logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





18-04-2021 04:14 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 27-02-2013
رقم العضوية : 111
المشاركات : 152
الجنس :
الدعوات : 1
قوة السمعة : 20
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب

بحث عقد الوديعة المصرفية في القانون الجزائري
المبحث الأول تعريف الودائع وأهميتها
المطلب الأول تعريف الودائع المصرفية
المطلب الثاني : أهمية الودائع المصرفية
المبحث الثاني : الطبيعـة القانونية للوديعــة النقدية المصرفية
المطلب الأول : نصـوص قانونية حول الوديعة المصرفية
المطلب الثاني : موقف المشرع الجزائري من الطبيعية القانونية للوديعة المصرفية النقدية
المبحث الثالث : أنواع و محددات مستوي الودائع المصرفية
المطلب الأول : أنواع الودائع المصرفية
المطلب الثاني : محددات مستوى الودائع المصرفية
خاتمة

مقدمــة
للودائع النقدية المصرفية أهمية خاصة في مجال النّشاط البنكي ذلك انها تغذي المصارف بالأموال الضرورية لمباشرة العديد من أعمالها لقد أصبحت البنوك ضرورة من ضروريات العصر الحديث ، بحيث لا يمكن ألحد أن يستغني عن خدماتها و اولت الجزائر على غرار باقي دول العالم أهمية كبيرة في هذا المجال حيث يعد القطاع المصرفي في الجزائر حجر الأساس الدائم للاقتصاد الوطني، إذ يتمثل دوره الرئيسي له هو بتوفير الأطر المؤسسة الهادفة إلى جلب المدخرات. و توجه نحو الاستثمار دعما للعجلة التنمية، حيث حظى هذا النظام بعناية تشريعية هامة تمثلت أهمها في قانون 90-10 المتعلق بقانون النقد و القرض الملغى و قانون 03-11 المتعلق أيضا بالنقد و القرض المعدل و المتمم .
و لقد تتعدد العمليات المصرفية خاصة في الوقت الراهن ، و من بيناه م العمليات المصرفية التي تقوم بها البنوك عملية الإيداع أو ما يعرف بالودائع المصرفية ، والتي تعتبر أحد أهم البنود اللازمة لدعم الاستقرار المالي وهي بمثابة ديون على البنك واجبة التسديد. و تتلقى البنوك الودائع من الافراد و المؤسسات، إذ لا يمكن لها أن تعتمد على مواردها الخاصة فقط للقيام بوظيفتها لذلك تعتبر الودائع المصرفية المصدر الرئيسي لأموال البنوك و شريان الحياة بالنسبة لها.
وعليه يمكن طرح التساؤل التالي :
ماهي الوديعة المصرفية و ماهي أنواعها ؟ وماهو موقف المشرع الجزائري منها ؟

المبحث الأول: تعريف الودائع وأهميتها
المطلب الأول: تعريف الوديعة المصرفية

يشير مفهوم الودائع المصرفية إلى ذاك المبلغ من المال الذي يتم حفظه أو إيداعه في البنك لمدة من الوقت قد تكون محددة وقد تكون غير محددة وذلك وفق عقد وشروط مبرمة يتفق عليها الطرفان (المودع والبنك).
يرغب الأفراد أحياناً، لاعتبارات مختلفة , في تفصيل عدم الاحتفاظ بالنقود لديهم. ويبحثون عن أحسن الصيغ للحفاظ عليها . وتطرح البنوك واحدة من هذه الصيغ ، و هي إتاحة الفرصة للأفراد من أجل الاحتفاظ بالنقود لديها . وعلى هذا الأساس ، يمكن تعريف الوديعة على أنها تمثل كل ما يقوم الأفراد أو الهيئات بوضعه في البنوك بصفة مؤقتة قصيرة أو طويلة على سبيل الحفظ أو التوظيف . و تتجسد هذه الودائع في غالب الأحيان في شكل نقود قانونية ، على الرغم من أنها يمكن أن تأخذ أحيانا أشكالا أخرى .
