حجز ما للمدين لدي الغير
أولا التحليل الشكلي لنص المادة 667 ق إ م إ.
ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 667 ق إ م إ.
أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 667 ق ا م ا : { يجوز لكل دائن بيده سند تنفيذي ، أن يحجز حجزا تنفيذيا ، على ما يكون لمدينه لدى الغير من الأموال المنقولة المادية أو الأسهم أو حصص الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون ، ولو لم يحل أجل استحقاقها ، وذلك بموجب أمر على عريضة من رئيس المحكمة التي توجد فيها الأموال } .
موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 667 ق ا م ا ) في قانون رقم 08 - 09 مؤرّخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
و قد جاء في الكتاب الثالث في التنفيذ الجبري للسندات التنفيذية منه الإلتزامات و العقود ، من الباب الرابع وعنوانه أحكام عامة في التنفيذ الجبري للسندات التنفيذية ، الفصل الثالث وعنوانه في حجز ما للمدين لدي الغير.
البناء المطبعي :
المشرع قد حاول إجمال المعنى في نص المادة 667 ق إ م إ. حيث جعلها تتألف من فقرة واحدة :
تبدأ من : يجوز لكل دائن...... و تنتهي بـ : فيها الأموال.
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت المادة 667 ق إ م إ محملة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع ا حجز ما للمدين لدي الغير و كمثال على ذلك نشير إلى :
" دائن " ، " سند تنفيذي " ، "حجزا تنفيذيا " وغيرها من المصطلحات التي تفيد موضوع حجز ما للمدين لدي الغير .
البناء المنطقي :
جاء البناء المنطقي للمادة 667 ق إ م إ متسلسلا ما أعطى للنص صفة السهولة و الوضوح نلاحظ ان المادة بدأت بعبارة " يجوز لكل دائن " وهنا المشرع يقصد الحق لكل شخص لديه حق لدي شخص آخر أن يقوم بالحجز علي أموال ذلك الشخص المدين و ربطها بحرف عطف "و" في الجزء الثاني من الفقرة ، و ذلك لتوضيح الإجراء القانوني المتبع أمام المحكمة لتوقيع الحجز علي المدين .
- نلاحظ أن المشرع في المادة 667 ق إ م إاتبع أسلوبا شرطيا .
.
ثانيا : التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 667 ق إ م إ يتضح أن المشرع قد بين أن كل شخص لديه حق لدي شخص آخر يمكنه أن يقوم بالحجز علي أموال ذلك الشخص المدين سواءا كانت تلك الأموال منقول أو عقار ، ويتم ذلك وفق إجراءات محددة قانونا ، بيما فيها تقديم طلب إستصدار أمر علي ذيل عريضة إلي رئيس المحكمة لتوقيع الحجز علي أموال المدين.
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة المادة 667 ق إ م إ يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ما هو نضام حجز ما للمدين لدي الغير ؟ و هل يعتبر وسيلة قانونية لضمان حق الدائن إتجاه مدينه ؟
.
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : تعريف و نطاق حجز ماللمدين لدي الغير.
المطلب الأول : تعريف حجز ما للمدين لدى الغير
المطلب الثاني : نطاق حجز ما للمدين لدى الغير.
المبحث الثاني : الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير وشروطه وإجراءات توقيعه.
المطلب الأول : الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير.
المطلب الثاني : شروط حجز ما للمدين لدى الغير من حيث السندات التي يجوز الحجز بموجها ومن حيث الحق الذي يجوز الحجز بموجبه.
المطلب الثالث : إجراءات توقيع حجز ما للمدين لدى الغير
المبحث الثالث : المنازعة في التصريح المعد من طرف المحجوز لديه.
المطلب الأول : من له الحق في المنازعة في التصريح
المطلب الثاني : موضوع دعوى المنازعة
المطلب الثالث : إجراءات دعوى المنازعة في التصريح.
المبحث الرابع : ميعاد رفع دعوى التثبيت والحكم فيها.
المطلب الأول : ميعاد رفع دعوى التثبيت.
المطلب الثاني : الحكم في دعوى التثبيت
المطلب الثالث : تحول حجز ما للمدين لدى الغير إلى حجز تنفيذي.
خاتمة.
.
مقدمة
يعتبر حجز ما للمدين لدى الغير من طرق التنفيذ الغير مباشرة، فهو يهدف إلى حجز مال المدين وتمكين المدين من استيفاء حقه من هذا المال، يستعين بها الدائن في حالة ما اذا كانت أموال مدينه متواجدة لدى الغير سواء اكانت هذه الاموال حقوق دائنية أو منقولات مادية ، وعليه فان حجز ما للمدين لدى الغير ضمانة قانونية تتيح للدائن الحائز بيده على سند تنفيذي أو لديه مسوغات ظاهرة تثبت الدين في ذمة مدينه من ضمان حقه ، عن طريق حبس أموال مدينه الموجودة لدى الغير حبسا مفاجئا تمهيدا لاتخاذ إجراءات التنفيذ عليها لاقتضاء الدائن الحاجز حقه من المال المحجوز او من ثمنه بعد بيعه، متى علم هذا الاخير أن لمدينه أموال مادية أو أسهما أو حصص أرباح في الشركات أو سندات مالية أو حق الدائنية ولو لم يحل أجل استحقاقها مملوكة له و متواجدة في حيازة الغير, فالهدف من هذا الحجز مباغتة المدين دون ادراكه للإجراءات المتخذة ضده و منع الغير من الوفاء بما في يده للمدين او تسليمه محل الحجز خوفا من تصرف فيها مما يؤدي الى الحاق الدائن بأضرار تأدي لفقدان حقوقه . اضافة لذلك يتطلب لتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير منظومة قانونية متماسكة ، وضمانات تسمح بمساهمته في إنجاح عملية التنفيذ, وعليه فأن المشرع قد استحدث في القانون الإجراءات المدنية و الادارية بعض الاحكام في مجال الحجز على أموال المدين في يد الغير، محاولا تفعيل القواعد المطبقة لتحمل فعالية خلال التنفيذ ، لان الدائن بحاجة إلى مزيد من الضمان للحصول على دينه و حماية حقوقه ، و ذلك هو الغرض الذي يهدف اليه قانون الإجراءات إلى تحقيقه.
حيث يتبع هذا الطريق من طرف كل دائن بيده سند تنفيذي، أو له مصوغات ظاهرة تثبت الدين في ذمة المدين، ويقال على هذا النوع من الحجوز، أنه إجراء مباغت للمدين الذي لا يعلم بإجراءاته إلا بعد توقيعها على ماله الموجود لدى الغير.
تتبع في توقيع هذا الحجز مجموعة من الإجراءات تبدأ بتبليغ الغير بالأمر الصادر من طرف القاضي المختص، ليقوم بعد هذا التبليغ، الغير بالتصريح بما لديه من أموال وهو التصريح الذي يقوم على أساسه القاضي باستدعاء كل الأطراف بقصد الأمر بتخصيص المالي الكافي للوفاء بما للدائن في ذمة المدين هذا إذا كان بيد الدائن سند تنفيذي. أما إذا لم يكن بيده سند فإنه يتوجب على الدائن وبعد صدور الأمر بتوقيع الحجز أن يقوم برفع دعوى تثبيت الحجز في الآجال القانونية وإلا اعتبر الحجز في حكم العدم .
وتعتبر الحالة الثانية من حجز ما للمدين لدى الخير، حجز تحفظي الهدف منه المحافظة على مال المدين ومنعه من التصرف فيه إضرارا بدائنه، فهذا الحجز لا أثر له إلا بعد تثبيته وإتباع باقي الإجراءات بشأنه، فهو في بدايته مجرد إجراء تحفظي.
