logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





11-06-2013 07:52 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 23-01-2013
رقم العضوية : 104
المشاركات : 36
الجنس :
قوة السمعة : 30
المستوي : بكالوريا
الوظــيفة : طالب

السلام عليـــكم

بعض النضم الإقليمية لحقوق الإنسان

مقدمة
لا جدال أن النشاط الذى بذلته منظمة الأمم المتحدة فى مجال تدعيم احترام حقوق الإنسان يعتبر انجازا عالميا ملموسا فى هذه القضية التى كانت تشغل الفكر الإنسانى على مر التاريخ ، ولم يعد ينظر إلى حقوق الإنسان فى نطاق الأمم المتحدة على أنها فكرة ، بل أصبحت تمثل منهجا أساسيا فى مناهجها . وبالتالى أصبح تحقيق الانجازات فى هذا المجال أحد المعايير التى يقاس بها نجاح المنظمة .

وقد اعتنقت المنظمات الدولية الإقليمية التى نشأت بعد الأمم المتحدة فكرة " حماية حقوق الإنسان " كمبدأ وكهدف ينبغى الوصول إليه .. ومن بين هذه المنظمات من ارتقى بالفكرة أبعد مما وصلت إليه من تطور على المستوى العالمى ، ومنها ما لم يتجاوز حدود هذا التطور .. بل وهناك منظمات إقليمية لم تصل بعد إلى ما وصلت إليه الأمم المتحدة من انجازات فى هذا الشأن . ولا شك أن التعرف على تجارب هذه المنظمات الإقليمية ، هو أمر على درجة كبيرة من الأهمية ، نظراً للدور الذى تقوم به هذه المنظمات فى ظل النظام القانونى الدولى ، ولما لقواعدها وأحكامها من قيمة كبرى فى ترسيخ وتدعيم حماية حقوق الإنسان على المستوى الإقليمى .

أولاً : الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية([1]) :
أبرمت هذه الاتفاقية فى نوفمبر سنة 1950 فى ظل مجلس أوربا([2]) . وتتكون من 66 مادة ، وملحق بها خمسة بروتوكولات . وتحتوى هذه الاتفاقية ، والبروتوكولات الملحقة بها ، على الكثير من الحقوق والحريات التى سبق إيرادها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، مع تعديل بسيط أحيانا فى الفحوى أو المعنى ، ومعظم هذه الحقوق ذات طبيعة مدنية وسياسية ، وقد أشارت إلى ذلك ديباجة الاتفاقية حيث جاء بها أن : " الحكومات الموقعة أدناه ، باعتبارها أعضاء فى مجلس أوربا ، مراعاة منها للإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 ديسمبر سنة 1948 م .

وحيث أن هذا الإعلان العالمى يهدف إلى ضمان العالمية ، والاعتراف الفعال ، ورعاية الحقوق الموضحة به .
وحيث أن مجلس أوربا يهدف إلى تحقيق اتحاد أوثق بين أعضائه ، وأن حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتحقيق المزيد منها أحد وسائل بلوغ هذا الهدف .
وتجديداً لتأكيد إيمانها العميق بهذه الحريات الأساسية ، التى تعد أساس العدالة والسلام فى العالم ، وأن أفضل ما تصان به ، من ناحية ، ديمقراطية سياسية فعالة ، ومن ناحية أخرى ، فهم مشترك يرعى حقوق الإنسان التى ترتكز تلك الحريات عليها .
فقد عقدت عزيمتها ، بوصفها حكومات لدول أوروبية ، تسودها وحدة فكرية ، ذات تراث مشترك من الحرية والمثل والتقاليد السياسية واحترام القانون ، على اتخاذ الخطوات الأولى ، نحو التنفيذ الجماعى لبعض الحقوق الواردة فى الإعلان العالمى ... " .

