بحث حول التحقيق الابتدائي وفق القانون الجزائري
المبحث الأول ماهية التحقيق الابتدائي
المطلب الأول تعريف التحقيق الابتدائي
المطلب الثاني أهمية التحقيق الابتدائي
المطلب الثالث : خصائص التحقيق الابتدائي
المطلب الرابع : لزوم التحقيق الابتدائي
المبحث الثاني : من له سلطة التحقيق
المطلب الأول : النيابة العامة
المطلب الثاني : قضاة التحقيق
المطلب الثالث : إجراءات التحقيق الابتدائي
خاتمة.
مقدمة :
التحقيق الابتدائي بوصفه عملا إجرائية يضم في ثناياه مجموعة إجراءات متعددة يهدف إلى مواصلة البحث عن الحقيقة في شأن الجريمة الواقعة لكن هذا البحث التحقيقي يخضع لمبادئ وآليات حرص المشرع على تنظيمها حتى يأتي التحقيق الغاية المرجوة منه. وهكذا فللتحقيق الابتدائي مقصود ينبغي تحديده والكشف عنه، وله مجموعة مبادئ تهيمن عليه وتضبط سير حركته
إن تطور الجماعات السياسية أصبحت وظيفة الدولة محصورة في الأمن الخارجي الدفاع و الأمن الداخلي الشرطة- و إقامة العدل بين الناس القضاء فأخذت الدولة على عاتقها كفالة حق التقاضي للأفراد و إقامة مرفق القضاء لتحقيق العدالة بين المواطنين فأصبح للسلطات و للقضاة حق تعقب الجاني و ملاحقته بمجرد وقوع الجريمة حتى و لو لم يقم المجني عليه بإبلاغ السلطات أو القضاء على الجريمة فتكون هناك إجراءات يقوم بها القضاء لتعقب الجاني و إقامة الأدلة و من ثم تقديمها للمحكمة و هي مرحلة التنقيب و التحري أي ما يعرف بالتحقيق الابتدائي عرف هذا النظام في مرحلة لاحقة فهو أحدث من النظام الإتهامي .
فما هو مفهوم التحقيق الابتدائي و من لهم سلطة التحقيق ؟
المبحث الأول : ماهية التحقيق الابتدائي
المطلب الأول : تعريف التحقيق الابتدائي :
يعرف التحقيق الابتدائي بأنه اجراءات مخولة لسلطة التحقيق الغرض منها التنقيب عن ادلة الجريمة، ومواجهتها لفاعلها، وهو إجراء اعدادي، وتمهيدي لتقدير مدى كفايتها لاحالة المتهم الى المحاكمة.
ويجري التحقيق الابتدائي أما بناءً على طلب الادعاء العام أو بناء على شكوى ولجهة التحقيق القيام بكل الاجراءات الضرورية التي توصل الى الحقيقة. كما يعرف بانه :مجموعة اجراءات نص عليها القانون الجنائي، تتضمن تثبيت الوقائع التي كونت الجريمة، من اجل جمع وترجيح الأدلة لادانة شخص معين تمهيداً لاحالته الى المحكمة المختصة.
وقد عرف أيضاً بانه : اجراءات محددة غير اجراءات الاستدلال تقوم بها سلطة التحقيق بهدف تثبيت الادلة القائمة ونسبة الجريمة الى متهم، لغرض عرضها على المحكمة بأساس واقعي وقانوني واضح، وهي اولى مراحل الخصومه الجزائية وهي عمل قضائي، تباشره السلطة المختصة وبه يتم تحريك ومباشرة الدعوى الجزائية.
وهناك من عرف التحقيق بأنه الوسائل التي يستعين بها المحقق لاستجلاء الغموض الذي اكتنف، وقوع الجريمة، من حيث مرتكبها وظروف إرتكابها، والمساهمين فيها، لغرض جمع الادلة التي لامناص منها في سبيل المحاكمة.
ويمكن القول عموماً ان الفقه قد تبنى معايير متعددة لتعريف التحقيق. فقــد عرف بانه مجموعة الاجراءات القضائيـة التــي تمارسهــا سلطـة التـحقيـق بالشكل المحدد قانوناً بغية التنقيب عن الادلـة في شأن جريمة رتكبت وجمعها وتقديرهـا لتحـديـد مـدى كفايتها لاحالة المتهم الـى المحاكمه، أو الأمر بألاّ وجه لاقامة الدعوى. وفي ضوء ما تقدم يمكن تعريف التحقيق الابتدائي، بأنه مجموعة الاجراءات التي تجريها سلطة التحقيق المختصة من اجل جمع الادلة التي من شأنها التوصل الى كشف الجريمة ومرتكبها وظروفها، عند توافر الادلة الكافية للاحالة الى المحكمة المختصة .
