شرح حالات التطليق وفق القانون الجزائري
يمكن حصر حالات التطليق طبقا لنص المادة 53 من قانون الاسرة الجزائري فيمكن ان تقيد سلطة القاضي و يمكن ان تجعل سلطته واسعة.
نص المادة 53 ق أ : { يجوز للزوجة أن تطلب التطليق للأسباب الآتية:
1- عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه ما لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج، مع مراعاة المواد (78 و79 و80) من هذا القانون،
2- العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج،
3- الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر،
4- الحكم على الزوج عن جريمة فيها مساس بشرف الأسرةوتستحيل معها مواصلة العشرة والحياة الزوجية،
5- الغيبة بعد مرور سنة بدون عذر ولا نفقة،
6- مخالفة الأحكام الواردة في المادة (8) أعلاه،
7- ارتكاب فاحشة مبينة،
8- الشقاق المستمر بين الزوجين،
9- مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج،
10- كل ضرر معتبر شرعا }.
الشـــــرح :
أولا الأسباب المقيدة لسلطة القاضي للحكم بالتطليق.
ثانيا الأسباب المطلقة لسلطة القاضي للحكم بالتطليق.
أولا : الأسباب المقيدة لسلطة القاضي للحكم بالتطليق :
فمن بين الأسباب المنصوص عليها في المادة السابقة فهناك أسباب إذا ما توفرت فيها الشروط اللازمة لقيامها فيكون القاضي ملزما بالحكم بالتطليق مباشرة أي بمعنى تكون سلطته مقيدة وهذه الأسباب
تكمن في التطليق لعدم الإنفاق وللعيوب وللحكم بعقوبة مقيدة للقاضي وللغياب بعد سنة .
1- التطليق لعدم الإنفاق :
أجمع أئمة الشريعة الإسلامية على أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها وفي حالة امتناع الزوج عن القيام بذلك فإنّه يجوز للزوجة أن تطالب بالتفريق لعدم الإنفاق ويحكم لها القاضي بالتفريق إن ثبت لديه عدم الإنفاق وقد استدلوا في ذلك بقوله تعالى: ” ولا تمسكوهن ضرار لتعتدوا ” . وقوله تعالى: ” فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” .
وإن بقاء الزوجة مع زوجها مع عدم الإنفاق عليها قد يشكل لها ضررا أو يعرضها للخطر ولذلك أعطاها الشرع هذا الحق. وقد نص المشرع الجزائري في المادة 53 فقرة 1 من قانون الاسرة ”عدم انفاق بعد صدور الحكم بو جوبه ما لم تكن عالمة باعساره وقت الزواج مع مراعاة المواد 78 79 80 من هذا القانون “. فعدم النفقة هو امتناع الزوج عن أهم أحد الواجبات الزوجية وتشمل هذه النفقة الغذاء والكسوة والعلاج والسكن وأجرته وما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة طبقا لنص المادة 78 من قانون الأسرة.
ففي كل هذه الأحوال وغيرها يحق للزوجة المتضررة من الامتناع عن النفقة اللجوء إلى القضاء من أجل استصدار حكم يلزم زوجها بالإنفاق عليها.
ومن خلال نص المادة 53 فقرة 1 من ق.أ نستخلص بأن هناك عدة شروط يجب توفرها حتى يمكن للزوجة طلب التطليق لعدم الإنفاق وتتمثل في ما يلي :
- إمتناع الزوج عن النفقة الزوجية عمدا وقصدا.
- صدور حكم من المحكمة بوجوب نفقة الزوجة على زوجها.
- يجب أن لا تكون عالمة بحالة إعساره وقت إبرام عقد الزواج معه.
- الإنفاق الممتنع عن تقديمه للزوجة والتي يحق لها طلب التطليق بسببه هو إنفاق مثل زوجها على مثلها.
