المبادئ التي يقوم عليها النظام القضائي مقدمة
تقوم مختلف النظم القضائية على مبادئ أساسية متماثلة،نص عليها الدستورالجزائري كذلك تناولها المشرع الجزائري في المواد من 03 إلى 11 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وهي مباديء تتعلق إما بمرفق القضاء وإما بالخصوم، وإما بالخصومة القضائية و تتمثل في :
- سريان القانون الجديد
- حق اللجوء إلى القضاء
- المساواة أمام القضاء
- إحترام حق الدفاع
- العربية هي اللغة الرسمية لمرفق القضاء
- الكتابة
- مجانية القضاء
- إستقلالية السلطة القضائية
- التقاضي على درجتين
- تعدد القضاة والقاضي الفرد
- التقاضي على درجتين
- الوجاهية
- مبدأ تسبيب الأحكام
- سرعة حسم المنازعات
- الصلح
- العلنية
- مراعاة الوقار الواجب للعدالة
1-المبدأ الأول: سريان القانون الجديد
من المبادئ الأساسية بالنسبة للإجراءات مبدأ الأثر الفوري للقوانين و عدم رجعيتها و مقتضى هذا المبدأ أن أحكام قانون الإجراءات تطبق فور سريانه.
يتعلق نص المادة 2 من القانون الجديد بقاعدة قانونية منصوص عليها في المادة 7 من القانون المدني التي تتضمن التطبيق الفوري للنصوص الجديد المتعلقة بالإجراءات إلا أنه استثناءا عن المادتين 2 و 4 من نفس القانون المؤسستين لقواعد سريان القوانين بحيث لا يسري القانون إلا على ما يقع في المستقبل و لا تطبق القوانين في تراب الجمهورية إلا ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية . النص الجديد تضمن الآتي:
1.تظل أحكام قانون الإجراءات المدنية سارية فيما يتعلق بالآجال التي بدأت سريانها في ظله.
2.لا يبدأ سريان القانون الجديد إلا بعد مضي سنة من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية عملا بنص المادة 1062 منه و ذلك مراعاة من المشرع لأسباب موضوعية تتصل بحجم القانون و منح المعنيين بتطبيق أحكامه مدة لاستيعاب المضمون.
3. إن إلغاء قانون الإجراءات المدنية مقيد بسريان مفعول القانون الجديد عملا بالمادة 1064.
المادة2: تطبق أحكام هذا القانون فور سريانه باستثناء ما يتعلق منها بالآجال التي بدأ سريانها في ظل القانون القديم.
المادة 1062:يسري مفعول هذا القانون بعد سنة (01) من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
المادة1064:تلغى بمجرد سريان مفعول هذا القانون أحكام الأمر 66-154 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 08 يونيو سنة 1966 و المتضمن قانون الإجراءات المدنية المعدل و المتمم.
2-المبدأ الثاني: حق اللجوء إلى القضاء:
ويجد سنده التشريعي في المادة 03 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، التي نصت على أن لكل شخص يدعي حقا أن يرفع دعوى أمام القضاء للحصول على ذلك الحق أو حمايته، وبحسبه فمستعمل هذا الحق، لا يسأل متى أخطأ في رفع الدعوى، اللهم إذا ثبت تعسفه في رفعها، فانه يسأل استثناء فيتعرض لعقوبة الغرامة، مع التعويض لجبر الأضرار التي تسبب فيها أيضا يجد هذا المبدأ سنده الدستوري في المادة 140 فقرة 2 من دستور الجزائر لعام 1996، التي اعترفت بهذا الحق لكل شخص طبيعي أو اعتباري، وعلى قدم المساواة.
- يحق أيضا للأجنبي اللجوء للقضاء الوطني حيث كفل نص المادة 42 من قانون الإجراءات المدنية والادارية، للأجانب حق التقاضي أمام المحاكم الجزائرية، بصفتهم مدعين أو متدخلين في النزاع، متى كان المدعى عليه جزائريا، كما أجاز نص المادة 41 من نفس القانون للجزائريين مقاضاة الاجانب بصفتهم مدعى عليهم، بخصوص الالتزامات المتعاقد عليها في الجزائر أو في بلد أجنبي.
