-
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام :
07-12-2014
رقم العضوية :
1381
المشاركات :
200
الجنس :
الدعوات :
1
قوة السمعة :
50
المستوي :
ليسانس
الوظــيفة :
متربص
-
المطلب الثاني : الجرائم الواقعة على الأشخاص
قيد المشرع الجزائري تحريك الدعوى العمومي في بعض جرائم الاعتداء على الأشخاص نظرا لخصوصية هذه الجرائم وكذا لكون تحريك الدعوى فيها قد يضر المجني عليه أكثر مما ينفعه.
الفرع الأول : جريمة الزنا
نصت المادة 339 ق. ع على جريمة الزنا وحددت العقوبة المقررة لها.
أولا : تعريف جريمة الزنا
جريمة الزنا من الجرائم التي يجب أن تكون فيه المرأة متهمة هي جريمة الزنا إلا أنها يشترط لاتهام المرأة بهذه الجريمة أن تكون متزوجة أو تمارس علاقة غير مشروعة برجل متزوج ولقد عرفت الزنا بأنها "ارتكاب الوطء غير المشروع من شخص متزوج مع امرأة برضاها حالة قيام الزوجية فعلا أوحكما" وفي الفقه الفرنسي عرفت الزنا بأنه "علاقة جنسية لشخص متزوج خارج إطار الزواج.
ثانيا: أركان جريمة الزنا
لقيام جريمة الزنا يجب توافر ثلاث أركان وهي ركن مفترض قيام رابطة زوجية، وركن مادي وقوع فعل الوط ء و الركن الثالث وهو الركن المعنوي ويتمثل في القصد الجنائي.
(1الركن المفترض: قيام الرابطة الزوجية
يشترط أن يقع الوطء وعلاقة الزواج قائمة فعلا، وهكذا قضت المحكمة العليا بقيام جريمة الزنا في حق الزوجة التي تزوجت مع رجل آخر بالفاتحة دون أن تنتظر الفصل في القضية المنشورة بينها وبين زوجها الأول، كما قضت بقيام الزنا في حق الزوجة التي أبرمت عقد زواج مع رجل آخر قبل أن يصبح حكم الطلاق بينها وبين زوجها الأول نهائيا ولا ترتكب جريمة الزنا إذا وقع الوطء قبل عقد الزواج ولو حصل أثناء الخطبة.
(2الركن المادي: وقوع فعل الوطء
لا تقوم الجريمة إلا بحصول الوطء فعلا بالطريق الطبيعي أي بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى، وبذلك تشترك جريمة الزنا مع جناية الاغتصاب في هذا الشرط. ولا تقوم الجريمة بما دون ذلك من أعمال الفاحشة الأخرى التي يرتكبها أحد الزوجين مع غيره مثل القبلات والملامسات الجنسية وإتيان المرأة من الدبر إلى غير ذلك. غير أنه قضى في فرنسا بقيام جريمة الزنا بالإيلاج حتى وإن كان الاتصال الجنسي غير كامل relations incomplètes، ويشترط ان تتم العلاقة الجنسية، وعليه لا يعاقب على الشروع.
(3الركن المعنوي: القصد الجنائي
الزنا من الجرائم العمدية سواء وقع من الزوج أو الزوجة، ولذلك يتخذ ركنه المعنوي صورة القصد الجنائي، والقصد المتطلب لقيامه هو القصد العام الذي يتحقق بالعلم والإرادة.
أ) العلم بتوافر أركان جريمة الزنا :
ينبغي أن يعلم الفاعل الأصلي مرتكب الفعل بأنه مرتبط بعلاقة زوجية صحيحة، أي علمه بأنه متزوج ، ومنه لا يقوم القصد الجنائي بالغلط أو الجهل بالوقائع، ومع ذلك يجب أن تكون المرأة على علم بأنها متزوجة من رجل غير الرجل الذي منحته جسدها وسلمته فرجها، ونفس الأمر بالنسبة للرجل الذي يجب أن يكون عالما بأنه يطأ امرأة غير زوجته. ولا ينطبق المادة 339عقوبات على الشريك الذي ارتكب جريمة الزنا مع امرأة إلا إذا كان يعلم أنها متزوجة
ب) اتجاه الإرادة نحو ارتكاب جريمة الزنا :
يجب أن يوجه الجاني إرادته نحو ارتكاب النشاط الإجرامي لجريمة الزنا أي الوطء المحرم فلا تقوم جريمة الزنا إذا حصل الوطء رغما عن إرادة الزوجة أو الزوج او رضاهما نتيجة الإكراه
ثالثا: إجراءات المتابعة في جريمة الزنا :
تنص المادة 339 من ق. ع في فقرتها الرابعة على أنه لا تنطلق إجراءات المتابعة إلا بناء على شكوى الزوج المضرور، أي يشترط في الشكوى أن تصدر عن الزوج المضرور سواء كان الرجل أو المرأة وتعتبر الشكوى باطلة ولا يعتد بها إن صدرت من أحد أقاربه الابن والأخ مثلا. فلا يجوز للنيابة العامة أن تباشر المتابعة تلقائيا ضد الجاني مثل باقي الجرائم إلا أن فقدان النيابة العامة من اختيار طريق المتابعة، فلها أن تحيل المتهم أمام المبادرة في المتابعة لا يمنع المحكمة عن طريق التلبس أو الاستدعاء المباشر ولها أن تأمر بفتح تحقيق، كما لها كامل الصلاحيات في ممارسة الطعن المحددة في قانون الإجراءات الجزائية، فلها أن تستأنف الحكم الصادر عن المحكمة وأن تطعن في قرار المجلس عن طريق النقض بدون حاجة إلى مساعدة الشاك ولوكيل الجمهورية الحق في متابعة الشريك إذا لم تشمله شكوى زوج المضرور.
إن تعليق المتابعة على شكوى الزوج المضرور لا يمنع هذا الأخير من توكيل غيره في ممارسة هذا الحق على أن تكون وكالة خاصة بهذا الموضوع دون سواه ومنصبه على وقائع وقعت قبل التوكيل ولا تخضع الشكوى إلى شكل معين بل يكفي أن يستخلص منها رغبة الزوج المضرور من توقيع العقاب على الجاني، ولكن الشكوى هي شرط في انطلاق المتابعة ولذلك فالفاضي ملزم بإثباتها في حكم الإدانة وطالما أن المتابعة الجزائية معلقة على شكوى فإن صفح الزوج عن زوجته وسحب الشكوى المقدمة ضدها يضع حدا للمتابعة في تهمة الزنا طبقا لمقتضيات المادة 339 الفقرة الأخيرة من ق ع فإن القضاء بخلاف ذلك يعد خطأ في تطبيق القانون وينجر عنه النقض .
