بحث مميز حول المحضر القضائي
المبحث الأول تعريف وشروط الإلحاق بمهنة المحضر القضائي
المطلب الأول تعريف المحضر القضائي
المطلب الثاني شروط الإلحاق بمهنة المحضر القضائي
المبحث الثاني : ممارسة مهنة المحضر القضائي
المطلب الأول: أشكال ممارسة مهنة المحضر القضائي
المطلب الثاني : حالات المنع والتنافي مع مهنة المحضرين
المطاب الثالث : إنابة المحضر القضائي والتسيير المؤقت للمكتب
المبحث الثالث : أحكام المسؤولية المدنية و التأديبية للمحضر القضائي
المطلب الاول : المسؤولية المدنية للمحضر القضائي
المطلب الثاني : المسؤولية التأديبية للمحضر القضائي
المبحث الرابع : المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي
المطلب الاول : أركان المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي و موانعها
المطلب الثاني : نطاق المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي
خاتمة
مقدمة :
إن ممارسة المهن القانونية في مختلف تشريعات الدول على اختلاف أنظمتها القانونية منظمة ومقننة، سواء كان أعضاؤها منضوين في إطار التنظيمات والهيئات المهنية ( كالمحضرين القضائيين والمحامين ومحافظي البيع...) أم لا، فكلهم وبدون استثناء يتحملون المسؤولية المهنية عن النقائص والمخالفات المرتكبة من طرفهم بمناسبة ممارسة وظائفه وأن القاعدة السائدة في كل المجتمعات المتحضرة .أنه لا يجوز المرء أن يقضي حقه بنفسه وإنما على الشخص الاستعانة بالسلطة العامة في التنفيذ وهي سلطة خارجية عن أطراف التنفيذ وتختلف من دولة إلى أخرى للاختلاف نظام التنفيذ فهناك من تأخذ بنظام قاضي التنفيذ الذي يمتد جذوره التاريخية منذ القدم.
إن المنازعات التي تثار ويتخذ بشنها القرارات المناسبة سواء بموجب أوامر ولائية أو أحكام فيكون التنفيذ مند بدايته إلى نهايته تحت إشراف القضاء وهناك من تأخذ بنظام المحضرين القضائيين وهي مهنة حرة يقوم بها أعوان مكلفين بمباشرة اجراءات التبليغ والتنفيذ بطلب من أصحاب الشأن لمختلف الأحكام والسندات القضائية.
بالنسبة للتشريع الجزائري عرفت مهنة المحضر القضائي عدة محطات تاريخية فبعد الاستقلال تم تمديد العمل بالقوانين الفرنسية بموجب القانون رقم 62-157 المؤرخ في 31-12-1962 والذي نص في مادته الأولى على استمرار العمل بجميع التشريعات المطبقة وقت صدوره باستثناء ما كان منها ملسا بسيادة الدولة أو يحمل طابع التفرقة والتمييز أو ماسا بالحريات الديمقراطية وذلك إلى حين صدور التشريعات الوطنية وبموجب هذا القانون تم الإبقاء على نظام المحضر القضائي كمهنة حرة وتم إنشاء بصفة مؤقتة الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين بالجزائر سنة 1963 بموجب المرسوم رقم 63-252 المؤرخ في 10-07-1963 وأستمر هذا النظام إلى غاية 1966.
أين تم إلغاء مهنة المحضر القضائي بموجب المرسوم التنفيذي رقم 66-165 المؤرخ في 08-06-1966 وأنشئت مصلحة للتنفيذ والتبليغ علي مستوى المحاكم والمجالس طبقا لقنون الاجراءات المدنية القديم و أسندت مهام التنفيذ إلى كتاب الضبط بناء على طلب من صدر الحكم لمصلحته ويقوم به كاتب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم أو عند الاقتضاء كاتب المحكمة الداخل في دائرة اختصاصها مكان مباشرة التنفيذ.
إلا أن هذا النظام أظهر قصوره ومحدوديته بسبب تراكم حجم القضايا أمام الجهات القضائية في انتظار مباشرة الإجراءات سواء السبقة لرفع الدعوى من تبليغ تكليفات حضور الجلسات . أو خلالها كإجراء المعاينات أو بعد صدور الأحكام في تبليغها وتنفيذها. مما أدى إلى اختيار نظام بديل تماشيا مع مبادئ دستور سنة 1989 والتحولات التي عرفتها الجزائر فجاء القانون رقم 91-03 المؤرخ في 08-01- 1991 المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي الذي تميز بتحرير مهنة التنفيذ واختيار نظام المحضرين القضائيين الذي يتميز بالسرعة في التنفيذ و التبليغ للأحكام والقرارات القضائية والسندات التنفيذية وحدد الاختصاص المحلي لكل مكتب بدائرة الاختصاص الإقليمي للمحكمة تحت رقابة وكيل الجمهورية وهذا ما نص عليه في المادة الثالثة 3 " يسند كل مكتب عمومي إلى محضر قضائي يتولى تسيره لحسبه الخاص وتحت مسؤوليته ومراقبة وكيل الجمهورية لدى الجهة القضائية المختصة ".
لقد دام العمل بهذا القانون مدة 15 سنة ثم بدأت المطالبة بإعادة النظر في هذا القلون بعد تنصيب اللجنة الوطنية للإصلاح العدالة وتماشيا مع التوجه الليبرالي المكرس في المبادئ الذي جاءت في دستور سنة 1996 وتدعيم المنظومة التشريعية فتمخضت المراجعة الشاملة للنصوص القانونية لمهن أعوان القضاء بصدور القانون الجديد رقم 06-03 المؤرخ في 21 محرم عام 1427 الموافق لـ 20 فبراير2006 يتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي و ألغى القانون رقم 91-03 المؤرخ في 08-01-1991 بغرض تدارك النقص والثغرات التي أفرزها العمل بالقانون السابق وإعادة النظر في نظامها القانوني وفي تسير هذا المرفق العمومي وتقديم خدماته إلى المواطنين وتعزيز رقابة الدولة عليه لضمان حسن سيره .
المبحث الأول : تعريف وشروط الإلحاق بمهنة المحضر القضائي
المطلب الأول : تعريف المحضر القضائي
المحضر القضائي ضابط عمومي مفوض من قبل السلطات العمومية، يتولى بتسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص وتحت مسؤوليته. تمارس مهنة المحضر القضائي، إما في شكل فردي أو في شكل شركة مدنية مهنية أو مكاتب مجمعة. ويوضع مكتب المحضر القضائي تحت رقابة وكيل الجمهورية، ويتمتع بالحماية القانونية.
إن المحضر القضائي ينتمي إلى السلطة القضائية المستقلة بموجب مبدأ الفصل بين السلطات المكرس بدستور الجمهورية الجزائرية ، و لتأكيد هذه الاستقلالية يستوجب على المحضر تدعيمها تماشيا مع تطور القوانين و ارتباطها بتطور المجتمعات عرفت المادة الرابعة من قانون 06-02 الصادر بتاريخ 20-02-2006 المحضر القضائي بما يلي : " المحضر القضائي ضابط عمومي ، مفوض من قبل السلطة العمومية يتولى تسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص و تحت مسؤوليته ، على أن يكون المكتب خاضعا لشروط ومقاييس خاصة تحدد عن طريق التنظيم و باءا على التعريف السابق يمكن حصر خصائص المحضر القضائي فيما يلي :
الفرع الأول :المحضر القضائي ضابط عمومي
فالضابط القضائي هو شخص يقوم بتنفيذ القرارات الصادرة عن سلطات الدولة له ضمن واجب الخدمة العامة و تمنح التي لها صفة الامتياز و هو يمارس نشاطه السلطة العامة مكتبا لممارسة هذا النشاط باعتباره وكيلا عن زبائنه وله سلطة تحرير العقود الرسمية .بينما الضابط العمومي هو الشخص الذي تفوض له السلطة العامة سلطة توثيق العقود فقط مثل : ضابط الحالة المدنية ، كتاب الضبط لدى المحاكم و المجالس القضائية و المحافظ العقاري .
- الفرق بين الضابط العمومي و الضابط القضائي هو أن المحضر القضائي هو ضابط قضائي و في نفس الوقت ضابط عمومي ، فصفة الضابط القضائي أشمل و أعم فكل ضابط قضائي هو ضابط عمومي و ليس كل ضابط عمومي هو ضابط قضائي .
فالمحضرون القضائيون و الموثقون و محافظو البيع بالمزايدة هم ضباط و في نفس الوقت هم ضباط عموميون ، بينما كتاب الضبط و قضائيون ضباط الحالة المدنية هم ضباط عموميون و ليس بضباط قضائيون .
الفرع الأول : المحضر القضائي مفوض من قبل السلطة العامة
فالمحضر القضائي هو مفوض من قبل السلطة العامة لتنفيذ قرارات العدالة و باقي السندات التنفيذية ، إضافة إلى مهامه الأخرى كما يعتبر المهني الوحيد الذي فوضته السلطة هذه المهام.
ويعين المحضر القضائي بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام الذي يسلمه خاتما للدولة خاصا به .
وما دام المحضر القضائي مفوض من قبل السلطة العامة لتنفيذ قرارات العدالة و قيامه بالمهام الأخرى كالتبليغ و المعاينات و غيرها و مادام يحوز على خاتم للدولة فإن كل العقود التي يحررها تتصف بالرسمية و التي لها حجية لا تقبل الطعن فيها إلا بالتزوير ، لقد ثار خلاف بين رجال القانون حول رسمية محاضر المحضرين القضائيين ، فجانب يرى أن المحاضر المعدة من طرف المحضرين القضائيين تستمد رسميتها من خلال خاتم الدولة الذي يختمه المحضر القضائي بالورقة ، وهذا حتى ولو لم يمض في الورقة .
وجانب آخر يرى بأن أوراق المحضرين القضائيين تستمد رسميتها من خلال خاتم الدولة الذي يختمه المحضر القضائي بالورقة و من خلال توقيعه كذلك ، و أنا أرى بأن المحاضر التي يعدها المحضرون القضائيون تكتسب صفة الرسمية بتوقيع المحضر القضائي ودمغها بخاتم الدولة، و هذا ما نصت عليه المادة 14 من القانون رقم 06-03 المؤرخ في 20-02-2006 بقولها : " بتعيين على المحضر القضائي أن يحرر العقود و السندات باللغة العربية ، كما يتعين توقيعها و دمغها بخاتم الدولة تحت طائلة البطلان .. "
فيفهم من ذلك ، حتى تكون الورقة التي يحررها المحضر القضائي باللغة العربية رسمية يجب أن يوقعها و يدمغها بخاتم الدولة .
و عليه ، فإمضاء المحضر القضائي إجباري حتى ولو وجد بجانبه إمضاء العون المكلف بالتبليغ ، فإمضاء العون المكلف بالتبليغ وحده دون إمضاء المحضر القضائي يفقد العقد صفة الرسمية ، وكذلك الحال إذا لم تدمغ الورقة بخاتم الدولة رغم وجود إمضاء المحضر القضائي ، فإن طابعها الرسمي ينتفي.
الفرع الثاني : المحضر القضائي يسير مكتب عمومي لحسابه الخاص
- 01يتولى تسيير مكتب عمومي يخضع لشروط و مقاييس خاصة و هو مسؤول عن تسييره
فإنشاء و إلغاء مكاتب المحضرين يتم بموجب قرار من وزير العدل خاتم الأختام و فتح هذه المكاتب يخضع لشروط عددتها المادة 06 و ما يليها من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 المؤرخ في 11-02-2009 المحدد لشروط الالتحاق بمهنة المحضر القضائي و ممارستها و نظامها التأديبي و قواعد تنظيمها كما أن هذه المكاتب بالحماية القانونية .
-02و هو يقوم بمهامه بتسيير المكتب لحسابه الخاص
باعتباره يمارس مهنة حر التالي فإنه يتلقى أتعابه مباشرة من زبائنه .
-ويتقاضى هذه الأتعاب حتى و لو أستدعي للقيام بخدمات أو مهام لدى المحاكم أو المجالس القضائية كقيامه بالتبليغ في المجال الجزائي و هذه الأتعاب لتعريفة رسمية تنظم عن طريق مرسوم تنفيذي .
