logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





look/images/icons/i1.gif المسؤولية الإدارية وفق القانون الجزائري
  17-05-2013 08:48 مساءً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-04-2013
رقم العضوية : 191
المشاركات : 34
الجنس :
الدعوات : 4
قوة السمعة : 80
المستوي : ماستر
الوظــيفة : طالب
المطلب الثاني : شروط المسؤولية الإدارية على أساس نظرية المخاطر
يشترط في تطبيق نظرية المخاطر كأساس قانوني لمسؤولية السلطة الإدارية دون خطأ مجموعة من الشروط الخاصة الاستثنائية بالإضافة إلى الشروط العامة المطلوب توفرها في المسؤولية بصفة عامة ، إذ يجب أن تتوفر أركان المسؤولية المدنية المعهودة من ضرر و خطأ و علاقة سببية بينهما .
أي بين نشاط الإدارة و الضرر الذي لحق بالمضرور أو بالأفراد المضرورين و يشترط في الضرر أن يكون محققا بالإضافة إلى جملة شروط استثنائية تتطلبها القضاء الإداري لجبر الضرر الناجم عن النشاط السلطوي ، حيث يحكم بالتعويض على أساس المخاطر بأن تتحمل الإدارة تبعة الضرر الذي ألحقته بالفرد فكان تابعا لها أو مستقلا عنها ، إلا أننا و في دراستنا هذه سنركز أساسا على جملة من الشروط الاستثنائية المتطلبة قضاءا إذ هي التي تهمنا في دراستنا .
1 - إذ يجب أن يكون الضرر خاصا :
أي أن يتغيب الإصابة بالضرر على فرد بذاته أو على إفراد معينين بذواتهم بحيث يكون لهم مركزا خاصا أو ذاتيا قبل الضرر الناجم من أعمال الإدارة العامة لا يشاركه في هذا المركز سائر الموظفين .[30]
2 - أن يكون الضرر غير عادي :
إن اشتراط غير العادية في الضرر يعني أ، يتجاوز في جسامته و تقديره الضرر الذي يجعله من المخاطر العادية في المجتمع التي تنجم عن الأفراد بحيث يمكنه تحملها نتيجة وجودهم في هذه الجماعة [31] .
المطلب الثالث : حالات تطبيق نظرية المخاطر في نطاق علاقة الإدارة بالأفراد
إن حالات و تطبيقات نظرية المخاطر كأساس لمسؤولية السلطة الإدارية غير الخطيئة في مواجهة الأفراد كثيرة و متنوعة تنوع الأعمال و النشاطات الإدارية التي تكون مصدر الأضرار تصيب الأفراد في حقوقهم و أنفسهم و أموالهم و أننا سنعالجها على النحو التالي [32] .
01/ الأضرار الدائمة التي تصيب الأفراد نتيجة الأشغال و المنشآت العامة .
02/ الأضرار الناجمة عن نشاط الإدارة الخطر .
I - الأضرار الدائمة الناتجة عن الأشغال و المنشآت العامة :
و هذه الصورة هي أقدم الصور التي طبق فيها القضاء الإداري الفرنسي المسؤولية الإدارية على أساس المخاطر .و دراستنا لهذه الصورة يقتضيان أن نتعرض بانجاز لمفهوم الأشغال العامة في القانون الإداري ، ثم الشروط التي يتطلبها القضاء في الضرر الناجم عن هذا النوع من أنشطة و أعمال الإدارة حتى يحكم بمسؤوليتها على أساس نظرية المخاطر .
مفهوم الأشغال العامة في القانون الإداري :
الأشغال العمة في القانون الإداري هي كل إعداد
مادي لعقار سواء كان هذا الإعداد المادي بناءا أو صيانة أو ترميما ، إذا كان يستهدف تحقيق منفعة عامة ، ويتم حساب شخص من أشخاص القانون العام أو لتسيير مرفق عام ، فتقوم بذلك الأشغال العامة على العناصر الثلاثة الآتية :
1- يجب أن ينصب الإعداد المادي على عقار مملوك للإدارة العامة أو مخصص لمرفق عام ، لهذا لا تنصب الأشغال على منقول مهما كانت أهميته ، ومهما كان داخلا ضمن الأموال العامة ، ولا يشترط في العقار أن يكون عقار بالطبيعة . بل بالتخصيص كإقامة سخان في إحدى المباني أو يكون عقارا بالالتصاق كمد خطوط الهاتف على الأعمدة المعدة.1

02 - الأشغال العامة لا يقصد بها عملية البناء فقط بل تعني و تشمل كل إعداد مادي يقع على عقار كالصيانة و التعديل و الترميم ، بل إن القضاء الإداري أدخل أعمال الكش و النظافة كما أن الأشغال العامة لا تعني بل ........بل قد تكون عبارة عن شق الــ وإنشاء المجاري ، كما اعتبر القضاء إعمالا لا تعد بطبيعتها أشغالا عامة وإنما تعد مكلفة بأشغال عام لعمليات كنقل المعدات اللازمة للأشغال العام والمسبقات والصفقات والمزايدات التي تقام من أجل تنفيذ الأشغال العامة .

3/ يجب أن يكون الهدف من الإعداد المادي للعقار تحقيق مصلحة عامة ، وقد وسع القضاء الإداري من نطاق فكرة الأشغال العامة بعد أن كانت مقصورة أول الأمر على العقارات المحسوبة في الدومين العام فقط فحسبها على العقارات الداخلي في الدومين الخاص .

4/ والأشغال لكي تعتبر عامة لابد أن تتم وتنجز لحساب أحد الأشخاص القانون العام الدولة والولايات أو البلديات أو المؤسسات العامة ، الهيئات العامة وتتم الأشغال لحساب الشخص القانوني العام إذا كان هذا الشخص هو الذي يقف على عمليات الإعداد المادي على العقارات ويتم هذا الإعداد وإشرافه ورقابته ، أو أنه سيؤول إليه في المستقبل أما المنشآت العامة فهي تعني الإنشاءات التي ينجم وتنتج عن عملية الأشغال العامة كبناء أقيم أو سكة حديدية مدت ، والأضرار الناشئة عن الأشغال العامة أو المنشآت العامة بالإضافة إلى شروط السابقة أن يكون الضرر دائما ، وأن يكون ضررا ماديا لا معنويا 2.