- مجموعة الإجراءات المتعلقة بالدعوى العمومية التي تقوم بها سلطة التحقيق وهو بهذا التعريف يختلف عن إجراءات التحقيق الأولى أي جمع الاستدلالات التي تسبقه ويقوم بها مأمورو الضبط القضائي على اختلاف فئاتهم . وهو في نفس الوقت يختلف عن إجراءات التحقيق النهائي التي تلحقه وتجريها المحاكم التي تحال إليها الدعوى الجنائية على اختلاف أنواعها ويجري التحقيق الابتدائي غالبا في المرحلة التي يكون وسطا بين جمع الاستدلالات والمحاكمة .
المطلب الثاني : أهمية التحقيق الابتدائي :
يتضمن كافة الإجراءات التي تتخذ في الدعوى العمومية من إثبات أقوال المبلغ . المجني عليه ، شهود الإثبات والمعاينة والتفتيش واستجواب المتهم وما يتخذ قبله من إجراءات الإحضار ، أو القبض . الحبس الاحتياطي ، وسؤال شهود النفي إن وجدوا .
ومن ناحية أخرى تظهر أهمية التحقيق الابتدائي في :
- استقلال السلطة القائمة به وفي حيادها أي عنايتها بفحص أدلة نفي الاتهام بنفس الفعالية التي تفحص بها أدلة إثبات التهمة في كفالة حق الدفاع للمتهمين
- إفساح المجال لأهل الخبرة لإبداء آرائهم الفنية بما يوجبه الشرف ، الضمير وفي إمكان الرجوع إلى ذلك التحقيق في أي وقت لضمان حسن سير العدالة
- أيضا تبرز أهميته إذا ما قارناه بإجراءات جمع الاستدلالات التي لا تتوافر فيها الضمانات التي تتوافر في التحقيق وخصوصا من حيث تحريره بمعرفة كاتب مختص ، و تحليف اليمين القانونية للشهود . والأهم من ذلك استجواب المتهم الذي لا يتم في محاضر جمع الاستدلال ، ونفس الشيء إذا ما قارناه بالتحقيق النهائي الذي تكون إجراءاته شفوية وعاجلة ولا يتم فيها استجواب المتهم أيضا و انه مقتصر على مرحلة التحقيق الابتدائي في كثير من التشريعات ولكنه جائز في التشريع الجزائري (المادة 302 ،قانون الإجراءات الجزائية) كما ان التحقيق النهائي قد تتأثر المحكمة بدفاع بليغ من محام قدير أو من دفاع المتهم عن نفسه بنفسه فيبدو مغلوبا على أمره ، مظلوما في كل ما نسب إليه .
المطلب الثالث : خصائص التحقيق الابتدائي :
1- تدوين التحقيق :
يجري التحقيق كتابة فتثبت فيه كافة الإجراءات التي اتخذت في الدعوى بمعرفة سلطة التحقيق على الوجه السابق الذكر . فهو أمر لازم إذ لا يمكن الاعتماد على ذاكرة المحقق لأنها لا بد أن تخونه وخصوصا بعد مرور فترة من الزمن كما أن حياة المحقق من أمر ربه وقد لا تمتد حتى يفصل في الدعوى. ويلزم أن يجري تحرير محضر التحقيق بمعرفة كاتب مختص تحت إشراف المحقق. ويوقع الكاتب مع المحقق على جميع أوراق التحقيق ويكون مسؤولا عن ترتيب تلك الأوراق . ولا يجوز أن يكتب المحقق المحضر بخط يده إذ أن التحقيق يكون باطلا بطلان جزئي فيما يتعلق بالإجراء الذي لم يثبته الكاتب بخطه وبذلك يختلف محضر التحقيق عن محضر جمع الاستدلالات الذي يحرره بحسب الأصل مأمور الضبط القضائي بنفسه. وما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن أن الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق كأمر الإحضار أمر القبض و أمر تفتيش الشخص أو المسكن .
