بحث الثورة الجزائرية من 1954 إلى 1962
مقدمة
بدأت المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي بمجرد نزوله أرض الجزائر و تجسد ذلك بعدة مقاومات شعبية. قبل إندلاع الثورة التحريرية المجيدة في 1 نوفمبر 1954، حيث نجد منها مقاومة منطقة جرجرة مقاومة المتيجة مقاومة اولاد سيدي الشيخ . مقاومة واحة الزعاطشة مقاومة الاغواط ....إلخ ولعله كان أقواها مقاومة الأمير عبد القادر في سنة 1832م الموافق لـ 1248هـ. و استمرت خمسة عشر عامًا استخدم فيها الماريشال الفرنسي "بيجو"، وقواته التي وصل عددها (120) ألف جندي. في حرب إبادة ضد الجزائريين والحيوانات والمزارع فوقع الذعر في قلوب الناس. واضطر الأمير عبد القادر إلى الاستسلام في 1847 م الموافق لـ 1261 هـ.
لم تهدأ مقاومة الجزائريين بعد الأمير عبد القادر، فما تنطفئ ثورة حتى تشتعل أخرى، غير أنها كانت ثورات قبلية أو في جهة معينة، ولم تكن ثورة شاملة؛ لذا كانت فرنسا تقضي عليها، وضعفت المقاومة الجزائرية بعد ثورة أحمد بومرزاق سنة 1872 م الموافق لـ 1288 هـ، وقلت الثورات بسبب وحشية الفرنسيين، واتباعهم سياسة الإبادة التامة لتصفية المقاومة، وفقدان الشعب لقياداته التي استشهدت أو نفيت إلى الخارج، وسياسة الأرض المحروقة التي تهدف إلي إفقار و تشتيت الشعب الجزائري.
نتيجة لما سبق ذكره إندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي. الذي احتلّ البلاد منذ سنة 1830، ودامت طيلة 7 سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي، وانتهت بإعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962. بعد أن سقط فيها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد جزائري. وذلك ما أعطى الجزائر لقب بلد. المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي.
الإستراتجية المستخدمة في بداية الثورة :
دارت الحرب بين الجيش الفرنسي والثوار الجزائريين الذين استخدموا حرب العصابات بصفتها الوسيلة. الأكثر ملاءمة لمحاربة قوة جرَّارة مجهزة أكبر تجهيز، خصوصاً وأن الثوار لم يكونوا يملكون تسليحاً معادلاً لتسليح الفرنسيين. استخدم الثوار الجزائريون الحرب البسيكولوجية بصفة متكاملة مع العمليات العسكرية.
كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوماندوز والمظليين والمرتزقة متعددة الجنسيات، وقوات حفظ الأمن، وقوات الاحتياط، والقوات الإضافية من السكان الأصليين أو من أطلق عليهم اسم الحركة. حظت قوات جيش التحرير الوطني التابعة للفرع العسكري من جبهة التحرير الوطني على تأييد. الشعب الجزائري الكامل، بل والجالية الجزائرية في المهجر، وخاصة في فرنسا.
انتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 جويلية 1962، وهو نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في سنة 1830. وقد تلا إعلان الاستقلال الجنرال شارل ديغول عبر التلفزيون، مخاطباً الشعب الفرنسي. جاءَ الاستقلال نتيجة استفتاء تقرير المصير للفاتح من جويلية، المنصوص علية في اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، وأعلن على إثره ميلاد الجمهورية الجزائرية في 25 سبتمبر ومغادرة مليون من الفرنسيين المعمّرين بالجزائر منذ سنة 1830م.
السياسة الفرنسية في الجزائر :
لقد أحدث المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر جروحًا عميقة في بناء المجتمع الجزائري، حيث عملت فرنسا على إيقاف النمو الحضاري والمجتمعي للجزائر مائة واثنتين وثلاثين سنة، وحاولت طمس هوية الجزائريين الوطنية، وتصفية الأسس المادية والمعنوية التي يقوم عليها هذا المجتمع، بضرب وحدته القبلية والأسرية، واتباع سياسة تبشيرية تهدف إلى القضاء على دينه ومعتقده الإسلامي، وإحياء كنيسة أفريقيا الرومانية التي أخذت بمقولة "إن العرب لا يطيعون فرنسا إلا إذا أصبحوا فرنسيين، ولن يصبحوا فرنسيين إلا إذا أصبحوا مسيحيين".
