logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





look/images/icons/i1.gif الكفيل في القانون التجاري الجزائري
  24-12-2016 06:42 صباحاً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 463
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب


السبب:

إن تحديد ركن السبب في عقد الكفالة، صعب و ترجع هذه الصعوبة إلى طبيعته الخاصة باعتبارها عملية قانونية ثلاثية، إذ هناك العلاقة بين الدائن والمدين ثم العلاقة بين الكفيل والدائن و بين الكفيل والمدين وهذه الأخيرة رغم أهميتها إلا أنها خارجة عن نطاق عقد الكفالة لأن المدين ليس طرفا فيها، وهنا قد يكون سبب كفالته هو إسداء خدمة بتوفير الاتمان للمدين أو مقابل يتقاضاه منه أو قد يكون بقصد قضاء دين عليه لهذا الأخير.

-ومنه هل يستطيع الكفيل أن يحتج في مواجهة الدائن بما قد يعتري علاقته بالمدين من عدم وجود السبب أو عدم مشروعية الباعث و بناءا عليه يطالب ببطلان الكفالة؟(1).

-ذهب البعض إلى عدم جواز ذلك لأن الكفالة تصرف مجرد، فالتزام الكفيل صحيح ولو لم يكن له سبب أو كان سببه غير مشروع، بينما رأي البعض الآخر خاصة في مصر و فرنسا عكس ذلك بوجوب أن يكون للالتزام سبب مقصود وأن يكون الباعث الرئيسي الدافع إلى التعاقد مشروع.

-ولعل السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو : لماذا التزم الكفيل في مواجهة الدائن؟



والإجابة على هذا السؤال لا نجدها في العلاقة بين الكفيل والدائن، ولكن نجدها في العلاقة بين الدائن والمدين أين نجد أن الكفيل التزم في مواجهة الدائن ليسمح للمدين بالحصول على الائتمان من الدائن وهذا هو سبب التزام الكفيل و بشرط أن يكون موجود لحماية الكفيل حتى الالتزام في مواجهة الدائن دون سبب وهو السبب الذي يتوافق و الشروط الموضوعية للنظرية التقليدية للسبب ( سبب موضوعي مجرد و مباشر وغير متغير ) هذا و عدم وجوده يؤدي إلى بطلان التزام الكفيل.

-أما الباعث الرئيسي أو الدافع للتعاقد، فهو شخصي وغير مباشر و متغير، يختلف من كفيل إلى آخر، ويشترط فيه أن يكون مشروعا.

كما يتوجب أن يكون المتعاقد الأخر-الدائن- على علم به وذلك لاستقرار المعاملات وحتى لا يفاجأ ببطلان عقد لا يعلم عن سببه شيء، وإن كان الدافع إلى التعاقد غير مشروع كان العقد باطل يشترط أن يكون الدائن عالما به(2).

هذا و إذا قام نزاع حول وجود السبب أو مشروعيته فإن عبء الإثبات يقع على عاتق الكفيل إذ عليه أن يثبت عدم وجود السبب أو مخالفته للنظام العام و الآداب و علم الدائن بالباعث الدافع للتعاقد أو إمكانية علمه بذلك، وله في ذلك أن يلجأ لكافة طرق الإثبات.





(1)زكي محمود جمال الدين، التأمينات الشخصية والعينية صفحة 75.

(2)ومثاله أن يكفل شخص خليلته لا لشيء إلا ليحظر باستمرار معاشرها له فالباعث الدافع الرئيسي غير مشروع لمخالفته لحسن الآداب.

الخاتمة :

بعد دراستنا «عقد الكفالة» كأبرز وأهم أنواع التأمينات الشخصية، يتبين لنا أن هذا الضمان الشخصي عاجز عن تحقيق الحماية الفعالة والمثلى للدائن أو الدائنين إذ قد يفقد الكفيل أو الكفلاء حال تعددهم أحد الشروط الموضوعية الواجبة فيهم كأن يتعرض للإعسار أو يفقد أهليته، ضف إلى ذلك أن الدائن في هذا الضمان يظل دائنا عاديا إذ يشترك مع غيره من الدائنين في الضمان العام، و لا يتميز أبدا عن غيره،فما هي الأثار التي تلحق بعقد الكفالة حين يتم إنعقاده؟.



3/ وجوب توافر الأهلية الواجبة للالتزام بالكفالة:

وهو الشرط المستمد مما تقتضيه القواعد العامة، وعلى ذلك إذا كان المدين ملزما بأن يقدم لدائنه كفيلا فإنه يجب أن تتوافر فيه الأهلية، وذلك لأنه مقبل على التزام ضارا بمصالحه، لذا يستوجب أن يكون واعيا بما هو قادم عليه، و متدارك لحضوره هذا الالتزام(1)، ومن هذا المنطلق، فإن المدين متى قدم كفيلا موسرا، ومقيما بالبلاد، وتوفرت لديه أهلية إبرام العقد، فإنه يكون قد أوفي بالتزامه بتقديم كفيل، ولكن ما هو الحل، إذا فقد الكفيل أحد هذه الشروط بعد ذلك؟ كما لو أصبح معسرا أو غيّر موطنه.

*أن المدين يلتزم بتقديم كفيل تتوافر فيه الشروط السابقة، وذلك إذا طلب الدائن ذلك، أما إذا كان الكفيل قد تم اختياره بواسطة الدائن فإن المدين لا يلتزم بتقديم شخص آخر يحل محله إذا فقد أحد الشروط الواجبة، ونفس الحكم، إذا كان الكفيل قد التزم دون علم المدين(2)، فإذا اعسر الكفيل إعسارا جزئيا، جاز للدائن أن يطالب بكفالة أخرى تكمل كفالة الأول، ولا يكون المدين ملزما بتقديم كفيل آخر إذا مات الكفيل الأول الذي قدمه لأن التزام هذا الأخير ينفذ من تركته.

هذا و يجيز القانون للمدين أن يقدم عوضا عن الكفيل تأمينا عينيا لأنه يحقق ضمانا أكثر للدائن في استفاء حقه، وعلى هذا يكون للمدين الخيار بين تقديم كفيل أو تأمين عيني للدائن بشرط أن تكون هذا التأمين كافيا وإذا نازع الدائن في كفاية التأمين العيني فإن تقدير الأمر متروك لقاضي الموضوع، وبهذا للمدين أن يقدم للدائن رهن رسمي أو حيازي.

