التحليل الشكلي لنص المادة 141 ق م
التحليل الموضوعي لنص المادة 141 ق م.
أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي.
تنص المادة 141 من القانون المدني :
{ كل من نال عن حسن نية من عمل الغير أو من شيء له منفعة ليس لها ما يبررها يلزم بتعويض من وقع الاثراء على حسابه بقدر ما استفاد من العمل أو الشيء }.
موقع النص القانوني :
يقع هذا النص (141) في الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني،
المعدل والمتمم.
و قد جاء في الكتاب الثاني منه عنوانه الإلتزامات و العقود ، من الباب الأول وعنوانه مصادر الالتزام الفصل الرابع بعنوان شبه العقود ،القسم الاول الإثراء بلا سبب.
البناء المطبعي :
النص عبارة على مادة قانونية هي المادة 141 من القانون المدني تتألف من فقرة واحدة :
تبدأ من : كل من نال......
و تنتهي بـ : ........أو الشيء.
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت المادة 141 من القانون المدني محملة بمصطلحات قانونية مفتاحية تشير إلى موضوع
الاثراء بلا سبب ،
و كمثال على ذلك نشير إلى :
" تعويض " : هو مرادف للسداد أو المكافأة أو القصاص يعتبر ترضية من الضرر يعادل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب كان نتيجة الفعل الضار، فالتعويض وسيله القضاء لجبر الضرر الذي لحق بالمتضرر.
" الإثراء " : هو زيادة الشيء وإكثاره كذلك هو غِنى وكثرة المال .
البناء المنطقي :
جاء البناء المنطقي للمادة 141 من القانون المدني متسلسلا ما أعطى للنص صفة السهولة و الوضوح نلاحظ ان المادة بدأت بعبارة " كل من نال"وهنا المشرع يوضح أنه كل من إستفاد من شيء وكانت هاته الإستفادة عن حسن نية
ولكن لايوجد مايبرر هاته الاستفادة يلزم القانون الطرف المستفيد تعويض الطرف الذي تضرر من هاته الاستفادة غير المبررة.
نلاحظ أن المادة اعتمدت الأسلوب الخبري المناسب للإعلام و الأخبار.
.
ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 141 من القانون المدني يتضح أن المشرع قد بين قاعدة الإثراء بلا سبب و أوجب تعويض للطرف المتضرر .
- الإثراء بلا سبب هو حصول طرف ما في العقد على كسب بدون سبب مشروع على حساب طرف آخر.
- يلزم،الطرف المستفيد من الكسب بدون سبب مشروع بالتعويض في حدود ما كسبه للطرف الذي لحقه ضرر بسبب هذا الكسب غير المشروع.
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 141 ق م يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ماهو الإثراء بلا سبب و ماهي أركانه و أحكامه ؟
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : مفهوم الإثراء بلا سبب
المطلب الأول : تعريف الإثراء بلا سبب
المطلب الثاني : تمييز الإثراء بلا سبب عن بعض المفاهيم المشابهة.
المبحث الثاني : اركان الإثراء بلا سبب
المطلب الأول : إثراء المدين
المطلب الثاني : إفتقار الدائن
المطلب الثالث : انعدام السبب القانوني لإثراء المدين.
المبحث الثالث : أحكام الإثراء بلا سبب
المطلب الأول : دعوي الاثراء
المطلب الثاني : التعويض عن الإثراء
خاتمة
مقدمة :
تعتبر قاعدة الإثراء بلا سبب من بديهيات القواعد القانونية ، التى تستند إليها قواعد العدالة ويقضي بها القانون الطبيعي، إلا أنها لم تعرف كقاعدة إلا في أواخر القرن التاسع عشرا،
حيث توصل الفكر القانوني الحديث، إلى اعتبار قاعدة الإثراء بلا سبب قائمة بذاتها لا تحتاج إلى غيرها، وهي بذلك مصدر من مصادر الالتزام غير الإرادية ،شأنها في ذلك شأن العقد والعمل غير المشروع. ويقضي ذلك أن كل من أثرى على حساب الغير ولو بسن نية ودون وجود سبب قانوني، فإنه يلتزم بأن يرد لهذا الغير قدر ما أثرى به وفي حدود ما لحقه من خسارة.