3-المبدأ الثالث : المساواة أمام القضاء
ويجد سنده التشريعي في المادة 03 فقرة 2 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، التي نصت على استفادة الخصوم اثناء سير الخصومة من فرص متكافئة لعرض طلباتهم ووسائل دفاعهم , يجد هذا المبدا سنده الدولي بالمادة 01 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي المادة 2 فقرة 1 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث نصت على أن (تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه،وبكفالة هذه الحقوق لجميع الافراد الموجودين في اقليمها والداخلين في ولايتها،دون أي تمييز بسبب العرق ..او غير ذلك من الاسباب)
يشكل مبدأ المساواة بين أطراف النزاع أمام المحكمة ومن دون تمييز حجز الزاوية، في ظل المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
- يعني قيام حق للشخص أي كان للجوء إلى القضاء وعدم التمييز بين المتقاضين وهذا أيضاً هو منهج الشريعة الإسلامية، فلا تفرقة بين الناس عند الحكم، لابحسب الأصل ولا العقيدة ومن أمثلة ذلك :
- مثلاً ترفع الإدارة دعوى ضد شخص ما، هنا يجب على القاضي أن يحترم مبدأ المساواة أمام القضاء فيعاملهم على السواء فلا يقضي للإدارة بمركزها، بل يحكم للذي له الحق بحسب الأدلة الكافية حتى وإن كانت الإدارة تملك السلطة العامة . - كما نذكر مثال : أسامة الذي شفع عند النبي صلى الله عليه وسلم للمخزومية فالمبدأ ألا فرق بين المتقاضين لا بحسب ولا العقيدة ولا الجاه ولا المركز .
- لكن الشريعة الإسلامية لاتقر بفكرة المحاكم الخاصة .
4-المبدأ الرابع :إحترام حق الدفاع:
يعتبر الحق في الدفاع ، من أهم الحقوق التي اهتمت به القوانين الداخلية لمختلف الدول منذ العصور القديمة، لاسيما قوانين الإجراءات المدنية والجزائية ، من حيث كونها هي المعنية بالنص على مختلف الضمانات القضائية، التي تقررت لممارسة حق التقاضي، كما اهتمت به أيضا في وقت لاحق دساتير مختلف الدول، للتدليل أمام المجتمع الدولي، على أن نظام الدولة قائم على المشروعية.
لقد كفل دستور الجزائر لعام 1976 حق الدفاع في المادة 33 منه التي نصت على أن (الدفاع الفردي أو عن طريق الجمعية عن الحقوق الأساسية للإنسان وعن الحريات الفردية والجماعية مضمون)، كما نصت المادة 151 منه على أن (الحق في الدفاع معترف به، الحق في الدفاع مضمون في القضايا الجزائية).
وبالرجوع للقانون الإجرائي المطبق في المادة المدنية، نجد وأن المشرع، قد كفل حق الدفاع لكل شخص ، في مختلف مراحل الإجراءات القضائية، بنصوص قانونية صريحة وواضحة، فالمادة 12 من قانون الإجراءات المدنية والادارية، نصت على أن رفع الدعوى يكون بعريضة مكتوبة إما من المدعي نفسه وإما من وكيله، وهي بهذا تكون قد تركت له حرية الاستعانة بمحام.
لعل مجموعة المبادئ المعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلاه، قد تكون كافية لتحديد مضمون هذا الحق، لتعلقها بمقتضيات حق الدفاع الواجب ضمانه لأطراف الدعوى من جهة، وبحقوق الممارسين المهنيين من جهة أخرى، ومن تم فان تخلف أي منها، يترتب عنه الإخلال بهذا المضمون، سواء في ظل الظروف العادية، أو في ظل الظروف الطارئة وحالات الحرب.
ويتطلب إعمال حق كل شخص في الحصول على قضية عادلة ومنصفة، تمكينه من الدفاع عن نفسه أمام القضاء، وبموجب ذلك يكون للخصم الحق في أن يتولى الدفاع عن حقوقه بنفسه، أو يطلب المساعدة من محام يختاره بنفسه ، لحماية حقوقه وإثباتها، وذلك للدفاع عنه في جميع المراحل الإجرائية، لأية دعوى أكانت ذات طبيعة تأديبية أو مدنية أو جنائية، وهو بهذا المفهوم يتطلب ضمان جملة من الحقوق
5-المبدأ الخامس:العربية هي اللغة الرسمية لمرفق القضاء:
جاءت المادة 8 لتكريس عمليا مبادئ الدستور و أحكام المادة 7 من القانون رقم 91-05 المتضمن تعميم استعمال اللغة العربية التي تجعل من تحرير العرائض و الاستشارات و كل عمل يصدر عن الجهات القضائية من أحكام و قرارات يتم باللغة العربية.