II- الأضرار الناجمة عن نشاط الإدارة :
أي الأضرار الناجمة من جراء أعمال ونشاطات إدارية تكون في حد ذاتها خطرا يعرض الأفراد لمخاطر غير عادي ، وتتجلى صور نشاط الإدارة الخطر في الصورة التالية:
1- مخاطر الجوار غير العادية :
قد تزاول وتمارس الإدارة العامة نشاطا وأعمالا خطر في حد ذاتها على بقعة معينة من الأرض تخلق لجيرانها من الأفراد العاديين مخاطر غير عادية دون أن تكون هذه المخاطر غير العادية ناجمة عن أي خطأ سواء كان مرفقيا - مصلحيا أو خطأ شخصيا ، ومع ذلك قضى القضاء الإداري بالتعويض للمتضررين من جراء ذلك ضررا خاصة وغير عادي ، فقد عد مجلس الدولة الفرنسي في 28-3-1919 في قضية "ريجونولت ديسو وزيه" التي تنحصر وقائعها في أن الغدارة وضعت خلال الحرب العالمي الأولى في قلعة التاج المزدوج " بالقرب من باريس مقادير ضخمة من المتفجرات والقنابل ، وقد تم ذلك بطريقة بدائية لم تراع فيها الإدارة الاحتياطات اللازمة ، فحدث أن انفجرت هذه الكميات الكبيرة من المفرقعات محدثة ومخلفة أضرار بالغة للمنازل المجاورة للقلعة فرفع ملاكها دعاوي ضد الإدارة مطالبين بالتعويض العادل مما لحقهم من أضرار ، فلما بدأ مجلس الدولة النظر في هذه الدعوي حاول مفوض الدولة أن يرتب مسؤولية الإدارة على أساس المخاطر المرفقي أو المصلحية ، إلا أن مجلس الدولة حكم بمسؤولية الدولة على أساس المخاطر مقررا :«أن السلطات العسكرية قد قامت تحت ضغط الضرورة بعمليات تنطوي على مخاطر تجاوزت تلك التي تنتج عادة من الجوار» 1وأن هذه المخاطر من طبيعتها أن تؤدي إلى مسؤولية الدولة بصرف النظر عن أعمال خطأ ارتكبته لأن الظروف الاستثنائية التي حدث فيها الحادث من شأنها أن تخفف الخطأ أو تغطية نهائيا ، ونحن نرى في هذه القضية رأي مفوض الدولة وهو أن أساس المسؤولية الإدارية في هذه القضية بالذات هو خطأ مرفقي مصلحي حيث أن الإدارة أدت نشاطها وعملها المذكور على وجه سيء حيث لم تراع الشروط والاحتياطات الفنية الوقائية المنطلقة في مثل هذه الحالة ويبدو أن مجلس الدولة الفرنسي عندما قرر مسؤولية السلطة الإدارية في هذه القضية على أساس المخاطر أراد أن يتجنب الدخول في شؤون السلطات العسكرية في مثل هذه الظروف بحثا عن الخطأ المصلحي المستوجب لمسؤولية السلطة الإدارية ، وكذا تبدو فائدة نظرية المخاطر للسلطة الإدارية حيث يحكم على أساسها بمسؤولياتها دون التدخل في شؤونها والإطلاع على أسرارها التي قد تأتي المصلحة العامة في بعض الحالات والظروف لأن يطلع عليها من طرف الغير ولو كان هذا الغير جهة القضاء 2 .

من الأحكام الحديثة للقضاء الإداري في هذه حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 3/2/1956 في قضية توزليسيه التي تتلخص وقائعها في أن المشرع الفرنسي قد أصدر في 24/5/1951 قانونا اعتمد فيه طريقة ومنهاجا تربويا وعقابيا في تقويم الأحداث مفاده ومؤداه إتباع نظام حر للإشراف بدلا من نظام الحبس ، فخلق هذا المنهج الجديد مخاطر استثنائية وغير عادية للسكان المجاورين لهذه الإصلاحية حيث تمكن ذات ليلة اثنان من نزلاء هذه المؤسسة (إصلاحية Aniané ) من السطو على أحد المنازل المجاورة ، ولم يستطع القاضي الإداري بعد أن وصل إليه أن يكشف ويستثني خطأ من جانب المشرفين على هذه الإصلاحية حيث أبلغ هؤلاء المشرفين السلطات المختصة بعملية الهروب تلك ، ورغم وجود المرفقي في هذه القضية حكم مجلس الدولة بمسؤولية السلطة الإدارية على أساس المخاطر1
وكذا حكمه الصادر بتاريخ : 23/12/1927 في قضية دلتر التي تنحصر وقائع قضيتها في أن بلدية مرسيليا أصدرت أمرا بحرق منزل موبوء لمنع انتشار جراثيم ذلك الوباء المخيف ، وقد نفذ رجال المطافئ الأمر بغير أن يرتكبوا أي نوع من الأخطاء ولكن حدث أن امتدت النيران إلى منزل مجاور وانزلقت به أضرارا ، فلما تقدم صاحبه مطالبا بتعويضه رفضت بلدية مرسيليا طلبه ذلك ، فوصل الأمر إلى مجلس الدولة الفرنسي الذي حكم بمسؤولية البلدية .