2- التحقيق سري :
تعتبر إجراءات التحقيق وكذلك النتائج التي تسفر عنها من الأسرار بمعنى أن إجراء التفتيش في مسكن المتهم وضبط أوراق أو أشياء فيه كلاهما يعتبران من أسرار التي يجب عدم إفشائها لذلك لا يسمح عادة لأحد من الأشخاص أو الناس بارتياد مكان التحقيق أو البقاء فيه بغير مقتضى . وكذلك يجب على قضاة التحقيق. أعضاء النيابة العامة وكتاب التحقيق والخبراء ومأموري الضبط القضائي وغيرهم ممن يحضرون إجراءات التحقيق أو يتصلون بها بحكم وظائفهم يجب عليهم جميعا عدم إفشاء أي سر من أسرار تلك الإجراءات أو نتائجها ( المادة 85.301.46) من قانون العقوبات .
3-التحقيق علني بالنسبة للخصوم :
الأصل يكون علني بالنسبة للخصوم فيحضره من يشاء منهم مع اصطحاب محامي في حضور كافة اجراءات التحقيق . ويقصد بالخصوم في الدعوى العمومية : المجني عليه. المتهم. المدعي بالحق المدني و المسؤول عنه و النيابة العامة ولذا جرى العمل على إحضار الخصوم بمعرفة قاضي التحقيق عن الأوقات التي يحددها للقيام بإجراء المعاينة أو استجواب المتهم و ما إلى ذلك من إجراءات هامة كما أنه لا بد أن يؤدي الشهود شهادتهم أمام قاضي التحقيق فرادى أي واحد تلو الآخر في غيبة المتهم ( المادة 90) من ( ق .إ. ج ) .
المطلب الرابع : لزوم التحقيق الابتدائي
تتجه غالبية التشريعات إلى وجوب الأخذ بنظام التحقيق الابتدائي في كل دعوى عمومية مخالفة كانت أو جناية أو جنحة ، والتي تتشعب فيها إجراءات التحقيق والتي تحتاج إلى وقت طويل في جمع الأدلة وتمحيصها والتثبت من وقوع الجريمة بوصفها القانوني وإسنادها إلى شخص أو أشخاص معينين ، وغالبا ينقضي فيها وقت طويل نسبيا بين تاريخ وقوع تلك الجرائم من جهة وتاريخ نظرها أمام المحاكم المختصة من جهة أخرى ، وحتى لا يطرح على القضاء غير التهم المرتكزة على أسس من الوقائع والقانون معا .
الجرائم التي يكون فيها التحقيق الابتدائي لازما :
في التشريع الجزائري نجد لزوم التحقيق الابتدائي في الجنايات وينص على جوازه في الجنح التي تكون لها أهمية خاصة ومعناه أن سلطة الإتهام تكون بالخيار . فتحيل ما تراه هاما إلى التحقيق الإبتدائي قبل عرضه على المحكمة المختصة أما في باقي الدعاوى في الجنح فتحيلها مباشرة إلى المحكمة مكتفية بمحاضر مأموري الضبط القضائي و التي نصت عليها المادة 66 ( إ.ج) على أن يكون التحقيق الابتدائي وجوبي في مواد الجنايات و أن يكون اختياري في الجنح و جوازي في المخالفات إذا طلبه وكيل الجمهورية ( المادة 63.إ.ج) .
المبحث الثاني : من له السلطة التحقيق :
المحقق يهتم بإثبات وقوع الجريمة وإسنادها لشخص معين بما يطابق القانون و الواقع وفي نفس الوقت يهتم المحقق ذاته بتحقيق دفاع المشبه فيه لأبعاد التهمة أو درء الشبه عن نفسه. وغالبية التشريعات الجزائية توكل للنيابة العامة سلطة التحقيق إلى جانب سلطتها الأصلية في الاتهام بينما تذهب بعض التشريعات إلى تطبيق نظام قاضي التحقيق فيجعل الإتهام وحده من إختصاص النيابة و التحقيق من إختصاص قضاة التحقيق و لأن النيابة تعتبر خصما في الدعوى فلا يجعل أن تندمج في يدها سلطة التحقيق وسلطة الإتهام . و الملاحظ أن التشريع الجزائري ينص أحيانا على منح بعض اختصاصات من إجراءات التحقيق لرجال النيابة العامة . ومن ذلك يتبين أن نظام الفصل بين سلطتي الإتهام و التحقيق ليس مطلقا كما أن نظام إدماج السلطتين ليس على إطلاقه أيضا. إذن التحقيق الإبتدائي مقتصر على قضاة التحقيق بحسب الأصل فنجد أن المشرع نص على حق النيابة العامة أن تطلب من قضاة التحقيق فتح التحقيق كما أجاز للنيابة حق تنحية هؤلاء القضاة عن التحقيق في بعض الحالات بحيث لا يباشر قاضي التحقيق عمله إلا إذا طلبت النيابة منه ذلك فخول لرجال النيابة حق مد حجز المشتبه فيهم 48 ساعة وحق إصدار أوامر الإحضار أوامر القبض استجواب المتهم وإحالته إلى المحكمة المختصة .
