logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





29-04-2021 02:50 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 462
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب

تحليل نص المادة 800 من قانون الاجراءات المدنية والادارية
المعيار العضوي في تحديد الاختصاص القضائي

اولا التحليل الشكلي لنص المادة 800 ق ا م ا
ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 800 ق ا م ا

أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 800 ق إ م إ : { المحاكم الإدارية هي جهات الولاية العامة في المنازعات الإدارية .
تختص بالفصل في أول درجة ، بحكم قابل للاستئناف في جميع القضايا ، التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها .}
موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 800) في القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية .
و قد جاء في الكتاب الرابع وعنوانه الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الأدارية، من الباب الثاني وعنوانه آثار الالتزام ، في الفصل الثالث وعنوانه ضمان حقوق الدائنين ، القسم الأول وعنوانه الاختصاص النوعي .
البناء المطبعي :
النص عبارة على مادة قانونية هي المادة 800 من قانون الاجراءات المدنية و الادارية تتألف من فقرتين 2، .
الفقرة الأولى: تبدأ من " المحاكم الادارية " وتنتهي عند " المنازعات الادارية " ،
الفقرة الثانية : تبدأ من " تختص بالفصل " وتنتهي عند " طرفا فيها " .
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت فقرات المادة 800 من قانون الاجراءات المدنية و الادارية محملة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع المعيار العضوي ،و كمثال على ذلك نشير إلى :
" الولاية العامة " ، "المؤسسات العمومية " ، " الصبغة الإدارية " .
البناء المنطقي :
نلاحظ ان المادة 800 ق إ م إ بدأت بعبارة " المحاكم الإدارية "وهنا أي الاختصاص القضائي يعود إليها أي تعتبر جهات الولاية العامة في المنازعات الادارية , ثم بعد ذلك إنتقل الي الفقرة الثانية من المادة بذكره عبارة " تختص بالفصل " ويقصد أنه المحاكم الادارية تفصل في المنازعات الادارية المعروضة أمامها بحكم صادر كأول درجة قابل للإستئناف أمام مجلس الدولة , عندما تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها وهو بذلك إعتمد علي المعيار العضوي كأصل لتحديد الاختصاص القضائي و علي المعيار المادي كإستثناء.

ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 800 ق إ م إ يتضح أن المشرع قد بين أنه اعتمد المشرع في سبيل توزيعه للاختصاص النوعي داحل منظومة القضاء الإداري بوصفها منظومة مستقلة على ذات المعيار العضوي الذي تبناه في توزيع الاختصاص بين القضائيين الاداري و العادي ، إذ ركز على صفة الأشخاص الإدارية التي تكون طرفا في المنازعة وأجرى على أساسها توزيع الاختصاص بين بمجلس الدولة والمحاكم الإدارية، على أن يختص بمجلس الدولة في دعاوى قضاء المشروعية وتكون المحاكم الإدارية صاحبة الولاية العامة في كل المنازعات الإدارية (دعاوى قضاء المشروعية ودعاوى القضاء الكامل).
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 800 ق إ م إ يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ماهو مجال إختصاص القضاء الاداري في الجزائر وفق المعيار العضوي كمبدأ عام وكإستثناءا وفق المعيار المادي ؟
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الاول : مفهوم و نقد المعيار العضوي
المطلب الأول: تعريف المعيار العضوي
المطلب الثاني : نقد نظرية المعيار العضوي
المبحث الثاني : المعيار العضوي في قانون اللاجراءات المدنية و الادارية
المطلب الاول : الدولة , الولاية و البلدية
المطلب الثاني : المؤسسة العمومية ذات الصبغة الادارية
المبحث الثالث : الاستثناء الوارد على المعيار العضوي وتطبيق المعيار المادي
المطلب الأول : معيار المرفق العام
المطلب الثاني : معيار السلطة العامة
خاتمة

