logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





08-11-2021 04:29 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 09-03-2016
رقم العضوية : 4922
المشاركات : 174
الجنس :
قوة السمعة : 10
المستوي : ماستر
الوظــيفة : متربص

شرح الوساطة في النزاع الاداري
إمكانية عرض الوساطة في المادة الإدارية
مشروعية اللجوء إلى الوساطة في النزاع الإداري
طرح مسألة الوساطة في النزاع الإداري
فكرة النظام العام كأساس لحظر الوساطة في النزاع الإداري
تباين النظام القانوني الذي يخضع له أطراف النزاع الإداري
تفاوت المركز القانوني لأطراف النزاع الإدارية


أولا : إمكانية عرض الوساطة في المادة الإدارية :
يمكن القاضي عرض الوساطة بقطع النظر عن طبيعة النزاع سواء كان عادي أو من اختصاص القاضي الإداري، حيث وردت إجراء الوساطة في موقع مستقل بذاته وهو الكتاب الخامس من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وفي ذلك دلالة على شمولية الوساطة لجميع النزاعات المدنية والادارية " باستثناء ما ورد حظره بنص صريح كما سبق و بيناه أعلاه.
ويفهم من نص المادة 994 أن المشرع قد ألزم القضاء بنوعيه العادي والإداري بعرض الوساطة على أطراف النزاع، أي من دون استبعاد صريح للنزاعات الإدارية ، بحيث يمكن إخضاع هذه الأخيرة لإجراء الوساطة باستثناء قضاء المشروعية لارتباطه بالنظام العام ، أما مجال منازعات القضاء الكامل كالصفقات والعقود الإدارية فلا مانع من امتداد نظام الوساطة
وهذا على خلاف الوضع في فرنسا مثلا، أين خط المشرع دور الوسيط في المادة الإدارية بشكل مستقل تماما عن النزاعات التي ينظر فيها القضاء العادي، كما حددت مجموعة التوجيهات والترتيبات والشروط التي يخضع لها الوسيط الإداري في إطار میثاق أخلاقيات مهنة الوساطة الإدارية الذي أصدره مجلس الدولة الفرنسي.
أدى الارتفاع المطرد للنزاعات المثارة أمام مؤسسة القضاء إلى إرهاق العاملين فيه وتراكم القضايا المستوجبة الفصل المعروضة أمام هيئاته المختلفة. انجر عن هذا الوضع المتأزم تدني فعالية الخدمة القضائية وتعطيل مصالح الافراد ومعاملاتهم واثقال عاتقهم بشكل لا طائل له، عززة طول أمد الفصل في النزاعات واهدار المبدأ القضائي الثمين المتمثل في واجب الفصل في النزاعات في أجل معقول، ورافق هذه الإكراهات تشغب وتعقيد الإجراءات القضائية ذات الصلة بحسم النزاع، علاوة عن ارتفاع تكاليف التقاضي والأتعاب المستحقة للخبراء والمحامين والمحضرين والمترجمين.
فرضت هذه الدوافع منطقها بقوة على المشرع الجزائري، الذي بادر في إطار سعيه لإصلاح جهاز العدالة ككل والقضاء الاداري بشكل خاص، إلى وضع سياسة تشريعية تتبنى أطر وآليات جديدة للتقاضي والفصل في النزاعات، لرفع العبء الواقع على القضاء وتحسين أداء هياكله وتخفيف إجراءات التقاضي وسبل فض النزاعات بين الخصوم وتسويتها بشكل سريع وفعال، جاء بها قانون رقم 08-09 المتعلق بالإجراءات المدنية والادارية، عن طريق أستحداث الوسائل البديلة للفصل في النزاعات ككل ومنها المنازعات الادارية ، والمتمثلة في كل من الصلح والوساطة والتحكيم، في الباب الأول والثاني من الكتاب الخامس منه، بحيث تم إقرار الوساطة لأول مرة، كالية جديدة لتسوية النزاعات بين الخصوم على مستوى القضاء بنوعيه العادي والاداري، وذلك طبقا لما تحدده المواد من 994 إلى 1005 من الفصل الثاني من الباب الاول الواقع في الكتاب الخامس بعنوان الطرق البديلة لتسوية النزاعات.
