تسوية البنايات غير الشرعية في القانون الجزائري
الأدوات القانونية لتسوية وضعية البنايات غير الشرعية :
إن القضاء على أي ظاهرة غير مقبولة انتشرت بأسلوب واسع و خطير في الدولة يستلزم حتما إتباع التخطيط الاستراتيجي الذي يقوم على تحديد أهداف هذه الإستراتجية و مبادئها من جهة و من جهة أخرى تحديد الآليات و طرق التدخل و ربطها بزمن معين من اجل اجتثاث أسباب المشكلة.
و في مجال القضاء على البناء غير الشرعي تتشكل هذه الإستراتجية من أسلوبي التدخل الوقائي و التدخل العلاجي، فعلى الصعيد الوقائي يتم التدخل بفصَدفّ و قطع الأسباب التي أنتجت و سمحت بالبناء غير الشرعي عن طريق رقابة استعمال الأرض و إنتاج الصالح منها للتعمير و كذا تطهير سندات ملكيتها لتمكين الأفراد من البناء، كما يتعين إتباع سياسة سكنية ناجعة تهتم بالخصوص بشريحة الفقراء و ذوي الدخل المحدود عن طريق الاهتمام بتنمية إنتاج السكنات الاجتماعية[1].
و على الصعيد العلاجي و هو موضوع الدراسة، يهدف التدخل إلى إيجاد حل للأوضاع القائمة من البنايات غير الشرعية إما بالهدم و الإزالة هو أقدم الحلول و أكثرها تطرفا أو إدماج البناية غير الشرعية ضمن الإطار العمراني المفنَظَّمف بأخف الأضرار.
لقد أثبت حل الهدم المطلق غير المدروس فشله في العديد من الدول التي طبقته في ظل الأزمة السكنية التي تعرفها، إذ أن شريحة كبيرة من المواطنين لم تجد مفتَنَفَّسََا لتأمين حاجتها السكنية سوى بالاعتداء على أراضي الغير لبناء مساكن لا تخضع لأي نوع من المعايير الفنية أو الصحية أو البيئية، فتشكلت المخالفات ، وأصبحت أمرا واقعا تحت ضغط الحاجة للمساكن وعدم توفر الأراضي المعدة للبناء بمساحات تتناسب مع الطلب كما ثبت أيضا سلبية هذا الحل و تحطيمه للروابط السكانية[2] بين الأفراد التي استغرقت وقتا من الزمن لنشأتها.
و نظرا لذلك، جرى التفكير و التطبيق في العديد من الدول على استبدال الهدم قدر الإمكان بأساليب الإدماج ضمن المحيط العمراني و الاجتماعي، عن طريق ترقية البنايات غير الشرعية التي تقبل ذلك و تسوية وضعيتها[3]، و منها الجزائر أيضا فقد اعترفت وزارة السكن و العمران بسلبية حل الهدم و قررت في دراسة أعدت في سنة 1998 حول برنامج سياسة لامتصاص السكنات الهشة على أن:
« … dans la politique d'amélioration de l'habitat précaire. Il y a environ 10 ans et de nouveau en juin 1996, le GoA a tenté d'éradiquer l'habitat précaire principalement dans la région d'Alger. Mais cette politique s'est révélée coûteuse et peu efficace, les stratégies de déplacements de populations ne se sont pas révélées satisfaisantes et les bidonvilles ont continué de s'accroître» [4]
وقررت إثر ذلك إتباع منهجفف يقوم على أسلوب التسوية القانونية للبناء غير الشرعي[5] عبر مجموعة من قوانين الملكية العقارية و التعمير التي تتضمن تصحيح وضعية الملكية العقارية للبناء غير الشرعي[6] و تصحيح وضعيته العمرانية بمعالجة المخالفات العمرانية[7] و منح صاحبه البناء - سندا يتطابق مع التشريع ، فالتسوية اصطلاحا تفيد منح المستفيد سندا قانونيا لإثبات الوضع الشرعي أو الحق كما بينه قرار مجلس الدولة في 12-07-2005 ..إن وقوع العقار محل عقد الشهرة داخل منطقة الأمنية لا يعد سببا من الأسباب التي تمنع إعداد عقد الشهرة و أن ذلك يدخل ضمن تسوية العقارات بطريقة قانونية.. [8] .
لقد قسمنا قوانين التسوية في هذا الفصل بحسب نطاق تدخلها إلى صنف يتعلق بقوانين التسوية الجزئية (المبحث الأول) و التي يقتصر تدخلها على تسوية الوضعية القانونية للوعاء العقاري للبناء غير الشرعي أو التسوية المحدودة في مناطق سكنية محددة، و صنف ثاني يتعلق بقوانين التسوية الشاملة (المبحث الثاني) و هي ذلك الإجراء المستحدث بالقانون 08-15 الذي يتدخل لتسوية وضعية البناء من حيث الملكية العقارية و من الناحية العمرانية دون أن يميز بين أنواع البنايات أو المناطق المطبق فيها .
المبحث الأول : التسوية الجزئية أو المحدودة للبنايات غير الشرعية.
يتم تسوية وضعية البناء غير الشرعي في هذه الحالة، من زاوية القاعدة العقارية عن طريق منح صاحب البناء سند الملكية العقارية للوعاء، يبرر أن البناء منبثق عن ملكية الأرض ، لكن دون أن تتعدى آثار التسوية إلى الوضعية العمرانية للبناء اتجاه قانون التعمير، و تسمح هذه الطريقة لبعض الحالات التي استفادت من رخص البناء دون أن تكون مالكة من تسوية وضعيتها طبقا للمادة 50 من قانون التهيئة و التعمير بدلا عن الوضعية العرجاء السابقة [9] ، كما تسمح قوانين تسوية الملكية العقارية للشخص بالاستئثار بملكيته و تكييفها مع أدوات التعمير و القواعد العامة للتهيئة و التعمير عن طريق إعادة البناء أو إتباع إجراءات تحقيق المطابقة كما سنتعرض لها في المبحث الثاني.
كما و تترتب التسوية الجزئية أيضا بفعل التدخل في الأنسجة الحضرية التلقائية و تطويرها حضريا بفعل عملية الإدماج للتوافق مع قواعد البناء و التعمير المحددة بالمخططات العمرانية، إلا أن هذه العملية محدودة من حيث النطاق المكاني و النوعي، إذ تقتصر على مناطق السكن غير الشرعي أو مناطق المخالفات الجماعية السكنية، و عليه فإن دراستنا لهذين الأسلوبين في التسوية ستكون وفق: تسوية وضعية الملكية العقارية للبناء غير الشرعي (المطلب الأول) و تسوية الوضعية التخطيطية للأنسجة الحضرية غير الشرعية بأسلوب التطوير الحضري (مطلب الثاني).
المطلب الأول : تسوية وضعية الملكية العقارية للبناء غير الشرعي :
حتما إن البحث عن تسوية وضعية البناء غير الشرعي ستنطلق من تسوية ملكية القاعدة العقارية للبناء فلقد جعل القانون 90-25 المؤرخ في 18-11-1990 المتضمن التوجيه العقاري و القانون 90-29 المؤرخ في 01-12-1990 من سند الملكية وثيقة لا يمكن تجنبها من أجل منح رخصة البناء و عند المعاملات و شرط مبرر لإقامة إطار شرعي لهذا النوع من العمليات [10]، و لما كانت البناية غير الشرعية ملتصقة بالأرض فإن عملية التسوية تنطلق من الأصل و لا يستقيم القول بخلاف ذلك، كما أن قوانين تهذيب و تسوية البناء في الجزائر تقر بهذا المبدأ و تنطلق منه [11] كما سنرى و عليه تتدخل مجموعة من القوانين التي سنها المشرع من أجل تسوية وضعية الأراضي الناتجة عن تطبيق الأمر74-26 المؤرخ في 20-02-1974 المتضمن تكوين احتياطات عقارية لصالح البلديات (الفرع الأول) أو تسوية وضعية القاعدة العقارية للبناء غير الشرعي و غير الممسوح بفعل الحيازة (الفرع الثاني) أو تسوية وضعية القاعدة العقارية للبناء غير الشرعي بفعل عملية المسح و تأسيس السجل العقاري (الفرع الثالث).
الفرع الأول : تسوية وضعية الأراضي الناتجة عن تطبيق الأمر 74-26 المتضمن تكوين احتياطات عقارية لفائدة البلديات :
هي مجموعة القطع الأرضية التي تصرفت فيها البلديات في إطار الأمر 74-26 و وزعتها على المستفيدين من أجل البناء مهما كان نوعه دون أن تعد لها سندات مشهرة معترف بها لممارسة حق البناء، و تتم تسوية الوضعية عن طريق إتمام الإجراءات القانونية المتخلفة لعملية إدماج القطعة ضمن الاحتياطات العقارية و تصحيح نقل الملكية إلى المستفيد بواسطة سند مشهر و تشمل التسوية المذكورة الحالات التالية :
أولا / الحالة الأولى تسوية وضعية أراضي البناء التي تم توزيعها قبل اكتمال عملية إدماجها ضمن الاحتياطات العقارية البلدية :
في هذه الحالة تتم عمليات تسوية وضعية هذه الأراضي متى كانت مدخلة في مساحات التعمير في شكل مناطق حضرية جديدة أو مناطق صناعية، أو مناطق أعمال و برامج سكنية أو تجهيزية انطلقت قبل صدور قانون التوجيه العقاري التي لم يكتمل إدماجها في الاحتياطات العقارية طبقا لما يلي :
أ- طبقا للمادة 86 من قانون التوجيه العقاري:
حيث تنص المادة 86 من قانون التوجيه العقاري في فقرتها الأولى على أن : تدمج نهائيا في الاحتياطات العقارية للبلدية المعنية الأراضي المدخلة في مساحات عملية التعمير في شكل مناطق حضرية جديدة أو مناطق صناعية، أو مناطق أعمال و برامج سكنية و تجهيزية أخرى انطلقت قبل إصدار هذا القانون و كانت حسب الحالات موضوع مداولات موافق عليها قانونا أو موضوع رخص للبناء أو رخص تجزئة الأراضي لأجل البناء و/أو أعمال إنسانية. و تحول هذه البلديات تلك القطع الأرضية إلى الهيئات العمومية الموجودة أو التي ستحدث بغية فتح المجال لمتابعة العمليات طبقا للمخططات المقررة. و الكيفيات الأخرى لتصحيح عمليات شراء القطع الأرضية السالفة الذكر و بيعها و هي تلك المنصوص عليها لتطبيق الأمر رقم 74-26 المؤرخ 20 فبراير سنة 1974 المذكور أعلاه. يتحمل مستعمل القطعة مصاريف العمليات مع دفع التعويضات المحتملة .
أي أن عملية الإدماج في هذه الحالة تتم بقوة القانون[12]، و تحتاج فقط لمواصلة الإجراءات طبقا للأمر 74-26 الذي يبقى ساريا إلى حين الانتهاء من عمليات التسوية عن طريق مداولة للإدماج تصدر عن المجلس الشعبي البلدي على أساس تعويض تقدره أملاك الدولة طبقا للتقدير الساري المفعول كما حدده المرسوم 86 -02 المؤرخ في 07-01-1986 الذي يضبط كيفيات تحديد أسعار شراء البلديات للأراضي الداخلة في احتياطاتها العقارية و أسعار بيعها، ثم تحول القطعة إلى الوكالة الولائية للتسيير و التنظيم العقاريين الحضريين لتصحيح عملية شراء القطعة و بيعها إلى المستفيد من التسوية.
ب- طبقا التعليمتين الوزاريتين رقم 01 و02 المؤرختين في 02-01-1993 و 31-07-1994:
و هي التعليمات الصادرة بالاشتراك بين وزارات الإسكان و الداخلية و المالية رقم 01 بتاريخ 02-01-1993 و التعليمة الوزارية رقم 02 المؤرخة في 31-07-1994 المتعلقة بتسوية الوضعية القانونية للخواص الذين استفادوا من قطع أرضية مساحتها أقل أو تساوي 400 م2 أو الأراضي التي وزعت على محترفي التهيئة و النشاط العقاريين دون أن تكتمل عملية إدماجهما عن طريق إعداد عقد الملكية و أسندت بمقتضاهما عملية متابعة أشغال التسوية إلى خلية التنسيق و المتابعة على مستوى لجنة الدائرة المعتبرة في حالة اجتماع دائم إلى غاية التسوية النهائية لجميع الملفات المطروحة عليها[13]، كما صدرت في نفس السياق المذكرة رقم 6476 بتاريخ 01 ديسمبر2001 عن المديرية العامة للأملاك الوطنية[14] تبين أن تسوية وضعية الأراضي الممنوحة للمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري المستفيدة في إطار الاحتياطات العقارية و التي حولت ملكيتها إلى الدولة بموجب المادة 23 من قانون المالية التكميلي لسنة 1994[15] تتم عن طريق توجيه طلب بالتسوية و إعداد عقد الملكية إلى خلية التنسيق والمتابعة كما حددته التعليمة الوزارية رقم02 المؤرخة في 31-07-1994السابقة لتتولى مديرية أملاك الدولة بعد ذلك تحرير عقد الملكية مباشرة بعد إيداع طلب التسوية.
ج- طبقا المادة 59 من قانون المالية لسنة 1999 :
هو القانون 98-12 المؤرخ في 31-12-1998 المتضمن قانون المالية لسنة 1999 الذي ينص على أن تنقل مجانا إلى دواوين الترقية و التسيير العقاري كل الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة، التي استعملت كوعاء للبناء المنجز من طرف دواوين الترقية و التسيير العقاري كل الأراضي التابعة للأملاك الخاصة التابعة للدولة، التي استعملت كوعاء للبناء المنجز من طرف هذه الدواوين في إطار برامج السكن الاجتماعي قبل تاريخ نشر القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر سنة 1990 و المتعلق بالتوجيه العقاري، و التي لم تتم تسويتها عند تاريخ 31 ديسمبر سنة 1998. يتعين على دواوين الترقية و التسيير العقاري التنازل مجانا عن المساحات التابعة للبنايات و الأجزاء المشتركة كما هي محددة في المشاريع التقنية المتعلقة بإنجاز الأحياء. يتم هذا التنازل لفائدة الشركاء في ملكية البنايات المعنية دون سواهم، و لقد بين المرسوم التنفيذي رقم 99-242 المؤرخ في 31-10-1999 و التعليمة الوزارية المشتركة رقم 02 المؤرخة في 24-08-2000 كيفية التحويل و شروط التنازل لفائدة الشركاء، إذ تتولى في هذه الحالة مديرية أملاك الدولة تحرير عقد الملكية لفائدة ديوان الترقية و التسيير العقاري و بدوره هذا الأخير يتولى إعادة التنازل عنها مجانا بعقد توثيقي مشهر و على الشيوع لفائدة كامل الشركاء في السكنات الاجتماعية[16] .