وفي هذاالاتجاهسار المشرع الجزائري حيث أخذ بالإثراء بلا سبب كمصدر عام ومستقل عن مصادر الالتزام. حيث أورده في الفصل الرابع من القانون المدني المتعلق
بمصادر الالتزام، تحت عنوان شبه العقودالآأو إلى جانبه أورد تطبيقاته والمتمثلة في الدفع غير المستحق والفضالة.
حيث يقصد بالإثراء بلا سبب، أن كل من نال أو أثري من عمل الغير أو من شيء له منفعة، ولو بحسن نية ودون سبب قانوني فإنه يلتزم بأن يرد لهذا الغير قدر ما أثري به، وفي حدود ما لحقه من خسـارة.
نصت المادة 141 من القانون المدني الجزائري على أنه " كل من نال عن حسن نية من عمل الغير أو من شيء له منفعة ليس لها ما يبررها ، يلزم بتعويض من وقع الإثراء على حسابه بقدر ما استفاد من العمل أو الشيء ".
المبحث الأول : مفهوم الإثراء بلا سبب
المطلب الأول : تعريف الإثراء بلا سبب.
الإثراء بلا سبب يقصد به حصول شخص ولو كان غير مميز على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر.
لذا يلتزم في حدود ما كسبه تعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال كسبه فيما بعد.
هو الالتزام الذي ينشأ علي عاتق من يتلقى وفاء لا يستحقه وفقا لأحكام القانون بأن يرد ما يتلقاه إلي من وفى به .
هو مصدر من مصادر الالتزام قوامه وجوب قيام من أثرى إيجابا أو سلبا بفعل أو بغير فعل علي حساب شخص أخر ودون ما سبب يقره القانون لهذا الإثراء بتعويض هذا الشخص الأخر عما لحقه من خسارة وفي حدود ما تحقق للمثري من إثراء وهو أول مصدر ظهر للالتزام في فجر التاريخ انطلاقا من مقتضيات البداهة القانونية وهي جوهرة مبنية علي العدالة والعقل والمنطق ولا توجد حاجة علمية وعملية لتبريره .
و يقصد بالإثراء كل منفعة مادية أو معنوية يجنيها المـدين، أي كـل فائـدة يُمكـن تقويمهـا بالمـال كاكتساب مال جديد من المنقولات أو العقارات أو الانتفـاع بـه بعـض الوقـت، أو انقضـاء ديـن، أو تجنب خسارة محققة، أو إشباع حاجة مادية، أو أدبيـة، مـا دام يمكـن تقـدير هـذه الحاجـة فـي ذاتها.
والإثراء بلا سبب على حساب الغير كمصدر من مصادر الالتزام يعني أن أي شخص تلقى في ذمته حقًا أو مالًا نتيجة افتقار وقع في ذمة شخص آخر بغير أن يكون هناك سبب قانوني يبرر الإثراء والافتقار يلتزم أن يرد إلى المفتقر ما لحقه من خسارة، أي في حدود ما أثري به أي بشرط ألا يجاوز ذلك مقدار إثرائه، أي ما زاد من ماله بسبب افتقار الغير.
وقد اعتبره أيضا بعض الفقهاء بأنه إغناء للمدين عن طريق دخـول قيمـة مـا يثـرى بـه فـي ذمته المالية، ويعني زيادة في الجانب الإيجابي للذمة المالية، بغض النظر أكانـت هـذه الزيـادة حقيقيـة، وذلك بواسطة إضافة عنصر إيجابي جديـد أو بتحسـين عنصر قائم بها، أو سواء كانت هذه الزيادة حكمية بتفادي النقص في أحد العناصر الإيجابيـة القائمة، وكـذلك فـإن كـل نقـص فـي ناحية الذمة السلبية يُعد إثراء، سواء أكـان ذلـك بقضـاء ديـن قائمـا، أو تفـادي نشـوء ديـن جديد.