رابعا: العقوبات المقررة لجريمة الزنا :
العقوبة المقررة لجريمة الزنا جاءت في نص المادة 339 ق ع "يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا، وتطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة، ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته"
الفرع الثاني : جريمة خطف وإبعاد قاصر و الزواج منها
جريمة خطف قاصر من الجرائم المعاقب عليها في قانون العقوبات الجزائري والمنصوص عليها في المادة 326 ق. ع ومتضمنة جنحة خطف أو إبعاد قاصر بغير عنف أو تهديد أو تحايل.
أولا : تعريف جريمة خطف وإبعاد قاصر
لم يعرف المشرع الجزائري جريمة خطف وإبعاد قاصر بل نص عليها فقط في المادة 326 من قانون العقوبات." كل من خطف أو أبعد قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة وذلك بغير تهديد أو تحايل أو شرع في ذلك…"
غير أنه يمكن تعريف جريمة الاختطاف على أنها ذلك الاعتداء المعتمد على الحرية الفردية للشخص، وذلك بحجزه و تقيده بعد خطفه من مكان تواجده ونقله إلى وجهة لا يعلمها سواء باستعمال القوة أو العنف أو بدونها قد تطول وقد تقصر.
ثانيا : أركان جريمة خطف وإبعاد قاصر
تتكون الجريمة من ركن مادي وركن معنوي ولا يشترط أن يتم إبعاد القاصر من المكان الذي وضع فيه لرعايته فتقوم الجريمة حتى في حالة مرافقة القاصر للجاني بمحض إرادته.
(1الركن المادي :
يتحقق الركن المادي لجريمة خطف أو إبعاد قاصر بفعل الخطف او الابعاد بدون عنف أو تديد أو تحايل.
أ) فعل الخطف أو الإبعاد :
يتحقق هذا الفعل القيام شخص بتحويل القاصر كأن يأخذه بعيدا عن أهله فيسافر به أي مكان بعيد أو قريب عن منزل أصل القاصر، والابعاد هو أن يقوم الجاني يأخذ القاصر الى مكان بعيد أو قريب ويوريه عن أنظار أهله.
ب) فعل الاختطاف او الإبعاد بدون استعمال العنف أو التهديد أو الحيلة أو التحايل :
كما اشترطت المادة أن يكون فعل الاختطاف او الإبعاد بدون استعمال العنف أو التهديد أو الحيلة أو التحايل أما بالنسبة للوسائل المستعملة فإن المادة 326 قع تجرم وتعاقب على فعل الخطف أو الابعاد حتى ولو تم بدون عنف ولا تهديد ولا تحايل أما إذا تم خطف أو الابعاد بالعنف أو التهديد أو التحايل فإن وصف الجريمة يتحول من جنحة الى جناية و تطبق عليها المادة 293 مكرر ق ع وبذلك قضت المحكمة العليا .
(2الركن المعنوي :
جريمة خطف وابعاد قاصر جريمة عمدية، اذ تقتضي لقيامها توفر القصد الجزائي، أي أن يقوم الجاني بارتكاب فعله عن علم و ارادة وهو قصد جنائي عام، و يلاحظ أنه لا يشترط توفر قصد جنائي خاص فلا يأخذ بالباعث الى ارتكاب الجريمة ، وعليه يجب أن يعلم الجاني أنه يقوم بخطف أو ابعاد قاصرو أن يعلم بأن القاصر دون الثامنة عشرة من عمره .
ثالثا : إجراءات المتابعة في جريمة اختطاف وابعاد قاصر
لا يشترط القانون أية شكوى لتحريك الدعوى العمومية، فالأصل ، إذن ، تباشر النيابة العامة المتابعة الجزائية فور علمها بارتكاب الجريمة، وذلك طبق للقواعد القانون العام ، و تبقى لنيابة العامة سلطة ملاءمة المتابعة.
غير أن الامر يتعقد إذا تزوجت القاصرة المخطوفة او المبعدة من خاطفها، كما نوضحه أدناه مسألة زواج المخطوفة أو المبعدة من خاطفها: اوردت المادة 326 في فقرتها الثانية حكما خاصا بالضحية الانثى هذا نصه" إذا تزوجت القاصرة المخطوفة أو المبعدة من خاطفها فلا تتخذ الاجراءات المتابعة الجزائية ضد الاخير إلا بناء على شكوى الاشخاص الذين لهم صفقة في طلب إبطال الزواج، وأضافت الفقرة نفسها و لا يجوز الحكم عليه القضايا بإبطاله (أي الزواج)، وهكذا يكون زواج القاصرة المخطوفة بخاطفها حاجز أمام المتابعة يحول دون معاقبة الجاني، و يستفيد منه حتى الشريك، غير أنه من الجائز رفع هذا الحاجز يتوافر شرطين متلازمين وهما: إبطال الزواج والشكوى المسبقة للأشخاص الذين لهم صفقة إبطال الزواج
رابعا : العقوبة المقررة لجريمة خطف وإبعاد قاصر
تعاقب المادة 326 ق.ع على خطف أو ابعاد قاصر لم يكمل 18 سنة بالحبس من سنة الى 5 سنوات من 20.000 الى 100.000 دج ، علاوة على العقوبات التكميلية الاختيارية المقررة للجنح.
الفرع الثالث: جريمة الامتناع عن تسليم طفل الى حاضنه
حماية للطفل المخطوف وحماية للحق في الحضانة فقد أورد قانون العقوبات نصوصا قانونية تحمي هذا الحق والاخلال بالحق الطبيعي والأولوية الطبيعية في حضانة الطفل و التكفل به حتى ولوم يصدر حكم قضائي بشأن ذلك إذا تعقب المادة 327 من ق .عكل من يرفض تسليم طفل الى من له الحق في المطالبة به بعد أن وضع تحت رعايته بصفة مؤقتة، كما تعاقب المادة 328 كل من يرفض تسليم طفل قضي في شأن حضانته بحكم مشمول بالنفاذ المعجل أو بحكم نهائي الى من صدر الحكم لصالحه.
أولا : تعريف جريمة الامتناع عن طفل الى حاضنته
لم يعرف القانون المشرع الجزائري جريمته الامتناع عن تسليم الطفل الى حاضنته بل اكتفت المادة 328 ق ع بقولها : الاب ولام أو اي شخص أخر لا يقوم بتسليم قاصر قضي في شأن حضانته بحكم مشمول بالنفاذ المعجل أو بحكم نهائي الى من له الحق في المطالبة به. وكذلك كل من خطفه ممن أوكلت اليه حضانته او الاماكن التي وضعت فيها أو أبعده عن تلك الاماكن أو حمل الغير على خطفه او ابعاده ، حتى ولو وقع ذلك بغير تحايل أو عنف.
ثانيا: اركان جريمة الامتناع عن تسليم طفل الى حاضنه
تقوم الجريمة بتوافر شروط اولية وركن مادي وركن معنوي.
