logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





look/images/icons/i1.gif شهر الإفلاس في القانون التجاري الجزائري
  29-05-2022 09:58 مساءً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 12-06-2021
رقم العضوية : 28092
المشاركات : 18
الجنس :
قوة السمعة : 10
الفرع الرابع : عدم نفاذ تصرفات المفلس خلال فترة الريبة :
أ- مفهوم فترة الريبة و تحديدها :
إذا كانت القاعدة العامة في غل يد المفلس عن التصرف و إدارة أمواله الحاضرة و المستقبلية، و ذلك بمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس حفاظا على مصالح الدائنين و حقوقهم، منعا من الإضرار بها وهدرها.
لكن و في الغالب لا يصدر الحكم بشهر الإفلاس بعد التوقف عن دفع ديونه، فهذا مستحيل من الناحية العلمية فالمحكمة هي التي تحدد تاريخ التوقف عن الدفع، و الذي هو مستقل عن الحكم يشهر الإفلاس فالفترة الفاصلة بين التوقف عن الدفع و صدور الحكم بشهر الإفلاس تسمى بفترة الريبة أو الشك، فهي الأخرى عمد المشرع إلى وضع نظام خاص تخضع له تصرفات المدين المفلس خلالها، فأوجب إبطال بعضها و أجاز بعضها الآخر و ذلك حتى لا يسمح للمدين المفلس بالقيام بتصرفات مشكوك فيها قاصدا الإضرار بدائنيه، كأن يعمد لإخفاء الأموال أو التبرع بها أو بيعها صوريا أو الوفاء ببعض ديونه دون حلول أجلها، و هذا كله سعيا لتحقيق مبدأ المساواة بين الدائنين.
إلا أنه بالنسبة للتصرفات الناقلة للملكية المنقولة أو العقارية بغير عوض، يجوز أن تمتد فترة الريبة لتشمل الستة أشهر السابقة للتوقف عن الدفع. وتحدد بعض التشريعات حد أقصى لا تستطيع المحكمة تجاوزه ومثال ذلك التشريع البلجيكي.
أما فيما يخص التشريع التجاري الجزائري فقد ترك المشرع الأمر للمحكمة المختصة بشهر الإفلاس وطبقا للظروف وما تستخلصه من وقائع الدعوى على أنه لا تزيد به لأكثر من 18 شهرا سابقة على تاريخ صدور الحكم بشهر الإفلاس.
ب- عدم النفاذ الوجوبي (الأعمال الباطلة) :
و هو البطلان الذي يجب على المحكمة أن تقضي به متى توافرت شروطه و بالتالي هناك تصرفات تقع في فترة الريبة و تخضع للبطلان الوجوبي و هذا ما يستدل به من نص المادة 247 من القانون التجاري الجزائري:" لا يصح التمسك قبل جماعة الدائنين بما يلي من التصرفات الصادرة من المدين منذ تاريخ التوقف عن الدفع :
فقرة 2 :
1- كافة التصرفات الناقلة للملكية المنقولة أو العقارية بغير عوض.
2- كل عقد معاوضة يجاوز فيه التزام المدين بكثير التزام الطرف الآخر.
3- كل وفاء مهما كانت كيفيته لديون غير حالة بتاريخ الحكم المعلن بالتوقف عن الدفع.
4- كل وفاء لديون حالة بغير الطريق النقدي أو الأوراق التجارية أو بطريق التحويل أو غير ذلك من وسائل الوفاء العادية.
5- كل رهن عقاري اتفاقي أو قضائي و كل حق احتكار أو رهن حيازي يترتب على أموال المدين لديون سبق التعاقد عليها..." .
و هذه التصرفات محددة على سبيل الحصر و بالتالي فلا يمكن القياس عليها و هي كالتالي:
1- كافة التصرفات الناقلة للملكية المنقولة أو العقارية بغير عوض :
فكل عمل تبرعي يقوم به المدين خلال فترة الريبة، و ينقل الملكية فهو محل شك و ارتياب و على ذلك أوجب المشرع ضرورة إبطاله متى قدم بشأنها طلب البطلان للمحكمة و توافرت شروطه كأن يتنازل المدين عن ملكية عقار له أو سيارة دون مقابل، و غرض المشرع من إبطال هذا التصرف هو منع المدين من الإنقاص من حقوق الدائنين و التبرع بها للغير في وقت هو أحوج بها من غيره لأن نية الإضرار في مثل هذا الظرف واضحة، فالأجدر بالمدين أن يوفي بما عليه من ديون لا الإحسان للغير.
غير أن الفقرة الأخيرة من المادة 247 قانون تجاري جزائري أوردت استثناء على هذا الإطلاق و قضت بأنه إذا ما تم التصرف دون مقابل في خلال الستة أشهر السابقة لفترة الريبة فتكون للمحكمة السلطة التقديرية في إبطاله أو جوازه بمعنى خضوع التصرف للبطلان الجوازي وليس الوجوبي ونص المادة كالتالي:
" و يجوز للمحكمة علاوة على ذلك الحكم بالتمسك قبل جماعة الدائنين بالعقود بغير عوض المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة و المحررة في ظرف الست أشهر السابقة للتوقف عن الوفاء".
2- كل عقد معاوضة يجاوز فيه التزام المدين بكثير التزام الطرف الآخر :
عقد المعاوضة : هو العقد الذي يلزم كل واحد من الطرفين بإعطاء أو فعل شيء ما مع ضرورة تساوي التزامات الطرفين. غير أنه إذا ما أبرم المدين المتوقف عن الدفع أي عقد معاوضة وكانت التزاماته تزيد كثيرا عن التزامات الطرف الثاني، أي أنه يعطي أكثر مما يأخذ، فإن هذا العقد يصبح غير نافذ في مواجهة جماعة الدائنين، و يجب على وكيل التفليسة رفع دعوى البطلان للمحكمة التي يجب عليها أن تحكم بإبطاله بطلانا وجوبيا متى توافرت شروطه.
3- كل وفاء مهما كانت كيفيته لديون غير حالة بتاريخ الحكم المعلن للتوقف عن الدفع :
نلاحظ من هذه المادة أنها جاءت مطلقة إذ قضت على أنه: " كل وفاء مهما كانت كيفيته سواء بالنقود بالأوراق التجارية، فهو يخضع للبطلان الوجوبي متى رفع الأمر للمحكمة المختصة و السبب الذي جعل المشرع يبطل هذا التصرف بطلانا وجوبيا هو وضوح نية الغش لدى المدين و الإضرار بدائنيه.