-03و هو مسؤول عن تسيير المكتب و له مسؤولية مدنية وجزائية و تأديبية أثناء تسييره للمكتب ،
فإذا أخل المحضر القضائي بالتزاماته يتعرض لعقوبات تأديبية بغض النظر عن المسؤولية المدنية و الجزائية ، و في هذا الصدد تنص المادة 49 رقم 06- 03 على ما يلي : " دون الإخلال من القانون بالمسؤولية الجزائية والمدنية المنصوص عليها في التشريع المعمول به، يتعرض المحضر القضائي عن كل تقصير في التزاماته المهنية أو بمناسبة تأديتها ، إلى العقوبات التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون " ، كما يسأل مسؤولية مدنية عن أخطاء مستخدميه و الأخطاء غير العمدية التي يرتكبها نائبه في العقود و السندات التي يحررها هذا الأخير .
المطلب الثاني : شروط الإلحاق بمهنة المحضر القضائي
باستقراء النصوص القانونية المنظمة لمهنة المحضر القضائي، نجد أنه يتم الالتحاق بها عن طريق مسابقة ويتابع الناجحون في مسابقة الالتحاق تكوينا متخصصا قصد الحصول على شهادة الكفاءة المهنية لمهنة المحضر القضائي.
الفرع الأول : إجراء مسابقة الالتحاق بالمهنة :
نصت المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 المحدد لشروط الالتحاق بمهنة المحضر القضائي وممارستها ونظامها التأديبي وقواعد تنظيمها، على أنه يتم الالتحاق بمهنة المحضر القضائي عن طريق مسابقة وذلك تطبيقا لنص المادة 2 فقرة 8 من القانون 03-06 .
تشمل مسابقة الالتحاق بالمهنة اختبارات كتابية وشفهية للقبول حول إحدى برامج المسابقة - المادة 2 فقرة 2 المرسوم 09-77. ويحدد فتح هذه المسابقة وكيفيات تنظيمها وسيرها وعدد الاختبارات وطبيعتها ومدتها وبرامجها وتشكيلة لجنة المسابقات بقرار من وزير العدل حافظ الأختام، بعد استشارة الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين المادة 3 فقرة 2 من المرسوم 09-77.
كما حددت المادة 9 من القانون 06-03 الشروط الخاصة بالمترشح للمسابقة والمتمثلة في :
- التمتع بالجنسية الجزائرية.
- حيازة شهادة الليسانس في الحقوق أو ما يعادلها.
- بلوغ سن 25 سنة على الأقل،
- التمتع بالحقوق المدنية والسياسية،
- التمتع بشروط الكفاءة البدنية الضرورية لممارسة المهنة.
ولقد أتمت المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 هذه الشروط، فأضافت الشروط التالية :
- أن لا يكون قد حكم عليه من أجل جناية أو جنحة باستثناء الجرائم غير العمدية،
- أن لا يكون قد حكم عليه كمسير من أجل جنحة الإفلاس ولم يرد اعتباره،
- أن لا يكون ضابطا عموميا وقع عزله أو محاميا شطب اسمه أو عون الدولة عزل بمقتضى إجراء تأديبي نهاني.
الفرع الثاني : التكوين المتخصص للناجحين في مسابقة الالتحاق بالمهنة :
استحدث المشرع الجزائري شهادة الكفاءة المهنية لمهنة المحضر بموجب نص الفقرة الأولى من المادة 8 من القانون رقم 06-03، وتطبيقا لذلك نصت المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 18-85 المؤرخ في 05-03-2018 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي رقم 09-77السابق، على أن الناجحين في مسابقة الالتحاق بمهنة المحضر القضائي يتابعون تكوينا متخصصا مدته 12 شهرا (سنة)، يشمل تكوينا ميدانيا بأحد مكاتب المحضرين مدته 10 أشهر، وتكوين نظري مدته شهران.
ولقد بينت المادة 2 من
المرسوم التنفيذي رقم 18-85 التي عدلت أيضا نص المادة 05 المرسوم التنفيذي رقم 09-77، أن التكوين الذي يتحدد برنامجه بقرار من وزير العدل حافظ الأختام بعد استشارة الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين، يتضمن محاضرات وأعمال تطبيقية.
يتم التكوين على مستوى مؤسسات التكوين التابعة لقطاع العدالة أو مؤسسات ومعاهد التكوين الأخرى بموجب اتفاقيات تبرم مع وزارة العدل والغرفة الوطنية (هذه الاتفاقيات تحدد التزامات الأطراف وكيفيات التكفل بمصاريف التكوين)، وذلك بحسب ما نصت عليه المادة 05 مكرر التي أضافتها المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم 18-85 كتكملة للمادة 5 من المرسوم التنفيذي رقم 77-09.
نشير إلى أن المشرع قد نص من خلال الفقرة الثالثة من المادة 05 مكرر على إمكانية التكوين عن بعد. ولقد أجاز المشرع هذا التكوين لمواكبة التطور التكنولوجي ولإمكانية تحقيقه للغرض المراد باقل تكاليف، إذ يمكن إلقاء وتسجيل محاضرات ودروس للمحضرين في فترة التربص بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باستعمال وسائل التواصل الحديثة.
يتولى التكوين النظري مؤطرين أساتذة يتم اختيارهم بحسب نص المادة 05 مكرر1 من بين المحضرين، بالإضافة إلى القضاة، إطارات وزارة العدل، الأساتذة الجامعيين ومختصين في الميادين المتعلقة بمهام المحضر القضائي. وعند نهاية التكوين (النظري والميداني) يتم تقييم المتربصين من خلال اجتياز امتحان يحدد النجاح فيه بمعدل 10/20 أو أكثر، كما جاء في المادة 05 مكرر2 التي يلاحظ بأنها لم تبين نوع الاختبار الذي يجتازه المتربصون، مما يعني أن المشرع ترك الحرية للقائمين على التربص في تحديده على خلاف نص الفقرة الثانية من
المادة 05 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 والتي ألغيت بموجب نص المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 18-85 ، الذي جاء فيه أن امتحان التخرج يضم اختبارات كتابية وشفهية ومناقشة مذكرة التخرج.
يتحصل المتربص الناجح في التكوين على شهادة الكفاءة المهنية لمهنة المحضر القضائي التي تسلمها وزارة العدل، وفقا لنص المادة 05 مكرر3. ويعين حائزو شهادة الكفاءة المهنية بصفتهم محضرين قضائيين بقرار من وزير العدل حافظ الأختام كما جاء في المادة 10 من القانون رقم 06-03. وقبل الشروع في ممارسة مهامهم يؤدي المحضرين المعنيين اليمين أمام المجلس القضائي لمقر تواجد مكتبه بالصيغة التي نصت عليها المادة11 من القانون 06-03 التي جاء فيها
" بسم الله الرحمن الرحيم. أقسم بالله العلي العظيم أن أقوم بعملي أحسن قيام، وأن أخلص في تأدية مهنتي وأكتم سرها وأسلك في كل الظروف سلوك المحضر القضائي الشريف، والله على ما أقول شهيد. "
المبحث الثاني : ممارسة مهنة المحضر القضائي
تمارس مهنة المحضر القضائي في عدة أشكال، وهو ما أكدته المادة 05 من القانون 06-03 التي نصت على أن مهنة المحضر القضائي تمارس إما في شكل فردي أو في شكل شركة مدنية مهنية، أو مكاتب مجمعة ولخصوصية هذه المهنة أورد المشرع حالات تتنافى ممارستها مع ممارسة مهن أخرى، وحالات يمتنع فيها المحضر عن ممارسة مهامه، كما بين كيفية إنابة المحضر القضائي والإدارة المؤقتة للمكتب.
المطلب الأول : أشكال ممارسة مهنة المحضر القضائي :
لا تقتصر ممارسة مهنة المحضرين القضائيين في شكل فردي ، فلقد نصت المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 على أن المحضرين القضائيين يمكنهم تكوين شركات مدنية مهنية أو مكاتب مجمعة لممارسة مهنتهم .
الفرع الأول: المكتب المنفرد :
استلزم المشرع من خلال المادة 06 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 أن يكون المكتب الذي سيمارس فيه المحضر القضائي مهنته لائقا ومناسبا لممارسة مهنة المحضر، وأن يكون متميزا عن المحلات التي تمارس فيها نشاطات أخرى. فاشترط شروطا في المادة 07 المرسوم التنفيذي رقم 09-77 في فقرتها الأولى أن لا تقل مساحة المكتب عن 60 متر مربع، وأن يتضمن ثلاث غرف على الأقل تخصص الأولى للمكتب والأخرى للأمانة.
كما استوجب المشرع من خلال نص المادة 08 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 من المحضر تخصيص جانب من المكتب لتسيير الأرشيف وحفظه.
هذا وألزم المشرع من خلال المادة 9 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 رئيس الغرفة الجهوية المختصة تعيين من بين أعضائها مقررا لزيارة مكتب المحضر القضائي وتحرير تقرير عن مدى مطابقته للشروط والمقاييس المنصوص عليها في هذا القسم.
الفرع الثاني: الشركة المدنية المهنية :
أجاز المشرع للمحضرين القضائيين ممارسة مهامهم في شكل شركة مدنية تخضع للأحكام المطبقة على هذه الشركات، لكن اشترط في المواد من 11 إلى 14 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 توفر عدة شروط تتمثل في:
1- الحصول على ترخيص من وزير العدل حافظ الأختام أنظر المادة 11 فقرة 1 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77
2- أن لا يكون المحضر شريكا في شركة مدنية واحدة، وأن لا يمارس فرديا (لا يستطيع أن يكون شريكا في شركة وله مكتب خاص) راجع المادة 2/11 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77.
3- إرسال القانون الأساسي الخاص بالشركة، وكل تعديل محتمل له إلى وزير العدل حافظ الأختام والى الغرفة الوطنية للمحضرين، وإلى الغرفة الجهوية للمحضرين المختصة-راجع المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77.
4- أن لا تضم شركة مدنية واحدة كل المحضرين القضائيين العاملين في دائرة اختصاص مجلس قضائي واحد - راجع المادة 13 من المرسوم التنفيذي رقم19-77.
جدير بالملاحظة أن المشرع أجاز من خلال نص المادة 14 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 للمحضرين الشركاء في الشركة المدنية المهنية الاحتفاظ بمكاتبهم وممارسة مهنتهم فيها لكن باسم الشركة.
الفرع الثالث : المكاتب المجمعة :
سمح المشرع بموجب نص المادة 15 فقرة 1من المرسوم التنفيذي رقم 09-77 للمحضرين بتأسيس مكاتب مجمعة إذا كانوا مقيمين في دائرة مجلس قضائي واحد.
إن المكاتب المجمعة هي عبارة عن تمركز مكتبين أو اكثر في مكان معين، ويحتفظ أصحابها بأعمالهم الخاصة وباستقلاليتهم، وذلك حسب نص المادة 15 فقرة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 09—77.
واشترط المشرع في المادة 16 الحصول على ترخيص من وزير العدل بعد استشارة الغرفة الوطنية والجهوية للمحضرين لإنشاء هذه المكاتب.
وبموجب نص المادة 16 السابقة يتم إثبات إنشاء المكاتب المجمعة بموجب اتفاقية مكتوبة (عقد رسمي) تحدد فيه النفقات المشتركة وحصة مساهمة كل محضر فيها، ولا يلزم القانون المحضرين الذين أنشأوا المكاتب المجمعة
عند ممارسة أعمالهم المهنية، بالإشارة إلى وجود هذه المكاتب. وأجاز المشرع للمحضر الانسحاب من المكاتب المجمعة على أن يعلم بذلك وزير العدل والغرفة الوطنية والجهوية أنظر المادة 16 فقرة 3 من المرسوم التنفيذي رقم 09-77.
