logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





23-07-2012 10:44 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 22-07-2012
رقم العضوية : 24
المشاركات : 151
الجنس :
الدعوات : 7
قوة السمعة : 80
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : طالب

دراسة التجربة الحزبية في الجزائر التجربة الحزبية قبل دستور 1989 مرحلة الحزب الواحد
التجربة الحزبية بعد دستور 1989


مقدمة :
يمكن تعريف الأحزاب السياسية بأنها تنظيمات أو تشكيلات تتكون من مجموعة من الأفراد تربطهم وحدة الفكر والهدف متبنين منهج سياسي موحد في ظل نظام قائم يعمل على نشر وتنفيذ أفكارها من أجل كسب ثقة عدد أكبر من الفئات الاجتماعية من أجل الوصول إلى السلطة أو المشاركة في اتخاذ قراراتها على الأقل.

والجزائر كغيرها من الدول خاضت تجربة حزبية من الاستقلال إلى يومنا، وعرفت نظام قانوني يحكم كيفية إنشاء الاحزاب السياسية ومنعها، وتميزت كل فترة بخصوصياتها ويمكن تقسيم هذه التجربة إلى مرحلتين أو محورين مهمين، مرحلة ما قبل 1989 أي مرحلة الحزب الواحد ومرحلة ما بعد 1989 إلى يومنا هذا، أي مرحلة التعددية، وتتناول هذين المحورين في هذه الدراسة من الناحية القانونية ومدى تأثير المشرع في هذه التجربة .

المحور الاول : التجربة الحزبية قبل دستور 1989 (مرحلة الحزب الواحد (
بعد الاستقلال مباشرة ومخافة من الفراغ التشريعي صدر قانون تحت رقم 62/157 مؤرخ في 31/12/1962 مضمونه سريان التشريع الفرنسي النافذ إلى غاية 31/12/1962 إلاما يتعارض مع السيادة الوطنية[1]. بمعنى أن النصوص السارية المفعول آنذاك تسمح بتشكيل الأحزاب السياسية خاصة تلك التي كانت موجودة حتى قبل الاستقلال كجمعية العلماء المسلمين،الحزب الشيوعي. ولوضع حد لذلك و للمحافظة على جبهة التحرير الوطني كحزب طلائعي ووحيد لقيادة الحياة السياسية في الجزائر، على أساس أنها فجرت الثورة وقادتها إلى الاستقلال، صدر مرسوما تحت رقم 63/297 مؤرخ في 14 أوت 1963تضمن منع إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي، حيث تضمنت المادة الأولى منه" يمنع على مجموع التراب الوطني كل الجمعيات أو التجمعات الذين لهم هدف سياسي"، أما المادة الثانية تنص "كل مخالفة للمادة السابقة يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول".

ولتعزيز ذلك صدر دستور 10سبتمبر 1963حيث نص في مادته 23 على أن "جبهة التحرير الوطني هي حزب الطليعة الوحيد في الجزائر"، أما المادة 24 نصت على "أن جبهة التحرير الوطني تحدد سياسة الأمة وتوجيه عمل الدولة وتراقب عمل المجلس الوطني و الحكومة". وبصدور هذه النصوص لم يسمح بتشكيل أو اعتماد اى جمعية أو حزب سياسي أو أي نشاط ذو صبغة سياسية في تلك الفترة. كما أن بيان الانقلاب الذي حدث في 19جوان 1965تبنى ما جاء في برنامج طرابلس وميثاق الجزائر ، مما يستشف منه بان تشكيل الجمعيات أو الأحزاب ذات الصبغة السياسية ممنوع عبر كامل التراب الوطني .

وبقيت الأمور على ذلك إلى غاية سنة 1971، إذ صدر نص خاص بتنظيم الجمعيات والمتمثل في الأمر رقم71/79المؤرخ في 3 ديسمبر 1971[2]، واهم ما يلفت الانتباه في هذا النص هو المادة 23 إذ تنص"تؤسس الجمعيات ذات الطابع السياسي بموجب مقرر من السلطات العليا للحزب، يكون التأسيس موضوعا لمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ويخضع حل الجمعيات ذات الطابع السياسىلنفس الأوضاع المتعلقة بتأسيسها".