4- كل وفاء لديون حالة لكن بطرق غير عادية :
الأصل أن طرق الوفاء في الديون التجارية تتم عادة بالنقود أو الأوراق التجارية التي اعتبرها المشرع بمثابة النقود، أو عن طريق تحويل الحساب الجاري بين الطرفين، كأن يكون لكل من الدائن و المدين حسابا في نفس البنك فيطلب المدين من البنك تحويل مبلغ نقدي يساوي قيمة الدين الى حساب الدائن وهذا التحويل يعتبر بمثابة الوفاء بالنقود.
إلا أن المدين المتوقف عن الدفع قد يلجأ أحيانا إلى الوفاء بطرق غير عادية قاصدا الإضرار بدائنيه كأن يفضل دائنا على آخر و يمكنه من الحصول على حقه في مقابل عدم لجوءه إلى القضاء لطلب شهر إفلاسه، و قد يلجأ إلى التنازل له عن عقاراته أو يحول له دين له في ذمة الغير عن طريق حوالة الحق.
5- كل تأمين يمنحه المدين على أمواله لديون سبق التعاقد عليها :
تقضي الفقرة الخامسة من ذات المادة أي المادة 247 على أنه لا يمكن التمسك قبل جماعة الدائنين بكل رهن عقاري اتفاقي أو قضائي، و كل حق احتكار أو رهن حيازي يترتب على أموال المدين لديون سبق التعاقد عليها. نلاحظ أن كل فقرة في هذه المادة ترد شروط يجب توفرها حتى تخضع هذا التصرف للبطلان الوجوبي و نستطيع أن نستنتج شروط هذه الفقرة كالتالي :
- أن ينشأ الضمان لدين سابق في ذمة المدين و يستوي أن يتم هذا الدين في خلال فترة الريبة أوقبلها المهم أن يكون سابقا لنشوء الضمان.
- أن يتم هذا الضمان خلال فترة الريبة.
- أن يرد على أموال مملوكة للمدين.
إذن فمتى توافرت هذه الشروط وجب على المحكمة إبطال التصرف بطلانا وجوبيا، و ليس لها سلطة تقديرية، كما ليس لها أن تبحث في نية المدين ذلك لأن مثل هذا التصرف يخل بمبدأ المساواة بين الدائنين.
6- الرهون الحيازية و الامتيازات التي سجلت بعد صدور الحكم بشهر الإفلاس :
أضافت 251 قانون تجاري إلى التصرفات الخاضعة للبطلان الوجوبي التصرفات أو الضمانات التي يقدمها المدين بعد صدور الحكم بالتسوية القضائية أو بشهر الإفلاس، مع استثناء الخزينة العامة التي يمكنها التمسك قبل جماعة الدائنين بامتيازاتها على الديون، التي كانت غير ملزمة بتسجيلها في تاريخ الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية، و كذلك الديون الواجبة الدفع بعد ذلك الحكم.
جـ- عدم النفاذ الجوازي :
يقصد بالبطلان الجوازي: البطلان الذي تكون للمحكمة سلطة تقديرية في تقريره أو عدم تقريره حتى وإن توافرت جميع شروطه، على خلاف البطلان الوجوبي الذي يجب على المحكمة إذا توافرت شروطه أن تقرره و ليس لها أي سلطة تقديرية في ذلك:
1- شروط البطلان الجوازي :
يجب أن يقع التصرف في فترة الريبة.
يجب أن يصدر التصرف عن المدين نفسه.
يجب أن يرد التصرف على الأموال المملوكة للمدين.
يجب ألا يكون التصرف من التصرفات الواردة في المادة 247 تجاري جزائري.
يجب أن يكون المتصرف إليه عالما بحالة التوقف عن الدفع غير أنه بالنسبة للأوراق التجارية نجدها مستثناة أي الوفاء بها لا يخضع للبطلان، حيث أن حامل الورقة التجارية سواء كان شيكا أو كمبيالة أو سند إذني، يمكنه استيفاؤها من المدين في ميعاد الاستحقاق، ذلك أن حامل الورقة التجارية ملزم بتقديمها في الميعاد دون أن يمنعه عن ذلك علمه بتوقف المدين عن الدفع.
2- التصرفات الخاضعة للبطلان الجوازي :
يستخلص من نص المادة 249 تجاري جزائري بعض التصرفات التي يمكن أن تخضع للبطلان الجوازي و هي كالتالي :
- كل المدفوعات التي يؤديها المدين وفاء لديون حالة و بطرق عادية بعد تاريخ التوقف عن الدفع.
- كل التصرفات بعوض أي عقود المعاوضة كالبيع أو المقايضة وإذا ما رأت المحكمة أن في التصرف ضررا بجماعة الدائنين، حكمت على المتصرف إليه برد الشيء الذي تلقاه على التفليسة أو قيمته على أن يسترد العوض من التفليسة، و إذا لم يوجد يطالبهم بالتعويض.
- العقود الناقلة للملكية على سبيل التبرع و الصادرة أو المبرمة خلال فترة ستة (6) أشهر السابقة لتاريخ التوقف عن الدفع.
- كل التأمينات المبرمة من المدين خلال فترة الريبة بشرط ملازمتها لنشوء الدين، أما إذا كانت لديون سبق التعاقد عليها تخضع للبطلان الوجوبي.
والملاحظ عن نص المادة 249 تجاري جزائري أن التصرفات الواردة فيها جاءت على سبيل المثال لا الحصر.

المطلب الثاني : أثار الإفلاس بالنسبة للدائنين :
يمكن أن نبدأ الموضوع بالسؤال التالي : هل أن جميع دائني المدين المفلس يكونون في مرتبة واحدة بالنسبة إليه ؟
في الحقيقة أن دائني المدين ليسوا في نفس المرتبة. و إنما تختلف حقوقهم باختلاف مراكزهم القانونية. فهناك دائنون عاديون ودائنون ممتازون، ولذلك حفاظا على حقوق الدائنين وتحقيقا للمساواة بينهم، خوفا من تزاحمهم عند التنفيذ على أموال المدين المفلس، لهذا الغرض عين وكيل التفليسة لتناط له المهمة لتمثيل هؤلاء وسنتعرض لهذه الآثار كالتالي :
الفرع الأول : جماعة الدائنين :
يتحد كل دائني المدين بقوة القانون في تجمع واحد يسمى: اتحاد الدائنين و هذا الاتحاد يمثله وكيل التفليسة أمام القضاء، سواء كان الاتحاد مدعيا أو مدعى عليه، وبالتالي جماعة الدائنين لا يلتزمون بالقرارات والأحكام التي تخضع لها جماعة الدائنين إلا إذا تنازلوا عن تأميناتهم و هذا ما يفهم من نص المادة 319 قانون تجاري جزائري.