2-استعمال رجال البوليس لبعض الأسلحة الخطيرة :
كذلك أن أعمال الإدارة ونشاطاتها الخطيرة قد تنجلي وتبدو في بعض الأحيان في استعمالها لبعض الأسلحة الخطيرة كما لو حدث عملية تفتيش معينة للسيارات فأمرت قوة الشرطة إحدى السيارات بالوقوف ولكنها لم تنفذ الأمر بسرعة كافية فأطلقت اتجاه عجلاتها النيران من أجل إيقافها عنوة وإكراها ولكن رصاصة طائشة أصابت أحد المارة إصابة خطيرة ، فأقام القضاء الإداري على أساس نظرية المخاطر مسؤولية الإدارة عن ذلك ومن أحكام مجلس الدولة في هذه الحالة حكمه الصادر في : 24/02/1942 في قضية "لوكونت" و"دارمي" التي تتلخص وقائعها أن أحد رجال البوليس استخدم مدفعة الرشاش أثناء أداة لخدمات ............ ، مما أدى إلى إصابة السيد لوكونت ودارمي بطلقات نارية أدت إلى مقتل السيد درامي فقرر مجلس الدولة أثناء على رأي مفوض الدولة السيد باوتي الذي قرر : «...و لكن مسؤولية الإدارة في هذا الصدد يجب التسليم بها حتى ولو لم يجد خطأ إطلاقا . في حالة استعمال رجال البوليس لأسلحة أو أدوات خطيرة تتضمن بذاتها مخاطر استثنائية بالنسبة للأشخاص أو للأموال» فقرر مجلس الدولة و حكم بمسؤولية الإدارة
3- فكرة الأشياء الخطرة :
وهي فكرة من خلق القضاء الإداري الفرنسي و تشمل هذه الفكرة صورة استخدام الأسلحة و الأشياء الخطرة كحالات المنشآت العامة التي ترتب بمجرد وجودها بعض المخاطر مثل المنشآت الكهربائية و مئات غاز المدن أن ما ترتب عليها أضرار للأشخاص نسأل الإدارة عن ذلك دون أن تطلب إثبات خطأ من جانب الإدارة
III -امتناع الإدارة العامة عن تنفيذ الأحكام لقضائية النهائية
الصادرة لصالح الأشخاص العادية و الأحكام القضائية الصادر ضد الأفراد و لصالح الأفراد و الحكم دائما يكون ممهورا بصيغة الرسمية التنفيذية ، حيث يطالب فيه من أجهزة و السلطات الإدارية المختصة المساعد و العمل على تنفيذه .
و النوع الأول من الأحكام القضائية الذي يشمل الأحكام النهائية الصادرة لصالح الأفراد ضد السلطات الإدارية العامة ، يجب على هذه الأخيرة أن تنفيذا كاملا و إذا امتنعت كان هذا انتهاكا واضحا و خطيرة لقوة الشيء المقتضى به الأمر الذي يكون حتما جسينا يرتب و يعق مسؤوليتها القانونية ، وفي هذا النطاق قام التساؤل حول كيفية العمل إذا ما امتنعت الجهة الإدارية المحكوم عليها بدفع مبلغ معين من المال كتعويض لصالح الشخص المتضرر من عملها ، فكيف يستطيع الشخص الذي صدر لصالحه حكم قضائي نهائي يلزم الإدارة العامة بدفع مبلغ من المال و رفض الوزير المختص تنفيذ هذا الحكم ؟ لذلك أنه إذا كانت الدولة الحديثة دولة قانونية فإنها رغم ذلك هي التي تنفذ لأحكام القضائية النهائية منها الأحكام الصادر ضدها لفائدة و مصلحة الأفراد العاديين باعتبارها فإذا امتنعت عن تنفيذ هذه الأحكام النهائية ماذا يستطيع الفرد المضرور أن يعمل و الحالة هذه خصوصيات و أن أموال الدولة غير قابلة للحجز عليها .
المبحث الثاني : شروط قبول دعوى التعويض :
من البديهي أن لكل دعوى إدارية أو غير إدارية شروط يجب على رافعها و حديثنا يخص بالتحديد دعوى التعويض إذ يتحتم علينا تبيان قبول هذه الدعوى .
فهناك شروط خاصة برافع الدعوى إذ لابد و حتى تقبل دعوى أن يكون رافعها في وضعية ملائمة كمبادرة هذه الدعوى (شرط الصفة في التقاضي) و أيضا لابد من أن تكون لديه مصلحة في إثارة النزاع (شرط المصلحة) و شروط الأهلية.
و هناك شروط شكلية مقررة لقبول دعوى التعويض منها شرط الميعاد (المدة) و شرط القرار السابق .
و سنوضح كل هذه الشروط فيما يأتي في 3 مطالب على التوالي :
مطلب 1 : شروط خاصة برافع الدعوى
مطلب 2 : شروط خاصة بالميعاد(المدة)
مطلب 3 : شروط متعلقة بالقرار السابق .
المبحث الثاني شروط قبول دعوى التعويض
المطلب الأول : الشروط الخاصة بدافع الدعوى

نص المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه "لا يجوز لأي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة وله مصلحة قائم أو محتملة يقرها القانون " . كما أن القاضي يثير تلقائيا انعدام الصفة في المدعى أو في المدعى عليه ، كما يثير تلقائيا انعدام الإذن إذا ما أقره القانون .
ومن خلال الربط بين مضمون المادة 13 والمادة 459 من قانون الإجراءات القديم نرى أن المشرع استبعد في صياغة المادة 13الجديدةشرط الأهلية .
غير أنه بالرجوع للمادة 64 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية أبرز حالات بطلان إجراءات التي أشير فيها بوضوح إلى حالة عدم الأهلية الخصوم و انعدام التفويض بالنسبة لممثل الشخص الطبيعي أو المعنوي "[33]
أولا شرط الصفة في التقاضي :
"يقصد بالصفة في التقاضي أن يكون للمدعي وضعية ملائمة تسمح له بمبادرة الدعوى بحيث يكون في المركز القانوني السليم الذي يخول له التوجه للقضاء" [34]
و من المفيد الإشارة إلى أن هناك اتجاه من الفقه يدمج شرط الصفة لشرط المصلحة على اعتبار أن كل من له صفة في التقاضي تحصيل حاصل أن تكون له مصلحة فيه والتي تتمثل بالحصول على حقه من القضاء وفق ما يقرره القانون .