المطلب الثاني : حالات المنع والتنافي مع مهنة المحضرين :
حفاظا على مصداقية المهنة وحماية للمحضر نفسه ولثقة الغير المتعامل معه، نص المشرع على حالات يمنع فيها المحضر من ممارسة مهامه وبالنظر إلى أن مهنة المحضر القضائي نفسها تتعارض مع بعض المهن، نص المشرع على حالات تتنافى مع هذه المهنة
الفرع الأول: حالات المنع :
إن غاية المنع هنا هو الدفاع عن المحضر وحفظه وليس حرمانه أو صده عن تصرفات معينة، وهذا لأن تلك الأفعال فيها شبهة. ولقد نص المشرع في القانون رقم 06-03 على حالات يمنع فيها المحضر القضائي من ممارسة مهامه، تتمثل في:
أولا - حالات يمنع فيها المحضر من تسلم أي سند تنفيذي أو عقد آخر:
ورتب المشرع على مخالفة هذا المنع البطلان لذلك التصرف. وتتمثل هذه الحالات في:
استلام سند تنفيذي أو أي عقد يكون فيه طرفا معنيا أو ممثلا أو مرخصا له بأية صفة كانت.- المادة 21 من القانون 06-03.
- استلام سند تنفيذي أو أي عقد يتضمن تدابير لفائدته.- المادة 21 من القانون 06-03
- استلام سند تنفيذي أو أي عقد يعني أو يكون فيه وكيلا أو متصرفا أو بأية صفة أخرى كانت :
أحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب حتى الدرجة الرابعة،
أحد أقاربه أو أصهاره تجمعه به قرابة الحواشي ويدخل في ذلك العم وابن الأخ وابن الأخت راجع المادة 21 من القانون 06-03.
- استلام سند تنفيذي أو أي عقد تكون الجماعة المحلية التي ينتمي إليها (عضو في مجلسها) طرفا فيه-راجع المادة 22 من القانون 06-03.
وألزم المشرع المحضر الممنوع من استلام السندات التنفيذية والعقود الأخرى في الحالات المنصوص عليها في المادة 21 و22 بالتنحي تلقائيا منها.
كما أعطى المشرع للطرف المعني الحق في طلب رد المحضر بعريضة امام رئيس المحكمة المختصة الذي يبت فيها بأمر نهائي، وذلك من خلال المادة 23 من القانون رقم 06-03
ثانيا - حالات يمنع فيها المحضر من القيام بتصرفات معينة سواء بنفسه أو بواسطة أشخاص بصفة مباشرة أو غير مباشرة :
وتتمثل هذه التصرفات التي يلاحظ بأن لها علاقة بالتجارة كما حددتها المادة 24 من القانون رقم 06-03 في:
- القيام بعملية تجارية أو مصرفية، أو عموما كل عملية مضاربة،
- التدخل في إدارة أية شركة،
- القيام بالمضاربات المتعلقة باكتساب أو إعادة بيع العقارات أو تحويل الديون وحقوق الميراث أو أسهم صناعية أو تجارية أو غيرها،
- الانتفاع شخصيا من أية عملية ساهم في تنفيذها،
- استعمال أسماء مستعارة مهما تكن الظروف ولو بالنسبة لغير العمليات والتصرفات التي ذكرت أعلاه،
- ممارسة السمسرة أو وكيل أعمال بواسطة زوجه،
- السماح لمساعديه بالتدخل في العقود التي يتسلمها دون توكيل مكتوب.
الفرع الثاني : حالات التنافي :
بين المشرع حالات تتعارض أو تخالف مهنة المحضر القضائي، من خلال نص المادة 25 من القانون رقم 06-03، والتي تكمن في:
- العضوية في البرلمان.
- رئاسة أحد المجالس الشعبية المحلية المنتخبة.
- الوظائف العمومية أو ذات التبعية، باستثناء التدريس والتكوين طبقا للتنظيم المعمول به.
- كل مهنة حرة أو خاصة.
وفي حالة نقض المحضر لهذا الحظر فإنه يتعرض للجزاء الذي حدده المشرع في نص المادة 27 من القانون رقم 06-03 والمتمثل في العزل والعقوبات الجزائية.
إن تحديد المشرع للمهن التي تتنافى مع مهنة المحضرين القضائيين لا يعني أن المحضر يفقد جزء من حقوقه خاصة السياسية، إذ أن القانون لا يحظر ترشح المحضر للعضوية في البرلمان أو رئاسة أحد المجالس الشعبية المحلية.
فإذا أراد المحضر ممارسة هذا الحق ألزمه المشرع من خلال المادة 26 من القانون 06-03 بإبلاغ الغرفة الجهوية المعنية في أجل شهر ابتداء من تاريخ مباشرة عهدته، ثم عدم الجمع بين المهنتين في حالة نجاحه في الانتخاب، وهذا حفاظا على مصداقية مهنته الأصلية.
وبما أن المحضر يتوقف عن ممارسة مهنته طيلة مدة عهدته، فإنه من البديهي أن يلزم المشرع في هذه الحالة بتعيين محضر لإستخلافه من دائرة اختصاص نفس المجلس ليتولى تصريف الامور الجارية، الغرفة الجهوية المعنية
إلا إذا كان المحضر ينتمي إلى شركة مدنية مهنية حيث يبقى الأمر على حاله طالما يمكن لأحد الشركاء القيام بمهامه التي أوكلت له بصفته شريكا، وهو ما أكدته المادة 26 السابقة.
المطاب الثالث : إنابة المحضر القضائي والتسيير المؤقت للمكتب :
فد يضطر المحضر القضائي إلى التغيب لسبب ما، وفي هذه الحالة يسمح القانون بإستخلافه من قبل محضر آخر وقد يشغر المكتب لمانع دائم، مما يستلزم تعيين محضر آخر يتولى مهمة تسييره لفترة معينة .
الفرع الأول : إنابة المحضر القضائي :
ألزم المشرع في المادة 28 من القانون 06-03 تعيين محضر آخر في حالة غياب المحضر بسبب مانع له بممارسة مهامه. وقد يختار المحضر النائب المحضر المتغيب نفسه، أو تعينه الغرفة الجهوية مؤقت لا يسمح من نفس دائرة اختصاص المجلس القضائي، وذلك بعد الحصول على ترخيص من النائب العام.
ونصت المادة 28 فقرة 2 من القانون 06-03 على أن المحضر القضائي النائب يجب أن يحرر العقود والسندات باسمه الخاص مع الإشارة إلى اسم المحضر القضائي المستخلف ورخصة النائب العام على أصل هذه العقود والسندات، وفي حالة مخالفته لذلك رتب المشرع جزاء البطلان لهذه العقود التي قام بتحريرها.
وإذا ارتكب المحضر النائب خطأ غير عمدي عند تحريره للعقود والسندات، فإن مسؤولية المحضر المستخلف هي التي تقوم لتعويض الأضرار المترتبة عن ذلك الخطأ-راجع المادة 29 من القانون 06-03.
الفرع الثاني: التسيير المؤقت للمكتب :
قد يحصل مانع للمحضر القضائي يؤدي إلى شغور المكتب، كالوفاة أو العزل أو التوقيف أو أية حالة أخرى، يعين محضر قضائي من طرف وزير العدل حافظ الأختام بناءا على اقتراح الغرفة الوطنية وفي هذه الحالة للمحضرين.
يتولى المحضر المستخلف مهمة تسيير المكتب إلى غاية الانتهاء من إجراءات التصفية أو زوال المانع، وذلك تطبيقا لنص المادة 30 من القانون 09-03.
المبحث الثالث : أحكام المسؤولية المدنية و التأديبية للمحضر القضائي
إذا كنت المسؤولية بوجه عام هي التزام الشخص بتحمل نتائج تصرفاته غير المشروعة المخالفة لواجب شرعي أو قانوني أو أخلاقي فان المسؤولية المدنية هي جزاء الإضرار بالمصالح الخاصة ويكفي لحمايتها أن يتحمل المسؤول التعويض الذي يتناسب مع الضرر الذي ألحقه بتلك المصالح ويكون بناء على طلب المتضرر و له الحق في التنازل عن التعويض و تتسع لكل فعل ضار ارتكب عن قصد أو عن إهمال .
فتكون المسؤولية إما عقدية تترتب عن عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد أو مسؤولية تقصيرية التي تنشا عن الإخلال بالتزام فرضه القانون أو الالتزام بالتعويض الناتج عن الفعل الضار دون وجود علاقة عقدية بين المسؤول عن الضرر و بين المضرور .
و باعتبار المحضر القضائي الشخص الوحيد المؤهل قانونا لمباشرة إجراءات التنفيذ و المفوض من قبل السلطة العمومية فما هي طبيعة مسؤوليته المدنية و أثارها ؟و ما هو التكييف القانوني لعلاقة المحضر القضائي بالزبون ؟ ومتى تقوم مسؤوليته المهنية من جهة الرقابة التي توقع عليه الجزاء التأديبي؟
المطلب الاول : المسؤولية المدنية للمحضر القضائي :
إن الحديث عن المسؤولية المدنية للمحضر القضائي تثير مجموعة من التساؤلات القانونية المتعلقة بطبيعة هده المسؤولية. و بالتكييف القانوني للعلاقة التي تربط المحضر القضائي بزبائنه. فالمحضر القضائي الذي يشغل عدد من المستخدمين والمساعدين بمكتبه يفترض انه ابرم مع كل واحد منهم عقد عمل فإذا وقع إخلال من المحضر القضائي بما ألتزم به ترتب عنه قيام مسؤوليته العقدية. و إذا الحق ضرر بأحد زبائنه فيتحمل مسؤوليته التقصيرية
الفرع الأول : المسؤولية العقدية للمحضر القضائي :
إن نطاق المسؤولية العقدية هي العلاقات الناشئة عن العقد الذي يكون صحيح بين المسؤول و المضرور و يتطلب لقيامها توافر ركنان أساسيان: هما وجود عقد صحيح يرتب جميع اثاره القانونية والضرر الناتج عن الإخلال بالعقد أو عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد .
فقد ظهر خلاف فقهي حول طبيعة علاقة المحضر القضائي مع زبونه. فهناك رأي ينفي العلاقة التعاقدية و رأي أخر يؤكد وجود العلاقة التعاقدية .
أولا :الرأي الذي ينفي وجود الرابطة التعاقدية :
يرتكز هذا الرأي على الحجج التالية :
أ -المحضر القضائي مكلف بأداء خدمة عامة :
يتمتع المحضر القضائي بصفة الضابط العمومي وحددت مهامه بموجب أحكام المادة l2 من القانون 06-03. فعند حضور الزبون إلى مكتبه لطلب خدماته و يمتنع عن ذلك فلا تقوم مسؤوليته العقدية لانعدام العقد بالرغم انه ملزم بتقديم خدماته إلا أن ذلك ليس بصفة مطلقة لوجود حالات المنع و التنافي التي لا تسمح للمحضر القضائي القيام بمهامه و أداء الخدمة.
ب - التحديد القانوني لأتعاب المحضر القضائي :
إن أتعاب المحضر القضائي محددة قانونا بموجب المرسوم التنفيذي رقم 09-78 المؤرخ في 11-02-2009 و التي تشمل مختلف الأعمال و الخدمات و المصاريف. ويتقاضها مباشرة من زبونه حسب التعريفة الرسمية مقابل وصل مفصل ولا يمكنه الحصول على أتعاب غير تلك المنصوص عليها في هدا المرسومة
ج- الالتزام بمبدأ النصح و العناية :
يعتبر المحضر القضائي محترف في مهنة قانونية" مثل الموثق ويقع على عاتقه الالتزام بتقديم النصح لزبائنه في إطار مهامه مع العناية و الأمانة فيجب عليه الحرص على احترام المواعيد القانونية في التبليغ والتنفيذ لكي لا يلحق ضررا بحقوق الأشخاص مع المحافظة على السر المهني فلا يمكن لإرادة الأطراف التعاقد في الالتزامات التي فرضها القانون أو مخالفتها .
ثانيا : الرأي الذي يؤكد وجود علاقة تعاقدية بين المحضر و الزبون :
إن حجج الذين يسلمون بوجود علاقة تعاقدية بين محضر قضائي وزبونه يستندون إلى ما يلي :
أ- الالتزام بأداء خدمة لا يمنع حرية تعاقد الأطراف فالمحضر القضائي بمجرد تعيينه من طرف وزير العدل حافظ الأختام و أداءه للقسم القانوني يعد بمثابة العقد الذي قطعه لتقديم خدماته. كلما طلب منه ذلك ما لم توجد حالات المنع القانونية.
ب -إن حصول المحضر القضائي عل أتعابه يكون نتيجة الخدمة المقدمة فهو بمثابة العقد الذي يلزم الزبون بدفع مقابل ما تحصل عليه من خدمة .