و قد ثار النقاش في الفقه الفرنسي حول ما إذا كان لهذا الاتحاد شخصية معنوية أم لا ؟
فقد اعترض جانبا من الفقه ذلك على أساس أن اتحاد الدائنين ليس له ذمة مالية، وبالتالي لا يمكن القول بأن له شخصية معنوية. لكن الرأي الراجح يذهب إلى أن اتحاد الدائنين يتمتع بالشخصية المعنوية التي تمكنه من أداء مهمته، ذلك أن كل مجموعة تملك التعبير الجماعي عن مصالح أفرادها، و إن عدم توفر الذمة المالية لا يمنع من قيام الشخصية المعنوية و ليس شرطا لقيامها، و الراجح فيها أن جماعة الدائنين لا تعتبر شركة بل جمعية لأن الغرض منها ليس تحقيق الأرباح، بل تحديد خسائر الدائنين و تنظم تصفية الأموال.
- منع مباشرة الدعاوى الانفرادية :
بمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس يتوقف و بقوة القانون مباشرة كل دعوى شخصية لأفراد جماعة الدائنين.
فلو أجيز لكل دائن رفع دعوى ضد المدين المفلس لتعددت الدعاوى، و يصبح الغرض منها هو التسابق والتزاحم بين الدائنين للحصول على حقهم و ما ينجر عن ذلك من الابتعاد عن مبدأ المساواة في توزيع هاته الديون و كذلك عرقلة عملية التصفية الجماعية و منها زيادة مصاريف التفليسة.
فالدعاوى الفردية التي سبقت إقامتها تقف فورا و الدعاوى الجديدة تكون غير مقبولة كذلك تتوقف جميع إجراءات التنفيذ سواء على عقارات المدين أو منقولاته و يحل محلهم في ذلك وكيل التفليسة. و يتضح من المادة 245 قانون تجاري جزائري أن هذا الأثر يسري فقط على الدائنين العاديين و كذا الدائنين الممتازين امتيازا عاما الذين تتكون منهم جماعة الدائنين، أما إذا كان المدين من الدائنين المرتهنين رهنا عقاريا أو حيازيا، فيكون بذلك قد تحصن من مخاطر الإفلاس لماله من حق الأفضلية على الأموال المرهونة، ومنه فلا جدوى من منعه من القيام بإجراءات التنفيذ على شرط أن يتابعها ضد وكيل التفليسة، أو ضد وكيل التفليسة و المدين معا في حالة قبول هذا الأخير كخصم متدخل.
الفرع الثاني : سقوط آجال جميع الديون التي على المفلس :
بمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس تسقط آجال جميع الديون التي بذمة المفلس و بقوة القانون، إن الأجل أساسه الثقة و الائتمان اللتان يمكنهما الدائن لمدينه، فإذا ما أشهر الإفلاس تسقط دعائم الأجل. وإسقاط الآجال هو ضرورة لتهيئة التفليسة للتصفية الجماعية بأسرع وقت ممكن ليستفي كل دائن حقه، لكن إذا ما بقت الآجال فهذا يؤدي إلى عرقلة التصفية، إذا ما كانت الآجال طويلة المدى. و للعلم أنه لا يسقط أجل الديون التي للمفلس على الغير، بل إن الأجل لا يسقط إلا بالنسبة للمفلس وحده إذ من الظلم حرمان مدين المفلس من الأجل لسبب لا دخل له فيه.
و قد جاءت المادة 246 تجاري جزائري عامة فلم تفرق لنا بين الديون إذا ما كانت عادية أو مضمونة برهن امتياز أو اختصاص، مدنية كانت او تجارية، و بالتالي سقط أجل جميع الديون سواء كانت عادية أو مضمونة برهن أو اختصاص أو امتياز، و سواء كانت تجارية أو مدنية، و سقوط الأجل بالنسبة للمدين المفلس، فلا يسقط الأجل بالنسبة للمدين المتضامن نظرا لرابطته بالدائن و نفس الشيء بالنسبة للكفيل عنه.
الفرع الثالث : وقف سريان فوائد الديون العادية و الديون الآجلة و المعلقة على شرط :
الحكم بإشهار الإفلاس يوقف بمجرد صدوره سريان فوائد الديون العادية التي هي بذمة المفلس بالنسبة لجماعة الدائنين و الحكمة من هذا هي تهيئة التفليسة للتصفية الجماعية بتحديد أصول التفليسة و خصومها بصورة نهائية يوم شهر الإفلاس.
لكن لم يتعرض المشرع الجزائري لهذا الإجراء لعدم جواز هذه الفوائد، إذ تعتبر محرمة بنص المادة 454 من القانون المدني الجزائري.
إلا أنه و بموجب القانون رقم 84/12 المؤرخ في 24 ديسمبر 1984، خرج المشرع عن المألوف وأجاز لمؤسسات القرض في حالة إيداع أموال لديها أن تمنح فوائد.
و بالتالي لا يوجد تعارض بين هذا القانون و المادة 454 و ذلك للأسباب التالية :
- هدف المشرع هو تشجيع الأفراد على الإقبال على الادخار.
- هدف هذه المؤسسات هي مؤسسات تابعة للدولة و المفروض في الدولة دائما أن تسعى إلى الخدمة العامة لجميع أفراد المجتمع و ليس إلى تحقيق مصلحة ذاتية كما هو الشأن بين الأفراد. وعليه فمتى منحت هذه المؤسسات قروض و أخذت فوائد فإن هذه الفوائد و مما لا شك فيه تستخدم في خدمة الاقتصاد الوطني و إنعاشه مما يعود بالفائدة على الجميع.
- المشرع لم يترك نسبة الفوائد تقدر من قبل المؤسسات أو الأفراد بل أوكل المهمة لوزير المالية فيما يضمن تحقيق الخدمة العامة.
الفرع الرابع : آثار الإفلاس بالنسبة لأصحاب الديون :
كما سبق وأن تطرقنا إليه، على أنه من آثار شهر الإفلاس تشكيل اتحاد الدائنين هذا الاتحاد الذي يضم الدائنين العاديين للمدين و الذين يفقدون ابتداء من صدور الحكم بشهر الإفلاس حقهم في اتخاذ الإجراءات الفردية لاستيفاء دينهم لينوب عنهم وكيل التفليسة في ذلك. لكن للمدين دائنون آخرون، لهم حقوق تجاهه إضافة إلى دائنيه المرتهنين و الممتازين، و الدائنين الذين لهم حقوق، هؤلاء الذين لا يدخلون ضمن جماعة الدائنين نظرا لأن مصالحهم تتعارض مع مصالح جماعة الدائنين.