من دراسة هذا النص يتضح أن المشرع أولى أهمية للجمعيات ذات الطابع السياسي حيث نص بصراحة أن تأسيسها يكون موضوع مرسوم ،وذلك لما لها من حساسية ومخافة أن يؤدي الأمر إلى انزلاقات لا تحمد عقباها ، خاصة في دولة لازالت حديثة العهد بالاستقلال بينما نجد جميع الجمعيات الأخرى بمختلف توجهاتها ولو كانت أجنبية فإن تأسيسها أو حلها يكون موضوع قرار من وزير الداخلية .

واهم ما يوجه إلى هذا النص ملاحظتين: الملاحظة الأولى لم ير النور ولم يطبق في أرض الواقع ولم تظهر إلى الوجودأي جمعية سياسية ، أما الملاحظة الثانية فان المشرع أعطى الموافقة لتكوين الجمعيات ذات الطابع السياسي وليس للأحزاب، والغاية من ذلك أن تنشط تلك الجمعيات تحت مظلة حزب جبهة التحرير الوطني.

وبقيت الأمور على ذلك إلى أن صدر دستور 1976 الصادر بموجب الأمر 76/97 مؤرخ في 22نوفمبر 1976.[3] هذا الدستور كرس مبدأ الحزب الواحد في الباب الثاني "السلطة وتنظيمها" الفصل الأول "الوظيفة السياسية" إذ نصت المادة 94 " يقوم النظام التأسيسي الجزائري على مبدأ الحزب الواحد "، وتؤكد ذلك مرة أخرى المادة 95 التي تنص "جبهة التحرير الوطني هي الحزب الواحد في البلاد ". وبقيت الأمور على حالها حيث بقي حزب جبهة التحرير الوطني هو الذي يوجه السياسة العامة للبلاد و يعمل جاهدا على التعبئة العامة لها.

إلا أنه مع بداية الثمانينات شهد المناخ السياسي نوعا من الانتعاش و بدأت بعض التيارات تظهر للوجود وتزامنت مع انتهاج سياسة اقتصادية من أهم معالمها إعادة هيكلة المؤسسات الإقتصادية الإشتراكية، و ظهور شعارات جديدة من بينها من اجل حياة أفضل. وعرف البترول انتكاسة كبيرة مما كان له أثرا سلبيا على الاقتصاد الوطني وعلى الحياة المعيشية للمواطن حيث مست الإضرابات مختلف أنشطة الاقتصاد الوطني. وفى 19سبتمبر 1988 بمناسبة الإعلان عن افتتاح مناقشة المشروع التمهيدي لدستور الاتحاد بين الجزائر و ليبيا، ألقى رئيس الجـمـهورية خطابا أمام مكـاتب التنسيق الولائية وجه فيه انتقادات كبيرة للجهاز الحكومي ولأداء أجهزة الحزب في معالجتها للصعوبات والأوضاع المزرية التي يعرفها الشعب وللتسيب واللامبالاة التي أصبح يتصف بها إطارات الدولة وأفراد المجتمع بصقة عامة، والدعوة لإنتهاج سياسة التقشف لمواجهة أخطار الأزمة الاقتصادية التي تعرفها الدولة نتيجة انخفاض أسعار البترول.

هذا الخطاب حسب رأى كثير من المحللين كان له وقع سيء على نفوس المواطنين مما زاد في حركة الاحتجاجات أدت في النهاية إلى أحداث 5 أكتوبر 1988وما ترتب عنها فيما بعد سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية وذلك ما يتم تناوله في المحور الثاني.[4]

المحور الثاني: التجربة الحزبية بعد دستور 1989
لقد اعتبر المكتب السياسي لحزب جبهـة التحرير الوطني آنـذاك أن أحداث 5 أكتوبر 1988 أعمال شغب ، وان الذين قاموا بها لا يتمتعون بالحس المدني مدفوعين من قوة خارجية ، و على إثر ذلك أعلنت حالة الطوارئ و ألقـى رئيس الجمهورية يوم 10 اكتوبر 1988 وتبعه بعد ذلك تعديل شامل في 23نوفمبر 1989 . وفي 27-28 نوفمبر 1988 انعقد المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني وتم فيـه تقبل مختلف الحساسيات السياسية في إطار جبهة التحرير الوطني تمهيدا لصدور قانون الجمعيات السياسية فيما بعد.
على ضوء ذلك تم عرض مشـروع التعديل الدستوري الثاني في 23/11/1989 الذي صادق عليه الشعب باغلبية مطلقة، من أهم ما تضمنه هو مبدأ التعددية الحزبية حيث نصت المادة 40 "حق إنشاء الجمعيات ذات طابع السياسي معترف به ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات السياسية والوحدة الوطنية و السلامة الترابية واستغلال البلاد وسيادة الشعب" .