ج- إن الالتزامات المحددة قانونا ليس معناه تقييد إرادة الأطراف في التعاقد فلهم كامل الحرية في التعاقد في الأمور الأخرى. دون مخالفة الالتزامات التي فرضها عليهم القانون.
إن قيام العلاقة التعاقدية بين المحضر القضائي و زبونه. تكون بوجود التراضي وهو توافق الإيجاب و القبول. في طلب الخدمة و القيام بها من طرف المحضر القضائي وان يكون محل العقد إحدى المهام المسندة اليه بموجب المادة12 مقابل الحصول على أتعابه ويكون السبب مشروع غير مخالف للنظام العام و الآداب العامة.
ثالثا : التكييف القانوني لعلاقة المحضر القضائي بطالب التنفيذ :
لقد اختلف الفقه و القضاء حول بيان التكييف القانوني بعلاقة المحضر القضائي بالزبون سواء في القانون المصري اوفي القانون الفرنسي و في التشريع الجزائري :
- 1في القانون المصري : لقد ذهب الرأي التقليدي في مصرا أن المحضر وكيلا عن طالب التنفيذ لأنه يتخذ الإجراءات بناءا على طلب و وفقا لتعليمات طالب التنفيذ .
هناك من يرى انه موظف عام و وكيل عن طالب التنفيذ في نفس الوقت إلا أن هدا الرأي انتقد لكون المحضر لا يعتبر وكيلا عن طالب التنفيذ فهو لا يمثل الخصم و لا يعمل من أجل المصلحة الخاصة لطالب التنفيذ وطبقا للتشريع المصري فهو موظف عام يمثل الدولة كطرف في إجراءات التنفيذ و تحقيق المصلحة العامة في حماية تنفيذ و يقوم بمهامه طبقا للقانون ولتوجيهات قاضي التنفيذ.
-2 القانون الفرنسي : المحضر القضائي في فرنسا ضابطا قضائيا officier ministériel فالعقد الذي يربطه بالزبون عقد وكالة لان المحضر القضائي يقوم بمهامه إلا بعد حصوله على وكالة من طالب التنفيذ بإيداع المستندات ويكون موضوع الوكالة شرعي سواء كانت عامة او خاصة وإذا تعلق الأمر بعمل من أعمال التصرف دون الإدارة فالوكالة الخاصة لا تكون ضرورية.
كما أنها لا تتطلب شكليات كالكتابة ويكفي وجود التراضي فالمحضر له دور استشاري اتجاه طالب التنفيذ. بالقيام بالتصرفات الضرورية والتحلي بالصدق و الأمانة. باتخاذ الإجراء المناسب لتحقيق المصلحة العامة.
-3في التشريع الجزائري : إن المحضر القضائي مفوض من طرف الدولة للقيام بالتنفيذ بناء على طلب المستفيد من السند التنفيذي أو ممثله القانوني أو الاتفاقي". و بمفهوم المخالفة لا يمكن له القيام بإجراءات التنفيذ بصفة تلقائية فهو حق مقرر لطالب التنفيذ كونه صاحب المصلحة يمارسه متى شاء و على هدا الأساس فان علاقة المحضر القضائي بزبونه هي عقد وكالة! تنشأ وجوبا بقوة القانون فهو ملزم بأداء الخدمة لطالب التنفيذ بمجرد أداءه لليمين القانونية وتسليمه ختم الدولة .
كما أن وكالة المحضر القضائي لها ميزتها الخاصة غير تلك المنصوص عليها في القانون المدني بتمثيل الدائن أمام القضاء كحالة تحديد الثمن الأساسي للعقار موضوع البيع بالمزاد العلني الذي يتم عن طريق خبير يعين من طرف رئيس المحكمة المختصة إقليميا ويكون بناء على طلب المحضر القضائي أو من طرف الدائنة الحاجز كما يقوم المحضر القضائي بعد الحجز بتعيين المحجوز عليه حارسا على الأموال المحجوزة اذا كانت موجودة في مسكنه.
أو في محله التجاري في حالة عدم وجود من يقوم بالحراسة فانه يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة المختصة لتعيين حارس بموجب أمر على عريضة.
وتقوم مسؤولية المحضر القضائي التعاقدية إذا امتنع عن التنفيذ أو كان التنفيذ بدون احترام الإجراءات القانونية و بنود العقد. فيكون ملزم بالتعويض عن الضرر المتوقع وقت التعاقد الذي أصاب الزبون دون التعويض عن الضرر غير المتوقعة لانعدام الغش أو الخطأ الجسيم . وخلاصة القول أن المسؤولية التعاقدية للمحضر القضائي تطبيقها ضيق من الناحية العملية قد يقتصر في حالة تشغيله لعدد من المستخدمين في إطار عقد العمل أو في تسييره للشركة المدنية المهنية للمحضرين القضائيين.
الفرع الثاني : المسؤولية التقصيرية للمحضر القضائي :
إن المسؤولية التقصيرية هي الإخلال بالتزام فرضه القانون فإذا أخل المحضر القضائي بالتزام قانوني سواء عن عمله الشخصي أو عمل الغير من مستخدميه أو نائبه تقوم مسؤوليته التقصيرية إن غياب القواعد الخاصة بالمسؤولية المدنية للمحضر القضائي تؤدي إلى تطبيق أحكام القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الثاني من القانون المدني تحت عنوان العمل المستحق للتعويض. سواء المسؤولية عن الأفعال الشخصية من المواد 124 إلى 140.
المسؤولية عن أفعال الغير من المواد 124 الى 133 والمسؤولية الناشئة عن الأشياء من المواد 138 الى 140 مكرر.
ألزم المشرع المحضر القضائي طبقا للمادة 38 من ق م م م ق اكتتاب تأمين لضمان مسؤوليته . المدنية على كل إهمال أو تقصير في أداء مهامه و ترتب عنه ضرر للغير وجب عليه التعويض سواء بفعل عمله الشخصي أو بفعل عمل الغير أو عن عمل نائبه .
اولا - المسؤولية التقصيرية للمحضر القضائي :
01 - عن عمله الشخصي : تقوم المسؤولية التقصيرية للمحضر القضائي عن عمله الشخصي ارتكابه أخطاء أثناء ممارسة مهامه فيلحق ضررا بالغير كحالة عدم مراعاته الآجال القانونية في التبليغ أو عدم مراعاة أوقات التنفيذ فيلتزم بالتعويض سواء عن الضرر المتوقع و الغير المتوقع إذا كان مبنيا على الغش أو الخطأ الجسيمة.
02- عن عمل الغير: تكون مسؤولية المحضر القضائي التقصيرية عن عمل الغير عندما يقوم بتوظيف مساعدين أو مستخدمين لتسيير مكتبه ويتحمل المسؤولية المدنية عن الأعمال الضارة المرتكبة من طرفهم وأساسها هي علاقة التبعية بين التابع وهو المساعد و المتبوع هو المحضر القضائي عند ارتكابهم لأفعال ضارة أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها لان له السلطة الفعلية في الرقابة و التوجيه لمستخدميه. و يتلقون الأوامر منه فتقوم مسؤوليته عندما يقوم التابع بفعل غير مشروع ويمكن للمحضر القضائي حق الرجوع على مستخدميه عند ارتكابهم خطا جسيما. و بمفهوم المخالفة انه في حالة ارتكابهم لخطأ بسيط فلا يمكن مساءلته.
03- عن فعل نائبه : ان إنابة المحضر القضائي الذي يتم تعيينه بموجب ترخيص من النائب العام من أجل تسيير مكتب المحضر القضائي باعتباره مرفق عام يؤدى خدمة عامة تكون بتولي المحضر القضائي المنيب جميع الصلاحيات في إدارة المكتب العمومي إلا أن المسؤولية تبقى على عاتق المحضر القضائي المستخلف بالنسبة للأخطاء غير العمدية للمحضر القضائي النائب والمحضر القضائي النائب يكون مسؤولا عن جميع الأخطاء العمدية المرتكبة من طرفه .
ثانيا : أركان المسؤولية التقصيرية :
لقد أكد المشرع الجزائري في المادة 124 من القانون المدني" أن الخطأ هو اساس المسؤولية و كل فعل أيا كان يرتكبه الشخص بخطأه و يسبب ضرر للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض" يتضح أن أعمدة المسؤولية المدنية هي الخطا الضرر و العلاقة السببية سواء ومن خلال هذه المادة عن فعله الشخصي أو عن أفعال الغير أو نائبه .
- 01 ركن الخطأ: يعد الخطا أساس مسؤولية المحضر القضائي سواء كان عمدا أو بإهمال أو عملا ايجابيا أو سلبيا و قد عرفه الفقه على أنه انحراف في سلوك المسؤول عن سلوك الشخص المعتاد مع إدراكه لهذا الانحراف و قد يكون الخطا هو تجاوز المسؤول لحدود رخصته كما اذا تجاوز حدود معينا أو تعسف في استعماله فاذا ارتكب المحضر القضائي بخطاه أي فعل بحكم مهنته و سبب ضررا للغير يكون ملزم بالتعويض سواء كانت الاخطاء عمدية أو غير عمدية فمتى انحرف المحضر القضائي عن سلوك باقي زملاءه في المهنة مع ادراكه للخطأ المرتكب تقوم مسؤوليته و لا بدا من توافر عنصران في الخطأ وهما :
ـ العنصر المادي : التعدي أو الانحراف في السلوك يقصد بالتعدي هو انحراف الشخص في سلوكه عن سلوك الرجل العادي الذي يوجد في نفس الظروف الزمانية و المكانية التي أحاطت بالشخص المنحرف" فاذا تجاوز المحضر القضائي صلاحياته أو امتنع عن أداء مهامه فيكون مرتكب للخطا .
العنصر المعنوي : الادراك و التمييز:
يراد بالإدراك و التمييز ان يكون الشخص الذي ينسب إليه الخطأ يعلم انه أتى بعمل ما كان يجب عليه ان يرتكبه وإنه اضر بالغير فيتم مساءلته فالمحضر القضائي بحكم مهنته لا يمكن تصور عدم تمتعه بالإدراك و التمييز فمهنته تتطلب منه قدرا واسعا من الوعي و التمييز بين الخير والشر لان التحاقه بالمهنة تتطلب تمتعه بالقدرة البدنية. فعدم احترام المحضر القضائي للبيانات الجوهرية الواجبة في العقود والمحاضر المحررة من طرفه يترتب قابليتها للإبطال متى قام المبلغ له بالدفع ببطلانها فيلتزم بالتعويض و في حالة خلو قائمة شروط للبيع من احد البيانات الإلزامية فتعاد جميع الاجراءات على نفقة المحضر القضائي بصفته المسؤول عن الخطا .
كما تقوم مسؤولية المحضر القضائي اذا اخل بواجب الحيطة والحذر بصفته محترف في مهنة قانونية مثله مثل الموثق والمحامية و ذلك في حالة عدم مراعاة مواعيد التبليغات .
كما يقع عليه التزام إعطاء المشورة و النصح لزبونه و إرشاده إلى الإجراءات القانونية الصحيحة لحفظ حقوقه فبعد قيامه بتبليغ محضر الحجز و الجرد للمحجوز عليه يطلب من الدائن الحاجز رفع دعوى أمام قاضي الموضوع من أجل تثبيت الحجز و إلا كان الحجز و الإجراءات التالية باطلة.
02- ركن الضر :
يعد الضرر الركن الثاني في المسؤولية و هو الأذى الذي يصيب الشخص نتيجة المساس بمصلحة مشروعة له أو بحق من حقوقه و سواء كان الضرر معلقا بالبدن او المال او بالسمعة و الشرف. فإذا انعدم الضرر انعدمت معه المسؤولية. فلا تقبل دعوى التعويض لانتفاء الضرر. و يشترط في الضرر المساس بمصلحة مادية. ويكون محققا و شخصيا كقيام المحضر القضائي بتبليغ التكليف بالوفاء إلى المدين في يوم عطلة فيسبب ضررا لطالب التنفيذ.