و شمل الإلزام كافة الإجراءات دون استثناء بما فيها الوثائق و المستندات التي يرى الأطراف ضرورة تقديمها تعزيزا لادعاءاتهم أو دفوعهم بحيث يجب أن تكون مصحوبة بترجمة رسمية إلى اللغة العربية و لا تعتبر الترجمة رسمية إلا إذا قام بتحريرها مترجم معتمد من وزارة العدل.
و يقصد من مصطلح "أحكام" على أنها عبارة عامة يقصد بها كل ما يصدر عن القضاء من أحكام و قرارات بما فيها الأوامر الاستعجالية.
الإشكال الذي سيطرح عمليا أن الكثير من المؤسسات العمومية على اختلاف درجاتها تعتمد الفرنسية كلغة تعامل عادي و كأن الأمر لا يخضع لا للتشريع و لا للتنظيم، لماذا الحرج إذا كانت المناقشات ذات الطابع الرسمي و السيادي على أعلى المستويات تتم بشكل علني باللغة الفرنسية.
نرى من باب المنطق و الإنصاف أن يقترن تطبيق الفقرة التي تتضمن وجوب تقديم الوثائق و المستندات باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة تحت طائلة عدم القبول ما يلي:
1-تطبيق مرن لنص المادة 8 بالنسبة للوثائق و المستندات المحررة قبل بدء سريان القانون الجديد.
2-تفعيل القانون رقم 91-05 المتضمن تعميم استعمال اللغة العربية بشكل صارم مما سيعفي المواطن من تحمل تبعة أخطاء موظفي الإدارة و المسؤولين على اختلاف مركزهم، سواء من الناحية المادية و ما تقتضيه الترجمة من مصاريف، أو من ناحية عدم قبول الوثائق و المستندات التي يراها المتقاضي ضرورية لتعزيز ادعاءاته أو دفوعه. المادة8:يجب أن تتم الإجراءات و العقود القضائية من عرائض و مذكرات باللغة العربية تحت طائلة عدم القبول.
يجب أن تقدم الوثائق و المستندات باللغة العربية أو مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة تحت طائلة عدم القبول.
تتم المناقشات باللغة العربية.
تصدر الأحكام القضائية باللغة العربية تحت طائلة البطلان المثار تلقائيا من القاضي.
يقصد بالأحكام القضائية في هذا القانون الأوامروالأحكام و القرارات القضائية.
6- المبدأ السادس : الكتابة:
على غرار ما تعرفه الكثير من التشريعات المقارنة لأجل مواجهة ازدياد عدد القضايا على نحو لا يتسع به وقت القاضي لسماع مناقشات الخصوم و مرافعاتهم أقر المشرع من خلال نص المادة 9 بأن الأصل في إجراءات التقاضي هي الكتابة.
و ابتدأ المشرع للمادة بكلمة "الأصل" معناه أن القاعدة العامة في إجراءات التقاضي هي الكتابة بحيث يقدم الخصوم طلباتهم كتابيا و يرد الخصوم بنفس الشكل ، لكن هذا لا يمنع وقت التوسع في شرح الطلبات أو الرد اللجوء إلى الطريق الشفوي بناءا على طلب من الأطراف أو من القاضي.
7-المبدأ السابع : مجانية القضاء
أي أن مصاريف المدعي والقاضي مجانية تتحملها الدولة من الخزينة العمومية فلولا هذا المبدأ لصارت مصاريف (القاضي وكتاب الضبط) على عاتق المدعي لتضاف إلى رسومرفع الدعوى وكذا المصاريق التي قضى بها القاضي على خاسر الدعوى .
فالدولة تتحمل المصاريف التالية : القاضي وكتاب الضبط والجهاز القضائي كافة من خزينة الدولة العمومية فإذا لم يطبق هذا المبدأ تذهب الحقوق الموضوعية لأنها تثقل كاهل
المدعي (المصاريف) وهذا يجعله يترك حقه في اللجوء للقضاء نتيجة الأتعاب الزائدة المصاريف القضائية كنات هي الرسوم التي يدفعها المتقاضي عند لجوئه إلى القضاء لكن في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد أصبح خاسرالدعوى يتحمل جميع المصاريف من تاريخ رفع الدعوى إلى غاية إصدار الحكم .
- هاته المبادئ كانت موجودة في السياسة الإسلامية .
