-
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام :
30-03-2013
رقم العضوية :
157
المشاركات :
462
الجنس :
الدعوات :
12
قوة السمعة :
310
المستوي :
آخر
الوظــيفة :
كاتب
-
المبحث الثاني : علاقة الضبطية القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية :
ما لا شك فيه أن دور الهيئات القضائية العسكرية هو تجسيد النظام و الانضباط داخل القوات المسلحة وضمان سلامة الدولة من خلال ردع وقمع بعض الجرائم التي تمس بأمن الدولة وهو ما يجسد أساسيات العدالة بمفهومها الواسع و التي لا تتأتى إلا برد فعل سريع ومؤثر في تقويم الأفعال التي قد تهدد المصلحة العامة و التي تتطلب مقتضيات حمايتها مساهمة الشرطة القضائية العسكرية في ذلك.
وعلى هذا الأساس أنيطت هذه الأخيرة باختصاصات وصلاحيات عديدة لمواجهة الجريمة بصفة عامة ولما كانت هذه الصلاحيا ت المخولة لها قد تمس بالحقوق و الحريات الأساسية للأفراد الخاضعين للنظام العسكري بصفتهم جزء من المجتمع الذي تكفل الدستوربحماية حرياتهم في نطاق القوانين المعمول بها لذلك كان من الصواب جعل ممارسة أعمال الضبط القضائي العسكري تحت سلطة ، رقابة وإشراف السلطة ا لقضائية العسكرية الممثلة في وزير الدفاع الوطني بصفته ممثل جهاز العدالة العسكرية بمقتضى المادة الثانية من قانون القضاء العسكري ووكيل الجمهورية العسكري بصفته ممثل لوزير الدفاع الوطني في هذا الجانب على مستوى الناحية العسكرية التابع لها وهذا وفقا للمادة 68 في فقرتها الثانية من نفس القانون.
وقد نص قانون القضاء العسكري على الإطار القانوني للعلاقة بين القضاء العسكري و الشرطة القضائية العسكرية بتخويل السلطة القضائية ممثلة في الوكيل العسكري للجمهورية في نطاق اختصاصه التابع للناحية العسكرية الموجود بها سلطة الإدارة و الإشراف على أعمالهم تحت رقابة وزير الدفاع الوطني.
ولإعطاء هذه العلاقة دفعا جديدا جاءت التعليمة الوزارية المشتركة الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني ووزارة العدل ووزارة الداخلية و التي حددت العلاقة التدرجية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية بصفة عامة في مجال إدارتها و الإشراف عليها ومراقبة أعمالها.
وسنتطرق في هذا المبحث لأساس هذه العلاقة وطبيعتها مع الجهات القضائية العسكرية في هذين المطلبين على التوالي.
المطلب الأول : أساس العلاقة بين الضبط القضائي العسكري و السلطة القضائية العسكرية :
لقد نظم قان ون القضاء العسكري في بعض مواده العلاقة التنظيمية التدرجية بين ضباط الشرطة القضائية العسكرية و الهيئات القضائية العسكرية وجسد ذلك في صدور التعليمة الوزارية المشتركة التي أشرنا إليها سالفا و التي تعني الشرطة القضائية المدنية و العسكرية بصفة عامة إلا أننا سنقتصر في موضوعنا هذا على هذه الأخيرة . وقد كان لهذه التعليمة دور كبير وفعال في شرح وتطبيق القانون على أحسن وجه في ما يخص هذا الجانب وسنبين فيما يلي الأساس المنظم لهذه العلاقة في القانون وما يستخلص من هذه التعليمة الوزارية المشتركة السابقة الذكر في الفرعين التاليين :
الفرع الأول : الأساس المستمد من القانون :
تنص المواد 42 44 3/45 49 2/52 53 55 59 2/63 من قانون القضاء العسكري في مجملها على العلاقة التي تربط ضباط الشرطة القضائية العسكرية بالسلطة القضائية العسكرية فلا يمكن لأفراد الشرطة القضائية العسكرية في حالة وقوع جريمة وعلمهم بها و التي تكون عائدة لاختصاص القضاء العسكري ألا يخطروا النيابة العسكرية بذلك وهذا ما تنص عليه المواد 42 و 49 من هذا القانون لأنها السلطة الوحيدة لتزكية أعمالها من الناحية الإجرائية بوصفها هيئة إدارة و إشراف علي ما تقوم به في هذا الإيطار إذ نصت المادتين 44 و 3/45 على أن وكيل الجمهورية العسكري يسير نشاط ضباط الشرطة القضائية العسكرية وأنهم يتبعونه سلميا ومباشرة وهذا تحت رقابة وسلطة وزير الدفاع الوطني ، كما أن عليهم تنفيذ طلباته وكذا طلبات جهات التحقيق العسكرية فيما يخص الإنابات القضائية حسب نص المادة 2/52 من هذا القانون.