ملاحظة :
إذا تحقق الإثراء بلا سبب علي وجود إلتزام في ذمة من جني كسب.وجب تعويض من لحقت به الخسارة ، ووسيلة من لحقت به الخسارة في الحصول علي تعويض دعوى الإثراء بلا سبب.
- تسقط دعوي الإثراء بلا سبب بمرور 10 سنولت حسب المادة 142 من القانون المدني التي تنص علي :
{ تسقط دعوى التعويض عن الاثراء بلا سبب بانقضاء عشر (10) سنوات من اليوم الذي يعلم فيهمن لحقته الخسارة بحقه في التعويض، وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق }.
.
المطلب الثاني : تمييز الإثراء بلا سبب عن بعض المفاهيم المشابهة :
أولا : تمييز الإثراء بلا سبب عن الفضالة :
بعض فقهاء القانون يرون أن الإثراء بلا سبب يُعتبر تطبيقًا من تطبيقات الفضالة، وعدَها فضالة ناقصة، لأن الإثراء يتخلف فيها بقصد التدخل للقيام بأمر عاجـل للغيـر، ولكن هذا التحليل يفتقد للدقة، لأن الإثراء بلا سبب يختلف عن الفضالة في نقطتين هامتين :
الأولى : الفضالة تقوم على معيار ذاتي؛ أي نية الفضولي أن يقوم بأمر عاجـل لحسـاب الغير، بيد أن الإثراء يقوم على معيار مـادي، يتمثـل فـي انعـدام السـبب بـين الإثراء والافتقار، وفي الإثراء لا
يشترط أن يكون لـدى المفتقـر نيـة القيـام بعمـل لحساب شخص آخر.
الثانية : رب العمل في الفضالة يقع عليه التزام برد المصاريف النافعـة التي قام الفضولي بصرفها، حتـى إن لم يترتب على ذلك منفعـة لـرب العمـل، وسبب ذلك أن الفضـالة تقـوم علـى الإيثـار، ولكن الإثراء بلا سبب لا يقوم على الإيثار، ومن ثم لا يرجـع المفتقـر علـى المثري إلا بأقـل القيمتين من قيمة الافتقار وقيمة الإثراء.
ثانيا : تمييز الإثراء بلا سبب عن العمل غير المشروع :
بعض فقهاء القانون اعتبروا الإثراء بلا سـبب تطبيقـًا لقاعـدة العمـل غيـر المشـروع فواقعة الإثراء وإن كانت غير مشـروعة لكن احتفاظ المثري بـالإثراء دون أن يكـون لـه سبب مشروع يعتبر خطأ يستوجب تعويض المفتقر، وذلك مبني على أسـاس المسـؤولية التقصـيرية ، وهذا التحليل يعتريه عيبًا كبيرًا، ذلك أن واقعة الإثراء لا يُمكن اعتبارها بحـد ذاتهـا خطـأ مستوجبًا مسؤولية المثري التقصيرية، إضافة إلى ما تقدم فالمفتقر في الإثراء بـلا سـبب لا يسـتحق التعـويض الكامل الذي من شأنه أن يجبر الضرر الذي لحق به.
ثالثا : تمييز الإثراء بلا سبب عن نظرية تحمل التبعة :
وذهب فقهاء آخرون إلى اعتبار الإثراء بلا سبب هو الوجه المقابل لتحمـل التبعـة، وتلك النظرية توجب على الشخص تحمل عبء الغرم الـذي ترتـب علـى فعلـه، فـي حـين أن الإثراء يجعل الشخص يجني ثمرة الغنم الذي نتج عن فعلـه، وهذا التحليل يُعتبر أيضا غير صحيحا، وسبب ذلك أن المثري غير ملتزم إلا برد أقل القيمتـين مـن قيمـة الإثراء وقيمـة الافتقـار، فـي حـين أن المسؤول عن الضرر وفقا لنظرية تحمل التبعة يقع عليه التزام بتعـويض الضرر بالكامل، وشـرط الافتقار يُعتبر شرطًا هامًا وضروري لقيام الإثراء بلا سـبب، فـي حـين أن شـرط الافتقـار غير ضـروري فـي نظرية تحمل التبعة.