مقدمة :
المشرع الجزائري إعتمد في ضبط قواعد الإختصاص القضائي بين القضاء العادي والقضاء الإداري، على أسلوب المعيار العام الذي يرد عليه حالات إستثنائية. حيث ضبط قواعد الإختصاص الوظيفي إستنادا لمعيار عام هو المعيار العضوي، والذي شكل قاعدة عامة مرجعية تم بمقتضاها بيان ما يعد منازعة إدارية وجرى على أساسها توزيع الإختصاص القضائي، وفي ذات الشأن تم النص على حالات إستثنائية لمنازعات إدارية يعود الفصل فيها للقضاء العادي. وإستثناء على هذه القاعدة العامة تم الأخذ بالمعيار الموضوعي أو المادي في تحديد المنازعة الإدارية.
حيث يترتب على الاخذ بنظام القضاء المزدوج تحديد اختصاص كل من جهتي القضاء على نحو دقيق يحد كل ما امكن من امكانية التنازع في الاختصاص بين الجهتين او صدور احكام متعارضة منهما ،
إن المشرع كرس العمل بالمعيار العضوي السائد، عند تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية. فهذه الجهة مختصة بالفصل في أول درجة ، بحكم قابل للاستئناف في جميع القضايا التي تكون الدولة أو البلدية أو المؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها عملا بالمادة 800 من هذا القانون ( ق.إ.م.إ ) والتي تتطابق مع مضمون المادة الأولى من القانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية معدل بموجب المرسوم التنفيذي رقم 11-195 المؤرخ في 22 مايو سنة 2011 .

المبحث الاول : مفهوم و نقد المعيار العضوي
المطلب الأول: تعريف المعيار العضوي

المقصود به هو ضرورة و حتمية التركيز في تحديد طبيعة العمل الإداري على صفة الجهة أو العضو الذي صدر منه العمل ؛ دون النظر أو الاعتماد على ماهية وجوهر وطبيعة العمل ذاته وبذلك يكون العمل عملا إداريا إذا صدر من عضو أو جهة إدارية لها الصفة والطبيعة الإدارية(الوزارة ؛ الولاية أي هو قانون الإدارة العامة باعتبارها تنظيما وجهازا لا باعتبارها نشاطا ووظيفة وقد نشا هذا المعيار عند نشأة القضاء الإداري للقانون الإداري الذي قرر انفصال واستقلال الوظيفة القضائية عن الأعمال الإدارية وقرر عدم تدخل القضاء العادي مرتبكا جريمة الخيانة العظمى ؛ وبذلك أصبح كل عمل أو نشاط إداري هو ما صدر عن جهة إدارية مهما كانت طبيعته يخضع للقانون الإداري ويفصل فيه القضاء الإداري.
وعليه يقصد به كل مرفق عام أو هيكل أو هيئة أو مؤسسة أو تنظيم المتكون من مجموعة أشخاص وأموال و الذي ينشأ ويؤسس بهدف إنجاز مهمة أو تقديم خدمة عامة معينة مثل : الجامعات والمستشفيات ودور الثقافة والمسارح والمتاحف ووحدات وأجهزة الإدارة العمومية. وبمعنى آخر هو المرفق الذي يعمل على أداء مهام و تقديم خدمات إشباعا للحاجات العامة.
المطلب الثاني : نقد نظرية المعيار العضوي
بالرغم من بساطته ووضوح وسهولة تحديده لمجال تطبيق القانون الإداري واختصاصه يشوبه عيب على ظواهر العمل الإداري وأشكاله الخارجية ولا يتعمق في ماديات وطبيعة العمل الإداري لتعبيره وفحص طبيعته من حيث كونه إداريا تطبق عليه قواعد القانون الإداري ؛ ويشوبه عدم الدقة فمثلا " هناك مجموعة تصرفات صادرة عن سلطات إدارية لكنها لا تعد أعمالا إدارية ولا تطبق عليها قواعد القانون الإداري ولا يختص بمنازعتها القضاء الإداري (عقود الإدارة المدنية).
ان المعيار العضوي له اساس قانوني ، و يمتاز بالوضوح والبساطة والسهولة في تطبيقه وتحديد نطاق اختصاص جهات القضاء الاداري ، الا انه مشوب بعيوب السطحية وعدم المصداقية والدقة في تحديد نطاق اختصاص القضاء الاداري فهو فضفاض حيث ان هناك مجموعات من الاعمال الادارية و المنازعات الادارية وبالرغم من ان اطرافها جهات وسلطات ادارية انها تدخل في نطاق اختصاص جهات القضاء العادي كما هو الحال بالنسبة لدعاوى ومنازعات عقود الادارة العامة المدنية.

