logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





28-05-2021 12:51 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 25-03-2016
رقم العضوية : 5330
المشاركات : 43
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 30
المستوي : ماجستير
الوظــيفة : طالب

شرح شروط قيام المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية
نص المادة 51 مكرر من قانون العقوبات
{ باستثناء الدولة والجماعات المحلية والأشخاص المعنو ية الخاضعة للقانون العام، يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزئيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين عندما ينص القانون على ذلك.
إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال.}


- أولا : ارتكاب الجريمة لحساب الشخـص المعنوي
- ثانيا : ارتكاب الجريمة مـن طـرف جهاز أو ممثل الشخص المعنوي

مقدمة :
تعتبر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مسؤولية غير مباشرة لأنه لا يمكن تصورها إلا بتدخل الشخص الطبيعي، باعتباره كائنا غير مجسم لا يمكنه أن يباشر النشاط إلا عن طريق الأعضاء الطبيعيين المكونين له.
لذلك نص تعديل قانون العقوبات في المادة 51 مكرر على الشروط التي من خلالها تنسب المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي رغم ارتكابها من طرف شخص طبيعي.
وإذا كانت مسؤولية الشخص الطبيعي لا تثير إشكالا إذ يمكن تحديدها بالنظر إلى ركني الجريمة المادي والمعنوي، فإن هذا المعيار لا يصلح عندما يتعلق الأمر بالشخص المعنوي، لذا يقتصر دور القاضي في البحث أولا عن الجريمة محل المساءلة والنص القانوني المطبق عليها، ثم شروط نسبتها بطريقة غير مباشرة باعتبارها مسؤولية مشروطة لإعمالها يجب أن ترتكب لحسابه وبواسطة أعضائه أو ممثليه.
وهما الشرطان اللذان سوف نوضحهما تباعا في مطلبين مستقلين:
أولا : ارتكاب الجريمة لحساب الشخـص المعنوي
عبر المشرع عن هذا الشرط في المادة 51 مكرر فقرة أولى قانون عقوبات (...يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه).
وهو ما يقابله في التشريع الفرنسي حكم المادة 121 فقرة 2 قانون عقوبات . فماذا نعني بهذا الشرط ؟
من خلال المعنى العام للنص وبمفهوم المخالفة نفهم بأن الشخص المعنوي لا يسأل عن الجريمة التي تقع من ممثله إذا ارتكبها لحسابه الشخصي أو لحساب شخص آخر.
إلا أن الملاحظ من خلال استقراء النص ووضعه في مجال التطبيق أنه سيطرح لا محالة صعوبة من حيث التمييز بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، مما يجعل هذا الشرط أقل صرامة مما لو استعملت عبارة "بواسطة ممثليه وباسمه ولمصلحة أعضائه".
لذا لكي تقوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، لا بد من ارتكاب جريمة بجميع أركانها المادية والمعنوية سواء في مواجهة شخص طبيعي أو معنوي من طرف جهاز أو ممثل هذا الأخير، إما بهدف تحقيق ربح مالي كتقديم رشوة لحصول مؤسسة اقتصادية على صفقة، أو الحصول على فائدة أو تفادي خسارة، طالما قام بها وهو بصدد ممارسة صلاحياته في الإدارة والتسيير حتى وإن لم يحقق من وراءها أي ربح مالي .
وفي هذا الإطار اعتبر القانون الفرنسي أن أعمال التمييز التي يقوم بها مدير شركة وهو بصدد التوظيف، تسأل عليها الشركة حتى وإن كان لا يجني من وراءها أي ربح لهذه الأخيرة مادام قد تصرف لحسابها ،وتدعمه مقولة Henri donnedien de Vabres ["أنه بالإمكان أن يصبح الشخص المعنوي مسؤولا من خلال الشخص الطبيعي الذي يمثله ويرتكب الأفعال في مكانه ولمصلحته".
وعليه فإن حلول الشخص الطبيعي مكان الشخص المعنوي من حيث التعبير عن إرادته وإدارة وتسيير ممتلكاته تخرجنا عن دائرة المسؤولية عن فعل الغير، وتضعنا أمام تطبيق القواعد العامة في القانون الجنائي المطبقة أساسا على الشخص الطبيعي.