ثانيا / تسوية وضعية أراضي البناء الموزعة دون سندات رسمية مشهرة التي اكتمل إدماجها ضمن الاحتياطات العقارية البلدية :
الأصل أن يختص رئيس المجلس الشعبي البلدي بتسوية وضعية هذه الحالات بعد دفع ثمن الحيازة مباشرة ، دون حاجة إلى الوكالة الولائية للتسيير و التنظيم العقاريين الحضريين كما نصت عليه المادة 86 من قانون التوجيه العقاري ، فقد أكد مجلس الدولة هذا الحكم في قراره[17] بتاريخ في 28-05-2000... حيث أنه فيما يتعلق بالوجه الذي أثاره العارض فيما يخص منع ممثلي الجماعات المحلية من التصرف في القطع الأرضية العارضة التابعة للغير و ذلك بموجب القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18-11-1990 و أنه في- قضية الحال باطل بما أن تحرير العقد هو الذي تم لوحده في 21-11-990 . و أنه على عكس ذلك فإنه خلال مداولة البلدية و حتى عن قيام (ب .ع) في 1989 بالدفع فإن البلدية كانت مختصة لتحرير مثل هذه العقود . و أنه بالفعل فإن عقد البيع هو النتيجة الطبيعية للإجراء المتخذ قبل صدور القانون المؤرخ في 18-11-1990.
كما أسندت تسوية هذه الحالات أيضا إلى خلية التنسيق و المتابعة بموجب التعليمة المشتركة رقم 01 بتاريخ 02-01-1993 السابقة التي ألزمت المستفيد بإيداع تصريح كتابي يتعهد فيه بتكملة الثمن في مدة لا تفوق ثلاثة أشهر، إذا ما توقف العقد النهائي على ذلك [18] .
الفرع الثاني : تسوية وضعية القاعدة العقارية للبناء غير الشرعي و غير الممسوحة بفعل الحيازة :
و الحيازة هي سلطة فعلية أو واقعية يمارسها الحائز على القطعة الأرضية بحيث تتفق في مظهرها الخارجي مع قصد الحائز مزاولة حق الملكية أو أي حق عيني آخر على العقار و إن لم تستند هذه السلطة إلى حق يعترف به القانون الذي يتدخل و يحميها حفاظا على الوضع الظاهر الذي يتفق غالبا مع حقيقة أن الحائز هو المالك [19].
تطبيقا لهذا الوضع أجاز المشرع الجزائري تسوية الوضعية لبعض العقارات غير الممسوحة محل الحيازة العقارية من قبل الخواص متى تحققت الشروط المفروضة، عن طريق منح الحائز سندا للحيازة أو الملكية يمكنه من ممارسة حق البناء، كما ورد في بالمادة 39 من قانون التوجيه العقاري، و القانون 07-02 المؤرخ في 27 فبراير 2007 المتضمن تأسيس إجراء لمعاينة حق الملكية العقارية و تسليم سندات الملكية عن طريق تحقيق عقاري .
أولا/ تسوية الوضعية العقارية للبناء غير الشرعي بفعل تسليم شهادة الحيازة :
بهدف تسريع عملية التطهير العقاري[20] و تسوية وضعية الحائزين للعقارات[21] من نوع الأملاك العقارية الخاصة عن طريق منحهم السند الذي يمكنهم الاحتجاج بسلطات المالك و استثمار العقار بالاتفاق مع قواعد القانون الجزائري، استحدث المشرع شهادة الحيازة التي يرتكز تأسيسها على تجربة بينت تطابق الحالة الظاهرية في الميدان مع الحالة الشرعية في غالب الأحيان، سواء تعلق الأمر بحيازة طويلة الأمد انتقلت من جيل إلى آخر، أو قصيرة الأمد ناتجة عن اكتساب وقع خارج الإطار الشرعي المعمول به [22] و على مجابهة أزمة السكن و البناء غير الشرعي عن طريق منح الأفراد سندا يسمح لهم بالحصول على رخصة البناء من أجل البناء الذاتي[23]، و هكذا نصت المادة 39 من قانون التوجيه العقاري على أن:
يمكن كل شخص حسب مفهوم المادة 823 من الأمر 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر سنة 1975 يمارس في أراضي الملكية الخاصة ، التي لم تحرر عقودها، ملكية مستمرة و غير منقطعة و هادئة و علانية ولا لتشوبها شبهة أن يحصل على سند حيازي يسمى شهادة الحيازة و هي تخضع لشكليات التسجيل و الإشهار العقاري، و ذلك في المناطق التي لم يتم فيها إعداد سجل مسح الأراضي .
و قد عرفت هذه الشهادة، بأنها سند حيازي إداري اسمي يعد من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي طبقا للأشكال القانونية و في حدود سلطاته و اختصاصه المستمد من المواد 39 و 40 من قانون التوجيه العقاري و المرسوم التنفيذي 91-254 المؤرخ في 27-07-1991[24]، يتضمن شهر الحيازة بناءا على تصريح من الحائز، و تخضع لشكليات التسجيل و الإشهار[25]، و هي تتطلب شروطا و إجراءات لتحريرها و يترتب آثار مهمة :
أ- شروط و إجراءات تسليم شهادة الحيازة :
1- شروط تسليم شهادة الحيازة :
يستلزم قانون التوجيه العقاري طبقا للمادة 39 منه و المرسوم التنفيذي91-254 السابق مجموعة من الشروط لتسليم شهادة الحيازة يمكن تقسيمها، إلى شروط تتعلق بالعقار و شروط تتعلق بالحيازة:
1-1- شروط تتعلق بالعقار الذي ترد عليه الحيازة:
و هي أن ترد الحيازة على الأملاك العقارية الخاصة، فلا يجوز تحرير هذه الشهادة على العقارات التابعة للأملاك الوطنية أو الأملاك الوقفية، و لا يعيق أن الأراضي التي يحكمها قانون التوجيه العقاري فضاء[26]، إذ أن البناية المستحدثة غير الشرعية في حكم العدم قانونا لكنها تؤسس للحيازة.
أن لا يكون العقار مملوكا بسند صحيح منتج في نظر القانون، و السند الصحيح هو السند المشهر كما وضحته المادة 828 من القانون المدني.
أن لا يقع العقار في منطقة ممسوحة[27]، فالمسح أساس للتطهير و التسوية النهائيين و لا يقبل بعد إتمامه غير الدفتر العقاري عند إتمامه كوسيلة لإثبات الملكية العقارية [28].
1-2- شروط تتعلق بالحيازة في حد ذاتهــا: و هي شروط تتعلق بعناصر و خلو الحيازة العقارية من العيوب:
عناصر الحيازة:
تتشكل عناصر الحيازة في هذه الحالة من العنصر المادي و المعنوي، فإذا كان العنصر المادي يتمثل في السيطرة الفعلية المادية على العقار محل الحيازة من خلال القيام بالأعمال المادية التي يقتضيها استعمال هذا العقار و في هذه الحالة يعتبر البناء غير الشرعي عملا ماديا و وجها لاستعمال الأرض[29]، فإن العنصر المعنوي يتمثل في نية الحائز القيام بالأعمال المادية لحساب نفسه فيظهر بمظهر المالك[30].
مدة الحيـازة :
إذا كانت المواد 39 من قانون التوجيه العقاري، و المواد 808 و ما يليها من القانون المدني لا تشترط مدة معينة لقيام الحيازة بعنصريها المادي و المعنوي، فإن المادة 02 من المرسوم 91-254 المؤرخ في 27-07-1991 الذي يحدد كيفيات إعداد شهادة الحيازة و تسليمها قد اشترطت مدة سنة واحدة على الأقل من ممارسة العناصر و اعتبرتها كافية لقيام الحيازة و تسليم شهادة الحيازة[31]
خلو الحيازة العقارية من العيوب:
و هي العيوب المحددة بالمادة 808 من القانون المدني التي تنص أن :
لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه الغير على أنه مجرد رخصة أو على عمل يتحمله على سبيل التسامح . إذا اقترنت الحيازة بإكراه أو حصلت خفية أو كانا فيها التباس فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمره إلا من الوقت الذي تزول في هذه العيوب .
و على هذا يجب أن تكون الحيازة العقارية ظاهرة و علنية، هادئة بدون عنف أو إكراه، واضحة لا لبس أو غموض فيها[32] على أن الحائز يمارس الأعمال المادية باسمه و لحسابه .
2- إجراءات تسليم شهادة الحيازة:
يميز في إجراءات تسليم شهادة الحيازة التي فصلها المرسوم التنفيذي 91-254 السابق بين الإجراء الفردي و الإجراء الجماعي في تسليم شهادة الحيازة :
2-1- الإجراء الفردي : يقوم الحائز بتقديم طلب[33] يتضمن كل بيانات تتعلق بهويته و بتحديد العقار محل الحيازة تحديدا دقيقا و عن طريق إيراد المعلومات حول قوامه و مساحته و الأعباء المحمل بها،
يرفق هذا الطلب بملف[34] يتكون من :
شهادة الحالة المدنية للطالب .
تصريح شرفي طبقا للنموذج الملحق بالمرسوم 91-254.
و مخطط يبين حدود وضعية العقار .
كل وثيقة أو سند يدعم موقف الطالب في ممارسة الحيازة.
و يوجه الطلب و الملف إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص، الذي يتولى بدوره تسليم الطالب شهادة الحيازة التي تخضع للنشر على لوح البلدية و في الجرائد الوطنية عندما يخص الطلب عندما يتعلق الأمر بقطعة أرض كائنة بموقع حضري لبلدية تصل السكانية بها إلى 20.000 نسمة على الأقل كما أنها تخضع للإشهار على مستوى المحافظة العقارية و تمسك بطاقاتها على الشكل الشخصي، بعد ضمان نشر مضمون الطلب و التحقيق فيه على مستوى مصالح أملاك الدولة[35].
2-1- الإجراء الجماعي: يخص هذا الإجراء برامج التحديث الريفي أو الحضري ذات المنفعة العامة أو برامج إعادة التجميع العقاري[36]، حيث يقوم الوالي بإصدار القرار المتضمن الشروع في الإجراء بناءا على طلب السلطة المسؤولة عن البرامج المذكورة، و يودع هذا القرار لدى البلدية لينشر في مقرها و الساحات العمومية و في إحدى الجرائد لكي يتمكن كل راغب من تقديم طلب شهادة الحيازة الفردي[37].
ب- آثار تسليم شهادة الحيازة :
و هي آثار تسمح للمستفيد أن يتصرف في العقار محل الحيازة تصرف المالك الحقيقي [38]، و من هذه الآثار أن شهادة الحيازة تسمح بـ:
1- بالحصول على رخصة البناء طبقا للمادة 34 من المرسوم التنفيذي 91-176 المؤرخ في 28-05-1991 المتضمن كيفيات تحضير شهادات التعمير بينما لا تخول المادة 50 من قانون التهيئة و التعمير هذا الحق إلا للمالك.
2- كما أنها تسمح بتسوية الوضعية العمرانية للبناء المشيد على القطعة محل الحيازة و الاستفادة من سند تحقيق المطابقة طبقا لمقتضيات المادة 35 من القانون 08-15 المحدد لقواعد مطابقة البنايات و إتمام إنجازها.
3- كما أنها تسمح بتأسيس رهن عقاري من الدرجة الأولى لفائدة هيئات القرض، ضمانا للقروض ذات الأمد المتوسط و الطويل لأجل تشجيع الوظيفة الاجتماعية للأرض[39] عن طريق استثمارها و القيام بمشروع البناء[40]، أو إتمام إنجاز البناية و تأهيلها طبقا للشروط الممكن فرضها من قبل لجنة الدائرة قبل تسوية وضعية البناء غير الشرعي[41]، كما نصت على ذلك المادة 07 من المرسوم التنفيذي رقم 10-166 المؤرخ في 30-06-2010 الذي يحدد كيفيات و شروط منح القروض من طرف الخزينة للموظفين من أجل اقتناء أو بناء أو توسيع سكن.
ثانيا/ تسوية الوضعية العقارية للبناء غير الشرعي بفعل تسليم سند الملكية إثر تحقيق عقاري طبقا للقانون 07-02 :
بهدف تسوية وضعية حائز العقار مدة التقادم المكسب و تمكينه من استثمار ملكيته بشكل متوافق مع القانون الجزائري لا سيما في مجال الحصول على رخصة البناء لإنجاز مسكن أو توسيعه و الاستفادة من قرض عقاري لتمويل نشاط فلاحي أو صناعي أو أي مشروع كان و القيام بتقسيم الميراث أو لغرض بيع العقار [42]، استحدث المشرع إجراء لتسليم الحائز سند الملكية عن طريق تحقيق عقاري الذي حل محل عقد الشهرة لإثبات التقادم المكسب[43] ، و هكذا نصت الفقرة الأولى من المادة 04 من القانون 07-02 المؤرخ في 27 فبراير 2007 المتضمن تأسيس إجراء لمعاينة حق الملكية العقارية و تسليم سندات الملكية عن طريق تحقيق عقاري:
يمكن كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس حيازة على عقار، سواء بنفسه مباشرة أو بواسطة شخص آخر، أو يحوز سند ملكية كما هو مبين في المادة 2 أعلاه، أن يطلب فتح تحقيق عقاري لمعاينة حق ملكيته و تسليمه سند ملكية.
يتطلب هذا الإجراء شروطا و إجراءات بينها القانون 07-02 السابق و المرسوم التنفيذي 08-174 المؤرخ في 19-05-2008 المتعلق بعمليات التحقيق العقاري :
أ- شروط تسليم سند الملكية إثر تحقيق عقاري طبقا للقانون :
و تنقسم هاته الشروط ، إلى شروط تتعلق بالعقار و شروط تتعلق بالحيازة و مدتها:
1- شروط تتعلق بالعقار الذي ترد عليه الحيازة: و هي نفس الشروط المطلوبة في العقارات التي يتم تسويتها بموجب شهادة الحيازة و هي :
أن ترد الحيازة على العقارات التي تقبل التملك الخاص، فلا يطبق هذا الإجراء على الأملاك العقارية الوطنية أو الأملاك العقارية الوقفية[44] .