وبالتالي وبناء على ما سبق يُمكن القول بأن الإثراء ما هو إلا عبارة عن كـل منفعـة سـواء أكانـت ماديـة أو أدبية لها قيمة مالية يحصل عليها المثري، إذ شـرط الإثراء جـوهري لنشـوء الالتـزام المثـري، ومن ثم إذا لم يحقق إثراء في ذمة الشخص فلن يلتـزم بالتعويض.
.
المبحث الثاني : اركان الإثراء بلا سبب.
من خلال قراءة المادة 141 من ق م ج يتضح أن للإثراء بلا سبب ثلاثة أركان أولها هو إثراء المدين ، الثاني هو افتقار الدائن ، أما الركن الثالث فهو انعدام السبب القانوني لإثراء المدين .
المطلب الأول : إثراء المدين.
إن مصدر التزام المدين هو الإثراء الذي حققه على حساب الشخص الآخر دون أن يكون له سبب قانوني يستند إليه ، ومن ثمة فإن إثراء المدين يعتبر ركنا من أركان الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الإلتزام ويترتب على عدم وجوده تخلف قيام الإلتزام في ذمة المدين ، والإثراء عبارة عن منفعة مادية أو أدبية لها قيمة مالية يحصل عليها المثرى أي المدين .
والإثراء قد يكون إيجابيا وذلك بإضافة قيمة مالية عن طريق اكتساب المدين حقا عينيا أو حقا شخصيا ؛ كأن يحصل شخص على مياه أو على نور بواسطة أنابيب خفية .
أو كأن يقوم الراسي عليه المزاد بتحسينات في العين التي رسا مزادها عليه ثم تنزع من يده وكذلك كأن يقوم المستأجر ببعض التحسينات في العين المؤجرة قبل فسخ عقد إيجاره .
والإثراء الإيجابي قد يتحقق لا عن طريق إضافة قيمة مالية لذمة المدين وإنما عن طريق تحقيق منفعة ، كما لو انتفع شخص بدار دون عقد إيجار أو إذا انتفع أحد الأشخاص بتصميم هندسي صممه أحد المهندسين .
ولكن يجوز أن يكون الإثراء سلبيا وذلك عن طريق إنقاص من ديون المدين كأن يقوم مستأجر بترميم الدار التي يسكنها على الرغم من أن هذا الترميم واجب على المؤجر .
وفي الأصل يجب أن الإثراء ماديا ولكن يجوز أن يكون الإثراء معنويا مادام يمكن تقديره بالمال ؛ كما لو علم أحد المدرسين تلميذا بصفة خاصة أو عالج طبيبا مريضا .
والإثراء يجب أن يكون مباشرا وذلك بانتقال هذا وذلك بانتقال هذا الإثراء من ذمة المفتقر إلى ذمة المثرى ويتم ذلك إما بفعل المفتقر كما لو قام المستأجر بالترميمات الواجبة على المؤجر وإما بفعل المترى كما لو انتفع شخص بمنزل دون عقد ايجار .
ولكن يجوز أن يكون الإثراء غير مباشر ويتم ذلك نتيجة تدخل شخص أجنبي بنقل الإثراء من ذمة المفتقر إلى ذمة المثرى كأن يبني مقاولا منزلا بأدوات مملوكة لشخص آخر .
.
المطلب الثاني : إفتقار الدائن.
يعتبر الركن الثاني للإثراء بلا سبب باعتباره سبب اغتناء وإثراء المدين ، وهذا يعني أنه لكي يتحقق الإثراء بلا سبب كمصدر من مصادر الإلتزام يجب أن تكون هناك علاقة بين إثراء المدين وافتقار الدائن ، وهذه العلاقة تسمى علاقة السببية ، فلو أن شخصا حصل على إثراء لم يقابله افتقار في جانب شخص آخر يؤدي ذلك إلى انعدام الإثراء بلا سبب وبالتالي انعدام الالتزام في ذمة المثرى المدين .
.
المطلب الثالث : انعدام السبب القانوني لإثراء المدين.