ويرى بعض فقهاء القانون أن استخدام دستور 1989 لمصطلح جمعية سياسية ليس من قبيل الصدفة ، وإنما كان المقصود منه هو ترك الباب مفتوحا أمام التشكيلات السياسية للانضواء تحت راية جبهة التحرير الوطني.[5]
بداية ظهور الجمعيات السياسية قبل التعديل الدستوري بأيام بدأت تظهر للوجود التشكيلات السياسية ، حيث تم إنشاء التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في 11 فيفري 1989، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في 21 فيفري 1989، إتحاد القوى الديمقراطية في 23 فيفري 1989. عند تاريخ 30 سبتمبر 1989 تم الاعتراف بخمسة تشكيلات سياسية وهي الحزب الاجتماعي الديمقراطي، حزب الطليعة الاشتراكية، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الحزب الوطني للتضامن والتنمية.

ولتكريس ما جاء في دستور 1989 صدر قانون 11/89 المؤرخ في 05/07/1989 يتعلق بالجمعيات السياسية حيث جاء في المادة الثانية "تستهدف الجمعية ذات الطابع السياسي في إطار المادة 40 من الدستور جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي، ابتغاء هدف لا يدر ربحا وسعيا للمشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية "

ويرى كذلك بعض الأساتذة أن استعمال مصطلح الجمعية بدلا من حزب يرمي إلى 3 أمور :
1 -تضييق مجال ونفوذ التعددية لينحصر دورها في المعارضة دون المشاركة الفعالة والمؤثرة.
2 -استبعاد انتعاش أو قيام أحزاب معينة.
3 -افتراض عدم وجود أو قيام أحزاب مؤهلة وقادرة علىخوض معركة المنافسة السياسية"[6

أثر قانون الانتخابات على التمثيل الحزبي :
لتمكين الأحزاب الجديدة من المشاركة السياسية صدر قانون الانتخابات بموجب القانون 89/13الـمؤرخ في 7 أوت1989 الذي تبنى طريقـة الاقتراع النسبي مع أفضلية الأغلبية إذ نصت المادة 62 قبل تعديلها على:"إذا تحصلت القائمة على الأغلبية المطلقة للاصوات المعبرعنها فإنها تحوز على جميع المقاعد". أما في حالة عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنهـا,فإن القائمة الحائزة على الأغلبية البسيطة علي(50+1)من المقاعد ويحسب الكسر لصالح هذه القائمة كمقعد كامل. و يرى بعض الأساتذة أن سن هذا القانون في مثل هذا الوقت يتزامن مع انتهاء عهدة المجالس الشعبية و الولائية في 12 ديسمبر 1989 وأن اغلب الأحزاب الناشئة لم تعقد مؤتمراتها.

وكان الاعتقاد السائد عند النواب بأن جبهة التحرير تفوز بجميع المقاعد أو اغلبها نظرا لما تتمتع به من هيكلة وتنظيم على المستوى الوطني. إلى جانب ذلك طالبت معظم الأحزاب بتأجيل الانتخابات مما أدى برئيس الجمهورية للتدخل ، وتم تأجيلها بتصويت النواب على ذلك يوم 15/12/1989.[7]
كما طالبت بتعديل قانون الانتخابات مما أدى بالحكومة إلى تقديم مشروع لتعديل بعض مواد قانون الانتخابات المتعلقة بطريقة توزيع المقاعد على القوائم وتمت الموافقة على المشروع . وصدر القانون المعدل بموجب القانون 90/06 المؤرخ في 27/03/1990 ونصت المادة 62 على مايلي :
- تتحصل القائمة التي فازت بالأغلبية المطلقة عل الأصوات المعبرة عل عدد من المقاعد يتناسب والنسبة المئوية المحصل عليها المجبرة إلى العدد الصحيح الأعلى :