أن لا يكون العقار محل التسوية مملوكا بسند، إذ أن وجود السند الصحيح المكتشف أثناء التحقيق يرتب رفض منح سند الملكية لأن إجراء تسليم سند الملكية إثر تحقيق عقاري يهدف إلى تطهير الوضعية العقارية كما ورد في قرار الغرفة الإدارية للمحكمة العليا[45] المؤرخ في 09-03-1998 و عليه فإن رفض إشهار عقد الشهرة من طرف المحافظة العقارية كان مؤسسا لأن المرسوم 83-352 يرمي إلى تطهير الوضعية العقارية لأملاك التي لم تتم فيها عمليات المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقاري.
أن لا يقع العقار في منطقة ممسوحة[46] طبقا للأمر 75-74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري.
2- شروط تتعلق بالحيازة و مدتها :
هي أن تتوافر الحيازة على عنصريها المادي و المعنوي و خلوها من العيوب على أن تستمر بهذا الشكل للمدة الكافية لاكتساب العقار بالتقادم المكسب كما نصت على ذلك المادة 14 من القانون 07-02:
إذا نتج عن تحليل التصريحات، و الأقوال و الشهادات، و كذا الوثائق المقدمة و التحريات التي قام بها المحقق العقاري، أن صاحب الطلب يمارس حيازة من شأنها أن تسمح له بالحصول على الملكية، عن طريق التقادم المكسب، طبقا لأحكام القانون المدني، فإنه يعترف له بأحقيته على العقار محل التحقيق العقاري.
و مدة الحيازة المطلوبة في هذه الحالة تقدر بخمسة عشر سنة كاملة، كما بينته المادة 827 من القانون المدني في فقرتها الأولى[47]، و لا يمكنها أن تشمل مدة التقادم القصير التي تتطلب سندا صحيحا فعملية التحقيق العقاري كما أسلفنا تنصب على العقارات بغير سند كما أن المحقق العقاري لا يملك تقدير عنصر حسن النية الذي يختص به القاضي لوحده[48].
ب- إجراءات تسليم سند الملكية إثر عملية تحقيق عقاري:
يفمَيَّزف في إجراءات تسليم سند الملكية إثر عملية تحقيق عقاري كما فصلها المرسوم التنفيذي 08-174 المؤرخ في 19-05-2008 المتعلق بعمليات التحقيق العقاري بين الإجراء الفردي و الإجراء الجماعي في تسليم سند الملكية:
2-1- الإجراء الفردي: بمقتضاه يقوم الحائز بإعداد طلب يلتمس فتح تحقيق عقاري و يشتمل على بيان معلوماته الشخصية و بيان سلطته على العقار، و كل المعلومات المتعلقة بالأعباء و الارتفاقات التي تثقل العقار محل الحيازة[49]،
يرفق بالملف التالي :
مخطط طوبوغرافي للعقار، تلحق به بطاقة وصفية يعدهما مهندس خبير عقاري على نفقة الطالب.
كل وثيقة أو سند يدعم موقف الطالب في ممارسة الحيازة و لو كان عرفيا [50].
و يوجه الطلب إلى مدير الحفظ العقاري الولائي المختص، الذي يتولى خلال شهر من ذلك إصدار مقرر تعيين محقق عقاري برتبة مفتش أملاك الدولة على الأقل[51]، ليتلقى تصريحات الحائز التي توضح مضمون العنصرين المادي و المعنوي في الحيازة العقارية و مدتها، و لا يكتفي بذلك بل أنه يقوم بكل التحريات و التحقيقات لإثبات حق الملكية المطالب بها و ضمان عدم المساس بأملاك الدولة و حقوق الغير[52] و لضمان يقوم المحقق العقاري بالانتقال الميداني إلى القطعة من أجل دراسة احتجاج و اعتراض الغير و كل مدع آخر لحق عيني على العقار، ليحرر عند نهاية أعماله محضرا نهائيا بنتائج التحقيق على أساسه يتم في حالة معاينة التقادم المكسب الموافقة على ترقيم العقار باسم المالك و شهر الحقوق المعاينة و تسليم المالك سند ملكيته[53] طبقا للنموذج المرفق بالمرفق بالمرسوم 08-174 المؤرخ في 19-05-2008.
2-2- الإجراء الجماعي :
في هذه الحالة يمكن تحريك التحقيق العقاري بصفة جماعية بقرار من الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي بعد أخذ رأي كل من مسؤول مصالح الحفظ العقاري الولائي و حسب الحالة مسؤول البناء أو المصالح الفلاحية إذا ما تعلق الأمر بإنجاز برامج بناء أو تهيئة عقارية، ريفية أو حضرية[54]، و هي عمليات تكسي طابع المنفعة العامة الخاضعة للنشر و الإشهار الواسعين بهدف تمكين كل حائز معني من تقديم طلب فتح تحقيق عقاري مرفق بالملف المبين في الإجراء الفردي- أمام مديرية الحفظ العقاري خلال أجل معين[55]، و يعقبه بعد ذلك مباشرة إجراءات التحقيق العقاري .
الفرع الثالث : تسوية وضعية القاعدة العقارية للبناء غير الشرعي بفعل عملية المسح و تأسيس السجل العقاري :
إن المسح أداة للتطهير العقاري الشامل و فرز الملكيات و مختلف الحقوق العقارية، إذ يتكفل بتحديد معالم الأرض و تقسيمها إلى وحدات ملكية و إعطائها أرقاما خاصة و رسم مخططاتها[56] يرتب بعد إتمام إجراءاته ، إيداع وثائق المسح بالمحافظة العقارية و تحرير محضر بالتسليم طبقا للمادة 08 من المرسوم 76-63 المؤرخ في 25-03-1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري التي تنص على أن :
تودع وثائق الأراضي لدى المحافظة العقارية و ذلك من أجل تحديد حقوق الملكية و الحقوق العينية الأخرى و شهرها في السجل العقاري، و يتم هذا الإيداع عند الانتهاء من عمليات مسح الأراضي لكل قسم أو مجموعة أقسام البلدية المعنية.
يثبت كل إيداع منصوص عليه في الفقرة السابقة عن طريق محضر تسليم يحرره المحافظ العقاري .
ليقوم المحافظ العقاري مباشرة بعد ذلك بعملية ترقيم العقارات الممسوحة في السجل العقاري[57] و هي العملية التي يترتب عليها تسوية وضعية الملكية العقارية لبعض البنايات غير الشرعية بفعل عملية الترقيم المؤقت (أولا)، تسوية وضعية الوعاء العقاري للبناء غير الشرعي بفعل الترقيم طبقا للمادة 48 من قانون المالية لسنة 2005 (ثانيا).
أولا / تسوية وضعية الوعاء العقاري بفعل عملية الترقيم المؤقت طبقا للمرسوم 76-63 :
تخص هذه الحالة حائز العقار الذي لم يتمكن من إثبات سند الملكية أثناء عملية التحقيق العقاري التي يباشرها محققان عقاريان تابعان لأملاك الدولة و الحفظ العقاري بمناسبة عملية المسح، فيقرر لذلك التَمَسفّكَ أمامهما بالوضع الظاهر[58] عن طريق إثبات عناصر الحيازة بالشهادات المكتوبة أو الجبائية أو أي وثيقة تدعم طلبه لا سيما البناء غير الشرعي المشيد فيقوم المحقق في هذه الحالة بالتحري و تحقيق الحالة العقارية في جوانبها الطبيعية والقانونية، و بجمع كل العناصر الضرورية لتقدير الحيازة المثارة عن طريق:
الاستماع إلى شهادات الملاك المجاورين و كل شخص بإمكانه تقديم معلومات قصد تعريف المالك.
البحث في أرشيف المحافظة العقارية للتأكد من وجود إشهار للحق المعني لفائدة شخص آخر.
التأكد من أن هذه الحيازة لا تمارس على الأملاك أو الحقوق العقارية التابعة للأملاك الوطنية بالخصوص العقارات التي تقرر ضمها بفعل التأميم أو الحماية أو أيلولة بعض الأملاك الشاغرة التابعة للدولة[59]، إذ أن المبدأ يقضي بجواز تمسك الحائز بحيازة الأملاك العقارية الوطنية في مواجهة الخواص[60] و لا يثبت له ذلك في مواجهة الدولة.
و بعد الانتهاء من عملية المسح و إيداع الوثائق لدى المحافظة العقارية، يقوم المحافظ العقاري بترقيم العقار مؤقتا تبعا لتقدير توافر عناصر الحيازة القانونية[61] و شهره[62] في شكل:
- ترقيم مؤقت لمدة أربعة أشهر: بالنسبة للعقارات التي أثبتت التحقيقات الميدانية أن حيازتها قانونية مستوفية لجميع الشروط و خالية من العيوب، و أنها استمرت كذلك مدة التقادم المكسب المقدرة بـ 15 سنة من تاريخ بداية الحيازة إلى تاريخ الإمضاء على محضر استلام وثائق المسح ، طبقا للمادة 13 من المرسوم 76-63 السابق التي تنص :
يعتبر الترقيم مؤقتا لمدة أربعة (4) أشهر، يجري سريانها ابتداءا من يوم الترقيم، بالنسبة للعقارات التي ليس لمالكيها الظاهرين سندات ملكية قانونية و الذين يمارسون حسب المعلومات الناتجة عن وثائق مسح الأراضي، حيازة تسمح لهم باكتساب الملكية عن طريق التقادم المكسب طبقا للأحكام القانونية المعمول بها في هذا المجال. و يصبح هذا الترقيم المؤقت نهائيا عند انقضاء المدة المحددة في الفقرة السابقة فيما إذا لم يعلم المحافظ العقاري بأي اعتراض يتعلق بحق الملكية أو فيما إذا سحبت أو رفضت الاعتراضات التي تكون قد حدثت .
- ترقيم مؤقت لمدة سنتين: بالنسبة للعقارات التي يحوزها أصحابها و لا تمكن المحافظ العقاري من تحديد حقوق ملكيتها على ضوء أعمال المسح و السندات المقدمة، فيقوم بترقيمها طبقا للمادة 14 من المرسوم 76-63 التي تنص على :
يعتبر الترقيم مؤقتا لمدة سنتين (2) يجري سريانها ابتداءا من يوم إتمام هذا الترقيم، بالنسبة للعقارات التي ليس لمالكيها الظاهرين سندات إثبات كافية ، و عندما لا يمكن للمحافظ العقاري أن يبدي رأيه في تحديد حقوق الملكية. و يصبح هذا الترقيم المؤقت نهائيا عند انقضاء المدة المحددة في الفقرة السابقة إلا إذا سمحت وقائع للمحافظ العقاري بالتثبت بصفة مؤكدة من الحقوق العينية الواجب شهرها في السجل العقاري و يكون قد اطلع عليها في غضون ذلك، عن طريق أي شخص معني .
و يترتب على ترقيم العقار تسليم المستفيد شهادة الترقيم المؤقت، و هي سند يمكن المستفيد من تسوية وضعية الملكية العقارية للبناء غير الشرعي على اعتبار أنها تولد نفس آثار شهادة الحيازة طبقا للمادة 10 من قانون القانون 03-22 المؤرخ في 28-12-2003 المتضمن قانون المالية لسنة 2004 التي تنص:
تحمل شهادة الترقيم العقاري المؤقت نفس الآثار القانونية المنصوص عليها في مجال شهادة الحيازة بموجب أحكام المواد من 42 إلى 46 من القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر سنة 1990 و المتضمن التوجيه العقاري.
تبعا لذلك و على وجه القياس على آثار شهادة الحيازة، فإن شهادة الترقيم المؤقت المسلمة للمستفيد ستسمح له بأن يتصرف في العقار محل التسوية تصرف المالك الحقيقي عن طريق:
1- الحصول على رخصة البناء[63]، كما أنها تسمح بتسوية الوضعية العمرانية للبناء المشيد على القطعة محل الحيازة و الاستفادة من سند تحقيق المطابقة [64].
2- تأسيس رهن عقاري من الدرجة الأولى لفائدة هيئات القرض ضمانا للقروض ذات الأمد المتوسط و الطويل، بهدف القيام بمشروع بناء، أو إتمام إنجاز البناية و تأهيلها طبقا للشروط التي يمكن أن تفرض من قبل لجنة الدائرة قبل تسوية وضعية البناء غير الشرعي (سنتعرض لها ضمن المبحث الثاني) كما سبق عرضه في آثار شهادة الحيازة.
و نشير إلى أن حالات التسوية بفعل هذه الشهادة قد بلغ إلى غاية جوان 2009 حوالي 20300 حالة ترقيم مؤقت في المناطق الريفية لوحدها[65] .
ثانيا / تسوية وضعية الوعاء العقاري للبناء غير الشرعي بفعل الترقيم طبقا للمادة 48 من قانون المالية لسنة 2005 :
هي حالة لتسوية الوضعية القاعدة العقارية كما نصت عليها المادة 48 من القانون 04-21 المؤرخ في 29-12-2004 المتضمن قانون المالية لسنة 2005 بقولها:
في حالة تشييد البنايات برخصة بناء و بدونها على أرض ذات أصل تابع لأملاك خاصة للدولة منحتها السلطة المؤهلة طبقا للتشريع المتعلق بالتهيئة و التعمير و التي يكون في مقدور مالكها الظاهر الذي لا يتوافر لديه سند قانوني للملكية أن يثبت أثناء عملية المسح العام، دفع ثمن الحيازة الذي أداه حسب الحالة لدى قابض البلدية أو لدى مصالح أملاك الدولة تتم عملية القيد النهائي في السجل العقاري مباشرة لفائدة صاحب الملكية الظاهر فيما يخص مجموع العقارات و البنايات.
و في حالة عدم تبرير الدفع، كليا أو جزئيا يتم القيام بقيد مؤقت إلى غاية الدفع الكامل للثمن الذي لا يمكن أن يقل عن قيمة السوق الحالية و التي تواصل مصالح أملاك الدولة تحصيله طبقا للتشريع المعمول به ... لا تطبق أحكام هذه المادة في الحالة الخاصة بالبناء المؤقت. و يجري حينئذ مسح الأرض و قيدها باسم الدولة.
تعالج المادة السابقة وضعية الملكية العقارية للبنايات غير الشرعية المشيدة على الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة بشروط و هي:
أن تكون القطعة الأرضية تابعة للأملاك العقارية الوطنية الخاصة فلا يجوز تسوية وضعية البنايات المشيدة على الأملاك العقارية الوطنية العامة ، لأنها غير قابلة للتصرف.