يعتبر انعدام السبب لإثراء المدين الركن الثالث لإثراء المدين ، فلو كان الإثراء يستند إلى سبب قانوني فإن للشخص المثرى الحق في الاحتفاظ بثرائه وهذا هو ما عبرت عنه المادة 141 ق م ج بعبارة ليس لها ما يبررها .
وسبب افتقار المدين قد يكون تصرفا قانونيا أو حكم القانون ؛ فإذا كان بين المثرى والمفتقر عقد من العقود كأن يكون يشترط المؤجر على المستأجر تملك التحسينات التي يقوم بها المستأجر عند نهاية عقد الإيجار ، و أو إذا أمن شخص عن منزله من الحريق ثم احترق هذا المنزل فليس لشركة التأمين أن تعود على صاحب المنزل بالفرق بين قيمة الدار قبل انهياره بفعل الحريق وبعد إقامته لأن إثراء صاحب الدار سببه عقد التأمين ولم يثر بدون سبب .
وقد يكون سبب الإثراء حكم القانون كأن يحصل عن تعويض عن ضرر أصابه من جراء العمل غير المشروع الذي قام به أحد الأشخاص في حقه فإن الشخص الأخير لا يجوز مطالبته برد العين بعد اكتمال مدة التقادم على أساس أن ملكية المالك الجديدة سببها حكم القانون .
.
المبحث الثالث : أحكام الإثراء بلا سبب.
تقضي المادة 141 ق م ج على أن المثرى يلتزم بتعويض المفتقر ، وهذا التعويض في الغالب يحصل عليه المفتقر عن طريق الدعوى ، ومنه فإن الحديث عن أحكام الإثراء بلا سبب يقتضي التطرق إلى دعوى الإثراء ثم عن التعويض .
المطلب الأول : دعوي الاثراء.
يعتبر المشرع الجزائري دعوى الإثراء بلا سبب دعوى أصلية وليست احتياطية ، ونذكر هنا بالركن الثالث من أركان الإثراء بلا سبب وهو إنعدام السبب القانوني للإثراء ، وإذا ما انعدم هذا السبب فلا يكون أمام المفتقر أي الدائن إلا المطالبة بحقه في التعويض عما أصابه من افتقار ولا يكون ذلك إلا عن طريق الدعوى .
والمدعي في دعوى الإثراء هو الوحيد الذي يجوز له المطالبة بحقه في التعويض عن ما أصابه من افتقار ، ويجوز أن يقوم مقامه الخلف العام والخلف الخاص عن طريق حوالة الحق ، ولا تشترط الأهلية بالمدعي فيمكن أن يكون شخصا غير مميزا أو سفيه عن طريق النيابة .
أما المدعى عليه فهو الشخص الذي حقق إثراءا على حساب المفتقر بدون سبب قانوني وهو المسؤول عن دفع التعويض ويجوز أن يقوم مقامه الخلف العام والخلف الخاص ، كما لا يشترط فيه هو الآخر الأهلية لأنها لا تقوم على أساس الخطأ وإنما على أساس واقعة الإثراء .وفي حالة تعدد المدعى عليهم فإن المفتقر يجوز له الرجوع عليهم كلهم في حدود نصيب كل واحد في التعويض وليس على أساس التضامن ، والسبب في ذلك أن التضامن لا يفترض و إنما يكون بناءا على نص القانون .
تتقادم دعوى الإثراء بمرور عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض وإذا لم يعلم بذلك فإن الدعوى تسقط بمضي خمسة عشره سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق وهو ما قررته المادة 142 ق م ج .
.
المطلب الثاني : التعويض عن الإثراء.
ينشأ حق المفتقر بالتعويض عن واقعة الإثراء التي ترتب عليها الافتقار ، وهذا الحق ينشأ من وقت تحقق الإثراء ، وبالتالي فإن حكم القاضي بالتعويض ليس حكما منشئا وإنما حكما مقررا للحق .
أما بالنسبة لقيمة التعويض الذي يستحقه المفتقر فهو أنه يتوجب بأقل القيمتين قيمة الافتقار وقيمة الإثراء ، وهذا معناه أنه لا يجوز أن يزيد التعويض عن قيمة الخسارة التي لحقت بالمفتقر حتى ولو كان الإثراء الذي حققه المدين أكثر بكثير من الخسارة التي لحقت المفتقرلأننا لو قلنا بعكس ذلك فهذا يعني بأن المفتقر سوف يثرى على حساب الشخص المثرى .