أ- أصحاب الامتياز العام :
يعرف الامتياز : " بأنه أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفته ".
و ينقسم إلى امتياز عام و امتياز خاص، فحق الامتياز العام يرد على أموال المدين. جميعها عقارا أو منقولا و يخول صاحبها حق استيفاء دينه بالأفضلية على غيره من الدائنين.
والدائن المتمتع بامتياز عام على أموال المفلس هو دائن عادي و هو ملزم بالانضمام إلى التفليسة للمطالبة بامتيازه في حالة ما إذا قبل دينه.
امتياز المصاريف القضائية :
و هي المصاريف التي تم إنفاقها لمصلحة الدائنين حفاظا على أموال المفلس و بيعها و بالتالي هو يضمن مصاريف إدارة التفليسة.
امتياز الخزينة العامة :
و هي تشمل الرسوم أو الضرائب هذه المبالغ مستحقة للخزينة العامة، فالمسيرون لخزينة العامة يحتفظون بحق ممارسة متابعتهم الفردية، بالرغم من إعلان الإفلاس، هذا في حالة ما لم يلب وكيل التفليسة في أجل شهر إنذارها دفع مبلغ من المال أو في حالة ما لم تتوافر المبالغ المالية اللازمة، هذا وفقا لنص المادة 349 فقرة 2 .
امتياز الأجر و التعويضات و النفقة المستحقة :
تم تصنيف الديون المستحقة للعمال عند عقد العمل في مقدمة الديون، حيث أوجب على وكيل التفليسة أن يؤدي الأجور و التعويضات و التوابع الناشئة بمناسبة عقد العمل و التي يستحقها العمال مباشرة من طرف المدين خلال 10 أيام من صدور حكم الإفلاس أو التسوية القضائية ذلك بموجب أمر من القاضي المنتدب في حالة توفر المبلغ.
أما بالنسبة للامتياز الخاص الواقع على منقول: فالإفلاس لا يؤثر في حقوق الامتياز الواقعة على منقول ومن ثم لا يدرج أصحابه ضمن جماعة الدائنين إلا على سبيل المراجعة أي بفرض أن المال المضمن بالامتياز أو الرهن لم يكن الوفاء بحقوقهم كاملة، في هذه الحالة يتقدمون لجماعة الدائنين لاستيفاء حقهم المتبقي كدائنين عاديين.
ب- أصحاب الديون الذين لهم الحق في الحبس أو المقاصة أو الفسخ :
بما أن الحكم بشهر الإفلاس يرتب آثار سواء على المدين المفلس أو الدائنين، لكن هناك من الدائنين من يتمتع بحق الحبس أو المقاصة أو حق الفسخ لعقد أبرم قبل الإفلاس، فما هو مصير هذه الحقوق ؟ و إلى أي مدى يمكن التمسك بها إزاء جماعة الدائنين ؟
و بالتالي فهؤلاء هم المتعاقدون مع المفلس قبل إعلان إفلاسه، و المالكون للأشياء المحبوسة من قبله والمتمتعين بتأمينات عينية.
حق الحبس :
بالرجوع لمضمون المادة 310 نستنتج أن حق الحبس دفع بعدم التنفيذ يتمسك به الدائن كضمان للحصول على حقه، و بالتالي تخول للدائن الحق في أن يمتنع عن الوفاء بالتزاماته استنادا إلى حقه في الحبس حتى يتم له استيفاء ما هو مستحق له.
و لا يهم في ذلك أن تكون ملكية الشيء قد انتقلت إلى المشتري أو لم تنتقل لأن الحبس يتعلق بالحيازة والبائع لا يمكنه أن يبقى دائما في هذه الوضعية، لأنه قد يتعرض لطلب وكيل التفليسة المتعلقة بتنفيذ العقد فيما إذا كان في هذا التنفيذ مصلحة لجماعة الدائنين.
المقاصة :
باعتبار أن المقاصة نوع من أنواع الوفاء المزدوج، سواء كانت قانونية أو اتفاقية أو قضائية لا تقع بعد صدور الحكم بشهر الإفلاس لمصلحة من يكون دائنا و مدينا للمفلس في ذات الوقت وهذا خلافا للقضاء الحديث الذي لا يرى في المقاصة نوعا من أنواع الوفاء ممتنعا بعد شهر الإفلاس وإنما يعتبرهما نوعا من الضمان و تطبيقا للحق في الحبس.
أما إذا لم توجد الأموال لذلك وجب تسديده من حصيلة أول إيراد و هذا ما تقضي به المادة 295 القانون التجاري الجزائري.
جـ - أصحاب الامتياز الخاص :
قد يقع الامتياز الخاص على عقار أو منقول. فأما حقوق الامتياز الواقعة على عقار إما أن تكون حق امتياز عقاري كامتياز بائع العقار الذي يطلب ثمنه و ملحقاته، و امتياز المتقاسم في العقار، و حقوقه نفس حقوق مرتهن العقار، و يستوفون حقهم بالطريقتين التاليتين :
- طبقا للمادة 301 من القانون التجاري:" إذا أجري توزيع ثمن العقارات قبل توزيع ثمن الأموال المنقولة أو أجري في وقت واحد، كان للدائنين الممتازين أو المرتهنين عقاريا الذين لم يستوفوا حقوقهم من ثمن العقارات أن يشتركوا مع الدائنين العاديين بنسبة ما بقي مستحق لهم في الأموال الخاصة بجماعة الدائنين العاديين و يشترط مع ذلك أن تكون الديون قد تم قبولها طبقا للأوضاع المبينة فيما بعد ".
- طبقا للمادة 302 من القانون التجاري الجزائري:" إذا سبق توزيع ثمن العقارات توزيع أو أكثر للأموال المنقولة فإن المقبولين من الدائنين الممتازين المرتهنين عقاريا يشاركون في التوزيعات بنسبة حقوقهم الإجمالية، إلا في حالة الاستبعادات المشار إليها في المادة التالية عند الاقتضاء".