المبحث الأول : تعريف و نطاق حجز ماللمدين لدي الغير
المطلب الأول : تعريف حجز ما للمدين لدى الغير :
هو الحجز الذي يوقعه الدائن على ما يكون لمدينه لدى الغير من الأموال المنقولة المادية أو الأسهم أو حصص الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون ولو لم يحل أجل استحقاقها المادة 667 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بقصد منع الغير الذي توجد تحت يده الأموال ، من الوفاء بها للمدين أو تسليمه ما في حيازته من منقولات وذلك تمهيدا لاقتضاء حق الحاجز من المال المحجوز أو من ثمنه بعد بيعه.
وفقا لهذا التعريف، يتبين أن في حجز ما للمدين لدى الغير يستطيع الدائن اقتضاء حقه من مدينه عن طريق حجز ما لهذا الأخير من أموال منقولة كما عرفتها المادة 667 السالفة الذكر ومنعه من الوفاء له بها باعتبارها ضامنة للدين استنادا إلى القاعدة المنصوص عليها في المادة 188 من القانون المدني التي تجعل كل أموال المدين ضامنة لدينه .
غير أن المشرع إستبعد من هذه الأموال، الأموال العقارية سواء كانت عقارات أصلية أو عقارات بالتخصيص, فحجز ما للمدين من أموال لدى الغير لا يقع إلا على الأموال المنقولة المادية أو الأسهم أو، الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون .
هذا النوع من الأموال أي الأموال العقارية، خصص لها المشرع طرقا خاصة تخضع لشكليات معينة منها وجوب قيدها بالمحافظة العقارية إن كانت مشهرة أو قيدها بأمانة ضبط المحكمة التي تقع في دائرة اختصاصها هذه العقارات وهي إجراءات تتنافى مع طبيعة حجز ما للمدين لدى الغير الذي يقوم على أساس المباغتة وعدم علم المدين بإجراءاته الأولية المتمثلة في صدور الأمر بتوقيعه وبتبليغه إلى الغير الذي توجد تحت يده الأموال محل الحجز إلا بعد صدور هذا الأمر ووقوع هذا التبليغ .
المطلب الثاني : نطاق حجز ما للمدين لدى الغير :
في تحديدنا لنطاق حجز ما للمدين لدى الغير نتناول نطاقه من حيث أشخاصه في فرع أول وفي الفرع الثاني نتناول نطاق حجز ما للمدين لدى الغير من حيث الأموال التي يقع عليها.
الفرع الأول : نطاق حجز ما للمدين لدى الغير من حيث الأشخاص :
في حجز ما للمدين لدى الغير ثلاثة أشخاص، هم الحاجز ( (الدائن) المحجوز عليه (المدين) والمحجوز لديه ( الغير أو مدين المدين ) ويعد هذا الحجز أكثر الحجوز تعقيدا ، لأنه لا يقتصر على وجود علاقة قانونية واحدة بين الدائن ومدينه ولكن توجد وبالإضافة إلى ذلك علاقتان أخريان، علاقة المدين المحجوز عليه بمدينه المحجوز لديه, ثم علاقة الدائن الحاجز بمدين مدينه المراد الحجز تحت يده على منقولات هذا الأخير .
1- الحاجز :
هو الدائن الذي بيده سند من السندات التنفيذية المنصوص عليها في أحكام المادة 600 من قانون الإجراءات المدنية أو الدائن الذي ليس بيده سند تنفيذي ولكن له أمر بالحجز التحفظي على أموال مدينه الموجودة لدى الغير المادة 668 من نفس القانون .
يستطيع دائنوا الدائن الذي يتقاعس عن استعمال حقه في المطالبة بديونه لدى شخص آخر أن يبادروا باستعمال دعوى مدينهم استنادا إلى أحكام المادة 189 من القانون المدني وطلب تقرير الحجز على ما للمدين لدى الغير وهنا يحل دائن المدين في مباشرة إجراءات الحجز ضد الشخص الثالث الذي يعتبر مدينا لمدينه, فهو نائب له وكل ما ينتج عن استعمال هذه الحقوق يدخل ضمن المدين ويكون ضمانا لجميع دائنيه المادة 190 من نفس القانون.
2- المحجوز عليه :
المحجوز عليه هو المدين والطرف السلبي في علاقة المديونية التي تربطه بالدائن الحاجز.
والمدين قد يكون شخصا طبيعيا وقد يكون شخصا معنويا، فهو المالك للمنقول المادي أو الأسهم أو حصص الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون ولو لم يحل أجل استحقاقها والموجودة في حيازة الغير.
يكفي لتوقيع الحجز على أموال المدين الموجودة لدى الغير أن تكون هذه المنقولات المادية كما بينتها المادة 667 المشار إليها لم تزل في ملك المدين المحجوز عليه وقت توقيع حجز ما للمدين لدى الغير ، فإذا لم تكن ضمن ممتلكاته وقت هذا التوقيع أو كانت قد خرجت من ضمن ممتلكاته قبل توقيع الحجز فلا يعد الحجز صحيحا .
تصرف المدين فيما هو تحت يد الغير قبل توقيع الحجز يمنع هذا الحجز باعتباره قد وقع على ملك الغير أي على مال غير مملوك للمدين, فالقاعدة هي أن كل شخص إنما يلتزم فقط في أمواله هو لا في أموال غيره .
غني عن البيان أن التنفيذ كما يجوز أن يتم في مواجهة المدين, فمن الممكن أن يتم في مواجهة الخلف العام أو الخلف الخاص .
إذا توفي المدين قبل مباشرة التنفيذ يجب إبلاغ السند التنفيذي للورثة قبل إبداع عريضة توقيع حجز ما للمدين لدى الغير المادة 617 من نفس القانون أما إذا حدثت الوفاة أثناء مباشرة إجراءات التنفيذ وبعد تقديم عريضة استصدار أمر بتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير ففي هذه الحالة يعتبر الورثة عالمين ولا يتوجب إبلاغهم بل تستمر إجراءات التنفيذ في مواجهتهم المادة 618 من نفس القانون .
3- المحجوز لديه :
الغير هو من له سلطة على الشيء تمنع المحجوز عليه المدين من الاتصال بهذا الشيء إلا عن طريقه كالمستأجر أو المودع لديه كالبنك أو الراهن الحيازي أو المحضر القضائي.
في حجز ما للمدين لدى الغير رسم المشرع إجراءات تختلف عن إجراءات حجز المنقول لدى المدين وذلك حرصا على مصلحة الحاجز الدائن ورعاية لمصلحة الغير المحجوز لديه، فمن مصلحة الحاجز أن يبدأ هذا الحجز بإجراء يوجه مباشرة إلى الغير حتى يفاجئ المدين بحبس المال المحجوز تحت يد المحجوز لديه ، فلا يترك له فرصة استرداده أو تهريبه أو التصرف فيه بأي شكل من الأشكال ، فيكون بذلك الحاجز الدائن قد أوفى بحاجته واقترب من تحقيق غرضه .
من مصلحة المحجوز لديه الغير أن يبدأ هذا الحجز بإعلان يوجه إليه المادة 669 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، ولا يبدأ كما تبدأ إجراءات حجز المنقول لدى المدين والذي ينتقل فيه المحضر القضائي إلى المكان الذي توجد فيه الأشياء المراد حجزها لضبطها بعد معاينتها واتخاذ ما يلزم للمحافظة عليها إلى أن يحل اليوم المعين لبيعها فتبليغ المحجوز لديه بتوقيع الحجز على ما لديه من أموال مملوكة للمدين يجعل هذا الأخير يتجنب من أن يشمل الحجز منقولات مملوكة له وليست مملوكة للمدين .