أن يرخص القانون بعملية التنازل عن القطعة الأرضية التابعة للأملاك الوطنية الخاصة مثل حالة المادة 12 من المرسوم التنفيذي 91-454 المحدد لشروط إدارة أملاك الدولة [66].
و أن تكون القطعة المتنازل عنها قابلة للبناء و التعمير طبقا لما حددته أدوات التعمير و أن يتوافق تخصيص الأرض مع سبب التنازل عن الأملاك الوطنية الخاصة.
أن تشتمل الأرض على البناء المشيد برخصة بناء أو بدونها، بشكل مندمج بالأرض لا يمكن فصله دون هدم و هو ما قصدته المادة السابقة بقولها لا تطبق أحكام هذه المادة في الحالة الخاصة بالبناء المؤقت.
و يتم بعد إيداع وثائق المسح التي تبرر عملية التنازل و الدفع ترقيم العقار و منح الحائز الدفتر العقاري إذا ما استطاع إثبات تأدية ثمن التنازل أمام المحقق العقاري، و في حالة العكس تقيد القطعة مؤقتا باسم صاحبها و يمنح شهادة الترقيم المؤقت، و في الحالتين تسوى وضعية القاعدة العقارية للبناء غير الشرعي[67] عن طريق منح الحائز سندا للملكية .
المطلب الثاني : تسوية الوضعية التخطيطية للأنسجة الحضرية غير الشرعية بأسلوب التطوير الحضري :
هو أسلوب لتسوية الوضعية التخطيطية للحي عن طريق إدماجه ضمن المحيط العمراني بفعل عمليات التصحيح العمرانية التي يتدخل بها هذا الأسلوب، و سنعالجه في هذا المطلب وفق : التطوير الحضري كأسلوب للتدخل في الأنسجة الحضرية غير الشرعية (الفرع الأول)، أساليب التطوير الأنسجة الحضرية غير الشرعية (الفرع الثاني ) برامج التطوير الأنسجة الحضرية في الجزائر (الفرع الثالث) .
الفرع الأول : التطوير الحضري كأسلوب للتدخل في الأنسجة الحضرية غير الشرعية :
أولا / مفهوم التطوير الحضري و أساسه القانوني :
أ- مفهوم التطوير الحضري :
التطوير الحضري هو عملية فرضها ضرورة التدخل في الأنسجة و القطاعات الحضرية المتداعية، من أجل الوفاء بحاجتها المتطورة من مختلف البناءات و التجهيزات العمرانية الناقصة وفق لما تفرضه توقعات التخطيط العمراني المستجدة[68] في المنطقة، وقد يمتد هذا الأسلوب إلى الأنسجة الحضرية غير الشرعية فيعرف على أنه سلسلة من العمليات التخطيطية المتكاملة، و التي تقوم على أسس و مقومات البيئة الحضرية كأنواع المواقع و امتلاك الأراضي التي تتحكم فيها أثناء التنفيذ و ذلك من خلال تلك السلسلة من الإجراءات [69]، أو أنه تدخل في البناء الاقتصادي و الاجتماعي و الطبيعي و البيئي و القانوني في نطاق أي تجمع غير شرعي بهدف الحفاظ على الفرص الاقتصادية و الإسكانية القائمة في هذا التجمع و العمل على التنمية الاجتماعية و الإسكانية لسكان هذه المناطق عن طريق تجهيزها بالشبكات الأساسية و المرافق العامة الضرورية و استكمال بعض مقومات الرفاه في مساكنها مع إدماجها ضمن المخططات العمرانية[70]، فهو يهدف كما وصفه الدكتور خلف الله بوجمعة إلى الانتقال من المخطط العمران الوقائي المطبق حاليا في إطار مخططات التعمير المختلفة إلى عمران استشفائي (Urbanisme curatif) و يكون ذلك عن طريق الاعتراف بالسكن العفوي كمنظومة قائمة و جديدة لإنتاج السكن[71] ، و يمتاز أسلوب التطوير الحضري بعدة خصائص منها أنه :
يتدخل في التجمعات الحضرية القائمة في الوسط الحضري، أي أنه يتدخل لتسوية المخالفات الجماعية و الوضعية التخطيطية للمنطقة ضمن الوسط الحضري بخلق بيئة حضرية صحية بها كل المرافق العمرانية الضرورية ويعتبر لذلك من أنجع البدائل العمرانية لأنه نابع عن حاجات السكان المحليين وبمشاركتهم في مختلف مراحل تنفيذه.
يتدخل لتطوير البنايات السكنية القابلة للتطوير و المعالجة، و هي السكنات التي حرص ساكنوها على تطويرها عن طريق تدعيمها بتشييد جدران خارجية ، و حجرات إضافية، و سقوف أكثر صلابة وربطها ببعض الخدمات و الشبكات [72]، أي أن الأفراد في هذه الحالة قد اتخذوا مواقف رشيدة إيجابية من ظروفهم السكنية المتدنية لاعتقادهم الذي ترسخ بمرور الزمن بالاستقرار و الاطمئنان من أسلوب الإزالة، أما السكنات غير القابلة للمعالجة فهي التي تشكل خطرا و عليه يتعين امتصاصها و إعادة إسكان قاطنيها[73].
كما يمتاز التدخل بأسلوب التطوير الحضري بأنه تدخل محسوس و مؤثر كونه ينصب على الوحدة الأساسية في النسيج العمراني و هي السكن المتنامي في رقعة أرضية واسعة
كما أنه يتدخل أسلوب التطوير الحضري بأسلوب البرامج و المشاريع التي تراعي خصوصية المناطق المستهدفة بالتطوير و المدة الزمنية المطلوبة لتنفيذ البرامج و الميزانية المتوفرة مع تقدير حاجة الأحياء للتدخل[74] وفقا لأدوات التعمير المفروضة في المنطقة.
ب - الأساس القانوني للتدخل في الأنسجة الحضرية غير الشرعية بأسلوب :
لقد قسمنا الأساس القانوني للتدخل في الأنسجة الحضرية و معالجتها بأسلوب التطوير الحضري إلى أساس مباشر يتمثل في المرسوم 83-684 المؤرخ في 26-11-1983 الذي يحدد كيفية التدخل في المساحات الحضرية الموجودة، و أساس غير المباشر أو بعيد يتشكل من مجموعة القوانين التي تشير إلى إمكانية التدخل في النسيج الحضري المتداعي بصفة عامة و غير الشرعي على وجه الخصوص:
1-الأساس المباشـر:
يتمثل هذا الأساس في المرسوم 83-684 المؤرخ في 26 نوفمبر 1983 الذي يحدد شروط التدخل في المساحات الحضرية الموجودة[75] حيث بين بشكل واضح عمليات التدخل و الإجراءات المتبعة في تلك المناطق ، فلقد نصت المادة 05 منه على :
يترتب على الأحياء أو أجزاء الأحياء غير الملائمة للوظائف الحضرية و التي لا تتوافر فيها شروط الصحة و النظافة و كذلك التي يكون البناء فيها قديما، مخطط تدخل في المساحة الحضرية الموجودة و يجب على مخطط التدخل هذا في المساحة الحضرية أن يندرج في الإطار و الحدود المرسومة في المخطط الرئيسي للتعمير في البلدية.
و الملاحظة التي يمكننا أن نبديها على المادة السابقة، تتمثل في عدم حصر عمليات التدخل نسيج حضري معين بل أنها ربطت ذلك بضوابط تدني الوظائف الحضرية و الصحية للحي و الحال أنها ضوابط واسعة تنطبق على الأحياء غير الشرعية كما سبق أن تعرضنا .
2-الأساس غير المباشــــر:
2-1- في قانون التهيئة و التعمير: فقد أشارت الفقرة الثالثة من المادة 18 من قانون التهيئة و التعمير، إلى أن المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير يحدد مناطق التدخل في الأنسجة الحضرية القائمة بواسطة مخططات شغل الأراضي[76].
2-2- في المرسوم التشريعي 94-07 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري: بموجبه تم تكليف اللجنة الولائية للهندسة المعمارية و التعمير المستحدثة بموجب المرسوم التنفيذي رقم 95-370 المؤرخ في 15-11-1995 المتضمن تنظيم لجنة الهندسة المعمارية و التعمير أثناء تقديمها الاستشارة في كل مسألة تتعلق بالبناء و التعمير و الهندسة المدنية لا سيما عند إعداد أدوات التعمير[77] اقتراح ما يلي[78] :
تحسين توجيه عمليات تجديد النسيج العمراني و رد الاعتبار له و تأطير ذلك .
تعبئة عمليات الإدماج العمراني للمجمعات الكبرى و تأطيرها.
تشجيع عمليات تهيئة الإطار المبني للنسج التلقائية و تحسينها.
إرشاد السلطات المحلية عن مواقع النشاطات المضرة و إزالتها و إعادة هيكلتها.
و عليه فإن تدخل أدوات التعمير في المناطق الحضرية التلقائية أو العفوية التي نشأت خارج مجال التخطيط يهدف في أحد جوانبه إلى تهيئة هذه الأراضي و تحسين وضعيتها[79]، عن طريق اقتراح التجهيزات و المرافق الناقصة أو ما يعرف بأسلوب الأرض و الخدمات، بموجبه تبرم الدولة عقدا اجتماعيا مع سكان هذه المناطق لمواجهة المشكلة[80] فتعترف الدولة بالحاجة إلى توفير شكل من أشكال القطع السكنية المزودة بالخدمات، ليستثمرها السكان في إنشاء المساكن و تصحيح وضعيتهم[81].
2-3- في القانون التوجيهي للمدينة: في هذا المجال تهتم سياسة المدينة بالتجمعات الحضرية غير الشرعية بسبب افتقارها الشديد إلى الخدمات و المرافق و تأثير ذلك على تطور المدينة[82]، و عليه ينص القانون 06-06 المؤرخ في 20-02-2006 المتضمن القانون التوجيهي للمدينة على بعض المبادئ في السياسة الحضرية للمدينة الجزائرية لإدماج هذا النوع من الأحياء ( والمتواجدة عموما في ضواحي المدينة)، لأن الكثير منها أصبحت أماكن لا هي قروية فتطور مستلزمات الريف، و لا هي حضرية فتستفيد من خدمات المدينة، و من ثم وجب القضاء على تلك الفوارق الاقتصادية و الاجتماعية و العمرانية التي تظهر من خلال التمايز عبر السمو و تحقيق عدد من المبادئ منها :
إعادة هيكلة و تأهيل النسيج العمراني و تحديثه لتفعيل وظيفته .
القضاء على السكنات الهشة غير الصحية.
تصحيح الاختلافات الحضرية.
إيجاد الحلول لإعادة تأهيل المدينة و إعادة تصنيف المجموعات العقارية و إعادة هيكلة المناطق الحضرية الحساسة.
الفرع الثاني : أساليب التدخل في الأنسجة الحضرية غير الشرعية :
ينبني التدخل في الأنسجة الحضرية غير الشرعية على عدة اعتبارات، أهمها الغلاف المالي المرصود للعملية و الذي تتحمل منه ميزانية الدولة الحصة الأكبر لاستحداث التجهيزات و مختلف المرافق و عليه فإن عملية التدخل في الحي غير الشرعي بموجب مخطط شغل الأراضي أو رخصة التجزئة[83] يسبقها دوما المخطط الذي يستهدف الأحياء الأكبر و الأكثر اكتظاظا بأسلوب من أساليب التطوير التالية[84] :
أولا / أسلوب إعادة التطوير و إعادة التأهيل :
أ- أسلوب إعادة التطويــر :
و يطبق هذا الأسلوب على الأحياء غير الشرعية التي لا تتطلب الإزالة، و لكنها في حاجة إلى توفير الخدمات الأساسية و المرافق العامة، و رفع كفاءتها من الناحية المعمارية مع تقديم الدعم المادي و الفني للسكان من خلال برامج التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية طبقا للمادة 02 فقرة (ب) من المرسوم 83-684 التي تنص على أنه عملية تتمثل في تدخل يشمل الطرق و الشبكات المختلفة و في إقامة تجهيزات جديدة.
ب- أسلوب إعادة التأهيـــل :
يتدخل هذا الأسلوب على النسيج الحضري غير الشرعي عن طريق الإصلاح بهدف تكييفه و تعديله وفقا للمعايير المنصوص عليها بأدوات التعمير[85]، كما ذكرته المادة 02 فقرة (ج) من المرسوم المذكور على عملية تتمثل في تغيير العمارة أو مجموع العمارات أو التجهيزات لتوفير الرفاهيات الأساسية لها .
ثانيا / أسلوب التجديد و المحافظة الحضريين :
أ- أسلوب التجديد الحضري :
يتدخل هذا الأسلوب في مناطق البناء غير الشرعي غير الممكنة التطوير باعتبارها مناطق لتشييد المساكن و المباني نشأت باجتهادات فردية و لم تكتمل بها خدمات المرافق الضرورية [86]، أو أن وضعية البنايات هشة و خطيرة بسبب مواد البناء المستعملة أو الموقع المشيدة فيه، و عليه فإن تسويتها في هذه الحالة تكون بإزالة هذه البنايات و إعادة بنائها من جديد بحسب أدوات التعمير في المنطقة كما أشارت إليه المادة ورد بالمادة 02 فقرة (أ) من المرسوم 83-684 : التجديد الحضري عملية مادية تشكل ، دون تغيير الطابع الرئيسي للحي تدخلا عميقا في المساحة الحضرية يمكن أن يتضمن هدم عمارات قديمة و إعادة بناء عمارات من نفس النوع في نفس المكان و في الحقيقة أن هذا الأسلوب يتضمن استبدال البنايات و المناطق غير الشرعية، بمناطق أخرى جديدة تخضع مقبولة من ناحية التخطيط العمراني[87] .