(1الشروط الأولية لقيام الجريمة :
أ) القاصر: لا يتعلق الامر هنا بالطفل الذي لم يبلغ السن السابعة وانما يتعلق الامر بالقاصر. يمكن القول أن القاصر الذي يقصده المشرع هنا هومن بلغ سن السادسة عشر بالنسبة للذكور وسن الثامنة عشر بالنسبة للإناث
ب) حكم قضائي : قد يكون حكما قضائيا مؤقتا نهائيا ولكن يكون نافذا exécutoire هو الشأن بالنسبة للأوامر القضائية المشمولة بالنفاذ المعجل، وهكذا قضت المحكمة العليا بعدم قيام الجريمة لكون الحكم القاضي بإسناد حضانة الولدين لأمهما غير مشمول بالنفاذ المعجل وغير نهائي كونه محل استئناف.
ت) الحضانة : تأخذ هذه العبارة مدلولا واسعا يتسع ليشمل حق الزيارة ، ومن لم يطبق حكم المادة 328 ق ع حتى في حالة عدم احترام حكم يتعلق الزيارة .
( 2 الركن المادي :
يأخذ الركن المادي للجريمة أربعة عناصر وهي:
أ) لامتناع : يعتبر موقف سلبي من الممتنع ، وهو من أهم العناصر المكونة للجريمة، ولولاه لما قامت هذه الجريمة أو المتابعة للمتهم بشأنها ، والامتناع يتم اثباته بواسطة المحضر بعد اتباع اجراءات التنفيذ.
ب) ابعاد القاصر: و يتحقق بشأن من استفاد من حق الزيارة او من حضانة مؤقته فينتهز وجود القاصر معه لاحتجازه .
ت) خطف القاصر: ويتمثل في اخذ القاصر ممن اوكلت اليه حضانته او من الاماكن التي وضعه فيها
ث) حمل الغير على خطف القاصر او ابعاده : وبصفة عامة تنطبق هذه الجريمة على كل من كان القاصر موضوعا تحت رعايته ويمتنع عن تسليمه الى من وكل القضاء اليه حضانته كما تنطبق على المستفيد من الحضانة الذي يمتنع عن الوفاء بحق الزيارة أو حق الحضانة المؤقتة التي منحها القضاء لغيره وفي كل الاحوال بشرط القانون صدوركم حكم قضائي نهائي أوحكم مشمول بالنفاذ المعجل.
(3الركن المعنوي :
جريمة الامتناع عن تسليم طفل الى حاضنه جريمة عمدية ، ويتحقق ركنها المعنوي بقصد جنائي عام ويتحقق القصد الجنائي بعلم الجاني ، الاب أو الام أو اي شخص ممن لهم الحق في حضانة الطفل الموجود لديه وكذا علمه بصدور حكم قضائي نافذ قضائيا بإسناده حضانة الطفل الى شخص اخر، حيث تنصرف ارادة الجاني الممتنع عن تسليم الطفل الى عصيان الحكم الذي قضى بإسناده حضانة الطفل الى شخص آخر.
ثالثا : اجراءات المتابعة في جريمة الامتناع عن تسليم الطفل الى حاضنه
تنص المادة 329 مكرر ما يلي "لا يمكن مباشرة الدعوى العمومية الرامية الى تطبيق المادة 328 الا بناء على شكوى الضحية ، وان صفح الضحية يضع حدا للمتابعة الجزائية ولا يعاقب المشرع الجزائري على الشروع في هذه الجريمة ، اما بالنسبة للاشتراك فاذا توافرت اركانه فيعاقب عليه طبقا لنص المادة 42 ق ع رابعا : العقوبات المقررة لجريمة الامتناع عن تسليم الطفل الى حاضنه .
العقوبة المقررة لجريمة الامتناع عن تسليم الطفل الى حاضنه هي الحبس من شهر الى سنة و بغرامة من 500 الى 5000 دج ، فتصل عقوبة الحبس الى ثلاثة سنوات في حالة سقوط السلطة الابوية على الجاني ، وذلك طبقا لنص المادة 328 ق ع.
الفرع الرابع : جريمة ترك مقر الاسرة
تعتبر جريمة ترك مقر الاسرة من الجرائم التي تستوجب شكوى لتحريك الدعوى العمومية وقد نصت عليا المادة 330 من ق.
اولا : تعريف جريمة ترك مقر الاسرة
لم يعرف المشرع الجزائري جريمة ترك مقر الاسرة واكتفى في نص المادة 330 فقرة 1 من ق ع " احد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين و يتخلى عن كافة التزاماته الادبية او المادية المترتبة عن السلطة الابوية او الوصاية القانونية وذلك يغير سبب جدي ولا تنقطع مدة الشهرين الا بالعودة الى مقر الاسرة على وضع ينئ عن الرغبة في استئناف الحياة العائلية بصفة نهائية"
ثانيا: اركان جريمة ترك مقر الاسرة
تقوم جريمة ترك اسرة على ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي
(1الركن المادي :
يتكون الركن المادي من عنصرين اساسين ، العنصر الاول ، ترك مقر اسرة لمدة تتجاوز شهرين والعنصر الثاني عدم الوفاء بالالتزامات العائلية.
أ) ترك مقر اسرة لمدة تتجاوز شهرين
ترك مقر اسرة يقصد به الابتعاد جسديا عن مقر الاسرة ، هذا الشرط يقتضي بدوره ان الزوجين واولادهما مقرا معينا ، اما اذا كان الزوجان لا يملكان سكنا وظل كل واحد منهما يسكن عند اهله وضلت الزوجة ترى اولادها في بيت اهلها فلا تقوم جريمة ترك مقر الاسرة في حق احد الزوجين المتغيب لانعدام مقر الزوجية .
ويشترط ان يكون الاولاد شرعيين والوالدين ايضا، لان هذه الجريمة لا تقوم في حق الاصول او من يقوم بالكفالة او الحضانة ، وبالإضافة على ما سبق يشترط لقيام الجريمة ان يتخلى الزوج عمدا ولغير سبب جدي ، و يقتضي ترك الاسرة ان يستمر دون انقطاع لمدة تتجاوز الشهرين ،والعودة الى مقر الاسرة تقطع المهلة ولكن بشرط ان تكون هذه العودة تعبيرا عن الرغبة في استئناف الحياة العائلية ، ويبقي لقاضي الموضوع أن يقدر صدق العودة على ان لا يأخذ بالرجوع المؤقت الذي لا يحركها لتفادي المتابعة القضائية.
ب) عدم الوفاء بالالتزامات العائلية
تقع على عاتق كل من الزوج والزوجة التزامات اتجاه الزوج الآخر و الاولاد ، تقتضي الجريمة بالنسبة للاب وهو صاحب السلطة الابوية التخلي عن كافة التزاماته في ممارسة ما نون نحو اولاده وزوجته. يفرضه عليه القاضي.