8-المبدأ الثامن: إستقلالية السلطة القضائية
قد تم الاهتمام به في المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وفي دساتير الدول وتشريعاتها الوطنيةعلى المستوى التشريعي، فالمادة 2 من القانون العضوي رقم 98-01 المؤرخ في 30/05/1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، قد نصت على أن: (مجلس الدولة هيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية، وهو تابع للسلطة القضائية، يضمن توحيد الاجتهاد القضائي الإداري في البلاد.. يتمتع مجلس الدولة حين ممارسة اختصاصاته القضائية بالاستقلالية).
كما أن المادة 07 من القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06/09/2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء قد نصت على أنه (على القاضي أن يلتزم في كل الظروف، بواجب التحفظ واتقاء الشبهات والسلوكات الماسة بحياده واستقلاليته) وعليه فإن لضمان الشفافية يجب الفصل بين السلطة القضائية والسلطات الأخرى(التشريعية والتنفيذية)، فيفصل في الدعوى من خلال مبادئه وآراء القاضي ورؤيته للدعوى (الإقتناع الشخصي) .
ملاحضة
في الجزائر وزير العدل يدخل ضمن المنظومة القضائية وفي نفس الوقت يدخل ضمن جهاز السلطة التنفيذية، إذا فمبدأ الفصل بين السلطات لايمكن تصوره بصورة مطلقة بل نسبية لوجود تداخل في المهام من حيث تتدخل السلطة التنفيذية في القاضي (تعيينه،فصله،تنحيته،عزله)، فلا يمكن تصوروجود جهاز قضائي لايتدخل فيه جهاز إداري تنفيذي، فتتدخل السلطة التنفيذية في القاضي بصفته من رجال القضاء أي السلطة القضائية بالرقابة على قضاياه وأحكامه
9-المبدأ التاسع:التقاضي على درجتين
يقصد بمبدأ التقاضي على درجتين، أن الدعوى ترفع أولا أمام المحكمة، فتتولى الحكم فيها ابتداء، وتسمى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لأول مرة بمحكمة الدرجة الأولى، ثم يكون للمحكوم ضده الحق في التظلم من حكمها، عن طريق الطعن فيه بالاستئناف، إلى جهة قضائية عليا، تسمى المجلس القضائي في التشريع الجزائري، أو محكمة الاستئناف أو محكمة الدرجة الثانية في تشريعات أخرى، فيتم عرض النزاع أمام هذه الجهة القضائية من جديد، لتنظر القضية من حيث الوقائع والقانون معا، وتفصل فيها بحكم نهائي.
- يجد مبدأ التقاضي على درجتين، سنده التشريعي بنص المادة 06 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، التي نصت على أن المبدأ هو أن التقاضي يقوم على درجتين، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وبحسبه فالمبدأ العام في التشريع الجزائري، هو الأخذ بازدواج درجة التقاضي، لذلك فمحاكم الدرجة الأولى، تقضي في المنازعات المقدمة أمامها بأحكام ابتدائية قابلة للاستئناف أمام المجالس القضائية، وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 33 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
- كما أن المحاكم الإدارية بدورها، تفصل في أول درجة بحكم قابل للاستئناف أمام مجلس الدولة، في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو اجدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها، طبقا لنص المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
ومن النتائج المترتبة عن الأخذ بهذا المبدأ، أن للمجلس القضائي أن يتصدى للفصل في المسائل غير المفصول فيها، بعد تصريحه بإلغاء حكم فاصل في دفوع شكلية قضى بإنهاء الخصومة، متى تبين له ولحسن سير العدالة، إعطاء حل نهائي للنزاع، وذلك بعد قيامه بإجراء تحقيق عند الاقتضاء، تطبيقا لنص المادة 346 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،كما أن القاضي الذي نظر القضية على مستوى محكمة الدرجة الأولى، لا يجوز له أن يشارك في تشكيلة المجلس القضائي التي تتولى الفصل في نفس الدعوى.
- لايمكن لأطراف الخصومة القضائية اللجوء للقضاء على الدرجة الثانية قبل المرور بالقاضي على مستوى الدرجة الأولى (القاضي الفرد) .
فيفصل القاضي في الطلبات بإصدار حكم، فإذا لم يحكم اعتبر هذا إنكاراً للعدالة.فهذا الحكم إبتدائي، فهناك حكم لصالح أحد الأطراف وأما الآخر فضده، فلايعجبه الحكم فيستأنف عند الدرجة الثانية في القضاء أي المجلس القضائي وهذا بعد صدور الحكم الإبتدائي .