- و خلاصة ذلك أن أصحاب هذه الحقوق لهم الأولوية في استيفاء حقوقهم من ثمن العقار المحمل بالرهن أو الامتياز و تتيح لهم الفرصة للعودة لقسمة الغرماء، إذا لم تكن ضماناتهم الحاصلة للوفاء بحقوقهم كاملة ليدخلوا ضمن جماعة الدائنين كدائنين عاديين في حالة قبول ديونهم، أما إذا بيعت المنقولات قبل أن ينفذ الدائنون المرتهنون و الممتازون على العقار المثقل برهن فلهم الاشتراك ضمن جماعة الدائنين لاستفاء حقهم في حالة قبول ديونهم، و إذا ما بيعت بعد ذلك العقارات فإن من تؤهله مرتبته للحصول على كامل دينه من مال العقار فلا يحصل عليه إلا بعد خصم ما تحصل عليه من ثمن المنقول ليرد إلى جماعة الدائنين. أما إذا بيعت العقارات المتعلقة برهن و إجراء التسوية حسب مراتب الدائنين فإن الدائن الذي لا تؤهله مرتبته إلا للحصول على جزء من دينه وجب أن يرد إلى جماعة الدائنين المقدار الزائد مما كان يحصل عليه لو أن توزيع ثمن العقارات المثقلة برهن قد حصل قبل توزيع ثمن المنقولات و ينضم إلى جماعة الدائنين لاستعادة ما تبقى له من دين.
د- حق الفسخ :
لا يرد الفسخ إلا على العقود التي تنشأ صحيحة و لا يتصور إلا في العقود الملزمة للجانبين التي تنشأ من خلالها التزامات متقابلة لكل من الدائن و المدين في ذات الوقت، و عند إخلال أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه اتجاه المتعاقد الآخر، جاز لهذا الأخير فسخ العقد و التحلل من التزاماته. و إن كان الأصل هو تنفيذ العقد طالما نشأ صحيحا من البداية. لكن قد يفلس أحد طرفي العقد قبل تنفيذه مما يؤدي بالضرورة لعدم تنفيذ المفلس لالتزاماته التعاقدية لغل يد هذا الأخير عن التصرف و إدارة أمواله. فقد يطالب البائع بفسخ العقد من خلال رفعه لدعوى يطالب فيها بذلك، فإذا ما صدر الحكم بالفسخ اعتبر العقد مفسوخا من تاريخ تقديم الطلب هذا و قد يحصل قبل طلب شهر الإفلاس، و بالتالي سيسترد البائع ملكية البضائع محل العقد الذي تم فسخه.
هـ- آثار الإفلاس بالنسبة إلى حق المالك في الاسترداد :
إن دعوى الاسترداد تسمح لمالك الشيء المحبوس من طرف المفلس أن يسترده و ذلك بإثباته ملكيته له وهذا الإثبات سهل على أساس أن المفلس ليس حائزا مؤقتا. كما أن استرداد العقارات لا يثور فيه أي مشكل لثبات ملكيته بمحررات رسمية، على عكس المنقولات فإن استردادها صعب في غالب الأحيان،فهل يحق للمالك استرداد أمواله من أموال التفليسة أم يخضع كالباقي لقسمة الغرماء ؟.
- استرداد المنقولات :
متى أثبت الشخص ملكية المنقولات التي يحوزها المفلس جاز له استردادها شرط أن تكون هذه الأشياء مفرزة، لم تتغير طبيعتها أو ذاتيتها، و بالرجوع إلى نص المادة 312 قانون تجاري جزائري نلاحظ أن المشرع أجاز استرداد البضائع المؤتمن عليها سواء على سبيل الوديعة أو بقصد بيعها لحساب المالك وذلك طالما هي قائمة عينا. و لم يورد المشرع الجزائري أي نص يتعلق بحقوق الزوجة في تفليسة زوجها، و لذا يطبق على غيرها ممن يثبتون حقهم في الملكية المنقولة أو الخاصة بالنسبة لاسترداد أموالها من أموال المدين (زوجها).
كما أجاز المشرع للبائع استرداد بضاعته التي فسخ بيعها قبل الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية ما دامت قائمة بعينها، و يتعين قبول الاسترداد رغم الحكم بفسخ البيع أو تقرير وجوده بمقتضى حكم قضائي تالي للحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية متى كانت الدعوى قد رفعت من طرف البائع الذي لم يستوف الثمن.
- استرداد الأوراق التجارية :
إذا سلمت ورقة تجارية إلى المفلس لقيدها في حساب جاري مفتوح بين المالك و المفلس فلا يجوز الاسترداد و لو وجدت الورقة بعينها لدى المفلس، و ذلك لاندماج الورقة في الحساب و فقدها لذاتيتها وتصبح مجرد بند من بنود الحساب فيمكن لحاملها الذي سلمها للبنك بغرض تحصيل قيمتها، استردادها من تفليسة البنك، لكن شرط انتقالها لحيازة البنك على سبيل الوكالة و ليس على سبيل نقل الملكية. و قد قرر المشرع جواز الاسترداد ضد وكيل التفليسة، لما جرى تسليمه إياه من أموال مالية، و لو كانت موجودة في خزانة المدين.

الفصل الثالث : انتهاء الإفلاس
تهدف إجراءات التفليسة إلى التمهيد للحل المناسب الذي تنتهي به حالة الإفلاس فقد يقرر الدائنون منح المفلس صلحا بسيطا يضعه على رأس تجارته مع منحه مزايا معينة للوفاء بديونه و قد لا يحصل المدين على الصلح، و حينئذ يتألف بين الدائنين نوع من الجمعية يسمى بالاتحاد لتصفية أموال المفلس و توزيع الناتج منها عليهم. و ثمة حل مختلط في مركز وسط بين الصلح البسيط و الاتحاد قد يفضله ذوي الشأن وهو الصلح على ترك الأموال للدائنين، و بمقتضاه يبرأ المفلس من ديونه نظير ترك أمواله كلها أو بعضها للدائنين، و قد يتبين الدائنون أن أصول المفلس ضعيفة لا تكفي لمواجهة مصروفات التفليسة، فتقفل لعدم كفاية أموال المفلس.