وتقتضي الجريمة بالنسبة الى الام ، وهي صاحبة الوصاية القانونية على الاولاد عند وفاة الاب، التخلي عن التزاماتها نحو أو لادها وزوجها .وقد تكون هذه الالتزامات مادية أو ادبيه و يكفي التخلي عن هذه الالتزامات ولو جزئيا ليقع الجاني تحت طائلة القانون.
(2الركن المعنوي :
تتطلب جريمة ترك مقر الاسرة قصد جنائيا يتمثل في مغادرة الزوج مقر الزوجية بمحض ارادته وبدون مبرر جدي مع نيه قطع الصلة بالأسرة ، فلا عقوبة على الزواج الذي يغادر مقر الزوجين بسبب العمل ولكن في هذه الحالة يجب أن يلتزم بالإنفاق على اسرته ، ولقيام جريمة
ترك مقر الاسرة لابد أن يضاف الى العناصر السابقة عنصر عدم توفر سبب جدي او شري لجعل الزوج يترك مقر الزوجية او يتخلى عن بعض أوكل التزاماته الزوجية
ثالثا : إجراءات المتابعة في جريمة ترك مقر الاسرة
لا تتخذ اجراءات المتابعة إلا بناءا على شكوى الزوج المتروك، ومنه إذا باشرت النيابة العامة المتابعة بدون شكوى ، تكون هذه المتابعة باطلة بطلانا نسبيا لا يجوز لغير المتهم إثارته ، على أن يثيره أمام محكمة أول درجة و قبل أي دفاع في الموضوع
رابعا : العقوبة المقررة لجريمة ترك مقر الاسرة
نصت المادة 330 ق ع " يعاقب بالحبس من 6 أشهر الى سنتين و بغرامة من 50.000 الى 200.000أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين و يتخلى عن كافة التزاماته الادبية او المادية المترتبة على السلطة الابونة او الوصاية القانونية ، وذلك بغير سبب جدي و لا تتقطع مدة شهرين إلا بعودة الى مقر الاسرة على وضع ينشئ الرغبة في استئناف الحياة العائلية بصفة نهائية.
الفرع الخامس : جريمة التخلي عن الزوجة
نصت المادة 330 الفقرة 2 ق ع قبل تعديله "على الزوج الذي يتخلى عمدا و لمدة لا تتجاوز شهرين (2) عن زوجته مع علمه بأنها حامل وذلك لغير سبب جدي" فطبقا لنص هذه المادة تقوم الجريمة في حالة تخلي الزوج عمد اعن زوجته مع علمه بأنها حامل فشرط الحمل ضروري لقيام الجريمة. إلا أن هذا النص تم تعديله بموجب القانون 19-15 بحيث أصبحت المادة 330 الفقرة2 ق ع تنص على الزوج الذي يتخلى عمدا و لمدة لا تتجاوز شهرين عن زوجته وذلك لغير سبب جدي" وبالتالي تم الغاء شرط الحمل كسب لقيام جريمة التخلي عن الزوجة ، وأصبحت الجريمة تقوم في حق الزوج الذي يتخلى عمدا و لمدة تتجاوز الشهرين عن زوجته سواء كانت حمل اولا ، مذكرة الماجستير في علوم الجنائية وعلم الاجرام،
أولا : أركان جريمة التخلي الزوجة
تقوم هذه الجريمة على ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي
(1الركن المادي :
سوف نتطرق في هذا الركن الى صفة الجاني والمجني عليه في هذه الجريمة ثم نتطرق الى فعل التخلي عن زوجة لمدة تتجاوز الشهرين.
أ) صفة الجاني والمجني عليه في جريمة التخلي عن الزوجة :
تتحدث المادة 330 الفقرة2 ق ع عن الزوجة وهذه الصفة كافية هنا لقيام الجريمة، بصرف النظر عن وجود الاولاد و تظل قائمة مادامت الرابطة الزوجية قائمة ، فلا يعتد بالعلاقة غير الشرعية ولا تقوم الجريمة في حالة الزواج العرفي ما لم يثبت هذا الزواج بحكم قضائي
ب) التخلي عن الزوجة لمدة تتجاوز الشهرين :
يتمثل هذا العنصر في مغادرة الزوج محل الزوجية ، وهو مقر اقامة الزوجين الذي اختاره الزوج عند الزواج، ويكون غياب الزوج عن زوجته عمدا ولمدة تتجاوز شهرين .و لا تقوم التهمة علي هذا الزوج إذا ما غادرت الزوجة محل الزوجية واستقرت عند أهلها.
ولقد حدد المشرع الجزائري مدة التخلي بفترة تتجاوز الشيرين ، والعودة الى مقر الاسرة تقطع هذه المهلة ولكن بشرط ان تكون هذه العودة تعبيرا عن رغبته في استئناف الحياة العائلية".
(2الركن المعنوي :
جنحة التخلي عن الزوجة جريمة عمدية تتطلب لقيامها توافر قصد جنائي والذي يتمثل في قصد الزوج التخلي غن زوجته والحاق الضرر بها والتخلي عن القيام بالتزاماته وعن العناية والرعاية الواجب تقديمها للزوجة ، ولقد جعل المشرع من السبب الجدي فعلا مبررا للتخلي عن الزوجة ، ويعتبر عنصر فقدان السبب الجدي عنصر من العناصر المكونة لجريمة ترك الزوج عمدا لزوجته لمدة شهرين متتابعين، ومن الاسباب الجدية التي نذكر منها على سبيل المثال ان ترك الزوج زوجته في مسكن والديه و يذهب الى أداء واجب الخدمة العسكرية وفي مثل هذه الحالة قيام السبب الجدي او الشرعي ينفي وجود العمد او القصد الجرمي لدي الزوج و إذا انتفى السبب المجرم انتفى معه سبب العقاب
ثانيا: إجراءات المتابعة في جريمة التخلي عن الزوجة
لا تتخذ المتابعة إلا بناء على شكوى الزوجة المتروكة ، وعليه إذا قامت النيابة العامة بالمتابعة بدون شكوى و أحيلت الدعوى الى محكمة و أثار المتهم أمامها بطلان المتابعة يكون الحكم بعدم قبول الدعوى العمومية لانعدام الشكوى
ثالثا: العقوبات المقررة لجريمة التخلي عن الزوجة
تنص المادة 330 ق ع " يعاقب بالحبس من شهرين (2) إلى سنة (1) وبغرامة من 25.000 دج إلى 100.000 دج :
1- أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين (2) ويتخلى عن كافة التزاماته الأدبية أو المادية المترتبة على السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية، وذلك بغير سبب جدي . ولا تنقطع مدة الشهرين (2) إلا بالعودة إلى مقر الأسرة على وضع ينبئ عن الرغبة في استئناف الحياة العائلية بصفة نهائية،
-2الزوج الذي يتخلى عمدا ولمدة تتجاوز شهرين (2) عن زوجته مع علمه بأنها حامل وذلك لغير سبب جدي،
-3أحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحد أو أكثر منهم أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم ب أن يسيء معاملتهم أو يكون مثلا سيئا لهم للاعتياد على السكر أو سوء السلوك، أو بأن يهمل رعايتهم، أو لا يقوم بالإشراف الضروري عليهم، وذلك سواء كان قد قضي بإسقاط سلطته الأبوية عليهم أو لم يقض بإسقاطها.