و يترتب على هذا الأسلوب التزام ضرورة إسكان المناطق المشمول بعمليات التدخل بأسلوب التجديد الحضري[88] أين أسندت مهمة ذلك إلى مؤسسات الإسكان التي تنفذ سياسة الدولة الاجتماعية و هي :
- دواوين الترقية و التسيير العقاري: و هي مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي و تجاري طبقا للمرسوم 91-147 المؤرخ في 27-05-1991 المتضمن تغيير الطبيعة القانونية لدواوين الترقية و التسيير العقاري و تحديد كيفيات تنظيمها و عملها، تتولى فضلا عن الخدمة العمومية في ميدان السكن بالنسبة للفئات الاجتماعية الأكثر حرمانا، إسكان المرحلين من مناطق التجديد الخاضعة للهدم إذ تنص المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 08-142 المؤرخ في 11-05-2008 المتعلق بقواعد منح السكن العمومي الإيجاري على أنه :
يقصد بالسكن العمومي الإيجاري في مفهوم هذا المرسوم، السكن الممول من طرف الدولة أو الجماعات المحلية الموجه فقط للأشخاص الذين تم تصنيفهم حسب مداخيلهم ضمن الفئات الاجتماعية المعوزة، أو المحرومة، و التي لا تملك سكنا أو تقطن في سكنات غير لائقة و/أو لا تتوفر لأدنى شروط النظافة، إن مصطلح السكن غير اللائق كما ورد بالمادة السابقة، مصطلح معروف بشدة في التشريع المغربي حيث يقصد به البناءات غير الشرعية التي تشمل[89] السكن الصفيحي أو القصديري و هو مسكن هش مشيد مواد مبتذلة (خشب ، قصدير..) على الأراضي التي لا تتوافر على التجهيزات الأساسية و البنايات القديمة البالية و تلك الآيلة للسقوط.
- الوكالة الوطنية لتحسين السكن و تطويره: هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري طبقا للمرسوم 91-148 المؤرخ في 12-05-1991 أسند لها في هذا المجال تنفيذ الأشغال المتعلقة بتحديث الأنسجة القديمة و إصلاحها، تغيير البنية الحضرية و القضاء على السكن غير الشرعي غير الصحي[90].
ب- أسلوب المحافظة الحضرية :
يطبق هذا الأسلوب على المناطق التاريخية و الأثرية ذات الطابع المعماري و العمراني المتميز التي تمثل في هذه الحالة النسيج العمراني التقليدي، فهذه المناطق و إن انطبق عليها ضوابط عدم الشرعية[91] إلا أنها تتميز بخصوصية تفرض معالجتها بأسلوب المحافظة[92]، كما بينته المادة 02 فقرة (د) من المرسوم 83-684 الترميم العقاري عملية تسمح باستصلاح عمارات أو مجموع عمارات ذات أهمية معمارية أو تاريخية، و نظرا للطابع الخاص لهذا الأسلوب و طابع المناطق المطبق عليها فقد أحالت المادة 07 من المرسوم المذكور السابق أسلوب المحافظة إلى نصوص المطبقة في هذا المجال، لا سيما المرسوم التنفيذي 03-322 المؤرخ في 05-10-2003 المتضمن ممارسة الأعمال الفنية المتعلقة بالممتلكات الثقافية العقارية المحمية و مخطط تهيئة الحظائر الثقافية[93] .
الفرع الثالث : برامج تطوير الأنسجة الحضرية المعتمدة الجزائر :
نقصد بها المخططات التي اعتمدتها الجزائر لتحسين و تطوير وضعية الأنسجة الحضرية المتداعية التي مست عند التنفيذ الأحياء غير الشرعية عند تدخلها بأحد أساليب التطوير الحضري ممثلة في برنامج امتصاص السكنات الهشة (R.H.P)، و برنامج التحسين الحضري:
أولا / برنامج امتصاص السكنات الهشة (R.H.P):
يرجع التفكير في هذا البرنامج إلى سنوات التسعينات التي عرفت تنامي كبير لظاهرة الأحياء القصديرية و المساكن الهشة في الجزائر، فلقد سجلت وزارة السكن[94] في سنة 1994 لوحدها أكثر من 400.000 مسكن غير مستغل بسبب تدني المعايير العمرانية و الوظائف الصحية و الحضرية، تركز الأحياء غير الشرعية في المدن الكبرى و استحواذها على ما يزيد عن 17000 هكتار من الأراضي الحضرية، كما سجل فشل أسلوب الإزالة و إعادة الترحيل، و عليه اقترحت السلطات استبدال السياسة الهدم و الإزالة بإستراتيجية جديدة للقضاء على السكنات غير الشرعية، و التمست قرضا لتمويل مشروع الإسكان لذوي الدخل المنخفض (Low-Income Housing Project)من البنك الدولي للإنشاء و التعمير بتاريخ 23-05-1998 تم الموافقة عليه في حدود 150 مليون دولار و ترسيمه بموجب المرسوم الرئاسي 98-414 المؤرخ في 07-12-1998 المتضمن الموافقة على اتفاق القرض رقم 4361 الموقع في 09-07-1998، لتمويل مشروع السكن الاجتماعي لمحو السكن القصديري في 12 ولاية[95].
تمثلت أهداف هذا البرنامج الذي حدد له أجل 30-06-2003 لإتمام تنفيذه في:
معالجة مشكلة السكنات غير الشرعية بطريقة شمولية على المستوى الحضري و البلدي.
تطوير أساليب جديدة مهمتها تحديد التجمعات الحضرية المرشحة للتطوير، لضمان نجاعة تدخل الدولة و فعالية المساعدة المقدمة.
رفع و تحسين جانب العرض للأراضي الصالحة للبناء، و تفادي الاستعمال المفرط لها.
تسوية و تطهير الوضعية العقارية.
وضع آليات جديدة تضمن إشراك سكان المناطق المستهدفة في تنفيذ برامج المشروع و مساعدتهم في ثمن اكتساب ملكية الأراضي و إنجاز المساكن التطورية.
و اعتمد لتحقيق هذه الأهداف على ثلاثة أنواع من المشاريع الفرعية لتنفيذ سياسة معالجة السكنات غير الشرعية بدلا من هدمها و هي :
- المشروع الفرعي المتضمن امتصاص السكن الهش و إعادة الإسكان (R.H.P): بموجبه يتم التدخل بأسلوب التجديد الحضري عن طريق مد مناطق السكن غير الشرعي بالخدمات، هدم الساكن غير القابلة للمعالجة و إعادة بناء مساكن أخرى بدلها مع تسوية وضعية الملكية العقارية للمستفيدين.
- المشروع الفرعي المتضمن إعادة هيكلة المناطق الحضرية (P.E.S): بموجبه يتم التدخل بأسلوب إعادة تطوير الأنسجة الحضرية غير الشرعية أو الفقيرة عن طريق استحداث تجهيزات و مرافق جديدة أو إعادة تجهيزها هذه المناطق بالنسبة للأحياء التي تعرف ضغطا كبيرا يتجاوز طاقة المرافق.
- المشروع الفرعي لتوفير و تهيئة التجزئات الوقائية (L.P):
يتضمن أسلوب التدخل في تجهيز و بناء المساكن التطورية في الأراضي الشاغرة المحاذية لمناطق التطوير بهدف الوقاية من انتشار المساكن غير الشرعية بها.
لكن عرف هذا البرنامج عدة مشاكل و انحرافات[96] على مستوى التنفيذ اضطرت فيما بعد البنك الدولي للإنشاء و التعمير إلى وقف عملية التمويل و التي انطلقت من جديد في سنة 2004 على عاتق الصندوق الوطني للسكن على أن تتشكل مصادره في هذه الحالة التمويل من :
مساعدات الدولة عبر الصندوق الوطني للسكن المقدرة بـ 350.000 دج لكل مسكن و 75.000 دج لكل من أجل مد كل قطعة بمختلف الشبكات .
المشاركة المالية للمستفيد .
مصادر التمويل المخصصة من قبل البلدية عند تنفيذ المشاريع الفرعية .
و قدر عدد الأحياء التي مستها العملية إلى غاية 31-12-2009 بحوالي 65 موقعا منها 51 موقعا انتهت بها الأشغال [97].
ثانيا / برنامج التحسين الحضري (2005-2009) :
يندرج هذا البرنامج ضمن برنامج دعم النمو (2005-2009) الذي خصص مبلغ 396 مليار دينار للتدخل في اكبر عدد ممكن من الحياء بأسلوب إعادة التطوير عن طريق تحسين وضعيتها بتجهيزها و مدها بمختلف الشبكات و التجهيزات و المرافق الناقصة، و قد ترافق هذا البرنامج مع المراجعة الكبيرة لأدوات التعمير عبر الوطن ، بشكل سمح بالتدخل الواسع على مستوى العديد من الأحياء، كما أنه ترافق أيضا مع صدور القانون 08-15 المحدد لقواعد مطابقة البنايات و إتمام إنجازها، الذي يربط عملية التسوية للبناء بموقع تواجده و بربطه بمختلف الشبكات و التجهيزات.
ولقد بلغ عدد المواقع المستفيدة من هذا المشروع حوالي 12 موقع منها 11776 موقع اكتملت بها الأشغال إلى غاية 2008[98].
المبحث الثاني : التسوية الشاملة للبنايات غير الشرعية عن طريق تحقيق مطابقتها.
نظرا للعدد الكبير للبنايات غير الشرعية ، التي أصبحت بفعلها معظم المدن الجزائرية عبارة عن نماذج من اختلالات عمرانية و أنماطا غريبة و بشعة في التصميم و الإنجاز، و نظرا لاقتصار قوانين التسوية الجزئية على تصحيح سندات الملكية أو تدخلها في بعض الأحياء بعمليات جراحية باهظة التكاليف و طويلة الأمد، بادر المشرع إلى سن إجراء جديد يعرف بـ تحقيق مطابقة البنايات بموجب القانون 08-15 المؤرخ في 20-07-2008 المتعلق بقواعد مطابقة البنايات و إتمام إنجازها لتسوية وضعية البناءات غير الشرعية بعد أن تبين أن تسوية وضعية البنايات تبقى مرهونة بتسوية الأوعية العقارية التي أقيمت عليها البنايات [99].
يتولى أسلوب تحقيق المطابقة التسوية الشاملة لوضعية البناء غير الشرعي في هذه الحالة من منظور سند الملكية العقارية للوعاء و السند الذي يثبت صحة الوضعية العمرانية للبناء، و لقد ضبط القانون (08-15) عملية التسوية فوضع معايير للبنايات التي يمكن معالجتها، و حدد لذلك الإجراءات الواجبة الإتباع و السلطة المكلفة بالبت في تحقيق المطابقة و آجال ذلك و عليه سنقسم هذا المبحث تبعا لذلك فنتعرف على الإجراء الجديد الذي لم يسبق تناوله فنحاول تأصيله ضمن: مفهوم و مجال تحقيق مطابقة البنايات (المطلب الأول)، ثم نبحث و نتعرض لإجـراءات تحقيــق مطابقة البنايات و الآثار المترتبة على قبول أو رفض الإجراء دون أن نغفل آثار ذلك على مخالفات التعمير الممكن تسويتها (المطلب الثاني).
المطلب الأول : مفهوم و مجال تحقيق مطابقة البنايات :
سنحاول ضمن هذا المطلب التعرف على هذا الإجراء الجديد للتسوية و تحديد خصائصه و مجال تطبيقه و اقترحنا لذلك تقسيمه إلى: مفهوم تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية (الفرع الأول)، و مجال تحقيق المطابقـة (الفرع الثاني).
الفرع الأول : مفهوم تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية :
أولا / مفهوم إجراء تحقيق المطابقة المستحدث بالقانون 08-15 المتعلق بقواعد مطابقة البنايات و إتمام إنجازها :
أ- مفهوم تحقيق المطابقـــة :
يرى الفقه المقارن[100] بأن إمكانية تسوية وضعية البناء المستحدث أو الذي انتهى تشييده دون أن يستوفي رخصة البناء مقبولة بشكل مسبق شريطة أن يتطابق البناء مع قواعد استعمال الأراضي المفروضة و مع قوانين التعمير في الرقعة الأرضية وقت التسوية و دون أن تتجاوز آثار تلك التسوية إلى إعفاء المخالف من العقوبات و يبرر- الفقه موقفه هذا على أساس أن مناط رخصة البناء يتمثل في فرض و رقابة قواعد استعمال الأرض الواجبة على مشروع البناء فحق البناء مرتبط بملكية الأرض و يمارس مع الاحترام الصارم للأحكام القانونية و التنظيمية المتعلقة باستعمال الأرض[101].
من المنظور السابق أقر المشرع الجزائري أحكام التسوية أو تحقيق مطابقة البنيات بشرط احترام قواعد شغل الأراضي فنص بالمادة 02 من القانون 08-15 المؤرخ 20-07-2008 المتعلق بقواعد مطابقة البنيات و إتمام إنجازها على أن تحقيق المطابقة هو:
الوثيقة الإدارية التي يتم من خلالها تسوية كل بناية تم إنجازها أو لم يتم، بالنظر للتشريع و التنظيم المتعلق بشغل الأراضي و قواعد التعمير .
فالتسوية في ظل القانون 08-15 تختلف عن التسوية في ظل المرسوم رقم 85-212 المؤرخ في 13-08-1985 المتعلق بشروط تسوية أوضاع الذين يشغلون فعلا أراضي عمومية أو خصوصية كانت محل عقود و مباني غير مطابقة للقواعد المعمول بها ، كونها عملية إدارية و تقنية مؤطرة بقواعد استعمال و شغل الأراضي ذات الطبيعة الملزمة و القابلة للمعارضة بها أمام الغير[102] و هي المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و مخطط شغل الأراضي و في غيابهما القواعد العامة للتهيئة و التعمير، يترتب عليها منح سندات التسوية التي تنقل البناء من مجال المخالفة إلى المجال الشرعي المطابق للقانون[103].
ب- خصائص إجراء تحقيق مطابقة البنايات :
يتميز إجراء تحقيق المطابقة المستحدث بالقانون 08-15 بمجوعة من الخصائص و الميزات نلخصها فيما يلي:
1- أن عملية تحقيق مطابقة البناية غير الشرعية تتم طبقا للقواعد المفروضة في تنظيم أدوات التعمير و في غيابها القواعد العامة للتهيئة و التعمير:
فدراسة و بت الإدارة المكلفة في ملف تسوية البنايات غير الشرعية، يشبه إلى حد كبير دراسة طلب رخصة البناء في الحالة العادية عند ممارستها وظيفة الضبط الإداري كما حددته المادة 38 من المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المؤرخ في 28 ماي 1991 الذي يحدد كيفيات تحضير شهادة التعمير و رخصة التجزئة و شهادة التقسيم و رخصة البناء و شهادة المطابقة و رخصة الهدم و تسليم ذلك المعدل و المتمم، فلقد لمسنا هذا من خلال حرفية المادة 10 من المرسوم التنفيذي 09-154 المؤرخ في 02-05-2009 المتعلق بإجراءات تنفيذ التصريح بمطابقة البنايات التي تنص على أن:
تراعي دراسة التصريح مدى تطابق مشروع البناية مع أحكام مخطط شغل الأراضي و في حالة عدم وجوده يراعى مدى مطابقة المشروع مع أحكام المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و/أو الأحكام العامة للتهيئة و التعمير [104]، ويترتب على هذه الميزة أن تحقيق المطابقة لا يمس بحقوق الغير المستمدة من القانون المدني كالارتفاقات المدنية طالما أنها غير مبينة في أدوات التعمير[105].