مما يقود إلى طرح التساؤل حول إمكانية مساءلة الشخص المعنوي كفاعل أصلي أو شريكا عن جرائم تبييض الأموال، المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، تكوين جمعية الأشرار؟
نقول أن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي كفاعل أصلي تقوم كقاعدة عامة- خاصة بعد الإقرار الصريح في أحكام المادة 51 مكرر - بتوافر الركن الشرعي، المادي والمعنوي للجريمة، الناتج عن ممثله أو أحد أجهزته باعتبارهما فاعلين أصليين متى ارتكبت الجريمة باسمه و لحسابه، طالما كان نشاطه يدخل تحت أحكام المادة 41 قانون العقوبات.
ويعتبر شريكا من خلال اشتراك أجهزته أو ممثليه في جريمة معينة باسمه ولحسابه وفق شكل من أشكال المساهمة الجنائية المحددة في المادة 42 قانون عقوبات في المساعدة أو المعاونة على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها.
كما يمكن أن يسأل الشخص المعنوي عن الشروع في ارتكاب الجريمة من طرف ممثليه أو أحد أجهزته حتى ولو تم توقيفه عن إتمامها في مرحلة التنفيذ .
وتبعا لذلك ونظرا لطبيعة الشخص المعنوي الخاصة، المجردة وغير الملموسة فإن من غير الممكن تصور قيامه بالعناصر المادية للجريمة وتوجيه إرادته لإحداثها، لذا يحتاج إلى تدخل شخص طبيعي يستطيع أن يرتكب أفعالا مجرمة تنسب رغم ذلك إليه، وأمام هذا يجدر بنا أن نتساءل: هل أن المسؤولية التي تقع على الشخص الاعتباري تزيح إمكانية مساءلة الشخص الطبيعي الذي أرتكب الجريمة مباشرة أم يمكن أن نجمع المسؤوليتين ؟
وهل أن تحديد مسؤولية الشخص المعنوي تتطلب إقرار مسؤولية الجهاز أو الممثل ؟
1- مسؤولية الشخص الاعتباري لا يمنع من مساءلة الشخص الطبيعي :
في الواقع المادة 51 مكرر فقرة ثانية تزيل كل عائق في هذا المجال، إذ تنص "إن المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال" وتقابلها المادة 121 فقرة 2 من القانون الفرنسي ،لذا حرص المشرع على تأكيد أن مساءلة الشخص المعنوي جنائيا ليس معناها إعفاء الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة من المسؤولية إذ أمكن تحديده، وتوافرت في حقه أركان إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات.
لذلك قرر صراحة أن مسؤولية الشخص المعنوي عن الجريمة تتحقق دون الإخلال بمسؤولية الشخص الطبيعي، ويعني ذلك أن المشرع يقر في هذا الخصوص مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية عن الفعل الواحد، فمسؤولية الشخص المعنوي عن الجريمة المرتكبة لا تجب مسؤولية الشخص الطبيعي عنها بل يبقى من الوجهة المبدئية كل من الشخص الطبيعي والهيئة المعنوية مسؤولا بالاشتراك عن ذات الفعل ويعاقب كل منهما على انفراد، حسب مركزهما في ذات الجريمة فاعل أصلي أو شريك، لإضفاء المزيد من الحماية الجنائية.
وأمام النص الصريح في القانون على هذه المسؤولية في الحدود المقررة، لا يوجد مجال للاجتهاد في مبدأ المسؤولية ذاته، وإن كان الاجتهاد لا يزال مفتوحا في شروط هذه المسؤولية وضوابطها.
2- تحديد الشخص الطبيعي ليست شرطا ضروريا لمساءلة الشخص المعنوي :
وهكذا فإن وفاة الشخص الطبيعي، أو زوال أجهزة الشخص المعنوي على سبيل المثال لا تحول دون متابعة الشخص المعنوي عن الجريمة التي ارتكبها الأول لحساب الثاني، وفي هذا الصدد عدة قرارات صادرة عن محكمة النقض الفرنسية أين تم متابعة الشخص المعنوي لوحده .
وكذلك الحال إذا استحال التعرف على الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، يحدث ذلك على وجه الخصوص في جرائم الامتناع والإهمال، وكذا في الجرائم المادية التي لا تتطلب لقيامها توافر نية إجرامية أو عمل مادي إيجابي، فمن المحتمل في هذه الحالات أن تقوم المسؤولية الجزائية للهيئات الجماعية للشخص المعنوي، دون التمكن من الوقوف عند دور كل عضو من أعضائها في ارتكاب الجريمة وإسناد المسؤولية الشخصية عنها لفرد معين.