وقد نصت المادة الأولى من هذه الاتفاقية على أن " الدول الأطراف تعترف لكل إنسان يخضع لنظامها القانونى بالحقوق والحريات المنصوص عليها ... " ومعنى ذلك أن كل فرد – أيا كانت جنسيته وموطنه – يستطيع أن يستند إلى الحقوق المقررة فى الاتفاقية ، وذلك فى العلاقة التى تقوم بينه وبين أى جهاز لإحدى الدول المرتبطة بالاتفاقية (حكومة – برلمان-إدارة-محاكم-شرطة ، قوات مسلحة .. الخ) طالما أن هذا الفرد يدخل فى اختصاص الدولة ، حتى ولو كان من غير مواطنيها ، كالأجنبى المقيم أو الزائر .
والحقوق والحريات المحمية بموجب هذه الاتفاقات ، جاء النص عليها فى المواد من 2 إلى 14 ، وكذا فى بعض البروتوكولات الملحقة بها ،

وفيما يلى لأهم تلك الحقوق :
- الحق فى الحياة ، وقد تضمن البروتوكول السادس الذى أعد فى سنة 1983 وأصبح ساريا فى سنة 1985 ، التزاما بإلغاء عقوبة الاعدام فى وقت السلم ([3]) .
- حظر الاسترقاق والعمل الشاق .
- تحريم التعذيب وكل المعاملات وكل العقوبات غير الإنسانية أو المهنية .
- حق الفرد فى الحرية والأمن .
- الحق فى المحاكمة العادلة ، وتحريم كل تشريع عقابى له أثر رجعى .
- احترام الحياة الشخصية والعائلية والمسكن والمراسلات .
- حرية الفكر والعقيدة والدين .
- حق الزواج وتكوين أسرة .
- حرية الانتخاب والتصويت السرى بما يكفل حرية التعبير عن رأى الشعب .
- حرية الاجتماع وحرية تشكيل النقابات والانضمام إليها .
- حق التمتع بالممتلكات .
- حرية التنقل واختيار مكان للمعيشة .
- حق مغادرة البلاد بما فى ذلك البلد الذى ينتمى إليه الفرد بجنسيته .
- حظر الترحيل الجماعى للأجانب .

هذه الحقوق والحريات – وغيرها مما جاء النص عليها فى البروتوكولات الملحقة بالاتفاقية – يتمتع بها كل إنسان يدخل فى اختصاص إحدى الدول الأعضاء ، دون تمييز أيا كان أساسه ، كالجنس أو العرق أو اللون أو العقيدة أو الرأى السياسى أو غيره أو الأصل القومى أو الاجتماعى أو الانتماء إلى أقلية قومية ، أو الثروة أو الميلاد ، أو أى وضع آخر ([4]) .
غير أن الاتفاقية من جهة أخرى أشارت إلى أن هذه الحقوق والحريات لا يمكن أن تكون مطلقة من كل قيد ، وإنما يجوز تقييد بعضها عند الضرورة ، بناء على اعتبارات متعلقة بالأمن العام ، أو بسلامة المواطنين ، أو لمصلحة الدولة اقتصاديا ، أو بالصحة العامة ، أو استنادا لمصلحة مشروعة تتعلق بحقوق وحريات الآخرين .
كما أن الاتفاقية تجيز للدول الأعضاء وقف العمل بالتزاماتها فى حالة الحرب أو فى حالة الطوارئ العامة .. وباختصار فإن الدول الأطراف فى الاتفاقية لها أن تحد من ممارسة هذه

الحقوق بثلاثة شروط :
1- أن يكون التحديد منصوصا عليه بقانون وليس نتيجة عمل إدارى بحت .
2- ألا يمتد التحديد إلى أبعد مما هو ضرورى فى مجتمع ديمقراطى .
3- أن يكون الداعى إلى التحديد هو تحقيق أحد الغايات المشروعة للدولة، والتى سبقت الإشارة إليها على سبيل المثال .