المطلب الأول : النيابة العامة :
منظمة إجرائية قد يكون تعريفا جامعا ولكنه ليس مانعا بمعنى أنها ليست وحدها التي تقوم بالإجراءات حتى نطلق عليها صفة الإجرائية ذلك لأن مأموري الضبط القضائي قضاة التحقيق و المحاكم على إختلاف أنواعها تقوم بإجراءات قضائية متعلقة بالدعوى العمومية و مرتبطة بها . و لعل الصحيح أنها هيئة عامة تختص بممارسة حق الاتهام نيابة عن المجتمع فهي سلطة الاتهام إذن فهي التسمية الأكثر إنطباقا عليها في الدول التي تقتصر إختصاصاتها على الإتهام دون تحقيق .
الفرع الأول : نظام النيابة العامة
أ) التشكيل :
معرفة شكل الجهاز التنظيمي لهذه البيئة ومعرفة كيفية تكوينها من الناحية الهيكلية وبيان درجة أعضائها وصلتهم ببعضهم .
1- النائب العام لدى المجلس الأعلى : يتمثل النيابة أمام أكبر هيئة قضائية في الدولة ويساعده بعض من أعضاء النيابة من مختلف الدرجات .
2- النواب العامون لدى المجالس القضائية
3- النواب العامون المساعدون درجة أولى
4- المساعد و النائب العام الأول (وكلاء النيابةالعامة)
5- (مساعد ونائب عام ( تمثيل النيابة أمام المحكمة ) .
6- المساعدون ب) الخصائص :
1- التبعية التدرجية :
أن تكون للرئيس على المرؤوس سلطة كافية في الإشراف و الرقابة عليه من الناحتين الإدارية و الفنية معا.
2-عدم القابلية للتجزئة :
أعضاءها يعتبرون وحدة واحدة لا تتجزأ أي أنه يمكن أن يحل أي عضو من الأعضاء محل الآخر في تمثيل النيابة في أي حالة كانت عليها الدعوى بشرط أن يكون هو أيضا مختصا شخصيا ونوعيا وزمانيا ومكانيا . وهي تختلف عن قاضي الحكم .
3-استقلال النيابة :
عن قضاة الحكم يعني أنها تتمتع بحرية التصرف في رفع الدعوى ومباشرتها وتقديم ما يعين لها من الطلبات فلا يملك القاضي أن يصدر أمرا لممثل النيابة بالتنازل عن الدعوى العمومية .
4-عدم مسؤولية النيابة :
القاعدة أنهم لا يسألون عن تصرفاتهم في الدعوى العمومية وتفسير ذلك إذا قضى للمتهم له بالبراءة في دعوى جنائية لا يجوز له أن يرجع على النيابة كفرد أو كهيئة للمطالبة بالتعويضات . ولكن دون وقوع غش تدليس عذر أو خطأ مهني جسيم فتجوز مقاضاته ومخاصمته .
5-عدم قابلية أعضاء النيابة للرد أساس المبدأ هي أن النيابة :
هي خصم و لا يجوز للخصم أن يرد خصمه .
الفرع الثاني : إختصاصات النيابة العامة
في التحقيق الابتدائي المشروع الجزائري قد اختار نظام الفصل بين سلطتي الاتهام و التحقيق فخص قضاة التحقيق بمباشرة التحقيق الابتدائي وقصر الاتهام على قضاة النيابة العامة ولكنه خصهم على سبيل الاستثناء وفي نطاق ضيق ببعض إجراءات التحقيق فهي تنحصر في :
- حق النيابة في إصدار طلبات افتتاحية لإجراء التحقيق أي توجيه طلبات منها إلى قضاة التحقيق لكي يباشروا سلطتهم في ممارسة إجراءات التحقيق الإبتدائي .
- إصدار ها طلبات لاتخاذ إجراءات معينة في التحقيق
- حق وكيل الجهورية في تنحية قاضي التحقيق بناء على طلب الخصوم في الدعوى
- تخويل حق وكيل الجمهورية في إصدار أمر إحضار المتهم أو بإيداعه الحبس الاحتياطي وإحالته للمحكمة محبوسا .