المبحث الثاني : المعيار العضوي في قانون اللاجراءات المدنية و الادارية
كرست المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وهي ترسم الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية المعيار العضوي كمعيار فاصل بين قواعد الاختصاص لجهتي القضاء العادي والإداري
وبدأ المشرع بذكر الهيئات العمومية أو أشخاص القانون العام كما يلي :
المطلب الاول : الدولة , الولاية و البلدية
الفرع الاول : الدولة :

الدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين متفق عليه فيما بينهم يتولى شؤون الدولة، وتشرف الدولة على أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية الذي يهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها، وينقسم العالم إلى مجموعة كبيرة من الدول، وإن اختلفت أشكالها وأنظمتها السياسية
- المشرع يركز علي السلطات المركزية الممثلة في الوزارات.
وقد جاء ذكرها على رأس المادة 49 من القانون المدني نظرا لأهميتها ولأنها تشكل الشخص المعنوي الأم وباقي الأشخاص متفرعة عنها. وينحصر اختصاص الدولة في نطاق إقليم معين.
نص المادة 49 ق م : ( الأشخاص الاعتبارية هي :
- الدولة، الولاية، البلدية،
- المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري،
- الشركات المدنية والتجارية،
- الجمعيات والمؤسسات،
- الوقف،
- كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية.)
الفرع الثاني : الولاية :
لا يمكن تسيير شؤون الدولة بالاعتراف لها فقط بالشخصية الاعتبارية، لأن الدولة حتى تضطلع بأعباء السلطة العامة وتلبي سائر الخدمات العامة وتشبع سائر الرغبات تحتاج إلى الاستعانة بأشخاص إقليمية أخرى كالولاية والبلدية.
وللولاية أساس دستوري وقد عرفت المادة الأولى من القانون رقم 12-07 المؤرخ في 21 فبراير 2012 الولاية بأنها الجماعة الإقليمية للدولة وتتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة.
وهي أيضا الدائرة الإدارية غير الممركزة للدولة وتشكل بهذه الصفة فضاء لتنفيذ السياسات العمومية التضامنية والتشاورية بين الجماعات الإقليمية والدولة.
ولقد استقلت الولاية عن الشخص الأم (الدولة) ماليا وإداريا حتى تساعد الدولة ذاتها في أداء مهمتها بحسب ما تتطلبه الظروف الخاصة بكل جزء من الإقليم ولقد اعترف لها القانون المدني بالشخصية الاعتبارية كما اعترف لها قانون الولاية بممارسة مهامها والدخول في معاملات عقدية وبما يفصل ذمتها المالية عن الدولة كشخص إقليمي ويمكنها من حق التقاضي ويجعلها مسؤولة عن أعمالها.
الفرع الثالث : البلدية :
تمثل البنية القاعدية في التنظيم الإداري الجزائري.
وللبلدية أساس دستوري كما قد عرفت المادة الأولي من قانون البلدية رقم 11-10 :
)البلدية هي الجماعة الاقليمية القاعدية لدولة.
و تتمتع بالشخصية المعنوية و الذمة المالية المستقلة .
و تحدث بموجب القانون.(
ومما لاشك أن الاعتراف للبلدية بالشخصية الاعتبارية سيخفف العبء على كل من الدولة كتنظيم إقليمي وكذلك على الولاية بما ينجم عن هذا الاستقلال والفصل من آثار قانونية سواء في مجال التعاقد أو الذمة المالية أو المسؤولية القانونية.
للبلدية خصائص عديدة منها :
- البلدية مجموعة إقليمية يوجد بين مواطنيها مصالح مشتركة مبنية على حقائق تاريخية واقتصادية.
- البلدية مجموعة لامركزية أنشئت وفقا للقانون وتتمتع بالشخصية المعنوية.
- البلدية مقاطعة إدارية للدولة مكلفة بضمان السير الحسن للمصالح العمومية البلدية.
المطلب الثاني : المؤسسة العمومية ذات الصبغة الادارية
تعتبر المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري نوع من الأنماط الإدارية المكونة للنظام الإداري، فهي أجهزة أو هيئات خاضعة للقانون العام(القانون الإداري في طريقة تسييرها القانون المالي من حيث تمويلها)، وتتمتع بمقومات وأسس النظام الإداري اللامركزي يتجسد فيها أسلوب اللامركزية الإدارية، والهدف الأساسي من إنشاء هذه المؤسسات هو تقديم الخدمات المختلفة ولازمة للمجتمع، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري حتى تتمكن من أداء وظائفها التي أنشأت من أجلها.
الفرع الاول : تعريف المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري :
من بين التعاريف المقدمة للمؤسسة العمومية نات الطابع الإداري نجد :
- تعرف على أنها مؤسسة عمومية مملوكة للدولة تدار بالأسلوب اللامركزي .
- كما يمكن تعريفها على أنها "مرفق عام يدار عن طريق مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية مع خضوعها للرقابة الإدارية الوصائية، وتختص في أعمال معينة طبقا لقاعدة التخصص الوظيفي".
- تعرف أيضا على أنها "مؤسسة إدارية عمومية، تتمتع بالشخصية القانونية المعنوية، وكنلك بالاستقلال المالي والإداري، وترتبط بالسلطات الإدارية المركزية المختصة بعلاقة التبعية والخضوع للرقابة الإدارية الوصائية، وهي تدار بالأسلوب الإداري اللامركزي لتحقيق أهداف محددة في نظامها القانوني.
الفرع الثاني : خصائص المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري :
- تنشئها الدولة، وإليها تعود ملكياتها.
- تخصص لتحقيق الأهداف العامة و التنمية الوطنية.
- تسير بالأسلوب الإداري اللامركزي عن طريق المجالس واللجان.
- تخضع للوصاية (الرقابة) الإدارية.
- تتمتع بالشخصية المعنوية.
- تتحصل على إعانات التسيير من الدولة عن طريق ميزانية خاصة.
أمثلة عن المؤسسات العمومية نات الطابع الإداري :
وكيفية إنشائها ومن أمثلة لهذه المؤسسات في النظام الإداري الجزائري نذكر ما يلي :
- الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية،
- المعهد الوطني للبحث في التربية،
- الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات،
- الديوان الوطني لمحو الأمية،
- المعهد الوطني لتكوين مستخدمين التربية،
وكلها مؤسسات خاضعة لوصاية وزارة التربية.
ومن الأمثلة أيضا :
- الوكالة الوطنية لحماية البيئة المنشأة بموجب المرسوم رقم 83-457 المؤرخ 33 يوليو 1983.
-المدرسة الوطنية للإدارة المنظمة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 06-416 المؤرخ في 22 نوفمبر 2006.
- الوكالة الوطنية للاجار وحماية المعالم والنصب التاريخية، والجامعات والمدارس العاليا...الخ، كل هذه المؤسسات تخضع في تظيمها ونشاطها ونظامها القانوني ومنازعاتها لأحكام وقواعد القانون
الإداري ( أي القانون العام).
- كما سبق ذك بأن الدولة هي التي نقوم بإنشائها بواسطة قوانين تصدرها السلطة التشريعية وهي ضرورية لتسيير مصلحة بشكل دائم وحسن، ولهذا فملكيتها تعود للدولة، يضاف إلى ذلك أن المرفق العام يستند في وجوده إلى قوة الإدارة وأموالها العامة، حيث تغطي ميزانية الدولة خسائره المحتملة، فضلا على أنه يحق للإد١رة أن تطبق على المرفق العام وسائل القانون العام، بما تنطوي عليه من امتيازات السلطة العامة ومظاهرها.
يجوز منح بعفن الهيئات الإدارية تعويضا عاما أو محدد بإنشاء المرفق العام في حدود القيود التي ينحن عليها القانون، وتستمد اختصاصها منه شكلا ومضمونا.
تعتبر المؤسسة العمومية أحد أجزاء القطاع العام كما للمؤسسة العمومية عدة أنواع من بينها المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري، التي تعد محور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأي دولة مهما كانت توجهاتها الفكرية، ذلك راجع للاهمية التي تحظى بها. فالدور المناط بها يفرض على المؤسسة العمومية نات الطابع الإداري الاستعانة بتقنيات أساليب إدارية متطورة كتبني فلسفة إدارة الجودة الشاملة حتى تستطيع مواكبة التطورات الحاصلة في شتى المجالات.
- قد تتخذ هذه المؤسسات طابع المؤسسة العمومية الوطنية أو المحلية.