الفرع الثاني : نطاق حجز ما للمدين لدى الغير من حيث الأموال :
حددت المادة 667 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية نطاق الأموال التي يجوز توقيع حجز ما للمدين لدى الغير عليها بأنها كل الأموال المنقولة المادية أو الأسهم أو حصص الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون حتى ولو لم يحل أجل استحقاقها ، فحجز ما للمدين لدى الغير هو حجز تنفيذي يوقع إما على دين وإما على منقول مادي أما العقارات فلا يجوز الحجز عليها بهذا الطريق. لعدم تصور وجود حاجة لضبط العقار في يد الغير
المبحث الثاني : الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير وشروطه وإجراءات توقيعه
في تحديد الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير ومعرفة شروط هذا النوع من الحجوز أهمية بالغة, تكمن في معرفة النظام القانوني لهذا الحجز وبالتالي معرفة إجراءاته ومدى صحته من الناحية القانونية.
نحاول من خلال دراستنا لهذا المحور معرفة الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير أولا وثانية معرفة شروطه.
المطلب الأول : الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير :
تحديد الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير له أهمية بالغة من الناحية العملية .
من ناحيتين الأولى لمعرفة فيما إذا كان هذا الحجز حجزا تحفظيا أم حجزا تنفيذيا والثانية لمعرفة ما إذا كان هذا النوع من الحجوز بعد صورة لاستعمال حقوق مدينه تطبيقا للمبدأ المنصوص عليه في المادة 189 من القانون المدني.
الفرع الأول : هل حجز ما للمدين حجز تحفظي أم حجزا تنفيذي :
إن الغاية من الحجز التحفظي هو وضع المال تحت تصرف القضاء ومنع المدين من التصرف فيه إضرارا بدائنيه ، ويكفي لتوقيع استصداره أمر على عريضة يصدره القاضي المختص دون حاجة لوجود سند تنفيذي في يد الدائن، أما الحجز التنفيذي فهو هدف بالإضافة إلى المحافظة على ضمان الدائن إلى استيفاء هذا الأخير أي الدائن لدينه من خلال عملية حجز المال وبيعه, لذلك ولخطورة هذا الحجز يستلزم أن يكون مع الدائن سند تنفيذي لكي يستطيع توقيع هذا الحجز. لقد انقسمت أراء الفقه حول الطبيعة القانونية لحجز ما للمدين لدى الغير، فذهب البعض إلى اعتباره حجزا تحفظيا باعتبار أن الهدف منه هو المحافظة على حقوق الدائن من خلال منع الغير من التصرف في أموال المدين المنقولة.
غير أن رأيا آخر اعتبره حجزا تنفيذيا، باعتبار أن الأثر التحفظي على أموال المدين لدى الغير ما هو إلا أثر قانوني وأن الغرض الحقيقي الذي يهدف إلى تحقيقه الدائن من خلال حجز ما للمدين لدى الغير هو الحصول على حقه من خلال الضمان العام المقرر له على أموال المدين لدى الغير لذلك استلزم المشرع ضرورة حصول الدائن على سند تنفيذي المادة 667 من نفس القانون أو له مسوغات ظاهرة عند بدء حجز ما للمدين لدى الغير عن طريق رفع دعوى تثبيت الحجز المادة 668 من نفس القانون .
إلى جانب هذين الرأيين المتناقضين ذهب رأي ثالث إلى القول بأن الطبيعة القانونية لحجز ما للدين لدى الغير هي مختلطة فهو يبدأ كإجراء تحفظي ، ثم ينتهي بتحويله إلى حجز تنفيذي ولقد أخذ المشرع الجزائري بهذا الاتجاه في المادين 667-668 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، فاعتبره سندا تنفيا إذا كان بيد الدائن سندا تنفيذيا واعتبره حجزا تحفظيا إذا لم يكن بيده سند تنفيذي ولكن له مسوغات ظاهرة وأجاز لهذا الأخير أن يضرب حجزا على ما للمدين لدى الغير وعليه في هذه الحالة أن يطالب بتثبيته وهو ما يعني في الحالة الثانية أن هذا الحجز هو في بدايته حجز تحفظي الهدف منه وضع ما للمدين لدى الغير من أموال منصوص على طبيعتها تحت يد القضاء ومنع الغير والمحجوز عليه من التصرف فيها إضرارا بدائنيه وتنفيذيا عند نهايته بحيث يحجز هذا المال ويستحق منه الدائن الحاجز ديونه .
يترتب على هذا الاتجاه أنه لا يسبق توقيع هذا الحجز اتخاذ مقدمات التنفيذ من إعلان السند التنفيذي إلى هذا المدين، وتكليفه بالوفاء كما تنص على ذلك صراحة المادة 612 من نفس القانون .
الفرع الثاني : هل حجز ما للمدين لدى الغير هو صورة لاستعمال الدائن لحقوق مدينه :
ذهب البعض إلى اعتبار حجز ما للمدين لدى الغير صورة لاستعمال الدائن لحقوق مدينه كما تنص على ذلك المادة 189 من القانون المدني المتعلقة بالدعوى غير المباشرة إلا أن الرأي الراجح ، هو أن الدائن بحجزه على أموال مدينه الموجودة لدى الغير لا يقف عند حد استعماله الحقوق مدينه بل يتعدى ذلك ليمنعه هو ومن توجد تحت يده الأموال من التصرف في هذه الأموال عن طريق الوفاء لمدينه بما يطلبه .
المقصود بحجز ما للمدين لدى الغير هو استيفاء الدائن الحاجز مباشرة لدينه من حقوق مدينه الموجودة تحت يد الغير وليس مجرد إدخال هذه الحقوق في ذمة المدين لتكون ضمانا لسائر الدائنين فيستفيد من ذلك الدائن وسائر الدائنين فحق الدائن في حجز ما للمدين لدى الغير هو حق قائم بذاته مستقل عن استعمال حقوق المدين، ويتفرع مباشرة عن حق الضمان العام الذي للدائن على جميع أموال مدينه .
المطلب الثاني : شروط حجز ما للمدين لدى الغير من حيث السندات التي يجوز الحجز بموجها ومن حيث الحق الذي يجوز الحجز بموجبه :
في بحثنا لهذه الشروط نبين في البداية السندات التي يستطيع بمقتضاها الدائن المطالبة بتوقيع حجز لمدينه من أموال لدى الغير، ثم نحاول معرفة الشروط الواجب توافرها في الحق موضوع الحجز.
الفرع الأول : من حيث السندات التي يجوز الحجز بموجبها:
أجازت المادة 667 من قانون الإجراءات المدنية للدائن الذي له سند تنفيذي من بين السندات المبينة على سبيل الحصر في المادة 600 من نفس القانون أن يحجز على أموال مدينه المحددة قانونا والموجودة تحت يد الغير.
إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي ولكن له مسوغات ظاهرة, فإنه يجوز له أن يوقع حجز تحفظي على أموال مدينه المبينة في نص المادة 667 من نفس القانون و الموجودة لدى الغير.
المقصود بالمسوغات الظاهرة هي على سبيل المثال لا الحصر، إقرار بدين مكتوب في شكل عرفي حكم غير مستنفذ لقوته التنفيذية لعدم فوات ميعاد الطعن فيه بالطرق العادية أو لكونه غير مشمول بالنفاذ المعجل, طلب شراء مرفقا بمحضر استلام صادر عن المدين.