كما يعرفها البعض بأنها " الوضعية التي يحتج بها المدعي للقيام بدعواه " [35]
ثانيا : شرط المصلحة في رفع الدعوى :
من المسائل البديهية أن كل رافع دعوى إدارية أو غير إدارية ينبغي أن تكون له مصلحة في إشارة النزاع و عدم وجود مصلحة كفيل بعدم قبول الدعوى ويمكن تعريف المصلحة بأنها " الخاصة إلى عدم القانون وهي الفائدة والمغنم الذي يعود إلى رافع الدعوى "وقد اعتبر بعض الفقهاء أن اشتراط المصلحة ينطوي على وجهين أحدهما سلبي يتمثل في منع من ليس في حاجة للقانون من الالتجاء للقضاء والثاني إيجابي هو اعتباره شرط لقبول دعوى كل من له فائدة من الحكم فيها " [36] .
- وتتميز المصلحة بصفة عامة بجملة من المميزات التي يجب أن تتوفر فيها من أجل أن يتحقق معناها الحقيقي خاصة على مستوى التعويض أو بالأحرى دعوى التعويض الإدارية بحيث يجب أن تكون هذه المصلحة محققة بعد ثبوت الضرر على صاحبه بما يستوجب جبره رفع أن المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية جاءت واسعة لتشمل المصلحتين المحققة (الفعلية) وكذا المحتملة(المستقبلية) إلا أنه وعلى مستوى دعوى التعويض وجب الأخذ فقط بالمصلحة المحققة "ابتدءا من تاريخ اكتشاف الضرر وتحققه"
كما ينبغي الإشارة إلى أنه إذا كان عنصر المصلحة يتغير بل ويغيب في باقي الدعاوى الإدارية الأخرى والتي منها دعوى الإلغاء بحيث لا يكون هناك جدوى من إلغاء قرار إداري مثلا فللقاضي بعد إثارة الدفع إلى أن يقضي بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة ، فإنه ثابت مطلق لا يتغير في دعوى التعويض لأن الضرر فيها أول ما يكون هو ضرر مادي محض لا يجبره إلا تعويض عادل، منصف يقرره القضاء والقانون .
- وإن نطاق المصلحة يتسع ليشمل المصلحة المادية المعهودة والتقليدية فكذا المصلحة المعنوية رغم أن ما يغلب على المصلحة في دعوى التعويض هو العنصر المادي ، إلا أنه يمكن للعنصر المعنوي (الضرر المعنوي) سبب في الحصول على المصلحتين المادية والمعنوية ، هذه الأخيرة تدخل تحت طائلة ما يسمى : رد الاعتبار.
ولقد أثار عنصر المصلحة كعنصر أساسي في أي دعوى خلافا كثيرا من الفقهاء من أراد خصومته تمييزا له عن المصلحة في الخصومة المدنية والتجارية ، فمعنى المصلحة على الصعيد الإداري في منازعاته تختلف باختلاف موضوع النزاع ذاته ، فإذا كان موضوع النزاع إلغاء لقرار إداري فإن المصلحة تكمن في إلغائه نظرا لاعتدائه (القرار المطعون فيه) على حق مشروع إلا أن ما يهمنا في موضوعنا المتعلق بالمسؤولية الإدارية هو طبيعة خاصة للمصلحة تختلف عن تلك التي تتضمنها الدعوى العينية في القرار ذلك أنها مصلحة مادية محضة تتجسد في جبر الضرر الذي أصاب المدعي في مواجهة الإدارة نتيجة نشاطها.
إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن هناك نقطة اشتراك جديرة بالذكر بين دعوى التعويض المنشأة لمسؤولية الإدارة عن أعمالها وموظفيها ، وكذا دعوى الإلغاء من حيث أن في كليهما مصلحة مشروعة معتدى عليها بما يستوجب التعويض العادل والمنصف وخير دليل على ذلك أن قاضي الإلغاء رغم أنه يفصل في دعوى موضوعها قرار إداري يتفحصه ويقدر مدي مشروعيته إلا أنه يستطيع أن يتعداه ليقر التعويض المادي في حالة حصول ضرر من الطرف الإداري الذي ألغى القرار ماسا بحق من حقوق المعني (الفرد) وكذا شخصه أو ماله من خلال تبعات سلبيات نتائج القرار المطعون فيه خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار مبدأ السريان الفوري للقرارات الإدارية مشروعة كانت أو غير مشروعة (قابلة للإلغاء) .
إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن هناك تمازج كبير وكبير جدا بين المسؤولية المدنية الموجبة للتعويض وكذا المسؤولية الإدارية من حيث أن كلاهما مبني على خطأ ، ضرر وعلاقة سببية بينهما (بين الخطأ والضرر) وهو ما نؤكد عليه .
ثالثا : شرط الأهلية
إن الحديث عن الأهلية كشرط من شروط رفع الدعوى بفرض التمييز بين أهلية الشخص الطبيعي والشخص المعنوي ، ولما كانت المنازعة الإدارية في جميع من الحالات تربط بين أطراف أحدهما شخص طبيعي وآخر معنوي ، اقتضى الأمر التطرق لأهلية كليهما :
أولا : أهلية الشخص الطبيعي .
يشترط قانونا لممارسة حق التقاضي في الجزائر بالنسبة للشخص الطبيعي التمتع بسن الرشد المدني أي بلوغه 19 سنة كاملة طبقا للمادة 40 من القانون المدني ، وكذا التمتع بكامل قواه العقلية الكفيلة بممارسة حقوقه ، على ذلك يستبعد أن يكون طرفا في الدعوى كل من المجنون والمعتوه والمحجور عليه1 .
ثانيا : أهلية الشخص المعنوي .
إن الأشخاص الاعتبارية كثيرة ومتنوعة وعلى كثرتها نضطر أن نقسمها إلى صنفين أساسيين هما : الأشخاص الاعتبارية العامة والأشخاص الاعتبارية الخاصة .
·بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة وهي الدولة والولاية والبلدية والمؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية ، وبالرجوع إلى المادة 828 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية نجده قد حدد الأشخاص المؤهلين قانونا لتمثيل الهيئات العمومية تباعا بحيث أن الوزير هو الممثل لمنازعات الدولة (الوزير المعني حسب القطاع) والوالي في منازعات الولاية ورئيس المجلس الشعبي البلدي في منازعات البلدية والممثل القانوني للمؤسسة العمومية ذات الصبغة الإدارية وبالربط بين المادة 801 والتي تتحدث عن الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية وكذا المادة 828 ، نجد بأن المادة الأولى التي تتضمن اختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في دعاوى الإلغاء والتفسير وفحص المشروعية للقرارات الصادرة عن الولاية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الولاية إلا أنه لم يتم ذكر من مؤهل لتمثيل المصالح غير الممركزة لنص المادة الثانية (828) بما يعني أنها غير مؤهلة لتمثيل نفسها أمام المحكمة الإدارية ، لكن الأرجح هو أن ممثلها لتجسد في شخص الوالي .
أما بالنسبة لموقف القضاء الجزائري فقد ذهب إلى قبول دعاوى رفعت أمام عدد من الغرف الإداري ضم مديريات تنفيذية كمديرية الشؤون الدينية ، والصحة وغيرها [37] ، غير أن مجلس الدولة فموقفه يكاد يكون ثابتا تجاه هذه المديريات من حيث كونها ليست إلا امتدادا لتنظيم كبير هو الولاية .
وعليه وجب رفع الدعوى ضد الولاية ممثلة في واليها [38] : وهناك جملة من القرارات التي تجسد الاجتهاد القضائي بهذا الشأن من بينها :
-القرار الصادر عن الغرفة الثانية رقم 182149 المؤرخ في 14 - 02 - 2000 منشور في مجلة مجلس الدولة العدد الأول (ص 107) ويتعلق بمديرية الأشغال العمومية حيث أقر مجلس الدولة أن المديرية تقسم إداري متخصص داخل الولاية .
- القرار الصادر عن مجلس الدول بتاريخ 21-03-2003 والمتعلق بمديرية الفلاحة حيث صح المجلس أن المديرية المذكورة تابعة لسلطة الوالي وبالتالي فهي تفتقر إلى أهلية التقاضي طبقا للمادة 459 من قانون الإجراءات المدنية ورفض الدعوى لسوء التوجيه .
- القرار الصادر عن مجلس الدولة بتاريخ 20-01-2004 والمتعلق بمديرية السكن : حيث أقر المجلس بأن هذه المديرية لا تتمتع بالشخصي القانونية المستقلة وأن إدخال الوالي في النزاع بصفته ممثلا للدولة وإجراء صائب [39] .
وينبغي الإشارة : إلى أنه إذا كان هناك نص خاص يخول المدير التنفيذي صلاحيته تمثيل القطاع أمام القضاء فينبغي قبول الدعوى الموجهة ضد المدير دون النظر إلى الوالي المختص إقليميا[40]
وهناك بعض النصوص التنظيمي التي نجدها قد خولت جهات تنفيذية معينة ومحدودة بموجب النص تمثيل الإدارة أمام القضاء منها قرار وزير التربية الوطنية المؤرخ في 3-8-1999 والذي خول مديرية التربية في الولايات تمثيله في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء .
- القرار الصادر عن وزير المالية المؤرخ في 20-02-1999 الذي قوض بموجبه مدراء أملاك الدولة ومدراء الحفظ العقاري على مستوى الولايات لتمثيله أمام القضاء العادي والإداري .
- قرار وزير المالية المؤرخ في 31-12-2003 الذي خول المدير للأمن الوطني تمثيل وزير الداخلية والجماعات المحلية في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء .
-أما بالنسبة للدائرة فقد حسم الأمر بشأنها باعتبارها تنظيم إداري تابع للولاية لا تملك أهلية التقاضي وبالتالي لا يجوز مقاضاتها بضفة أصلية منفصلة عن الوالي المختص إقليميا.
المطلب الثاني : الشروط الخاصة بالمدة
من بين الشروط الشكلية المقررة لقبول دعاوى التعويض شرط الميعاد أو المدة ويعتبر ميعاد رفع وقبول دعوى التعويض من النظام العام ولا يجوز الاتفاق بين الأطراف على عدم استعماله ويجب على القاضي المختص أن يثيره من تلقاء نفسه إذا لم يثيره الأطراف الخصوم .
ومن رفع دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية أمام الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي المختص محليا هو مدة أربع أشهر من تاريخ التبليغ الشخصي بالقرار أو من تاريخ نشره تطبيقا لمضمون الفقرة الأخيرة من المادة 169 مكرر المعدلة ، أما المدة المقررة لقبول دعاوى القضاء الكامل بصفة خاصة أمام المحاكم الإدارية في النظام القضائي الفرنسي فهي مدة شهرين تبدأ من تاريخ العلم الشخصي للشخص صاحب الصفة والمصلحة بالقرار السابق الذي يتضمن رد السلطات الإدارية على طلبه صراحة أو ضمنيا .
ولدراسة شرط الميعاد أو المدة هذا لابد من التطرق إلى الحقائق والعناصر التالية :
أولا : طبيعة شرط المدة في دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية .
ثانيا : مدة الميعاد المقرر لرفع دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية .
ثالثا : إطالة امتداد المدة المقررة لرفع و قبول دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية .
رابعا : آثار انقضاء المدة المقررة لرفع و قبول دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية .
أولا : الطبيعة القانونية لشرط المدة في دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية :
يعتبر شرط المدة في دعوى التعويض شرط إلزامي و هو من النظام العام و يجب على القاضي المختص أن يثيره من تلقاء نفسه إذا لم يثره أحد الخصوم .
