل المرسوم رقم 76-63 المؤرخ في 25 مارس 1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري وذلك بهدف تسوية وضعية المحررات العرفية المحررة قبل 01 مارس 1961، وذلك بأن يتوجه الاشخاص المالكين لعقارات بعقود عرفية، والتوجه للقضاء لاستصدار حكم الذي يتم شهره بالمحافظة العقارية وتثبت الملكية العقارية شكل رسمي.
اًما المرسوم 93-123 المؤرخ في 19 ماي 1993 فقد جاء لتسوية وضعية العقارات المملوكة بموجب محررات عرفية والتي لها تاريخ ثابت، والتي حررت قبل 1 جانفي 1971 أي سريان قانون التوثيق والذي نص على الرسمية في عقود بيع العقارات، فبموجب هذا المرسوم يتوجه الأطراف للموثق ليقوم بإيداع العقود العرفية بقالب رسمي، والسبب وراء ذلك هو أنه قبل صدور قانون التوثيق، شاع استعمال المحررات العرفية المثبتة للملكية العقارية.
أما جميع العقود الني تبرم بعد 1 جانفي1971 والمتعلقة بحق غيني على عقار فلا بد من افرغها في شكل رسمي تحت طائلة البطلان ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في العديد من قرارتها منها القرار رقم 136156 المؤرخ في 1997/02/18، والذي اكدت فيه المحكمة العليا على ضرورة اضفاء الرسمية على العقود تحت طائلة بطلانها .
بل واعتبرت المحكمة العليا العقد الذي يحرره الموثق والذي يكتفي فيه بقيد اتفاق الأطراف دون شهره بمثابة عقد عرفي وذلك بقرار رقم 113840 مؤخ في 291994/02/07.
فالعقود العرفية الثابتة التاريخ التي أبرمت قبل صدور قانون التوثيق هي عقود صحيحة ومنتجة لأثارها، ووفقا للقانون المدني تكتسب العقود العرقية تاريخ ثابتا، من تاريخ تسجيلها، أو من يوم ثبوت مضمونها في عقد آخر حرره موظف عام، أو من يوم التأشير عليه من طرف ضابط مختص، أو من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد خط أو إمضاء، ويجوز للقضاء إذا رفع الأمر له أن يلزم الأطراف بالحضور أمام الموثق لتحرير عقد رسمي عن البيع المنعقد بعقد عرفي إذا أبرم قبل 01 جانفي 1971، وهو ما قضت به المحكمة العليا بشأن عقد عرفي والذي أبرم في 01 جوية 1963 وذلك في قرار رقم 198674 مؤرخ في 26/04/2000
تجدر الإشارة إلى أن عملية المسح تساهم في إنشاء هوية العقار، هذا النظام الذي يساعد على التعرف على العقار بدقة أكبر من الوصف الذي يمنحه الموثقين للبيوع العقارية وذلك بموجب الامر رقم 75-74 السالف الذكر، وكن نظرا لتأخر عملية المسح وشمولها على كافة البلديات عبر الراب الوطني لقلة الموارد البشرية المسخرة لهذا القطاع، كما أن نظام المسح يساعد في تبني الشهر العيني للعقارات، لذا تبقى الوضعية الحقيقية للعقار متذبذبة بين الصحة والخطأ، إلى حين أن تشتمل عملية المسح كافة الراب الوطني .