و قد يكون المساس بمصلحة معنوية كقيام المحضر القضائي بحجز أموال المدين التاجر دون استصدار أمر قضائي فيؤدى إلى المساس بسمعة المدين التاجر الذي يتميز به اتجاه الزبائن أو قيامه بالمعاينة داخل الأماكن الخاصة دون حصوله على إذن من أصحابها أو وجود أمر قضائي.
ويقع عبء الإثبات على المضرور في إثبات الضرر الذي أصابه باستعمال كافة طرق الإثبات .
03- العلاقة السببية بين الضرر و الخطا :
تعتبر العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر الركن الثالث للمسؤولية فلا يمكن تصور الخطا دون أن يترتب عنه الضرر فيجب أن يكون الخطأ هو السبب المباشر و الفعال و المنتج الذي نتج عنه الضرر و هو ما أقره المشرع في أحكام المادة 182 من القانون المدني" و يجب على طالب التعويض إثبات العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر على أن يكون الضرر المباشر هو النتيجة الطبيعية للخطأ و ليس عن أخطاء متتالية يمكن إثبات العلاقة السببية بين الخطا و الضرر بكافة وسائل الإثبات كالبينة و القرائن ويجوز للمحضر القضائي إثبات عدم قيام العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر. كأن يكون الضرر حدث بسبب أجنبي كالقوة القاهرة أو خطأ من طالب التنفيذ أو المضرور أو من الغير .
ثالثا: آثار قيام المسؤولية التقصيرية :
إن توافر أركان المسؤولية من خطأ و ضرر و علاقة سببية. ترتب عنه وجوب التعويض الذي يعتبر أساس دعوى المسؤولية التي يتحملها المحضر القضائي .
1- دعوى التعويض :
إن قيام المسؤولية التقصيرية للمحضر القضائي عن عمله الشخصي أو عمل الغير بعد توافر أركانها. ترتب عليه التعويض فيباشر المضرور دعوى المسؤولية بصفته مدعى في الخصومة للمطالبة بالتعويض فلا بد أن تتوافر فيه الصفة و المصلحة و الأهلية بقبول دعواه ضد المحضر القضائي المدعى عليه. و المسؤول عن الضرر. و قد ترفع ضد الشركة المدنية للمحضرين القضائيين لتمتعها بالشخصية المعنوية باعتبار هم متضامنين في المسؤولية و لا بد أن ترفع قبل التقادم المحدد في اجل 15سنة من يوم وقوع الفعل الضار طبقا للمادة 133 من ق م.
2- التامين عن المسؤولية المدنية :
إن مسؤولية المحضر القضائي مقررة قانونا لذا ألزمه المشرع على وجوب اكتتاب تامين عن مسؤوليته المدنية بدفع أقساط التامين لدى وكالات التامين المختصة التي تتدخل في الدعوى كطرف و تحل محله في دفع التعويض كما يمكن للمدعى رفع دعواه مباشرة ضد شركة التامين بصفتها المسؤولة عن التعويض وإلزامية التأمين تزيد من الضمان العام وحماية للمضرور من أخطاء المحضر القضائي وحصوله على التعويض.
المطلب الثاني :
المسؤولية التأديبية للمحضر القضائي :
تتجلى المسؤولية التأديبية للمحضر القضائي في مخالفة القواعد و الالتزامات المهنية التي يفرضها القانون المنظم للمهنة و كذا التقاليد و العادات المتعارف عليها سواء أثناء ممارسة مهامه او خارج نطاقها. و يمتد مجال المسؤولية التأديبية إلى كل إخلال بالشرف والأمانة و النزاهة فلا تخضع إلى نص قانوني على أساس مبدأ الشرعية القاضي لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص لأنها غير مضبوطة و مجالها واسعا و تعود السلطة التقديرية إلى المجالس التأديبية و علة ذلك في صعوبة التحديد الدقيق للمخالفة التأديبية.
فالمشرع كغيره من التشريعات المقارنة لم يعرف الأخطاء التأديبية و اقتصر على بيان أهم واجبات المحضر القضائي و محظوراته و كل تقصير و خروج عن مقتضى الواجب المهني أو الظهور بمظهر يكون من شأنه الإخلال بكرامة المهنة يوجب المساءلة التأديبية .
وتتطلب المسؤولية التأديبية بدورها توافر ركنان أساسيان لقيامها و هما :
-الركن المادي المتمثل في المظهر الخارجي للمخالفة التأديبية و قد يكون سلوكا ايجابيا بالقيام بعمل محظور كقيام المحضر القضائي بعمليات تجارية أو ممارسة أعمال السمسرة كما قد يكون سلوكا سلبيا و هو الامتناع عن أداء واجب كحالة امتناعه عن فتح حساب ودائع لدى الخزينة العمومية ليودع فيها المبالغ التي بحوزته.
- اما الركن المعنوي هو انصراف إرادة المحضر القضائي إلى إتيان الفعل وتحقيق النتيجة فالمخالفة التأديبية تقوم على فكرة الإثم و الخطيئة وأن يكون مدركا فإذا انعدمت إرادته كحالة الإكراه أو الجنون فإنها تنتفي مسؤوليته التأديبية .
الفرع الاول : إجراءات الدعوى التأديبية :
إن الدعوى التأديبية هي تلك الإجراءات القانونية و التنظيمية التي تمارس من طرف المجلس التأديبية على المحضر القضائي حينما يخل بقسمه و بالمهام المسندة إليه. فتوقع عليه الجزاء. فما هي الأخطاء التأديبية و الجهة المختصة بالتأديب وإجراءاتها.
أولا : الاخطاء التأديبية للمحضر القضائي
أ مخالفة القوانين والأنظمة المتعلقة بالمهنة : عندما يؤدى المحضر القضائي القسم القانوني. يتولى ممارسة مهنته و يلتزم بالواجبات التي فرضها القانون المتمثلة في :
الالتزام بأداء الخدمة : يجب على المحضر القضائي القيام بمهام كلما طلب منه ذلك. و لا يمتنع عن أداءها الا في حالة وجود ما يمنعه عن القيام بها كحالة مطالبته بالتنفيذ خارج دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يعمل فيهة أو خارج أوقات العمل و في العطلة.
ب- الالتزام بالتعريفة الخاصة بأتعاب المحضر القضائي : فإذا تجاوز الأتعاب المحددة قانونا أو في حالة مساهمة أكثر من محضر قضائي في العقد لا يترتب عليه الزيادة في الأتعاب. فيعود نصف قيمة الأتعاب للمحضر القضائي الذي يحتفظ بأصل العقد والنصف الباقي يعود الى المحضرين القضائيين الأخرين أما حقوق الجدولة ترجع إلى المحضر القضائي الحائز على أصل العقد".
ج- الالتزام بواجب الزمالة : في الاحترام و تبادل النصح و عدم التعليق عن العقود المحررة من زملاءهم و عدم السعي في طلب الزبائن وألزمه القانون المنظم للمهنة استقبال الزبون في مكتبه كما تقوم المسؤولية المهنية للمحضر القضائي كلما خالف حالات المنع و التنافي المنصوص عليها قانونا وإفشاءه للسر المهني المشكل للخطأ تأديبي فضلا أنه جريمة .
ثانيا : الجهة المختصة بالتأديب :
تطبيقا لمبدأ العدالة فان متابعة المحضر القضائي لا تكون بصفة تلقائية. و إنما هناك جهة خول لها القانون صلاحية ممارسة سلطة التأديب و المتمثلة في :
1- المجلس التأديبي :
هي الهيئة المختصة لممارسة سلطة التأديب و ينشأ على مستوى كل غرفة جهوية يتكون من 7 أعضاء من بينهم رئيس الغرفة رئيسا وينتخب أعضاء الغرفة الجهوية من بينهم الأعضاء الستة الآخرين لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة عن طريق التصويت .
يتولى المجلس التأديبي للغرفة الجهوية للمحضرين النظر في القضايا والمخالفات المهنية المرتكبة من المحضرين القضائيين التابعين لدائرة اختصاصها ؟ مع مراعاة الحالة التي قد يكون فيها عضو من الغرفة الجهوية للمحضرين القضائيين هو المتورط في ارتكاب الخطأ التأديبي فيتم إحالة الملف التأديبي للمحضر القضائي على المجلس التأديبي لغرفة جهوية أخرى غير التي ينتمي إليها المحضر القضائي المتابع و تطبق نفس الأحكام إذا كان العضو المعنى بالمتابعة التأديبية هو أحد المحضرين القضائيين الأعضاء في الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين .
أما في حالة إذا كان المحضر القضائي محل الخطأ التأديبي هو نفسه رئيس الغرفة الوطنية فتكون المتابعة التأديبية من اختصاص وزير العدل حافظ الأختام التي يملك سلطة إحالته إلى أي مجلس تأديبي يراه مناسبا.
2- اللجنة الوطنية للطعن :
تنشا هده اللجنة بقرار من وزير العدل حافظ الأختام من مهامها الفصل في الطعون ضد قرارات المجالس التأديبية كدرجة ثانية من درجات التقاضي
حيث تتشكل من ثمانية أعضاء أساسيين أربعة قضاة برتبة مستشار بالمحكمة العليا يعينهم وزير العدل حافظ الأختام من بينهم رئيس اللجنة و أربعة محضرين قضائيين تختارهم الغرفة الوطنية للمحضرين من غير أعضاء المجالس التأديبية .
كما يعين وزير العدل حافظ الأختام أربعة قضاة احتياطيين بنفس الرتبة وتختار الغرفة الوطنية أربعة محضرين احتياطيين تحدد فترة العضوية للأعضاء الأصليين و الاحتياطيين بثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة ويعين وزير العدل حافظ الأختام ممثلا له أمام اللجنة الوطنية للطعن و يمكن لرئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين أن يعين ممثلا له أمام لجنة الطعن و يعين وزير العدل حافظ الأختام موظفا يتولى أمانة اللجنة الوطنية للطعن .
ثالثا : اجراءات التأديب :
تعتبر الإجراءات التأديبية هي المراحل الواجب إتباعها من طرف المجلس التأديبي و هي خاضعة للرقابة من طرف القضاء. و تكون بداية من إخطار المجلس التأديبي و استدعاء المحضر القضائي المعني بالمتابعة والحق في الدفاع.
1- إخطار المجلس التأديبي و انعقاده :
يتم إخطار المجلس التأديبي. من قبل وزير العدل حافظ الأختام أو من رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين بناء على شكاوي و بإخطار من النائب العام عندما يرتكب فيها المحضر القضائي جريمة و لوزير العدل صلاحية التوقيف الفوري للمحضر القضائي بناء على تحقيق أولي في حالة ارتكاب خطأ مهني جسيم أو جريمة من جرائم القانون العامة و لا ينعقد المجلس التأديبي الا بحضور أغلبية أعضاءه؟
2- استدعاء المحضر القضائي :
لا يجوز إصدار أية عقوبة تأديبية دون الاستماع إلى المحضر القضائي المتابع أو بعد استدعاءه قانونا من طرف المجلس التأديبي و لم يمتثل فى الآجال المحددة قانونا قبل خمسة عشر (15) يوما كاملة من التاريخ المحدد لمثوله أمام المجلس بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالاستلام أو بواسطة محضر قضائي.
3- الحق في الدفاع :
تطبيقا لمبدأ قرينة البراءة وشفافية المتابعة لا يمكن إصدار العقوبات التأديبية دون إعطاء للمحضر القضائي الحق في تحضير دفاعه! بالاطلاع على ملفه تقديم ملاحظاته و الاستعانة بمحامي.
أ- الحق في الاطلاع على الملف : ان الحق في الاطلاع على الملف التأديبي من المبادئ التي تقوم عليها المحاكمة التأديبية وهو إجراء إلزامي للمجلس التأديبي بتمكين المحضر القضائي في فحص جميع أوراق ملف الدعوى التأديبية سواء بنفسه أو بواسطة محاميه أو وكيله لمعرفة الوقائع المسندة اليه وتحضير أوجه دفاعه بصفة مناسبة و في مدة معقولةة. وإبداء ملاحظاته و تقديم أية وثيقة مدعمة لدفوعه والاستعانة بشهود.
ب- الاستعانة بمحام :
يعتبر حق الدفاع من الضمانات الجوهرية للمحضر اثناء مثوله أمام أعضاء المجلس التأديبي بتقديم أوجه دفاعه واحترام قرينة البراءة حتى تثبت إدانته في محاكمة تأديبية فيها كافة ضمانات الدفاع .