و يتدشن من استعمال شرط المدة لرفع و قبول دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية في بعض النظم القضائية في العلم مثل النظام القضائي الفرنسي في منازعات بعض الأنشطة و الأعمال الإدارية مثل دعوى التعويض عن المسؤولية الناجمة عن الأشغال العامة .
ثانيا : مدة رفع و قبول دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية :
إن مدة الميعاد لرفع و قبول دعوى التعويض الإدارية أمام الجهات القضائية المختصة بها هي مدة 4 أشهر (أربعة) في النظام القضائي الجزائري . تبدأ من تاريخ علم الشخص صاحب الصفة و المصلحة بالقرار الإداري الفردي ، أو من تاريخ نشر القرار الإداري العام التنظيمي ، هذا ما تقرره المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية .
أما بالنسبة لمدة ميعاد رفع دعوى التعويض و المسؤولية الإدارية أمام المحاكم الإدارية في النظام القضائي الفرنسي ، فهي شهران ابتدءا من تاريخ التبليغ الشخصي للقار السابق لرد السلطات الإدارية المختصة الصريح أو الضمني . على طلب الشخص المضرور . و هذا بتطبيق القانون الصادر في 7جوان1956 و المتعلق بمدد رفع قبول دعاوى المنازعات الإدارية أمام جهات القضاء الإداري .
هذا و تحسب مدة ميعاد رفع وقبول دعوى التعويض كاملة بالساعات بحيث يبدأ هذا الميعاد من الساعة المصفر لليوم و لا تحسب اليوم الأخير من الميعاد إذا ما صادف يوم عطلة إذ يمتد الميعاد إلى اليوم الموالي ليوم العطلة الذي صادف نهاية الميعاد كأصل عام فهذه هي مدة ميعاد رفع و قبول دعوى التعويض الإدارية لكن قد توجد نصوص خاصة تقرر مواعيد استثنائية تطبيقا لقاعدة أن النص الخاص يغير النص العام بشرط أن يكون النص الخاص هذا من نفس الجنس و الدرجة و القيمة القانونية التي يتمتع بها النص القانوني العام .
ثالثا :امتداد المدة المقررة لقبول دعوى التعويض :
قد تمتد المدة المقررة لقبول دعوى التعويض ، قد يكون هذا الامتداد لعدة أسباب منها : بسبب بعد المسافات المكانية يعني عامل البعد المكاني عن مكان التقاضيكأن يكون المتقاضون مقيمين خارج إقليم الدولة ، قد تضاف إلى المدة الأصلية المقررة و هي مدة (أربعة أشهر) . في النظام القضائي الجزائري ، ومدة الشهرين في النظام القضائي الفرنسي مدة إضافية للمتقاضي بالخارج ، هذا كما فعل المشرع الجزائري في المادة 236 ت. ج . م«إذا كان أحد الخصوم يقيم خارج البلاد فإنه يزاد إلى ميعاد الطعن شهر واحد بالنسبة له مهما كانت طبيعة الدعوى»
- كما أن الميعاد المقرر لرفع و قبول دعوى التعويض و المسؤولية الإدارية قد يمتد بسبب تدخل المشرع و تقرير مواعيد جديدة إضافية للميعاد الأصلي المقرر لرفع و قبول دعوى التعويض الإدارية و كثيرا ما يحدث ذلك في أعقاب حدوث و زوال حالات الظروف الاستثنائية و أحوال القوة القاهرة و من أمثلة ذلك : تدخل المشرع الفرنسي بموجب قانون 05-08-1914 و قانون 13-07-1968 في أعقاب الحوادث و الاضطرابات الطلابية الشهيرة التي حدثت في فرنسا و يشترط أن تكون هذه النصوص التي تتدخل لمد و إضافة مواعيد جديدة إضافة لميعاد رفع وقبول دعوى التعويض أن تكون من درجة التشريع لأن المواعيد المقررة لرفع وقبول دعوى بصفة عامة و دعوى التعويض بصفة خاصة تقرر و تنظم بموجب نصوص قانونية من درجة التشريع .
- و قد يقطع الميعاد المقرر لرفع و قبول دعوى التعويض ، و يمتد بسبب تدخل الشخص المضرور و تقديم طلب المساعدة القضائية أمام السلطات المختصة في الدولة حيث تؤدي عملية طلب المساعدة القضائية إلى قطع الميعاد و تجميده و جعله لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ علم الشخص المعني ، فهذا السبب يعد من أسباب وقف الميعاد و ليس بسبب من أسباب قطع الميعاد .
- كما يعتبر الخطأ في تحديد الجهة القضائية المختصة بدعوى التعويض الإدارية من طرف صاحب المصلحة و الصفة سببا من أسباب قطع ميعاد رفع و قبول دعوى التعويض هذه .
بحيث يبدأ الميعاد المقرر من جديد و كاملا من تاريخ التبليغ الشخصي للحكم الصادر بعدم الاختصاص من الجهة القضائية غير المختصة بدعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية .
-و يشترط لاعتبار الخطأ في تحديد الجهة القضائية المختصة بدعوى التعويض الإدارية سببا من أسباب امتداد الميعاد المقرر لقبول دعوى التعويض الإدارية الشروط التالية:
1-يجب أن ترفع دعوى التعويض أمام الجهة القضائية غير المختصة في حدود الشكليات و الإجراءات و المواعيد المقررة لرفع و قبول هذه الدعوى أمام جهة الاختصاص القضائي المختصة بدعوى التعويض الإدارية .
2-يجب أن تحكم و تصرح الجهة القضائية غير المختصة بعدم اختصاصها بالدعوى .
3-يجب أن ترفع دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية أمام جهة الاختصاص القضائي المختصة بها خلال الميعاد المقرر و هو ميعاد الأربعة أشهر في النظام القضائي الجزائري و ميعاد الشهرين في النظام القضائي الفرنسي .