و منه فإن البعد الزمني في الوديعة مهم للغاية حيث يوجد فاصل زمني بين لحظة الإيداع و لحظة السحب . و هذا الفاصل الزمني له أهمية خاصة من عدة جوانب . فهو يسمح بتحديد مردودية الوديعة بالنسبة للمودع . كما أن هذا الفاصل الزمني يعتبر حاسما من الناحية الاقتصادية بالنسبة للبنك، إذ على أساسه يمكن تقدير مدى التوظيفات اللازمة لهذه الأموال .
و من جهة أخرى ، فإن الوديعة لا تعني تحويلا للملكية ,أي ملكية النقود . فهي دائما ملك لصاحبها، تخلى عن التصرف فيها بصفة مؤقتة . وقد نقل حق التصرف فيها ، و لكن بشكل مؤقت أيضا ، إلى البنك . فهذا الأخير من حقه استعمال هذه الودائع ، و لكن في الحدود التي تسمح له بها عمليات السحب المحتملة من طرف أصحابها.
و الوديعة النّقدية المصرفية ، عبارة عن نقود يقوم شخص ما ( طبيعي أو معنوي ) بإيداعها لدى البنوك على أن يلتزم هذا الأخير بردّها إليه لدى الطلب أو وفقا للشروط المتفق عليها.
و ينظم هذه الوديعة النّقدية عقد يبرم بين الشخص المودع و المصرف المودع لديه بمقتضاه يكون من حق البنك التّصرف في النقود محل الوديعة بما يتفق مع نشاطه ، و يلتزم المصرف مقابل ذلك بردّ مبلغ الوديعة عند الطلب أو بعد أجل معين من الإيداع مضافا إليه الفوائد بحسب الإتفاق القائم بينهما . فالبنك يتملك المبالغ النقدية المودعة لديه بمجرد تسلمه إيّاها و يصبح العميل مجرّد دائن له بهذه المبالغ ، و يكون للمصرف حريّة التصرف فيها و إستعمالها في أعماله المصرفية الأخرى كالإقتراض ، و خصم الأوراق التجارية ...
و هذا التّعرف للوديعة النّقدية المصرفية يتماشى مع ما ورد في نص المادة 111 فقرة 1 من قانون رقم 90-10 و المتعلق بالنّقد و القرض ، التي تقضي بأنّ :" تعتبر أموال متلقاه من الجمهور ، تلك التي يتم تلقيها من الغير ، و لا سيّما بشكل ودائع ، مع إستعمالها لحساب من تلقاها بشرط إعادتها " .
كما يتفق هذا التعريف في مضمونة مع ما كانت تنص عليه المادة 35 فقرة 1 من القانون رقم 86-12 و المتعلق بنظام البنوك و القرض ، و الذي ورد بها ما يأتي " يشكل أي مبلغ مودع لدى مؤسسة قرض دينا على هذه المؤسسة سواء في ذلك أصل هذا المبلغ أو فوائده المحتملة ".
و من هنا تختلف الوديعة النقدية المصرفية عن الوديعة العادية التي ورد تعريفها في المادة 590 من القانون المدني الجزائري التي تنص على أنّ " الوديعة عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقولا إلى المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدّة و على أن يرده عينا "

المطلب الثاني : أهمية الودائع المصرفية
تعد من أهم الموارد الأساسية للمصرف، حيث تُستَخدَم في أغراض عدة، مثل الاستثمار وعملية الإقراض، كما أنَّها تُفيد في تسهيل العمليات المصرفية، وفي عدة نقاط منها:
- توجيه الأموال والمدخرات إلى قنوات استثمارية تعزز الإنتاج وتزيد من رأس المال، وبالتالي تنعش اقتصاد الدولة.
- تفيد الودائع المصارف أكثر بكثير من الاحتياطات ورأس المال كونه لا يُمكن استثمارها في مشاريع تدر الأرباح.
- تفيد الودائع في تقليل الاستهلاك، ممَّا يؤدي إلى الاستقرار النقدي على مستوى الدولة بسبب تقليل نسبة التضخم والذي بدوره يؤدي إلى التنمية الاقتصادية.
- تعد عملية الإيداع بحد ذاتها خدمة تُقدَّم للأفراد.