توجد بعض القضايا لايوجد فيها إستئنافات لطبيعتها الخاصة رأى المشرع أنها لايمكن أن تمر على القضاء على الدرجة الثانية .
- مثلاً : حكم إدماج في العمل، فيصدر منها حكم إبتدائي نهائي، ومثال ذلك كذلك الطلاق والتطليق والخلع (حكم القاضي يعتبر طلاق بائن بينونة كبرى) ففي حالة رفع شخص دعوى في قضية طلاق للإستئناف فالقاضي يحكم برفض الدعوى شكلاً .
المادة 33 قانون إجراءات مدنية وإدارية جزائري في فقرتها الأولى تنص على أنه : " كل دعوى دين يقل عن 20مليون دج أحكامها في الدرجة الأولى أحكام إبتدائية نهائية "
ملاحظة : وهذه المادة يوجد فيها إجحاف في حق الطبقة الوسطى للمجتمع فهي ليست بسيطة القيمة بالنسبة لجميع الطبقات .
نفس المادة وفي فقرتها الثانية تنص على أنه" الطلبات المقابلة يطلبها المدعي الأصلي لعدم تحقيق الطلبات الأصلية ، الطلبات المقابلة إذا كانت أكثر من 20مليون دج فالعبرة بالطلبات الأصلية "
أ- محكمة القانون (المحكمة العيا) لاتصدر أحكاماً إنما ترى هل طبق القانون من طرف القضاء (صحيحاً) أم لا ؟
فلا رقابة للمحكمة العليا في الحكم، فلا تقر بشهادة الشهود ولاتنظر في المسائل الموضوعية بل من الناحية الشكلية فقط (القانون المطبق) .
وجدير بالذكر أن المعارضة لاتنقل من درجة إلى أخرى بل بالإستئناف .
10-المبدأ العاشر : تعدد القضاة والقاضي الفرد
قاعدة التفريد أو النظر الجماعي في الدعاوى نجدها مكرسة في القانون العضوي 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي.
المادة5: تفصل الجهات القضائية بقاض فرد أو بتشكيلة جماعية وفقا لقواعد التنظيم القضائي.
مع ذلك يجب التميز بين مضمون المادتين 5 و 255 من القانون الجديد فالمادة 255 تنص على أن أحكام المحاكم تصدر بقاض فرد ما لم ينص القانون على خلاف ذلك و أن قرارات جهات الاستئناف تصدر بتشكيلة مكونة من ثلاثة قضاة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .
و الفرق بين النصين أن مضمون المادة 5 يشمل كل الجهات القضائية و ليس جهات الاستئناف فحسب, فالمحكمة العليا بوصفها جهة نقض, تفصل في القضايا المعروضة عليها بأكثر من ثلاثة قضاة كما تفصل في القضايا التي تتطلب موقفا اجتهاديا بكل الغرف مجتمعة و يزيد عدد القضاة في هذه الحالة على ثلاثة.
10-المبدأ العاشر:التقاضي على درجتين:
من المبادئ الجوهرية في الإجراءات مبدأ التقاضي على درجتين و مقتضى المبدأ أنه يجوز للخصم الذي يخفق في دعواه أمام المحكمة التي نظرت في قضيته لأول مرة أن يلجأ مرة ثانية إلى جهة أعلى درجة لإعادة النظر في قضاء المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
المادة6:المبدأ أن التقاضي يقوم على درجتين، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
فإذا تعرضت المحكمة لموضوع الدعوى و أصدرت فيه حكما حاسما للنزاع حول هذا الموضوع فإن سلطتها تنقضي بشأن ذلك النزاع، و لا يعد لها أية ولاية في إعادة بحثه أو تعديل قضائها و لو باتفاق الخصوم إذ بمجرد النطق بالحكم تخرج الدعوى من ولاية المحكمة عملا بالقاعدة العامة متى أصدر القاضي حكمه استنفذ قضاءه.
معظم التشريعات المقارنة تأخذ بمبدأ التقاضي على درجتين كما أن أغلبها يورد بعض الاستثناءات كان يجعل المشرع الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى نهائيا غير قابل للاستئناف مثل الدعاوى التي تكون قيمتها ضئيلة أو مراعاة لظروف إنسانية مثلما هو عليه الحال بالنسبة للمنازعات الفردية في العمل ففي مثل هذه الحالات يقتصر التقاضي على درجة واحدة
- القضايا في الدرجة الأولى يحكمها قاضي فرد أما على مستوى الدرجة الثانية فيحكمها قضاة ( قاضي رئيس ومستشارين) فلا يمكن أن نجد قاضي فرد في الدرجة الثانية فهي لجنة ثلاثية .