المبحث الثالث : الاستثناء الوارد على المعيار العضوي وتطبيق المعيار المادي
لقد ساد المعيار العضوي تاريخيا وطبقه القضاء الإداري مدة زمنية طويلة، غير أنه ونظرا للتطور الذي عرفه القانون الإداري بدأ القاضي القضاء يطبق المعيار المادي أو الموضوعي هذا الأخير الذي يرتكز على طبيعة النشاط التي تستمد من معيار المرفق العام أو معيار السلطة العامة.
المطلب الأول : معيار المرفق العام
- ظهر هذا المعيار وتبلور ابتداءً من الربع الأخير من القرن التاسع عشر ، وأصبح الفكرة الأساسية التي اعتمدت عليها أحكام مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع كأساس للقانون الإداري ومعيار لاختصاص القضاء الإداري ، وكان حكم روتشليد Rotchild الصادر عام 1855 وديكستر Dekester الصادر عام 1861 من الأحكام الأولى في تقرير هذه الفكرة.
تطبيقا لهذا المعيار يعد النزاع إداريا ويدخل تحت ولاية القضاء الإداري إذا تعلق بنشاط يندرج هنا فإن معيار المرفق العام يوسع من نطاق اختصاص القضاء ضمن مهام المرفق العام. ومن الإداري فيعهد إليه الفصل في منازعات لأشخاص غير إدارية بطبيعتها أي تخرج عن التصنيف المعروف لأشخاص القانون العام أي الدولة والولاية والبلدية والمؤسسة الإدارية.
ويفرض هذا المعيار التمييز في مجال نشاط المرفق بين النشاط العام ويعود الفصل فيه للقضاء الإداري. والنشاط الخاص ويعود للقضاء العادي.
إلا أن حكم بلانكو Blanco الصادر عام 1873 يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر الزاوية في نظرية المرفق العام Theorie de Service Public وتتخلص وقائع هذا الحكم في انه صدمت عربة صغيرة تتبع مصنع تبغ بوردو طفلة فأوقعتها وجرحتها , فرفع والد الطفلة النزاع إلى القضاء العادي طالباً التعويض من الدولة باعتبارها مسؤولة مدنياً عن الخطاء الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها , إلا أن محكمة التنازع قررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء الإداري وليس القضاء العادي , وقضى بأنه " لا تختص المحاكم العادية أطلاقاً بنظر الدعاوى المقامة ضد الإدارة بسبب المرافق العامة أياً كان موضوعها , حتى لو كانت تستهدف قيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبالغ مالية تعويضاً عن الأضرار الناشئة عن عملياتها دون إلغاء أو تعديل أو تفسير قرارات الإدارة " .
ومن جانب آخر قرر هذا الحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن الأضرار التي تسببها المرافق العامة فورد " ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تسببها للأفراد بفعل الأشخاص الذين تستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدني لتنظيم الروابط بين الأفراد بعضهم وبعض، وأن هذه المسؤولية ليست عامة ولا مطلقة ، بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعاً لحاجات المرفق, ولضرورة التوفيق بين حقوق الدولة والحقوق الخاصة "
وتطبيقاً لهذه النظرية فإن أساس القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري، إنما يتعلق بكل نشاط تديره الدولة أو تهيمن على إدارته ويستهدف تحقيق المصلحة العامة .
والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به إلى جهة أخرى تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام .
المطلب الثاني : معيار السلطة العامة
وهو ما يعبر عنه بامتيازات السلطة العامة وهي مجموعة من الحقوق معترف بها للإدارة تستعمل في إطار القانون لتحقيق مصلحة عامة والتي تتجلى صورها في نزع ملكية أو استيلاء على عقار أو تعديل عقد بالإرادة المنفردة وغير ها من السلطات. ولقد اعتبر القضاء الفرنسي أن القرارات التي تصدرها أشخاص القانون الخاص في إطار تحقيق المصلحة العامة من قبيل المنازعات الإدارية.
وإذا كان المشرع الجزائري قد تبنى كأصل عام المعيار العضوي فحدد اختصاص القضاء الإداري بتوافر الجانب العضوي في المنازعة، أي بوجود أحد الجهات المذكورة في النص كما لو تعلق الأمر مثلا بالمادة 9 من القانون العضوي 98-01 ، إلا أن النص ذاته ورد فيه عبارة:
" المنظمات المهنية الوطنية " وهذه الأخيرة ليست إدارة عمومية، ولا مؤسسة عمومية إدارية ورغم ذلك تعتبر المنازعة إدارية بوصف القانون.