- إنَّ الودائع تُفيد في التوزيع العادل والمدروس للموارد المالية على المشاريع التي تُستثمَر بها، وكذلك تفيد في تنوع المشاريع التي تمولها المصارف؛ ممَّا يؤدي إلى توزيع المخاطر والتقليل منها.
- تسهل عملية الدفع بين الأشخاص من خلال التحويل السريع وخصوصاً خارج حدود الدولة؛ إذ يُمكنك الدفع وأنت في بلدك لأيِّ بلد أخر مقابل خدمة ما أو منتج معين اشتريته.
- توفر الودائع عائداً جيداً للمودعين ممَّا يحقق لهم الاستقرار المادي.

المبحث الثاني : الطبيعـــة القانونيــة للوديعــة النّقديــة المصرفيــة :
المطلب الأول : نصــوص قانونيـــة حول الوديعة المصرفية
المادة 590 من القانون المدني الجزائري : " الوديعة عقد يسلّم بمقتضاه المودع شيئا منقولا إلى المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدّة و على أن يردّه عينا ".
المادة 591 ق م ج :" على المودع لديه أن يتسلم الوديعة . و ليس له أن يستعملها دون أن يأذن له المودع في ذلك صراحة أو ضمنيا ".
المادة 571 ق م ج : " الوكالة أو الإنابة هو عقد بمقتضاه يفوّض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل و بإسمه ".
المادة 578 ق م ج : " لا يجوز للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه ".
المادة 1/111 من القانون رقم 10-90 ، لسنة 1990 و المتعلق بالنّقد و القرض : " تعتبر أموال متلقاة من الجمهور ، تلك التي يتم تلقيها من الغير ، و لا سيّما بشكل ودائع ، مع حق إستعمالها * حق التصرف فيها * لحساب من تلقاها بشرط إعادتها ".
المادة 598 ق م ج : " إذا كانت الوديعة مبلغا من النّقود أو أي شيء آخر مما يستهلك و كان المودع لديه مأذونا له في إستعماله أعتبر العقد قرضا ".
المادة 1/35 من القانون رقم 12-86 لسنة 1986 ( الملغى ) و المتعلق بنظام البنوك و القرض : " يشكل أي مبلغ مودع لدى مؤسسة قرض ، دينا على هذه المؤسسة سواء في ذلك أصل هذا المبلغ أو فوائده المحتملة".
المادة 117 من القانون 10-90 المتعلق بالنّقد و القرض : الرجوع إلى مضمون هذه المادة المذكورة أعلاه فيما يخص التكييف القانوني للوديعة النّقدية المخصصة لغرض معيّن .

المطلب الثاني : موقف المشرع الجزائري من الطبيعية القانونية للوديعة المصرفية النقدية
باستقراء المادتين 598 من القانون المدني الجزائري و المادة 67 من قانون النقد و القرض يمكن إسقاطها على الوديعة المصرفية، باعتبار أنها عبارة عن مبلغ من النقود يسمح للمودع لديه و هو البنك في هذه الحالة يستعملها.
وبهذا يكون المشرع الجزائري قد حسم الجدل القائم حول تحديد الطبيعية القانونية لعقد الوديعة النقدية المصرفية واعتبر الوديعة المصرفية عقد قرض.
و استنادا لما تقدم يمكن القول بأن الوديعة المصرفية النقدية تعتبر في الحقيقة قرضا و إن كان العمل قد جرى على وصفها بالوديعة النقدية ، فذلك راجع اعتبارات تاريخية تعود إلى القرون الوسطى لدرء الخطر الكنسي للقرض بالفائدة حينما كانت البنوك تدفع فوائد للمودعين و بما أن الوديعة المصرفية النقدية تعتبر قرضا فلا مجال لتطبيق أحكام الوديعة عليها و نتيجة لذلك فإنه يجوز المقاصة بين الوديعة و الحق الذي يكون للبنك على المودع كما لا يجوز اعتبار البنك مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة إذا تعذر عليه الرد للمودعين باستثناء الوديعة المخصصة لغرض معين ، إذ يلتزم البنك بموجبها بأن بحفظ بمبلغ معادل لما تسلمه على وجه الوديعة للقيام بالغرض المعينة .
إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن بعض الفقه يري بأن الوديعة النقدية التي تم تكييفها بأنها قرض من قبل معظم التشريعات في قانونها المدني ، و من بينها المشرع الجزائري و التي يشترط فيها أن يكون المودع لديه مأذونا له باستعمالها، تختلف عن الوديعة المصرفية النقدية لأن البنك لا يحتاج إلى إذن من المودع لاستعمال النقود بل يتلقاها كمالك لها.
المادة 598 بأنه:" إذا كانت الوديعة مبلغا من النقود أو أي شيء أخر مما يستهلك و كان المودع لديه مأذونا له في استعماله أعتبر العقد قرضا".
إلا أنه يمكن الرد على هذا الانتقاد من خلال استقراء المادة 598 والمادة 67 ، فقد اشترطت المادة 598 لاعتبار الوديعة التي يكون محلها مبلغا من النقود قرضا أن يكون المودع لديه مسموحا له باستعمال المبالغ المودعة وهو ما كرسته المادة 67 قانون النقد على حق البنك في استعمال الأموال التي يتلقاها من الجمهور مع و القرض حيث نصت شرط إعادتها ، لذلك يمكن القول ان الوديعة المصرفية عبارة عن قرض و ذلك نظرا لتوفر الشروط التي نصت عليها المادة 598 من القانون المدني الجزائرية.
لاعتبار هذا العقد قرضا فيها، لأن الوديعة المصرفية النقدية عبارة عن مبالغ نقدية سمح للمودع لديه و هو البنك باستعمالها بموجب نص قنوني.

المبحث الثالث : أنواع و محددات مستوي الودائع المصرفية :
المطلب الأول : أنواع الودائع المصرفية
هناك عدة أنواع للودائع تختلف بحسب الغرض منها . فهناك الودائع التي توضع في البنوك لمجرد الاحتفاظ بها ، و هناك نوع آخر من الودائع ينتظر أصحابها تحقيق عوائد من ورائها . و عموما، يمكن أن نذكر أربعة أنواع رئيسية للودائع
الفرع الأول : الودائع تحت الطلب أو الودائع الجارية :
تتميز الودائع تحت الطلب بخصائص تميزها عن غيرها من الودائع. و كما يدل اسمها، فهذه الودائع هي دائما تحت تصرف أصحابها ، يمكنهم اللجوء إلى سحبها كليا أو جزئيا متى شاءوا ، و دون إشعار مسبق . فالوديعة ، وإن كانت بحوزة البنك ، فهي تحت التصرف المطلق لصاحبها . ولا يحق للبنك أن يفرض قيودا أو شروطا أمام صاحبها أثناء السحب، ولا يجوز له أن يتحجج بأي حجة كانت من شأنها أن تشكل عراقيل أمام المودعين في استعمال هذه الودائع.
ومقابل هذه الخاصية، لا يمكن لأصحاب هذا النوع من الودائع الاستفادة من فوائد. وهم لا يستطيعون أن يفرضوا ذلك على البنوك نظرا للطبيعة الجارية للوديعة ، على الرغم من أن البنك بإمكانه استعمال هذه الودائع في منح القروض ، ولا شيء يمنعه من ذلك سوى ما يتوقعه من عمليات سحب. وهناك من الأنظمة المالية ما يمنع صراحة إعطاء فوائد على الودائع. ويسمح مثل هذا الأمر للبنوك باستعمال موارد مالية غير مكلفة، الأمر الذي يسمح بالتوسع في القروض نظرا لتكلفته المنخفضة نسبياً.
وتؤكدّ الوقائع على أهمية هذا النوع من الودائع، بحيث تشكلّ المصدر الأساسي للسيولة في النشاط المصرفي، إذ تكّون الجزء الأكبر من موارده الخارجية، أما في المصارف الإسلامية فيكون التركيز على الوديعة الاستثمارية، لذلك لا يدفع المصرف الإسلامي أية أرباح عن المبالغ المودعة في الودائع تحت الطلب، ولا يدفع العملاء أية مصاريف إدارية لهذا الحساب.