وكان التوجه الفرنسي يعتمد على معاداة العروبة والإسلام، فعملت على محو اللغة العربية، وطمس الثقافة العربية والإسلامية، وبدأ ذلك بإغلاق المدارس والمعاهد، ثم تدرج مع بداية القرن العشرين إلى منع تعلم اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية، وعدم السماح لأي شخص أن يمارس تعليمها إلا بعد الحصول على ترخيص خاص وفي حالات استثنائية، ومن ناحية أخرى عملت على نشر الثقافة واللغة الفرنسية، واشترطوا في كل ترقية اجتماعية ضرورة تعلم اللغة الفرنسية، كذلك عملوا على الفصل بين اللغة العربية والإسلام، والترويج لفكرة أن الجزائريين مسلمون فرنسيون.
موقف الشعب الجزائري بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
لم يتجاوب الشعب الجزائري مع السياسة الفرنسية في جميع الجهات بدون استثناء، لا سيما في المناطق التي عرفت ضغطًا فرنسيًا مكثفًا لتحويل اتجاهها الوطني، فلم يكن للإعانات ولا المساعدات التي تقدمها الإرساليات التبشيرية ولا للتعليم الذي وفرته المدرسة الفرنسية، ولا للمستوطنين الفرنسيين، ولا للمهاجرين الجزائريين الذين تنقلهم السلطات للعمل في فرنسا ـ أثر في فرنسا الشعب الجزائري، وهو ما دفع مخططي السياسة الفرنسية إلى اتهام الجزائريين بأنهم شعب يعيش على هامش التاريخ. وحارب الشعب سياسة التفرقة الطائفية برفع شعار "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا والجزائر وطننا " الذي أعلنه العالِم والمجاهد الجليل عبد الحميد بن باديس، ورأى المصلحون من أبناء الجزائر في ظل فشل حركات المقاومة.
أن العمل يجب أن يقوم –في البداية- على التربية الإسلامية لتكوين قاعدة صلبة يمكن أن يقوم عليها الجهاد في المستقبل، مع عدم إهمال الصراع السياسي فتم تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931م الموافق لـ 1350 هـ بزعامة ابن باديس، التي افتتحت مدارس لتعليم ناشئة المسلمين، وهاجم ابن باديس الفرنسيين وظلمهم، وشنع على عملية التجنس بالفرنسية وعدها ذوبانًا للشخصية الجزائرية المسلمة، وطالب بتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي، وأثمرت هذه الجهود عن تكوين نواة قوية من الشباب المسلم يمكن الاعتماد عليها في تربية جيل قادم.
وعلى الصعيد السياسي بدأ الجزائريون المقاومة من خلال التنظيم السياسي. الذي خاض هذا الميدان بأفكار متعددة، فمنهم من يرى أن الغاية هي المساواة بالفرنسيين، ومنهم الشيوعيون، والوطنيون المتعصبون، وظهرت عدة تنظيمات سياسية منها: حزب نجم شمال أفريقيا بزعامة مصالي الحاج الذي عرف بعد ذلك بحزب الشعب الجزائري، وتعرض زعيمه إلى الاعتقال والنفي مرات كثيرة.
مجازر 8 ماي 1945 :
اشتعلت الحرب العالمية الثانية ولم تمض شهور قليلة حتى انهارت فرنسا أمام ألمانيا، وبدا للشعوب المستعمرة أن قوة فرنسا لم تكن إلا عليهم فقط، وأن هيبتها لم تكن إلا في هذه القلوب المستضعفة، وأدى ذلك إلى تعاون كثير من المستوطنين الموجودين في الجزائر. مع حكومة فيشي الموالية للألمان في فرنسا، وظهرت أصوات المستوطنين الفرنسيين تعلو بأن فرنسا ارتكبت أخطاء، وأن عليها أن تدفع الثمن وحدها، أما الجزائريون فذهب كثير منهم إلى الحرب للدفاع عن فرنسا.