و قد قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول انتهاء الإفلاس بإجراء الصلح و في المبحث الثاني نتناول الحالات الأخرى لانتهاء الإفلاس :
المبحث الأول : انتهاء الإفلاس بإجراء الصلح
يعمد التاجر إذا توقف عن دفع ديونه و أشرف على الإفلاس إلى البحث عن وسيلة يتفادى بها شهر إفلاسه و ما يترتب عليه من آثار سيئة تنال من ائتمانه و أول ما يخطر على باله في هذا السبيل هو أن يسعى إلى اتفاق بينه و بين دائنيه تحت ما يسمى بالصلح الذي يتخذ عدة صور نتطرق إليها فيما يلي:
المطلب الأول : الصلح الودي :
1- تعريفه :
عندما تضطرب أعمال التاجر و يقف عن دفع ديونه فقد يسعى إلى تفادي شهر إفلاسه و ما يترتب عليه من آثار سيئة تنال من ائتمانه و من ثم يقترح على دائنيه صلحا وديا يتضمن منحه آجالا للوفاء بديونه أو حط جزء منها أو ترك أمواله للدائنين نظير إبراء ذمته من الديون. و لا يتردد الدائنون غالبا في الاستجابة لمقترحات المدين و الموافقة على الصلح الودي لأن إجراءات الإفلاس تتطلب وقتا طويلا ونفقات باهضة بحيث تكون النتيجة قفل التفليسة لعدم كفاية الأصول أو نصيبا تافها. و يستخلص من ذلك أن الصلح الودي أو التسوية الودية هو: عقد بين المدين المتوقف عن الدفع و دائنيه يتضمن منح المدين آجالا للوفاء بديونه أو حط جزء منها أو الأمرين معا أو ترك أمواله للدائنين مقابل إبرائه من الديون.
2- آثاره :
تختلف آثار الصلح الودي باختلاف شروطه، فقد يشترط فيه منح المدين مجرد آجال للوفاء بديونه، أو التنازل عن جزء منها، أو ترك المدين أمواله للدائنين نظير إبرائه من الديون. و أياما كانت هذه الشروط فإن الصلح الودي الحاصل قبل شهر الإفلاس يحول دون شهر الإفلاس و دون غل يد المدين كما هو الشأن في الصلح الواقي من الإفلاس.
3- إبطال الصلح الودي أو فسخه :
يخضع الصلح الودي لأحكام القواعد العامة في بطلان العقود و فسخها. فيجوز إبطاله لنقص الأهلية أو الغلط أو الإكراه أو التدليس، و يجوز فسخ الصلح الودي لعدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه و متى فسخ الصلح و شهر إفلاس المدين جاز للدائنين التقدم في التفليسة بكامل حقوقهم بعد خصم ما قيضوه منها. ويلاحظ أن إبطال الصلح الودي يستتبع براءة ذمة الكفيل الضامن لشروطه. أما فسخ هذا الصلح فلا يبرأ ذمة الكفيل فيه كما هو الحكم في الصلح القضائي.
4- الصلح الودي اللاحق لشهر الإفلاس :
إذا أبرم الصلح الودي بعد شهر إفلاس المدين و قبل صيرورة حكم شهر الإفلاس نهائيا كان للمفلس حق الطعن في الحكم بطريق المعارضة أو الاستئناف لإلغائه و إزالة آثاره. أما إذا وقع الصلح الودي بعد أن أصبح حكم الإفلاس نهائيا فإنه يكون باطلا و لا يترتب عليه زوال الإفلاس لأنه ما دامت التفليسة قد فتحت فيجب إنهاؤها بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا، و ليس الصلح الودي من بينها، و لا يجوز أن يعقد في هذه الحالة إلا صلح قضائي بموافقة الأغلبية وتصديق المحكمة.
المطلب الثاني : الصلح القضائي :
1- تعريفه :
هو اتفاق يبرم بين المدين و دائنيه، مع التصديق عليه من قبل القضاء، بمقتضاه يتعهد المدين بتسديد ديونه كليا أو جزئيا، فورا أو بآجال، على أن يصبح حرا اتجاههم و أن تغلق الإجراءات. و يبرم هذا العقد من طرف الدائنين الذين يتداولون في جمعية عامة طبقا للشروط الخاصة بالأغلبية. إنه يفرض على جميع الدائنين الغائبين و المعترضين فله إذا طبيعة الاتفاقية الجماعية.
2- آثاره :
يتسم الصلح بالنسبة للدائنين بالصفة القانونية، و ذلك لأنه لا يطبق على من وقعوه فقط، و إنما يطبق أيضا على الغائبين و المعترضين. و يتصف بالنسبة للمدين بالصفة الشخصية، فإذا كنا بصدد شركة تضامن عندها يمكن أن يمنح هذا الصلح لهذا الشريك أو ذاك لوحده أو الشركة دون الشركاء أو العكس. و يضاف إلى هذه الآثار بالنسبة للدائنين و المدين، غلق التسوية القضائية الذي ينجر عنه انتهاء غل اليد وجواز تعيين مندوب لتنفيذ الصلح، و بقاء الرهن الرسمي الممنوح لجماعة الدائنين.
3- إبطال الصلح القضائي أو نسخه :
بالرغم من أن للصلح طبيعة تعاقدية، فإنه لا يخضع لقواعد الإبطال و الفسخ المقررة في النظام التعاقدي،فالرقابة القضائية المطبقة على إبرامه، و أهمية العقد بالنسبة لمستقبل المؤسسة، و العدد الضخم من الأشخاص الذين يهمهم اختتام الإجراءات و يفسر كل ذلك استبعاد القانون العادي. فبالنسبة للإبطال: فيقرر إبطال الصلح إما لإخفاء الأموال أو للمبالغة في الديون، و إذا حكم بالإبطال فلا يكون لهذا الحكم أثر رجعي كما أن أثره أساسي يتمثل بتحول التسوية القضائية إلى إفلاس.
أما بالنسبة للفسخ: فإن سبب فسخ الصلح هو إخلال المدين بالتزاماته، أما أثره فيتمثل في إعادة فتح الإجراءات.
المطلب الثالث : الصلح البسيط :
1- تعريفه :
هو عقد يبرم بين المفلس و جماعة الدائنين بموافقة أغلبية الدائنين وتصديق المحكمة و بمقتضاه يستعيد المفلس إدارة أمواله و التصرف فيها على أن يتعهد بأن يدفع في أجل معين ديونه كلها أو بعضها. إلا أن الراجح أن الصلح البسيط ليس إلا عقدا، بيد أنه من نوع خاص يتميز بخاصتين: أولاهما: أنه لا يبرم بين المفلس و كل دائن على انفراد، و لكنه يبرم بين المفلس و جماعة الدائنين.
ثانيهما: أنه يتوقف في صحته على تصديق القضاء حماية لأقلية الدائنين و المصلحة العامة.
2- آثاره :
متى تم التصديق على الصلح أنتج آثاره، و ترد هذه الآثار إلى فكرتين جوهريتين :
الأولى : أن الصلح يترتب عليه انتهاء الإفلاس بالنسبة للمستقبل.
الثانية : أن انتهاء الإفلاس يكون بالشروط المقررة في عقد الصلح و التي تتضمن منح المفلس آجالا للوفاء بديونه أو التنازل عن جزء منها أو الأمرين معا.