الفرع الثاني : الودائع لأجل :
هي تلك الودائع التي يضعها أصحابها في البنوك لفترة معينة، ولا يمكن لهم سحبها إلا بعد انقضاء هذه الفترة و تقديم إخطار للبنك بتاريخ السحب. فالوقت يعتبر إذا عاملا تصنف على أساسه هذه الودائع، وتميزه عن غيرها. فهي ليست ودائع جارية تماما بحكم العقبات والشروط التي تعترض صاحبها أثناء عمليات السحب بالإضافة إلى أنها تبقى بحوزة البنك لفترة ما تكون محل اتفاق بين الطرفين. وهي كذلك ليست ودائع ادخارية بالمعنى الدقيق لهذا المفهوم، نظرا لأن بقاءها بالبنك لا يكون في العادة لفترات طويلة.
وعلى هذا الأساس ، تعتبر الودائع لأجل من التوظيفات السائلة قصيرة الأجل. فهي تجمع بين خاصيتي التوظيف و السيولة . فخاصية التوظيف تعطي لصاحبها الحق في الحصول على عائد في شكل فائدة ، بينما خاصية السيولة تعني أن المدة التي تبقاها الوديعة في البنك ليست بالطويلة ، بالإضافة إلى وجود إمكانية سحبها في أي وقت ولكن بعد استيفاء بعض الشروط الضرورية مثل الإخطار المسبق و احتمال تحمل فائدة سلبية على أساس المبلغ المسحوب.
ويعتبر هذا النوع من الودائع من بين العناصر الأساسية ، مثلما هو الشأن في الودائع الجارية ، التي تمكن البنك من إنشاء نقود الودائع . ويكفي البنك أن يحصل على وديعة من هذا النوع لكي يوسع من قدراته الإقراضية بشكل أكبر من الوديعة ذاتها .
وتأتي أهمية هذا النوع من الودائع من كونها توفّر استقراراً أكبر لعمليات المصرف التجاري، إذ بإمكانه التصّرف باطمئنان في أموال هذه الودائع.
أما المصارف الإسلامية فتستثمر الودائع الاستثمارية مع رأسمالها المعدّ لذلك في المشروعات الإنتاجية المختلفة، سواء بطريق مباشر أو بطريق تمويل مشروعات الغير على أساس عقد المضاربة الشرعية أو المشاركات بأنواعها المختلفة، بحيث تتشارك الودائع الاستثمارية في ناتج أعمال المصرف الإسلامي غُنماً أو غُرماً.
ملاحظة :
إن نسبة الفائدة ـ كحافز للإدخارـ التي تعرضها البنوك لقاء الودائع لأجل هي أعلى من الفائدة على ودائع التوفير الجارية. والسبب هو أن إرتباط ودائع الأجل بمواعيد محددة معروفة مسبقا يعطي البنك الحرية في إعادة استخدامها (بأن يقرضها للغير) وبالتالي فهو مستعد لأن يكافئ على هذه الحرية بزيادة الفائدة على إيداعها لديه، في حين أن ودائع التوفير الجارية لا تعطي نفس الحرية للبنك باعتبارها جارية أي مستحقة الطلب في أي وقت.
الفرع الثالث : الودائع الادخارية :
تعتبر هذه الودائع بمثابة عملية توفير وادخار حقيقية نظرا لمدة إيداعها في البنوك والعائد المنتظر منها . فهذه الودائع تبقى لفترات طويلة في البنك ، لا يمكن لصاحبها أن يسحبها مهما كانت الظروف . وهو يواجه عراقيل عديدة أولها ضرورة انقضاء مدة الإيداع .
كما أن أصحاب هذه الودائع يحصلون على فوائد معتبرة تعتبر عوائد توظيف حقيقية للأموال ، وتعكس الطبيعة الادخارية لهذه الودائع . ومقابل هذه التكلفة التي تعتبر مرتفعة نسبيا بالنسبة للبنك مقارنة بما يدفعه مقابل الودائع لأجل مثلا ، فإنه يضمن بقاء هذه الأموال بحوزته لفترات طويلة ، الأمر الذي يفتح أمامه المجال لاستعمالها في منح القروض ذات الأجل الطويل .