و ذلك تحت التجنيد الإجباري للجزائريين، فدُمر الإنتاج في الجزائر وزادت صعوبات الحياة؛ لذلك تقدموا ببيان إلى السلطات الفرنسية يطالبون فيه بحق تقرير المصير، تقدم به فرحات عباس –زعيم حزب اتحاد الشعب الجزائري-، ورفضت فرنسا قبول البيان كأساس للمحادثات، فأحدث ذلك رد فعل عنيفا عند الجزائريين الذين أصروا على تمسكهم بالبيان والتزامهم به، ففرض الجنرال كاترو الحاكم العام في الجزائر الإقامة الجبرية على فرحات عباس وغيره من الزعماء الجزائريين. أسس فرحات عباس حركة أحباب البيان والحرية في 1944 الموافق لـ 1363هـ وكان يدعو إلى قيام جمهورية جزائرية مستقلة ذاتيًا ومتحدة مع فرنسا.
وهو ما سبب خلافًا بينه وبين مصالي الحاج الذي نصحه بقوله: "إن فرنسا لن تعطيك شيءًا، وهي لن ترضخ إلا للقوة، ولن تعطي إلا ما نستطيع انتزاعه منها". ولم يمض وقت طويل حتى استغلت فرنسا قيام بعض المظاهرات في 8 ماي 1945 في عدد من المدن الجزائرية وإحراقها للعلم الفرنسي حتى ارتكبت مذبحة رهيبة سقط فيها (45) ألف شهيد جزائري، وكان ذلك تحولاً في كفاح الجزائريين من أجل الحرية والاستقلال، إذ أدركوا أنه لا سبيل لتحقيق أهدافهم سوى العمل المسلح والثورة الشاملة، فانصرف الجهد إلى جمع الأسلحة وإعداد الخلايا السرية الثورية بتوجيه وتمويل ودعم عربي حتى يحين الوقت المناسب لتفجير الصراع المسلح.
إندلاع الثورة عسكريا بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في 23 مارس 1954 بميلاد اللجنة الثورية للوحدة والعمل واصدارها مجلة " الوطني" وفي 17 جوان 1954 عقدت لجنة الاثني والعشرين (22) اجتماعا بمنزل الياس دريش بحي المدنية في مدينة الجزائر اين تقرر خلاله تفجير الثورة التحريرية. في 23 أكتوبر 1954 لجنة الستة (06) تعقد اجتماع في حي رايس حميدو بالجزائر لتوسيع مهام وتحديد المهام وفي 01 نوفمبر 1954 تقرر اندلاع الثورة التحريرية بنداء 01 نوفمبر 1954 حيث دعا النداء إلى استقلال الجزائر. واسترجاع السيادة الوطنية وإنشاء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية.
وتم إنشاءجبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي.
تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954 كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية - عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة. تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع آخر اللمسات لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر. كل هذا بعد أن عرف الشعب الجزائري ان المستعمر الفرنسي لا يهمه المقاومة السياسية بل استعمال القوة وأن تحرير الجزائر ليس بالامر المستحيل.
ظروف اندلاع الثورة التحريرية بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
1- الظروف الدولية :
- ظهور وانتشار الحركات التحررية
- انهزام فرنسا في معركة “ديان بيان فو”بفيتنام ماي 1954
- ظهور الكفاح المسلح في تونس والمغرب.
- انفراج العلاقات الدولية وسيرها نحو التعايش السلمي
- تراجع مكانة فرنسا كقوة عسكرية بعد الحرب العالمية الثانية.
- ظهور المواثيق الدولية التي تقر بحق الشعوب في تقرير المصير
2-الظروف الداخلية :
- قناعة الجزائريين بضرورة الكفاح المسلح بعد فشل العمل السياسي.
- تشتت الحركة الوطنية وأزمة حركة انتصار الحريات
- استمرار السياسة الاستعمارية وتجاهل مطالب الحركة الوطنية
- ارتكاب المجازر في حق الشعب الجزائري كمجازر 8ماي 1945.
خريطة أهم عمليات أول نوفمبر 1954 :
1- الأوراس المنطقة الأولى علي رأسها مصطفى بن بولعيد
2- الشمال القسنطيني المنطقة الثانيةعلي رأسها ديدوش مراد
3- القبائل المنطقة الثالثةعلي رأسها كريم بلقاسم
4- الوسط المنطقة الرابعة علي رأسها رابح بيطاط
5- الغرب الوهراني المنطقة الخامسة علي رأسها العربي بن مهيدي.