رابعا : آثار انقضاء المدة المقررة لقبول دعوى التعويض :
إن فوات و انقضاء الميعاد المقرر لرفع و قبول دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية هو ميعاد الأربعة أشهر في النظام القضائي الجزائري ، و الشهرين في النظام القضائي الفرنسي لا يؤدي إلى سقوط و تقادم دعوى التعويض و المسؤولية الإدارية ، و إنما يؤدي فقط إلى سقوط إجراءات و شكليات الدعوى بسبب فوات و انقضاء الميعاد المقرر و ذلك لأن دعوى التعويض أو المسؤولية الإدارية لا تسقط ولا تتقادم إلا بمدد سقوط و تقادم الحقوق التي تتعلق بها ، و تستهدف حمايتها .
فيمكن للمضرور و صاحب المصلحة و الصفة التي يرفع عليها دعوى التعويض من جديد في نطاق شكليات و إجراءات جديدة و في ميعاد جديد . مادام الحق لازال موجود لم يسقط ولم يتقادم بأي سبب من أسباب السقوط أو التقادم ، المقرر قانونا .
المطلب الثالث : الشروط المتعلقة بالقرار السابق
يتعلق مفهوم القرار السابق في منازعات القضاء الكامل بما في ذلك منازعات التعويض المتعلقة بمسؤولية الإدارة عند أعمالها المرفوعة أمام المحكمة الإدارية ، بكونه لا يجوز للمتعدي أن يخاصم الإدارة أمام القضاء إلا بعد أن يطلب منها التصريح عن نيتها في الدخول معه في نزاع أمام القضاء ، بعبارة أخرى تبدي موقفها ضد نزاع مستقبلي مع المدعي .[41]
- و معنى ذلك أنه على المدعي أن يطلب تعويضا من الإدارة بصفة مباشرة بهدف جبر الضرر الذي أصابه و بعد ذلك يرفع دعوى قضائية في شكل احتجاج ضد القرار السابق الرافض لذلك التعويض
- و على ذلك نستطيع أن نستنتج بأن القرار السابق هو :
«القرار الذي يجسد موقف الإدارة السلبي تجاه مطالبة صاحب الشأن (المضرور) بجبر الضرر الذي أصابه من نشاط إداري معين [42] ، مع الإشارة إلا أنه في هذه الحالة على الأغلب أن يكون قرار إداري بحيث تكون هناك رابطة بين الإدارة و الفرد المضرور» «ومعنى ذلك أن القرار السابق هو تعبير الإدارة عن رفضها التعويض المضرور بعد مطالبته به (بالتعويض) »
موقف الفقه و القضاء من فكرة القرار السابق :
أولا -المواقف الفقهية من فكرة القرار السابق :
أثارت فكرة القرار السابق و مدى اشتراكها في دعوى التعويض جدلا فقهيا كبيرا بين الفقهاء حيث برزت بشأنها آراء متناقضة فيما بينها نبرزها فيما يلي :
1- رأي الأستاذ عمار عوابدي :- يرى الأستاذ أن فكرة القرار السابق شرط جوهري لقبول الدعاوى الإدارية عموما و دعوى التعويض خصوصا بحيث يقول بخصوص هذا الشأن : «وكل ما أنجزه و فعله المشرع الجزائري بهدف إلغاء القرار السابق كفكرة هو الإبقاء على مبدأ تطبيقها كشرط إلزامي ووجوب لقبول الدعوى الإدارية أمام الغرفة الإدارية بالمجالس القضائية المختصة محليا بما فيها دعوى التعويض و المسؤولية الإدارية ، و إغفال و إلغاء الإجراءات و الشكليات اللازمة لبيان كيفية تطبيق هذه الفكرة مما يجعلها غامضة و غير قابلة للتطبيق قانونا»
«- غير أن تطبيق الفقرة الأولى من المادة 169 مكرر بموجب القانون 90/23 المؤرخ في :18/08/1990 ، تتطلب تطبيق فكرة القرار السابق إذا كانت أسباب قيام دعوى التعويض والمسؤولية الإدارية ، وقائع وأعمال إدارية مادية وفنية ضارة .....،....،....»
- وعلى ذلك نجد بأن الأستاذ عمار عوابدي في بداية الأمر أقر بعدم قابلية القرار السابق للتطبيق ، ليتراجع في آخر المطاف عن موقفه مصرحا بأن استصدار القرار السابق في دعوى التعويض واجب (دعوى التعويض المرفوعة ضد الإدارة) .
1-الرأي الأول:
وهو ما لا نؤيده فيه لأن تطبيق فكرة القرار السابق على دعوى التعويض مع عدم قابلية للتطبيق قانونا يعد خروجا عن القانون .
2- رأي الأستاذ خلوفي :
يرى الأستاذ رشيد خلوفي بشأن القرار السابق كحل افتراضي في غياب اجتهاد المحكمة العليا أنه : «رفع شكوى أو طلب قصد استصدار قرار إداري صريح أو ضمني[43] » . وبعدها تطبق أحكام المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية فيما يخص الدعاوى المرفوعة ضد القرارات الإدارية فإنها تخضع إلى نفس القواعد المتعلقة بالدعاوى التي ترفع ضد الأعمال المادية للإدارة اللامركزية .
إذن : ما هو الحل في حالة النزاع المتعلق لعمل مادي قامت به الإدارة المحلية أو مؤسسة عمومية ذات طابع إداري .
- إن الإجابة عن هذا السؤال الأخير تدعو منا الرجوع إلى 169 مكرر بحيث لا يجوز رفع دعوى المجلس القضائي إلا ضد قرار إداري ، وبالتالي لا يمكن للمدعي في نزاع قام عن عمل مادي أن يلجأ مباشرة إلى القضاء [44] .
وعلى ذلك فإنه بالنسبة للعمل المادي الذي أنتج ضررا نتيجة عمل إداري في الإدارة المحلية أو المؤسسة العمومية ذات الصيغة الإدارية أن يقوم برفع شكوى أو طلب أو تقديم رسالة إلى الإدارة المعنية يطرح فيها بوضوح مطالبه ويحدد طلباته حتى يتحصل عليها أو يستصدر قرارا إداري (قرار سابق) .