إن الحديث عن التأمينات المقدمة للدائن في سبيل تأمين دينه يجرنا حتما للكلام عن كفالة الكفيل في حد ذاته أو ما يسمى في اصطلاح الفقه «المصدق»، وهو ما ورد في نص المادة 659 ق.م و 669، و المصدق هو الشخص الذي يكفل الكفيل، فهو يكفل التزام الكفيل دون المدين أي أنه يكفل الالتزام التابع وليس الالتزام الأصلي، ويلتزم بهذا، المصدق بوفاء التزام الكفيل وليس التزام المدين الأصلي، وعلاقة المصدق بالكفيل هي نفس علاقة الكفيل بالمدين، ومن ثمة تخضع لنفس أحكام الكفالة ذلك أن التزام المصدق هو إلتزام تابع لإلتزام الكفيل.



ويعتبر المصدق في علاقته بالدائن كفيلا للكفيل و في علاقته بالكفيل كما لو كان هذا الكفيل مدنيا أصليا بالنسبة له، و يترتب على ذلك أنه لا يجوز للدائن أن يرجع على كفيل الكفيل قبل رجوعه على الكفيل، وهو ما جاء







(1)والسن اللازمة هي سن الرشد القانوني ( 19 سنة )

(2)إن مرد جواز تقديم كفيل آخر لضمان الدين إن أعسر الكفيل الأول هو نص المادة 646 لأنها جاءت بصيغة الجواز يقودها، «وله أن يقيم عوض عن الكفيل تأمين عيني كافي …». مما يفيد أن المدين متى التزم بقديم كفيل و أفلس له أن يعوض الدائن بكفيل آخر ملئ الذمة وله أن يقدم له تأمين عيني حسب قدرته و حسب اتفاقه مع الدائن و رضائه بذلك.



بالمادة 669 ق.م(1)، ومن ثمة فالمصدق لا يجبر على الوفاء للدائن إلا حيث يكون المدين الأصلي والكفيل المكفول معسرين ولا يرجع الدائن على المصدق إلا إذا لم يمكنه الرجوع على الكفلاء والمدين الأصلي.

ويستطيع المصدق أن يطلب من الدائن أن يرجع أولا على المدين الأصلي ثم على الكفيل، وله كذلك الدفع بالتجريد إزاء المدين و إزاء الكفيل، و له الدفع بالتجريد للمدين الأصلي ثم الكفيل، فالدائن لا يستطيع التنفيذ على أموال المصدق قبل أن ينفذ على أموال المدين الأصلي أولا و الكفيل ثانيا(2).

وليس للمصدق أن يطلب تقسيم الدين مع الكفيل لأنهما لا يكفلان دينا واحدا فالكفيل يكفل التزام المدين الأصلي، أما المصدق فيكفل التزام الكفيل ( أي أننا لا نطبق نص المادة 664).

أما إذا أننا بصدد أكثر من مصدق لنفس الكفيل فإن الدين ينقسم عليهم لأنهم يكفلون جميعا التزام واحد هو التزام الكفيل بشرط أن يكونوا قد التزموا بعقد واحد وغير متضامنين ( 664 ق.م).

ولكفيل الكفيل التمسك بالدفوع التي يجوز للكفيل التمسك بها، ومن هذه الدفوع دفوع خاصة بالكفيل و دفوع خاصة بالمدين الأصلي، ويجوز أن يتمسك بالدفوع الخاصة به، كبطلان عقد كفالة الكفيل أو قابليته للإبطال، وانقضاء التزام كفيل الكفيل بطريق أصلي وله كذلك أن يتمسك بأن ينفذ الدائن على كفالة عينية قدمها المدين الأصلي، وله استعمال حقوق الكفيل الذي كفله باسم هذا الكفيل كما يستعمل حقوق المدين في الدعوى الغير مباشرة.

هذا و إذا كان المصدق متضامنا مع الكفيل، فتطبق عليه أحكام الكفيل المتضامن ومن ثم فليس له أن يطلب من الدائن الرجوع على المدين الأصلي أو الكفيل أولا وليس له الدفع بالتجريد و كذلك أي طلب للتنفيذ على أموالهما في البداية.

هذا وأن كفالة المصدق لا تفترض بل يجب الاتفاق عليها صراحة فإذا كفل المدين الأصلي كفيلان سبق أحدهما الأخر في الكفالة فإن هذا لا يعني أن الكفيل المتأخر يكفل الكفيل المتقدم، بل يكون كل منهما كفيلا للمدين الأصلي و تطبق عليهم القواعد الخاصة بتعدد الكفلاء وفي هذا رجوع لنص المادة 664/2 (3).







(1)وذلك بقولها: تجوز كفالة الكفيل، وفي هذه الحالة لا يجوز للدائن أن يرجع على كفيل الكفيل قبل رجوعه على الكفيل، إلا إذا كان كفيل الكفيل متضامن مع الكفيل، وهنا نشير إلى النص باللغة العربية سقطت منه عبارة: « الكفيل » المبينة سالفا مما جعلت النص غير مفهوم إذ يفهم منه وهي ساقطة أن الدائن لا يرجع على الكفيل والمقصود هو كفيل الكفيل، إلا أننا نعتقد أن الخطأ هو مطبعي باعتبار أن النص الفرنسي صحيح، ومفهوم المعني، كما أننا نشير إلى أن المادة 659 نصت في بدايتها على أن « يجوز كفالة الكفيل وفي هذه الحالة لا تجوز المستندات الأزمة استعمال حقه في الرجوع»، وهنا النص جاء بترجمة جد ركيكة فالمادة لا تتكلم على كفالة الكفيل بل تنظم التزام الدائن في وقت الوفاء الذي تم من الكفيل بأن يسلم لهذا الأخير المستندات اللازمة يستعملها عند ممارسة حقه في الرجوع على المدين و التي تضمن الدين وهذا مرة أخرى راجع للترجمة الركيكة و السهو بإضافة ألفاظ لا علاقة لها بموضوع المادة.

(2)فالمصدق يتمتع بنفس الدفوع الممنوحة للكفيل عند عودة الدائن عليه أولا والمنصوص عليها بالمواد 660-661 و 663.