وعموما فإن هذا القانون ألزم على الضبط القضائي العسكري أثناء قيامهم بأي إجراء من إجراءات التحري أن يخطروا بذلك السلطة القضائية العسكرية المختصة وأن يلبوا طلبها ثم إحالة جميع الإجراءات التي باشرتها بدون تمهل أو تأخر سواء إلى النيابة العسكرية أو جهات التحقيق العسكري وأن أي عمل يقومون به خارج عن نطاق القانون كإيقاف شخص للنظر بدون إخطار السلطة العسكرية المختصة بذلك دون سبب معلل وسماعه على محضر في ذلك مثلا فيعتبر إجراء باطل ويعد اعتداء على الحريات الفردية التي تكفل القانون بحفظه ا وهذا تحت طائلة المتابعات الجزائية و العقوبات المنصوص عليها بمقتضى القانون 49 وقد جاءت التعليمة السابقة الذكر تجسيدا لمنع مثل هذه التصرفات وعددت بعض الأخطاء المرتكبة لضباط الشرطة القضائية المدنية و العسكرية و التي سنتطرق لفحواها وما نتج عنها بصفة عامة فيما يلي.
الفرع الثاني : الأساس المستمد من التعليمة الوزارية المشتركة :
إن بروز التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات التدرجية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية بصفة عامة في مجال إدارتها و الإشراف عليها ومراقبة أعمالها تهدف إلى توضيح هذه العلاقة التي نص عليها القانون في هذا المجال فيخضع رجال الشرطة القضائية العسكرية لرؤسائهم السلميين الذين يتبعونهم، ولجهازهم الذي ينتمون إليه إداريا، ويمارسون أعمال الشرطة القضائية العسكرية تحت إدارة وإشراف الوكيل العسكري للجمهورية ورقابة وزير الدفاع الوطني.
كما أنه يحاط وكيل الجمهورية العسكري علما بهوية ضباط الشرطة القضائية العسكرية المعينين في دائرة اختصاص المحكمة العسكرية و الذين يمارسون بصفة فعلية مهام الشرطة القضائية العسكرية ويتولى مسك ملفاتهم الشخصية التي تبعث إليه من السلطة الإدارية التي يتبعها الضابط المعني أومن النيابة العسكرية لأخر جهة قضائية عسكرية باشر فيها هذا الأخير مهامه.
ويتكون الملف الشخصي لضباط الشرطة القضائية العسكرية من الوثائق التالية :
- قرار التعيين.
- محضر أداء اليمين.
- محضر التنصيب.
- كشف الخدمات كضابط للشرطة القضائية العسكرية.
- استمارات التنقيط السنوية.
- وأخيرا صورة شمسية عند الاقتضاء.
ويمسك الوكيل العسكري للجمهورية بطاقات التنقيط السنوي لهؤلاء الضباط المنتمين إليه قليميا لتقييمهم وتنقيطهم في أجل أقصاه 31 ديسمبر من كل سنة ويبلغهم بهذا التقييم كما يمكن لهؤلاء الضباط المعنيون إبداء ملاحظاتهم الخاصة بتنقيطهم السنوي ، وتبقى سلطة التقييم و التقدير النهائي للوكيل العسكري للجمهورية ، وتوضع نسخة من بطاقة التنقيط بالملف الشخصي لضا بط الشرطة القضائية العسكرية ويرسل الوكيل العسكري للجمهورية نسخة منه إلى المصلحة الإدارية التي يتبعها المعني مرفوقة بملاحظ اته، و يؤخذ هذا التنقيط و التقييم بعين الاعتبار في المسار المهني وخاصة عند كل ترقية للضابط المعني.
كما أن لوزير الدفاع الوطني سلطة الرقابة على ضباط الشرطة القضائية العسكرية وله إصدار أمر بالملاحقات والمتابعات الجزائية يوجهه إلى الوكيل العسكري للجمهورية المختص لمت ابعتهم وفقا لقانون القضاء العسكري الذي فصل هذه الإجراءات وهذا دون الإخلال بالسلطات التأديبية العائدة إلى رؤسائهم المباشرين، وسنعود لهذه الإجراءات لاحقا في المبحث الثاني من الفصل الثاني وهذا جزاءا للإخلالات المنسوبة إليهم . وتعد من الإخلالات المهنية لضبا ط الشرطة القضائية على الخصوص ما يلي :
أ- عدم الامتثال دون مبرر لتعليمات النيابة العسكرية التي تعط ى لضباط الشرطة القضائية العسكرية في إطار البحث و التحري عن الجرائم وإيقاف مرتكبيها.