ويبقى أنه في حالة الجرائم العمدية المنسوبة إلى الشخص المعنوي فإن التحديد يصبح ضروريا لأن إثبات القصد الجنائي متوقف على مدى وعي وإرادة ارتكاب الجريمة من طرف ممثل الشخص المعنوي أو أحد أجهزته.
ماعدا في هذه الحالة فإن تحديد الشخص الطبيعي، لا يعتبر أمرا ضروريا لقيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي إذ يكفي للقاضي التأكد من قيام الجريمة بجميع أركانها، وارتكابها من طرف ممثل الشخص المعنوي أو أحد أجهزته، وهو ما يتناسب مع المبادئ العامة للقانون الجنائي في نظرية المساهمة التي تقتضي أن مساءلة الشريك تفترض وجود فعل أصلي مجرم دون أن تكون مرتبطة بالمساءلة الفعلية للفاعل الأصلي، مما يحقق نوعا من العدالة النسبية بين المسؤوليتين.

ثانيا : ارتكاب الجريمة مـن طــرف جهاز أو ممثل الشخص المعنوي
يكتسي هذا الشرط أهمية بالغة من حيث فصل المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن مسؤولية الشخص الطبيعي، الذي قد يرتكب أفعالا لا علاقة لها مع نشاط الشخص المعنوي.
لذا حصر المشرع الجزائري في المادة 51 مكرر قانون عقوبات الأشخاص الذين يترتب على جرائمهم قيام مسؤولية الشخص المعنوي في :
- الجهاز . l'organe
- الممثلين الشرعيين représentants légales .
وهي ذات المصطلحات التي جاء بها المشرع الفرنسي في المادة 121 فقرة 2 فما مفهومها ؟ وما هي الإشكالات العملية التي يمكن أن يثيرها هذا الشرط؟
1- إرتكاب الجريمة من طرف أجهزة الشخص المعنوي :
هذه الأخيرة لا تثير إشكالا متى نظرنا إليها بمفهوم القانون أو النظام القانوني الخاص المحدد لأعضائه وأجهزته، وهم عادة الأشخاص المؤهلون قانونا كي يتحدثوا ويتصرفوا باسمه، ويدخل في هذا المفهوم كل من مجلس الإدارة، المسير، الرئيس المدير العام، مجلس المديرين، مجلس المراقبة، الجمعية العامة للشركاء، أو الأعضاء بالنسبة للشركات ونجد كل من الرئيس، أعضاء المكتب، الجمعية العامة عندما يتعلق الأمر بالجمعيات والنقابات.
2- إرتكاب الجريمة من طرف ممثل الشخص المعنوي :
يقصد بممثلي الشخص المعنوي في نص المادة 51 مكرر قانون عقوبات الأشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بسلطة التصرف باسمه سواء كانت هذه السلطة قانونية ، أو بحكم قانون المؤسسة ( légale ou statutaire ) كالرئيس المدير العام، المسير، رئيس مجلس الإدارة، المدير العام.
إضافة إلى الممثلين القضائيين الذين يوكل إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية عند حل الأشخاص المعنوية .
فهل من منطلق هذا المفهوم يمكن اعتبار كل من المدير الفعلي، الأجراء والتابعين من ممثلي الشخص المعنوي؟
إستبعد الفقه الفرنسي أن يكون المدير الفعلي المع ين خرقا للتشريع أو القانون الأساسي للمؤسسة أو الشركة من ممثلي الشخص المعنوي لعدم النص عليه صراحة في المادة 121 فقرة 2 السالفة الذكر، كما أنه ووفق ما جاء في القانون الفرنسي الذي ذكر "ممثلي الشخص المعنوي يحمل على الاعتقاد بأنه استبعد الأجراء والتابعين، وعليه لا يكون الشخص المعنوي مسؤولا جزائيا عن الجريمة التي يرتكبها أحد مستخدميه بمناسبة أو أثناء أداء وظيفته بمبادرة منه، حتى وإن استفاد منها الشخص المعنوي .
ونعتقد أن ذات المفهوم يمكن إضفاءه على مدلول المادة 51 مكرر مما يقودنا إلى القول باستبعاد كل من المدير الفعلي، الأجراء، والتابعين من دائرة تجريم الشخص المعنوي.