مصطفى بن بولعيد (1917-1956) بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
بدأ مسيرته النضالية بالعمل النقابي، وجُنّد إجباريا في الجيش الفرنسي 5 سنوات (1939-1944)، فكانت فرصة مواتية لتطوير مهاراته القتالية. انخرط في صفوف "حزب الشعب" وترشح لانتخابات المجلس الجزائري سنة 1948، وفاز في دورها الأول، لكن السلطات الفرنسية لجأت إلى التزوير وإلى محاولة اغتياله.
توجه إلى العمل المسلح من خلال الانضمام إلى المنظمة السرية.أسهم في جمع السلاح وتدريب المتطوعين من أجل التحضير للثورة، وأسهم بإنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل في 23 مارس 1954، وكان من ضمن مجموعة الستة التي هندست لتفجير الثورة.
مع اندلاع الثورة في 1954، واصل العمل قائدا لمنطقة الأوراس، إلى غاية إلقاء القبض عليه في تونس بتاريخ 11 فبراير 1955، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، لكنه هرب من "سجن الكدية " برفقة عدد من المجاهدين وعاد إلى مركز القيادة، حيث أشرف على معارك ضارية، حتى استشهاده في 22 مارس 1956.
ديدوش مراد (1927-1955) :
تلقى تكوينا نظاميا بالموازاة مع تعلمه للقرآن الكريم، فحصل على الشهادة الأهلية. واشتغل بمؤسسة السكة الحديدية للجزائر العاصمة، انضم إلى حزب الشعب ومنه بصورة حتمية إلى المنظمة المسلحة، انتقل إلى قسنطينة شرق البلاد. حيث عين مسؤولا عن حزب الشعب خلال سنوات 1948-1950.
بعد اكتشاف المنظمة السرية من طرف السلطات الفرنسية التحق بجبال الأوراس. وتدرب على السلاح. وفي سنة 1952، عاد إلى العاصمة وتعرض لمضايقات مستمرة من طرف الشرطة الفرنسية.
سافر إلى فرنسا باسم مستعار، ثم عاد إلى الجزائر قبيل الثورة. ليكون واحدا من مجموعة الـ22، ومسؤولا عن انطلاق الثورة في الشمال القسنطيني، جاء استشهاده سريعا على أرض المعركة. بتاريخ 18 جاتفي 1955 في منطقة "بوكركر"، بعد 78 يوما من انطلاق الثورة.
كريم بلقاسم (1922-1970) بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
نشأ في عائلة ميسورة الحال بمنطقة القبائل، عُرض على والده منصب "قائد" (مسؤول محلي في السلطة) في ظل الاستعمار الفرنسي ولكنه رفض. تلقى تعليما في المدارس الفرنسية بالعاصمة. ثم انخرط باكرا في صفوف حزب الشعب، ليلتحق بعد ذلك بالمنظمة السرية.
كان أحد مفجري الثورة وقائدا للمنطقة الثالثة. خاض عددا من العمليات العسكرية. وتمكن خلالها من تثبيت المنطقة الثالثة في مسار الثورة، شارك في "مؤتمر الصومام" وأصبح عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ.
تقلد منصب وزير القوات المسلحة بعد تأسيس الحكومة المؤقتة الجزائرية، ثم وزيرا للخارجية. قام بدور كبير على رأس الوفد الجزائري في مفاوضات إيفيان، في مختلف جولاتها، ووقع إعلان وقف إطلاق النار. اغتيل بعد الاستقلال في ألمانيا وسط ظروف غامضة.
رابح بيطاط بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
تلقى تعليمه الأول بمسقط رأسه بعين الكرمة في قسنطينة شرق البلاد، وتمكن من الحصول على وظيفة في معمل التبغ، انخرط في صفوف حزب الشعب في سن صغيرة، ثم أضحى واحدا من أهم الأعضاء الفاعلين في المنظمة السرية، وفي سنة 1950 حكم عليه غيابيا بالسجن لمدة 10 سنوات.
شارك في الإعداد لتفجير الثورة بالعاصمة الجزائرية، ولنشاطه الكبير، ألقي عليه القبض بعد أشهر من انطلاق الثورة، وحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. واصل نضاله على الرغم من وجوده في السجن، وخاض إضرابا عن الطعام عدة مرات باعتباره سجينا سياسيا، إلا أنه لم يطلق سراحه إلا غداة الاستقلال.