ويعود سبب تصنيف المنازعة على أنها إدارية، انطلاقا من أنه هذه الهيئات تصدر قرارات أقرب ما تكون للقرارات التي تصدرها الإدارة. فوجب حينئذ الطعن فيها أمام نفس الجهة القضائية.
وهنا نظر المشرع لا للعضو وإنما نظر للنشاط وفي ذلك خروج صريح واضح على المعيار العضوي، بما يؤكد وجود الاستثناء.
ونعتقد أنه لو نظر المشرع لطبيعة العضو أي لطبيعة المنظمة المهنية كونها تجمع أشخاص لصار القضاء العادي هو المختص بالنظر في منازعاتها. في حين يتعلق الأمر بقرار شبيه بالقرارات التي تصدرها الوزارة أو الولاية أو البلدية. لذا صرف المشرع النظر لطبيعة المنظمة، واتجه لنشاطها، وعلى أساسه اعتبر النزاع إداريا. وهو بذلك سلك نفس التوجه الذي أقره القضاء الفرنسي من مدة طويلة.
وتبرز الصورة الثانية في تأثر المشرع بالمعيار المادي والموضوعي في قوانين عدة منها قانون المحاماة وقانون الموثقين وقانون المحضرين القضائيين .فبالعودة للقانون 13-07 المؤرخ في 29 اكتوبر 2013 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة نجد المادة 2 منه عرفت صراحة مهنة المحاماة على أنها مهنة حرة ومستقلة. فالمحامي ليس بعون من أعوان الدولة، يخضع لما يخضع له الموظف العام، بل يمارس مهمة الدفاع بصفة مستقلة.
وعند دراسة مجموع الأحكام التأديبية الواردة في هذا القانون يتبين لنا أن القرار التأديبي الصادر عن المجلس الجهوي قابل للطعن فيه أمام اللجنة الوطنية المشكلة من محامين يختارهم مجلس الاتحاد وقضاة تابعين للمحكمة العليا يكلفون لهذا الغرض من قبل وزير العدل. وتلزم اللجنة قانونا بتبليغ قرارها للمحامي المعني والذي يجوز له الطعن أمام مجلس الدولة طبقا للمادة 132.
إن اعتراف المشرع الجزائري بالطابع الإداري للمنازعة المتعلقة بالمادة التأديبية والخاصة بمهنة المحامي لأكبر دليل على تبنيه للمعيار المادي أو الموضوعي. فالمشرع قدر أن الأمر يتعلق بمرفق ذو طابع مهني من جهة، وقرار شبيه بالقرار الإداري، لذا أخضعه لاختصاص مجلس الدولة معتبرا المنازعة إدارية.
وذلك التوجه والمسلك نلمسه في القانون 06-02 المؤرخ في 20 فبراير 2006 يتضمن تنظيم مهنة الموثق والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 14 لسنة 2006 حيث جاءت المادة و منه صريحة بأن الموثق ضابط عمومي مكلف من قبل السلطة العمومية ليتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصبغة الرسمية وكذا العقود التي يرغب الأشخاص في إعطائها هذه الصبغة.
وبينت أحكام هذا القانون سائر الجوانب المتعلقة بتأديب الموثق والسلطة المختصة بذلك والمتمثلة في مجلس التأديب على مستوى جهوي. وأجازت المادة 63 من هذا القانون الطعن في قرار المجلس الجهوي أمام الغرفة الوطنية والتي تتشكل من قضاة تابعين للمحكمة العليا يختار هم وزير العدل وموثقين. وتبلغ اللجنة الوطنية قرارها للموثق المعني. ويجوز له الطعن في قرار اللجنة الوطنية أمام مجلس الدولة. وليس لطعنه هذا أثر موقف بالنسبة للقرار الذي تم اتخاذه.
وبإسناد المشرع مجلس الدولة ولاية الفصل في القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية للطعن الخاصة بالموثقين يكون قد نظر للقرار، ولم ينظر لطبيعة الهيئة. بما يعني تأثره الواضح بالمعيار المادي المكرس في الواقع القضائي الفرنسي خاصة بعد سيل الانتقادات التي تعرض لها المعيار العضوي.
وما فعله المشرع مع فئة الموثقين طبقه أيضا على فئة المحضرين القضائيين بموجب القانون 06-03 المؤرخ في 20 فبراير 2006 يتضمن مهنة المحضر القضائي والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 14 لسنة 2006 حيث أشارت مواد هذا القانون لسائر الأحكام التأديبية المتعلقة بهذه الفئة، على نفس النسق أعلاه، مجلس جهوي، ثم طعن أمام اللجنة الوطنية موضوع المادة 63 والتي أشارت صراحة لقابلية قرارات اللجنة الوطنية للطعن أمام مجلس الدولة. وهناك قوانين أخرى خاصة كثيرة تتعلق بمهن حرة ذهبت في نفس السياق.
ويبرز المعيار المادي بوضوح أيضا في القانون 08-01 المؤرخ في 12 يناير 1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية والمنشور في الجريدة الرسمية رقم 2 لسنة 1988.