وهذا ما يقودنا إلى طرح
بعض الإشكالات العملية التي تفرزها ذات المادة والتي ستطرح لا محالة على القاضي عند التطبيق :
أ/ وضعية الشخص المعنوي الجزائية اتجاه العضو أو الممثل الذي يتجاوز حدود سلطاته :
غني عن البيان أنه إذا تصرف العضو أو الممثل في حدود سلطاته التي يستخدمها بنص القانون أو بموجب الاتفاق، فإن هذا التصرف –إن وقع تحت طائلة قانون العقوبات- يرتب مسؤولية الشخص المعنوي إن توافرت شروط قيام هذه المسؤولية.
ولكن قد يحدث أن يقوم أحد هؤلاء بتجاوز حدود سلطاته، فهل يرتب هذا التصرف -على الرغم من وجود هذا التجاوز- المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ؟
الجواب لا نجده في النص لقصوره وعدم إلمامه مما يدعونا إلى استقراء رأي الفقه في ذلك، فذهب البعض إلى أن مسؤولية الشخص المعنوي لا تثور إلا إذا تصرف أحد أعضائه في حدود السلطة المخولة لهم، إلا أن غالبية الفقه في فرنسا ترى من ناحية أخرى أن هذا الشرط لم يستلزمه المشرع الفرنسي في نص المادة 121/2 قانون عقوبات وبالتالي لا يجوز الركون إليه.
ومن جهة أخرى فإن الأخذ بهذا الرأي السابق يؤدي من غير مبرر إلى وجود مساحة من عدم المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية .
وقد ذهب القانون الفرنسي في هذه المسألة إلى الأمر بحل الشركة عندما تكون قد انحازت عن الغرض الذي أنشأت من أجله لتجاوز الجهاز حدود صلاحياته، إلا أن الأمر يبقى أقل وضوحا عندما يتعلق بممثل الشخص المعنوي، نظرا لصعوبة رسم حدود الاختصاص، وتحديد صفة الممثل مما يدعوا القاضي التريث والتدقيق عند البحث في شروط المتابعة الجزائية للشخص المعنوي.
ب/ مسألة أجهزة الواقع أو بما يعرف بالعضو أو الممثل الفعلي :
قد يكون تعيين أحد المديرين أو دعوة الجمعية العامة أو مجلس الإدارة باطلا لسبب أو لآخر، وعلى الرغم من ذلك يتصرف لحساب الشخص المعنوي، فهل يمكن إقرار مسؤولية هذا الأخير عن الأفعال المرتكبة من طرف هذا الجهاز اوالممثل الفعلي؟
لا نجد الجواب لا في نص المادة 51 مكرر ولا في الاجتهاد القضائي الفرنسي بينما يذهب غالبية الفقه إلى رفض مسؤولية الشخص المعنوي في هذه الحالة، إذ هو في نظر البعض ضحية أكثر منه متهما.
وفي نظر البعض الآخر أنه لا يجوز قيام مسؤولية الشخص المعنوي إلا في الحالات وبالشروط التي نص عليها المشرع صراحة، وطالما أن هذا الأخير لم ينص على قيام المسؤولية الجزائية في هذه الحالة فمن غير الممكن قياس الإداريين الفعليين على الإداريين القانونيين، وعلى العكس من ذلك يرى جانب من الفقه ضرورة إقرار هذا النوع من المسؤولية حتى لا يتم خلق نوع من الحصانة لصالح الأشخاص المعنوية التي يكون فيها مسيروها القانونيين مجرد أسماء مستعارة .
وهو الموقف الذي نشاطره بالرأي المتواضع خاصة في حالة ما إذا كان العضو أو الممثل الفعلي يقوم بمهامه في وضع شبه رسمي Quasi officielle معلوم من طرف المسيرين القانونيين، الشركاء والأعضاء.