تعتبر الوساطة في المادة الادارية من الآليات القانونية التي تمكن الأطراف من حل نزاعاتهم بشكل سريع وعادل، وتضمن لهم مرونة وحرية لا تتوفر عادة أمام القضاء . وذلك لما تضمنه من مشاركة الأطراف في إيجاد الحلول المناسبة لمنازعاتهم مع ضمان كامل السرية المطلوبة بعيدا عن طول إجراءات التقاضي وتعقيداتها المختلفة.
بيد أن تفعيل نظام الوساطة باعتباره آلية جديدة لتسوية النزاعات بين الأطراف في المادة الإدارية يعترضه العديد من الإشكالات، يأتي في مقدمتها اختلاف طبيعة النزاع الإداري القائم أساسا على فكرة المصلحة العامة والنظام العام واستعمال أساليب السلطة العامة مقارنة بطبيعة. ثانيا : مشروعية اللجوء إلى الوساطة في النزاع الإداري :
إن المبدأ العام فيما يتعلق بتطبيق الوساطة على النزاع الإداري، هو جواز اللجوء إلى الوساطة في المنازعات الإدارية، و يجد هذا المبدأ أساسه في المشروع التمهيدي لقانون الإجراءات المدنية والإدارية ، و على وجه التحديد في نص المادة 994 منه .
أ- قراءة في أحكام المشروع التمهيدي للقانون رقم 08-09
يبدو من خلال القراءة المتأنية للأعمال التحضيرية لمشروع قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد، أن الهدف الأساسي من تبني الوساطة يكمن في مسايرة المنظومة التشريعية الدولية ومسايرة تطورات المسألة في القانون المقارن، ولاسيما تلك الدول التي تتشابه تنظیماتها القضائية مع التنظيم القضائي الوطني، و بالعودة إلى القانون الفرنسي ينضح بما لا يدع مجالا للشك أن المشرع الفرنسي قد كرس الوساطة في النزاعات الإدارية، وليس أدل على ذلك إتاحته تسوية النزعات الضريبية عن طريقها، وهذا ما كرسه مجلس الدولة الفرنسي و عمل على تشجيعه، وسار على ذات النهج المشرع الأوروبي منذ سنة 2008.
وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية سباقة إلى الإهتمام بالوساطة في النزاعات الإدارية، حيث تبناها المشرع الفدرالي عام 1990 بإصداره للقانون المتعلق بحل النزاعات الإدارية، و كذلك الشأن بالنسبة للمشرع الفدرالي السويسري سنة 2007.
ب - المبدأ العام الوارد في المادة 994 يقضي بجواز الوساطة في النزاع الإدارية
إن تفحص قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ، يفضي إلى مسلمة لا تحتمل التأويل، مفادها أن المشرع قد أدرج الوساطة ضمن الكتاب الخامس المتعلق ب" الطرق البديلة لحل النزاعات" و هو کتاب مستقل تطبق أحكامه على النزاع الإداري والنزاع المدني دون مفاضلة بينهما، ولو أراد المشرع خلاف ذلك لأدرج تلك الأحكام ضمن الباب الأول المتعلق بالإجراءات المدنية و كفى الفقهاء عبء هذا النقاش.
كما يفهم من نص المادة 994 من القانون رقم 08-09 المتعلق بالإجراءات المدنية والإدارية ، أن المشرع خاطب جميع القضاة و لم يقصر الأمر على القاضي المدني دون القاضي الإداري، كما أن النية التشريعية إتجهت نحو تطبيق الوساطة على جميع المواد، لاسيما و أن الشق الثاني من هذه المادة قد حدد على سبيل الحصر المنازعات التي يحظر فيها اللجوء إلى الوساطة و يتعلق الأمر بالمنازعات الاجتماعية و منازعات شؤون الأسرة و المنازعات المتعلقة بالنظام العام، ولم تشر إلى استبعاد المنازعات الإدارية .
و أخيرا، نخلص إلى أن الإرادة التشريعية لم تقصد إستبعاد النزاعات الإدارية من مجال تطبيق الوساطة القضائية، و هذا ما يتسق مع إرادة السلطات العمومية التي عبر عنها وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز في كلمة ألقاها بمناسبة أشغال الملتقى الدولي حول " ممارسات الوساطة القضائية"، عندما أكد على أن " الوساطة القضائية تطبق حاليا في المجال المدني والإداري وستوسع إلى المجال الجزائي في أقرب وقت ".