شارك بعد الاستقلال في عدد من المناصب الوزارية، كما ترأس المجلس الشعبي الوطني الجزائري لـ 4 فترات تشريعية إلى غاية استقالته سنة 1990، وافته المنية بالجزائر العاصمة في 10 أفريل 2000.
العربي بن مهيدي (1923-1957) بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
لقد أنهى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه بناحية عين مليلة التابعة لأم البواقي شرق البلاد، كما انضم في صغره إلى الكشافة الإسلامية وأصبح قائدا لفريق الفتيان.
انخرط في حزب الشعب سنة 1942 وشارك واعتقل في مظاهرات 8 ماي 1945.وكان من أوائل الشباب الذين التحقوا بالمنظمة السرية؛ حتى أصبح رئيس أركان هذا التنظيم سنة 1950، وبعد اكتشاف التنظيم انتقل إلى وهران غرب البلاد حتى تكوين اللجنة الثورية للوحدة والعمل.
بعد انطلاق الثورة أصبح قائد المنطقة الخامسة في وهران غرب البلاد، وعمل على انعقاد مؤتمر الصومام ومواصلة تنظيم الثورة، وعيّن عضوا بلجنة التنسيق والتنفيذ التي مثلت القيادة العليا للثورة.
مع بداية سنة 1957، قاد معركة الجزائر حتى اعتقاله واستشهاده تحت. التعذيب في مارس 1957. قال عنه جلاده الجنرال الفرنسي مارسيل بيجار " لو أن لي ثلاثة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم ".
محمد بوضياف (1919-1992) بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
أكمل دراسته الثانوية بمسقط رأسه "المسيلة" شرق البلاد، مما أهّله للحصول على وظيفة إدارية بمصالح تحصيل الضرائب، تم تجنيده سنة 1942 في الجيش الفرنسي ليشارك في معارك الحرب العالمية الثانية بإيطاليا، سنة 1944.
انخرط في حزب الشعب الجزائري، ثم شارك في تأسيس المنظمة السرية سنة 1947. قبيل الثورة، عاد إلى الجزائر وتابع تنفيذ خياره الثوري من خلال العمل مع مجموعة الـ22 تحضيرا لتفجير الثورة.
تقلد عضوية المجلس الثوري خلال أشغال مؤتمر الصومام، إلى أن تم توقيفه في أكتوبر 1956 خلال رحلة جوية بين الرباط والقاهرة برفقة أحمد بن بلة، محمد خيضر، حسين آيت أحمد ومصطفى الأشرف.
ظل رهين السجن إلى غاية استقلال الجزائر، وفي عام 1963 تعرض للاعتقال؛ قبل أن يتوقف عن النشاط السياسي ويستقر بالمغرب.
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
اندلعت ثورة التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي. الذي احتل البلاد منذ سنة 1830 (احتلال دام 132 سنة)، ودامت ثورة التحرير الجزائرية طيلة سبعة سنوات ونصف من الكفاح المسلح والعمل السياسي، وانتهت بإعلان استقلال الجزائر يوم 5 جويلية 1962 بعد أن سقط فيها أكثر من مليون ونصف مليون قتيل جزائري، وذلك ما أعطى الجزائر لقب بلد المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي.
دارت الحرب بين الجيش الفرنسي والثوار الجزائريين، الذين استخدموا حرب العصابات بصفتها الوسيلة الأكثر ملاءمة. لمحاربة قوة جرَّارة مجهزة أكبر تجهيز، خصوصاً وأن الثوار لم يكونوا يملكون تسليحاً معادلاً لتسليح الفرنسيين. استخدم. الثوار الجزائريون الحرب البسيكولوجية بصفة متكاملة مع العمليات العسكرية.
كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوماندوز والمظليين والمرتزقة متعددة الجنسيات، وقوات حفظ الأمن، وقوات الاحتياط، والقوات الإضافية من السكان الأصليين أو من أطلق عليهم اسم الحركة. حظت قوات جيش التحرير الوطني التابعة للفرع العسكري من جبهة التحرير الوطني على تأييد الشعب الجزائري الكامل، بل والجالية الجزائرية في المهجر، وخاصة في فرنسا.