3- إبطال الصلح البسيط أو فسخه :
لم يخضع الشارع الصلح للأسباب العادية لبطلان العقود لما ارتآه من أن الضمانات التي تحيط بتكوينه من تصويت في جمعية عامة و تصديقا عليه من القضاء من شأنها أن تجعل اشتماله على سبب من أسباب البطلان من القليل النادر. و لذلك لم يجز طلب إبطال الصلح لنقص الأهلية أو للغلط أو الإكراه. أما بالنسبة للفسخ: فإنه يخضع لأحكام القواعد العامة.
المبحث الثاني : الحالات الأخرى لانتهاء الإفلاس
نص المشرع الجزائري بالإضافة إلى حالات الصلح الثلاث طرقا أخرى لانتهاء التفليسة، و لقد تم التعرض لها ضمن المواد 355- 357 قانون تجاري جزائري و التي تتمثل فيما يلي:
المطلب الأول : اتحاد الدائنين :
هي الحل الطبيعي الذي تنتهي به التفليسة و وفقا لهذه الحالة تنتهي بموجبه آثار الإفلاس ما عدا سقوط الحقوق و المحظورات التي تبقى إلى أن يتم رد اعتبار المفلس.
1- تعريفه :
تنص المادة 349 قانون تجاري جزائري : " بمجرد إشهار الإفلاس أو تحول التسوية القضائية يتكون اتحاد الدائنين و يجري وكيل التفليسة عمليات تسوية الأصول و في الوقت نفسه يضع كشف بالديون من دون إخلال بأحكام الفقرة 2 من المادة 277 ".
من خلال نص هذه المادة اتحاد الدائنين هو النتيجة المباشرة لشهر الإفلاس، فبمجرد إعلان الحكم تتكون جماعة الدائنين بغرض تصفية أموال المدين ليتم اقتسام ثمنها بين الدائنين. و بطبيعة الحال فإن جماعة الدائنين تتكون من مجموع دائني المفلس أي نفس العناصر التي كانت قائمة قبلها و يديرهم وكيل التفليسة و هي المرحلة التنفيذية التي تنتهي بها التفليسة من خلال التنفيذ الجماعي على أموال المدين، و تنشأ حالة الاتحاد بناء على طلب وكيل التفليسة، أو بناء على طلب الدائنين و بناء على تقرير من القاضي بعد سماعه للمدين و دعوته قانونا.
لا يقتصر اتحاد الدائنين على مجموع الدائنين العاديين، بل يشمل أيضا أصحاب التأمينات العينية المقررة قانونا على أموال المفلس و الدائنين المرتهنين و الممتازين و يشتركون في المداولات و التصويت دون أن تسقط تأميناتهم. و المادة 350 قانون تجاري جزائري تؤكد على الدور المحدد لوكيل التفليسة في الاتحاد إذ يقع عليه وحده عبء بيع البضائع، الأموال المنقولة، و تحصيل ديون المفلس و تحقيقها.
و ينتهي الاتحاد بمجرد انتهاء العمليات الموكلة لوكيل التفليسة في إطار تصفية أموال التفليسة يستدع الدائنون من قبل القاضي المنتدب كما يتم استدعاء المدين أيضا. و في خضم هذا الاجتماع الذي يجمع الدائنين بالقاضي المنتدب، يقدم وكيل التفليسة الحسابات ليتم حل الاتحاد بقوة القانون و بذلك يستعيد كل دائن حقه في اتخاذ الإجراءات الفردية و التنفيذ ضد المدين لاستيفاء الديون التي لم يتم الوفاء بها في إطار الاتحاد، كما يستعيد المدين بالمقابل الحق في إدارة أمواله و التصرف فيها و التقاضي بشأنها. و نتيجة لذلك فإن جميع آثار الإفلاس تزول ما عدا الحقوق السياسية لا يتم استعادتها إلا بعد اتباع إجراء رد الاعتبار. و متى يتمكن الدائن التنفيذ على أموال المدين وجب عليه الحصول على نسخة تنفيذية بموجب أمر من المحكمة.

المطلب الثاني: انتهاء الإفلاس لعدم كفاية الأصول :
ورد بنص المادة 355 قانون تجاري على أنه : " إذا توقف في أي وقت من الأوقات سير عمليات التفليسة أو التسوية القضائية لعدم كفاية الأصول يجوز للمحكمة بناءا على تقرير من القاضي المنتدب أن تقضي بإقفال هذه العمليات و لو كان هذا من تلقاء نفسها ".
من خلال نص هذه المادة فإنه إذا ما تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحصر موجودات التفليسة و تبين أنه إذا كان ما تبقى للمفلس لا يكفي دفع نفقات إدارة التفليسة في هده الحالة أجاز المشرع للمحكمة وبناءا على طلب تقرير من القاضي المنتدب بإقفال التفليسة . كما يجوز لها أن تقضي به من تلقاء نفسها و يصدر هذا الحكم من المحكمة عندما ترى أنه لا جدوى من الاستمرار في الإجراءات إذ أنها لا تعود بالنفع على الدائنين و التي لا تكفي في أغلب الأحيان حتى لتغطية نفقات إدارة التفليسة. و يحدث هذا الفرض في الأحوال التي تطول فيها المدة بين توقف التاجر عن دفع ديونه و صدور حكم الإفلاس.
و تظهر آثار إقفال الإفلاس في مظهرين :
1- توقف الإجراءات الجماعية، بمعنى أن الدائنين يعود لهم الحق في مباشرة الدعاوى الفردية باستخلاص نسخة تنفيذية ممنوحة له من القاضي.
2- باعتبار أن إغلاق التفليسة لعدم كفاية الأموال لا يعد حلا لها و انتهاء لآثارها القانونية و إنما هو مجرد وقف مؤقت لإجراءاتها إلى أن تظهر للمفلس أموال كافية فيعاد افتتاح التفليسة، و لا يمكن اعتبار هذا الإجراء إشهار ثاني للإفلاس لأن افتتاح التفليسة عادة ما يكون بطلب وكيل الدائنين أو المفلس أو أحد الدائنين. أما في الحالة التي يستوفي فيها أحد الدائنين دينه بعد إيقاف التفليسة فهو ملزم برده لأن الإيقاف لا يترتب عليه زوال رفع يد المدين عن إدارة أمواله و بالتالي لا يحق لأي دائن استيفاء دينه لأن في دلك إضرارا ببقية الدائنين.