و في هذا الإطار يمكن الإقرار بأن عدم جواز الوساطة يقتصر على النزاعات الإدارية المتعلقة بالمشروعية، بينما يكون جائزا في منازعات القضاء الكامل، فالأولى يمكن إخراجها من دائرة تطبيق الوساطة كما هو الشأن بالنسبة لمنازعات القرارات الإدارية، بينما يمكن تطبيقها على الثانية كما في منازعات العقود الإدارية بمختلف أنواعها كعقد الصفقات العمومية و عقد الأشغال العامة و عقد الإمتياز و غيرها، فإذا كان الصلح و التحكيم جائزا فها فمن باب أولى جواز تسويتها عن طريق الوساطة فالوساطة لا تتعارض مع طبيعة هذه الطائفة من المنازعات الإدارية، باعتبار أنها لا تقوم على تنازل أي من الأطراف عن حقوقه، بقدر ما تقوم في جوهرها على أساس احتفاظ كل منهما بحقوقه والتوصل إلى حل ودي يرضيهم، و يبقى القاضي هو المشرف على القضية بجميع أبعادها والمراقب النتيجة الوساطة، فإذا تبين له أنه ثمة مخالفة لقاعدة من قواعد النظام العام كأن يغفل إعمال قاعدة عدم إمكانية التنازل عن الأموال العامة، أمكن له عدم المصادقة على إتفاق الوساطة وترجع القضية إلى المحكمة الإدارية و تستأنف إجراءات الدعوى القضائية إلى غاية الفصل في النزاع عن طريق قرار قضائي.

ثالثا : طرح مسألة الوساطة في النزاع الإداري :
لقد أثارت المادة 994 من القانون رقم 09-08 المتعلق بالإجراءات المدنية و الإدارية ، مشكلة الوساطة في النزاعات الإدارية، حينما أكدت أن مجال الوساطة يمتد إلى جميع المواد عدا قضايا شؤون الأسرة و القضايا العمالية و كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام، وقد حصل خلاف حاسم في قراءة مضمون هذا النص، و ما إذا كانت النزاعات الإدارية تدخل في نطاق تطبيق الوساطة أم لا، وفي هذا الصدد برز اتجاهان فقهیان، أما الأول فيحصر مجال الوساطة على المواد المدنية و التجارية ، بينما يوسع الاتجاه الأخر من مجالها إلى النزاعات الإدارية .
لقد تبنی جانب من الفقه القانوني موقفا متشددا تجاه مسألة الوساطة في المادة الإدارية، وتجلى هذا الموقف في العديد من الآراء الفقهية التي يستفاد منها الرفض المطلق للوساطة في هذا المجال، والتأكيد على إختصاص القضاء الإداري وحده بالفصل في المنازعات الإدارية، و يستند هؤلاء إلى مبررات وحجج مختلفة، من أهمها فكرة النظام العام التي تحكم القانون الإداري ،علاوة عن اختلاف النظام القانوني الذي يخضع له كل طرف من أطراف النزاع و تباين المركز القانوني الأطراف النزاع الإداري.
رابعا : فكرة النظام العام كأساس لحظر الوساطة في النزاع الإداري:
ذهب جانب من الفقه إلى القول بأن حظر اللجوء إلى الوساطة في المنازعات الإدارية، إنما يجد أساسه في فكرة النظام العام ، باعتبار أن هذا النوع من النزاعات يتعلق بالنظام العام وتستهدف تحقيق المصلحة العامة، و بالتالي فلا يجوز تسويتها عن طريق الوساطة، و يدعم هؤلاء موقفهم بما ورد في الشق الثاني من نص المادة 94 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ، حيث استبعدت صراحة المنازعات المتعلقة بالنظام العام من مجال تطبيق الوساطة، وهذا ما ينطبق على النزاع الإداري إذ تشغل فكرة النظام العام حيزا واسعا في نطاق القانون الإداري، الذي يحكم النزاع الإداري، وتلعب هذه الفكرة دورا أكبر مما هي عليه في نطاق القانون الخاص الذي يحكم النزاع المدني و التجاري، فأطراف النزاع المدني تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة ولها حرية التصرف في ذمتها المالية، على خلاف الإدارة التي تكون أحد أطراف النزاع الإداري و توجه ذمتها المالية من أجل تحقيق المصلحة العامة ، لذلك نجد أن جميع القواعد التي تحكم هذا النوع من النزاعات تتسم بطابع النظام العام لاسيما في الدول التي تأخذ بالمفهوم الفرنسي للقانون الإداري على غرار فرنسا و الجزائر.