هذا وقد بادرت بعض الدول الأطراف إلى إدخال ما نصت عليه الاتفاقية من حقوق وحريات ضمن تشريعاتها الوطنية ، بل وذهبت ألمانيا إلى إدخال تلك الحكام ضمن مواد دستورها ([5]) أما بريطانيا التى لا يوجد لها دستورا مكتوبا ، فإنها لم تتخذ أية إجراءات تشريعية لإدخال بنود الاتفاقية ضمن قوانينها الداخلية .. غير أن الضمانات القانونية التى نصت عليها الاتفاقية لحماية هذه الحقوق ، لا تجعل من عجم تضمين القوانين الداخلية لها ، انتقاصا من قوة نفاذها ، ولا من وجوب العمل بها .. ذلك لأن أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعتبر ملزمة للدول الأطراف . هذا ما سوف نتناوله بالتفصيل عند التصدى لموضوع الضمانات القانونية لحماية حقوق الإنسان فى الباب الثالث من هذا المؤلف .
ومن الواجب أن نشير إلى أن الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تعتبر جزءا من مجهودات الاهتمام العالمى بحقوق الفرد وحرياته ، وإذا كانت هذه الاتفاقات قد أبرمت لتلزم فقط الدول الأوربية الأطراف فيها ، إلا أنها من جهة أخرى فقد كان لها أثر كبير فى تدعيم الاعتراف بحقوق الفرد وحرياته على المستوى الدولى ، ولا أدل على ذلك من أن منظمة الدول الأمريكية قد سارت على نهج هذه الاتفاقات ، واقتدت بها فى كثير من المسائل ، عند إعداد الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان .

ثانياً : الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ([6]) :
أبرمت هذه الاتفاقية سنة 1969 فى مؤتمر عقدته منظمة الدول الأمريكية فى سان جوزيه بكوستاريكا ، ودخلت مرحلة النفاذ فى 18 يوليه سنة 1978 ، وقد صدق عليها حتى الآن 19 دولة منظمة بين 31 دولة من الدول الأعضاء فى منظمة الدول الأمريكية ([7]) .
وتتكون هذه الاتفاقية من أثنين وثمانين مادة تتكلم عما يزيد عن أربعة وعشرين حقا من حقوق الإنسان ، وقد تأثرت إلى حد كبير بالإعلان الأمريكى لحقوق وواجبات الإنسان الصادر سنة 1948 .. وكذا العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الصادر فى ظل منظمة الأمم المتحدة ، وقد جاء بديباجة هذه الاتفاقية أن الدول الأمريكية الموقعة عليها :
" إذ تؤكد من جديد عزمها على أن تعزز – فى هذه القارة – وفى إطار المؤسسات الديمقراطية ، نظاما من الحرية الشخصية والعدالة الاجتماعية مبنيا على احترام حقوق الإنسان الأساسية .
وإذ تقر بأن حقوق الإنسان الأساسية لا تستمد من كونه مواطنا فى دولة ما ، بل تستند إلى الصفات المميزة للشخصية البشرية ، وتبرر بالتالى حماية دولية لها فى شكل اتفاقية ، تعزز أو تكمل الحماية التى تنص عليها القوانين الداخلية للدول الأمريكية .
وإذ تعتبر أن هذه المبادئ قد أقرها ميثاق منظمة الدول الأمريكية ، والإعلان الأمريكى لحقوق وواجبات الإنسان ، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، وأنه قد أعيد تأكيدها وتعزيزها فى وثائق دولية أخرى على المستويين العالمى والإقليمى .
وإذ تكرر – وفقا للإعلان العالمى لحقوق الإنسان – أن مثال الإنسان الحر ، الآمن من الخوف والفاقة ، لا يمكن أن يتحقق إلا بتهيئة الظروف التى تسمح لكل إنسان بأن يتمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكذلك بحقوقه المدنية والسياسية .