وفي حالة عدم حصول أية قائمة على الأغلبية المطلقة من الأصوات المعبر عنها تفوز القائمة التي تحوز على أعلى نسبة بما يلي :
50%من عدد المقاعد المجبر إلى العدد الصحيح الأعلى في حالة ما إذا كان عدد المقاعد المطلوب شغلها في الدائرة فرديا.
50%زائد واحد من عدد المقاعد في حالة ما إذا كان عدد المقاعد المطلوب شغلها زوجيا.

نلاحظ من هذا التعديل أن البرلمان المشكل من جبهة التحرير الوطني أبقى على القاعدة التي تقضي بتمكين القائمة الحاصلة على أغلبية الأصوات من الحصول على الأغلبية المطلقة للمقاعد واضعا في الحسبان بأنه الأقوى والمهيكل عبر جميع الولايات. وبعد هذا التعديل وبتاريخ 12 جوان 1990 جرت أول انتخابات تعددية محلية وأهم ما أسفرت عليه هو حصول جبهة الإنقاذ على نتيجة 55.42% من المقاعد ، وحصلت على نحو 5ملايين صوت من مجموع 7.8 مليون صوت أي بنسبة 60% من مجموع الأصوات في حين تحصل حزب جبهة التحرير الوطني على نسبة 31.64%من مجموع الأصوات، كما أن نسبة الإمتناع كانت مرتفعة إذ قدرت بحوالي 5 ملايين نسمة، ولقت تمكنت 11 تشكيلة سياسية من المشاركة في هذه الانتخابات المحلية من بين 25 تشكيلة معتمدة آنذاك.

في 29 سبتمبر 1991 ترفع حالة الحصار ويعلن رئيس الجمهورية في 15 أكتوبر 1991 عن تاريخ إجراء الإنتخابات التشريعية في 26 ديسمبر 1991 بالنسبة للدور الأول، وتم ذلك في التاريخ المعلن عنه وأسفرت النتائج على مايلي : فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ 180 مقعد وجبهة القوى الإشتراكية 25 مقعد وجبهة التحرير الوطني 15 مقعد والأحرار على 3 مقاعد وبقي 199 مقعد للتنافس في الدور الثاني.

وفي خضم التحضير للدور الثاني فاجأ رئيس الجمهورية الجميع بتقديم إستقالته بتاريخ 11 جانفي 1992 وأثبت المجلس الدستوري الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية والتصريح باقترانها بشغور البرلمان عن طريق الحل مما تسبب في أزمة دستورية،وبذلك تم تشكيل المجلس الأعلى للدولة وإنشاء مجلس إستشاري بدلا من البرلمان في 4 فيفري 1992.
وقام وزير الداخلية برفع دعوى أمام الغرفة الإدارية للمطالبة بحل الجبهة الإسلامية للإنقاذ ،التي أصدرت في النهاية قرارا بالحل في 4 مارس 1992 ، والذي أيدته المحكمة العليا بقرارها الصادر في 29/04/1992 وعلى إثر ذلك صدرت عدة مراسيم لحل المجالس الشعبية البلدية والولائية التابعة للجبهة الإسلامية للإنقاذ.

نتائج فترة المرحلة الانتقالية :
في يومي 25/26 جانفي 1994 عقدت ندوة للمصالحة إنتهت بالمصادقة على وثيقة المرحلة الإنتقالية التي نصت على تكوين المجلس الإنتقالي الذي يعد بمثابة هيئة تشريعية تشارك فيها معظم الحساسيات وشرائح المجتمع ، إلا أن التمثيل الشعبي لم يتحقق نظرا لعدم مشاركة الأحزاب ذات ثقل من طراز جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الإشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في المجلس الإنتقالي رغم دعوة الرئيس لها.[8]

في سنة 1996 عقدت ندوة أخرى سميت بندوة الوفاق الوطني يومي 14،15 سبتمبر 1996 وتمخضت عنها أرضية تضمنت رزنامة المواعيد الإنتخابية وهي كالتالي :
الإستفتاء حول مراجعة الدستور قبل نهاية 1996.
الإنتخابات التشريعية خلال السداسي الأول من 1997.
الإنتخابات المحلية خلال السداسي الثاني 1997.