-4وفي الحالتين 1و 2 من هذه المادة لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناء على شكوى الزوج المتروك.
ويضع صفح الضحية حدا للمتابعة الجزائية ".
المبحث الثاني: الجنح المرتكبة من المواطنين الجزائريين في الخارج ضد أحد الأفراد
تنص المادة 583 ق إ ج على "كل واقعة موصوفة بأنها جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أو في نظر القطر الذي ارتكبت فيه يجوز المتابعة من أجلها والحكم فيها في الجزائر إذا كان مرتكبها جزائريا ولا يجوز أن تجرى المحاكمة أو يصدر الحكم إلا بالشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 582.
وعلاوة على ذلك فلا يجوز أن تجرى المتابعة في حالة ما إذا كانت الجنحة مرتكبة ضد أحد الأفراد إلا بناء على طلب النيابة العامة بعد إخطارها بشكوى من الشخص المضرور أو ببلاغ من سلطات القطر الذي ارتكبت الجريمة فيه.
تنص م 3 من ق ع "يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية"
كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية طبق أحكام قانون الاجراءات الجزائية.
لا يخضع فعل الجاني بالضرورة لنص تجريم لمجرد وجود هذا الخير وسريانه من حيث الزمان وإنما فوق ذلك وقوع الفعل في نطاق السريان المكان لنص التجريم، فإذا تبين ان الفعل بالنظر الى مكان ارتكابه يخرج على ذلك النطاق فلا مجال لتطبيق أحكام قانون العقوبات بمعنى اخر ان للقاعدة الجنائية منطقة جغرافية محددة يكون لها فيها كل النفوذ والسلطات تسري على ما يرتكب عليها من الجرائم بحيث تكون أحد مظاهر السيادة في الدولة وهو ما يعرف بمبدأ اقليمية النص الجنائي.
غير أن المقتضيات العملية في مجال مكافحة الجرائم أثبتت قصور هذا المبدأ عن قمع الجرائم التي ترتكب خارج إقليم الدولة، وعليه تم الأخذ ببعض المبادئ المكملة قصد مكافحة الجرائم التي ترتكب خارج إقليم الدولة وهي مبدأ شخصية النص الجنائي، ومبدأ عينة النص الجنائي، ولقد أخذت بعض التشريعات على خلاف المشرع الجزائري بمبدأ اخر أكثر شمولية وهو مبدأ عالمية القاعدة الجنائية.
إلا أننا سوف نتناول في هذه الدراسة مبدأ اقليمية ومبدأ شخصية القانون الجنائي وذلك طبقا لنص المادة 583 الفقرة 02 ومنه سوف نقسم هذا المبحث الى مطلبين، المطلب الأول نتناول فيه نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث المكان أما المطلب الثاني فسنتطرق فيه الى متابعة الجزائية على الجنح .
المطلب الأول : نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث المكان
من مجمل هذه النصوص القانونية نستخلص أن قانون العقوبات يطبق وفقا لمبدأ عام وهو مبدأ اقليمية نصوص قانون العقوبات، بالإضافة لتطبيقه وفق قواعد اخرى تكمل مبدأ الإقليمية، وهي القواعد المتعلقة بالجنايات والجنح التي ترتكب في الخارج في حالات يحددها نون حصرا، وهذا يعني أنه قانون يحكمه مبدأ أساسي وهو مبدأ اقليمية النص الجنائي .
الفرع الأول : مبدأ اقليمية النص الجنائي
بالإضافة الى مبادئ احتياطية تكمله من أهمها مبدأ شخصية النص الجنائي يقصد بمبدأ الاقليمية أن القانون الجنائي يبسط سلطانه على جميع الجرائم التي ترتكب على الاقليم الخاضع لسيادة الدولة سواء كان مرتكبها مواطنا أم أجنبيا، وسواء كان المجني عليه مواطنا أم أجنبيا، وسواء هدد الجاني بجريمته مصالح الدولة صاحبة السيادة على الإقليم ام نالت مصلحة دولة أجنبية، وهذا هو الوجه الإيجابي لمبدأ الاقليمية.
أما الوجه السلي فيتمثل في عدم تطبيق القانون الوطني على الجرائم التي ترتكب خارج حدود الاقليم حيث يصطدم بسيادة غير الدول التي تمنع بدورها تطبيق القوانين الأجنبية في اقليمها باعتباره أمرا يمس بسيادتها الوطنية.
أولا: دعائم مبدأ اقليمية النص الجنائي
(1سيادة الدولة : يجد مبدأ الاقليمية مبرراته في فكرة سيادة الدولة على اقليمها بعناصره الثلاثة، فتنص المادة 12 من الدستور «تمارس سيادة الدولة على مجالها البري ومجالها الجوي وعلى مياهها، كما تمارس حقها السيد الذي يقرره القانون الدولي على كل منطقة من مختلف مناطق المجال البحري التي ترجع اليها » وقانون العقوبات يعتبر من أهم مظاهر ممارسة الدولة لسيادتها على إقليمها، من حيث حقها في تجريم ما تراه من الأفعال جديرا بالتجريم وتقرر له العقاب الذي تراه مناسبا، بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة على اقليمها وبغض النظر عن كونه من مواطنيها أو من الأجانب وبغض النظر عن المصلحة محل الاعتداء، لأن القاعدة الجنائية خطاب موجه لكل المقيمين في اقليمها.
(2 العدالة : ان مبدأ اقليمية النص الجنائي هو أقرب الى اعتبارات العدالة، لأن أدلة الاثبات عادة ما تكون متوافرة في مكان ارتكاب الجريمة مما يسهل عملية التحقيق فيا والوصول به للحقيقة المنشودة.
(3لأدلة : ان القاضي الوطني عند تطبيقه للنصوص الجنائية الوطنية أقدر على تحديد عناصر قيام المسؤولية الجزائية، لتوافره على الأدلة المادية والمعنوية التي من شأنها مساعدته في بناء عقيدته من جهة، وهو أدرى من غيره بقانونه الوطني من جهة اخرى.
(4مفهوم الردع : ان مكافحة الجريمة التي تتحقق بتطبيق مبدأ اقليمية القانون الجنائي، لأن محاكمة الفاعلين في اقليم اقترافهم لجرائهم يحقق الغرض الردي من العقوبة.