(3)أي يرجع على أي واحد منهم بكل الدين إلا إذا احتفظ لنفسه بحق التقسيم











المطلب الثاني : أركـــان الكفالــة



إذا كان عقد الكفالة بالمعنى الضيق لا يكون إلا بين الدائن و الكفيل، إلا أن تعريف، الكفالة، يدل على أن هناك شخصا ثالثا يهمه الأمر، هو المدين الأصلي وعلى العموم يبرم عقد الكفالة، بتوافر الأركان العامة المعروفة من : رضا، محل، سبب مع بعض الخصوصية التي تميز عقد الكفالة والتي سندرسها فيما يلي :

1/ الرضا : عقد الكفالة كغيره من العقود، قوامه الرضا، الذي هو الأساس الطبيعي لكل عقد، وهذا منطقي باعتباره عقد رضائي، فلقيامه يجب تطابق إرادتي الدائن والكفيل دون اشتراط شكل خاص، ودون حاجة إلى رضا المدين لأنه ليس طرف في عقد الكفالة(1).

والتعبير عن الإرادة من هذا المنطلق، يتم بالنسبة للدائن بالتعبير عن إرادته صراحة أو ضمنيا تطبيق للقواعد العامة، وهو ما نصت عليه المادة 60 من القانون المدني.

وبالنسبة للكفيل يطرح التساؤل : هل يشترط أن يكون تعبيره عن إرادته صريحا أم يجوز أن يكون ضمنيا ؟

وهنا نقول أن المشرع لم يحدد موقفه من ذلك، واكتفى بالقواعد العامة، أي الحكم المنصوص عليه بالمادة 60 من القانون المدني، إلا أن وصفنا لعقد الكفالة بأنه عقد تبرعي، ينم عن خطورة بالنسبة للكفيل تكمن فيما يلقي على عاتقه من التزام، ومنه تحميله بهذه الالتزامات يوجب أن يرتضي بها صراحة و بصفة قاطعة تدل على قصده في تحملها(2)، ولهذا السبب ارتأى المشرع الفرنسي إلى وضع نص صريح تجسد في المادة 2015 ق.م فرنسي أوجب فيها أن يكون رضا الكفيل صريحا.

*الأهلية : يجب أن تتوفر في الكفيل أهلية التبرع، وهي الأهلية اللازمة للتصرفات الضارة ضررا محضا، وهو ما نصت عليه المادة 40 من القانون المدني. والتي حددت سن الرشد بـ: 19 سنة على أن لا يكون الكفيل محجورا عليه وإلا وقعت الكفالة الكفالة باطلة بطلانا مطلقا، وعلى ذلك لا يجوز للقاصر ولا المحجور عليه أن يكفل الغير متبرعا.

أما بالنسبة للدائن، فإن هذا التصرف بالنسبة له يعتبر من الأعمال النافعة نفعا محضا، ومنه يكفي أن تتوافر أهلية التميز طبقا للمادة 42 من قانون المدني.



(1)وهو ما نصت عليه المادة 647 بقولها: « تجوز كفالة المدين يغير علمه و تجوز أيضا رغم معارضته»، وهو النص المطابق لنص المادة 775 مدني مصري وللإشارة أن هذا النص جاء مخالف لقواعد الشريعة الإسلامية التي تحرم على الكفيل الذي يضمن المدين بدون علمه أو رغم معارضته من حق الرجوع عليه، ولقد وافق المشرع التونسي الشريعة الإسلامية في نص المادة 1488 من القانون التونسي.

(2)في هذا الصدد ذهب جانب من الفقه المصري إلى أن اشتراط الكتابة في إثبات عقد الكفالة دليل على خطورة التزام الكفيل، لذا ذهب هذا الجانب إلى وجوب أن يكون رضا الكفيل صريح، إلا أن هذا الرأي ليس صائب لأن اشتراط الكفالة حسب نص المادة 773 مدني مصري ليس دليل على اشتراط أن يكون الرضا صريح، حيث أنه عند تخلف الكفالة، يجوز إثبات الالتزام بما يقوم مقامه من إقرار و يمين ومن ثمة ذهب رأي آخر للقول بأن التنصيص على الإرادة الصريحة تعود إلى خطورة الالتزام باعتباره تبرعي و ليس لأن المادة أوجبت الكتابة في الإثبات.





*عيوب الإرادة في الكفالة :

حتى يكون عقد الكفالة صحيحا يجب طبقا للقواعد العامة ألا يكون الرضا في هذا العقد مشوبا بما يلحق الإرادة من عيوب، أي الغلط، أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال.

في العقد الملزم لجانب واحد-كعقد الكفالة-نجد أنه لا ينشئ التزاما إلا في جانب أحد المتعاقدين-وهو الكفيل، ولذا نجد أن مسألة عيوب الإرادة لا تهم إلا الطرف المدين، أما بالنسبة للدائن فإنه وإن كان ليس بمنأى عن الوقوع في غلط في شخص الكفيل أو يساره، إلا أنه ليس له مصلحة في طلب إبطال العقد، لهذا السبب لأنه في مثل هذه الحالات يستطيع الدائن أن يرجع على المدين الأصلي الذي قدم له الكفالة ليطلب منه كفيل آخر، وإلا عرّض الحقوق المكفولة بهذا الضمان للخطر كأن يطلب سقوط الأجل مثلا.

هذا و أن الملاحظ أن شخص المدين و صفاته لها أهمية جوهرية في عقد الكفالة، فإن اعتقد الكفيل أنه يكفل مدين معين، ثم تبين له أن المدين شخص آخر أو إذا اعتقد أن المدين تاجر، فإذا به غير ذلك، كان له-الكفيل- طلب إبطال العقد على أساس الغلط الذي وقع فيه(1)، وبما أن المادة 82 ق.م تنص على أنه : «يكون الغلط جوهري إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.

ويكون الغلط جوهري على الأخص إذا وقع في صفة للشيء يراها المتعاقدان جوهرية، أو يجب اعتبارها كذلك نظرا لشروط العقد و لحسن النية.

إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته و كذلك تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد ».

فالمادة لم تحصر الحالات التي تعتبر فيها الغلط جوهري، ومنه تعتبر الغلط في شخص المدين جوهري لأنه موضوع إعتبار في التعاقد ومنه يحق للكفيل طلب الإبطال على هذا الأساس بشرط أن يثبت أنه لولا ذلك لما أرتضى أن يضمن المدين وأن الدائن كان يعلم بعدم يسار المدين أو كان من السهل عليه أن يتبين ذلك(2).