2- أن تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية في القانون 08-15 أسلوب للتسوية متأثر بمنهجية معالجة البنايات غير الشرعية في ظل المرسوم 85-212 و التعليمة الوزارية المشتركة في 13-08-1985 المتعلقين بمعالجة البناء غير المشروع :
فقد ثبت اقتباس القانون 08-15 مجموعة من أحكام المرسوم و التعليمة المذكورين أعلاه بشكل غير مبرر، منها على سبيل المثال كيفية تحديد معايير التسوية المذكورة بالمادة 18، أو عند تحديد البنايات المقصاة من إجراء تحقيق المطابقة المذكورة بالمادة 16 من القانون 08-15[106] ، كذلك عند إسناد عملية البت في تحقيق المطابقة إلى لجنة الدائرة[107] و استبعاد البلدية، و نسجل كأثر على ذلك عدم توافق هذا الاقتباس مع الإطار الجديد للتسوية المبين في مفهوم تحقيق المطابقة، فقد كان يكفي النص على أن عملية تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية تتم في إطار قواعد شغل الأراضي[108] و هو إطار يحدد و يضبط قابلية الأرض للبناء بشكل مفصل كما رأينا لم يكن معروفا قبل 01-12-1990 تاريخ صدور قانون التعمير.
3- يتميز تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية في القانون 08-15 بأنه أسلوب شامل للتسوية:
إذ أنه يتدخل لتسوية وضعية الوعاء العقاري للبناية و الوضعية العمرانية لها بأثر رجعي، فحق البناء كما بينا متفرع عن الملكية، و لا يجوز أن تتم التسوية بخلاف ذلك. و لا تخلوا هذه الميزة لإجراء تحقيق المطابقة من الإشكال و الغموض عند معالجة طلب تسوية الوعاء، إذ أن وزارة السكن و العمران قد تقدمت بمشروع القانون 08-15 لوحدها و لم تشترك فيه مع وزارة المالية[109] بشكل تعذر معه صدور نصوص تطبيقية تبين كيفية تسوية وضعية الملكية العقارية لوعاء البناية غير الشرعية[110] و اقتصر الأمر على النصوص التي تبين كيفية تسوية البناء و هي :
المرسوم التنفيذي 09-154 المؤرخ في 02-05-2009 المتعلق بإجراءات تنفيذ التصريح بمطابقة البنايات .
المرسوم التنفيذي 09-155 المؤرخ في 02-05-2009 الذي يحدد تشكيلتي لجنتي الدائرة و الطعن المكلفتين بالبت في تحقيق مطابقة البنايات و كيفية سيرهما.
و المرسوم التنفيذي 09-156 الذي يحدد شروط و كيفيات تعيين فرق المتابعة و التحقيق في إنشاء التجزئات و المجموعات السكنية و ورشات البناء و سيرها.
القرار المؤرخ في 23-07-2009 المحدد للنظام الداخلي المسير لاجتماعات لجنة الدائرة المكلفة بالبت في تحقيق مطابقة البنايات[111].
فوزير السكن و العمران يختص طبقا للمرسوم التنفيذي 08-189 المؤرخ في 01-07-2008 باقتراح القوانين التي تنظيم السكن و العمران[112] و التسوية العمرانية، في حين يختص وزير المالية باقتراح و تنظيم قوانين الملكية و التسوية العقارية[113].
4- تتميز أحكام تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية بالقانون 08-15 بأنها استثنائية و إلزامية:
فهي استثنائية لأن أحكام تحقيق المطابقة بالقانون 08-15 مؤقتة تم استحداثها لمواجهة لتسوية وضع استثنائي عام يطبع العمران الجزائري، و يستمر لذلك تطبيقها مدة خمسة سنوات ابتداءا من تاريخ نشر القانون 08-15 الموافق لـ 20-07-2008 كما بينته المادة 94 من القانون 08-15 التي لم تفلح هي الأخرى عند تحديد الأحكام المؤقتة و الأحكام الدائمة من قانون تحقيق مطابقة البنيات و إتمام إنجازها كما بيناه سابقا، و لعل السبب في ذلك يرجع إلى وحدة الموضوع المنظم و ارتباط نصوص القانون 08-15 عند إعدادها و تنظيمه بقانون واحد يتضمن نوعين من الأحكام الدائمة و المؤقتة .
كما أن عملية التسوية بموجب تحقيق مطابقة البنايات غير الشرعية تكتسي طابعا إلزاميا رغم أنها لا تتحرك إلا برغبة و طلب[114] حائز البناء، إذ يعد إلزاميا تحقيق مطابقة كل بناية غير شرعية و يفرض على مالكي و أصحاب المشاريع أو كل متدخل مؤهل اتخاذ الإجراءات اللازمة لهذا الغرض [115] في الآجال المضروبة للتسوية و إلا تقرر معاقبتهم بالغرامة و هدم البناء[116].
الفرع الثاني : مجال تحقيق المطابقـــــة :
و يطبق إجراء تحقيق المطابقة على البنايات المشيدة قبل 03-08-2008 (أولا) على قطعة أرضية أرض يحوز صاحبها على سند يبرر حق البناء (ثانيا) والمتوافقة البناية غير الشرعية - مع قواعد التعمير المطبقة في على القطعة (ثالثا):
أولا/ تحقيق المطابقة يشمل البنايات المشيدة قبل تاريخ 03-08-2008 :
يشمل إجراء تحقيق المطابقة جميع البنايات و أعمال البناء الخاضعة للنطاق المادي لرخصة البناء التي انتهت بها أشغال البناء أو أنها في طور الإنجاز قبل تاريخ نشر قانون تحقيق مطابقة البنايات و إتمام إنجازها في الجريدة الرسمية الموافق لـ 03-08-2008[117]، سواء تعلق الأمر ببناية تحصل صاحبها على رخصة بناء دون أن يلتزم باحترامها و إثبات مطابقة الأشغال للرخصة أو أنه لم يتحصل عليها مطلقا[118].
كما أنه من الثابت أن أحكام تحقيق المطابقة تمس و تلزم كل حالات البناء التي تم تشييدها قبل نشر القانون 08-15، إذا أنها (الأحكام) مطبقة بأثر رجعي و لو تعلق الأمر بأوضاع نشأت في ظل قوانين سابقة[119]، فقد نص القانون صراحة على رجعيته[120] بهدف تدارك العجز الذي انتاب قانون التعمير عن مواكبة التطور والتكيف مع مختلف القوانين الصادرة بعد قانون التهيئة و التعمير في 01-12-1990 و هي على وجه الخصوص:
القانون 98-04 المؤرخ في 15-06-1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي.
القانون 01-20 المؤرخ في 12-12-2001 المتعلق بتهيئة الإقليم و تنميته المستدامة.
و القانون 02-20 المؤرخ في 05-02-2002 المتعلق بحماية و ترقية الساحل.
القانون 03-03 المؤرخ في 17-02-2003 المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية.
القانون 03-10 المؤرخ في 19-07-2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة.
و القانون 04-20 المؤرخ في 25-12-2004 المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى و تسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة.
فلقد تقرر مراجعة و استكمال بقية أدوات التعمير بداية من سنة 2007 للتوافق مع هذه النصوص[121] أين سجل اختلال كبير و واضح بين الوضع التخطيطي و العمراني الملزم قانونا و بين الواقع، فلزم التدخل بالقانون 08-15 كمرحلة انتقالية، لتكييف الإطار المبني مع هذه المستجدات و إلزام الإدارة بمعالجة ملف تسوية البنايات في آجال محددة و قصيرة نسبيا.
ثانيا/ تحقيق المطابقة يرتبط بملكية الأرض المشيد عليها البناء غير الشرعي و قابليتها للبناء و التعمير:
أ- ملكية الأرض المشيد عليها البناء غير الشرعي :
إذا كان حق البناء مرتبطا بملكية الأرض ، فإنه بدرجة أولى لا تفقْبَلف تسوية البناء دون ملكية الأرض و على هذا فإن القانون 08-15 قد أسس لمبدأ تحقيق مطابقة البناية غير الشرعية يرتبط بملكية الأرض المشيدة عليها أو حيازتها بسند يسمح بحق البناء إذ نصت نصت المادة 35 منه على أن:
عندما يكون لمالك الوعاء العقاري أو لصاحب مشروع مالك لوعاء عقاري، الذي شيدت عليه البناية عقد ملكية، أو شهادة حيازة، أو أي عقد رسمي آخر و عند مصادقة لجنة الدائرة على طلبه، ترسل هذه الأخيرة الملف إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المعني، قصد إعداد إما رخصة البناء على سبيل التسوية، أو رخصة إتمام الإنجاز أو شهادة تحقيق المطابقة وفقا لأحكام المواد 20 و 21 و 22 أعلاه [122].
و حتى يتمكن حائزو البنايات دون سندات تثبت وضعية الملكية العقارية من التسوية، استحدثت إجراءات لتسوية تلك وضعية البنايات المشيدة على الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة و العامة فقط دون أن يشير إلى إمكانية تسوية البنايات المشيدة على الأراضي الوقفية، أو التابعة للملكية الخاصة للغير و عليه سنبحث هذا العنوان وفق: تسوية وضعية الملكية العقارية للبناية غير الشرعية المشيدة على الأملاك الوطنية (1)، كما نطرح إمكانية تسوية الوضعية العقارية للبنايات غير الشرعية المشيدة على الأراضي الوقفية أو التابعة للملكية الخاصة للغير (2) .
1- تسوية وضعية الملكية العقارية للبناية غير الشرعية المشيدة على الأملاك الوطنية :
الْمَبْدَأْ أن قانون الأملاك الوطنية يمنع و يحارب كل شغل غير شرعي بالبناء أو غيره يقع على الأراضي التابعة للأملاك الوطنية إذ يترتب على كل شغل مخالف عاينته ضبطية المحافظة ضمن الأملاك الوطنية دفع الغرامة المقدرة و الطرد، تأسيسا على ذلك تدخل المشرع بالقانون 08-14 المؤرخ في 20-07-2008 المتضمن تعديل و تتميم قانون الأملاك الوطنية ليؤكد الطابع غير الشرعي للبناء الذي يشغل الأراضي التابعة للأملاك الوطنية و لو حاز المخالف في هذه الحالة على سند تحصيل الغرامة المفروضة[123]، إذ تنص المادة 123 منه التي تنص على :
يعاين الأعوان المؤهلون قانونا أنواع المساس بالأملاك الوطنية العمومية و الأملاك الوطنية الخاصة التابعة للدولة و الجماعات الإقليمية و يلاحقون من يشغلون هذه الأملاك دون سند، و يحصلون على التعويضات المطابقة و الأتاوى و العائدات السالفة الذكر بغض النظر عن المتابعات الجزائية، و تدفع المبالغ المحصلة على هذا النحو التي لا يمكن أن تؤدي إلى تسوية شغل بدون سند حسب الحالة، إما للخزينة العمومية و إما لميزانية الجماعة الإقليمية المعنية.
و رغم أن القانون السابق[124] قد نشر في نفس الجريدة الرسمية التي تحمل قانون تحقيق مطابقة البنايات و إتمام إنجازها[125]، إلا أن هذا الأخير قَرَّرَ إمكانية تسوية الوضعية العقارية للبنايات غير الشرعية المشيدة على الأملاك الوطنية بنوعيها وفق شروط محددة :
1-1- تسوية وضعية الملكية العقارية للبناية غير الشرعية المشيدة على الأملاك الوطنية الخاصة :
أجازت المواد 36 و 38 و 40 من القانون 08-15 تسوية الحالات البناء غير الشرعي المشيدة على الأملاك الوطنية الخاصة عن طريق منح سند الملكية، أو تصحيح وضعية الأوعية العقارية بالتنازل عنها بحسب الحالة :
الحالة الأولى :
تتعلق بالبناية المشيدة برخصة بناء في إطار تجزئة على أرض تابعة للأملاك الوطنية الخاصة تنازلت عنها السلطة المختصة بسند غير مشهر، و هي الحالة المترتبة عن التنازل عن الأراضي الصالحة للبناء بموجب الأمر 74-26 المتعلق بالاحتياطات العقارية، التي لم يتم تسويتها بموجب إجراءات و أحكام تسوية الأراضي الناتجة عن تطبيق الاحتياطات العقارية [126]، في هذه الحالة بينت المادة 36 من القانون 08- 15 كيفية التسوية بنصها على أنه :
عندما يكون صاحب المشروع أو من يقوم بالبناء حائزا وثيقة إدارية سلمت من طرف جماعة إقليمية و رخصة للبناء ، و في حالة إذا ما شيدت البناية في إطار تجزئة دون غيرها، تأمر لجنة الدائرة بتحقيق عقاري لتحديد الطبيعة القانونية للعقار. على إثر التحقيق الذي تجريه المصالح المكلفة بالأملاك الوطنية و ما لم تكن هذه البنايات ضمن الحالات المنصوص عليها في المادة 16 أعلاه تقوم لجنة الدائرة بإخطار السلطات المعنية قصد تسوية وضعية الوعاء العقاري في إطار المادة 38 أدناه .
طبقا للمادة السابقة يشترط لتسوية وضعية وعاء البناء غير الشرعي ما يلي :
- أن تشيد البناية في إطار تجزئة :يقصد بالتجزئة طبقا للمادة 02/08 من القانون 08/15 كل ملكية عقارية مقسمة إلى قطعتين أو أكثر مخصصة للبناء من أجل استعمال مطابق لأحكام مخطط التعمير النافذ[127] و على هذا يتعين على البلديات أن تقوم بتسوية وضعية الأراضي الناتجة عن الاحتياطات العقارية عن طريق تسديد ثمن الإدماج لصالح أملاك الدولة حتى تتمكن من نقل الملكية و شهر رخصة التجزئة.
- حيازة صاحب المشروع أو القائم بالبناء على رخصة للبناء و سند إداري يبرر التنازل: و صاحب المشروع هو كل شخص يتحمل بنفسه مسؤولية تكليف ما ينجز أو يحول بناءا ما يقع على قطعة أرضية يكون مالكا لها أو يكون حائزا لحقوق البناء عليها[128]، في حين يقصد بالقائم بالبناء في هذه الحالة، الشخص الحائز للقطعة القائم بالبناء عليها دون أن يمتد هذا المفهوم إلى المقاول طبقا للمادة 549 من القانون المدني[129] .