وما نلاحظه على هذه المادة أنّها لم تبين المدّة التي تنتظرها الزوجة بعد الحكم لها بالنفقة والتي يمكن بعدها تقديم طلب التطليق إلى المحكمة هناك قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 23-11-1982 جاء فيه ” إذا كان مؤدى نص المادة 331 من ق.ع الحكم جزائيا بالحبس والغرامة على من امتنع عمدا ولمدة تجاوز شهرين عن دفع النفقة المحكوم بها عليه قضاءا لصالح من حكم لهم، فإنه يشترط للمتابعة الجزائية بهذا الجرم أن يكون المحكوم عليه قد بلغ وفقا للقانون بالحكم القاضي بالنفقة وأن القضاء بخلاف ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون” كما أن المشرع لم يفرق بين حالة امتناع الزوج عن الإنفاق مع قدرته على ذلك وحالة امتناعه عن الإنفاق مع عدم قدرته أو إعساره ولم يفرق أيضا بين الزوجة الغنية والزوجة الفقيرة كما أنه لم يمنح الزوج المعسر أجل للقيام بواجب الإنفاق وهذا عكس بعض التشريعات العربية مثل القانون التونسي الذي منحه أجل شهرين (الفصل 39) والقانون السوري (3 أشهر) بالإضافة إلى مشروع القانون العربي الموحّد للأحوال الشخصية المادة 115 منه منحت للزوج المعسر أجل 3 أشهر.
- وقد صدر عن المحكمة العليا عدّة قرارات تتناول فيها مسألة التطليق لعدم الإنفاق القرار الصادر بتاريخ 19-11-1984 جاء فيه ” متى كان من المقرر فقها وقضاءا في أحكام الشريعة الإسلامية أن عدم الإنفاق على الزوجة لمدّة تزيد على شهرين متتابعين يكون مبررا لطلبها التطليق على زوجها.
وإذا كان الثابت أن المطعون ضده أدين جزائيا من محكمة الجنح بتهمة الإهمال العائلي وحكم عليه غيابيا بسنة حبسا نافذا فإن قضاة الاستئناف برفضهم طلب الطاعنة المتعلق بالتطليق خرقوا أحكام هذا المبدأ الشرعي.
-وقد صدر حكما عن محكمة بشار بتاريخ 03-10-1999 قضى بتطليق الزوجة من زوجها لعدم الإنفاق وقد جاء في حيثياته ما يلي ” حيث أنه بالرجوع إلى ملف الدعوى تبين للمحكمة أنه حكم بتاريخ 03-10-1998عن محكمة تلمسان يقضي للزوجة والأبناء بالنفقة الغذائية حسب مبلغ 1000 دج وأن المدعية سعت في تنفيذه وأن المدعى عليه امتنع عن الدفع.
حيث أن الثابت من أوراق الملف أن المدعي عليه امتنع عن دفع النفقة وأنه تغيب عن الحضور لدحض ادعاءات المدعية مما يجعله قد ألحق ضررا بالأسرة يتعين معه الاستجابــة لطلب المدعية كونه مؤسس” - كما أصدرت حكما آخر بتاريخ 13-02-2002 قضى بفك الرابطة الزوجية بين الطرفين قبل البناء وبظلم من الزوج وجاء في حيثياته ” حيث أن نفقة الزوج على زوجته واجبة شرعا وقانونا مادامت في عصمته الزوجية مما يتعين الاستجابة لطلبها مع حسابها من تاريخ 13-02-2001 إلى غاية النطق بالتطليق. حيث أن طلب التعويض مؤسس وقانوني لكونه ألحق بها ضرر مادي ومعنوي” .
وما يمكن ملاحظته على هذا الحكم الأخير انه لم يبين بأنه قد صدر حكم من المحكمة يلزم الزوج بالنفقة على زوجته وهذا يعتبر شرط أساسي للحكم للزوجة بالتطليق لعدم الإنفاق، لأن صدور الحكم يبين بأن الزوج سيئ النية وقد امتنع عمدا عن دفع النفقة ما لم يثبت بأنه معسر.
كما أن هذا الحكم وفي تأسيسه قد منح التعويض للزوجة على أساس أنه قد ألحق بها ضرر مادي ومعنوي إلا أنه لم يبين فيما يكمن هذين الضررين (أي كيفية وقوع الضرر(
-2 التطليق للعيوب :
لقد منح المشرع للزوجة في المادة 53 فقرة 2 الحق في طلب التطليق إذا كان هناك عيب في الزوج يحول دون تحقيق الهدف من الزواج، ويقصد بالعيوب هنا هي تلك الأمراض أو العلل الجنسية التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج وسواء كان هذا العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد والعيوب التي تصيب الإنسان قد تكون جنسية وقد تكون مرضية، فالأولى هي التي تصيب الأعضاء التناسلية لكل من الرجل والمرأة أما العيوب المرضية فيشترك فيها الجنسان معا وتتمثل في الجنون والجذام والبرص والأمراض المعدية الأخرى .