الفرع الثاني : من حيث الحق الذي يجوز الحجز بموجبه :
خلافا لتشريعات أخرى لم يبين المشرع الشروط الواجب توافرها في الدين الذي يجيز لصاحبه حجز ما لمدينه من أموال لدى الغير بل فقط حدد وعلى سبيل الحصر الأموال التي يجوز توقيع الحجز من أجلها ، فهذه الأموال يجب أن تكون من المنقولات المادية أو الأسهم أو حصص الأرباح في الشركات أو السندات المالية أو الديون حتى ولو لم يحل أجل استحقاقها المادة 667 المشار إليها .
بتحديده لهذه الأموال يكون المشرع قد أخرج من دائرة الأموال التي يجوز الحجز عليها الأموال العقارية سواء كانت عقارية بطبيعتها أو باعتبارها مخصصة لخدمة العقار وكذلك باقي الأموال الغير قابلة للحجز بطبيعتها والمبينة على سبيل الحصر في المادة 636 من نفس القانون وكذلك الأموال المبينة في القوانين الخاصة .
غير أن الفقه أوجب توافر مجموعة من الشروط في الحق المراد الحجز من أجله وهذه الشروط هي :
1- أن يكون الحق محقق الوجود :
إن وجود سند تنفيذي مع الدائن كما تنص على ذلك المادة 667 المشار إليها يعني ثبوت الدين في ذمة المدين سواء نازع في وجوده أو أقر به، أما في حالة عدم وجود هذا السند ولكن للدائن مسوغات ظاهرة المادة 668 من نفس القانون فإنه يكفي ألا تكون منازعة المدين بشأن الدين جدية .
وتعتبر المنازعة غير جدية إذا كان بيد الدائن دليل ظاهر على قيام حقه في ذمة المدين ويخضع تقدير هذا الدليل لسلطة القاضي الذي يتعين اللجوء إليه لتوقيع الحجز التحفظي .
2- أن يكون الحق حال الأداء :
أجمع الفقه على أنه لا يجوز حجز ما للمدين لدى الغير بسبب دين احتمالي أو مقترن بأي وصف من الأوصاف بل يجب أن يكون هذا الدين مستحق الأداء .
لقد نص على هذا الشرط كل من القانون المصري في المادة 325 فقرة 1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمشرع الفرنسي في المادة 42 من قانون التنفيذ الجديد الصادر بتاريخ 09-07-1991 .
لقد أورد الفقه استثناء على هذا الشرط خاص بحق بائع المنقول في توقيع الحجز على ما يستحق المشتري من ثمن في ذمة مشتري ثان إذا كان الثمن أو جزء منه قد أجل دفعه ثم قام المشتري ببيع المنقول إلى المشتري الثاني حسن النية, ففي هذه الحالة يستطيع البائع الأول الذي لم يستوف حقه أن يحجز تحت يد المشتري الثاني على الثمن المستحق للمشتري الأصلي حتى ولو لم يحق أجل الدين.
3- أن يكون الحق معين المقدار ولو مؤقتا :
عند توقيع حجز ما للمدين لدى الغير أوجب الفقه على أن يكون الدين معين المقدار ولو بصورة تقديرية، سواء من خلال السند التنفيذي الذي يتم الحجز بموجبه أو من خلال المسوغات الظاهرة التي قدمها الدائن الحاجز للقاضي من أجل استصدار الأمر القاضي بتوقيع الحجز التحفظي .
من الأمثلة على ذلك تقديم الدائن الحاجز لسند تنفيذي يلزم المدين المحجوز عليه بدفع مبلغ كتعويض مع تحميله بالمصاريف القضائية دون تحديد لهذه المصاريف أو تقديمه لطلبات شراء مقدمة من المحجوز عليه ومعها محاضر استلام السلع موضوع البيع دون تحديد لثمن هذه السلع .
المطلب الثالث : إجراءات توقيع حجز ما للمدين لدى الغير :
الفرع الأول :عريضة استصدار الأمر القاضي بالحجز :
سواء كان مع الدائن الحاجز سند تنفيذي أو كانت معه مسوغات ظاهرة تثبت وجود الدين في ذمة المدين المحجوز عليه، تبدأ إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير بتقديم عريضة إلى رئيس المحكمة التي يقع في دائرتها مكان تواجد الأموال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 677 من قانون الإجراءات المدنية .
تقدم العريضة من نسختين ويجب أن تكون معللة وتتضمن الإشارة إلى الوثائق المحتج بها .
ويقوم رئيس هذه الجهة بالفصل في هذه العريضة وفقا للإجراءات المنظمة للأوامر على العرائض المنصوص عليها في المادة 310 وما بعدها في أجل أقصاه ثلاثة أيام تسري ابتداء من تاريخ تقديم الطلب .
إذا كان النزاع المتعلق بالدين معروضا على قاضي الموضوع وجب تقديم الطلب إلى هذا القاضي الذي يفصل فيه بأمر. في حالة رفض الطلب يجوز للدائن صاحب الطلب أن يطعن في الأمر الصادر بالرفض عن طريق الاستئناف في أجل أقصاه خمسة عشرة يوما تسري ابتداء من تاريخ صدور الأمر القاضي بالرفض .
الفرع الثاني : التبليغ الرسمي للأمر القاضي بحجز ما للمدين لدى الغير :
لما كان حجز ما للمدين لدى الغير يتميز بتعدد أطرافه، فهو يضم فضلا عن الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه والغير المحجوز لديه فقد راعى المشرع هذا الأخير الذي يفترض أنه أجنبي عن العلاقة القائمة بين الحاجز والمحجوز عليه، فأوجب في المادة 669 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية, تبليغه تبليغا شخصيا إذا كان شخصا طبيعيا أو تبليغا رسميا إلى ممثله القانوني إذا كان شخصا معنويا بالأمر القاضي بتوقيع الحجز وفي كلتا الحالتين يجب تمكين المحجوز لديه الغير بنسخة من الأمر القاضي بالحجز مرفقة بمحضر التبليغ الذي يجب التنويه فيه على هذا التسليم.
بمجرد وقوع هذا التبليغ يقوم المحضر القضائي على الفور بجرد الأموال المراد حجزها وتعيينها تعيينا دقيقا في محجر الحجز والجرد، ثم يقوم بتعيين المحجوز لديه حارسا عليها وعلى ثمارها. غير أن المشرع أجاز للمحجوز لديه الغير أن يسلم الأموال المحجوز عليها إلى المحضر القضائي.
ففي هذه الحالة يجب على المحضر القضائي أن ينص في المحضر المعد من طرفه على هذا التسليم المادة 669 فقرة 2 من نفس القانون. أما إذا كان للمحجوز لديه عدة فروع، فإن الأمر بالحجز لا ينتج أثاره القانونية إلا بالنسبة للفرع الذي عينه الدائن الحاجز وتضمنه الأمر القاضي بالحجز المادة 671 من نفس القانون.
كما يجب تبليغ المحجوز عليه بمحضر الحجز خلال ثمانية أيام التالية لإجراء الحجز مرفقا بنسخة من أمر الحجز مع التنويه على ذلك في محضر التبليغ على هذا التسليم وإلا كان الحجز قابلا للإبطال.
لم يبين المشرع الطرف الذي يحق له التمسك بالبطلان، ومن ثم يرى جانب من الفقه على أنه يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، فللمحجوز عليه أن يتمسك به لأنه هو المقصود بالحجز.
فإجراءاته موجهة بقصد عدم تمكينه من حقه المحجوز، وللمحجوز لديه أن يتمسك أيضا بالبطلان ليصحح ما يكون قد سلمه المحجوز عليه أو وفى به إليه بعد إعلان الحجز وللمحال إليه بالحق المحجوز أن يتمسك بالبطلان ليصحح الحوالة الصادرة له بعد الحجز ولكل حاجز آخر أن يتمسك ببطلان الحجز الأول لكي ينفرد باقتضاء حقه من المال المحجوز.