الخاتمة
إن تطبيق المعيار الفاصل لتحديد الاختصاص في الجزائر على صعيد الممارسات القضائية، يتميز بإعتماد القاضي في المادة الإدارية في كل نزاع عرض عليه علي المعيار العضوي تكون الإدارة طرفا فيه، حتى ولو كان النشاط غير إداري، لمعالجة مسألة توزيع الاختصاص بين القضاء العادي والقضاء الإداري، يعتمد على معايير وأسس لتحديد الجهة القضائية المختصة به، بين المعيار العضوي والموضوعي وقع اختيار المشرع الجزائري على المعيار الأسهل والذي من خلاله يكفي أن تكون الدولة أو إحدى الجماعات الاقليمية أو احد المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا في النزاع لينعقد الاختصاص للقاضي الإداري لنظر فيه، وتم التأكيد على هذا الاختيار بموجب المادة 800 من ق إ م إ ولقد سبق وأن طبق المشرع الجزائري المعيار العضوي حتى قبل نصه على إنشاء مجلس الدولة والمحاكم الإدارية، وذلك انطلاقا من نص المادة 07 من ق إ م، القديم فهذا التكريس التشريعي لمعيار الاختصاص القضائي بموجب نظرية المعيار العضوي يمتاز بالبساطة و الوضوح.