أما بالنسبة للتدليس، و الإكراه، فإن القواعد العامة تقتضي أنه في حالة وقوع التدليس أو الإكراه من غير المتعاقدين و هو الغالب فليس للمتعاقد المدّلس عليه أو المكره أن يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الآخر كأن يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بالتدليس و الإكراه، فإن الكفيل لا يستطيع طلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن الدائن كان يعلم أو كان من المفروض حتما أن يعلم بالتدليس و الإكراه،(المادة 87 و 89 ق.م)

هذا و إن كان الغالب أن التدليس يقع من المدين فإنه قد يقع من الدائن نفسه الذي هو طرف في العلاقة و هنا تخضع هذه الحالة لنص المادة 86 ق.م التي تنص على جواز إبطال العقد للتدليس إن كانت الحيل التي لجأ إليها، أحد المتعاقدين أو نائبه من الجسامة بحيث لولاه لما أبرم الطرف الثاني العقد، ونفس الشيء بالنسبة للإكراه ( المادة 88 ق.م).











(1)سمير تناغو، التأمينات الشخصية والعينية 1991، صفحة 86.

(2)العبرة من وجوب العلم لدى المتعاقد الآخر بالخطأ يكمن في استقرار المعاملات حتى لا يفاجأ الدائن بإبطال العقد.







أما بالنسبة للاستغلال ( المادة 90 م) والمتعلقة بالإبطال الناتج عنه فإنه من المتصور جدا، إذ قد تستغل امرأة شابة الهوى الجامع لدى محبوبها الطاعن في السن ليضمنها لدى الدائن ليمنحها قرضا كبيرا، لكن يستوجب هنا أن يكون الدائن على علم بذلك حتى لا يفاجأ بإبطال عقد لا يعرف عن سببه شيء، وهذا تحقيقا لاستقرار المعاملات.

2/ المحل:

محل التزام الكفيل هو أن يفي بالتزام المدين، إذ لم يف به المدين نفسه، ويجب أن يكون هذا المحل ممكن و معينا و مشروعا ولكي يكون محل التزام الكفيل ممكنا يجب أن يكون الالتزام الأصلي موجودا أو قابلا للوجود، وصحيحا، وعليه نتطرق للأحكام المتعلقة بالدين المكفول، لأن محل التزام الكفيل لا يكون ممكن إلا بتوافر شروط

معينة في الدين الأصلي كما أن لشرط تعين محل التزام الكفيل أو قابلية للتعيين لا يتحقق إلا إذا كان محل التزام المدين الأصلي كذلك. أما مشروعية محل التزام الكفيل فلا تثير أي إشكال لأن التعهد بضمان التزام صحيح يعد مشروعا في حد ذاته

أ-الالتزام المكفول :

أي التزام يمكن كفالته أيا كان مصدره وأيا كان محله، إذ يمكن كفالة الالتزام الذي يكون مصدره العقد، أو الالتزام الذي يكون مصدره العمل الغير مشروع، أي أن يعترف المدين في العمل الغير مشروع بمبدأ المسؤولية و بمقدار التعويض و يأتي كفيل ليضمنه فيه، وقد يكون الالتزام مصدره الإثراء بلا سبب أو رد غير مستحق أو فضالة، وقد يكون مصدره القانون، هذا و يمكن كفالة التزام أيا كان محله سواء التزام بإعطاء أو الالتزام بعمل أو الالتزام بالامتناع عن عمل، وقد يكون التزام الكفيل محلا لكفالة أخرى و يسمى هنا كفيل الكفيل أو المصدق من شروط التزام المكفول أن يكون: موجودا، صحيحا وأن يكون معينا أو قابل للتعين

*/ الشرط الأول : وجود الالتزام المكفول:

التزام الكفيل التزام تابع لا يقوم بذاته بل يستند إلى التزام آخر صحيح يضمن الوفاء به ولكن هذا لا يمنع من أن يكون الالتزام الأصلي مستقبليا أو شرطيا.

ا-كفالة الالتزام المستقبلي :

تنص المادة 650 ق.م على أنه :«تجوز الكفالة في الدين المستقبل إذا حدد مقدما المبلغ المكفول، كما تجوز الكفالة في الدين المشروط.

غير أنه إذا كان الكفيل في الدين المستقبل لم يعين مدة الكفالة، كان له أن يرجع فيها، في أي وقت مادام الدين المكفول لم ينشأ».

أجاز القانون كفالة الالتزام المستقبلي في هذه المادة متأثرا بالقاعدة العامة الواردة بالمادة 92/1 ق.م.ج(1) : «يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا».



(1)المادة المقابلة لهذه المادة 131 ق. مدني مصري.

فإذا كانت قاعدة التبعية تفترض وجود الدين الأصلي فإنها لا تشترطه ومنه أمكن وجود كفالة قبل وجود الدين، ومن ثمة كانت كفالة الالتزام المستقبل، هو التزام صحيح وبات لأن الالتزام المكفول وإن لم يكن موجودا إلا أنه قابل للوجود.

كفالة الالتزام المستقبل مقيدة بقاعدتين:

الأولى - وجوب تحديد المبلغ المكفول:

اشترطت المادة لانعقاد الكفالة تحديد مقدار الدين المكفول أو الحد الأقصى الذي يمكن أن يصل إليه و إلا كانت باطلة و الحكمة من ذلك هو حماية الكفيل حتى يكون على بينة من الدين الذي يكفله، وحتى لا يتورط في دين لا يعرف مقداره.

ويكفي أن يكون الدين محدد المقدار أو قابل للتحديد والتعيين طبقا للقواعد العامة، وهنا يتوجب تحديد الحد الأقصى الذي يمكن أن يكفله الكفيل.

الثانية - مدة الالتزام في الكفالة المستقبلية:

متى عين الكفيل مدة معينة يلتزم خلالها بكفالة الدين المستقبل، فإنه يظل مقيد بهذه الكفالة طول هذه المدة، فلا يرجع عنها خلال المدة المحددة فإن نشأ جزء من الدين ضمنه الكفيل لأن ضمانه يقتصر على ما ينشأ من الدين خلال مدة الكفالة، فإذ لم ينشأ الدين برأت ذمة الكفيل نهائيا بانتهاء المدة ما لم يتفق على تجديدها.

أما أن لم تعين مدة للكفالة، فإن للكفيل الرجوع عنها و التحلل من إلتزامه في أي وقت ما دام الدين لم ينشأ، أما إن نشأ فإن الكفيل لا يستطيع الرجوع عنها، هذا ولكي ينتج الرجوع أثره، وجب إعلان الدائن بهذا الرجوع عن الالتزام بالكفالة طبقا للقواعد العامة التي تقضي بأن التغيير لا ينتج أثره إلا من الوقت الذي يصل فيه إلى علم الدائن.