الفرع الثاني :
العقوبة التأديبية :
العقوبة هي القرار المتضمن ردع تصرف خاطئ طبقا لنصوص قانونية أو تنظيمية محددة فما هي الاجراءات القانونية لانعقاد المجلس التأديبي سواء في الدرجة الأولى للتقاضي او في الدرجة الثانية و العقوبات المقررة و طرق الطعن في القرار التأديبي .
أولا : انعقاد جلسة التأديب :
أ- على مستوى الدرجة الأولى للتقاضي :
يعتبر المجلس التأديبي الدرجة الأولى للمحاكمة التأديبية وينعقد قانونا بحضور أغلبية أعضاءه و يفصل فيها في جلسة مغلقة بأغلبية الاصوات ويكون قراره مسببا و في حالة تعادل الأصوات يرجح صوت الرئيس و لا يتم إصدار عقوبة القول الا بأغلبية ثلاثي 3/2 أعضاء المجلس التأديبي
- بعلى مستوى الدرجة الثانية للتقاضي :
تعتبر اللجنة الوطنية للطعن المختصة في الفصل في الطعون ضد قرارات المجالس التأديبية وتجتمع من وزير العدل. أو باقتراح رئيس الغرفة الوطنية بناء على استدعاء من رئيسها أو بطلب للمحضرين القضائيين2 و تتخذ قراراتها بأغلبية الأصوات في جلسة سرية و عند تساوي الاصوات يرجح صوت الرئيس و تتخذ عقوبة العزل وجوبا بأغلبية ثلثي 2/3 الأعضاء.
ثانيا : القرار التأديبي :
لقد نص المشرع على العقوبات التأديبية على سبيل الحصر بغرض ضمان شرعيتها وعدم تعسف السلطة التأديبية و تطبيق مبدا تناسب العقوبة مع الخطأ التأديبي و نصت المادة 50على العقوبات التأديبية وهي الانذار التوبيخ الوقف المؤقت عن ممارسة المهنة لمدة أقصاه ستة أشهر و العزل كما ورد في المادة 57 على أنه " اذا ارتكب المحضر القضائي خطا جسيما سواء كان اخلالا بالتزاماته المهنية أو جريمة من جرائم القانون العام ما لا يسمح له الاستمرار في ممارسة نشاطه يمكن وزير العدل حافظ الاختام توقيفه فورا بعد اجراء تحقيق أولى يتضمن توضيحات المحضر القضائي المعني و ابلاغ الغرفة الوطنية للمحضرين بذلك .
و في غير حالات المتابعة الجزائية يتعين أن يحال المحضر القضائي أمام المجلس التأديبي المختص في أجل أقصاه ستة ( 06) أشهر من تاريخ التوقيف و الا أعيد ادماجه الى ممارسة مهامه بقوة القانون " وعليه فسلم تدرج العقوبات التأديبية يبدأ بعقوبتي الانذار و التوبيخ و هما أخف العقوبات المتناسبة مع المخالفات التأديبية البسيطة و يبقى المحضر القضائي يمارس مهامه .
أما عقوبة المنع المؤقت من ممارسة المهنة لمدة 06 أشهر هي عقوبة قاسية نوع ما لأنها تمنع المحضر القضائي من مزاولة مهامه خلال المدة المعاقب بها فيؤثر سلبا عليه بينما عقوبة العزل فهي من أشد العقوبات جسامة و التي تنهي المسار المهني للمحضر القضائي و اشترط المشرع أنه لا يتم إصدار عقوبة العزل الا بأغلبية ثلثي (3/2) الاعضاء المكونين للمجلس التأديبي .
الملاحظ أن المشرع لم ينص على الآجال القانونية التي توجب على المجلس التأديبي اصدار قراره التأديبي باستثناء ما نصت عليه المادة 57 من القانون المنظم لمهنة المحضر القضائي المذكورة اعلاه.
ثالثا: تبليغ القرار التأديبي و اجراءات الطعن فيه :
1-تبليغ القرار التأديبي :
يتولى رئيس الغرفة الجهوية للمحضرين تبليغ القرار الصادر عن المجلس التأديبي بصفته رئيس المجلس التأديبي في مدة خمسة عشر يوما من تاريخ صدور القرار الى الجهات الواجب إخطارها وهم وزير العدل حافظ الاختام رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين و الى المحضر القضائي المعني بالقرار التأديبي دون أن يحدد المشرع آليات التبليغ سواء كان بواسطة رسالة مضمنة مع إشعار بالاستلام أو عن طريق المحضر القضائي كما حددها في المادة 54 أما القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية للطعن بصفتها الجهة الثانية للتقاضي فتبلغ عن طريق رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام إلى وزير العدل حافظ الأختام و رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين في حالة طعنه في القرار التأديبي و الى النائب العام المختص و المحضر القضائي المعني مع إشعار الغرفة الوطنية و الجهوية المعنية بذلك-.
-2-الطعن في القرار التأديبي :
يعد الحق في الطعن في القرار التأديبي من مبادئ المحاكمة العادلة فقد تضمن القانون المنظم لمهنة المحضر القضائي طريقي للطعن في القرار التأديبي سواء الصادر عن المجلس التأديبي او عن اللجنة الوطنية للطعن وحدد الأشخاص الذين يملكون الصفة في ممارسته.
أ- الطعن أمام المجلس التأديبي :
ب- الطعن أمام اللجنة الوطنية للطعن :
يطلق عليه بالطعن الإداري أقره المشرع لصالح وزير العدل حافظ الاختام و رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين النائب العام المختص و المحضر القضائي المعني تكريسا للمبدأ الدستوري بالتقاضي على درجتين فيتم إعادة النظر في القضية أمام اللجنة الوطنية للطعن كجهة استئناف في أجل (30) تلاثون يوما من تاريخ تبليغ القرار التأديبي لرفع الطعن .
والإجراءات التأديبية التي تكون أمام لجنة الطعن فهي نفسها الاجراءات التي تتم أمام المجلس التأديبي كجهة ابتدائية مع احترام جميع الاجراءات و تمكين المحضر القضائي في تحضير وسائل دفاعه و توكيل محام أو محضر قضائي يختاره .
بالنسبة لجلسات المحاكمة التأديبية أمام اللجنة الوطنية للطعن فتكون بالاستماع الى المحضر القضائي و دفاعه بعد عرض وقائع الدعوى التأديبية و مناقشتها في جلسة علنية وتكون مداولاتها في جلسة سرية بأغلبية الأصوات و في حالة تعادل الأصوات يرجح صوت الرئيس واما القرار يصدر في جلسة علنية وهو مسببا.
إذا تعلق القرار بعقوبة العزل فلا يمكن إصداره إلا بأغلبية (3/2) ثلثي الأعضاء المكونين للمجلس و تبلغ قراراتها عن طريق رسالة مضمنة مع الاشعار و هي قابلة للطعن أمام مجلس الدولة بوصفه قاضي موضوع و اختصاص ، إن المشرع لم يحدد صراحة الأشخاص الذين لهم الحق في الطعن في قرار اللجنة الوطنية أمام مجلس الدولة و قياسا على المادة 63 من قانون المنظم لمهنة المحضر القضائي فالأشخاص الذين يملكون الصفة في الطعن هم وزير العدل حافظ الاختام رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين و النائب العام المختص و المحضر القضائي المعني ويعد قرار اللجنة الوطنية للطعن بمثابة قرار قضائي صادر عن هيئة مهنية مختصة و ليس قرارا إداريا كما أقره مجلس الدولة في حيثيات قراره تطبق إجراءات الطعن بالنقض في قرارات اللجنة الوطنية للطعن و للطاعن ميعاد شهرين من تاريخ تبليغه بقرار اللجنة الوطنية للطعن لرفع الطعن بموجب عريضة موقعة من طرف محامي معتمد أمام المحكمة العليا و مجلس الدولة .
و في الاخير نشير أن المشرع نص على ميعاد 03 سنوات لتقادم الدعوى التأديبية.
المبحث الرابع : المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي
إن المسؤولية الجزائية ترتبط ارتباطا وثيقا بفكرة الجريمة. التي تعني كل فعل يعاقب عليه القانون و تتحقق بارتكاب الفاعل سلوك مخالف للقانون وصادرا عن الانسان العاقل الذي يخضع تحت العقاب فلا ينسب الى المجنون لانعدام الارادة الأثمة التي تعد حلقة وصل بين السلوك المادي المحظور و بين الانسان الذي ارتكبه
المطلب الاول : أركان المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي و موانعها
المسؤولية الجزائية هي التزام الشخص بتحمل نتائج فعله الإجرامي المخالف للقانون فهي ليست ركنا من أركان الجريمة٥ و إنما هي أثر للجريمة ونتيجتها القانونية .
إن المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي تحكمها القواعد العامة المطبقة في المسؤولية الجزائية بصفة عامة لكون القانون المنظم لمهنة المحضر القضائي لم ينص على الاحكام الجزائية و عليه تطبق المبادئ و الخصائص المميزة للمسؤولية الجزائية و من حيث مبدأ شرعية المسؤولية التي تعد الاساس العام الذي يحكم القانون الجنائي فلا جريمة و لا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون و قد قرر الدستور هدا المبدأ فلا تخضع المسؤولية الجزائية لهوى القضاة و تعسفهم و ترتب عن هدا عدم رجعية القانون عن أفعال وقعت في الماضية إلا ما كان هو أصلح للمتهم و أن مبدأ شخصية المسؤولية الجزائية يكون تطبيقها و تقريرها الا على مرتكب الفعل و هو المحضر القضائي دون سواه لارتباطها بالخطأ الصادر عنه فقط فلا يسأل غيره من الورثة في حالة وفاته وإنما تنقضي مسؤوليته الجزائية لانقضاء الدعوى العمومية بالوفاة" و هو المبدأ المستمد من أحكام شريعتنا الاسلامية لقوله تعالى " و لا تكسب كل نفس الا عليها و لا تزر وازرة وزر أخرى " و قوله تعالى " كل نفس بما كسب رهينة "
إلا أن هدا المبدأ ورد فيه استثناء و الخاص بمسؤولية الشخص المعنوي الذي يكون مسؤول جزائيا عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته أو ممثليه الشرعيين و يقاس ذلك على المحضرين القضائيين الذين يمارسون مهامهم باسم الشركة المدنية المهنية التي لها الشخصية المعنوية و يمكن مساءلتها جزائيا و تسلط عليها عقوبة الحل أو الوقف أو المنع من ممارسة النشاط المهني.
الفرع الاول : أركان المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي
إن المسؤولية الجزائية هي تحمل النتائج المترتبة عن توافر أركان الجريمة المتمثل في الجزاء فتحقق هذه المسؤولية بتوافر ركنين و هما : الخطأ الجزائي و الاهلية الجزائية المطبقة على المحضر القضائي متى ارتكب فعل إجرامي .
1-الخطأ الجزائي : و هو إتيان فعل مجرم قانونا و معاقب عليه سواء عن قصد أو غير قصد فاذا ارتكب المحضر القضائي فعلا أو سلوكا ماديا سواء بالامتناع أو بالفعل و هو يعلم أنه مخالف للقانون و يشكل جرما فإنه يسأل جزائيا كحالة تعمده الاستيلاء على مبالغ الوفاء المسلمة إليه من المنفذ عليه دون قيامه بإيداعها في حساب الودائع وقد يرتكب المحضر القضائي فعلا مجرما نتيجة إهماله و عدم أخذه الحيطة و الحذر التي تفرضه عليه المهنة.
غير أن الخطأ وحده غير كاف لمساءلة المحضر القضائي عن أفعاله المجرمة سواء عن عمد أو إهمال لتحميله الجزاء و إنما يجب أن يكون واعيا و مدركا على ما أقدم على فعله و يكون قادرا على الاختيار.
2 - الاهلية الجزائية : هي جوهر المسؤولية الجزائية وصميما! و يقصد بها صلاحية الفاعل لان يسأل ولديه المقدرة العقلية تجعله يفقه أعماله و يقدر نتائجها فتستند الى عنصرين هما: الادراك و حرية الارادة في الاختيار .