والمشرع الجزائري لم يحصر هذه العيوب التي يمكن على إثرها للزوجة طلب التطليق وحتى يجوز للزوجة طلب التطليق للعيوب يجب أن تتوفر الشروط التالية: -
- أن يكون هذا العيب في الزوج.
- وجود هذا العيب لا يحقق الهدف من الزواج.
إلا أنه ما يؤخذ على المشرع الجزائري انه لم يحدد صراحة مهلة معينة يمنحها للزوج المصاب من أجل العلاج .
حيث أصدرت المحكمة العليا قرارا بتاريخ 1984-11-19 جاء فيه : “متى كان من المقرر في الفقه الإسلامي وعلى ما جرى به القضاء أنه إذا كان الزوج عاجزا عن مباشرة زوجته يضرب له أجل سنة كاملة من أجل العلاج وأن الاجتهاد القضائي استقر على أن تكون الزوجة أثناء تلك المدة بجانب بعلها وبعد انتهائها فإن لم تتحسن حالة مرضه حكم للزوجة بالتطليق فإن القضاء بما يخالف أحكام هذه المبادئ يعد خرقا لقواعد الشريعة الإسلامية “
كما صدر حكم عن محكمة تيزي وزو بتاريخ 24-06-1995 قضى بتطليق الزوجة من زوجها بسبب إصابة هذا الأخير بمرض عقلي وجاء في حيثياته ما يلي :
حيث أن طلب المدعية المتعلق بالتطليق بين الطرفين على أساس أن المدعي عليه مصاب بمرض عقلي طلب مؤسس قانونيا طبقا لأحكام المادّة 53/2 من ق.أ ما دام أن المدعي عليه أقر أمام المحكمة أثناء جلسة الصلح أنه مريض عقليا وهذا منذ مدة وبالتالي فهو عيب من العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج مما يتعين الإستجابة لطلبها وبالتالي التصريح بالتطليق بين الطرفين .
ما يلاحظ على هذا الحكم أنه بمجرد اعتراف المدعي عليه للقاضي بأنه مصاب عقليا حكم بالتطليق في حين كان عليه أن يمنح المصاب أجل سنة كاملة من أجل العلاج وأن يعين له خبير مختص لفحص حالته وبعد ذلك إذا لم يشف من مرضه فيحكم بالتطليق وهذا كله من أجل المحافظة على الروابط العائلية.
-3 التطليق للحكم بعقوبة مقيدة للحرية :
لقد نص المشرع على هذه الحالة في الفقرة 4 من المادة 53 ق.أ على أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق من زوجها في حالة الحكم عليه عن جريمة فيها مساس بشرف الاسرة و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية ومن خلال هذا النص يمكن أن نستنتج الشروط الواجب توفرها في التطليق للحكم بعقوبة وهي:
- أن يكون الزوج قد ارتكب جريمة من جرائم القانون العام أو غيرها وقد صدر ضده حكم جزائي حاز قوة الشيء المقضي فيه.
- أن تكون العقوبة مقيدة للحرية أي تتضمن عقوبة بدنية بالسجن أو الحبس و دون ان يستفيد من منحة العفو كليا او جزئيا .
-أن تكون العقوبة مشينة مثل: عقوبة الاعتداء على العرض، الاغتصاب … إلخ.
-أن تكون العقوبة قرينة على استحالة مواصلة العشرة الزوجية. لذلك فإذا توافرت للزوجة هذه الشروط كلها فلها الحق أن ترفع دعوى أمام المحكمة لتطلب الحكم لها بالتطليق من زوجها وعلى المحكمة أن تقضي بذلك.
ولقد صدر في هذا الشأن حكما عن محكمة تيزي وزو بتاريخ 29-08-1997 قضى بتطليق الزوجة لصدور حكم قضائي ضد الزوج يقيد حريته لمدة 18 شهرا حبسا نافذا، وانطلاقا من هذا الحكم قضى القاضي بالتطليق بينها وبين زوجها المحبوس.