ب-كفالة الالتزام الشرطي:

نصت المادة 650 ق.م.ج :« .. كما تجوز الكفالة في الدين المشروط ..» مؤدي المادة أن كفالة الالتزام في الدين الشرطي جائزة، و تطبق القواعد العامة في هذا الصدد، حيث تكون الكفالة تطبيقا لفكرة التبعية معلقة على ذات الشرط المعلق عليه الالتزام الأصلي سواء كان شرطا فاسخ أو واقف.

*فإذا كان الدين المكفول معلق على شرط واقف، فإن التزام الكفيل يكون معلق على ذات الشرط، فإن تحقق الشرط فإن كل من الالتزام المكفول و التزام الكفيل يصبح نافذا أو باتا أما أن تخلف الشرط الواقف زال الدين الأصلي بأثر رجعي ومعه التزام الكفيل بالتبعية و إذا كان الدين المكفول معلق على شرط فاسخ فإن الكفالة تكون كذلك فإن تحقق الشرط زال كل من التزام المدين والتزام الكفيل في نفس الوقت بأثر رجعي، أما إن تخلف الشرط الفاسخ فإن كل من الالتزامين يصبح باتا.













ج-كفالة الالتزام الطبيعي:

نظم المشرع الالتزام الطبيعي في المواد 160 إلى 163، و يقصد به الالتزام الذي يتضمن عنصر المديونية فقط، ويفتقد لعنصر المسؤولية بحيث لا يمكن إجبار المدين على الوفاء به(1).

ومن هذا المنطلق إذا كان المدين غير مجبر على تنفيذ الالتزام إن كان طبيعيا، فإنه من غير المتصور أن نضمن الوفاء بهذا الالتزام وهذا تطبيقا لفكرة التبعية، حتى لا يكون التزام الكفيل أشد التزام المدين(2)، وحتى وإن انعقدت الكفالة صحيحة ضمانا لالتزام مدني ثم تحول هذا الالتزام إلى التزام طبيعي، فيتحول التزام الكفيل أيضا.

لكن إذا قام الكفيل بالوفاء بالدين تنفيذا لالتزام طبيعي فإنه لا يمكنه أن يسترد ما دفعه لأن نص المادة 162 مدني جاء فيه : لا يسترد المدين ما أداه باختياره بقصد تنفيذ التزام طبيعي».

هذا وإذا قدم المدين في التزام طبيعي كفيل للدائن ضمانا للوفاء فسّر ذلك على أنه أراد أن يحول التزامه الطبيعي إلى التزام مدني وهذا جائز طبقا للمادة 165(3)التي نص:«يمكن أن يكون الالتزام الطبيعي سببا لالتزام مدني ».

*/ الشرط الثاني-أن يكون الالتزام المكفول صحيحا:

تنص المادة 648 مدني على أنه: « لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام المكفول صحيحا»، فطبقا لنص المادة لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام الأصلي صحيحا أي لا يمكن أن توجد كفالة على التزام باطل».

وفيما يلي نبين حكم كفالة الالتزام الباطل و كفالة الالتزام القابل للإبطال ثم كفالة ناقص الأهلية باعتبار أن المشرع خصها بحكم خاص بها.

أ-كفالة الالتزام الباطل :

يكون الالتزام الأصلي باطلا إذ اختل ركن من أركانه كأن يكون محله غير مشروع أو لم يستوف الشكل إذا كان العقد شكليا أو كان سببه غير مشروع.وعملا بفكرة تبعية الكفالة الالتزام الأصلي من حيث الصحة والبطلان، فإنه إذا كان الالتزام الأصلي باطلا كانت كفالته كذلك و يستطيع الكفيل التمسك ببطلان الالتزام الأصلي أيا كان سبب البطلان و بالتالي لا تجوز كفالته ومنه إن كان الالتزام الأصلي باطلا أعتبر محل إلتزام، الكفيل مستحيلا في ذاته.

ب-كفالة الالتزام القابل للإبطال:

الالتزام القابل للأبطال يعتبر التزاما صحيحا و منتجا لكل آثاره، حتى يحكم بإبطاله، ومنه كفالة هذا الالتزام جائزة و صحيحة، ولكنها تأخذ حكم هذا الالتزام، أي تبقى صحيحة طالما الالتزام الأصلي لا زال قائما ولم يبطل، أما إن أبطل الالتزام الأصلي فتبطل الكفالة معه بالتبعية وهو الحكم الذي ينطبق على كافة حالات القابلية للإبطال لأي عيب من عيوب الإرادة مع مراعاة الحكم الخاص بناقص الأهلية.



(1)كأن سقط الدين المدين بالتقادم ( المادة 320) ق.م.ج

(2)المادة 652 من القانون المدني الجزائري

(3)محمدي سليمان-التأمينات الشخصية عقد الكفالة، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 19.



لكن قد يحدث أن يجيز المدين الأصلي التزامه، فما هو مصير الكفالة في هذه الحالة، أي هل يسقط حق الكفيل في طلب الإبطال بمجرد أن يصبح الالتزام الأصلي صحيحا بالإجازة أم يبقى حق الكفيل في طلب الإبطال قائما طالما لم يجز كفالته لتصبح صحيحة بدورها؟

إن الرأي الراجح في هذه المسألة هو أن حق الكفيل في طلب إبطال كفالته لا يسقط بإجازة المدين الأصلي لعقده، وإنما يبقى حق الكفيل في طلب الإبطال قائما و الحجة على ذلك هو تفسير المادة 654/2، لأنها استثنت الحالة التي لا يجوز فيها للكفيل طلب الإبطال و تحديد هذه الحالة دليل على أن المشرع لم يرد أن يحرم الكفيل من التمسك بالإبطال في كل الحالات التي يكون فيها الالتزام الأصلي قابل للإبطال، ويرى أصحاب هذا الرأي بأنه، ما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 654، وهي حالة كفالة ناقص الأهلية فإنه في بقية حالات قابلية العقد الأصلي للإبطال، فحق الكفيل لا سقط بإجازة الالتزام الأصلي لان مقتضى التبعية يجب أن يكون فيما يفيد الكفيل وليس فيما يضره.( المادة 652 ق.م.ج) و هذا للإشارة متى كان الكفيل لا يعلم بسبب القابلية للإبطال، لأنه هنا يكون له التمسك في طلب الإبطال على أساس الغلط، الذي وقع فيه باعتباره أنه اعتقد أنه كفل التزام صحيح، في الوقت الذي كفل فيه التزام قابل للإبطال(1).