المطلب الثاني : قضاة التحقيق :
هم أصحاب الاختصاص الأصيل في التحقيق الابتدائي وممارسة كافة إجراءاته وقد عرفنا بعض اختصاصات قاضي التحقيق في البحث السابق العرض وعن اتصاله بالتحقيق عندما تطلب النيابة منه إجراء تحقيق افتتاحي وعن إمكان تنحيته عن التحقيق بمعرفة النيابة .
يعين قضاة التحقيق بموجب القانون الصادر في01-08 بمرسوم رئاسي لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد و تنتهي مهامه و يعفى بمرسوم رئاسي أيضا حسب المادة 39 قانون إجراءات جزائية،بينما كان قبل هذا التعديل يعين بقرار من وزير العدل.
فقاضي التحقيق هو ضمن الهيئة القضائية،يناط به إجراءات البحث و التحري فهو من قضاة الحكم،بمعنى انه قد يقوم زيادة على التحقيق بوظائف قاضي الحكم عند الضرورة،إلا انه لا يجوز له أن يحكم في قضية قام بالتحقيق فيها حسب المادة 38 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على :
"يناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث و التحري و لا يجوز له أن يشترك في الحكم في قضايا نظرها بصفته قاضيا للتحقيق و إلا كان ذلك الحكم باطلا..."
المطلب الثالث : إجراءات التحقيق الإبتدائي :
1-سماع الشهود :
لقاضي التحقيق أن يستدعي أمامه كل شخص يرى فائدة من سماع شهادته في الدعوى ويتعين على كل من يستدعي أن يحضر ويؤدي اليمين القانونية ويدلي بشهادته أمامه وقبل ذلك لا بد من ذكر الاسم اللقب العمر الحالة المهنية محل السكن وما إذا كانت له صلة قرابة أو نسب بأحد الخصوم أو صلة عمل و ما إذا كان فاقد الأهلية أو محروم من حقوقه الوطنية . كما يجوز للقاضي مناقشة الشاهد ومواجهته بشهود آخرين كما له أن يكلف الشهود بإعادة تمثيل الجريمة كما وقعت .
2- الانتقال للمعاينة و التفتيش :
يجوز للقاضي التحقيق أن ينتقل إلى الأماكن وقوع الجرائم و القيام بالتفتيش ويستعين في الانتقال والمعاينة بكاتب التحقيق فيحضر القاضي وكيل الجمهورية بانتقاله للقيام بهذه الإجراءات . فإذا حصل التفتيش في منزل المتهم فإن قاضي التحقيق ملزم بأحكام المادة 64 ( ق .إ. ج) مع تطبيقها فضل عن أحكام 44-47، و القائمة بإجرائه في غير حالات التلبس .
3- ضبط الأشياء و التصرف فيها :
الهدف من التفتيش هو البحث عن أدلة للتحقيق يحتمل وجودها في مسكن أو أي مكان آخر يخص المتهم . فإذا ضبطت أشياء وجب عليه تحريزها على الوجه السابق الذكر أما إذا كانت نقودا فهي تودع بخزينة للدولة أو الاحتفاظ بها عينا .
4- الاستعانة بالخبراء :
مثلا للتأكيد من صحة اليمين القانونية للشهود
5- استجواب المتهم ومواجهته :
وهي أخطر مرحلة فهي مناقشة المتهم تفصيليا في التهمة الموجهة إليه ومواجهة بالأدلة المنسوبة إليه و القائمة ضده . فالمواجهة تكون إزاء متهم آخر أو شاهد أو عدة شهود فهي تدفع أحيانا المتهم إلى تقرير ما ليس في صالحه وتمكن من الاعتراف بارتكاب الجريمة فهو دليل هام ويعتبر سيد الأدلة في بعض التشريعات ويقوم بهذه الإجراءات قاضي التحقيق بنفسه كقاعدة عامة .
يعتبر الاستجواب من بين أهم الإجراءات التي يباشرها قاضي التحقيق أثناء قيامه بعمله، والغرض منها الوقوف على حقيقة التهمة الموجهة للمتهم باعترافه عن نفسه أو بإنكارها، ويتميز الاستجواب بالطابع المزدوج فهو إجراء من الإجراءات التحقيق ومن ناحية أخرى هو إجراء من إجراء ات الدفاع .