انتهت الحرب بإعلان استقلال الجزائر في 5 جويلية 1962، وهو نفس التاريخ الذي أعلن فيه احتلال الجزائر في سنة 1830. وقد تلا إعلان الاستقلال الجنرال شارل ديغول عبر التلفزيون، مخاطباً الشعب الفرنسي. جاءَ الاستقلال نتيجة استفتاء تقرير المصير للفاتح من جويلية، المنصوص علية في اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، وأعلن على إثره ميلاد الجمهورية الجزائرية. في 25 من سبتمبر ومغادرة مليون من الفرنسيين المعمّرين بالجزائر منذ سنة 1830.
ردود الأفعال السياسية الفرنسية بعد اندلاع الثورة :
مباشرة بعد انفجار الوضع في الجزائر من جراء اندلاع الثورة ، قامت سلطات الاحتلال الفرنسي بتوقيف عدد كبير من مناضلي حركة انتصار الحريات الديمقراطية MTLD. كما أسرعت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ قرار حل الحزب وإغلاق مكاتبه ونواديه بالجزائر وفرنسا وذلك يوم 05 نوفمبر 1954. وقد راح ضحية حملة التوقيف بعض أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل CRUA.
وقد تجلى واضحا أن الحكومة الفرنسية لم تكن تعلم بموضوع التحضير للثورة .ولم تكن لديها معلومات عن مفجريها، ولذا عمدت على اعتقال كل من كان له علاقة بالحركة الوطنية وخاصة التيار الاستقلالي.
أما التصريحات الرسمية، فقد تعاقبت على شكل بيانات رسمية وتصريحات. لوسائل الإعلام الفرنسية والأجنبية من طرف وزراء ومسؤولين فرنسيين.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فقد سارعت الحكومة الفرنسية إلى اتهام " أطراف أجنبية " بالوقوف وراء الأعمال المسلحة بالجزائر والدعاية لها على الصعيد العالمي.وكانت فرنسا تشير بالأصابع إلى مصر وبعض الأوساط العربية.
أ- إعلان حالة الطوارئ بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
تضمن قانون حالة الطوارئ الإجراءات التالية :
1- تحديد الإقامة للأفراد مع فرض الرقابة الشديدة على تنقلاتهم.
2- مراقبة المحلات و الأماكن العمومية.
3- تعرض الأفراد المشبوهين إلى الاعتقال أو السجن أو النفي دون محاكمة.
4- إنشاء المحاكم الاستثنائية لتحل محل المحاكم العسكرية حيث تكون أحكامها نافذة و غير قابلة للطعن.ويخول قانون حالة الطوارئ كذلك للسلطات المدنية والعسكرية صلاحيات مطلقة من أجل استرجاع الوضع إلى ما كان عليه قبل أول نوفمبر 1954.وقد سمح باعتقال وسجن الجزائريين بدون محاكمة ، وفرض عقوبات فردية وجماعية ، وتطبيق كل أساليب القمع والتعذيب والاضطهاد، وتطبيق حكم الإعدام بشكل واسع وفرض الحصار ومنع التجوال ليلا وإنشاء مناطق محرمة.
طبق قانون حالة الطوارئ في منطقة الأوراس في بداية أفريل 1955ليوسع إلى بلاد القبائل. في نهايته قبل أن تخضع له باقي المناطق في أوت وأكتوبر 1955.
ب- المجهود الحربي الفرنسي بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
كان إندلاع ثورة التحرير في أول نوفمبر 1954 مفاجأة للسلطة الاستعمارية الحاكمة في الجزائر . مما تطلب بعض الوقت لمسايرة الوضع الجديد . ففي البداية وظفت السلطات الاستعمارية الفرنسية كل طاقاتها العسكرية والمدنية المتواجدة على التراب الجزائري . والتي شملت مختلف الأجهزة القمعية الأمنية والعسكرية . مسخرة وسائل الدعاية الإعلامية من صحف وجرائد وإذاعة وشبكات أخرى للترويج للسياسة الاستعمارية.
غير أن اتساع رقعة الثورة تطلب منها اتخاذ عدة إجراءات لرفع عدد قواتها العسكرية . فبعدما كانت تقدر ب 54 ألف جندي في شهر جوان 1954 يضاف إليها عشرة ألاف شرطي . إرتفع هذا العدد مع بداية نوفمبر 1954 الى 62000 جندي .