ج-كفالة ناقص الأهلية:

أورد المشرع حكم خاص لكفالة ناقص الأهلية بالمادة 649 ق.م.ج والتي تنص: « من كفل التزام ناقص الأهلية، وكانت الكفالة بسبب نقص الأهلية، كان ملزم بتنفيذ الالتزام إذا لم ينفذه المدين المكفول، باستثناء الحالة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 654 ».

فبعد أن أقر المشرع بالمادة 654 كقاعدة عامة بأن الكفيل يبرئ بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين، جاء بالفقرة 2 حكم خاص بناقص الأهلية، أين قررت :« على أنه إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص الأهلية وكان الكفيل عالما بذلك وقت التعاقد، فليس لديه أن يحتج بهذا الوجه.

لفهم حكم هذين النصين يجب أن نفرق بين 3 فرضيات:

الفرضية الأولى:حالة الكفيل الذي لا يعلم بنقص أهلية المدين المكفول، هنا التزام المدين قابل للإبطال بسبب نقص أهلية و يتبع ذلك التزام الكفيل ومن ثمة إن طلب المدين الإبطال و حكم له به، فإن التزام الكفيل ينقضي حتما و للكفيل التمسك بقابلية التزامه للإبطال ولو لم يتمسك به المدين نفسه لأنه صاحب مصلحة فيه طبقا للمادة 654/1، و يبطل التزام الكفيل هنا دون التزام المدين الأصلي لأنه لا يحكم له بالبطلان إلا إذا تمسك به صاحب الحق.

الفرضية الثانية: الحالة التي يكون فيها الكفيل عالما بنقص أهلية المدين المكفول

*هنا التزام المدين قابل للإبطال، ومعه التزام الكفيل بالتبعية، فإن تمسك المدين بإبطال التزامه وحكم له به امتد هذا الحكم إلى التزام الكفيل.





(1)هذا وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن إجازة المدين الأصلي للعقد تجعل الكفالة بالتبعية صحيحة وذلك استنادا، إلى فكرة التبعية من جهة وأن الكفيل قد كفل عند التزامه بها عقد صحيح باعتبار أن العقد القابل للإبطال صحيح عند إبرامه و منتج لكل آثاره، وأن الكفيل لا تستطيع الاستناد إلى سبب خاص بالمدين لطلب الإبطال.



*لكن إن لم يتمسك المدين بالبطلان أو أجاز العقد الأصلي القابل للإبطال فإن العقد يظل منتج لآثاره، و تطل الكفالة منتجة لآثارها وليس للكفيل الاحتجاج بنقص الأهلية لإبطال التزامه ( المادة 654/2).

الفرضية 3: الحالة التي يكفل فيها الكفيل المدين بسبب نقص الأهلية.

*وهذا الفرض الذي نصت عليه المادة 649 ق.م، وهنا يكون كل من الدائن و الكفيل الأصلي، عالما بنقص أهلية هذا المدين، فالعقد المبرم بين الدائن والمدين قابل للإبطال ومنه للمدين إبطاله، وتوقفا لهذا الاحتمال عقدت الكفالة ( بسبب نقص أهلية المدين الأصلي )

*ومنه الكفيل ضامن للوفاء بالتزام المدين إن لم يف به هو و ذلك في حالة عدم تمسكه بإبطال العقد، أما إن تمسك به و أبطل الالتزام الأصلي فإن الكفيل يصبح هو الملتزم بالوفاء لا باعتباره كفيل لأن الالتزام الذي كلفه قد زال، و إنما باعتباره مدين أصلي(1).

-وهنا يرى بعض الفقهاء أن الكفيل لا يكون كذلك، بل يكون مدين أصلي تحت شرط واقف هو عدم تنفيذ المدين للالتزام الأصلي، فإن تحقق بأن المدين لم ينفذ الالتزام وجب على من تقدم بصفته كفيل أن ينفذ الالتزام.

-بينما ذهب رأي آخرهنا بتفسير الحالة على أساس نظرية تحول العقد فالكفالة هنا صحيحة ما لم يتمسك ناقص الأهلية ببطلان الالتزام فتبطل حينذاك و يتحول إلى تعهد منشئ لالتزام أصلي في ذمة من تعهد ككفيل.

-وذهب رأي آخر إلى اعتبار كفالة ناقص الأهلية يعتبر قد أبرم عقدا مركبا يتضمن كفالة و تعهد عن الغير، يتعهد الكفيل فيه بأن لا يستعمل المدين حقه في طلب الإبطال متعهدا بأن يقوم على سبيل التعويض بتنفيذ الالتزام الأصلي إن أخل بتعهده عن الغير وطلب المدين الإبطال، فإن حدث وطلبه و حكم له بذلك فزال الالتزام الأصلي ومعه التزام الكفيل فإنه يتحقق عند ذلك الإخلال بالتعهد عن الغير و يلتزم عندها الكفيل المتعهد بالتنفيذ على سبيل التعويض لأنه مخل بالتزامه، ويكون هنا التزامه أصلي غير تابع لغيره.

*/ الشرط الثالث-تعيين التزام الكفيل:

يجب أن يكون محل التزام الكفيل معين أو قابلا للتعين، وإلا كانت الكفالة باطلة، وتعيين التزام الكفيل يرتبط بتعيين التزام المدين، وباعتبار أن التزام الكفيل مستقل عن التزام المدين، فإنه من الجائز، والممكن أن يختلف محل كل من الالتزامين إلا أن هذا الاختلاف مقيد بقاعدة أساسية، وهي أن التزام الكفيل لا يجوز أن يكون أشد من التزام المدين(2) ولتبسط هذا يجب علينا أن نميز بين نوعين من أنواع الكفالة وهما الكفالة المطلقة و الكفالة المحددة.

ا/الكفالة المطلقة:

تكون كذلك متى وردت بصيغة عامة، وبعبارات مجملة غير مبينة لحدود الالتزام و نطاقه، وهنا يتحدد نطاق الكفالة على ضوء الدين المكفول(3)، ويسأل الكفيل مسؤولية مطابقة لالتزام المدين في مقداره و أوصافه.



