اجال تقديم شكوي للادارة
المادة 829 ق ام ا { يحدد أجل الطعن أمام المحكمة الإدارية بأربعة (4) أشهر ، يسري من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الإداري الفردي ، أو من تاريخ نشر القرار الإداري الجماعي أو التنظيمي }
المادة 830 ق ا م ا { يجوز للشخص المعني بالقرار الإداري ، تقديم تظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في الأجل المنصوص عليه في المادة 829 أعلاه .
يعد سكوت الجهة الإدارية المتظلم أمامها عن الرد ، خلال شهرين ،(2) بمثابة قرار بالرفض ويبدأ هذا الأجل من تاريخ تبليغ التظلم .
وفي حالة سكوت الجهة الإدارية ، يستفيد المتظلم من أجل شهرين ،(2) لتقديم طعنه القضائي ، الذي يسري من تاريخ انتهاء أجل الشهرين (2) المشار إليه في الفقرة أعلاه .
في حالة رد الجهة الإدارية خلال الأجل الممنوح لها ، يبدأ سريان أجل شهرين (2) من تاريخ تبليغ الرفض .
يثبت إيداع التظلم أمام الجهة الإدارية بكل الوسائل المكتوبة ، ويرفق مع العريضة }.
- يشترط من المتظلم أن يرفع تظلمه الإداري خلال المدة المنصوص عليها في القوانين الخاصة، فإن لم توجد قوانين خاصة فيرفع هذا التظلم حسب قواعد قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
- حتى يؤدي التظلم أثاره المجدية اشترط القانون أن يقدم التظلم في الأجال القانونية المحددة، ويكون في الفترة بين صدور القرار ودخوله حيز التنفيذ وقبل رفع الدعوى، تنص المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه :« يجوز للشخص المعني بالقرار الإداري، تقديم تظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار في الأجل المنصوص عليه في المادة 829 أعلاه ... »
- نستنتج أن التظلم الإداري يقدم بعد تاريخ تبليغ أو نشر القرار الإداري وله في ذلك 04 أشهر، ويبدأ احتساب انتهاء المدة من تاريخ تقديم التظلم الذي يتعين إثباته بكل الطرق القانونية المكتوبة.
- ميعاد التظلم المنصوص عليه بالمادة 829 هو أربعة أشهر من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه إذا كان فرديا أو نشره إذا كان جماعيا، ولقد نصت المادة 830 أنه في حالة سكوت الجهة الإدارية المتظلم أمامها عن الرد خلال شهرين يعد سكوتها بمثابة قرار بالرفض، ويبدأ هذا الأجل من تاريخ تبليغ التظلم. و يستفيد المتظلم من أجل شهرين لتقديم طعنه القضائي الذي يسري من تاريخ انتهاء أجل الشهرين، أما وفي حالة رد جهة الإدارة في الآجال الممنوحة فيبدأ سريان الآجال من تاريخ تبليغ قراره.
ملاحضات :
- يتعين إلزام الإدارة الرد على التظلمات المقدمة إليها لتفادي تلك القرارات الإدارية الضمنية بالرفض.
- يجب توحيد كيفية حساب الميعاد وجعله بالشهور في جميع النصوص القانونية الخاصة فقد أخذ المشرع الجزائري في ق.إ.م.إ بمبدأ حساب الميعاد كاملا.
- على المشرع الجزائري تحري الدقة في المصطلحات و أن يضع التعبيرات الاصطلاحية كل منها في موضعه.
و هو ما يظهر في نص المادة 832 من ق.إ.م.إ عند استعماله كلمة "تنقطع"، و التي تفيد أن الحالات المذكورة في هذه المادة منها ما هو قاطعا للميعاد و منها ما هو موقف له.
لهذا كان على المشرع التمييز بين حالات القطع و حالات الوقف.
- بما أن عملية التبليغ و النشر تعتبر جد مهمة بالنسبة للعلاقة بين الإدارة و المواطن، فهي تؤثر بشكل كبير على مسألة الأمن القانوني، لذا فإننا نرى أنه يجب إصدار نص تشريعي خاص بمسألة القيام بتبليغ و نشر القرارات الإدارية.