ثانيا : تحديد عناصر الاقليم :
يتحدد مبدأ الاقليمية بثلاثة عناصر وهي الاقليم البري والبحري والجوي نوردهم تباعا : تنص المادة الثالثة من قانون العقوبات على ما يلي: يطبق قانون العقوبات على الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية.
وتجدر الاشارة وأن مصطلح أراضي الجمهورية خاطئ في التشريع الجزائري والأصح هو اقليم الجمهورية على أساس أن الاقليم يمثل الاقليم البري وتحدده الحدود السياسية للدولة، والاقليم البحري يشمل المياه الاقليمية للدولة، وأخيرا الاقليم الجوي وهو طبقات الجو التي تعلو الاقليم البري والبحري للدولة. الا أنه يجب تحديد مكان وقوع الجريمة للقول بإعمال سيادة عليه المادة 586 ق إ ج تعد مرتكبة في الاقليم الجزائري وهذا الدولة على اقليمها وهو ما نصت يعني أن مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق في الركن المادي بأكمله تم في الجزائر، فالاختصاص يعود لسلطة القضائية للجزائر، كأن يضرب الجاني الضحية في قطر الجزائر فيسبب له جروحا فيها، الا أنه في بعض الحالات قد لا يرتكب الجاني كل الفعل الاجرامي في الجزائر، كأن يضع للضحية السم في الجزائر فيموت في اقليم أجنبي وعندها تعتبر الجريمة قد وقعت في الاقليمين معا، ورغم ذلك يجوز محاكمة الجاني في احد الاقليمين لأن الركن المادي وقع في كليهما.
ثالثا : الجرائم التي تقع على ظهر السفن والطائرات
تعتبر معظم التشريعات المقارنة ان السفن والطائرات التابعة للدولة امتداد للإقليم الوطني وتخضع الجرائم المرتكبة على متنها للقانون النافذ في ذلك الاقليم ولكن التطبيق يختلف لكل منهما، كما يختلف بحسب نوع السفينة او الطائرة، والمكان الذي تكون فيه عند وقوع الجريمة.
(1الجرائم التي تقع على ظهر السفن :
تنص المادة 590 ق إ ج« تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبها» ،وهذا يعني أن ارتكاب الجريمة على ظهر سفينة تجارية وطنية تحمل الراية الجزائرية وفي عرض البحر أي في المياه الدولية- يعود الاختصاص فيها للقانون الجزائري، أما الجريمة المرتكبة في عرض المياه الاقليمية لدولة أجنبية فإن القانون الأجنبي هو الذي يطبق عليها، ولا ولاية للقانون الجزائري عليها، باعتبار أن الجريمة واقعة في أحد العناصر المكونة لإقليم الدولة الأجنبية طبقا للقواعد العامة لتحديد اقليم الدولة وعملا بمبدأ اقليمية النص الجنائي، ولا يغير حمل الراية شيئا لان العبرة في هذه الحالة بمبدأ اقليمية النص، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فهو مبدأ يستخلص من حكم المادة 590 الفقرة 2 ق إ ج.
وكذلك الشأن بالنسبة للجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحري جزائري على ظهر باخرة تجارية أجنبية » أي أن المادة تضع قاعدة وهي تطبق بوجود مثل هذه القاعدة أو عدم وجودها تطبيقا لمبدأ اقليمية النصين الجنائيين لأن الجريمة التي تقع في احدى مكونات الاقليم الوطني هي ثلاثة الأرض اليابسة، والمياه الداخلية والأنهار والبحيرات والمياه الاقليمية ،والجو الذي يعلو اليابسة والمياه بنوعيها فتعتبر مرتكبة في الجزائر ويطبق عليها قانون العقوبات الجزائري عملا بمبدأ الاقليمية طبقا للمادة 3.ق.ع ذلك أن حكم القانون الجزائري وتطبيقه على الجرائم التي ترتكب على ظهر السفن التي تحمل الراية الجزائرية يرتبط بوجوب ارتكاب الجريمة في أعالي البحار، لأن ارتكابها في مياه أجنبية يعني خضوعها لقانون تلك الدولة.
(2الجرائم التي تقع على ظهر الطائرات
لم يميز المشرع بين الطائرات الحربية أو الطائرات التجارية كلها تخضع لاختصاص القانون الجزائري وفي أي مجال جوي كانت و في ذلك نصت المادة 591 ق إ ج على ما يلي :« تختص الجهات القضائية الجزائرية بنظر الجنايات والجنح التي ترتكب على متن طائرات جزائرية أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة«
وبهذا النص اعتبرت الطائرات الجزائرية بمثابة امتداد للإقليم الجزائري ويختص ا" نون الجزائري بالنظر في الجرائم التي ترتكب على متنها، في أي اقليم وقعت وأيا كانت جنسية مرتكبها.
ويتضح من النص وأن قانون العقوبات الجزائري يطبق على الجنايات والجنح التي تقع على متن الطائرات في الحالات التالية:
أ) حالة الطائرة تحمل لراية الجزائرية ووقعت جريمة على متنها دون اعتبار لجنسية مرتكبها او الأجواء التي تحلق فيها.
ب (حالة الطائرات الحربية لأنها امتداد لسيادة الدولة.
ثالثا: الاستثناءات الواردة على مبدأ الاقليمية
يطبق مبدأ الاقليمية على كل شخص ير تكب عملا اجراميا علي اقليم الدول الجزائرية مهما تكن جنسيته، ولكن هذه القاعدة تجد لا بعض الاستثناءات على بعض الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة، التي يكون مصدرها القانون الداخلي أو القانون والعرف الدوليين، وهؤلاء الأشخاص هم .
(1رئيس الدولة الذي يتمتع بحصانة مستمدة من طرف العرف الدستوري.
(2أعضاء المجلس الشعي الوطني أو النواب، يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية المستمدة من القانون الدولي حال ارتكابهم جرائم في البلاد التي يزورونها.
(3رجال السلك السياسي الأجنبي وهم السفراء والقناصلة.
(4رجال القوات العسكرية الأجنبية اذا كانوا متواجدين بإقليم دولة بناءا على معاهدة ثنائية، وحصانتهم مرتبطة فقط بحدود الاقليم الذي يقيمون فيه.
(5موظفو المنظمات الدولية .
باعتبار أن القاضي الجزائري لا يستطيع أن يطبق غير القانون الجزائري، وكذلك الأمر لو كانت الجريمة جنحة في القانون الجزائري ولكنها غير معاقب عليها القانون الأجنبي فلا وجه للمتابعة اذ ليس من العدالة أن يحاسب المرء على فعل مباح في الاقليم الذي ارتكب فعل و اذا كانت الجنحة مرتكبة ضد الأشخاص فلا يجوز متابعة ومحاكمة الجاني الا بناءا على طلب النيابة العامة بعد اخطارها بشكوى من الشخص المضرور أو ببلاغ من سلطات القطر الذي وقعت فيها الجنحة الى النيابة العامة على مستوى الجزائر.