خامسا : تباين النظام القانوني الذي يخضع له أطراف النزاع الإداري:
يثير البعض الآخر مسألة التباين الواضح في النظام القانوني الذي يخضع له أطراف النزاع الإداري، و يستندون عليه في استبعاد إمكانية تطبيق الوساطة على هذا النوع من النزاعات ، باعتبار أن إرادة الإدارة كطرف في النزاع تكون مقيدة بحدود وشروط قواعد القانون الإداري، و هي قواعد لا يمكن للأطراف إغفالها أو الإتفاق على مخالفتها بل و يقع على عاتق الإدارة واجب إحترام القانون، بينما تكون إرادة الطرف الأخر حرة تحكمها قواعد القانون الخاص، الأمر الذي يعد حاجزا أمام أطراف النزاع في إمكانية تسويته عن طريق الوساطة
و حتى و إن تم اللجوء إلى الوساطة بشأن النزاع الإداري فإن مصيرها سيكون الفشل، بالنظر إلى تمایز مصالح الخصوم، حيث تسعى الإدارة إلى تحقيق المصلحة العامة بينما يستهدف الطرف الأخر تحقيق المصلحة الشخصية، وهنا تتصادم المصالح و تتحطم معها أية مساعي للتسوية الودية للنزاع القائم
سادسا : تفاوت المركز القانوني لأطراف النزاع الإدارية :
ذهب البعض إلى استبعاد تطبيق الوساطة على النزاع الإداري، بالنظر إلى تباين المركز القانوني الأطراف النزاع، فإذا كان أطراف النزاع المدني تتساوى مراكزهم القانونية، فإن هذه القاعدة لا تنطبق على النزاع الإداري ، حيث يكون للإدارة مركزا متميزا لا يجعلها على نفس درجة الأفراد حتی أمام القضاء ، و بالتالي من الصعوبة بمكان تنازل الإدارة عن هذا المركز لأجل تسوية النزاع عن طريق الوساطة
و بالنتيجة لما سبق، يعتقد هؤلاء أن تطبيق الفصل الثاني من الباب الأول من الكتاب الخامس من القانون رقم 008 المذكور سابقا، يقتصر على النزاعات التي تدخل في اختصاص القضاء العادي فقط، و بالتالي تخرج المنازعات المتعلقة باختصاص القضاء الإداري من نطاق تطبيق أحكامه
و على الرغم من وجاهة هذه المبررات، إلا أن حظر لجوء أطراف النزاع الإداري إلى الوساطة حظرا مطلقا يعتبر خروجا عن الصواب، فإذا كان من المسلم به فقها و قانونا وقضاء عدم صلاحية تطبيق الوساطة على طائفة من المنازعات الإدارية، فإن ذلك لا يحول دون إمكانية تطبيقها على طائفة أخرى من النزاعات الإدارية.
خاتمة :
و تأسيسا على كل ما سبق نخلص إلى أن الخصوصية التي يكتسبها النزاع الإداري لا تؤدي إلى إستبعاده من مجال تطبيق الوساطة إبتداء، و إنما يجوز للقاضي عرض الوساطة على أطراف النزاع الإداري وله السلطة الكاملة في رقابة إتفاق الوساطة في نهاية الأمر، فإن تبين له أنه يخالف مبادئ القانون الإداري أو يتنافى مع قاعدة قانونية أو مصلحة إجتماعية أو إقتصادية لم يصادق عليه، و يصادق عليه في الحالة العكسية، وبالتالي فإنه لا يوجد مبررا قطعيا لحظر تطبيق الوساطة على النزاعات الإدارية، بل ثمة حاجة ملحة لتطبيقها.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الوساطة ، النزاع ، الاداري ،









الساعة الآن 09:17 PM