المطلب الثالث : إقفال التفليسة لانقضاء الديون :
لقد تطرق المشرع الجزائري في المادة 357 القانون التجاري الجزائري لهذه الطريقة لانتهاء الإفلاس: وهي انتهاء الإفلاس لانقضاء الديون أو ما يعرف بزوال مصلحة الدائنين.
و تقضي هذه الأخيرة بإلغاء الحكم بشهر الإفلاس متى أثبت المدين أنه وفى جميع دائنيه و لعدم جدوى الاستمرار في الإجراءات بعد أن أصبحت غير ذات الموضوع و طبقا للمادة السالفة الذكر فإن إقفال الإجراءات يتم في أحد الحالتين التاليتين :
1- إذا انقضت جميع الديون عن طريق الوفاء بها.
2- في حالة وجود مال كافي للوفاء بهذه الديون بحوزة وكيل التفليسة.
و الحكم الذي يقضي بإقفال التفليسة لانقضاء الديون يصدر بناءا على تقرير من القاضي المنتدب و الذي يضع حدا نهائيا للإجراءات و بإعادة كافة حقوق المدين إليه، و إعفائه من كل إسقاطات الحق التي لحقت به و يترتب على هذا الحكم رفع اليد عن رهن جماعة الدائنين.

الخــاتمـة :
نظرا لانتشار ظاهرة الإفلاس في الجزائر ، حاولنا الإلمام بهذا الموضوع قدر الإمكان من خلال معالجة كافة الجوانب المتعلقة به ابتداءا من تعريفه إلى غاية انتهائه معتمدين أساسا في ذلك على الأحكام الجزائرية مع إدماج بعض الأحكام المصرية كتدليل آخر.
وقد قادنا هذا الموضوع إلى استخلاص مجموعة من الإستنتاجات منها أن الإفلاس انتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر ويكون بتوقف التاجر عن دفع ديونه، وقد يكون هذا التوقف عمديا فيسمى بذلك إفلاسا تدليسيا وقد يكون غير عمدي فيسمى بذلك إفلاسا تقصيريا، ويقوم الإفلاس إذا توافرت شروطه الشكلية والموضوعية ومن ثم وجب في هذه الحالة شهر إفلاس التاجر الذي يؤدي بدوره إلى إحداث مجموعة آثار سواء بالنسبة للمدين نفسه ، أو بالنسبة للدائنين ، وهناك آثار أخرى متعلقة بأصحاب الديون معرجين في الأخير إلى الحالات التي ينتهي فيها الإفلاس بالصلح بصوره المختلفة وكذا حالات أخرى تؤدي إلى انتهاء الإفلاس.
زيادة على ما قيل فإنه يتعين على المشرع الجزائري التوسع في أحكام جريمتي الإفلاس بالتقصير والإفلاس بالتدليس دون الاكتفاء بالنص على العقوبة كما يجدر بالفقه الجزائري التطرق بشكل تفصيلي لأحكام هذا النظام لإثراء المكتبة الجزائرية والحد من الالتجاء إلى المراجع غير الجزائرية والاقتباس منها بشكل واسع.

قائمة المصادر والمراجع :
أولا : القوانين :
1-الأمر 75-59 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975المعدل والمتمم المتضمن القانون التجاري.
2-الأمر 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المعدل والمتمم بموجب الأمر 05-10 المؤرخ في 5جوان 2005 المتضمن القانون المدني.
3-الأمر 66-156 المؤرخ في 8 جوان 1966 المعدل بموجب الأمر 95-11 المؤرخ في 25 فيفري 1995 المعدل والمتمم بموجب القانون 04-15 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 المتضمن قانون العقوبات.
4-الأمر 66-154 المؤرخ في 8جوان 1966 المعدل بموجب القانون 01-05 المؤرخ في 22 ماي 2001.
5-الأمر 75-32 الصادر في 29 أفريل 1975 المتعلق بالقضاء العمالي.
6-القانون النموذجي للمؤسسات العمومية الاقتصادية الصادر سنة 1988.
ثانيا : القواميس :
المنجد الأبجدي، طبعة ثالثة، دار المشرق.
ثالثا : قائمة الكتب باللغة العربية :
1-أحمد أبو الروس : الموسوعة التجارية الحديثة، الكتاب 2 الأعمال والعقود والأوراق التجارية والإفلاس، دار الجامعة الإسكندرية.
2-أحمد محمود خليل : شرح الإفلاس التجاري في قانون التجارة الجديد، منشآة الناشر للمعارف، طبعة2001 .
3-حلو أبو حلو : القانون التجاري الجزائري " التاجر – المحل التجاري "، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، طبعة 1992.
4-راشد راشد : الأوراق التجارية، الإفلاس والتسوية القضائية في القانون التجاري الجزائرية، طبعة 1999، ديوان المطبوعات الجامعية.
5-رزق الله الأنطاكي : موسوعة الحقوق التجارية ، الجزء 8: الإفلاس، طبعة 1965 .
6-زرارة صالحي فرحة : الإفلاس وفقا للقانون التجاري الجزائري لسنة 1975 ، الجزء الأول، طبعة 1992 .
7-زرارة صالحي الواسعة : والإفلاس وفقا لقانون التجارة الجزائري لسنة 1975، الجزء الأول –جامعة باتنة - طبعة 1992 .
8-عباس حلمي : الإفلاس والتسوية القضائية، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر،طبعة 1989 .
9-عبد الحكم فودة : الموسوعة الجنائية الحديثة" التعليق على قانون العقوبات " المجلد الرابع، دار الفكر والقانون لنشر وتوزيع الكتاب القانوني والجامعي.
10-عبد الحميد الشواربي : الإفلاس، منشأة المعارف الإسكندرية، طبعة 1995 .
11-عزيز العكيلي : أحكام الإفلاس والصلح الواقي، دار المعارف الإسكندرية.
12-عمورة عمار: الوجيز في شرح القانون التجاري الجزائري " الأعمال التجارية، التاجر الشركات التجارية " دار المعرفة .
13-محسن شفيق : القانون التجاري المصري، الجزء الثاني في الإفلاس، دار المعارف الإسكندرية، طبعة1951.
14-مصطفى كمال طه : الأوراق التجارية والإفلاس ، دار المطبوعات الجامعية ، طبعة 2001.
15-مصطفى كمال طه والدكتور مراد منير فهيم : القانون التجاري ، الأوراق التجارية والإفلاس ، الدار الجامعية ، دون تاريخ دون طبعة .
رابعا : قائمة الكتب بالغة الأجنبية :
2002 Encyclopédie- Encarta



الساعة الآن 11:28 AM