- في محكمة الجنايات فقط هنا لجنة خماسية (قاضي رئيس ومستشارين ومحلفين) ويوجد قاضي وأعوان تحقيق..إلخ وكذلك في المسائل التجارية أصبحت التشكيلة جماعية في القانون الجديد .
11-المبدأ الحادي عشر : علانية القضاء
يعد مبدأ علنية الجلسات، من أهم المبادئ المتفرعة عن الحق في محاكمة عادلة، وهو يقتضي بأن يتم تحقيق جميع الدعاوى: المدنية منها والجزائية، في جلسات يسمح فيها بحضور كل شخص، مع وجود بعض الاستثناءات، لذلك سنتولى معالجة المبدأ العام، والاستثناءات الواردة عليه.
وهي أن الخصومة القضائية تكون غير سرية لتجسيد مبدأ المساواة بين المتقاضين إلا أن هناك جلسات سرية وهي تلك الماسة بالنظام العام والأخلاقيات (الوجاهية بينهما)، هذا المبدأ عكس سرية الجلسات فالأحكام السرية فيها شبه كالخوف من ردة الفعل .لكنه حماية للطرف المجرم من التشهير أمام الناس والقضايا المخلة بالنظام العام فيها خدش بالأخلاق وهو استثناء من مبدأ العلانية لكن النطق بالأحكام فيها يكون علنياً .
- لقد كفل قانون الاجراءات المدنية والادارية هذا المبدأ بموجب المادة 07 منه، حيث نصت على أن ( الجلسات علنية، مالم تمس العلنية بالنظام العام او الاداب العامة او حرمة الاسرة)
يعد مبدأ علنية الجلسات من أهم المبادئ القانونية، التي كفلتها القوانين الإجرائية المنظمة للمحاكمات المدنية، وهو مبدأ يقتضي ضمان حق كل شخص من الكافة في معرفة إجراءات المحاكمات، وذلك من دون تفرقة بين الأشخاص الذين لهم غريزة حب الاطلاع ، عما يدور في تلك المحاكمات، وبين الأشخاص الذين لهم مصلحة في أن يحاطوا علما بمقتضيات الدعوى.
لذلك فالهدف من مبدأ علنيـة المحاكمات، يتمثل في أن تكون إجراءات المحاكمـة منظورة وبعيدة عن السرية، تمكينا للرأي العام من ممارسة حق الرقابة بشأنها، لأن سرية المحاكمة من شأنها أن تشوب العدالة بالشك، وذلك فضلا عن التشكيك في حيدة القاضي ونزاهته، بما يفيد وأن العدالة يجب أن تعمل في الضوء وليس في الظلام.
و لا تتطلب العلنية عقد الجلسة في إحدى القاعات المخصصة لذلك إنما يكفي لتتحقق انعقادها في مكتب على أن يظل الباب مفتوحا مادام بإمكان الغير مراقبة ما يدور بالداخل فان أغلقت الأبواب أصبحت الجلسة سرية و لحق البطلان كافة الإجراءات التي اتخذت بها و ما بني عليها بما فيها الحكم الذي تصدره المحكمة و يقع على من يدعي ذلك عبئ إثباته لان الأصل مراعاة الإجراءات.
12- المبدأ الثاني عشر: الوجاهية:
يراد بالوجاهية اتخاذ كافة الإجراءات في مواجهة الخصوم بطريق يمكنهم من العلم بها سواء عن طريق إجرائها في حضورهم كإبداء الطلبات و الدفوع و إجراء التحقيقات أو عن طريق إعلانهم بها أو تمكينهم من الاطلاع عليها و مناقشتها و الهدف من هذا المبدأ ضمان تطبيق حق الدفاع للخصوم عبر الإحاطة بكل الإجراءات و تمكينهم من الرد عليها.
و الوجاهية إلزام يقع على الخصوم و القاضي على حد سواء, فأطراف الخصومة يباشرون دعواهم بما يكفل عدم الجهالة لدى الطرف الآخر كما يقع على القاضي تمكين الأطراف بما يدعيه كل واحد منهم .
13 المبدأ الثالث عشر: مبدأ تسبيب الأحكام
وهو من المبادئ الجوهرية التي تضفي على الحكم الصحة وإذا القاضي لم يسبب حكمه فقد إنحاز لأحد الطرفين فنسبة الصحة في الحكم تكون منعدمة حتى وإن كان الحكم في حقيقته صحيح .