- أن تكون الأرض المشيد عليها البناء قابلة للبناء وفقا لما سطرته أدوات التعمير و في غيابها القواعد العامة للتهيئة و التعمير.
و تتولى في هذه الحالة لجنة الدائرة[130] تكليف مديرية أملاك الدولة بإجراء تحقيق عقاري يختلف عن التحقيق العقاري المذكور في القانون رقم 07-02 المؤرخ في 27-01-2007 المتضمن تأسيس إجراء لمعاينة حق الملكية و تسليم سندات الملكية عن طريق تحقيق عقاري، فهو ينصب التحقيق العقاري في هذه الحالة على الأملاك الوطنية الخاصة من أجل تحديد الجهة المالكة[131] و بحث إمكانية التنازل عن الوعاء على ضوء قانون الأملاك الوطنية و القانون 08-15 و لا يتعلق بتاتا بتسوية الوضعية المترتبة عن التقادم المكسب .
على إثر تسلم نتائج التحقيق، تتولى لجنة الدائرة طبقا للمادة 38 من القانون 08-15 إخطار الوالي الذي يأمر مديرية أملاك الدولة بإعداد السند الملكية و شهره على مستوى المحافظة العقارية[132] و تسليمه للمستفيد.
الحالة الثانية :
تتعلق بالبناية غير الشرعية المشيدة على أرض تابعة للأملاك الوطنية الخاصة دون أي سند و في هذه الحالة تعد مخالفة شغل و المساس بالأملاك الوطنية الخاصة صارخة و واضحة إلا أن المادة 40 من القانون 08-15 أجازت تسويتها بالنص على أنه :
إذا شيدت البناية المتممة أو غير المتممة مخالفة للأحكام التشريعية و التنظيمية السارية المفعول، على قطعة أرض تابعة للأملاك الخاصة للدولة أو الولاية أو البلدية، يمكن للجنة الدائرة أن تقرر بالاتفاق مع السلطات المعنية و مع مراعاة أحكام المادتين 16 و 37 أعلاه، تسوية وضعية الوعاء العقاري عن طريق التنازل عنه كما هو محدد بتقييم من لإدارة المكلفة بأملاك الدولة .
و إذا كان التنازل بالتراضي عن الأراضي التابعة للأملاك الوطنية الخاصة جائزا طبقا للمادة 89 من قانون الأملاك الوطنية إلا أنه مقيد بضرورة تبرير العمليات التي تحقق فائدة أكيدة للجماعة الوطنية و الحال أنه مصطلح غير معروف في التشريع الجزائري، في حين سبق لمجلس الدولة الفرنسي أن وضع قائمة لها[133] و عرفها على أنها العمليات المهمة المتعلقة بتنفيذ أهداف السياسة الوطنية لتهيئة الإقليم التي تتجاوز نطاق المنفعة العمومية ، كما أن عملية التنازل مقيدة من جهة ثانية باحترام أدوات التعمير و بتسديد ثمنها لا يقل عن قيمته التجارية[134]، و نتساءل ضوء طرح المادة 40 من القانون 08-15 العام و غير المضبوط في هذه الحالة حول التسوية التي تتفق مع مصلحة الجماعة الوطنية، فهل تتحقق عند تسوية البنايات المنعزلة المشيدة على مساحة كبيرة من الأملاك الوطنية الخاصة، أم أنها تتحقق عند تسوية مناطق المخالفات الجماعية (الأحياء غير الشرعية) و السكنات غير الشرعية لذوي الدخل المحدود ممن تم إقصاؤهم من حق السكن ، و في هذه الحالة هل أن التنازل مقابل القيمة التجارية للأرض يتناسب مع قدراتهم المالية .
من المؤكد أن الحالة الأخيرة تتفق مع المصلحة الوطنية و إمكانية التنازل بالتراضي طالما أنها تكتسي طابعا اجتماعيا[135] و موجها لتسوية وضعية السكنات غير الشرعية وتثبيت ساكنيها ذوي الدخل المحدود و في هذه الحالة يمكن اعتبارهم متعاملين في الترقية العقارية لتلبية احتياجاتهم الخاصة في مجال السكن[136] ليستفيدوا من امتيازات التنازل المقررة بالمادة 12 من المرسوم التنفيذي 91-454 المتعلق بشروط إدارة الأملاك الخاصة و العامة للدولة و القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 05-04-2003 الذي بين كيفية التنازل[137] ،
حيث اشترط أن تستوفي العقارات الممكن التنازل بالتراضي الشروط التالية[138] :
أن تكون تابعة للأملاك الخاصة للدولة.
غير مخصصة أو محتمل تخصيصها لأغراض خدمات أو تجهيزات.
واقعة في القطاعات المعمرة أو القابلة التعمير كما هو محدد في الأدوات الخاصة بالتهيئة و التعمير أو المخصصة لاستيعاب برامج إنجاز السكن الريفي المدعم.
بالنسبة للعقارات المبنية تشمل عملية التنازل العقارات التي ينبغي تأهيلها.
و تباشر لجنة الدائرة في هذه الحالة الاتصال بالجهة المالكة من أجل التنازل عن مساحة الأرض المبنية و ما يضاف إليها من مسالك للدخول و مساحات التبعية الخارجية[139]، و في كل الأحوال تتولى مديرية أملاك الدولة .
إعداد ملف لطلب الترخيص من الوالي بالتنازل يتكون من[140] :
طلب تنازل تقدمه لجنة الدائرة.
مخطط طبوغرافي للقطع مشروع التنازل.
تقرير تقييم لا تتجاوز مدته ستة أشهر.
كشف المحتوى.
شهادة عن مصالح التعمير تثبت أن العقار موضوع التنازل يندرج ضمن أدوات التعمير و أن له صلة وطيدة و مباشرة مع عملية التسوية.
مشروع مقرر الترخيص بالتنازل.
و بعد استفاء الترخيص المطلوب تتولى مديرية أملاك الدولة تحرير سند التنازل مرفق به دفتر شروط و شهره بعد دفع المستفيد من التسوية الثمن المقرر و يلزم تبعا لذلك بتسوية الوضعية العمرانية للبناء خلال ستة أشهر من تحرير العقد.
1- 2- تسوية وضعية الملكية العقارية للبناية غير الشرعية المشيدة على الأملاك الوطنية العامة:
إن شغل الأملاك الوطنية عن طريق تشييد البنايات على الأراضي التابعة للأملاك الوطنية دون حيازة رخصة الطريق طبقا للمادة 164 من المرسوم التنفيذي 91-454[141] أو عقد الامتياز طبقا للمادة 64 مكرر من قانون الأملاك الوطنية يعتبر شغلا غير شرعي موجبا للهدم و المتابعة الجزائية إذ تنص المادة 60 من القانون 90-30 المتضمن قانون الأملاك الوطنية على :
لا يمكن لم تسلمه السلطة المختصة إذنا وفق الأشكال التي ينص عليها التنظيم أن يشغل قطعة من الأملاك الوطنية العمومية أو يستعملها خارج الحدود التي تتعدى حق الاستعمال المسموح به للجميع و تطالب بنفس الإذن كل مصلحة أو شخص معنوي مهما تكن صفته العمومية أو الخاصة و كل مؤسسة أو مستثمرة و يعتبر غير قانوني، كل شغل للأملاك الوطنية العمومية قد يخالف أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة مع الاحتفاظ بالعقوبات التأديبية التي يتعرض لها الموظف الذي يسمح بذلك بغير حق .
و بما أن هذه الأراضي غير قابلة للتصرف فيها[142] ، فإنها بالنتيجة غير قابلة للتنازل ضمن إطار التسوية بفعل إجراء تحقيق المطابقة، بل يقع الالتزام بحماية هذه الأراضي على كل الأشخاص المعنوية العامة المالكة و الإدارات المسيرة لها من مختلف أنواع المساس بها و متابعة المخالفين بالبناء غير الشرعي و طردهم[143].
غير أن قاعدة عدم جواز التصرف في الأملاك الوطنية العمومية مرتبطة بصفة العمومية للمال العقاري الْمفكْتَسَبَةف بسبب طبيعة و وظيفة الأرض التي حتمت إدراجها ضمن الأملاك الوطنية العمومية [144] ، فإذا ما فقد الملك هذه الخصائص ، تعين إلغاء تصنيفه بنفس أسلوب الإدراج ضمن الأملاك الوطنية طبقا للمادة 72 من قانون الأملاك الوطنية التي تنص على:
إذا فقد ملك من الأملاك الوطنية طبيعته و وظيفته اللتين تبرران إدراجه في هذا الصنف أو ذلك من الأملاك الوطنية و جب إلغاء تصنيفه طبقا لأحكام المادة 31 أعلاه .
و إلغاء التصنيف في هذه الحالة هو عمل إداري انفرادي يعاين خروج ملك من مجال الأملاك الوطنية العامة التابع لجماعة إقليمية إلى مجالها الخاص و هو الأملاك الوطنية الخاصة[145] يترتب عليه:
انتقال تسيير القطعة الأرضية إلى الجماعة الإقليمية بموجب قرار بسيط [146].
إمكانية التصرف فيها تصبح ممكنة بعد انتقالها إلى مجال الأملاك الوطنية الخاصة[147].
وفقا لما سبق تَصَوَّرَ القانون 08-15 ضمن أحكام مطابقة البنايات إمكانية تسوية وعاء البناية غير الشرعية المشيدة قبل 03-08-2008 على لأملاك العقارية الوطنية العمومية، إذا ما ورد احتمال إمكانية إلغاء تصنيفها فلقد نصت المادة 37 منه على أنه:
لا تكون البناية المشيدة دون رخصة بناء على قطعة أرض تابعة للأملاك الوطنية العمومية باستثناء تلك التي يمكن إعادة تصنيفها وفقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما، موضوع تحقيق المطابقة قي مفهوم أحكام هذا القانون مع مراعاة الشروط المحددة بالمادتين 16 و 36 أعلاه .
و لا يخلو هذا الطرح العام للمادة السابقة من الغموض بسبب عدم توضيح الإجراءات و الاختصاص في طلب إعادة تصنيف الأراضي التابعة للأملاك الوطنية العمومية المشيد عليها البناء غير الشرعي إذا لم يصدر أي نص تنظيمي للقانون 08-15 يبين الإجراءات و كيفية تسوية الوضعية العقارية للبنايات غير الشرعية، و لم تتمكن حتى المذكرة رقم 1000 بتاريخ 10-09-2009 عن وزارة السكن و العمران المتعلقة بكيفية تطبيق أحكام القانون 08-15 من ضبط و تحديد هذه الإجراءات، فقد اقتصر دورها على الإشارة إلى أن لجنة الدائرة تتولى الاتصال بإدارة أملاك الدولة للشروع في إعادة التصنيف، و الحال أن إلغاء التصنيف يأذن به الوزير المكلف بالمالية أو الوالي كل فيما يخصه بعد استشارة المصلحة التقنية و هي المديرية الفرعية للأملاك العمومية طبقا للمادة 08 في فقرتها الرابعة من المرسوم التنفيذي رقم 07-364 المؤرخ في 28 -11-2007 المتعلق بتنظيم الإدارة المركزية في وزارة المالية[148].
من جهة أخرى يعتبر نص المادة 37 عائقا حقيقيا و مثبطا لالتزام الإدارة بحماية الأملاك الوطنية العمومية من البناء غير الشرعي طبقا للمواد 60 و 72 من قانون الأملاك الوطنية خلال فترة دراسة طلب لجنة الدائرة المتضمن إمكانية إلغاء التصنيف[149] رغم احتفاظ الأرض بطبيعة ملك عقاري وطني عمومي خلال المدة الممتدة من تاريخ الطلب إلى حين البت بإعادة التصنيف، كما أن طلب لجنة الدائرة غير مبرر من الناحية القانونية إذ كما سبق شرحه بمجرد فقدان الملك الوطني العمومي الوظيفة و الطبيعة اللتين حتمتا إدراجه ضمن الأملاك الوطنية العمومية ينشأ التزام السلطة المعنية بإخراجه من هذه الدائرة بموجب قرار إلغاء التصنيف[150] دونما الحاجة إلى أي طلب بذلك[151]، و لا يفوتنا أن نتساءل عن إمكانية التسوية في هذه الحالة تبعا للإطار العام لتحقيق المطابقة الذي لا يسمح بإقامة مثل هذه البنايات في هذه الأرض[152] المشمولة بارتفاق عدم البناء بالنسبة للخواص.
2- إمكانية تسوية الوضعية العقارية للبنايات غير الشرعية المشيدة على الأراضي الوقفية أو الخاصة التابعة للملكية الغير :
لم يشر في هذه الحالة القانون 08-15 المتعلق بتحقيق مطابقة البنايات و إتمام إنجازها إلى إمكانية تسوية وضعية الوعاء العقاري للبناية غير الشرعية و عليه سنعالجها على ضوء الأحكام القانونية المنظمة للملكية العقارية الخاصة و الوقفية:
2-1- بالنسبة للبنايات غير الشرعية المشيدة على قطعة أرضية تابعة للأملاك الخاصة للغير:
إن حق الملكية العقارية الخاصة مضمون و محمي دستوريا، إذ يرتب التزاما في ذمة أشخاص القانون الخاص أو العام مفاده احترام الملكية الخاصة و عدم الاعتداء عليها [153] فلا يجوز نزعها إلا للمنفعة العمومية طبقا للقانون 91-11 المؤرخ في 27-04-1991 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العمومية .
بناءا على ما سبق لم يتمكن القانون 08-15 من حَبْـكف طريقة لتسوية وضعية الوعاء العقاري للبناية غير الشرعية المشيدة على أملاك الغير ، بخلاف ما ورد في بالمرسوم 85-212 المؤرخ في 13-08-985 ، غير أن قواعد القانون المدني قد تكفلت بهذه الحالة حيث يمكن لحائز البناية غير الشرعية أن يستفيد من واقعتي التقادم المكسب أو الالتصاق كأسباب لكسب الملكية[154] يترتب عليهما منحه سندا للملكية بمناسبة الفصل في الخصومة القضائية أمام المحكمة متى لم تتجاوز المدة إلى غاية تنفيذ الحكم فترة تحقيق المطابقة :
التمسك بالتقادم المكسب لاكتساب الملكية العقارية :
فيجوز لحائز البناء غير الشرعي أن يتمسك بالملكية العقارية الخاصة لوعاء البناية بالتقادم الطويل لمدة 15 سنة أمام المحكمة لو كان مملوكا للغير بسند مشهر في ظل نظام السجل العيني طبقا للمادة 827 من القانون المدني التي تنص على :
من حاز منقولا أو عقارا أو حقا عينيا منقولا كان أو عقارا دون أن يكون مالكا له أو خاصا به صار له ذلك ملكا إذا استمرت حيازته لمدة خمسة عشر سنة بدون انقطاع.
