الاثار المترتبة على الطلاق
يترتب علي الطلاق الواقع بين الزوجين آثار تتمثل في
العدة
الحضانة
النزاع حول متاع البيت
أولا : العـــــــدة :
العدة في اللغة :
الإحصاء والعدة مقدار ما يعد، ومبلغه الجمع أعداد وكذلك العدة، وجمعها العدد، يقال انفصمت عدة الرجل إذا انقضى أجلا كما يقال اعتدت المرأة عدتها من وفاة زوجها أو طلاقه إياها، وعدة المرأة هي ما تعده من أيام أقرائها أو أيام حملها.
والعدة في الشرع: أجل ضرب شرعا لا نقضاء ما بقي من آثار الزواج، أو هي تربص أي انتظار يلزم المرأة عند زوال النكاح وشبهته المتأكد بالدخول أو ما يقوم مقامه من الخلوة والموت .
فكما تبين فالعدة فترة واجب على المرأة قضاؤها بعد الطلاق ويمنع عليها خلالها الزواج برجل آخر وقد ورد في القرآن الكريم بصددها الآيات التالية :
﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
﴾ سورة الطلاق الآية 1
ثم قوله سبحانه :
﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا
﴾ سورة الاحزاب الآية 49
الحكمة من العدة :
إن العدة شرعت من الأسباب
نذكر منها :
- التأكد من عدم حمل الزوجة لتفادي النزاعات فيما يخص نسب الأطفال.
- هي فرصة للزوجين لمراجعة نفسيهما ومشاورة ذهنيهما لتقدير أهمية وجسامة ما حصل بينهما وهذا إما لتأكيد ما حصل أو التراجع عنه في وقت مناسب.
- احترام ذكرى الزوج المتوفى بالتعبير عن الحزن عليه أو الحداد له في عدة المتوفى عنها، ثم احترام مشاعر أهله وأقربائه .
وهناك عدة آيات تعزز الأسباب التي ذكرت نورد منها :
﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ﴾
سورة البقرة الآية 228
- تجدر الإشارة إلى أن العدة لا تخص المرأة الولود فقط بل حتى العاقر .
دليل مشروعية العدة :
أ- في القرآن :
يقول تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) سورة البقرة الآية 228 . التربص يعني الانتظار
ويقول جلت قدرته : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير
) سورة البقرة الآية 234.
ويقوله جل وعلى : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
) سورة الطلاق الآية 1
وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا
) سورة الاحزاب الآية 49
- فالزوجة إذا لم يتم الدخول بها لا عدة لها .
كذلك نجد قوله تعالى في تحديد عدة الحامل : ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى
) سورة الطلاق الآية 6
ب- في السنة :
ففي صحيح البخاري عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها :
" اعتدي في بيت ابن عمك ابن مكتوم " .
ونجد كذلك الحديث الذي يبين عدة الحامل التي تنتهي بوضع حملها :
-
روي عن سبيعة الأسلمية " أنها ولدت بعد وفاة زوجها بليال، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدالي
" .
وما يعزز موضوعنا قوله كذلك لعمر رضي الله عنه حين طلق زوجته وهي حائض أمره أن يراجعها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها إن شاء قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق بها النساء .
ثانيا : الحضانة :
إن الحضانة تعتبر من أهم المواضيع التي لقيت إهتماما كبيرا من قبل الشريعة الإسلامية وكذا في مختلف التشريعات فهي تشكل إحدى أهم الوسائل التي بموجبها يمكن العناية والحرص على حماية حقوق المحضون والسير على مصالحه، فمدارها تحقيق مصلحة المحضون والنفع له بالدرجة الأولى .
فالحضانة هي تربية وحفظ من لا يستقل بأمور نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه و ذلك برعاية شؤونه وتدبير طعامه وملبسه ونومه في سن معينة، من أجل ذلك كانت الحضانة لمن هو أشفق وأقدرو أصبر على تحل المشاق بسبب الولد ومن هو أفرغ للقيام بخدمته.
إن القانون إشترط أهلية معينة للحضانة، بمعى أن تتوافر في الحاضن البلوغ والعقل على صيانة الولد صحة وخلقا، والبلوغ شرط يمنع القاصر أن يكون حاضنا لأنه في حاجة إلى من يكفله والعقل يمنع المجنون و المعتوه أن يكون حاضنا لأنه يخشى منه على المحضون. لكن إذا حدث وأن إختلت هذه الشروط فإن مصلحة المحضون تكون في خطر مما يقتضي إسقاطا عن الحاضن وتسليم المحضون إلى من يليه في المرتبة إذا إستوفى كل الشروط.
يعد المحضون أي الطفل برعم الحياة، وغدا حقه في هذه الحياة حقا أساسيا يتفرع منه العديد من الحقوق تحميه وتحيطه بالأمان لغاية تأهيله جسديا، عقليا، نفسيا وإجتماعيا لتولي زمام أموره والتعرف على واجباته نحو مجتمعه ونحو الآخرين.
تعريف الحضانة قانونا :
نصت المادة 62 من قانون الأسرة المعدل و المتمم: ” الحضانة هي رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسّهر على حمايته وحفظه صحة و خلقا ، ويشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك ” .