والملاحظ أن الودائع الادخارية، ولأجل أقل تجانسا من الودائع الجارية ، فهي متعددة ومتنوعة و تأخذ أشكالا عديدة . والعامل المشترك بينها هو حصولها على عائدة . يتمثل في سعر الفائدة . و الأخير تتوقف قيمته على عدة عوامل من أهمها مستوى السوق النقدي ،وسياسة البنك المركزي و سعر الخصم ، السياسة الحكومية ، حجم السيولة ، حالة الأسواق الخارجية ، مدة الوديعة ، حجم الوديعة ، شخصية المودع ،تقلبات العملة ومعدلات التضخم .
ومن أهم صور هذه الودائع دفاتر التوفير والادخار وهي أكثر صور الودائع الادخارية انتشارا في البنوك التجارية. و يقوم بها الأفراد دون الشركات والمؤسسات. وطبيعة هذه الودائع تجمع بين الحساب الجاري والعائد في نفس الوقت فلا يوجد لها أجل محدد. وعملي فان عملية الإيداع هنا متكررة.
وتضاف العمليات الإيداعية التالية إلى قيمة الوديعة الأصلية . كما يمكن أن تكرر أيضا طلبات السحب. إذ يمكن سحب الوديعة أو جزء منها عند طلب المودع.
وهناك صورة أخرى لتلك الودائع تتمثل في شهادات الإيداع أو شهادات متنوعة ذات طبيعة ادخارية. وهي عبارة عن سندات تصدرها البنوك التجارية لأجل معين أو غير معين. ويحصل عليها عادة الأفراد والمشروعات، لما تحققه من عائد مجز.
ولا يمكن لمالكي هذه الشهادات أن يسحبوا أموالهم، أي استبدال الشهادات بقيمها النقدية، قبل فترة زمنية معينة. وهي تصدر بقيمة محددة و إجمالية . وبعض نوعيات هذه الشهادات تقبل المفاوضة و البيع في السوق النقدية .
وتؤكد الوقائع أن المصرف الربوي لا يعتمد على هذا النوع من الودائع، بينما المصرف الإسلامي يعطيها أهمية كبرى، وذلك بهدف ضبط الإسراف والتبذير والإنفاق، ولهذا لا يعطي عليها أرباحاً، إنما يقتطع من كل وديعة ادخارية نسبة معيّنة ويحتفظ بها كسائلٍ نقديّ لمواجهة السحب منها ولا يدخلها في مجال المضاربة والاستثمار.
الفرع الرابع: الودائع الائتمانية :
يختلف هذا النوع من الودائع عن بقية الأنواع الأخرى . فهو النوع الوحيد الذي لا يكون نتيجة إيداع حقيقي، بل هو ناشئ عن مجرد فتح حسابات ائتمانية، و القيام بعمليات الإقراض. فحينما يقوم صاحب وديعة حقيقية بتحرير شيك لفائدة شخص ما دون أن يقوم هذا الشخص بسحب فعلي للنقود، فإن البنك يقوم بتسجيل هذه العمليات محاسبيا، بحيث يجعل حساب المسحوب عليه مدينا وحساب المستفيد دائنا. إن هذا التحويل بين الحسابين يعتبر بالنسبة للبنك وديعة، ليست فعلية على كل حال، ولكنها تسمح بالتوسع في القرض دون أن يدفع نقودا حقيقية. إذا فالودائع الائتمانية هي عبارة عن ودائع كتابية، أي ناتجة عن مجرد تسجيل محاسبي لحركات الأموال داخل البنك. وما تجدر الإشارة إليه، أن الودائع الائتمانية تزيد كلما قلت الأموال المسحوبة فعلا من البنك، وتنقص مع زيادتها.
والجدير بالذكر أن الودائع الائتمانية هي الوجه الآخر للقروض الائتمانية . فعندما يمنح البنك قرضا إلى شخص معين دون أن يسحبه، فمعنى ذلك أنه يمنح لهذا الشخص قدرة شرائية تمكنه من تسوية المعاملات عن طريق استعمال الشيكات ،حيث تحول الأموال كتابيا إلى حساب المستفيد الجديد ،و تعتبر عملية التحويل هذه ودائع جديدة ، ائتمانية بالطبع، و هذا ما يعطي في المحصلة النهائية بعادل ما بين القروض الائتمانية و الودائع الائتمانية . وتبعا لذلك نقول أن البنك قد خلق عملة جديدة ، هي نقود الودائع .