دون شرط أو شكل يذكر (بمعنى لا يتعدى شكل القرار) «وعلى ذلك فإن شرط القرار السابق هو شرط نسبي لا يتعدى العمل القانوني الإداري الذي يمس الفرد كأداة للإدارة دون العمل المادي الذي بسبب ضرر له فإنه ليس شرطا لقبول دعوى التعويض ضد الإدارة»
- وعلى ذلك يتضح لنا جليا بأن رأي رشيد خلوفي لا يختلف كثيرا عن رأي الأستاذ عمار عوابدي ، إذ جعل الأول رأيه حلا افتراضيا مبنيا على طبيعة قانونية تجسد شكوى في حين أن الثاني جعل من القرار السابق شرطا من النظام العام .
3 - رأي الأستاذ مسعود شيهوب :
إذا كان الأستاذ عمار عوابدي و كذا الأستاذ رشيد خلوفي يستلزمان القرار السابق لقبول دعوى التعويض فإن مسعود شيهوب يرى بأن القرار السابق غير لازم في المنازعات الإدارية بما في ذلك منازعات التعويض و ذلك من باب تخفيف العبء على المدعي خاصة و أنه الطرف الضعيف في العلاقة الذي يواجه السلطة العامة كطرف قوي ، وكذا تبسيط الإجراءات [45]
بدليل لأنه قد أحسمن المشرع فعلا عندما ألغى التظلم كشرط جوهري جاعلا منه شرط جوازي و أحل محله نظام الصلح [46]
- و على ذلك نرى بأن الأستاذ مسعود شيهوب اعتمد في رأيه على إصلاحات المشرع في استحداثه نظام الصلح محل التظلم .
- و تجدر الإشارة إلى أنه وفق هذه النظرة نستنتج بأن الأستاذ مسعود شيهوب ذهب إلى أنه القرار السابق هو النظام في حد ذاته وهو ما يتضح من فحوى النصوص التشريعية الخاصة به(829 قانون الإجراءات المدنية والإدارية )- من حيث فائدة التظلم رغم أن الإدارة في كثير من الأحيان مالا ترد إيجابا على المدعى .(الفرد قبل رفع الدعوى أي مدعى على الإدارة فيها قبل دخول إلى محرمك القضاء ، إلا أننا نرى بأن القرار السابق يختلف عن التظلم من حيث فائدته ، ذلك أنه يجسد (« إثبات حالة ») موجهة للقضاء بحيث يثبت فيها المدعى مدى الضرر الذي أصابه من الإدارة و نشاطها الذي مس بحقوقه ، ذا كان بالنسبة لكثير من الفقهاء و منهم ما أبرزناه أعلاه . نتيجة فائدته العملية على مستوى ضمان حق المدعي أمام القضاء في مواجهة الإدارة .
و على ذلك فهو بمثابة الخبرة (إن صح التعبير) أو الدليل المسبق لفائدة المدعى «معنى ذلك أنه الطبيعة القانونية(القرار السابق) تختلف عن الطبيعة القانونية للتظلم رغم أنهما مشتركان من كونهما إجراء جوازي للمدعي : إلا أن الفائدة العملية للتظلم قد تكون سلبية أمام امتناع الإدارة في حين أن القرار السابق هو ذا فائدة عملية بارزة على مستوى الظاهر لأنها تثبت أمرا ماديا على المضرور نتيجة عمل مادي أو قانوني للإدارة ضد المعني »
ثانيا : موقف القضاء من شرط القرار السابق :
- بالرغم من جملة الاختلافات الفقهية المتعددة و المتناقضة فيما بينها بين مؤيد و رافض لفكرة القرار السابق كشرط من الشروط الواجبة لقبول الدعاوى الإدارية فيما بينها دعوى التعويض فإن القضاء حسم الأمر هذه المسألة .
- حيث أن المجالس القضائية لا تأخذ بفكرة القضاء السابق كشرط لرفع الدعوى التعويض و ذلك بموجب القرار الصادر عن الغرفة الثانية (الإدارية ) لمجلس قضاء الجزائر بتاريخ 20-04-2005 [47] الذي يتمثل فحواه فيما يلي : «- حيث أن الدفع المتمثل في كون المدعية لم تقم بالطعن السابق فإنه ليس في محله لأن الدعوى الحالية ترمي إلى إبطال قرارين إداريين و إن التظلم لم يعد واجبا و حل محله إجراء محاولة الصلح بالنسبة للقرارات الصادرة عن السلطات الإدارية المحلية حيث أنه و الحالة تلك يتعين قبول الدعوى شكلا...»
- و بدوره قضى مجلس الدولة في قرار له بتاريخ 10 فيفري 2004 ، قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لسعيدة ضد أعضاء المستثمرة الفلاحية هشماوي [48] بأن المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية المشترطة للقرار السابق لا ينطبق على دعاوى القضاء الكامل و جاءت أسبابه كما يلي حيث أن المستأنف يتمسك بأن الطلب الأصلي الذي قدمه أعضاء المستثمرة الفلاحية هشماوي غير مقبول بناءا على المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية من حيث أن العريضة لم تكن مصحوبة بالقرار محل الطعن
- «حيث أن طلب أعضاء المستثمرة الفلاحية هي دعوى تعويض مدني أي دعوى من القضاء الكامل و منه فإن المادة (169 مكرر) من قانون الإجراءات المدنية لا يمكن تطبيقه على قضية الحال ... » .
-«و أكد المجلس الدولة هذا الاجتهاد بقرار لاحق (11 ماي 2004 ) قضية والي ولاية وهران ضد م ح و رئيس بلدية وهران [49] بأن قرر صراحة عدم لزوم استصدار القرار السابق قبل رفع دعوى التعويض و بالتالي عدم لزوم التظلم الإداري . »



الساعة الآن 09:28 PM