4 - التطليق لغياب الزوج :
إختلف الفقهاء في جواز التفريق للغيبة، فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى عدم التفريق للغيبة، لعدم ما يصح أن يبنى عليه هذا التفريق. وذهب مالك وأحمد إلى جواز التفريق إذا طالت الغيبة وتضررت بها المرأة بأن خشيت على نفسها الزنا ولو كان الزوج قد ترك لها مالا تنفق منه. أما المشرع الجزائري فقد جعل غياب الزوج أحد أسباب التطليق وذلك بعد مضي سنة وقد استمد هذه القاعدة من مذهب مالك وأحمد دفعا للضرر عن المرأة ولهذه الأخيرة الحق في طلب التطليق إذا غاب عنها زوجها وتوفرت الشروط التالية :
-تغيب الزوج عنها لمدة سنة على الأقل وتحسب هذه المهلة ابتداء من يوم الغياب إلى يوم رفع الدعوى.
- أن يكون الغياب بدون عذر مقبول ودون سبب جدي أي أن يكون متعمدا ويقصد الإضرار بها.
والغائب الذي يقصده المشرع في هذه الفقرة هو الذي نص عليه في المادة 110 ق.أ بقولها: ” الغائب هو الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة وتسبب غيابه في ضرر الغير” .
في حالة طلب الزوجة التطليق لضرر الغياب وكان زوجها غير معلوم المكان فهنا يفرق القاضي بينهما في الحال بعد تأكده من توافر الشروط السابقة، في حين إذا كان في مكان معلوم وأمكن الاتصال به فهنا على القاضي أن يطلب منه أن يحضر لزوجته ويمنحه أجلا معينا فإذا انقضى هذا الأجل ولم يفعل كما أنه لم يبدي عذرا مقبولا فرق بينهما لرفع الضرر عن الزوجة.
ولقد صدر في هذا الشأن حكمين عن محكمة بشار الأول بتاريخ 03-10-1999 قضى فيه بالإشهاد بفك الرابطة الزوجية بين الطرفين عن طريق التطليق وقد جاء في حيثياته : ” حيث أن الثابت في قضية الحال أن الزوجة تضررت من غياب الزوج وهجره لها لمدة أكثر من سنتين مما يجعل دعواها مؤسسة عملا بالمادة 53 فقرة 5 ق.أ الأمر الذي يتعين معه الاستجابة لطلبها المتعلق بالتطليق” .
والثاني بتاريخ 06-06-1999 قضى فيه بالتطليق بين الزوجين وقد جاء في حيثياته : ” حيث أن المدعية تهدف بدعواها إلى تطليقها من المدعي عليه استنادا إلى المادة 53 فقرة 5 لغيبة أكثر من سنة بدون نفقة وطالبت بالتعويضات والحضانة.
حيث أن المدعي عليه لم يحضر جلسات المحكمة لدحض مزاعم المدعية وتقديم ما يثبت أنه ينفق على زوجته وابنه رغم استدعائه قانونا، وأنه سعى في تنفيذ الحكم والقرار القاضي برجوع الزوجة إلى بيت الزوجية الكائن بالجزائر الوسطى مما يجعل المحكمة تكون قناعة بسوء نية الزوج في ترك زوجته معلقة لا هي بزوجة ولا هي بمطلقة طول هذه المدة الأمر الذي يتعين معه التصريح بفك الرابطة الزوجية بينهما لاستحالة العشرة والاستجابة بذلك لطلب المدعية “
ما يمكن ملاحظته على هذين الحكمين أن القاضي لم يبين في حيثياته الشروط الواجب توفرها في غياب الزوج حتى يمكن له أن يصرح بالتطليق وخاصة شرط مدة غياب الزوج وما إن كان سبب غيابه مبرر أم لا وما إذا كان قد ترك لها مالا تنفق منه أم لا مما يجعل حكمه مشوب بنقص في التسبيب.
ثانيا : الأسباب المطلقة لسلطة القاضي للحكم بالتطليق :
فمن بين الأسباب التي تجعل ممارسة القاضي لسلطته التقديرية مطلقة وواسعة هي التطليق بسبب هجر الزوج لزوجته في المضجع والتطليق للضرر والتطليق لارتكاب فاحشة مبينة وتكون فيها سلطة القاضي واسعة نظرا لصعوبة إثباتها من قبل الزوجة.
-1التطليق للهجر في المضجع :
إن المراد بالهجر هو الامتناع عن قربان الزوجة عمدا وذلك بترك فراش الزوجية دون سبب شرعي ولمدة تزيد عن أربعة أشهر كاملة قصد الإضرار بها. والهجر في الفراش هو نوع من أنواع التأديب التي يملكها الزوج في مواجهة زوجته وهذا لقوله تعالى: ” واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع ” .