غير أن جانب آخر من الفقه يرى أن هذا النوع من البطلان لا يجوز أن يتمسك به إلا من طرف من تقرر لمصلحته عملا بالقواعد العامة ولما كان النص على وجوب التبليغ تحت طائلة قابلية البطلان إلى المحجوز عليه المدين في أجل ثمانية أيام التالية لإجراءات الحجز وأن يرفق هذا التبليغ أمر الحجز مع التنويه على ذلك في محضر التبليغ، فإن الذي له الحق في التمسك بهذا البطلان هو فقط المحجوز عليه المدين باعتباره صاحب الصفة والمصلحة الوحيد في التمسك بالبطلان جزاء إغفال إجراءات التبليغ في موعدها أو الخطأ في عدم إرفاق محضر التبليغ بنسخة من الأمر القاضي بالحجز .
الجدير بالذكر أن البطلان المنصوص عليه في المادة 674 من نفس القانون هو بطلان نسبي يزول بعدم التمسك به من طرف صاحب الصفة والمصلحة .
يثار البطلان عن طريق دعوى يقوم برفعها صاحب الصفة والمصلحة أمام المحكمة التي تقع في دائرة اختصاصها الأموال المحجوزة والتي يكون الدائن الحاجز قد اختار موطنا له في دائرة اختصاصها كما تنص على ذلك المادة 674 فقرة 2 من نفس القانون .
إذا كان المحجوز عليه مقيما بالخارج وجب تبليغه بأمر الحجز تبليغا رسميا لشخصه أو بموطنه في الخارج، ويتم هذا التبليغ وفقا للأوضاع المنصوص عليها في قانون البلد الذي يقيم فيه .
الفرع الثالث : التزامات المحجوز لديه :
يرتب تبليغ الأمر بالحجز إلى المحجوز لديه وتسليمه نسخة منه عدة التزامات بينها المشرع في أحكام المواد 672 و 676 وما بعدها من قانون الإجراءات المدنية والإدارية نبينها فيما يلي :
التصريح بما للمدين لدى الغير :
يعتبر التبليغ الرسمي لمحضر الحجز مرفقا بالأمر القاضي بالحجز بمثابة إنذار يتوجب فيه على المحجوز لديه إذا كان شخصا طبيعيا التصريح بما لديه من أموال مملوكة للمدين المحجوز عليه في الأجال المنصوص عليها في المادة 677 من نفس القانون يسلمه إلى المحضر القضائي أو الحاجز الدائن مرفقا بالمستندات المؤيدة لوجود هذه الأموال كما يبين فيه الحجوز الواقعة عن هذه الأموال إن وجدت أما إذا كانت الأموال الموجودة لدى الغير من المنقولات المادية, فإن التصريح المعد من طرف الغير يجب أن يتضمن جردا لهذه الأموال .
أما إذا كانت هذه الأموال دينا من النقود أو مبالغ مالية مودعة لديه فإن التصريح المعد من طرف الغير يجب أن يتضمن مبلغ الدين محله وأسباب انقضائه ورقم الحساب المصرفي .
أما إذا كانت هذه الأموال عبارة عن أسهم أو حصص أرباح أو سندات مالية فإن التصريح المعد من طرف الغير يجب أن يبين قيمتها ومكان إصدارها وتاريخ استحقاقها.
في حالة حدوث وفاة للغير المحجوز لديه أو فقدان الأهليته أو زوال صفته أو صفة من يمثله فإنه يتوجب في هذه الحالة على الحاجز أن يبلغ نسخة من محضر وأمر الحجز إلى ورثة المحجوز لديه أو إلى ممثلهم القانوني أو الاتفاقي ويكلفهم بتقديم التصريح بما في حيازتهم ما لم يكن هذه التصريح قد تم إعداده من طرف السلف، خلال أجل أقصاه عشرة أيام تسري ابتداء من تاريخ وقوع التبليغ الرسمي المادة 678 من نفس القانون.
أما إذا كانت أموال المدين تحت يد الدولة أو إحدى الجماعات الإقليمية أو مؤسسة عمومية أو هيئة عمومية وطنية فإنه يتوجب في هذه الحالة على الهيئات والمؤسسات تمكين الدائن الحاجز أو المحضر القضائي بناء على طلهما شهادة تثبت ما لديها من أموال المادة 676 من نفس القانون.
جزاء الإخلال بواجب التصريح :
لقد أقام المشرع في المادة 679 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية مسئولية المحجوز لديه في حالة عدم قيامه بالتصريح بما لديه في الآجال القانونية أو قدم تصريحا غير حقيقي أو أخفى الأوراق الواجب إيداعها تأييدا للتصريح، فأجاز الحكم عليه بالمبلغ المحجوز من أجله لصالح الدائن الحاجز الذي حصل على سند تنفيذي بالإضافة إلى المصاريف القضائية والتعويضات التي قد يطالب بها الدائن الحاجز نتيجة الأضرار التي أصابته بسبب تقصير المحجوز لديه أو تأخره في تقديم التصريح.
يكون هذا الحكم عن طريق دعوى استعجالية يقوم الدائن الحاجز برفعها وفقا لإجراءات القضاء الاستعجالي أمام المحكمة التي أصدرت الأمر القاضي بحجز ما للمدين لدى الغير، وهي الدعوى التي تطبق بشأنها النصوص المتعلقة بمواعيد التكليف بالحضور ومواعيد الفصل ومواعيد الطعن المتعلقة بالأمور المستعجلة.
منع المحجوز لديه من الوفاء بالدين أو تسليم المنقولات التي في حيازته إلى المدين يقصد بهذا الالتزام حبس المال لدى المحجوز لديه باعتبار أن الهدف من حجز ما للمدين لدى الغير هو وضع المال المحجوز تحت يد القضاء تمهيدا لاستيفاء الدائن لحقه, لذلك فإنه يمنع على الغير المحجوز لديه أن يوفي بما في ذمته أو بما في حيازته إلى المحجوز عليه المادة 682 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فإذا قام المحجوز لديه بالوفاء وبتسليم المنقولات إلى المدين المحجوز عليه فإن هذا الوفاء أو هذا التسليم لا يسري في حق الدائن الحاجز ولا يحول دون تنفيذ حجز ما للمدين لدى الغير جبرا على
هذا الأخير .
المنع من الوفاء أو التسليم المنصوص عليه في المادة 682 المشار إليها هو منع كلي سواء كان الحجز موقعا على مال معين من أموال المدين أو على كل ما للمدين في ذمة الغير.
غير أن المشرع استثنى من هذه القاعدة أجرة المحجوز عليه أو المرتب المخصص لمعاشه أو أجرة عماله فألزم في المادة 683 من نفس القانون المحجوز لدي الغير أن يستمر في دفع أجرة المحجوز عليه أو المرتب المخصص لمعاشه أو أجرة عماله.
3- منع المحجوز لديه من الوفاء بالدين أو تسليم المنقولات الموجودة في حيازته للدائن :
إذا كان المحجوز لديه ممنوعا من الوفاء للمدين المحجوز عليه، فهو من باب أولى ممنوع عليه من الوفاء للدائن الحاجز لانعدام الرابطة القانونية بينهما التي تبرر هذا الوفاء .
يستمر هذا المنع إلى غاية صدور الأمر بالتخصيص المنصوص عليه في المادة 684 من نفس القانون كما سنبينه فيما بعد.