- على المشرع في الفقرة الثانية من نص المادة 832 من ق.إ.م.إ عند قوله « الطعن أمام جهة قضائية إدارية غير مختصة» إعادة الصياغة بحذف كلمة « إدارية» لأن ذلك يثير إشكالية بالنسبة للطعن أمام جهة قضائية عادية غير مختصة.
شرح
يعد الميعاد القانوني محورا تدور في فلكه جميع موضوعات القانون، لأنه يرتبط ارتباطا وثيقا بمختلف القوانين الإجرائية، فهو يلعب دورا هاما في صيانة الحقوق و المصالح و تحقيق الاستقرار.
وتظهر أهمية الميعاد خصوصا من خلال قيام المعنيين بالعمل الإجرائي في وقت محدد وهو ما يؤدي إلى عدم بقاء سير إجراءات الدعوى رهن إرادتهم الشخصية، و تتحقق مصالح أصحاب المصلحة باستقرار مراكزهم القانونية في أجل معقول.
كما يتحقق حسن سير العمل أمام القضاء بعدم بطء الإجراءات القضائية بما يعرقل سير العدالة، إذ يجب أن تتم الإجراءات القضائية ضمن المدة الكافية التي تتطلبها الدعوى بما يؤدي إلى الفصل فيها في أجل معقول فلا يكون بالغ القصر و لا شديد الإطالة.
فالفصل في آجال معقولة هو من الحقوق الأساسية للأفراد و المقررة في القوانين و المواثيق الدولية. ولقد حددت أغلبية التشريعات ميعادا قصيرا نسبيا لرفع الدعوى الإدارية وذلك للتوفيق بين الصالح العام و الصالح الخاص، فالمصلحة العامة تقتضي أن تتحصن القرارات الإدارية بعد فترة معينة كي لا تبقى عرضة للطعن القضائي دائما أو لمدة طويلة مما قد يؤدي إلى عدم استقرار الأوضاع الإدارية، أما الصالح الخاص فيتمثل في منح الأفراد الوقت الكافي المعقول للطعن في القرارات الإدارية و في اطمئنانهم إلى استقرار مراكزهم القانونية التي ترتبت عن القرارات الادارية.
كما أنه قد اتفق الفقه، التشريع و القضاء على اعتبار ميعاد رفع الدعوى الادارية من النظام العام أي أنه يمكن إثارة الدفع بانقضاء الميعاد في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، كما يمكن للقاضي إثارته من تلقاء نفسه.
و أن هذا الميعاد هو ميعاد سقوط أي يسقط الحق في رفع الدعوى الادارية بانقضاء الميعاد المحدد قانونا إلا ما استثني بحكم القانون أو القضاء.
إذ يمكن في بعض الحالات رفع دعوى قضائية أمام القضاء الاداري دون الالتزام بالميعاد المقرر قانونا كرفع دعوى التفسير و فحص مشروعية القرارات الادارية نظرا للطبيعة القانونية الخاصة التي يتمتع بها هذا النوع من الدعاوى. أو كرفع دعوى التعويض و التي لا يسقط الحق في رفعها إلا بسقوط الحق المراد حمايته.
أو في حالة القرار الإداري المعدوم، فهذا الأخير لا يتقيد بميعاد الطعن القضائي، و ذلك بسبب العيب الجسيم الذي يصيبه فيجرده من مقوماته القانونية كتصرف قانوني منشئ لمراكز قانونية، فيصبح مجرد عمل مادي معدوم لا يرتب أثرا و لا يكسب حقا ولا يكتسب حصانة. و حدد المشرع الجزائري في ق إ م إ أجل رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية بأربعة أشهر تسري من تاريخ التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الإداري الفردي أو من تاريخ نشر القرار الاداري الجماعي(التنظيمي).
و جعل هذا الميعاد عاما، أما في حالة ورود نص خاص مخالف فإن القاعدة المطبقة هي أن الخاص يقيد العام. و مدد ق.إ.م.إ سريان الإجراءات المتعلقة بآجال الطعن الواردة في الباب المتعلق بالأحكام الخاصة بالمحاكم الادارية أمام مجلس الدولة، و ذلك بموجب المادة 907 منه.