والاستجواب إجراء خطير، إذ ينطوي في حد ذاته على التأثير على إرادة المتهم وعلى حريته في الدفاع عن نفسه، وهو ما يؤدي إلى تضييق الخناق عليه، وقد يرافق هذا الاستجواب استخدام وسائل الإكراه المختلفة للحصول على اعتراف غير مطابق للحقيقة ومضلل للعدالة، لذلك أوجبت مختلف التشريعات أن يقترن هذا الإجراء بتوفير أقصى حد ممكن من الضمانات للمحافظة على مصالح الأفراد ومصلحة المجتمع، وفي حالة تجاوزها يترتب البطلان كجزاء على مخالفتها بغية التوفيق بين مصلحة الدولة في العقاب ومصلحة الخصوم في الدفاع عن أنفسهم أمام التهمة الموجهة إليهم.
الإجراءات الاحتياطية :
1- أوامر الإحضار القبض. الإيداع بالسجن
2- الحبس الاحتياطي ( إجراء استثنائي لا يدوم أكثر من 20 يوم)
3- الإفراج مؤقت.
خاتمة :
يتضح لنا مما تقدم أن للتحقيق الإبتدائي أهمية كبرى لما له علاقة بمصير المتهم و التحقيق الابتدائي تقوم به حسب الأصل الهيئة القضائية فهو إجراء أو مجموعة من الإجراءات المتعلقة بالدعوى العمومية التي تقوم بها سلطة التحقيق و إن كان في بعض الحالات الاستثنائية كالتلبس ، الندب القضائي ، فيقوم بإجراءاته رجال أو أعوان الشرطة القضائية ( المادة 63 من قانون الإجراءات الجزائية ) و هذه المرحلة تأتي بعد جمع الاستدلالات أي مرحلة التحقيق الأول. فالتحقيق الابتدائي يؤدي بأوضاع قانونية معينة و تكفل فيه ضمانات منها ضرورة تواجد كاتب ضبط في التحقيق ،اليمين القانونية، حضور محام مع المتهم للدفاع عنه و غيرها من الإجراءات للتحقيق و التحري لتقديمها للمحكمة لتكملة إجراءات الدعوى العمومية.
-لا بد من الإهتمام بالتحقيق الإبتدائي من خلال الأشخاص الذين لهم علاقة بالتحقيق الإبتدائي ومنها أفراد الشرطة، وكذلك المحقق والمحققين والذين هم تحت إشراف قضاة التحقيق وكذلك لا بد أن يكون افراد الشرطة على مستوى المسؤولية من خلال تدربيهم وتعليمهم كافة المعلومات التي لها علاقة بالتحقيق الإبتدائي وكذلك وكذلك ضباط الشرطة الممتحنين بصفة المحقق والممنوحين صلاحية المحقق وكذلك يجب الاعتناء بالمفوضين وأفراد الشرطة من ذوي الخبرة وكذلك كاتب التحقيق من حيث الخط الجيد والإسلوب والتاكد على التحصيل العلمي ، وأن تكون لديهم معرفة بالقوانين وحقوق الإنسان ومبادئ حقوق الإنسان ومطلع على الدستور أما بالنسبة لقاضي التحقيق، ينبغي أن يكون قاضي التحقيق ملما بالتشريعات و الاجراءات القانونية .
المراجع :
1- أحمد الشافي، البطلان في قانون الإجراءات الجزائية، دار هومة، الجزائر، الطبعة الرابعة 2007.
2- إبراهيم بلعيات ،أوامر التحقيق مع اجتهاد المحكمة العليا، دار الهدى عين مليلة 2004 .
3- محمد حزيط، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، الطبعة الخامسة، دار هومه، الجزائر، 2010.
4- نبيل صقر، البطلان في المواد الجنائية، دار الهلال للخدمات الإعلامية، الجزائر،2003
5- الدكتور إسحاق إبراهيم منصور ،المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات الجزائية ، ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، الطبعة الثانية 1986.
6- أحسن بوسقيعة، التحقيق القضائي، الطبعة السادسة، دار هومه، الجزائر، 2006.
7- محمد محدة، ضمانات المتهم أثناء التحقيق، الطبعة الأولى، دار الهدى، الجزائر،1992.
8- عبد الفتاح بيومي حجازي، أصول التحقيق الجنائي والتأديبي، دار الفكر الجامي، الإسكندرية 2005.
9- عبد الله أوهايبيبة، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، التحري والتحقيق، الطبعة الثالثة، دار هومه، الجزائر،2012.