4- اعتبار المحجوز لديه حارسا على الأموال المحجوزة :
ابتداء من تاريخ تبليغه بأمر الحجز يعتبر الغير حارسا لهذه الأموال وملزما بالمحافظة عليها إلى أن يتم تقديمها للبيع فإذا تصرف فيها أو بددها إضرارا بالحاجز أعتبر مرتكبا لجرم التبديد المنصوص عليه في المادة 364 من قانون العقوبات وأصبح من حق الحاجز أن يتأسس أمام القضاء الجزائي وأن يطالب بقيمة الدين الذي صدر الأمر بالحجز من أجله دون المساس بحقه في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابته من جراء الجرم المرتكب.
تعدد الدائنين :
استنادا لحق الضمان العام، المقرر لجميع الدائنين على أموال مدينهم ، فإن لأي دائن أن يحجز تحت يد الغير على ما قد يكون في ذمته من حقوق أو في حيازته من منقولات مملوكة للمدين المحجوز عليه، وذلك رغم سبق الحجز تحت يده لمصلحة دائن آخر. فإذا تقدم دائنون آخرون بعد حجز ما للمدين لدى الغير وكانت لهم سندات تنفيذية ولم يصدر الأمر بالتخصيص بعد فإن لهم أن يتقدموا كدائنين مع الحاجز الأول ويتم تبليغ الحاجز الأول والمحجوز لديه والمحجوز عليه تبليغا رسميا بالحجز أو الحجوز المتتالية للدائنين .
في هذه الحالة تؤجل جلسة التخصيص إلى غاية حضور جميع الأطراف أو انقضاء الأجل المحدد في التبليغ الرسمي المادة 685 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
إذا كانت المبالغ المالية المحجوزة كافية للوفاء بحقوق جميع الدائنين فإنه في هذه الحالة يتم الوفاء بمقتضى أمر التخصيص بين الدائنين كل حسب قيمة دينه، أما إذا كانت هذه الأموال غير كافية فتجرى القسمة في هذه الحالة بين الدائنين على أساس قسمة غرماء المادة 686 من نفس القانون.
المبحث الثالث : المنازعة في التصريح المعد من طرف المحجوز لديه :
إن دراسة المنازعة في التصريح المعد من طرف المحجوز لديه الغير في مرحلته التحفظية تقتضي بحث المسائل التالية :
المطلب الأول : من له الحق في المنازعة في التصريح :
لم يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية صراحة مسألة المنازعة في التصريح الذي يقدمه الغير عما لديه من أموال هي للمدين إلا أنه يستشف ضمنيا من أحكام المواد 669 وما بعدها والمادة 679 من نفس القانون على إمكانية قيام هذه المنازعة, فالأمر القاضي بحجز ما للمدين لدى الغير يجب تبليغه إلى الغير المحجوز لديه و إلى المدين المحجوز عليه وإذا لم يصرح المحجوز لديه بما عنده أو قدم تصريحا بغير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب إيداعها لتأييد التصريح ... جاز.... الهدف الأسامي من تبليغ المحجوز لديه والمحجوز عليه هو تمكين أي منهما من المنازعة في صحة التصريح، وإذا تعدد الدائنون الحاجزون لدى المحجوز لديه كان لكل واحد منهم الحق في المنازعة .
كما أن تحميل المسئولية إلى المحجوز لديه عن تصريحه غير الحقيقي أو إخفائه للأوراق الواجب إيداعها لتأكيد التصريح لا يمكن تأكيد قيامها إلا من خلال المنازعة في تصريحه الذي يدلي به.
هذه الإشارات الضمنية تعطي لكل من له صفة ومصلحة كما تنص على ذلك المادة 13 من نفس القانون أن ينازع في صحة التصريح الصادر عن المحجوز لديه، والذي له الصفة والمصلحة في هذه الحالة هو الحاجز والمحجوز لديه والمحجوز عليه والغير الذي شارك في الحجز أي بقية الدائنين . ولكل واحد من هؤلاء أن يتدخل في دعوى المنازعة في صحة التصريح سواء كان هذا التدخل وجوبيا أو اختياريا وسواء كان انضماميا أو خصوميا.
المطلب الثاني : موضوع دعوى المنازعة :
قد ترجع المنازعة إلى عدم ذكر كل ممتلكات المحجوز عليه من طرف المحجوز لديه بأوصافها وعددها ووزنها أو أن المحجوز لديه قام بإخفاء بعض أو كل هذه الممتلكات أو قام بإخفاء المستندات أو الأوراق المتعلقة بها أو قيامه بتغيير مكان تواجدها .
من أجل تأسيس دعواه جاز للمدعي فيها أن يلتمس وفقا للقواعد العامة الخاصة بالأوامر على العرائض بناء على عريضة يقدمها لرئيس المحكمة المختصة الإذن للمحضر القضائي بالانتقال لإثبات صحة التصريح المقدم من المحجوز لديه الغير.
أمام سكوت المشرع نقول أن دعوى المنازعة في صحة التصريح غير مرتبطة بميعاد معين فللمدعي فيها أن يرفع دعواه في أية مرحلة كانت عليها إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير, شريطة أن يكون ذلك قبل قيام بيع المنقول الموجود في حيازة الغير أو قبل صدور الأمر بالتخصيص.
المطلب الثالث : إجراءات دعوى المنازعة في التصريح :
أجمع الفقه على أن دعوى المنازعة في صحة التصريح لا تدخل ضمن إشكالات التنفيذ ولا تدخل ضمن اختصاصات القضاء الاستعجالي، فهي دعوى تتعلق بالموضوع يختص بها قاضي الموضوع المختص طبقا لقواعد الاختصاص المكاني والنوعي، باعتبار أن هذه الدعوى ترمي إلى إثبات دين الحاجز
باعتبارها كذلك, فإن هذه الدعوى ترفع بعريضة مكتوبة موقعة ومؤرخة وتودع بأمانة ضبط المحكمة من قبل المدعي أو وكيله أو محاميه بعدد من النسخ حسب عدد الأطراف متضمنة للبيانات الوجوبية المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والتي جعل المشرع إغفالها يؤدي إلى عدم قبول عريضة افتتاح الدعوى من الناحية الشكلية .
بعد رفعها يجب تبليغها وتسليمها إلى كل أطرافها الحاجز المحجوز لديه ، المحجوز عليه والغير بالطرق المبينة في المواد من 406 إلى 416 من نفس القانون .
إذا رفعت دعوى المنازعة في صحة التصريح يرى الفقه أن من شأن هذه الدعوى أن توقف إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير لوجود ارتباط بينهما فلا يمكن الحكم بتثبيت الحجز أو بتحويله إلى حجز تنفيذي إذا كان الدائن الحاجز أو المحجوز عليه المدين أو الغير بقية الدائنين ينازع في صحة التصريح الذي أدلى به المحجوز لديه .
دعوى ثبوت الحق وصحة الحجز :
ذكرنا أن حجز ما للمدين لدى الغير يبدأ في الحالة التي لا يكون فيها للدائن سند تنفيذي حجزا تحفظيا, ففي هذه الحالة أوجب المشرع على الدائن الذي لم يكن بيده سندا تنفيذيا أن يقوم برفع دعوى تثبيت الحجز وفقا فلإجراءات والآجال المنصوص عليها في المادة 662 من نفس القانون وإلا كان الحجز والإجراءات التالية له باطلين.
أما إذا كانت دعوى الدين مرفوعة أمام قاضي الموضوع فإن دعوى التثبيت تقدم في شكل مذكرة إضافية أمام القاضي الذي ينظر دعوى الموضوع ليتولى هذا الأخير الفصل فيها وفي الدين بحكم واحد دون مراعاة الآجال المنصوص عليها في المادة 662 من نفس القانون.
يتمثل موضوع تثبيت الحجز التحفظي في الحالة المنصوص عليها في المادة 668 المشار إليها في الحكم بصحة إجراءات الحجز التحفظي لتوافر شروط صحته من حيث استيفاء البيانات الوجوبية لتبليغ محضر الحجز والأمر القاضي به ولتوافر شروط قيام الدين في ذمة المحجوز عليه ولكون المال المحجوز عليه من الأموال الجائز حجزها قانونا .