ونستخلص أن الخطأ أيا كان نوعه عمديا أو غير عمدي باعتباره عنصر أساسي فلا تقوم المسؤولية ما لم يتوافر عنصر الاهلية الجزائية و هي الادراك و حرية الاختيار فإذا كان المحضر القضائي فاقد الادراك و يرتكب فعلا مجرما فإنه لا يتحمل نتائج خطأه .
الفرع الثاني :
موانع المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي
تنعدم المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي طبقا للقواعد العامة بتوافر أحد موانع المسؤولية الجزائية وهي عوارض تصيب الاهلية الجزائية و تنصب على الادراك أو الارادة فأي عارض يصيبهما يؤدى الى إنعدام أحدهما أو كلاهما و تنعدم المسؤولية الجزئية كحالة الجنون و الاكراه فقد يصاب أو يتعرض المحضر القضائي الى الاكراه و الجنون .
01-امتناع المسؤولية الجزائية بسبب انعدام الاهلية :
حالة الجنون وأثاره: يقصد بالجنون هو الاضطراب في القوى العقلية لدى الشخص فتفقده القدرة على التمييز و السيطرة على أعمالها.
و يشمل أيضا أية عاهة تصيب العقل بنقص في الملكات الذهنية كالصرع و الذهان و ازدواجية الشخصية و حالة اليقظة النومية ويلجا القاضي الى تعيين طبيب مختص في الامراض العقلية من أجل معرفة اذا كان المحضر القضائي أثناء ارتكابه الوقائع يعاني من الجنون أو أية عاهة عقلية .
يترتب عن الجنون انعدام المسؤولية الجزائية فبعض المجنون من العقوبة فيجب أن يكون جنون المحضر القضائي معاصرا للوقائع فلا أثر للجنون اذا وقع قبل ارتكاب الجريمة أما اذا وقع الجنون بعد ارتكابها و قبل محاكته. فإنها تتوقف إجراءات المتابعة و المحاكمة حتى يعود اليه رشده و يوضع بمصحة للأمراض العقلية وتتوقف مواعيد الطعن في الاحكام .
أما اذا وقع الجنون بعد صدور الحكم القاضي بإدانته بعقوبة سالبة للحرية فيتم تأجيل تنفيذها حتى يشفى و يوضع مؤسسة مختصة للأمراض العقلية .
02-امتناع المسؤولية الجزائية بسبب انعدام الارادة ( الاكراه : (
يقصد بالإكراه كل قوة من شانها أن تشل إرادة الشخص إلى درجة كبيرة في تصرف وفقا لما يراه فالإكراه ة يسلب الإرادة حريتها فتنعدم المسؤولية الشخصية للجاني وهو نوعان إكراه مادي إكراه معنوي.
أ- الاكراه المادي :
هي وقوع قوة مادية على المحضر القضائي لا يقدر على مقاومتها فيرتكب ما يمنعه القانون سواء مصدرها داخلي ذاتي ملازم لشخصه تؤدى به إلى ارتكاب الفعل المجرم و قد يكون مصدره خارجي بفعل الطبيعة أو قوة ناشئة عن فعل الإنسان .
ب-الاكراه المعنوي :
ينتج عن الضغط ممارسة على إرادة المحضر القضائي كالتهديد و الاستفزاز الصادر عن الغير الذي يتعرض له المحضر القضائي و لا يمكن توقعه و مقاومته .
03- أسباب الاباحة :
لقد اختلف الفقه في أسباب الإباحة و انقسم الى فريقين احدهما ربطها بالمسؤولية الجزائية فإذا توافرت انعدمت المساءلة كالجنون والإكراه اما الآخر ربط أسباب الإباحة بالركن الشرعي للجريمة التي تعدمها تجعله كأن لم يكن أما موانع المسؤولية فلا تؤثر على النص القانوني لكنه لا لانعدام النص القانوني و يطبق على الفاعل لسبب مانع المسؤولية أما المشرع فقد حصر أسباب الإباحة في الأفعال المبررة الذي يأمر به و يأذن به القانون أو في حالة الدفاع الشرعي. يترتب عن الفعل الذي يخضع لسبب من أسباب التبرير فعلا مشروعا فاذا ارتكب المحضر القضائي فعل في ظل سبب من أسباب الاباحة كحالة إفشاء السر المهني الذي يعد جريمة منصوص ومعاقب عليها بالمادة 301 من قانون العقوبات فانه لا يتابع كحالة الإدلاء بالشهادة أمام القضاء لاستظهار الحقيقة أو الابلاغ عن جريمة و في حالة التنفيذ بغرض القيام بالحجز في المساكن المغلقة عن طريق كسر الاقفال و الابواب.
المطلب الثاني : نطاق المسؤولية الجزائية للمحضر القضائي
يتضمن قانون العقوبات في قسمه الخاص أوصاف الجرائم و يعرف كل جريمة بأركانها المميزة و يحدد العقوبة المقررة لها مع بيان الحد الادنى و الاقصى! فتكيف الوقائع المرتكبة من طرف القاضي طبقا للنص القانوني الواجب التطبيق.
فالمحضر القضائي كغيره من المواطنين معرض لارتكاب جرائم و لو بمناسبة أداء مهامه فيتم متابعته كشخص عادي دون منحه امتياز التقاضي لكونه ضابط عمومي و هدا خلافا لبعض الموظفين الذي حدد لهم القانون إجراءات خاصة في المتابعة الجزائية فتحرك النيابة الدعوى العمومية ضده ولها سلطة الملائمة في حفظ الشكاوي أو فتح تحقيق قضائي وفقا للقواعد العامة دون تقيدها بأي شكليات ما عدا احترام أحكام المادة 7 من القانون 06-03 المنظم لمهنة المحضر القضائي في ضرورة وجود أمر قضائي مكتوب لتفتيش وحجز الوثائق المودعة بمكتب المحضر القضائي و حضور رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين أو من يمثله بعد إخطاره. سنتطرق الى أنواع الجرائم المرتكبة من المحضر القضائي و صفة الضابط العمومي و أثرها على العقوبة الجزائية .
الفرع الاول : أنواع الجرائم المرتكبة من طرف المحضر القضائي
لقد نص المشرع في قانون العقوبات على الجرائم التي يكون فيها المحضر القضائي فاعلا أصليا بحكم وظيفته كضابط عمومي فتقوم مسؤوليته الجزائية سواء تعلق الامر بجرائم تزوير المحررات العمومية و الرسمية خيانة الأمانة وجرائم الفساد.
أولا : التزوير في المحررات العمومية و الرسمية :
إن المحضر القضائي بصفته ضابط عمومي يمنح للعقود و المحاضر التي يحررها و يدمغها بختمه و توقيعه القوة الثبوتية فهي محررات رسمية وقد تناول المشرع جريمة تزوير المحررات العمومية أو الرسمية من المواد من 214 إلى 216 من قانون العقوبات و التي تخاطب المحضر القضائي بصفته الشخص القائم بالوظيفة و أعطى لها وصف الجناية لأنها تعد اعتداء على الثقة العامة و على استقرار المعاملات بين الأشخاص فما هي أحكام هده الجريمة ؟
1-مفهوم التزوير :
يقصد بالتزوير تغيير الحقيقة في محرر مكتوب له معنى سواء سردا لوقائع أو تعبير عن إرادة لان المحرر الذي لا يتضمن الا اسم الشخص أو عنوانه أو عبارات ليس له معنى لا يكون محلا لجريمة التزوير.
فلا تقوم جريمة التزوير الا اذا وقع تغيير للحقيقة في المحرر بإبدالها و تغييرها بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا و ترتب ضررا فإذا انتفى الضرر إنتفت الجريمة مع توافر لدى الفاعل إرادة تغيير الحقيقة و تحقيق النتيجة .
2-أركان التزوير في المحررات العمومية أو الرسمية :
قبل تحديد أركان جناية التزوير في المحررات العمومية و الرسمية لابد من إعطاء تعريف لهده المحررات و التي يقصد بها كل محرر يصدر من موظف و من يشبهه بمقتضى وظيفته بتحريره و إعطاءه الصبغة الرسمية أو يتدخل في تحريره أو التأشير عليه وفق ما تفتضيه القوانين .
أما المحررات العمومية هي كل الأعمال التي يحررها الضابط العمومي كالمحضرين و الموثقين قد أجمع الفقه و القضاء إن المحررات الرسمية هي المحررات الحكومية كالقوانين و المراسيم و المحررات القضائية الصادرة من جهات القضاء و أعوانهم كمحاضر التحقيق و الأحكام و القرارات والمحررات الإدارية كقرارات الصادرة عن الولاية او البلدية و عقود الحالة المدنية وعرف المشرع العقد الرسمي تعريفا شاملا الذي يحوى المحرر العمومي و المحرر الرسمي" دون التمييز بينهما يتم بواسطة موظف أو ضابط عمومي .
تستلزم جناية التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية المرتكبة من طرف المحضر القضائي توافر الأركان التالية :
- أن يكون الفاعل قاضيا أو موظفا أو قائما بوظيفة عمومية.
- تغيير الحقيقة في محرر رسمي أو عمومي.
- القصد الجنائي.
و تتمثل طرق التزوير في :
التزوير المادي.
التزوير المعنوي.
أ- التزوير المادي :
و هو تغيير للحقيقة في محرر بطريقة تترك فيه أثر يدركه الحس و تقع عليه العين سواء بزيادة أو بحذف أو بتعديل و يتم بإحدى الطرق التالية :
- إما بوضع توقيعات مزورة.
- إما بإحداث تغيير في المحررات أو الخطوط أو التوقيعات.
- إما بانتحال شخصية الغير أو الحلول محلها.
- إما بالكتابة في السجلات أو غيرها من المحررات العمومية.
- أو بالتغيير فيها بعد إتمامها أو قفلها .
ب - طرق التزوير المعنوي :
هو تغيير للحقيقة في مضمون المحرر و معناه تغييرا لا يدرك البصر أثره و ذلك عندما يقوم القاضي أو الموظف أو المحضر القضائي أثناء تحريره بتزييف جوهرها أو ظروفها بطريق الغش أو بتقريره وقائع يعلم أنها كاذبة في صورة وقائع صحيحة.
- صفة الفاعل : إن الصفة تعتبر شرط لقيام الجريمة و هي مرتبطة بالوظيفة أو المهنة التي يمارسها.
فلا بد أن يكون الفاعل قاضيا أو موظفا أو يمارس خدمة في اطار قوانين الدولة و برخصة منها كالمحضرين القضائيين و الموثقين .
- مناسبة التزوير :
يجب أن يتم التزوير أثناء تأدية الوظيفة فيكون لممارسة الفاعل لمهامه أو يقع أثناء تحرير المحرر من طرف الموظف المختص .
- الركن المعنوي :
تعتبر جريمة تزوير المحررات العمومي أو الرسمية من الجرائم القصدية فلا بدا من توفير النية لدى المزور في تغيير الحقيقة مع علمه بان هدا التغيير يتم في محرر رسمي مع اتجاه إرادته لتحقيق النتيجة .
خلاصة القول فان المحضر القضائي يكون مذنبا إذا قام بتغيير الحقيقة بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادتين 214 و 215 من قانون العقوبات في المحررات التي يقوم بتحريرها مع اتجاه إرادته بتغير ها أثناء ممارسته مهامه كالتوقيع في مكان الشخص المكلف بتبليغه في التكليف بالوفاء أو في تبليغ محضر الحجز و الجرد أو بتغيير مضمون المحرر كحالة إضافة رقما على المبلغ الثابت في المحرر بعد تبليغه أو اصطناع حكم قضائي بغرض الحصول على التعويضات من شركة التامين و إما عن طريق التغيير في السجلات المحاسبة و في وصولات الأتعاب .
ثانيا : خيانة الامانة :
الفعل المنوه و المعاقب عليه بالمادة 376 من قانون العقوبات تتطلب الجريمة توافر أركانها المتمثلة في الركن المادي و المعنوي و الضرر.
1- الركن المادي : يتكون من ثلاثة عناصر
أ- الاختلاس أو التبديد : و هو تحويل الشيء من حيازة مؤقتة إلى حيازة دائمة بنية التملك. أما التبديد يتحقق بفعل يخرج بن الأمين الشيء الذي أؤتمن عليه من حيازته باستهلاكه أو بالتصرف فيه بالبيع أو الهبة كتخلي المحضر القضائي عن الوثائق التي استلمها.