المراجـع :
1- القوانين :

- القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
- الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم
- القانون العضوي رقم 98-01 المؤرخ في 4 صفر عام 1419 الموافق 30 مايو سنة 1998، والمتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، المعدل والمتمم
- قانون رقم 12-07 مؤرخ في 28 ربيع الأول عام 1433 الموافق 21 فبراير 2012 ، يتعلق بالولاية
- قانون رقم 11-10 مؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 ، يتعلق بالبلدية
- القانون رقم 13-07 المؤرخ في 24 ذي الحجة 1434 الموافق ل 29 أكتوبر 2013 يتضمن تنظيم مهنة المحاماة
- القانون رقم 06-02 مؤرخ في 21 محرم عام 1427 الموافق 20 فبراير سنة 2006 يتضمن تنظيم مهنة الموثق
- القانون رقم 08-01 المؤرخ في 12 يناير 1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية 2- الكتب :
- د عمار بوضياف - معيار تحديد طبيعة النزاع الاداري في التشريع الجزائري - كلية الحقوف و العلوم السياسية جامعة تبسة الجزائر
- د سائح سنقوقة - شرح قانون الاجراءات المدنية و الادارية - الجزء الثاني دار الهدي الجزائر سنة 2011
- د عمار عوابدي - النظرية العامة للمنازعات الادارية في النظام القضائي الجزائري , القضاء الاداري - الجزء الاول , دوان المطبوعات الجامعية الجزائر سنة 1998
- د محمد صغير بعلي - الوسيط في المنازغات الادارية - دار العلوم عنابة سنة 2009
- د بربارة عبد الرحمان - شرح قانون الاجراءات المدنية و الادارية - منشورات بغدادي , الطبعة الثانية , الجزائر سنة 2009.

look/images/icons/i1.gif التعليق على المادة 800 قانون الاجراءات المدنية والادارية
  17-05-2021 07:04 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 17-05-2021
رقم العضوية : 27862
المشاركات : 1
الجنس :
تاريخ الميلاد : 21-10-1975
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب
salem alikom

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
التعليق ، المادة ، قانون ، الاجراءات ، المدنية ، والادارية ،









الساعة الآن 08:59 PM