(1)هذا وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن إجازة المدين الأصلي للعقد تجعل الكفالة بالتبعية صحيحة وذلك استنادا، إلى فكرة التبعية من جهة وأن الكفيل قد كفل عند التزامه بها عقد صحيح باعتبار أن العقد القابل للإبطال صحيح عند إبرامه و منتج لكل آثاره، وأن الكفيل لا تستطيع الاستناد إلى سبب خاص بالمدين لطلب الإبطال.

(1)نص المادة 652 ق.م.ج

(3)و يكون التحديد هنا يتعين الدين الأصلي المكفول تعين دقيق، و تعين محله، مصدره و أطرافه، فمتى تحدد الالتزام المكفول على هذا الشكل دون تحديد التزام الكفيل فإن التزام هذا الأخير يكون مطابق لالتزام المدين لأنه جاء مطلق









ومنه التزام الكفيل في الكفالة المطلقة يشمل : أصل الدين وكذلك الملحقات والمصروفات طبقا لنص المادة 653 ق.م.ج التي نصت :

«إذا لم يكن هناك اتفاق خاص فإن الكفالة تشمل ملحقات الدين و مصروفات المطالبة الأولى وما يستجد من المصروفات بعد إخطار الكفيل ».

ومنه فإن محل التزام الكفيل في الكفالة المطلقة يتكون بالإضافة إلى أصل الدين المكفول : والذي يتضمن الدين دون زيادة أو نقصان، ومنه التزام الكفيل مماثل للدين المكفول في مقداره،شروطه، أوصافه.

1-ملحقات الدين: ويشمل التعويضات التي يلتزم بها المدين بسبب إخلاله بالتزامه، و تشمل أيضا فوائد الدين و إن كان التشريع الجزائري يبطل الفائدة بين الأفراد(1) إلا أنه يجيزها إذا كان المقرض مؤسسة(2).

2-مصروفات المطالبة الأولى: وهي التي ينفقها الدائن عند المطالبة بالدين و تشمل تكاليف الأعذار و رسوم رفع الدعوى أي يشمل المصاريف السابقة على المطالبة القضائية.



3-ما يستجد من المصروفات بعد إخطار الكفيل: وهي مصروفات لا يضمنها الكفيل إلا إذا كانت قد صرفت بعد الإخطار من قبل الدائن بأنه قد قام بمطالبة المدين، فالمدين ملزم بإخطار الكفيل برجوعه على المدين ليفي بالدين الذي لم يف به هذا الأخير فإن لم يقم بذلك تحمل الكفيل كل هذه المصاريف لأنه كان من الممكن أن يتفاداها بوفائه، فإن لم يخطر لا يلزم بدفعها، و يقتصر التزامه على مصروفات المطالبة الأولى.

ب-الكفالة المحددة:

إذا لم يرد الكفيل الالتزام بضمان كل دين المدين و ملحقاته فما عليه إلا تحديد محل التزامه تحديدا دقيقا وهذا جائز عملا بالقاعدة التي تقضي بأنه يجوز أن يكون التزام الكفيل أخف من التزام المدين، فقد لا يلتزم الكفيل إلا بجزء من الدين أو يلتزم به دون ملحقاته و المصاريف فعقد الكفالة هو الذي يحدد محل التزام الكفيل، ومن أمثلتها أن يتم تحديدها من حيث المدة بأن لا تتعدى وقت محدد لها أو أن يتم كفالة ديون ما قد تنشأ خلال فترة معينة فقط، وهو الشيء المستمد من مضمون.

القاعدة الناصة على أنه لا تجوز الكفالة في مبلغ أقل و بشروط أهون(3) هذا و يستفيد الكفيل من كل تغير طارئ في الالتزام الأصلي يكون فيه مصلحة له فإن تنازل الدائن عن جزء من حقه أو قام بتقسيط الوفاء فإن الكفيل يستفيد من كل ذلك و يخف التزامه بالتبعية، وكذلك إن تم إعفاؤه من الفوائد أو إنقاص سعرها، فيتمسك الكفيل بكل ذلك في مواجهة الدائن.







(1)وهو جاء بنص المادة 454 بقولها: «الفرض بين الأفراد يكون دائما بدون أجر ويقع باطلا كل نص يخالف ذلك».

(2)وهو ما جاء بالمادة 456 بقولها :« يجوز لمؤسسات القرض التي تمنح فروض فروضا قصد تشجيع النشاط الاقتصادي الوطني أن تأخذ فائدة يحدد قدرها بموجب قرار الوزير المكلف بالمالية ».

(3)المادة 654/2 ق.م.ج













السبب:

إن تحديد ركن السبب في عقد الكفالة، صعب و ترجع هذه الصعوبة إلى طبيعته الخاصة باعتبارها عملية قانونية ثلاثية، إذ هناك العلاقة بين الدائن والمدين ثم العلاقة بين الكفيل والدائن و بين الكفيل والمدين وهذه الأخيرة رغم أهميتها إلا أنها خارجة عن نطاق عقد الكفالة لأن المدين ليس طرفا فيها، وهنا قد يكون سبب كفالته هو إسداء خدمة بتوفير الاتمان للمدين أو مقابل يتقاضاه منه أو قد يكون بقصد قضاء دين عليه لهذا الأخير.

-ومنه هل يستطيع الكفيل أن يحتج في مواجهة الدائن بما قد يعتري علاقته بالمدين من عدم وجود السبب أو عدم مشروعية الباعث و بناءا عليه يطالب ببطلان الكفالة؟(1).

-ذهب البعض إلى عدم جواز ذلك لأن الكفالة تصرف مجرد، فالتزام الكفيل صحيح ولو لم يكن له سبب أو كان سببه غير مشروع، بينما رأي البعض الآخر خاصة في مصر و فرنسا عكس ذلك بوجوب أن يكون للالتزام سبب مقصود وأن يكون الباعث الرئيسي الدافع إلى التعاقد مشروع.

-ولعل السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو : لماذا التزم الكفيل في مواجهة الدائن؟



والإجابة على هذا السؤال لا نجدها في العلاقة بين الكفيل والدائن، ولكن نجدها في العلاقة بين الدائن والمدين أين نجد أن الكفيل التزم في مواجهة الدائن ليسمح للمدين بالحصول على الائتمان من الدائن وهذا هو سبب التزام الكفيل و بشرط أن يكون موجود لحماية الكفيل حتى الالتزام في مواجهة الدائن دون سبب وهو السبب الذي يتوافق و الشروط الموضوعية للنظرية التقليدية للسبب ( سبب موضوعي مجرد و مباشر وغير متغير ) هذا و عدم وجوده يؤدي إلى بطلان التزام الكفيل.