لذلك فإن الغرض الأسامي من رفع دعوى تثبيت التحفظي، هو صحة إجراءات هذا الحجز وعلى من يدعي عدم صحة هذه الإجراءات أن يثبت ذلك أثناء نظر هذه الدعوى.
الحكم بتثبيت الحجز التحفظي في هذه الحالة وخلافا لما يراه البعض لا يتضمن أية إلزام للمحجوز لديه بالوفاء للحاجز لأن المحكمة عند نظر دعوى صحة الحجز لا تطالب الحاجز بإثبات حق مدينه المحجوز عليه قبل المحجوز لديه الغير .
الخصوم في دعوى تثبيت الحجز التحفظي في حجز ما للمدين لدى الغير :
ترفع دعوى تثبيت الحجز التحفظي في حجز ما للمدين لدى الغير من الدائن الحاجز صاحب المصلحة في ثبوت الحق في ذمة المدين وترفع في مواجهة المدين المحجوز عليه لأنه الشخص المطلوب تقرير ثبوت الحق الذي يتم التنفيذ اقتضاء له في ذمته وله مصلحة في رفع هذه الدعوى وترفع أيضا في حق المحجوز لديه باعتباره أصبح حارسا للأموال التي تم توقيع الحجز عليها لديه باعتبار أن له مصلحة في التصرف في هذه الأموال بالطرق القانونية إذا لم ترفع دعوى التثبيت في ميعادها ووفقا للإجراءات المقررة لرفعها .
المحكمة المختصة بنظر دعوى التثبيت :
استنادا إلى أحكام المادة 662 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فإن دعوى التثبيت يجب رفعها أمام قاضي الموضوع وفقا لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في أحكام المادة 32 وما بعدها نفس القانون, فبالنسبة للاختصاص النوعي فإنه يعود إلى المحكمة التي تفصل فيها بحسب قيمة الحق المحجوز من أجله أما بالنسبة للاختصاص الإقليمي فإنه ينعقد لمحكمة موطن المحجوز عليه أو المحجوز لديه.
أما إذا رفعت دعوى ثبوت الدين أمام محكمة أخرى فإن دعوى التثبيت يجب أن ترفع أمام هذه المحكمة المادة 668 من نفس القانون وذلك منعا لتضارب الأحكام التي قد تصدر في حالة تعدد الجهات المختصة.
المبحث الرابع : ميعاد رفع دعوى التثبيت والحكم فيها :
المطلب الأول : ميعاد رفع دعوى التثبيت :
لقد فرق المشرع بين حالتين حالة عدم وجود دعوى تتعلق بموضوع الدين معروضة على القضاء وحالة وجود هذه الدعوى, ففي الحالة الأولى يجب تقديم دعوى التثبيت في أجل أقصاه خمسة عشرة يوما تسري ابتداء من تاريخ صدور أمر الحجز وإلا كان الحجز وإجراءات التالية له باطلة المادة 662 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
غير أن هذا البطلان لا يتقرر بقوة القانون بل يجب أن يتقرر بحكم من القضاء عن طريق الدعوى الاستعجالية التي يقوم برفعها من له مصلحة أما القاضي المصدر للأمر القاضي بالحجز التحفظي المادة 663 فقرة 2 من نفس القانون.
أما في الحالة الثانية وهي الحالة التي يكون فيها موضوع الدين معروضا على القضاء, ففي هذه الحالة تقدم دعوى التثبيت عن طريق مذكرة إضافية تقدم للقاضي الذي ينظر هذا الموضوع وتضم إلى ملف الدعوى، ثم يقوم بعد ذلك هذا القاضي بالفصل في دعوى التثبيت ودعوى الدين بحكم واحد دون مراعاته للميعاد المنصوص عليه في المادة 662 المشار إلها.
المطلب الثاني : الحكم في دعوى التثبيت :
تعتبر دعوى صحة الحجز دعوى موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع المختصة إما بقبول الدعوى عن طريق القضاء بصحة إجراءات الحجز والتثبيت وإما ببطلانها لعدم صحة إجراءاتها.
إذا كانت دعوى التثبيت مقامة أمام القاضي الذي ينظر دعوى الدين ففي هذه الحالة قد يحكم القاضي برفض دعوى الدين وبالتالي يقضي برفض دعوى التثبيت لعدم ثبوت الدين في ذمة المحجوز عليه .
أما في الحالة العكسية أي في حالة الحكم بقيام الدين في ذمة المحجوز عليه فإنه يتعين عليه في هذه الحالة الحكم بتثبيت الحجز التحفظي إذا ما ثبت لديه صحة إجراءاته .
دعوى رفع حجز ما للمدين لدى الغير أجاز المشرع في المادة 673 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية للمحجوز عليه أن يطلب رفع حجز ما له لدى الغير رفعا كليا أو جزئيا وفقا للأحكام المنصوص عليها في المادة 663 من نفس القانون.
فللمحجوز عليه أن يرفع هذه الدعوى أمام قاضي الاستعجال في الحالات المحددة قانونا على سبيل الحصر في المادة 663 السالفة الذكر:
1- إذا لم يسع الدائن الحاجز إلى المطالبة بتثبيت الحجز التحفظي في الميعاد المحدد قانونا ، إذا كان الحجز حجزا تحفظيا ولم يكن معه سند تنفيذي.
2- إذا قام المدين المحجوز عليه بإيداع مبالغ مالية بأمانة ضبط المحكمة أو بمكتب المحضر القضائي لتغطية أصل الدين والمصاريف القضائية، في الأجال التي حددها المشرع في المادة 681 من نفس القانون
3 في كل حالة يثبت فيها المستأجر أو المستأجر الفرعي أنه دفع الأجرة المستحقة في حالة حجز المؤجر على منقولات المستأجر.
4- في كل حالة يثبت فيها المستأجر أو المستأجر الفرعي أنه دفع الأجرة المستحقة في حالة الحجز على منقولات المستأجر.
يهدف المحجوز عليه من رفع هذه الدعوى الحصول على أمر استعجالي يخلصه من آثار حجز ما للمدين لدى الغير سواء كان حجزا تحفظيا أو حجزا بناء على سند تنفيذي وبالتالي استرداده لسلطته كمالك المتمثلة في حرية تصرفه في أمواله.
المطلب الثالث : تحول حجز ما للمدين لدى الغير إلى حجز تنفيذي :
إذا امتنع المحجوز عليه عن الوفاء بالدين الموجود في ذمته عن طريق إبداع أصل الدين والمصاريف بأمانة ضبط المحكمة أو بمكتب المحضر القضائي بعد أن تم تثبيت الحجز التحفظي إذا لم يكن مع الدائن سندا تنفيذيا وبعد انقضاء مهلة العشرة أيام التالية لتاريخ تبليغه الرسمي بالأمر القاضي بحجز ما له من منقولات مادية أو سندات أو أسهم أو حصص في الأرباح المستحقة ، يتحول هذا الحجز إلى حجز تنفيذي وتباع الأموال المحجوزة وفقا لإجراءات بيع المنقول المنصوص عليها في المادة 687 وما بعدها من قانون الإجراءات المدنية والإدارية المادة 681 من نفس القانون.