المطلب الثاني : محددات مستوى ودائع البنك.
يختلف مستوى ودائع النظام المصرفي ككل عن مستوى ودائع البنك الفردي. فالودائع على مستوى النظام المصرفي أي للبنوك مجتمعة، تحدد بناء على السياسة النقدية والتي قد تسمح بالتوسع في الودائع أو بزيادة الاحتياطات النقدية المتاحة. فالبنك المركزي يمكنه تغيير نسبة الاحتياطي النقدي، والإشراف على شباك الخصم، واستخدام عمليات السوق المفتوح كأدوات لتحقيق أهداف اقتصادية مثل النمو الاقتصادي ومستوى معين من العمالة واستقرار الأسعار. ولكي ينجز البنك المركزي هذه الأهداف فإنه يؤثر على مستوى الودائع في النظام ككل.
أما البنك الفردي فلا يمكنه الرقابة على مستوى الودائع ولكن يمكنه التأثير على كمية الودائع التي لديه وذلك من خلال عدد من العوامل الاقتصادية والشخصية والتي يمكن أن تحدد مستوى ودائع البنك الفردي وهي :
الفرع الأول: السمات المادية والشخصية :
وتتمثل في الخصائص التي يتمتع بها العاملون بالبنوك من حيث تأدية مهامهم بكفاءة، وتعاملهم بود مع العملاء، بالإضافة إلى التسهيلات المادية التي يوفرها البنك لعملائه من حيث قرب البنك وراحة العملاء وطول الانتظار في الصف...الخ.
الفرع الثاني: الخدمات التي تقدم بواسطة البنك :
يتمتع البنك الذي يقدم خدمات متنوعة لعملائه بإمكانية جذب الودائع عن البنوك الأخرى. وتتمثل الخدمات المتنوعة في نظام الإيداع والسحب الآلي، إمكانية الإيداع أو السحب بعد ساعات العمل، وتوفير تشكيلة متنوعة من الودائع، وتوفير أماكن لوقوف السيارات. كما أن بعض البنوك تجذب العملاء من خلال تقديم أقسام خدمات متنوعة مثل قسم للقروض، وقسم للمعاملات الأجنبية، وقسم لتعاملات البنوك الأخرى.
الفرع الثالث : سياسات البنك وسمعته :
وذلك فيما يتعلق بسياسات القروض والاستثمار التي يتبعها البنك لأنها مؤشر للعامة عن مستوى تعاملاته ودقتها. فالبنك الذي يمكنه تفادي الأزمات الاقتصادية أو الظروف المحلية أو العالمية يعتبر مصدر جذب للودائع عن البنك الذي ليس لديه هذه الخبرات. فسمعة البنك الاستثمارية وتشكيلة القروض وهيكل رأس المال القوي تعكس مدى كفاءة الإدارة، وبالتالي ثقة العملاء في البنك. بالإضافة إلى أن التنوع في تشكيلة الاستثمارات والقروض تساعد على جذب المزيد من العملاء.
الفرع الرابع : مستوى النشاط الاقتصادي :
الظروف الاقتصادية من رواج وكساد تؤثر على مستوى ودائع البنك. فالودائع تزيد في فترات الرواج الاقتصادي عن الكساد أو الأزمات الاقتصادية.
هذه الظروف الاقتصادية تؤثر على السيولة ككل، ولكن قد يقع البنك في منطقة معينة تنتج بها سلع أو تقدم بها خدمات ارتفعت أسعارها. فمثل هذه الظروف قد تؤثر على زيادة الدخل للعملاء في هذه المنطقة، وبالتالي زيادة الودائع قد تؤثر على زيادة الدخل للعملاء في هذه المنطقة، وبالتالي زيادة الودائع في البنك الذي يقع في هذه المنطقة.