ونجد أن هناك فرق بين شروط تطبيق مبدأ الشخصية بالنسبة للجنايات والجنح في العنصرين:
أ) أن المشرع قد فرق بين الفعل الموصوف في التشريع الجزائري على أنه جناية فلم يشترط أن يكون مجرما في التشريع الأجنبي، تقديرا منه لخطورة الفعل الذي ارتكبه الجاني في خارج اقليم الدولة، بينما اشترط المشرع في الفعل الموصوف بأنه جنحة أن يكون كذلك أيضا في تشريع الدولة الأجنبية التي ارتكب فيها الفعل، أخذ بقاعدة أن المواطن في الخارج يلتزم في سلوكه بقانون البلد الذي يقيم به.
ب) ضرورة اخطار النيابة العامة في الجزائر اذا كانت الجنحة ضد أحد الأشخاص اما بشكوى من الشخص المتضرر من الجريمة، واما عن طريق بلاغ من سلطات القطر الذي ارتكبت فيه الجنحة وهذا ما تنص عليه المادة 583 ق اج، بالنسبة للجنح المرتكبة من طرف الجزائريين في الخارج ولم تنص عليها المادة ق 582 المتعلقة بالجنايات التي ترتكب من الجزائريين في الخارج.
الفرع الثاني : مبدأ شخصية النص الجنائي
يقصد بهذا المبدأ امكانية خضوع المواطن أينما وجد لقانون بلاده، فاذا ما ارتكب المواطن جريمة في الخارج وعاد الى بلاده قبل أن يحاكم عنها ويقضي العقوبة التي حكم بها عليه يجوز أن يتابع ويحكم عليه في وطنه، وعلة ذلك، أنه لا يجوز ان يكون الوطن موئلا للخارجين على القانون الذي يسيئون لوطنهم بارتكاب الجرائم في الخارج فيكون لهم في العودة الى البلاد ملجا يحميهم من تحمل نتائج أعمالهم الإجرامية، فالدولة لا تسلم رعاياها عادة، ولا تستطيع أن تطبق على المواطن الذي ارتكب جريمة في الخارج قانونها بحسب مبدأ الاقليمية، الأمر الذي دعا لأخذ المبدأ الشخصية.
أولا: أهمية مبدأ شخصية القانون الجنائي
يعتبر مبدأ شخصية النص في وجهه الايجابي وسيلة تجنب فرار الجاني من العقاب في حالة ارتكابه لجريمة خارج اقليم الدولة التي ينتمي اليها، اذ في هذه الحالة لا تستطيع دولته متابعته لأنه لم يرتكب الجريمة في اقليمها ولا تتمكن من محاكمته، ولا يمكن أن تحصل عليه الدولة الأخرى لأن تسليم الرعايا محظور طبقا للدستور، ولذلك تكون الوسيلة لتجنب فراره من العقاب أن تتولى الدولة التي يحمل جنسيتها معاقبته، بالإضافة الى هذا ان ارتكاب رعايا الدولة لجرائم خارج اقليمها فيه مساس بمصالحها المعنوية، أما أهميته في وجهه السلي فإنها تبدو من حيث أنه يمكن للدولة حماية رعاياها اذا تعرضوا للاعتداء خارج اقليمها.
المطلب الثاني: المتابعة في الجنح المرتكبة من طرف الجزائريين في الخارج
تنص المادة583 ق اج «كل واقعة موصوفة بأنها جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أم في نظر القطر الذي ارتكبت فيه يجوز المتابعة من أجلها والحكم فيها في الجزائر اذا كان مرتكبها جزائريا، ولا يجوز أن تجري المحاكمة أو يصدر الحكم الا بالشروط المنصوص عليها في
الفقرة الثانية من المادة 582«
قبل أن نتطرق الى اجراءات المتابعة يجب أولا أن نلم بشروطها.
الفرع الأول: شروط تطبيق مبدأ شخصية القانون الجنائي
نستخلص من نص المادة 583 ق إ ج أن شروط تطبيق مبدأ شخصية العقوبة في الجنح التي ترتكب في الخارج هي:
(1 أن يتمتع بالجنسية الجزائرية وقت ارتكاب الجريمة أو اكتسبها بعد ارتكابها ويسري قانون العقوبات الجزائري حتى لو كان مرتكب الجريمة مزدوج الجنسية، اذ نرجج جنسيته الجزائرية على غيرها من الجنسيات الأجنبية في هذه الحالة.
(2عودة الجاني الى الاقليم الجزائري باختياره، فاذا لم يعد الجاني الى الجزائر فلا يجوز متابعته غيابيا، ويكفي لتحقق هذا الشرط أن يتواجد الجاني بالجزائر ولو لفترة قصيرة غادر بعدها الاقليم الجزائري، اذ يجوز في هذه الحالة متابعته غيابيا، ويترتب عن شرط العودة الاختيارية أنه لا يجوز المطالبة بتسليمه قصد محاكمته.
(3أن لا يثبت أنه حكم عليه نهائيا في الخارج، ذلك أن الحكم الأجنبي اذا كان نهائيا يمنع أعادة المحاكمة من جديد على نفس الواقعة الإجرامية، والحكم النهائي هو الحكم البات المبرم الغير قابل للطعن فيه بطرق الطعن، وعلى ذلك اذا كان الحكم ابتدائيا فانه لا يمنع من محاكمة الشخص طبقا لقانون العقوبات الجزائرية.
(4أن لا يثبت في حالة الحكم بالإدانة من طرف القضاء الأجنبي أنه قضى العقوبة، أو سقطت عنه بالتقادم، أو حصل على عفو عنها، فاذا ثبت أن الجاني قد قضى العقوبة فلا تجوز ملاحقته من طرف القضاء الجزائري نفس الأمر اذا سقطت العقوبة بالتقادم أو صدر عفو رئاسي عنها.
(5أن ترتكب الجنحة خارج اقليم الجزائر.
(6 يجب أن تكون الواقعة جنحة منصوص عليها في القانون الجزائري والأجنبي فاذا كانت جنحة في القانون الأجنبي، ولكنه غير معاقب عليها في القانون الجزائري فلا وجه للمتابعة.
