مفهوم المصادر التفسيرية للقانون
يقصد بالمصدر التفسيري وظيفته التي تفسير قواعد القانون و تشمل المصادر التفسيرية للقاعدة القانونية كلا من الفقه والاجتهاد القضائي باعتبار أن هذين المصدرين يقومان بتفسير النصوص القانونية الغامضة وتأويلها وشرحها وذلك بغية التوصل إلى قصد المشرع من هذه النصوص ,دون تجاوز ذلك إلى خلو القاعدة القانونية ,وإن كان هذا لا يمنعهما من الإسهام في بعض الأحيان وبطريقة غير مباشرة في سن القوانين و التأثير في النظام القانوني إذا اعتمدهما المشرع وتبناهما في صياغة قواعده القانونية .
فهذا المصدر يلجأ اليه القاضي لإزالة غموض القاعدة القانونية وتوضيح معناها ولاستكمال نقص احكامها ولإزالة التعارض بين احكام القواعد القانونية لذا فالمصدر التفسيري لا يعمل على وضع القواعد القانونية وانما يعمل على تفسيرها لذا فليس للمصدر التفسيري قوة الزام والمصادر التفسيرية للقانون هي الفقه والقضاء.
1- الفقه :
مفهوم الفقه في اللغة :
الفقه في المعنى اللغوي تعني الفَهم، وفعلها فَقِهَ والمصدر فِقْه، وتعني فَهم الشيء والعلم به بشكلٍ كامل ومطلق أو مخصوصٍ بالأمور والمسائل الدقيقة والعميقة وغير المفهومة أو الغامضة لعامة الناس، وقد أصبح علمُ الفقه بغضّ النظر عن معناه اللغوي متعلّقًا بعلم الشريعة واستعماله في الغالب يخصّ الأمور المتعلقة بالدين الإسلامي.
اصطلاحا :
هو مجموعة من الآراء و النظريات التي قول بها رجال القانون من أساتذة الجامعات و القضاة و المحامون و كل المتخصصين في القانون و التي يتم نشرها في كتب ومؤلفات أو مجلات قانونية أو مداخلات في مؤتمرات أو ندوات علمية.
و كان للفقه دور عظيم في الشريعة الإسلامية ، ذلك أن القرآن و السنة و هما مصدرا الشريعة الإسلامية الأساسيان جاءا متضمنين المبادئ الكلية و القواعد العامة لأحكام الدين الإسلامي، مع تفصل بعض الأحكام التي تنظم حقوق الله و مصالح العباد .
فقام فقهاء هذه الشريعة ببيان مجال و شروط تطبيق تلك المبادئ و القواعد و الأحكام على الوقائع المختلفة و ذلك عن طريق الإجماع و القياس الذين يعتبران خلاصة اِجتهادهم و عصارة آرائهم.
فظهرت المذاهب الإسلامية المختلفة و أشهرها المذاهب الأربعة المعروفة التي تم على أيدي فقهائها العظام تأصيل مناهج البحث و تفريع حلول كثيرة منها ، حتى غدت الشريعة الإسلامية نظاما قانونيا متكاملا ينافس أحدث و أرقى الشرائع .
ولا يعتبر الفقه مصدرا رسميا للقاعدة القانونية بالمغرب و لكنه مصدرا يستأنس به القاضي في استخلاص القواعد القانونية وتقصي مفهومها , وكثيرا ما يرجع القاضي إلى مؤلفات الفقهاء ورجال القانون يستوحي منها الحكم كما أن الفقيه بدوره يقوم بالتعليق على الأحكام القضائية فيبين للقاضي طريق الصواب , فيتجنب بذلك الانزلاق في مواطن الغموض.
-2القضاء :
كان القضاء أحد مصادر الإلزام بالقواعد القانونية في الشريعة الإسلامية في عهدها الأول و خاصة في عهد الخلفاء الراشدين ، غير أن عظمة منزلة فقهاء الشريعة الإسلامية لم يتمكن القضاء من المحافظة على هذا الدور ، إذ أدت هذه المنزلة الرفيعة للفقه إلى بسط سلطانه على القضاء الذي غدا مجرد تطبيق لآراء الفقهاء بل أن العمل كان يجري على اِختيار القضاة من بين الفقهاء البارزين ذوي التفسيرات و الشروح الفقهية التي كانوا يستنبطون قواعدها من أحكام مختلف مصادر الشريعة الإسلامية و هذا ما جعل القضاء يمتزج بالفقه ،
يقصد بالاجتهاد القضائي كمصدر تفسيري للقانون :
مجموع الأحكام و المبادئ القانونية التي تصدرها المحاكم بمختلف درجاتها وهي تفصل في المنازعات بين المتقاضيين .
فوظيفة القاضي أساس هي تطبيق القانون لا خلقه مخافة تجاوز اختصاصاته و التطاول على مبدأ فصل السلط الذي يعطي حق سن القوانين للسلطة التشريعية كأصل عام, في حين تنحصر مهمة السلطة القضائية في تطبيق القانون وتفسيره عند غموضه.
ويختلف دور الاجتهاد القضائي بحسب الأنظمة القانونية حيث يعتبر القضاء في القانون الانجليزي مصدرا رسميا للقانون إذ إن للأحكامه من القوة مثل التشريع سواء بسواء, وتسمى أحكام المحاكم بالسوابق القضائية ,بينما في التشريعات اللاتينية كالمغرب فإن القضاء لا يضع القاعدة القانونية وإنما يقتصر دوره على تطبيق القانون و تفسيره فهو لا يخلق القاعدة القانونية وبذلك لا يعتبر مصدرا رسميا للقانون و لا يعدو أن يكون مجرد مصدرا تفسيريا له .