-أما الباعث الرئيسي أو الدافع للتعاقد، فهو شخصي وغير مباشر و متغير، يختلف من كفيل إلى آخر، ويشترط فيه أن يكون مشروعا.

كما يتوجب أن يكون المتعاقد الأخر-الدائن- على علم به وذلك لاستقرار المعاملات وحتى لا يفاجأ ببطلان عقد لا يعلم عن سببه شيء، وإن كان الدافع إلى التعاقد غير مشروع كان العقد باطل يشترط أن يكون الدائن عالما به(2).

هذا و إذا قام نزاع حول وجود السبب أو مشروعيته فإن عبء الإثبات يقع على عاتق الكفيل إذ عليه أن يثبت عدم وجود السبب أو مخالفته للنظام العام و الآداب و علم الدائن بالباعث الدافع للتعاقد أو إمكانية علمه بذلك، وله في ذلك أن يلجأ لكافة طرق الإثبات.





(1)زكي محمود جمال الدين، التأمينات الشخصية والعينية صفحة 75.

(2)ومثاله أن يكفل شخص خليلته لا لشيء إلا ليحظر باستمرار معاشرها له فالباعث الدافع الرئيسي غير مشروع لمخالفته لحسن الآداب.



الخاتمة :





بعد دراستنا «عقد الكفالة» كأبرز وأهم أنواع التأمينات الشخصية، يتبين لنا أن هذا الضمان الشخصي عاجز عن تحقيق الحماية الفعالة والمثلى للدائن أو الدائنين إذ قد يفقد الكفيل أو الكفلاء حال تعددهم أحد الشروط الموضوعية الواجبة فيهم كأن يتعرض للإعسار أو يفقد أهليته، ضف إلى ذلك أن الدائن في هذا الضمان يظل دائنا عاديا إذ يشترك مع غيره من الدائنين في الضمان العام، و لا يتميز أبدا عن غيره،فما هي الأثار التي تلحق بعقد الكفالة حين يتم إنعقاده؟.







قائمة المراجع:



أولا: الكتب القانونية باللغة العربية

/الدكتور أحمد شرف الدين :التأمينات الشخصية والعينية –دار النهضة العربية (القاهرة) بدون تاريخ النشر.

/الدكتور امحمد صبري السعيدي: عبد الكفالة في التشريع الجزائري، دار الهدى للطباعة والنشر، عين مليلة.

/الدكتور أحمد محمود سعد : عقد الكفالة، دار النهضة العربية للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة طبعة 1، 1994.

/زكي محمود جمال الدين –التأمينات الشخصية والعينية، القاهرة – مطابع دار الشعب 1979.

/الدكتور زهية سي يوسف: عقد الكفالة، دار الأمل، تيزي وزو، طبعة 2001.

/الدكتور سمير عبد السيد تناغو : التأمينات الشخصية والعينية منشأة المعارف – الإسكندرية، طبعة 1975.

/الدكتور السنهوري عبد الزراق: الوسيط في شرح القانون المدني في التأمينات الشخصية والعينية-دار النهضة العربية، القاهرة- القاهرة 1970.

/الدكتور محمد حسين : الوجيز في التأمينات الشخصية والعينية في القانون المدني الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، بدون تاريخ النشر.

/الدكتور محمدي سليمان : بدونه التأمينات الشخصية، عقد الكفالة، ديوان المطبوعات الجامعية.





رابعا: القوانين

-القانون المدني الجزائري الصادر، بموجب الأمر 75/58 مؤرخ في 20 رمضان 1395 الموافق لـ:26 سبتمبر 75 والمعدل المتمم بالقانون الثالث 1980 المتعلق بالتأمينات و 1984 المتضمن قانون المالية سنة 1985.



الفهرس





المبحث الأول: ماهية عقد الكفالة ------------------------------------------- 3

المطلب الأول: تعريف عقد الكفالة و خصائصه ---------------------------------- 3

الفرع الأول: تعريفها ---------------------------------------------------------- 3

الفرع الثاني: خصائصها ------------------------------------------------------ 4

1-عقد ضمان شخص -------------------------------------------------------- 4

2-عقد ملزم لجانب واحد هو الكفيل ---------------------------------------------- 4

3-عقد الكفالة رضائي ------------------------------------------------------- 5

4-عقد تبعي -------------------------------------------------------------- 6

5-عقد تبرعي ------------------------------------------------------------- 7

المطلب الثاني: تمييز عقد الكفالة عن بعض الأنظمة الأخرى المشابهة لها ----------------

9

1 / التضامن بين المدنيين ---------------------------------------------- 9

2 / الإنابة الناقصة --------------------------------------------------- 9

3 / التعهد عن الغير -------------------------------------------------- 10

المبحث الثاني: أنواع الكفالة والأركان الوجبة لقيامها ------------------------------ 11

المطلب الأول: أنواع الكفالة والشروط الواجبة التوفر في شخص الكفيل ------------------- 11

الفرع الأول : أنواع الكفالة ------------------------------------------ 11

1 – أنواعها حسب مصدرها --------------------------------------------- 11

2 – أنواعها حسب طبيعتها ---------------------------------------------- 12

3 – أنواعها حسب محلها ----------------------------------------------- 13

الفرع الثاني : الشروط الواجبة التوفر في شخص الكفيل ------------------------- 14

المطلب الثاني: أركان عقد الكفالة -----------------------------------------

17

أولا : الرضا -------------------------------------------------------------- 17

- الأهلية : --------------------------------------------------------------- 17

- عيوب الإدارة ------------------------------------------------------------ 18

ثانيا : المحل -------------------------------------------------------------- 19





1 – وجوب الالتزام المكفول --------------------------------------------- 19

- كفالة الالتزام المستقبلي ---------------------------------------------- 19

- كفالة الالتزام الشرطي ----------------------------------------------- 19

- كفالة الالتزام الطبيعي ----------------------------------------------- 21

2 – أن يكون الالتزام المكفول صحيحا --------------------------------------- 21

- كفالة الالتزام الباطل ------------------------------------------------ 21

- كفالة الالتزام القابل للإبطال -------------------------------------------- 21

- كفالة ناقص الأهلية ------------------------------------------------- 22

3 – تعيين التزام الكفيل ------------------------------------------------ 23

- الكفالة المطلقة ---------------------------------------------------- 23

- الكفالة المحددة ----------------------------------------------- 24

ثالثا : السبب -------------------------------------------------- 25



الساعة الآن 03:14 PM