ب- التهاون في إخطار وكيل الجمهورية العسكري عن الوقائع ذات الطابع الجزائي التي تصل إلى علم ضابط الشرطة القضائية أو تلك التي يباشر التحريات بشأنها
ج- توقيف الأشخاص للنظر دون إخطار وكيل الجمهورية العسكري المختص إقليميا وقت اتخاذ الأجراء.
د- المساس بسرية التحقيق و البوح للغير بوقائع تصل إلى علمه بمناسبة مباشرة مهامه.
ه- خرق قواعد الإجراءات الخاصة بالتحريات الأولية .
ومن هذه الإخلالات ما يستوجب العقوبة التأديبية ومنها ما يستوجب المتابعات الجزائية وفقا لقانون القضاء العسكري.
ومما تجدر الإشارة إليه أن إجراء نزع أو إسقاط صفة الض بط القضائي فيما يخص ضباط الشرطة القضائية المدنية وفق ما فص له قانون الإجراءات الجزائية أمام غرفة الإتهام المختصة لا يوجد في القضاء العسكري وإنما تتم متابعة ضابط الشرطة القضائية العسكرية مباشرة إذا كان محلا للمتابعة وفق ما سنبينه لاحقا وهو ما نصت عليه المادة 30 فقرة 03 م ن قانون القضاء العسكري ودون الإخلال بالحق التأديبي للرؤساء السلميين لهذا الضابط.
المطلب الثاني : طبيعة العلاقة بين الجهات القضائية العسكرية و الضبطية القضائية العسكرية :
تتمثل العلاقة بين الضبط القضائي العسكري و الجهة القضائية العسكرية التي يتبعونها في مساعدة وتوجيه هؤلاء الضباط بصفتهم ضباط شرطة قضا ئية عسكرية في البحث و التحري عن الجرائم الخاضعة للقضاء العسكري وهذا بعد إلتزامهم المفروض عليهم قانونا في إخبار الوكيل العسكري للجمهورية و التعرف على طلباته ، وكذلك في تنفيذ تفويضات جهات التحقيق العسكري عن طريق الإنابات القضائية و التقيد بما طلب منهم في ت نفيذ ذلك الإجراء، وسنحاول بسط هذه الطبيعة القانونية لعلاقة ضباط الشرطة القضائية العسكرية مع النيابة العسكرية ثم مع جهات التحقيق العسكرية في الفرعين التاليين على التوالي.
الفرع الاول : طبيعة العلاقة مع النيابة العسكرية :
لقد فرض قانون القضاء العسكري على ضباط الشرطة القضائية العسكرية إخطار النيابة العسكرية و المتمثلة في الوكيل العسكري للجمهورية عن كل جرم عائد لاختصاص القضاء العسكري ضمن اختصاصه الإقليمي حسب مفهوم المادة 25 من هذا القانون ، كما أناط لهذا الأخير سلطة تسيير وإدارة نشاط ضباط الشرطة القضائية العسكرية فهم يتبعونه سلميا ومباشرة وهذا تحت رقابة وسلطة وزير الدفاع الوطني كما بينا سلفا، لذلك تتجسد طبيعة هذه العلاقة بينهما من وقت ارتكاب الجريمة إلى غاية التصرف في الواقعة في نقاط نوجزها فيما يلي:
1- منح وصف قانوني للواقعة المرتكبة.
2- لفت انتباه المحقق إلى ما من شأنه أن يخدم القضية.
3- ضمان سلامة الإجراءات من البطلان.
4- توفير كافة المساعدات التي تيسر صيانة الأدلة وجمعها وتكفل حسن سير التحقيق.
5- ضمان حرمة الحريات المكفولة بموجب الدستور و القوانين المعمولبها وخاصة في مراقبة تدابير التوقيف للنظر حسب ما بيناه سابقا.
6- الحرص على أ ن تبقى صلاحية ملائمة الملاحقات و المتابعات وممارسة الدعوى العمومية بعيدة عن أي سلطة غير سلطة الوكيل العسكري للجمهورية تحت سلطة وزير الدفاع الوطني.
7- وأخيرا حماية القانون و الشرعية وتحقيق حسن سير العدالة .