فالقاضي يقدم حجية وقبول الرأي العام لأحكامه بتسبيبها، وهذا يؤدي إلى التطور في جميع المجالات الأخرى .
وهذا لكي يخضع التسبيب لرقابة المجلس (محكمة قانون وموضوع) من طرف القاضي الثاني على مستوى الدرجة الثانية .
فإذا رأى أن التسبيب للأحكام خاطئ فهذا تقصير في التسبيب أم إذا رأى أن مسببة فيقوم القاضي الثاني بتسبيب الحكمالمستأنف وإلغاء الحكم الأول والدرجة الثانية منالقضاء إذا سبب قاضي الدرجة الأولى وأصدرصحيحاً ثم استأنف عند قاضي الدرجةالثانية فيسبب الحكم ويؤيد الحكم الصحيح .
فالتسبيب مسألة قانونية لكي لا يستبد القاضي في الحكم فالقاضي له السلطة التقديرية لتمحيص الدليل وهذا كله وهذا كله من أجل من أجل التسبيب .
والتسبيب حكم بقناعة القاضي الشخصية مع التأييد القانوني بإعطاء المبررات للحكم بالقانون أي بموجبه .
إن فرض التسبيب له ثلاثة فوائد, فهو يسمح لأطراف الخصومة ممارسة رقابة على الأسباب التي حملت القاضي على اتخاذ قراره و أنه ألم بوقائع الدعوى الإلمام الكافي الذي مكنه من أن يفصل فيها، ثم يحمل القاضي على تفحص الدعوى من كل جوانبها كي لا يقع في التناقض ثم يوفر لجهات الطعن العادي و غير العادي سبيلا لبسط رقابتها على الحكم.
الملاحظ على المادة 11 أدناه أن وجوب التسبيب غير قاصر على الأحكام و القرارات الفاصلة في الموضوع إنما يمتد إلى الأوامر سواء منها القضائية أو ذات الطابع الولائي، فصياغة النص جاءت عامة تشمل كل مل يصدر عن الجهات القضائية.
المادة11: يجب أن تكون الأوامر و الأحكام و القرارات مسببة.
14-المبدأ الرابع العشر:سرعة حسم المنازعات
هو واجب يقع على القاضي احترامه عملا بأحكام المادة 10 من القانون العضوي 04-11 المتضمن القانون الأساسي للقضاء: ( يجب على القاضي أن يفصل في القضايا المعروضة عليه في أحسن الآجال) و ما جاء ضمن التزامات القاضي الوارد ذكرها في مداولة المجلس الأعلى للقضاء حول أخلاقيات مهنة القضاء فالقاضي ملزم بأداء واجباته القضائية بكل نجاعة و إتقان و في الآجال المعقولة.
كما تضمن العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية وجوب الفصل في الخصومة خلال آجال معقولة يتم تقديرها حسب طبيعة النزاع.
و مع أن الآجال المعقولة هو تعبير يتسم بالطابع الفضفاض يصعب إدراكه إلا أنه هناك مؤشرات تساعد على تقييم تصرف القاضي بشأن احترامه للمبدأ, أو منح فرص الرد لأطراف الخصومة دون ضابط محدد يشكلان أمثلة حية عن عدم احترام القاضي للمعقول من الآجال.
فبطئ التقاضي وبطئ النطق بالحكم ظاهرات تطولان القضاء، ونجد في المادة 3 الفقرة 3 من قانون 08-09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية "...تصدر الأحكام في آجال معقولة" وهذه الفترة تمتد من أجل وضع عريضة إفتتاح الدعوى إلى غاية النطق بالحكم النهائي .
وهذه الفترة يحددها القاضيس فهو لامقيد ولامجبر بل يخضع لضميره وللقانون فالقاضي سيد نفسه فلا يسأل بسبب الإطالة إلا عن طريق الوزير وهذا يكون بالإستفسار أو التوقيف التحفظي من خلال باللجنة التأديبية : بالفصل والحجزوالتوقيف...إلخ، وإلا أصبح هناك تدخل في مهام القاضي، فلا يكون عن طريق الأوامر.
- فالسرعة لاتكون على حساب مبدأ تحقيق العدالة، لكن المشرع يدفع القضاة بإجبارهم على العمل والفصل في القضايا لأكثر عدد ممكن لكي لا تتكدس القضايا على الجهاز القضائي ولا يماطل على رافع الدعوى .