أهداف الحضانة في القانون الجزائري :
1- تعليم الولد :
ويقصد به التعليم الرسمي أو التمدرس ، وما دام التعليم إجباريا ومجانيا فكل طفل له الحق أن ينال قدرا من التعليم حسب استطاعته وامكانياته الذهنية وقدراته العقلية واستعداده الفطري والنفسي.
2-تربية الولد على دين أبيه :
يجب أن يربىّ الولد على مبادئ وقيم الدين الإسلامي ، ولما كان زواج المسلم بغير المسلمة جائزا ، فإن القاضي يمنح الحق في الحضانة في القانون الجزائري للأم غير المسلمة ، ولا ينكره عليها أبدا.
فهي كالمسلمة على أن تراعي أحكام الشرع في تربية الطفل وذلك حسب نص المادة 30 من قانون الأسرة المعدلة بالأمر 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 في الفقرة الأخيرة وهذا ما أكدته المادة 62 من قانون الأسرة.
3-السهر على حماية المحضون :
إذا كانت الحضانة في القانون الجزائري هي رعاية وحماية فلا بد أن تتخذ هذه الحماية كل أشكالها، فيجب أن لا يكون الطفل عرضة لأي اعتداء مادي كالضرب أو اعتداء معنوي كالإرهاب و التخويف و الشتم ، مما يؤدي إلى زعزعة انضباط الطفل نفسيا و عاطفيا و ليس معنى ذلك أن يترك للطفل الحبل على الغارب و أن لا يُؤدّب كلما استدعت الحاجة ، ثم إنّ الحماية لا تكون من الغير فقط، بل لابد من
حماية الطفل حتى من نفسه .
4- حماية الطفل من الناحية الخلقية :
و يكون ذلك بتنشئته على حسن الخلق و تهذيبه و إعداده لأن يكون فردا صالحا سويا و أن لا يُترك عرضة للشارع و رفقاء السوء.
5 - حماية المحضون صحيا :
يجب أن يلقى الطفل العناية الصحية الكاملة ، خاصة في السنوات الأولى من حياته ، و ذلك بأن يتلقى كل التّلقيحات اللازمة و الدورية ، و أن يُعرض على طبيب كلّما استدعت الحاجة.
ثالثا : النزاع حول متاع البيت :
يعتبر النزاع في متاع البيت من اهم الاثار المترتبة على انحلال الرابطة الزوجية سواءا بالوفاة (نزاع بين الورثة) او بالطلاق (بين الزوجين ) و رغم ما يطرحه هذا الموضوع من اشكالات عملية وواقعية الا ان المشرع الجزائري اكتفى بتنظيمه في مادة واحدة حيث جاء في نص المادة 73 من قانون الاسرة على انه اذا وقع النزاع بين الزوجين او ورثتهما في متاع البيت و ليس لاحدهما بينة فالقول للزوجة او ورثتها مع اليمين في المعتاد للنساء و القول للزوج او ورثته مع اليمين في المعتاد للرجال و تضيف الفقرة الثانية من نفس المادة على ان المشتركات بينهما يتقاسمانها مع اليمين .
و من الواضح ان مسالة النزاع في متاع البيت مسالة اثبات حيث كرست هذه المادة القاعدة الفقهية الشهيرة " البينة على من ادعى و اليمين على من انكر" الاان ما يأخد على الحكم الذي اتت به المادة 73 و كذلك التطبيقات القضائية عندما تثير موضوع النزاع حول متاع البيت فبمجرد تقديم قائمة بالمتاع من احد الزوجين و نكران الطرف الخصم فان القضاة يطبقون مباشرة المادة 73 و ذلك بتوجيه اليمين الا انه في الحقيقة المتمعن للمادة في توجيه اليمين و القواعد العامة للاثبات بصفة عامة من اشتراط توجيه اليمين في حالة الاختلاف و انعدام البينة للمدعي وجوب التأكد اولا من وجود المتاع من عدمه ثم الانتقال بعدها الى اليمين في حالة الانكار للحكم لمن تعود ملكية المتاع محل النزاعو هذا ما اكده قضاء المحكمة العليا .
و عليه فانه يشترط في المتاع موضوع النزاع ان يكون موجودا و مشاهدا سواء اكان موجودا بمسكن الزوجية او في غيره من الاماكن و بذلك فانه لا يمكن اقامة دعوى على متاع غير موجود اي محل انكار من المدى عليه مثل ان يقدم احد الزوجين قائمة تكون محل انكار من الخصم هنا لابد من اقامة الدليل على هذه القائمة و الا فتوجه يمين النفي للمدعى عليه طبقا للقاعدة الفقهية المذكورة.
اما الاشكال الاخر الذي يطرحه اضافة الى ما يثيره هذا الموضوع من امكانية الخلط بين ما هو من صداق الزوجة الذي هو حق لها تتصرف فيه كما تشاء خاصة اذا كان صداق مؤجل و ما هو جزء من متاع البيت باعتبار العرف المتبع في بلادنا و في كثير من البلاد العربية و الاسلامية يلزم الزوجة بتجهيز نفسها و تجهيز بيت الزوجية بما قبضته من صداق و هنا لا يجد القاضي نصا يعتمد عليه في اجراءات الدعوى او يساعده على معرفة الحقيقة و ليس امامه الا الرجوع الى احكام العرف .