الفرع الثاني : طبيعة العلاقة مع جهات التحقيق القضائي العسكري :
هناك علاقة فرضها قانون القضاء العسكري بين ضباط الشرطة القضائية العسكرية و جهات التحقيق القضائي العسكري وهذا فيما يخص تنفيذ الإنابات القضائية وذلك بالقيام بما يراه قاضي التحقيق العسكري لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن التي تتبع هؤلاء الضبا ط والتقيد بما طلب منهم وتنفيذ تعليماته و الامتثال لطلباته وهذا وفقا لما رتبه القانون من إجراءات لضمان سلامة أعمالهم المنوطة بهم من البطلان، وهذا حرصا على التطبيق السليم للقانون والسير الحسن للعدالة وحماية المجتمع و الحريات وضمان الحقوق الأساسية للمواطن بصفة عامة.
خاتمة :
يلاحظ أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبقا لقانون الإجراءات الجزائية ما عدا ما استثني بنص صريح في قانون القضاء العسكري.
كما تبين أثناء نظرنا لجزء المتابعة و الملاحقات أن هناك خصوصية فيه يفرضها الانضباط العام العسكري ، لذلك فإن السلطات القضائية العسكرية في هذا القانون يتولاها وزير الدفاع الوطني ويمارسها الوكيل العسكري للجمهورية على مستوى المحكمة العسكري ة المختصة تحت سلطة وزير الدفاع الوطني بصفته ممثلا للعدالة العسكرية على مستوى الجمهورية وفي هذا السياق عرضنا سير هذه الإجراءات أمام النيابة العامة العسكرية.
كما نسجل أيضا أن القضاء العسكري وفق بين حماية المهمة المسندة للجيش الوطني الشعبي وبين حماية الحريات الفردية وهو ما يعكس أمرين ين در التوفيق بينهما وهما العدالة والسرعة، فالعدالة باعتبارها الدعامة الأولى للقضاء في الدول القانونية بما يستلزمه تحقيقها من مفهوم عميق للقانون وإعداد سليم للقائمين على تطبيقه ، و السرعة باعتبارها الوسيلة الناجعة لتحقيق الانضباط ا لعام بين أفراد هذه المؤسسة .
فتكريس دولة القانون مرهون بالدفاع عن الحريات و الحفاظ على الحقوق الأساسية للمواطن بصفة عامة، ومن هذا المنظور فإن مراعاة القواعد القانونية التي تتحكم في أعمال وإجراءات التحري و المتابعة أمام هذا القضاء الخاص بفئة معينة من الأشخ اص و الجرائم يساهم في تعزيز دولة القانون بصفة عامة ، والحفاظ على العدالة الجنائية العسكرية بين أفراده بصفة خاصة وهذا لا يتأتى إلا بتطبيق تلك المقتضيات المنصوص عليها قانونا حيال المبدأ المذكور.
قائمة المراجع المعتمدة :
المؤلفات :
-عبد الله أوهايبية ، شرح قانون الإ جراءات الجزائية، الجزء الأول، مطبعة الكاهنة، طبع سنة .1998
-جيلالي بغدادي، الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الأول، طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية سنة 2002.
-د أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي العام، طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية سنة 2002.
-د محمد محدة، ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية، الجزء الثاني، دار الهدى ، الطبعة الأولى 1991 ، الجزائر.
- جديدي معراج، الوجيز في الإجراءات الجزائية مع التعديلا ت الجديدة، ديوان المطبوعات لجامعية 2000 الجزائر.
المحاضرات :
1-محاضرة في مادة "القاضي الجزائي " ألقيت على الطلبة القضاة ، السنة الثالثة، الدفعة 12 2004-2003 بالمعهد الوطني للقضاء بالجزائر، من طرف الأستاذ بن عبد الرحمان السعيد، النائب العام للمحكمة العليا.
2-محاضرة بعنوان "الشرطة القضائية العسكرية وعلاقتها بالقضاء العسكري " ألقيت على ضباط الشرطة القضائية العسكرية لإحدى المصالح المتخصصة لوزارة الدفاع الوطني بالجزائر سنة 2003 ، من طرف الوكيل العسكري للجمهورية لدى المحكمة العسكرية با لبليدة العقيد ش.ع.
3-محاضرة بعنوان " اجراءات المتابعة و التحقيق أمام المحاكم العسكرية " القيت على الطلبة 1998 بالمعهدالوطني للقضاء ببوزريعة ، من طرف - القضاة، الدفعة التاسعة 1997
4-الوكيل العسكري للجمهورية بتمنراست ، المقدم ش.ع .
التعليمات :
التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات التدرجية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية في مجال إدارتها و الإشراف عليها ومراقبة أعمالها بين وزارة الدفاع الوطني، وزارة العدل، وزارة الداخلية و الجماعات المحلية، صادرة بتاريخ 31 جويلية 2000