فالمادة السابقة لا تفرق في التقادم المكسب بين الملكية التي لها سندات و التي ليس لها سندات[155] إذ أن عدم جواز اكتساب الملكية العقارية بالتقادم بخلاف الحقوق المشهرة في السجل العيني لا يقبل إلا في إطار تسليم سند الملكية في إطار تحقيق عقاري و الإجراء الأولي للقيد في السجل العقاري[156].
الالتصاق الصناعي كسبب لكسب ملكية وعاء البناية :
و يقصد بالالتصاق الصناعي في هذه الحالة اندماج الأرض مع مواد البناء غير الشرعي بشكل يتعذر معه الفصل بينهما دون تلف نتيجة تدخل شخص من أشخاص القانون الخاص بسلوك التشييد في هذه الحالة يمكن لحائز البناء أن يكتسب ملكية الوعاء العقاري بحكم من المحكمة طبقا للمادة 785 من القانون المدني في التي تنص على :
إذا كان من أقام المنشآت المشار إليها في المادة 784 يعتقد بحسن نية أن له الحق في إقامتها فليس لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة ، و إنما يخير بين أن يدفع قيمة المواد و أجرة العمل، أو مبلغا يساوي ما زاد في قيمة الأرض بسبب هذه المنشآت ، هذا ما لم يطلب صاحب المنشآت نزعها . غير أنه إذا كانت المنشآت قد بلغت حدا من الأهمية و كان تسديدها مرهقا لصاحب الأرض جاز له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل و يشترط لاكتساب ملكية وعاء البناية غير الشرعية في هذه الحالة على وجه الخصوص :
- حسن نية القائم بالبناء ، و هو معيار شخصي مفترض [157]يقوم مع اعتقاد الشخص بأن له الحق في إقامة البناء دون البحث عن السبب الصحيح[158]، فقد يستند في هذه الحالة حائز البناء إلى السند العرفي الذي حرره له المالك الذي سمح له بإقامة هذه المنشآت.
- أن يطلب المالك تمليك هذه الأرض إلى حائز بالبناء بسبب فداحة التعويض الملزم له، فليس له أن يطلب الإزالة بل يخير بين تأدية قيمة مواد البناء و أجرة العمل أو ما زاد في قيمة الأرض بسبب البناء، فإذا أرهقه هذا التعويض جاز له أن يطلب تمليك الأرض إلى حائز البناية غير الشرعية.
2-2- بالنسبة للبنايات غير الشرعية المشيدة على قطعة أرضية تابعة للأملاك الوقفية :
تتمتع الأراضي التابعة للملكية الوقفية كما رأينا بخاصيتي إسقاط الملكية الوقفية[159] و تمتعه بالشخصية المعنوية اللتين تجعلانه غير قابل للتصرف و بدرجة أولى للتسوية الأملاك العقارية المشيدة عليها البنايات غير الشرعية للغير بل أنها تلحق بالوقف مهما كان حجمها و شكلها و دون أي تعويض إذ تنص المادة 25 من قانون الأوقاف في فقرتها الأولى :
كل تغيير يحدث، بناء كان أو غرسا، يلحق بالعين الموقوفة و يبقي الوقف قائما شرعا مهما كان نوع ذلك التغيير.
و لقد أكدت المحكمة العليا هذا الحكم في العديد من المناسبات، حيث ورد في القرار[160] المؤرخ في 25-11-1998 و حيث أن القاعدة أن كل ما أحدث من بناء أو غرس في الحبس يعتبر مكتسبا للشيء المحبس و لا يجوز تمليكه ملكية خاصة. و حيث أن القرار المطعون فيه الذي اعتبر أن البناء فوق الشيء الحبس لا يعد تصرفا و بالتالي لا يمس بمقتضيات عقد الحبس هو تعليل ليس له أساس قانوني ...
ب- قابلية الأرض المشيد عليها البناء غير الشرعي للبناء و التعمير:
فإذا كان حق الملكية و البناء يرتبط كما رأينا في الفصل الأول بما تسطره أدوات التعمير و في غيابها القواعد العامة للتهيئة و التعمير، فإنه بدرجة أولى لا يمكن تحقيق مطابقة أي بناء مخالف لهذه القواعد، و تطبيقا لهذا المبدأ نصت المادة 16 من القانون 08-15 على مجموعة من حالات البناء غير الشرعي التي لا يجوز تسويتها بسبب نشأتها على أراضي يشملها ارتفاق عدم البناء أو أن حقوق البناء فيها ضيقة و مقننة تخضع للترخيص المسبق (الذي لا يمكن إعادة طلبه في هذه الحالة) بسبب وقوعها ضمن بعض الأجزاء من التراب الوطني[161] :
1- عدم قابلية البنايات المشيدة على الأراضي الخاضعة لارتفاق عدم البناء لتحقيق المطابقة :
و يقصد بها الارتفاقات الإدارية التي تقيد استعمال حق الملكية و تخصيص الأرض بهدف المصلحة العامة[162] و بالخصوص ارتفاقات عدم البناء في هذه الحالة و التي تنقسم إلى :
1-1- ارتفاقات التعمير :
و تعرف أيضا باسم أعباء التعمير، تفرض على كل قطعة فضاء بسبب موقعها لا بسبب الجوار إلى عقار آخر كالحالة التي أشارت إليها المادة 16 في فقرتها الأولى من القانون 08-15 بنصها البنايات المشيدة على قطع أرضية مخصصة للارتفاقات و يمنع البناء عليها ، و قد تفرض أدوات التعمير هذا الارتفاق مهما كانت طبيعة الملكية بسبب عدم تجهيز القطعة الأرضية[163].
1-2- ارتفاقات عدم البناء المتعلقة بحماية التراث :
و هي مجموع الارتفاقات المنصوص عليها في مختلف القوانين كقانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة و قانون حماية التراث الثقافي و غيرهما فقد أشارت إليها المادة 16 من القانون 08-15 في فقرتها الثانية و تنقسم[164] هي الأخرى بدورها إلى :
ارتفاقات عدم البناء المتعلقة بحماية التراث الثقافي و التراث الطبيعي، تهدف إلى حماية الساحل و مناطق التوسع السياحي و المواقع و المعالم الأثرية و التاريخية و المجالات المحمية، كارتفاق عدم البناء المنصوص عليه بالمادة 18 من القانون المتعلق بحماية الساحل و تثمينه[165] :
دون الإخلال بالأحكام القانونية المعمول بها في مجال اتفاقات منع البناء، و مع مراعاة حالة الأنشطة و الخدمات التي تقتضي مجاورة البحر، يمكن أن تمتد هذه الارتفاقات المانعة، إلى مسافة ثلاثمائة (300) متر لأسباب ترتبط بطابع الوسط الشاطئي الحساس.
*ارتفاقات عدم البناء بسبب استعمال بعض الثروات و التجهيزات: هي عديدة و غير محصورة منها ما هو متعلق بالطاقة و المحروقات (إنتاج و توزيع الكهرباء ، نقل و تخزين المحروقات) [166] ، و منها ما هو متعلق بميدان النشاط المنجمي و استغلال المقالع، ارتفاقات متعلقة بالطرق و النقل بواسطة الأنابيب، الموانئ و المطارات مثل الحالة المنصوص عليها بالمادة 60 من القانون 98-03 المؤرخ في 27-06-199 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني :
يجب أن يؤمر داخل منطقة ارتفاقات الطيران الخاصة بالتوسعة بحظر البناءات و وضع السياج و النباتات التي يفوق علوها العلو المنصوص عليه في مخطط الارتفاقات أو بالحد منها أو استبعادها أو تغييرها و ذلك لفائدة الأمن الجوي [167].
ارتفاقات عدم البناء المتعلقة بالدفاع الوطني :
تترتب بسبب الجوار لمراكز الدفاع الوطني مثل الارتفاقات المحددة بمخطط تأسيس الارتفاقات المبين في المادة 21 من المرسوم التنفيذي 92-371 المؤرخ في 10-10-1992 المتعلق بالقواعد المطبقة في تسيير الأملاك العقارية المخصصة لوزارة الدفاع الوطني .
ارتفاقات عدم البناء المتعلقة بالصحة و الأمن العموميين :
كما يدل عليها اسمها، تؤسس هذه الارتفاقات بهدف الحفاظ على الصحة و الأمن العموميين وعدم الإضرار بالبيئة، كارتفاق عدم البناء في الأراضي المعرضة للأخطار الكبرى الطبيعية أو في المحيط الأمني للمنشآت الخطرة المصنفة كالحالة المنصوص عليها بالمادة 19 من القانون04-20 المؤرخ في 25-12-2004 المتعلق بالوقاية من الأخطار الكبرى و تسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة :
دون الإخلال بالأحكام التشريعية المعمول بها في مجال البناء و التهيئة و التعمير، يمنع البناء منعا باتا بسبب الخطر الكبير، لا سيما في المناطق ذات الخطورة الآتية : المناطق ذات الصدع الزلزالي الذي يعتبر نشيطا، الأراضي ذات الخطر الجيولوجي، الأراضي المعرضة للفيضان، و مجاري الودية و المناطق الوقعة أسفل السدود ...
2- عدم قابلية البنايات المشيدة في بعض الأجزاء من التراب الوطني لتحقيق المطابقة :
يتعلق الأمر هنا، بالبنايات غير الشرعية المشيدة في بعض المناطق الخاصة التي تعتبر فيها حقوق البناء ضيقة و محددة، فهي قطاعات غبر قابلة للتعمير كما رأينا[168] و تمنح فيها رخصة البناء فيها استثناءا بعد إجراء تحقيق عمومي من أجل حمايتها و تشمل طبقا للمادة 16 من القانون 08-15:
البنايات المشيدة بالمواقع المحمية المنصوص عليها بالتشريع المتعلق بمناطق التوسع السياحي حيث تنص المادة 30 من القانون 03-03 المؤرخ في 07-02-2003 المتعلق بها على محاربة الدولة و الجماعات الإقليمية للشغل غير المشروع لهذه الأرضي و البناءات غير المرخصة فيها، عن طريق إجراءات توقيف الأشغال، و الهدم و إعادة المواقع إلى حالتها الأصلية.
البنايات المشيدة في المواقع و المعالم الثقافية و المجالات المحمية.
البنايات المشيدة على الأراضي الفلاحية أو ذات الطابع الفلاحي و الأراضي الغابية أو ذات الطابع الغابي : لكن القانون أورد استثناءا غريبا بشأنها، إذ استثنى البنايات غير الشرعية المشيدة على هذه الأراضي التي يمكن إدماجها في المحيط العمراني بموجب أدوات التعمير، و الحال أنها تبقى خاضعة للأدوات محل المراجعة الملزمة و القابلة للمعارضة بها أمام الإدارة و مشيدي البناء فتبقى هذه الأراضي مصنفة في ظلها بعدم القابلية للتعمير و التي يتعذر معها تحقيق المطابقة في ظلها إلا بعد المصادقة على التعديل الجديد[169] .
3- عدم قابلية البنايات غير الشرعية المشيدة على الأراضي مخصصة لفمفنْشَأَةفف ذات منفعة عمومية لتحقيق المطابقة :
فلقد نصت المادة 16 من القانون على أن البنايات المشيدة على هذا النوع من الأراضي التي تتدخل أدوات التعمير في تحديدها و تحديد المنشأة[170] الواجبة، لا تخضع لتحقيق المطابقة، إلا أنه عاد و استثنى حالة إمكانية نقل البناية أو التجهيز العمومي و قرر بشأنها جواز تحقيق مطابقة البناية غير الشرعية، و يشبه هذا الشرط و الاستثناء المنصوص عليه بالمادة السابقة ما هو منصوص عليه بالتعليمة الوزارية المؤرخة في 13-08-1985 المتعلقة بالبناء غير المشروع[171]، في هذا الصدد نكرر ما قلناه بشأن الاستثناء الوارد على تسوية الأراضي الفلاحية و الغابية ، و نتعجب من منطق المشرع في تصور التسوية على هذا النوع من الأراضي منح سندات الملكية و في ذات الوقت يرتب تحديد أدوات التعمير لمناطق إقامة التجهيزات العمومية[172] التدخل بأسلوب نزع الملكية للمنفعة العمومية لتجسيدها.
ثالثا/ تحقيق المطابقة يرتبط بتطابق البناء مع قواعد البناء و التعمير المطبقة في القطعة :
و نقصد بقواعد البناء و التعمير في هذه الحالة، مختلف القواعد القانونية المحددة في نظام أدوات التعمير و في غيابها القواعد العامة للتهيئة و التعمير التي سبق لنا دراستها، فقد اعتمدتها المواد 12 و 18 من القانون 08-15 كمعايير[173] يتحدد على ضوئها قابلية البناء لتحقيق المطابقة و نصت على ذلك المادة 10 من المرسوم التنفيذي 09-154 المؤرخ في 02-05-2009 المحدد لإجراءات تنفيذ التصريح بمطابقة البنايات بقولها: تراعى دراسة التصريح مدى تطابق مشروع البناية مع أحكام مخطط شغل الأراضي، و في حالة عدم وجوده، يراعى مدى مطابقة المشروع مع أحكام المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و/أو مع الأحكام المطبقة التي تنص عليها القواعد العامة للتهيئة و التعمير. و يؤخذ الموقع و طبيعة المكان إقامة المشروع و إيصال الطريق و الحجم و المظهر العام للبناية أو للبنايات المبرمجة و انسجامها مع الأماكن بعين الاعتبار، في هذا الشأن، نظرا لقواعد التعمير و جميع أنواع الارتفاقات الإدارية المطبقة في المكان العني و كذلك التجهيزات العمومية و الخاصة و المبرمجة ... ، و هي مادة مطابقة تماما لمضمون المادة 38 من المرسوم التنفيذي 91-176 المؤرخ في 28-05-1991 الذي يحدد كيفيات إعداد رخصة البناء و غيرها من الشهادات و الرخص إن لم تكن مقتبسة منها و يظهر هذا من خلال عدم التفريق بين البناء غير الشرعي المشيد محل تحقيق المطابقة و بين مشروع البناء كما تنص على ذلك المادة المتعلقة بالتحقيق في طلب تسليم رخصة البناء .