بعد ذلك تم الاستفتاء على الدستور يوم 26 نوفمبر 1996 الذي نال ثقة أغلبية المصوتين ، هذا الدستور الذي يعتبره بعض الفقهاء دستورا جديدا حيث تضمن ازدواجية القضاء بإنشاء المحاكم الإدارية ومجلس الدولة ومحكمة التنازع، المحكمة العليا للدولة.[9] تضمن بصفة صريحة عبارة إنشاء الأحزاب السياسية بدلا من جمعيات سياسية كما هو الحال في دستور 1989 إذ نص في المادة 42 "حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به مضمون ، ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية والقيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية وأمن التراب الوطني وسلامته واستقلال البلاد وسيادة الشعب وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة".

وتجسيدا لذلك صدر أمر 97/07 المؤرخ في 6 مارس 1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بالإنتخابات ، والأمر 97/ 09 المؤرخ في 06 مارس 1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية ، حيث تضمن الباب الأول منه كل الحدود التي لايمكن لأي حزب سياسي تجاوزها وإلا عد خارج القانون ، وتضمن الباب الثاني أحكاما تتعلق بالتأسيس حيث أصبح تأسيس الحزب يمر بمرحلتين خلافالما نص عليه قانون 89/11الذي كان يتضمن مرحلة واحدة ، أي مرحلة الإعلام المسبق لتكوين الجمعيات ذات الطابع السياسي , وهاتين المرحلتين هما مرحلة التصريح بتأسيس الحزب السياسي ، ومرحلة طلب اعتماد الحزب حيث تشترط عدة شروط في كل مرحلة من مراحل تأسيس الحزب تجنبا للإنزلاقات التي قد تحدث جراء استغلال بعض الهفوات .

يرى بعض الأساتذة أن هذا التشديد يشكل تراجعا بالنسبة لحرية تكوين الأحزاب السياسية سواء فيما يتعلق بتقوية صلاحيات وزير الداخلية أثناء مرحلةطلب التصريح أو مرحلة طلب الاعتماد أو على مستوى الرقابة القضائية , إضافة إلى طول الإجراءات وتعقيدها التي اتسم بها القانون الجديد.[10] إلى جانب ذلك فإن لهذا القانون بعض المزايا كالتشديدفى استعمال مكونات الهوية لأغراض حزبية ,وتبني التعددية السياسية ,واحترام الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة إلى غير ذلك من الأحكام التي قد ينجر عن عدم احترامها خطر على المسار الديموقراطي .

من هذه الأحكام ما جاء في المادة 18إذ تنص الفقرة الأولى "لا يصح انعقاد المؤتمر التأسيسي إلا إذا كان يمثل 25 ولاية على الأقل, ويجب أن يجمع المؤتمر بين400 و 500 مؤتمر ينتخبهم 2500 منخرط على الأقل يقيمون في 25ولاية على الأقل , على أن لا يقل عدد المؤتمرين عن 16 مؤتمرا لكل ولاية وعدد المنخرطين عن 100في كل ولاية ,ولا يجوز أن يعقد هذا المؤتمر خارج التراب الوطني مهما كانت الظروف،تثبت شروط صحة انعقاد المؤتمر التأسيسي بموجب محضر يحرره محضر أو موثق، يصبح التصريح التأسيسي المنصوص عليه في المادة 12 من هذا القانون لاغيا ، إذا لم يعقد المؤتمر التأسيسي للحزب في الآجال المحددة في هذا القانون.

ويسقط كل نشاط حزبي يمارسه الأعضاء المؤسسون بعد هذه الآجال تحت طائلة أحكام المادة 38 من هذا القانون". بعد ذلك يتم إيداع ملف طلب الاعتماد في ظرف 15 يوما من انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب مقابل وصل ، يسلم الوزير المكلف بالداخلية الاعتماد للحزب السياسي المعني بعد مراقبة مطابقته على أحكام القانون ثم يقوم على نشر الاعتماد في الجرائد الرسمية خلال 60 يوما من إيداع الطلب. هذه الإجراءات أدت إلى القضاء على الأحزاب الطفيلية، التي لا تمثل إلا نفسها، حيث لم تستطع معظمها عقد مؤتمراتها والتكيف مع القانون الجديد.