ويجوز أن يكون الإثراء سلبيا كما لو دفع أحد الأشخاص دينا عن شخص آخر أو أتلف أغراضا له في سبيل إطفاء حريق منزل لجاره فإن الإثراء ههنا يقدر بقيمة النقص الذي حصل في ديون المثرى ، وتقدر قيمته وقت حصوله لا وقت رفع الدعوى أو صدور الحكم .
الخاتمة :
نستنتج أن الإثراء بلا سبب هو حصول أي شخص ولو كان غير مميز على كسب بلا سبب مشروع على حساب شخص آخر.
لذا يلتزم، في حدود ما كسبه تعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب، ويبقى هذا الالتزام قائما ولو زال كسبه فيما بعد.
وعلى هذا، فالإثراء بلا سبب يعدُّ واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر الالتزام، وهو من مصادره الأولى التي ظهرت في فجر التاريخ.
في الشريعة الإسلامية، يقول بعض الفقهاء إن الشريعة لم تعتد بهذه القاعدة إلا في حدود ضيقة، ويرى آخرون بأن الكسب بدون سبب تعرفه الشريعة الإسلامية مبدأ عاماً وقاعدة كلية، فهي تقضي بأنه لا ضرر ولا ضرار والغنم بالغرم .
ويذكر الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين الآية [ولا تأكلوا أموالَكُم بَيْنَكُم بالباطِلِ].
وجاء في خطبة الرسول (ص) يوم النحر قوله على اليد ما أخذت حتى ترده .
.
المراجـع :
1- القوانين :
الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني.
.
2- الكتب :
1- محمد صبري السعدي. النظرية العامة للالتزامات فى القانون المدنى الجزائرى. مصادر الالتزام. الجزء الأول، دار الكتاب الحديث، الجزائر،2003.
2- محمد جلال حمزة. العمل غير المشروع . ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1986
3- يوسف دلاندة القانون المدنى. الطبعة الثانية. دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر 2009 .
4- عمر بن سعيد. الاجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني، دار الهدي ، الجزائر ، 2004 .
5- علي علي سليمان، النظرية العامة للالتزام مصادر الالتزام فى القانون المدنى الجزائرى، الطبعة السابعة، ديوان المطبو عات الجامعية: الجزائر، 2007 .
6- سليمان مرقس، الوافى فى شرح القانون المدنى، الاثراء على حساب الغير، الطبعة الثالثة. الجزء الثالث، دار الكتاب الحديث للتوزيع، القاهرة. 1995 .
7- دريد محمد علي،النظرية العامة للالتزام، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان. 1999.
8- ذهبية حامق، الفضالة في القانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1987.
9- عبودة عبد الله العسكري، منهجية البحث العلمي في العلوم القانونية، ط2، دار النمو، دمشق، 2004 .
10- غناي زكية، منهجية الأعمال الموجهة، ط 3، ديوان المطبوعات الجامعية، 2012 .
11- نادية ابراهيم مصطفى المحروقي، احمد محروس على ناجي، الوجيز في اعداد البحث العلمي القانوني، ط1، مكتبة القانون و الاقتصاد، الرياض،2012.
.
3- محاضرات :
1- علي فيلالي ، محاضرات في القانون المدني ،موجهة لطلبة السنة الثانية حقوق، كلية الحقوق بن عكنون جامعة الجزائر، 2003-2004
1- سقلاب فريدة، محاضرات في منهجية العلوم القانونية، موجهة لطلبة السنة الثانية حقوق، كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2017-2018.
2- بوسعدية رؤوف، محاضرات في منهجية العلوم القانونية، جامعة محمد لمين دباغي، سطيف2، كلية الحقوق، 2016.
3- د. دموش حكيمة، محاضرات في المدخل للعلوم القانونية، جامعة عبد الرحمان ميرة- بجاية، الجزائر السنة الجامعية 2017-2018.