ومتى كان الهجر بغرض التأديب فإنه يدخل في إطار حقوق الزوج وبالتالي لا يجوز أن يضار شخص باستعمال حقه الشرعي إلا إذا تعسف في استعماله وتجاوز حدود هذا الحق المقررله. والهجر هو أحد الأسباب التي ورد النص عليها في المادة 53 فقرة 3 ق.أ التي تجيز للزوجة طلب التطليق متى توافرت الشروط التالية وهي:
- أن يهجرها الزوج ويترك فراش الزوجية وأن يفوق هذا الهجر مدة أربعة أشهر متتالية وأن يكون هذا الهجر عمديا وليس له ما يبرره.
وفي هذا الصدد يختلف الهجر في المضجع عن الإيلاء المشار إليه في كتب الفقه حيث يكمن الفرق بين المفهومين في كون أن الإيلاء يمين أو قسم على عدم اقتراب الزوجة بينما الهجر هو ترك فراش الزوجية لكن بدون يمين أما المدة فهي واحدة وهي 4 أشهر. ولذلك أجاز المشرع للزوجة اللجوء إلى القضاء لطلب التطليق بسبب هجر زوجها لها في المضجع لمدة تفوق أربعة أشهر ولكن بشرط إثبات ما تدعيه واقتناع القاضي به.
وفي هذا الشأن صدر حكم عن محكمة بشار بتاريخ 07-11-1999 قضى فيه بالتطليق بين الطرفين المتنازعين بسبب الهجر في المضجع فجاء في حيثياته ما يلي : ” حيث أن شهادة الشهود أثبتت أن الزوج هجر مقر الزوجية وترك العائلة في إهمال منذ أكثر من 7 أشهر وأن الزوجة لحقها ضرر من جراء ذلك مما يعطيها الحق في المطالبة بالتطليق وعليه يتعين الاستجابة لطلبها .”
-2 التطليق للضرر المعتبر شرعا :
لقد خول المشرع للزوجة حق طلب التطليق إذا لحقها ضرر سببه لها زوجـها سواء بإيذائه لـها بالقول أو الفعل إيذاء بليغا يجعل الحياة الزوجية جحيما لا تطاق ولا يقطع هذه الحياة البغيضة إلا التفريق بينهما وقد جاء في الفقرة 10 من المادة 53 ق.أ بأن من أسباب التطليق كل ضرر معتبر شرعا إلا أن المشرع لم يتقيد بضرر معين وترك للقاضي سلطة تقدير الضرر وذلك حسب نوعية القضايا فمثلا: يمكن اعتبار عدم توفير السكن اللائق الشرعي أو إهمال النفقة الشرعية أو إساءة معاشرة الزوجة أو التهرب من الواجبات الزوجية ضرر معتبر شرعا.
و المشرع لم يحدد أنواع معينة من الضرر وترك الأمر للسلطة التقديرية للقاضي ليقدر إن كان هناك ضرر أم لا وذلك حسب ظروف كل قضية ووقائعها لأن مفهوم الضرر هو مفهوم واسع لا يمكن حصره أو تحديده وقد يختلف من قاضي إلى قاضي ومن منطقة إلى أخرى.
فإذا أثبتت الزوجة دعواها ببينة أو إعترف الزوج وعجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها طلقة بائنة وإذا عجزت عن البينة أو لم يقر زوجها رفضت دعواها بينما إذا طال أمد الخلاف وتكررت دعواها دون أن تثبت ادعاءاتها فإن على القاضي أن يعين حكمين للتوفيق بين الزوجين المتنازعين يكون إحداهما من أهل الزوجة والثاني من أهل الزوج يحاولا إصلاحا بينهما وعلى هذين الحكمين أن يعدا تقريرا عن مهمتهما في أجل أقصاه شهرين .
3- التطليق لمخالفة المادة 8 المتعلقة بالتعدد :
كما يجب أن لا ننسى بأن مخالفة الأحكام المتعلقة بتعدد الزوجات الواردة في المادة8 تعطي الحق للزوجة في المطالبة بالتطليق و كما نصت المادة 8 مكرر ق.أ في حالة التدليس يمكن لكل زوجة رفع دعوى قضائية ضد زوجها للمطالبة بالتطليق.