غير أن تطبيق الإحالة هنا مقيد على شرط أن يكون مجلس الدولة بصدد الفصل كدرجة أولى و أخيرة.
ولقد أجازت المادة 829 من ق.إ.م.إ للمعني خلال مدة 4 أشهر المقررة لرفع دعواه أن يتقدم بتظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار و ذلك قبل رفع دعواه.
و اكتفى ق.إ.م.إ بنوع واحد من التظلم، و هو التظلم الولائي و جعله جوازيا، و ذلك لتفادي جميع الإشكالات و الاحتفاظ بالجوانب الإيجابية للتظلم. فالقاعدة العامة في ق.إ.م.إ أن التظلم إجراء إختياري إلا أنه قد ترد على هذه القاعدة استثناء وجوبيته في بعض المنازعات الإدارية الخاصة. مثل التظلم الضريبي و الذي يعد إجراءا هاما، إذ عليه يتوقف وجود المرحلة القضائية التي تليه.
و لقد جعل ق.إ.م.إ التبليغ و النشر الوسيلتين الوحيدتين لبدء سريان ميعاد رفع الدعوى الإدارية، إذ يرتبط أجل رفع الدعوى القضائية أمام القضاء الإداري الجزائري بضرورة التبليغ الشخصي بنسخة من القرار الإداري الفردي، و بضرورة النشر إن كان القرار الإداري تنظيمي، و ذلك وفقا لنص م 829 ق.ا.م.ا.
و إن عدم تبليغ أو نشر القرار الإداري لا يؤثر في مشروعيته القانونية لكنه يبقى دون مفعول اتجاه الغير و يؤدي إلى عدم انطلاق أجل الطعن فيها. و أضافت المادة 831 من ق.ا.م.ا قيدا على بدء سريان هذا الأجل و هو الإشارة إليه عند القيام بالتبليغ. و إن حساب هذا الأجل يتم وفقا للقواعد العامة، فهو يخضع لمبدأ حساب المدة كاملة و هو ما ورد في نص م 405ق.ا.م.ا.
أي أن بداية حساب الأجل تكون من اليوم الموالي لإعلام القرار سواء بالتبليغ أو النشر، و ينقضي بانقضاء اليوم الأخير منه. ويرد على مبدأ سريان الميعاد من تاريخ التبليغ أو النشر، و عدم جواز الإتفاق بين المدعي و الإدارة على تجاوز هذا الميعاد استثناءات حددها القانون و القضاء. و هي حالات تجعل الميعاد يمتد لأسباب أو ظروف معينة، فالعطل الرسمية (و التي يقصد بها الأعياد الوطنية و أيام الراحة الأسبوعية)، بعد الإقامة و المسافة عن مكان التقاضي( كالإقامة خارج الجزائر)، و كذا اختيار التظلم الإداري، هي من أسباب تمديد المواعيد المقررة قانونا.
أما القوة القاهرة و طلب المساعدة القضائية فهي حالات لوقف الميعاد. فإذا ظهرت هذه الحالات عند بدء سريان الميعاد فإنه لا يبدأ في السريان إلا بعد انتهائها، أما إذا ظهرت أثناء سريانه فإنها تؤدي إلى وقفه فلا تنطلق المدة الباقية في السريان من جديد إلا بعد زوال السبب الوقف.و يستكمل احتساب الميعاد بعد زوال السبب الموقف. كما أن رفع الدعوى القضائية أمام جهة قضائية غير مختصة و وفاة المدعي أو تغير أهليته، تندرج ضمن حالات قطع الميعاد فيبدأ ميعاد جديد في السريان ابتدءا من تاريخ زوال الواقعة التي أدت الى انقطاع الميعاد الأول.
و ضمانا للثبات القانوني، جعل المشرع الجزائري من انقضاء أجل رفع الدعوى الإدارية دون أن يحصل خلاله سببا يستدعي وقف أو قطع الميعاد، آثارا قانونية هامة، من بينها : عدم قبول الدعوى شكلا، و عدم الفصل في النزاع بصفة نهائية.
فلا يمكن للقاضي الإداري الخوض في موضوع الدعوى و تسليط رقابته من مدى مشروعية القرار بعد مضي المدة المحددة قانونا.
