تارخيا ضمانات المتهم في المجتمع الامازيغي
يعتبر الامازيغ أول سكان الجزائر و نظرا لبساطة التركيبة البشرية لهذا المجتمع حيث شبه نمط حياتهم بعائلة موسعة خالية من التعقيد ، فانه لا يمكن التحدث عن فكرة ضمانات المتهم و مع تطور المجتمع الامازيغي شينا فشيئا في مختلف جوانب الحياة السياسية والإجتماعية و الإقتصادية ، دعت ضرورة الحياة كالشعور بضرورة الأمن والسلامة والطمأنينة إلى وجود نظام قضائي لحل النزاعات .
وما تجدر الإشارة إليه أن النظام القضائي عند الأمازيغ قديما كان موكولا إلى عدة جهات حسب نوع النزاع وحدته، وامتاز ببساطة الإجراءات وشفويتها وعلنيتها وذلك لبساطة الحياة الإجتماعية وانعدام الطبقية ، ولعل هذه الصفة الآخيرة تعد من أهم الضمانات التي يتمتع بها المتهم في تلك الفترة.
وعليه فإن التنظيم القضائي واجراءاته في هذه الحقبة من الزمن كانت بسيطة للغاية، حيث كان رئيس العائلة أو القبيلة هو المكلف بفض النزاعات والخصومات، ووجوده وحده كان كافيا لحل هذه النزاعات، لأن التركيبة الإجتماعية لم تكن معقدة، وعلى هذا الأساس كانت اجراءات التقاضي بسيطة وغير خاضعة لإجراءات معينة.
- إن إحتكاك المجتمع الامازيغي بالفنقيين والقرطاجين جعله يدخل علي نضامه القضائي بعض التعديلات حيث عين اناس مختصين عرفوا بإسم " الأشفاط " مهمتهم تولي أمر القضاء وفض النزاعات، وإذا لم يتمكن هؤلاء من ذلك، آل الأمر لمجلس الجماعة ) كبار القوم في القري الامازغية ( وإذا حصل نزاع بين مجلس الجماعة و الأشفاط نقل الأمرإلى المجلس الأعلى، إلى جانب المدة القانونية البسيطة الممنوحة للقاضي لتولي هذه المهمة وهي مدة سنة .
- أين يلتزم القاضي بعدم الظلم والجور في الحكم خاصة وأنه يعلم بأن حكمه وقضاءه لا يدوم أكثر من تلك المدة.
وما نخلص إليه في هذا العهد أن المجتمع الامازيغي لم يعرف مرحلة التحقيق الإبتداني، بالمعني المعروف حاليا وإئنما كان هناك جهاز قضائي هو المكلف بفض النزاعات والذي امتاز ببعض الخصائص لعلها تعد ضمانات في ذلك العهد وهي مساواة المواطنين فيما بينهم وهو ما يعرف حاليا بمبدأ المساواة .
أي تحقيق العدالة بين المواطنين والمساواة بينهم أ، وحق الشخص في الدفاع عن نفسه وهو ما يعرف حاليا بمبدأ حق الدفاع و، كما أن إجراءات الخصومة في تلك الفترة تميزت بالليونـة والعلنية والشفوية ، وبالتالي فإن ضمانات المتهم في ذلك العهد موجودة، لكنها ليست بالقدر الكافي ولعل هذا يرجع كما سبق القول إلى بساطة التركيبة البشرية وعدم تعقدها.
المراجع :
- الشيخ "مبارك الميلي"، كتاب تاريخ الجزائر في القديم والحديث مكتبة النهضة الجزائرية الجزء الأول -سنة 1963.
- محمد محدة - ضمانات المشتبه فيه وحقوق الدفاع من العهد البربري حتى الإستقلال دار الهدى عين مليلة الجزائر ج الأول- الطبعة الأولى سنة 1991.