أما إذا كان حجز ما للمدين لدى الغير مضروبا على مبالغ مالية سواء كانت ديونا أو أمولا مودعة لدى هذا الأخير بأية صفة كانت وديعة, حساب مصرفي جاز للدائن ولبقية الشركاء في حجز ما للمدين لدى الغير أي بقية الدائنين أن يكلفوا المدين المحجوز عليه والغير المحجوز لديه وبقية الدائنين بالحضور أمام رئيس المحكمة في أجل أقصاه عشرة أيام تسري ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي لهذا التكليف من أجل الفصل في المبلغ المالي المحجوز المادة 684 فقرة 1 من نفس القانون .
التكليف هنا يكون عن طريق المحضر القضائي الذي باشر إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، فهو الذي يكلف بنا على طلب الدائن الحاجز جميع أطراف الحجز بالحضور أمام رئيس المحكمة المختصة.
بالتاريخ المحدد للحضور أمام رئيس المحكمة ويقوم هذا الأخير باتخاذ أحد الأوامر التالية :
1- إذا كان تصريح المحجوز لديه يؤكد وجود مبلغ الدين وكان الدائن الحاجز وحيدا لا يشاركه دائنون آخرون، أصدر رئيس المحكمة أمرا بتخصيص المبلغ المطلوب في حدود أصل الدين والمصاريف المترتبة عليه لفائدة الدائن الحاجز وأمر برفع الحجز عما زاد عن ذلك.
2- إذا كان المبلغ المحجوز أقل من مبلغ الدين وكان الدائن الحاجز وحيدا لا يشاركه دائنون آخرون.
أصدر رئيس المحكمة بتخصيص هذا المبلغ لفائدة الدائن الحاجز وبقي المدين المحجوز عليه ملزما بتكملة بقية الدين.
3- إذا تعدد الدائنون الحاجزون وكانت المبالغ المالية المحجوزة كافيه للوفاء بحقوقهم جميعا يصدر رئيس المحكمة أمر بتخصيص الدين لكل الدائنين كل حسب قيمة دينه .
4-إذا كانت المبالغ المالية غير كافية لاستيفاء الدائنين لديونهم ، يصدر رئيس المحكمة أمر بتقسيم هذا المبلغ بين الدائنين قسمة غرماء .
5- إذا كان تصريح المحجوز لديه يؤكد عدم وجود مبلغ مالي للمدين لدى الغير, ففي هذه الحالة يصدر رئيس المحكمة أمرا بصرف الدائن الحاجز أو الدائنون الحاجزون أمرا بصرف هؤلاء إلى اتخاذ ما يرونه مناسبا من أجل استيفاء ديونهم.
اعتبر الفقه أن الأمر بالتخصيص لا يعتبر أمرا استعجاليا ولا حكم قضائي بل هو أمر ولائي من نوع خاص يقضي بحوالة المبلغ الموجود تحت يد المحجوز لديه لفائدة الدائن أو الدائنين وهو غير قابل للطعن فيه.
.
خاتمة
يعتبر حجز ما للمدين, ضمانة قانونية للدائن الذي بيده سند تنفيذي أو لديه مسوغات ظاهرة, تثبت قيام الدين في ذمة مدينه يستعملها في غفلة من هذا الأخير ودون علمه, متى علم بأن لهذا المدين أموالا مادية أو أسهما أو حصص أرباح في الشركات أو سندات مالية أو ديونا ولو لم يحل أجل استحقاقها, ويستصدر هذا الحجز, بموجب أمر على عريضة من رئيس المحكمة التي توجد بدائرة اختصاصها الأموال . فهو حجز تنفيذي إذا كان بيد الدائن سند تنفيذي من السندات المنصوص عليها في المادتين 605-600 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية, وحجز تحفظي إذا لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي ولكن بيده مسوغات ظاهرة تثبت قيام الدين في ذمة مدينه.
هو يخضع ، إلى مجموعة من الإجراءات، تبدأ بوجوب تبليغ أمر الحجز إلى المحجوز لديه وبعد وقوع هذا التبليغ يبلغ أمر الحجز إلى المحجوز عليه ليلي التبليغ قيام المحجوز لديه بالتصريح بما لديه من أموال وقيام من له مصلحة بالمنازعة في هذا التصريح وتتوالى الإجراءات بما في ذلك تدخل الدائنين في حالة تعددهم وعدم مشاركتهم في الحجز الأول .
تنتهي هذه الإجراءات بتثبيت حجز ما للمدين لدى الغير إن كان تحفظيا وبصدور الأمر ببيع الأموال المنقولة وصدور الأمر بتخصيصها وتخصيص بقية الأموال السائلة إن وجدت إلى الدائن أو الدائنين بالطرق المبينة قانونا.
نجد أن المشرع الجزائري من خلال المنظومة التشريعية سعى إلى حماية حقوق و مصالح الدائن الحاجز من الضياع و ذلك بأنه وسع دائرة الأموال المحجوز عليها و امتدادها لتشمل أموال المتواجدة لدى الغير، كما وفر مجموعة من الوسائل القانونية التي تمكن المدين المحجوز عليه من مراقبة وتتبع عملية الحجز وحماية مصلحته عند وجود أي نوع من التعسف في مطالبة الدائن بحقه.
فخلاصة على ما تم الإشارة إليه في سياق الختام نستخلص أن المشرع الجزائري بغض النظر عن الإيجابيات التي أتى بها أو السلبيات التي وقع فيها يحسب انه قد حاول من خلال تنظيمه لأحكام حجز ما للمدين لدى الغير تحقيق التوفيق والتوازن بين المصالح المتعارضة للدائن و المدين حيث ان حدود سلطة الدائن في التنفيذ تقف عندما يمس هذا الأخير بحق المدين، فقد يؤدي ذلك إلى انتهاك مصلحته فيكون التنفيذ الموقع عليه تنفيذا التعسفيا، كما انه سعی كذلك لحماية المحجوز لديه من أن تمس حقوقه، وعلى اساسه توصل إلى حد كبير في تحقيق ذلك.
المراجع :
أ- القوانين
قانون رقم 08 - 09 مؤرّخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
ب -الكتب
1- بارش سلیمان، شرح قانون الإجراءات المدنية الجزائرية الجزء الثاني، دار الهدى للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006.
2- بربارة عبد الرحمن ، طرق التنفيذ في المواد المدنية والجزائية منشورات بغدادي، د ب ن 2004.
3- بلغيث عمارة ، التنفيذ الجبري وإشكالاته ، دار العلوم، الجزائر، 2004.
4- بلقاسمي نور الدين، الحجوز التنفيذية في النظام القانوني الجزائري، دراسة نظرية وتطبيقية، د د ن، الجزائر، 2006
5- بندر محمد طاهر، مبدأ المواجهة في التنفيذ الجبري، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013
6- بن سعيد عمر، طرق التنفيذ وفق لقانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري، دار بلقيس ، الجزائر، 2019.
7-حمدي باشا، طرق التنفيذ وفقا لقانون رقم 08 09 المؤرخ في 25 فيفري 2008، المتضمن قانون إجراءات المدنية والإدارية، دار هومة، الجزائر 2012.
8- زودة عمر، اجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية، دار هومة ، للنشر والتوزيع، الجزائر، 2009.
9- سائح سنقوفة، شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزء الثاني، دار الهدى للنشر والتوزيع، الجزائر ، 2011.
10- -سيد احمد محمود أحمد أصول التنفيذ الجبري وفقا لقانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية، الإسكندرية، 2004.
11 - طاهري حسين قاموس المصطلحات القانونية، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2014.
12- طلبة أنور، إشكالات التنفيذ ومنازعات الحجز، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، مصر 2006
13- طلعت دويدار، النظرية العامة لتنفيذ القضائي في قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعية الجديدة، الإسكندرية، 2008.
14- السنهوري عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، نظرية الالتزام بوجه عام الأوصاف ، الحوالة، الانقضاء، دار احياء التراث العربي، بيروت، 1957.