إلا أن التنظيم المحكم الذي ميز الثورة دفع السلطة الاستعمارية إلى طلب المزيد. من القوات العسكرية والتي بلغت في مطلع عام 1955 الـ 80000 جندي ، مدعمين بفيلق من المظليين.
وقد فشلت هذه القوة في وقف زحف الثورة ولم تستطع خنقها . مما أدى إلى عزل الحاكم العام روجيه ليونار واستبداله بجاك سوستال الذي تعززت في عهده القوات الفرنسية. بوحدة من البوارج الحربية ، فأرتفع تعداد القوات العسكرية الى 114000 جندي في شهر جويلية 1955 .بقي عدد الجنود الفرنسيين في الجزائر في ارتفاع مستمر ليبلغ 186000 عسكري في جانفي 1956.
كما قامت السلطات الاستعمارية بإعلان حالة الطوارئ وتمديد الخدمة العسكرية. للشبان الفرنسيين لتصبح 21 شهرا عوض سنة واحدة وفي 1957 بلغت مدة الخدمة العسكرية 24 شهرا.
ب 2 - المجهود الحربي الفرنسي بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962 :
بمجيء الجنرال شارل ديغول عام 1958 تم اتخاذ تدابير مؤقتة للاحتفاظ بالمجندين لمدة 30 شهرا . الى جانب ذلك اعتمدت أساليب أخرى لتدعيم المجهود الحربي ، منها تحويل فرق عسكرية بأكملها من مواقعها في الحلف الأطلسي. بأوربا إلى الجزائر وتزويد الجيش الفرنسي بأحدث الأسلحة من حوامات ، وطائرات متعددة المهام وبوارج حربية ، وتخصيص ميزانية ضخمة للمجهود الحربي . وزادت على هذه الإجراءات نقل قواتها المتمركزة في كل من تونس والمغرب الى داخل الجزائر مع تقوية. الوجود العسكري من خلال تكوين ميليشيات مسلحة تحت تسميات مختلفة كالدفاع الذاتي والحركة. والاعتماد على القوة الثالثة وتفنن الجيش الفرنسي في تسليط شتى أنواع التعذيب، والتقتيل وتدمير القرى والمشاتل على ساكنيها.
كما حاول عزل الثورة داخليا بإقامة المحتشدات والتجمعات والمعتقلات والمناطق المحرمة، وخارجيا ببناء خطي شال وموريس.
وقد بلغ حجم الجيش الفرنسي بالجزائر في أواخر 1960 ما يقارب المليون جندي دون أن تستطيع فرنسا إخماد لهيب الثورة التحريرية.
استقلال الجزائر بحث حول الثورة الجزائرية 1954 إلى 1962:
بناءً على ما تضمنته المادة 17 من الباب الثالث من نصوص اتفاقيات ايفيان الثانية. والمتضمن إجراء استفتاء خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر من تاريخ نشر النص على أن يحدد. هذا التاريخ وفقا لاقتراح الهيئة التنفيذية بعد شهرين من تنصيبها.
التحضـيرات للاستفتـاء :
في إطار صياغة جملة الضمانات والشروط المفصلة بتنظيم الأحكام العامة خلال المرحلة الانتقالية اعتبارا .من يوم 19 مارس 1962 (عيد النصر) وبناء على ذلك، واستنادا إلى ما تضمنه نص الجزء الثالث من مواد ضمانات تنظيم الاستفتاء. على تقرير المصير والجزء الرابع من الاتفاقيات. الذي ينص على تشكيل قوة محلية للأمن غايتها الإشراف على استفتاء تقرير المصير وقد جاءت المواد 19، 20 و21 لتحديد مواصفاتها والصلاحيات التي تضطلع بها.
بقي جيش وجبهة التحرير الوطني يستعدان لإجراء الاستفتاء في جو من الحيطة والحذر إلى أن حل الفاتح من جويلية 1962. وقد اجتمعت لهذا الحدث التهيئة والتحضيرات العامة لتعبئة الشعب منها توزيع مناشير على المواطنين. لتوعيتهم وحثهم على المشاركة بقوة في هذا الحدث بعد أن ضبطت الهيئة التنفيذية المؤقتة بمقرها في روشي نوار (بومرداس حاليا) .موعد الاستفتاء بالفاتح جويلية 1962، حيث استجاب المواطنون بنسبة كبيرة جدا لهذا الحدث الهام، وتضمنت استمارة الاستفتاء الإجابة بنعم أو لا على السؤال التالي : هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة. و متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962.