الفرع الخامس : الموقع :
يمكن أن يؤثر موقع البنك وقربه من العميل في قدرته على جذب الودائع، خاصة بالنسبة للعملاء الأفراد. فالبنوك تتشابه إلى حد كبير في أنواع الودائع التي تقدمها وكذلك القروض. وبالتالي فإن العميل يفضل المكان الأقرب له للتعامل معه، حيث أن سهولة الوصول إلى المكان عامل مهم لجذب العملاء. وإدراك البنوك لذلك جعلها تنشئ الفروع المختلفة لجذب أكبر عدد ممكن من العملاء.
الفرع السادس : عامل البداية :
حيث قد يفضل العميل التعامل مع البنك الذي تعامل معه في أول مرة. أو يفضل الابن أو الابنة البنك الذي يتعامل معه والده أو والدته. وكذلك بالنسبة لشركات الأعمال فقد تفضل التعامل مع البنك الذي حصلت منه على أول قرض. وجود مثل هذه الارتباطات والتي يصعب تغييرها قد تؤثر على مقدرة البنك لجذب الودائع.

خـاتـمـــة :
في نهاية البحث نستنتج أن الودائع المصرفية تخدم الاقتصاد ككل من عدة جوانب فهي أولا تشكل خزانا كبيرا من الموارد يجنب عرقلة الاقتصاد بسبب شحة الموارد. كما أن ذلك يسهل التسيير النقدي للاقتصاد من دون وجود توترات نقدية معيقة للنمو المنتظم . ومن شأن ذلك أن يدفع إلى زرع الثقة في نفوس كل المتعاملين الاقتصاديين سواء كانوا منتجين أم مستهلكين أو مجرد مدخرين للأموال مما يساعد على توفير الظروف الضرورية للازدهار الاقتصادي.
الإيداع النقدي يدخل في إطار العمليات المصرفية، والممكن تعريفه بأنھ عقد يقوم بموجبه البنك باستقبال أموال الزبون، على أن تذهب إرادتهما إلى استعمالها لحساب البنك، و الذي يلتزم بردّ قدرها العددي للزبون وفقا لشروط العقد أو الاتفاق.
و ھو عقد تجاري دائما بالنسبة للبنك، تلعب الثقة بين أطرافه دورا كبيرا في إنشائه، ويرى أغلب الفقھ أنھ عقد إذعان.وقد حاول المشرع تكريس نوع من الضمان، وھذا ما يتجلى من خلال القواعد المنظمة للحقل المصرفي، لاسيما تلك المتعلقة بالبنك المودع لديھ، إنشاءه، سيره، الرقابة عليھ.
و حرصا على أموال الزبائن، أصبح بمقدور المودعين استيفاء أموالهم المودعة لدى البنك إذا ما أصبح في حالة توقف عن الدفع. على أن يكون التعويض كليا أو جزئيا في حدود سقف معين، بالعملة الوطنية وجوبا، ولو تعلق الأمر بودائع بالعملة الأجنبية.

المراجع
1- التشريع
- الأمر 59-75 المؤرخ في 26 سبتمبر1975 المتضمن القانون التجاري، المعدل والمتمم.
- الأمر 58-75 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني ، المعدل والمتمم.
- القانون رقم 10-90 المؤرخ في 14 أبريل 1990 المتعلق بالنقد والقرض.
2- مؤلفات
- عجة الجيلالي، الإصلاحات المصرفية في القانون الجزائري في إطار التسيير الصارم لشؤون النقد والمال، مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، العدد 04.
- أحمد بوراس وزبير عياش، الجهاز المصرفي الجزائري في ظل التكيف مع المعايير الدولية للرقابة المصرفية، مجلة العلوم الإنسانية، المجلد ب، العدد 30، ديسمبر 2008.
- عادل الهندي وعادل الحافي، الندوة المنظمة من قبل اتحاد المصارف العربية، بيروت لبنان، 1996.
- بلعزوز بن علي، مداخل مبتكرة لحل مشاكل التعثر المصرفي: نظام حماية الودائع والحوكمة، مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، العدد 5.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الوديعة ، المصرفية ،









الساعة الآن 06:57 AM