الفرع الثاني: اجراءات المتابعة في الجنح المرتكبة من طرف الجزائريين في الخارج
تنص المادة 3 من ق. ع على أنه « يطبق قانون العقوبات على كافة الجزائر التي ترتكب في أراضي الجمهورية، كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج اذا كانت تدخل ضمن اختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية طبقا لأحكام قانون الاجراءات الجزائرية». ولقد جاء في نص المادة 582 و 591 من ق إ ج تحديد الأحكام العامة والخاصة المتعلقة بتطبيق قانون العقوبات من حيث المكان على الجرائم التي ترتكب في اقليم الدولة، وكذلك على بعض الجرائم من الجنايات والجنح التي لا تقع في اقليم الدولة في احدى عناصره الثلاثة المتفق عليها،
الاقليم البري و الجوي والمياه الاقليمية. "حيث تنص المادة 583 ق إ ج المتعلقة بالجنح التي يرتكبها الجزائريين في الخارج على انه كل واقعة موصوفة بأنها جنحة سواء في نظر القانون الجزائري أو في نظر القطر الذي ارتكبت فيه يجوز المتابعة من أجلها والحكم فيها في الجزائر اذا كان مرتكبها جزائريا ولا يجوز ان تجري المحاكمة او يصدر الحكم الا بشروط منصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 582.وعلاوة على ذلك فلا يجوز ان تجرى المتابعة في حالة ما اذا كانت الجنحة مرتكبة ضد أحد الأفراد الا بناء على طلب النيابة العامة بعد اخطارها بشكوى من الشخص المضرور أو بلاغ من سلطات القطر الذي ارتكبت الجريمة فيه.
وهذا يعني أن الجنح التي ترتكب من طرف الجزائريين في الخارج ضد الأفراد، لا يجوز
للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية مباشرة بشأنها." لأن القانون يقيدها بوجوب حصولها على شكوى من المتضرر بالجنحة، أو ببلاغ من سلطات البلد الذي وقعت فيه الجنحة، وهذا يعني أنه اذا بلغها عن طريق أي مصدر اخرأن جزائريا ارتكب جنحة، وفقا لحكم المادة 583 التي سبق ذكرها والمادة 2/582 من ق إ ج والتي تنص على أنه "لا يجوز أن تجرى المتابعة أو المحاكمة الا اذا عاد الجاني الى الجزائر ولم يثبت أنه حكم عليه نهائيا في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم بالإدانة انه قضي العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل على العفو عنها، لا يجوز لها تحريك الدعوى العمومية الا بعد تقديم الشكوى أو بلاغ من السلطات الأجنبية أو بعد حصولها على شكوى من المجني عليه.
ملخص
مما سبق عرضه نتوصل للقول أن تحريك ومباشرة الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة كأصل، وذلك في جميع الجرائم بحيث تقوم بتحريك ومباشرة الدعوى العمومية بمجرد علمها بوقوع الجريمة لكونها تنوب عن المجتمع في توقيع العقاب، إلا ان المشرع الجزائري جاء باستثناء بحيث قيد الحرية النيابة في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية في بعض الجرائم بحيث استوجب عليها الحصول على شكوى لكي تسترد حريتها في تحريك ومباشرة الدعوى العمومية ضد الأشخاص المرتكبين للجرائم ، وتكمن غاية المشرع الجزائري في تقييد حرية النيابة العامة ومراعاة مصلحة المجني عليه نظرا لخصوصية هذه الجرائم .
الخاتمة :
بعد أن تعرضنا إلى ماهية الشكوى و توضيح كيفية تفعيل نظامها وفق ما ورد في القانون الجزائري، سنحاول أن نتعرض في هذه الخاتمة إلى الإجابة على إشكاليات الدراسة، كما سنحدد أهم النتائج التي توصلنا إليها و أهم الاقتراحات التي يمكن أن تساهم في خدمة الموضوع. إجابة عن السؤال المتعلق بكيفية موازنة المشرع الجزائري بين حق النيابة في تحريك الدعوى العمومية وحق المجني عليه في تقيدها، توصلنا إلى أن المشرع الجزائري من خلال تقيده لبعض الجرائم بشكوى أنه فعل نظام الاتهام الفردي ولكن في شكل مختلف باعتبار أن الشكوى و التنازل عنها تعتبر كبديل عن تحريك الدعوى العمومية. فنجد أنه أعطى سلطة تحريك الدعوى العمومية للمضرور في بعض الجرائم التي ارتأى فيها المشرع لاعتبارات عدة أن الضرر الخاص فيها الذي يصيب المشتكي يفوق إلى حد كبير الضرر العام الذي يصيب المجتمع، كما ارتأى من ناحية أخرى أن المجني عليه هو الأقدر على ملائمة مدى إمكانية تحريك دعوى الحق العام والآثار المترتبة عليها والتي قد تكون أكثر ضيرا بالمجني عليه من الجريمة ذاتها التي ارتكبت بحقه، و بالتالي يكون المشرع بذلك قد وازن بين حق النيابة في تحريك الدعوى العمومية و حق المجني عليه في تقيدها.
نتائج الدراسة :
1- الحق في الشكوى ذات طبيعة موضوعية لأن المشرع نظم أحكام و حالات الشكوى في قانون العقوبات باستثناء نص المادة 6 من ق إ ج التي نصت على انقضاء الدعوى العمومية بسحب الشكوى .
2- أعط المشرع الجزائري حق التنازل عن الشكوى للمجني عليه في أي مرحلة من مراحل الدعوى العمومية.
3- لم يحدد المشرع الجزائري شكل الشكوى أو طريقة تقديمها لكنه اشترط اكتمال الشروط الصحيحة لها.
4- نجد أن الشكوى قد تتداخل مع بعض المفاهيم المشابهة كالطلب والإذن والبلاغ والصفح و الادعاء المدني في نقاط معينة وتختلف معها في نقاط أخرى.
5- أطراف الشكوى ثلاثة: صاحب الحق في تقديم الشكوى الموجه ضده الشكوى و الجهة المقدمة إليها الشكوى.
6- تقدم الشكوى إما من المجني عليه أو من وكيله الخاص وتنقضي بوفاة صاحب الحق فري من الحقوق الشخصية.
7- تخضع الشكوى لأحكام تقادم الدعوى العمومية.
8- جرائم الشكوى جاءت على سبيل الحصر أقرها المشرع الجزائري في قانون العقوبات.
اقتراحات الدراسة :
1- من المستحسن إعادة صياغة بعض النصوص القانونية كتحديد مدة لتقادم الشكوى على غرار المشرع المصري الذي حددها بثلاثة أشهر حتى لا يتخذ من حق الشكوى سلاحا للتهديد.
2- نرى بأن المشرع الجزائري عليه أن يتخلى على إتباع خطى المشرع الفرنسي في بعض النصوص القانونية التي تتنافى مع شريعتنا الإسلامية على غرار جريمة الزنا التي تشترط لقيامها في التشريع الجزائري على توفر صفة المتزوج سواء للرجل أو المرأة على عكس الشريعة الإسلامية التي تجرم هذا الفعل سواء كان الزاني متزوج أو غير متزوج.