ب - محل الجريمة : يكون شيئا منقولا ذا قيمة مالية كالأوراق التجارية و المالية و النقود و أية محررات أخرى تثبت التزام و إبراء .
ج- تسليم الشيء : يجب أن يتم التسليم على سبيل الحيازة المؤقتة فيكون المسلم له ملزما برد الأشياء التي تسلمها إلى صاحبها و يشترط أن يكون التسليم على سبيل إحدى العقود الواردة في نص المادة 376 من قانون العقوبات و المذكورة على سبيل الحصر.
2- الركن المعنوي : تعتبر جريمة خيانة الأمانة من الجرائم العمدية تتطلب القصد الجنائي العام في اتجاه إرادة الفاعل لارتكاب الفعل و توافر القصد الخاص في نية التملك للشيء المسلم له .
3- الضرر : اشترطت المادة 376 من قانون العقوبات حصول الضحية على الضرر سواء أصاب المالك نفسه أو حائز الشيء بغرض حماية كل شخص له حق على الشيء كصاحب حق الانتفاع و المودع لديه و المستأجر.
فنجد أن المحضر القضائي قد يؤتمن على الأموال الخاصة بالزبائن التي يتسلمها بمقتضى احدى عقود الامانة و هو عقد الوديعة يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقولا الى المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدة و على أن يرده عينا" فهو يلتزم بفتح حساب خاصا لها باسمه لدى الخزينة العمومية للإيداع تلك المبالغ المسلمة له من أجل تسديد دين معين وردها الى أصحابها و يمنع عليه استعمال تلك المبالغ أو القيم المالية المودعة لديه بالتصرف فيها كأنه مالكها دون ارجاعها الى أصحابها مع توافر القصد الجنائي العام و الخاص فيكون مرتكبا لجريمة خيانة الامانة بصفته ضابط عمومي وسلم له المال على أساس صفته سواء الاضرار بالدولة أو بالأشخاص الطبيعية .
ثالثا : جرائم الفساد :
يقصد بالفساد كل الجرائم المنصوص عليها في الباب الراجع من القانون رقم 06-01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته المؤرخ في 20 فبراير 2006. فتكون مسؤولية المحضر القضائي الجزائية قائمة اذا ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هدا القانون بصفته ضابط عمومي أو قائم بوظيفة عمومية بمفهوم المادة الثانية سواء جرائم الرشوة الاختلاس الغدر استغلال النفوذ وغيرها من جرائم الفساد .
الفرع الثاني : صفة الضابط العمومي و أثرها على العقوبة الجزائية
إن المحضر القضائي في حياته اليومية يعتبر فرد من المجتمع و يطبق عليه ما يطبق على غيره عندما يعتدي على مصلحة يحميها القانون بارتكاب سلوك إجرامي فيتعرض الى الجزاء كشخص عادي دون أي تمييز .
و لكن عندما يرتكب السلوك الاجرامي بصفته محضرا قضائيا و بمناسبة أو بمقتضى الوظيفة لكونه مكلف بأداء خدمة عامة و مفوضا من طرف السلطة فيختلف الجزاء المقرر له و التي تعد عناصر مشددة للعقاب بحق المحضر القضائي و قد عرف الظرف المشدد أنها حالة موضوعية و شخصية نص عليها القانون من شأنها اذا توافرت في جريمة من الجرائم رفع عقوبة الجاني الى حد يتجاوز الحد الاقصى لعقوبة تلك الجريمة المقررة في الحالات العادية فأقر المشرع تشديد العقوبة في الجنايات و الجنح المرتكبة من طرف المحضر القضائي و نصت المادة 143 من قانون العقوبات " فيما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون عقوبات في الجنايات والجنح التي يرتكبها الموظفون أو القائمون بوظائف عمومية فان من يساهم منهم في جنايات أو جنح أخرى مما يكلفون بمراقبتها أو ضبطها يعاقب على الوجه الآتي :
-اذا كان الامر متعلقا بجنحة فتضاعف العقوبة المقررة لتلك الجنحة.
-اذا كان الامر متعلقا بجناية فتكون العقوبة كما يلي :
السجن المؤقت : من عشر سنوات الى عشرين سنة اذا كانت عقوبة الجناية المقررة على غيره من الفاعلين السجن المؤقت من خمسة الى عشر سنوات .
السجن المؤبد : إذا كانت عقوبة الجناية المقررة على غيره من الفاعلين هي السجن المؤقت من عشر سنوات الى عشرين سنة .
و تطبق العقوبة نفسها دون تغليظها فيما عدا الحالات السابقة بيانها.
فاذا تم متابعة المحضر القضائي عن جريمة لها وصف الجنحة ارتكبها اثناء ممارسة مهامه فان القاضي اثناء النطق بالحكم يراعي احكام المادة 143 من قانون العقوبات فيضاعف له العقوبة المقررة لهده الجنحة أما اذا ارتكب الفعل تحت وصف الجناية خلال أداء مهنته فان كانت العقوبة المقررة لغيره من الفاعلين هي السجن المؤقت من خمس سنوات الى عشر سنوات فان المحضر القضائي تسلط عليه عقوبة السجن المؤبد .
لقد خص المشرع عقوبات صارمة ضده في جرائم تزوير المحررات العمومية و الرسمية فقد ميز المشرع فيها تبعا لصفة مرتكبيها فالتزوير الذي يقع من غير شخص الموظف فيعاقب بالسجن من عشر سنوات الى عشرين سنة أما اذا ارتكب الفعل من طرف المحضر القضائي الضابط العمومي فقد خصه بعقوبة أشدا و هي السجن المؤبد و العلة من التشديد هي أن المحضر القضائي قد أخل بواجبات مهنته و شرفها و خان الامانة التي عهد له أداءها من طرف السلطة العامة .
أقرت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 1982/10/22 من الغرفة الجنائية الاولى في الطعن رقم 27199 إن جريمة التزوير تختلف عقوبتها بحسب ما اذا كان مرتكبها قاضيا او موظفا او قائما بوظيفة عمومية او لا بحيث العقوبة المقررة قانونا في الحالة الاولى هي السجن المؤبد المادتان 215 و 216 من قانون العقوبات و في الحالة الثانية السجن من عشر سنوات الى عشرين سنة ( المادة 217 من قانون العقوبات). لذلك اعتبرت صفة الجاني في الحالة الاولى كطرف مسدد للعقوبة و كانت الجناية تستوجب طرح سؤالين مستقلين على الأقل : "سؤال حول فعل التزوير و سؤال آخر حول معرفة ما اذا كان الجاني موظفا او من في حكمه و انه ارتكب الجريمة اثناء تأدية وظيفته ..." في جريمة خيانة الامانة فان العقوبة المقررة تختلف بحسب صفة مرتكبيها فتكون العقوبة هي الحبس من ثلاثة (03) أشهر الى ثلاث (03) سنوات و بغرامة مالية من 500الى 20 ,000 دج اذا كان الفاعل شخصا عاديا أما اذا ارتكب خيانة الامانة من طرف المحضر القضائي فان صفته كضابط عمومي تعد ظرفا مشددا فتوقع عليه عقوبة السجن المؤقت من خمس 05 سنوات الى عشر 10 سنوات طبقا للمادة 379 من قانون العقوبات. في جرائم الفساد فقد تخلى المشرع عن العقوبات الجنائية و استبدلها بعقوبات جنحية التي تصل الى 10 سنوات حبسا كحد أقصى بالنسبة للفئات الغير المذكورة في المادة 48 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته وجعل من صفة الضابط العمومي للمحضر القضائي ظرفا مشددا اذا ارتكب احدى جرائم المنصوص عليه في هدا القانون .
نصت المادة 48 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته بما يلى :" اذا كان مرتكب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص في هدا القانون قاضيا أو موظفا يمارس وظيفة عليا في الدولة أو ضابطا عموميا أو عضو في الهيئة أو ضابطا أو عون شرطة قضائية او ممن يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية أو موظف أمانة ضبط يعاقب بالحبس من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة و بنفس الغرامة المقررة للجريمة المرتكبة "
إن المحضر القضائي له عقوبات مشددة و قاسية بصفته ضابط عمومي فهو محل ثقة من طرف الدولة التي فوضته بالقيام ببعض المهام التي تدخل في اختصاصها و يحمل ختم الدولة الرسمي و هذا ما يبرر تشديد العقاب.
خاتمة
إن مهنة المحضر القضائي دعامة من دعائم دولة الحق و القانون فهي مرآة للأحكام المنفذة والحلقة الأخيرة في مسار المحاكمة العدلة ولها دور فعل في تجسيد أحكام القضاء على أرض الواقع فالمحضر القضائي جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية منح له المشرع الأليات لارتقاء بهده المهنة و كفل استقلاليتها فهو يمارس مهنة حرة بصفته ضابط عمومي مفوض من السلطة العمومية لتسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص ويضفى على العقود ألتي يحررها الصبغة الرسمية.
يمارس المحضر القضائي عمله دون قيود أو ضغوط من أية جهة كنت فلا يخضع إلا للقانون الذي يعد الأداة لحمايته وملزم باحترام الإجراءات القانونية أثناء ممارسة مهامه و البعد عن كل ما يعطلها كممارسة التجارة أو السمسرة ما عدا التدريس فلا يخضع لأي تدرج سلمي وظيفي و علاقته بالنيابة
علاقة رقبة لمدى مطابقة نشاطه للقوانين السارية و يتحمل المسؤولية عن كل ما يصدر عن مكتبه من تقصير ويعاقب كل من يعتدي عليه أو يهينه أثناء تأديته لمهامه شأنه في ذلك شأن القضاة و من هم في حكم المادة 144 من قانون العقوبات .
فلمحضر القضائي له دور إيجابي من خلال تمكينه من صلاحياك واسعة في البحث عن أموال المدين و الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بالمنفذ عليه خاصة ذمته المالية و التزام الإدارات و المؤسسات سواء العمومية أو الخاصة بتقديم له المعلومات دون التحجج بالسر المهني و له الحق بالاستعانة بالقوة العمومية وتسخيرها له ضمان للتنفيذ السريع للأحكام و القرارات القضائية و الذي انعكس إيجابا على نسبة التنفيذ في الجزائر .
المراجـع :
1- القوانين :
- الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005.
- القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية.
- قانون رقم 06-03 مؤرخ في 20 فبراير 2006، يتضمن تنظيم مهنة المحضر.
- مرسوم تنفيذي رقم 18-85 مؤرخ في 5 مارس سنة 2018، يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم 09-77 المؤرخ في 15 صفر عام 1430 الموافق 11فبراير سنة 2009 الذي يحدد شروط الالتحاق بمهنة المحضر القضائي وممارستها ونظامها التأديبي وقواعد تنظيمها.
- القانون رقم 90-30 المؤرخ في 1990-12-01 المتضمن قانون الأملاك الوطنية المعدل والمتم.
- القانون رقم 92-02 المؤرخ في 08-01-1991 المتضمن تنفيذ بعص أحكام القضاء.
2- الكتب :
-الأستاذ بلقاسمي نور الدين - الحجوز التنفيذية في النظام القانوني الجزائري دراسة نظرية و تطبيقية- الإيداع القانوني 2155 - 2006
- الأستاذ بوضياف عادل - الوجيز في شرح قانون الإجراءات المدنية و الإدارية - الجزء 2 إصدار كليك للنشر الطبعة الأولى 2012 .
- الأستاذ جيلالي محمد - صلاحيات المحضر القضائي في الجزائر دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع - طبعة 2016-.
- دكتور محمد حسنين - طرق التنقيد في قانون الإجراءات المدنية الجزائري - ديوان المطبوعات الجامعية الطبعة الخامسة. الساحة المركزية - بن عكنون الجزائر .
- دكتور الأنصاري حسن التيداني- التنفيذ المباشر للسندات التنفيذية- دار الجامعة الجديدة للنشر- الإسكندرية مصر طبعة 2001
- دكتور طلعت دو يدار -طرق التنفيذ القضائي- منشأة المعارف- الإسكندرية طبعة 1994 .