وتوجد هناك قضايا غير مهمة تافهة : كالدين الذي يقل عن 200 ألف دج فيصدر حكم إبتدائي نهائي وهذا لتحقيق مبدأ السرعة في حسم المنازعات .
في ظل القانون 08-09 الجديد وضعت حلول لفك الضغط على الجهاز القضائي وهي الوساطة أوالوسيط القضائي لكي تقل القضايا ويقوم الصلح بين الأطراف فتفرغ في حكم إبتدائي نهائي لكي يأخذ كسند قانوني .
15-المبدأ الخامس عشر:الصلح:
الإشارة إلى الصلح ضمن الأحكام التمهيدية هو تأكيد من المشرع لضرورة الانسجام مع احكام القانون المدني و تمديدا للعمل بالمبدأ الذي تضمنته المادة 17 ق إ م التي تقرر بجواز مصالحة الأطراف أثناء نظر الدعوى في أية مادة كانت.
المادة4: يمكن للقاضي إجراء الصلح بين الأطراف أثناء سير الخصومة في أية مادة كانت .
16- المبدأ السادس عشر:العلنية:
الأصل في سير الجلسات أن تتم في شكل علني لإضفاء الثقة و الطمأنينة و وقوف الكافة على إجراءات التقاضي التي يتساوى بالنسبة لها جميع المتقاضين ، فالعلانية هي إحدى الضمانات لعدم التحيز , و المراد بالعلنية تمكين المواطنين من حضور الجلسة و متابعة مجرياتها و يعود للقاضي في كل الأحوال ضبط سير الجلسة.
و لا تتطلب العلنية عقد الجلسة في إحدى القاعات المخصصة لذلك إنما يكفي لتتحقق انعقادها في مكتب على أن يظل الباب مفتوحا مادام بإمكان الغير مراقبة ما يدور بالداخل فان أغلقت الأبواب أصبحت الجلسة سرية و لحق البطلان كافة الإجراءات التي اتخذت بها و ما بني عليها بما فيها الحكم الذي تصدره المحكمة و يقع على من يدعي ذلك عبئ إثباته لان الأصل مراعاة الإجراءات.
المادة7:الجلسات علنية ما لم تمس العلنية بالنظام العام أو الآداب العامة أو حرمة الأسرة.
و للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب احد الخصوم عقد الجلسة في صورة سرية بغرفة المشورة محافظة على النظام العام أو مراعاة الآداب أو حرمة الأسرة في أية دعوى تنظرها.
فمتى توفرت إحدى هذه الأسباب و نظرت المحكمة الدعوى في جلسة سرية كان حكمها صحيحا غير مشوب بالبطلان على اعتبار أن انعقاد الجلسة على هذا النحو قد تم مراعاة للمادة 7 أعلاه بحيث تستقل المحكمة بتقدير مدى توفر العناصر المبررة للاستثناء دون معقب عليها في ذلك خلافا للدعاوى التي يوجب القانون نظرها في جلسة سرية بالنسبة لبعض الدعاوى المتعلقة بشؤون الأسرة حيث رتب المشرع البطلان على نظرها في جلسة علنية.
17 المبدأ السابع عشر :مراعاة الوقار الواجب للعدالة:
تتضمن المادة 12 من القانون الجديد بعض ما جاء في المادة 31 من ق إ م حيث يقع على الخصوم شرح دعواهم في هدوء و أن يحافظوا على الاحترام الواجب للعدالة و هو ما يعادل صياغة المادة 12 دون التوسع في الإجراءات المتعلقة بحالة الإخلال بالواجب المرتكب من طرف الخصوم أنفسهم أو من طرف هيئة الدفاع.
صفة الهدوء جاءت مقترنة بفترة انعقاد الجلسة و ليس أثناء شرح الدعوى فكل من يحضر قاعة الجلسات خاصة أطراف الخصومة يكون مطالبا بالهدوء و مراعاة الوقار الواجب للعدالة التي يمثلها القاضي، كأن لا يرفع الصوت أكثر مما يتطلبه سماع الرجل العادي و أن لا يتلفظ بكلمات غير لائقة تخدش الحياء أو يتحرك بما يضر بالسير المنتظم للجلسة أو يأخذ الكلمة دون إذن من القاضي و هكذا .
المادة12: يلتزم الأطراف بالهدوء أثناء الجلسة و أن يراعوا الوقار الواجب للعدالة.
-----------------------
موضوع خاص بمنتديات المحاكم والمجالس القضائية