جـ/ مدى مسؤولية الشخص المعنوي الجزائية في حالة الأشخاص المتمتعون بتفويض الاختصاص أو حالة إعطاء توكيل للتصرف باسم ولحساب الشخص المعنوي :
الجواب كان من منطلق أن تفويض الاختصاص يؤدي إلى تفويض المسؤولية، مادام الوكيل كان يتصرف بمثابة ممثل قانوني للشخص المعنوي، كتفويض مدير مصنع أو مدير وحدة إنتاج، لذا أفعاله تلزمه إذا توافرت كافة شروط قيام المسؤولية الجزائية، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في العديد من قراراتها حيث قضت بأن الشخص الطبيعي الذي تلقى تفويض سلطات من هيئات الشخص المعنوي يكون ممثلا له وهو الرأي الذي نتبناه متى توافرت شروط المادة 51 مكرر، ونتمنى أن يكرسه القضاء الجزائري حتى يعطي لمفهوم المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي الفعالية عند التطبيق، على خلاف ما ذهب إليه الفقه حيث استبعد مسؤولية الشخص المعنوي عند منح تفويض على أساس أن مدير مصنع أو مدير وحدة لا يمكنه إلزام الشخص المعنوي لأنه مجرد أجير أو تابع له .

خاتمة :
القانون الجزائري، وتماشيا مع الاتجاهات الحديثة للمسؤولية الجزائية، وفي إطار إصلاح المنظومة التشريعية، قد أقر بدوره بمبدأ مساءلة الأشخاص المعنوية جزائيا كقاعدة عامة وذلك بموجب القانون رقم 04-15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات الذي استحدث المادة 51 مكرر التي نصت على المبدأ وشروط تطبيقه.
يعتبر المشرع الجزائري المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي مسؤولية مباشرة، تقوم في حالة وجود نص خاص، بالشروط المنصوص عليها في المادة 51 مكرر من قانون العقوبات، ومن بين النصوص الخاصة في هذا المجال مثلا نجد المادة 177 مكرر 1 من نفس القانون.
إن المشرع الجزائري من خلال نص المادة 51 مكرر من ق. ع. ج قصر المسؤولية الجزائية على الأشخاص المعنوية الخاصة الخاضعة للقانون الخاص فقط، مع استثناء الدولة والجماعات الإقليمية والأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام، على عكس المشرع الفرنسي مما سيؤدي إلى إفلات بعض الأشخاص المعنوية من العقاب، كما أن تقرير هذه المسؤولية على الأشخاص المعنوية العامة يتنافى مع مبادئ العدالة الجنائية.
أما بالنسبة لشروط قيام المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، فإن المشرع الجزائري اشترط لقيامها أن ترتكب الجريمة من قبل أحد أجهزة أو أحد الممثلين الشرعيين للشخص المعنوي، أي فيما عدا هؤلاء الأشخاص فإنه تننفي المسؤولية الجزائية عن الشخص المعنوي إذا ما ارتكبت من قبل أحد مستخدمي هذا الأخير، ومنه نرى أن المشرع الجزائري ضيق من حجم تطبيق المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي من الناحية العملية، مما يؤدي إلى تعذر معاقبة بعض الأشخاص كالشركات الكبرى التي تكون لديها عدة فروع أو وحدات وأنشطة في أماكن متباعدة. ولا يمكن تصور أن يمارس أحد ممثليها الشرعيين كل الاختصاصات في الوقت نفسه، وإنما يعهد بها عن طريق التفويض، مما يضفي الحماية على هؤلاء الأشخاص وإفلاتهم من العقاب.
كما أن المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات التي أقرت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، لم تستبعد مسؤولية الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص المعنوي، أي أن المشرع الجزائري أقر بمبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية بين هذا الأخير والشخص الطبيعي.
أما بالنسبة للعقوبات المطبقة على الشخص المعنوي، فالمشرع بالرغم من أنه تضمن العقوبة المقررة للجريمة ذات وصف مخالفة بالنسبة للشخص المعنوي، إلا أنه لا يسأله جزائيا عن أية جريمة ذات وصف مخالفة، مع العلم أن هناك الكثير من المخالفات التي يتسبب في وقوعها الشخص المعنوي. كما أنه لم يفرق بين مقدار عقوبة الغرامة للجنايات والجنح، وهو ما يخالف مبدأ تفريد العقوبة.
كما أن المشرع لم يتطرق إلى تحديد حالات جواز توقيع عقوبة الحل رغم أنها من أشد العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي، لأنها تؤدي إلى إعدامه من الوجود، كذلك لم يضع نصوصا تحدد إجراءات تطبيق عقوبة الوضع تحت الحراسة القضائية.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
المادة ، مكرر ، شـروط ، قيام ، المسؤولية ، الجزائية ، للأشخاص ، المعنوية ،









الساعة الآن 09:07 PM