ملاحظة خلال إجراء المفاوضات شكل المعمرون منظمة الجيش السري. (OAS)وهذا لإفشال المفاوضات وقد وقع ضحيتها 10 ألاف مواطن جزائري.
أ- نتائج الاستفتاء :
إنه في 2 جويلية شرع في عملية فرز الأصوات كانت حصيلة النتائج لفائدة الاستقلال بأغلبية. مثلما أكدته اللجنة المكلفة بمراقبة سير الاستفتاء صباح يوم 3 جويلية 1962 فمن مجموع المسجلين المقدرين بـ 6.549.736. موزعين على 15 مقاطعة عبّر 5.992.115 بأصواتهم منهم 5.975.581 أدلى بنعم و 16.534 بـ : لا.
ب- الاعتراف بالاستقلال : بمقتضى المادة 24 من الباب السابع المتعلقة بنتائج تقرير المصير .وطبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير:
ج- تعترف فرنسا فورا باستقلال الجزائر :
- يتم نقل السلطات فورا.
- تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات. لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم السلطات.
- وبناء على ذلك أعلنت نتائج الاستفتاء يوم السبت 3 جويلية 1962 وبعث الرئيس الفرنسي شارل ديغول. إلى السيد عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للجمهورية الجزائرية رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5 جويلية 1962 التاريخ الرسمي لاسترجاع السيادة الوطنية. التي سلبت في ذات اليوم من سنة 1830.
خاتمة :
اندلعت الثورة الجزائرية في غرة نوفمبر عام 1954 واستمرت قرابة سبع سنوات ونصف . ناضل خلالها الشعب الجزائري من أجل تحرير أرضه والحصول على حقوقه وأسفرت عن العديد من الآثار الإيجابية في البلاد . علي رغم أنه قد إستشهد مليون ونصف المليون جزائري فمقابل ذلك قتل عدد كبير من الجيش الفرنسي يصل إلى 60 ألف جندي ، بالإضافة إلى إعلان استقلال البلاد ، فيما حافظت حركة التحرير الوطني على أمن المواطنين المدنيين بقيادة العديد من الشهداء و المجاهدين الجزائريين الأحرار ، ومنهم علي سبيل المثال العربي بن مهيدي، فرحات عباس ، وحسين آيت أحمد....إلخ.
بهدف قيام الدولة الجزائرية الديمقراطية الشعبية ذات السيادة في إطار المبادئ الإسلامية.بعد أن سيطر الاستعمار الفرنسي على معظم أراضي البلاد كانوا يحاولون فرض الحضارة الفرنسية واللغة الفرنسية على المواطنين . وحرموهم من أبسط حقوق الإنسان من المأكل والملبس والمسكن .
كذلك شنت فرنسا حملة اعتقالات واسعة النطاق والتي من خلالها استهدفت عدد هائل من أفراد الشعب و أعضاء الحركات السياسية في دولة الجزائر.رغم كل ذلك ورغم القهر و العذاب و الفقر الذي عاشه الشعب الجزائري إستحقت الثورة الجزائرية أن تفتك عن جدارة لقب ثورة المليون و نصف المليون شهيد حيث قدمت الجزائر فيها ما يقرب من مليون ونصف المليون . من خيرت أبنائها المجاهدين البواسل. الذين كانوا يدافعون عن الحق في الإستقلال و نيل الحرية.
وعليه و بعد سبعة 7 سنوات كاملة من إطلاق أول رصاصة في الجبال الجزائرية جلس قادة الثورة الجزائرية. على طاولة التفاوض في مواجهة ممثلي الإدارة الفرنسية لسماع استجابتهم لتقرير مصير الجزائريين من خلال استفتاء يُجرى في فترة تتراوح. من 3 إلى 6 أشهر من تاريخ. تلك نشر نص الاتفاقية اعتبارا من يوم 19 مارس 1962 تاريخ وقف إطلاق النار.
كما حدّد تاريخ الاستفتاء في الأول من جويلية 1962 واستجاب الجزائريون بالتصويت. الساحق لصالح "دولة مستقلة" ابتداء من تاريخ الخامس من جويلية 1962. وبذاكرة أحصت 1.5 مليون شهيد و132 سنة من الإستدمار الفرنسي.