إلى جانب قانون الأحزاب صدر قانون الإنتخابات 97/07 المؤرخ في 02/07/1997 المدل المتمم لقانون الإنتخابات 1989 حيث عدل طريقة نمط الإنتخابات إذ نصت المادة 78 من قانون الانتخابات تتحصل كل قائمة على عدد المقاعد بقدر عدد المرات التي حصلت فيها على المعامل الانتخابي وترتب الأصوات الباقية التي حصلت عليها القوائم الفترة بمقاعد حسب أهمية عدد الأصوات التي حصل عليها كل منها وتوزع باقي المقاعد حسب هذا الترتيب . باعتماد هذا النمط في الانتخابات تمكنت الأحزاب السياسية الأكثر تمثيلا بالتواجد ضمن المجالس المنتخبة.

على ضوء هذا القانون الجديد للانتخابات وتجسيدا لما جاء في ندوة الوفاق الوطني تم تنظيم الانتخابات التشريعية في 05 جوان 1997 التي أسفرت عن فوز حزب التجمع الديمقراطي ب 156 مقعدا أي بنسبة 33.66 وحركة مجتمع السلم بـ 96 مقعد بنسبة 14.80 % وجبهة التحرير الوطني بـ 62 مقعد بنسبة 14.27 % فحركة النهضة بـ 34 مقعد 8.72 % وجبهة القوى الاشتراكية بـ 20 مقعد أي بنسبة 5.3 % والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بـ 19 مقعد بنسبة 4.21% والمرشحون الأحرار بـ 11 مقعد بنسبة 4.38 %وحزب العمال بـ 4 مقاعد بنسبة 1.81% والإتحاد من أجل الديمقراطية والحريات والحزب الاجتماعي الحر بمقعد واحد لكل منهما.

أما على المستوى المحلي جرت الانتخابات المحلية في 23 أكتوبر 1997 أين تحصل حزب التجمع الوطني الديمقراطي على أغلبية المقاعد بـ 55.18% على مستوى البلديات و52.44 % على مستوى الولايات ويأتي بعده حزب جبهة التحرير الوطني بـ 21.82 % على مستوى البلديات و19.84% على مستوى الولايات ثم تأتي حركة مجتمع السلم بـ 6.62% على مستوى البلديات و 13.83 % على مستوى الولايات ثم جبهة القوى الاشتراكية 4.91% على مستوى البلديات و 2.92 % على مستوى الولايات، ثم تأتي بعد ذلك حركة النهضة ويليها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى غير ذلك من الأحزاب التي حصلت على نسب ضئيلة جدا[11] أما انتخابات 2002 فتحصلت جبهة التحرير على أغلبية الأصوات ويليها التجمع الديمقراطي ثم تأتي الأحزاب الأخرى بعد ذلك.

الخاتمـــة :
من خلال هذه الدراسة يتضح أن النظام القانوني للاحزاب في الجزائر مر بمرحلتين المرحلة ما قبل 1989 والتي تميزت بالحزب الواحد والمرحلة الثانية هي بعد 1989 والتي عرفت فيها الجزائر مرحلة التعددية. وبالرغم من أن الجزائر عرفت تجربتين انتخابيتين إلا أن الخارطة السياسية لم تستقر إلى حد الساعة وإن كانت المؤشرات توحي أن الأحزاب الوطنية والإسلامية هي التي يكون لها الحظ الأوفر في السيطرة على الخارطة السياسية مع تقدم ملموس للأحزاب الوطنية ، والمستقبل السياسي للجزائر سيكشف فيما بعد أي الأحزاب التي ستسيطر على المشهد السياسي في الجزائر.