كما ينتج عن فوات الميعاد، تحصن القرار الإداري و لو كان معيبا بعيب من عيوب عدم المشروعية، على ألا يبلغ هذا العيب حدا جسيما ينحدر بالقرار إلى درجة الانعدام. فالقرار الإداري المحصن ضد الإلغاء يعد قرارا سليما و صحيحا و إن كان معيبا، و يرتب مراكز قانونية و حقوق مكتسبة.لذلك فإنه لا يجوز المساس به، حيث يصبح حجة على ذوي الشأن. و الحكمة من ذلك هي مراعاة مبدأ استقرار القرارات الإدارية، و تفادي تعطل و عرقلة عملية تنفيذ و تطبيق القرارات الإدارية لتنتج آثارها القانونية لخدمة الصالح العام. و أوجد القضاء الإداري وسائل قانونية يمكن عن طريقها لصاحب الحق تفادي آثار فوات الميعاد، من بين هذه الوسائل : استبعاد آثار اللائحة دون إلغائها، و يكون ذلك عن طريق الدفع بعدم مشروعية القرار الإداري التنظيمي بمناسبة الدعوى الأصلية و المتعلقة بالطعن و الإلغاء في القرارات التطبيقية للقرار التنظيمي المتحصن و الصادر في نطاقها و على أساسها. كما يمكن الدفع بعدم مشروعية اللائحة(القرار التنظيمي) بصفة عرضية أثناء نظر دعوى معينة و ذلك دون التقيد بميعاد معين، و بذلك يستبعد تطبيقه على حالة الطاعن بالإلغاء في القرار الفردي فقط. و يمكن أيضا اللجوء إلى القضاء حتى بعد انقضاء الأجل القانوني للطعن، و ذلك على إثر تغير الظروف المادية أو القانونية أو تغير القضاء.
كتغير الظروف التي اقتضت إصداره أو صدور قانون لاحق على اللائحة حيث يجعل مضمونها مخالفا له و لا يتفق مع أحكامه. كذلك في حالة تغير اتجاه القضاء بحيث يصبح القرار غير مشروع في ظل التفسير القضائي الجديد فإنه يحق لذي الشأن الطعن في هذا القرار خلال ميعاد 4 أشهر و التي تسري من يوم العلم بتغير الاجتهاد القضائي في تلك المسألة. و يجوز رفع دعوى التعويض للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي سببها القرار الإداري غير المشروع طالما لم يسقط الحق في إقامتها.إذ لا يسقط الحق في رفعها إلا بتقادم الحق المدعى به.
الاستنتاج :
تبين لنا أن تنظيم المشرع الجزائري للميعاد في الدعوى الإدارية في ق.إ.م.إ أدق مما كان عليه الحال في ق.ا.م القديم. حيث كانت النصوص القانونية المتعلقة بالميعاد مبعثرة في ق.إ.م القديم و هو ما أدى إلى عدم الإلمام بها و حتى حرمان صاحب الحق من المطالبة بالحماية القضائية، و هو الأمر الذي تداركه ق.إ.م.إ. و اكتفى ق.ا.م.إ بتحديد ميعاد رفع الدعوى أمام القضاء الإداري و ترتيب الآثار القانونية المترتبة عنه دون التطرق إلى مفهومه.
كما تجلى لنا أن رفع الدعوى الإدارية خلال الأجل المحدد قانونا هو من أهم الإجراءات القضائية، كونه يمس بمبدأ الاقتصاد في الإجراءات و النفقات الذي حاول المشرع تجسيده في ق.إ.م.إ و ذلك لإرساء مبدأ الفصل في آجال معقولة. فتأخير العدالة المتوخاة من اللجوء إلى القضاء بسبب طول مدة النزاع و الفصل فيه يحمل عناءا و مصاريفا قضائية، مما قد يؤدي إلى ضياع الحق. فالدعوى لا تعدو أن تكون مجرد وسيلة لحماية الحقوق الموضوعية، الأمر الذي يستوجب حسمها بسرعة. كما أنه بفوات الميعاد المقرر قانونا لرفع الدعوى الإدارية يمتنع على القاضي الإداري الخوض في موضوع الدعوى.