4- الشقاق المستمر بين الزوجين :
وبنتيجة مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج .
5- التطليق لارتكاب فاحشة مبينة :
و من حالات التطليق التي تجعل السلطة التقديرية للقاضي واسعة هي التطليق لارتكاب فاحشة مبينة والمنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 53 ق.أ و المقصود بالفاحشة هنا هي الزيادة المبالغ
فيها أو الخطأ المخل بالأدب بصفة خطيرة وجسيمة .
وبصفة عامة هي كل فعل تستنكره القيم الإسلامية وأخلاق المجتمع الإسلامي وعليه فإنه إذا ارتكب الزوج فاحشة مبينة كالزنا أو الشرك بالله أو الردة أو الاعتداء على قاصرة…
فإنه يجوز للزوجة أن ترفع أمرها إلى القاضي من أجل تطليقها
ومن خلال كل ما تقدّم نفهم بأنه حتى يمكن للقاضي الحكم بالتطليق فيشترط القانون على الزوجة حين تقديم طلبها أن تثبت الضرر الحاصل لها ويكون ذلك بكافة الطرق القانونية الممكنة.
إستنتاج :
من خلال ما سبق تبين أن للزوجة حقوقا على زوجها، يقررها عقد الزواج الشرعى الرابط بينالزوجين، ولابد على الزوج أن يفى بهذه الحقوق، ومن تلك لحقوق حق الزوجة في النفقة،
إلا أن امتناع الزوج بتقديم هذا الحق يترتب عليه آثار وجرءات نوجز أهمها في النتائج التالية:
-التطليق حق للزوجة لرفع الضررعنها، يمكن للزوجة المطالبة به بموجب المادة 53 من قانون الأسرة.
-أجازت المادة 53 في فقرها الأولى من قانون الأسرة للزوجة المطالبة بالتطليق لعدم إنفاق زوجها عليها.
-المطالبة بالتطليق لعدم إنفاق الزوج على زوجته تسبقه إجرءات وأحكام قانونية لابد من إتباعها حتى يحكم القضاء بالتطليق لعدم الإنفاق.
-يثبت حق الزوجة المطالبة بالتطليق لعدم إنفاق زوجها عليها متى ثبت ذلك بحكم قضائى، وبموجب محضر الامتناع عن النفقة المحرر من قبل المخضر القضائى، وكانت الزوجة غير عالمة بإعسار زوجها وقت العقد.
لم يتكلم المشرع الجزائري عن مسألة مهمة قد تحد الكثير من حالات فك الرابطة الزوجية في المجتمع الجزائري، وهى مسألة ما إذا وجد المنفق على الزوجة غير الزوج، كوجود أبيه أو أخيه قادر على الإنفاق عليها، فهل من حق الزوجة المطالبة بالتطليق رغم وجود البديل المؤقت عن الزوج في النفقة ؟.
فبالرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامى لوجدنا الفقهاء لا يعطونها حق الفسح إذ وجد من ينفق عليها من أقربائه، و من غيرهم، وهو ما أخذ به المالكية، وهذ رأي صوب وأصلح للمجتمع، خير من الحكم بالتطليق.
لم يفرق لمشرع الجزائري بين عدم الإنفاق مع قدرة الزوج على ذلك وامتناعه عمدا، وبين عدم الإنفاق مع العجز على ذلك بسب البطالة أو العجر الجسمى أو النفسى؛ فالأولى هى التي يحق للزوجة المطالبة فيها بالتطليق لضرر عدم الإنفاق، أما العسر للعجز الجسمي أو النفسي القهري فهذا لا يحق للزوجة المطالبة فيه بالتطليق وتظليم الزوج لأن الزوج لم يكن متعمدا الإضرار بزوجته.
لم ينص المشرع على المدة التي تنتظرها الزوجة بعد الحكم لها بالنفقة، والتي يمكنها بعد ذلك تقدم طلب التطليق إلى المحكمة لإمتناع زوجها عن أداء النفقة المحكوم بها قضاء، وفي هذا المجال لابد من تفسير هذا الفراغ بالرجوع إلى قانون العقوبات، الذي يفهم من خلال المادة 331 أن المدة التي يحق للزوجة فيها رفع دعوى قضائية للمطالبة بالتطليق هو بعد مرور شهرين كاملين من صدور الحكم القضائي الذي يلزم الزوج بالنفقة لكنه لم يستجب لهذا الحكم.