الهوامش والاحالات :
[1] -صدر بالجريدة الرسمية رقم 2 ص 18 باللغة الفرنسية 1963 وألغي هذا القانون بواسطة الأمر 73/29 المؤرخ في 05/07/1973 ج.ر رقم 62.
[2] -المرسوم رقم 71/79المؤرخ فى 3ديسمبر1971صادر بالجريدة الرسمية رقم 151بتاريخ31ديسمبر 1971ص 1815.
[3] - صدر في الجريدة الرسمية عدد94 بتاريخ 24نوفمبر 1976 ص1122
[4] -الدكتور سعيد بوالشعير النظام السياسي الجزائري دارالهدى للطباعة و النشر و التوزيع 1990 ص 177 - 178
[5] - Omar Ben Dourou : La nouvelle constitution Algérienne du 28fevrier Revue de droit publique et de la science politique en France année 1989 P 1315
[6] -الدكتور عمر صدوق : آراء سياسية وقانونية في بعض قضايا الازمة د م ج 1995 ص 51
[7] -الدكتور سعيد بو الشعير المرجع السابق ص 318
[8] - Mohamed Brahimi : Le pouvoir , La presse , et les droits de l'homme en Algérie Edition Marinoor 1997P88
[9]- Ahmed Mahiou: Notes sur la constitution Algerienne du 28/11/1996 Annuaire de l'Afrique du nord 1996 C.N.R.S P 480
[10] - الدكتور بوكرا إدريس نظام الأحزاب السياسية طبقا للأمر 97/09 المؤرخ 06/03/1997المتضمن القانون العضوي للأحزاب السياسيـة بين الحريـة والتقييد مجلة إدارة مركـز التوثيق والبحوث الإداريـة المدرسة الوطنية للإدارة العدد 1/1998ص65.
[11]- رشيد بن يوب دليل الجزائر السياسي المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية1999 ص74.

المراجع :
1 النصوص القانونية
-دستور 10سبتمبر 1963
-دستور22نوفمبر1976
-التعديل الدستوري الثاني في 23/11/1989
-دستور يوم 26 نوفمبر 1996
-قانون رقم 62/157 مؤرخ في 31/12/1962 يتضمن سريان التشريع الفرنسي النافذ إلى غاية31/12/1962 إلاما يتعارض مع السيادة الوطنية ألغي بواسطة الأمر 73/29 المؤرخ في 05/07/1973 ج.ررقم 62
-قانون 89/11 المؤرخ في 05/07/1989 يتعلق بالجمعيات السياسية
-أمر 97/07 المؤرخ في 6 مارس 1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بالإنتخابات ،
-أمر 97/09 المؤرخ في 06 مارس 1997 المتضمن القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية
-مرسوم رقم 63/297مؤرخ في 14 أوت 1963يتضمن منع إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي
-المرسوم رقم 71/79المؤرخفى 3ديسمبر1971صادر بالجريدة الرسمية رقم 151بتاريخ31ديسمبر 1971
2 المؤلفات
الدكتور سعيد بوالشعير: النظام السياسي الجزائري دارالهدى للطباعة و النشر و التوزيع 1990
الدكتور عمر صدوق : آراء سياسية وقانونية في بعض قضايا الازمة د م ج 1995
3المقالات
الدكتور بوكرا إدريس: نظام الأحزاب السياسية طبقا للأمر 97/09 المؤرخ 06/03/1997المتضمن القانون العضوي للأحزاب السياسيـة بين الحريـة والتقييد مجلة إدارة مركـز التوثيق والبحوث الإداريـة المدرسة الوطنية للإدارة العدد 1/1998
_ Mohamed Brahimi : Le pouvoir , La presse , et les droits de l'homme en Algérie Edition Marinoor 1997
_Omar Ben Dourou : La nouvelle constitution Algérienne du 28fevrier Revue de droit publique et de la science politique en France année 1989
_Ahmed Mahiou : Notes sur la constitution Algerienne du 28/11/1996 Annuaire de l'Afrique du nord 1996 C.N.R.S P 480
4وثائق
- رشيد بن يوب: دليل الجزائر السياسي المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية 1999


أحمد سويقات جامعة ورقلة

look/images/icons/i1.gif التجربة الحزبية في الجزائر
  13-03-2020 01:56 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 28-01-2012
رقم العضوية : 3
المشاركات : 334
الجنس :
الدعوات : 6
قوة السمعة : 160
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص
دراسة مهمة لتجربة الحزبية في الجزائر شكرا لك علي النقل

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
التجربة ، الحزبية ، الجزائر ،









الساعة الآن 03:34 PM