وإذ تأخذ بعين الاعتبار أن المؤتمر الأمريكى الخاص الثالث المنعقد فى بيونس أيرس عام 1967 قد وافق على تضمين ميثاق المنظمة نفسه معايير أوسع فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية ، وقرر أن اتفاقية أمريكية حول حقوق الإنسان ينبغى أن تحدد شكل واختصاص وإجراءات الهيئات المسئولة عن هذه المسائل ... " .
وقد تضمنت نصوص الاتفاقية – بعد هذه الديباجة – الحقوق والحريات المحمية ، ومنها حق الفرد فى الاعتراف له بالشخصية القانونية ، والحق فى الحياة ، والحق فى المعاملة الإنسانية الكريمة ، وحظر الرق والعبودية ، والحق فى الحرية الشخصية ، والحق فى احترام الخصوصية ، وحرية الاعتقاد والديانة ، وحرية الفكر والتعبير ، وحق الرد ، وحرية الاجتماع وتكوين الجمعيات ، وحق الزواج وتكوين أسرة ، والحق فى الاسم والجنسية ، وحقوق الطفل ، وحق الملكية الخاصة ، وحرية التنقل والإقامة ، والحق فى المشاركة السياسية وفى إدارة الشئون العامة .
كما تضمنت المادة الثامنة من الاتفاقية عددا من الضمانات القضائية التى جاءت على النحو التالى :

" 1- لكل شخص الحق فى محاكمة تتوفر فيها الضمانات الكافية ، وتجريها خلال وقت معقول محكمة مختصة مستقلة ، غير متحيزة ، كانت قد أسست سابقا وفقا للقانون ، وذلك لإثبات أية تهمة ذات طبيعة جنائية موجهة إليه ، أو للبت فى حقوقه أو واجباته ذات الصفة المدنية أو المالية ، أو المتعلقة بالعمل ، أو أية صفة أخرى .

2- لكل متهم بجريمة خطيرة الحق فى أن يعتبر بريئا طالما لم تثبت إدانته وفقا للقانون . وخلال الإجراءات القانونية ، لكل شخص – على قدم المساواة التامة مع الجميع – الحق فى الحصول على الضمانات الدنيا التالية :
(أ) حق المتهم فى الاستعانة بمترجم دون مقابل إذا كان لا يفهم أو يتكلم لغة المحكمة .
(ب) إخطار المتهم مسبقا وبالتفصيل بالتهم الموجهة إليه .
(جـ) حق المتهم فى الحصول على الوقت الكافى والوسائل المناسبة لإعداد دفاعه .
(د) حق المتهم فى الدفاع عن نفسه شخصيا أو بواسطة محام يختاره بنفسه ، وحقه فى الاتصال بمحاميه بحرية وسرا .
(هـ) حقه - غير القابل للتحويل – فى الاستعانة بمحام توفره له الدولة ، مقابل أجر أو بدون أجر ، حسبما ينص عليه القانون المحلى ، إذا لم يدافع المتهم عن نفسه شخصيا أو لم يستخدم محاميه الخاص ضمن المهلة التى يحددها القانون .
(و) حق الدفاع فى استجواب الشهود الموجودين فى المحكمة ، وفى استحضار – بصفة شهود – الخبراء وسواهم مما قد يلقون ضوءا على الوقائع .
(ز) حق المتهم فى ألا يجبر على أن يكون شاهدا ضد نفسه أو أن يعترف بالذنب .
(ح) حقه فى استئناف الحكم أمام المحكمة أعلى درجة .
3- يعتبر اعتراف المتهم بالذنب سليما ومعمولا به شرط أن يكون قد تم دون إيما إكراه من أى نوع
4- إذا برئ المتهم بحكم غير قابل للاستئناف ، فلا يجوز أن يخضع لمحاكمة جديدة للسبب نفسه .
5- تكون الإجراءات الجنائية علنية إلا فى حالات استثنائية تقتضيها حماية مصلحة العدالة " .

وقد حرمت المادة التاسعة القوانين الرجعية فلا " يجوز أن يدان أحد بسبب أى عمل أو امتناع عن عمل لم يكن يشكل وقت ارتكابه جرما جنائيا بمقتضى القانون المعمول به ، ولا يجوز فرض عقوبة أشد من تلك التى كانت سارية عند ارتكاب الجرم الجنائى ، ويستفيد المذنب من أية عقوبة أخف قد يفرضها القانون على الجرم بعد ارتكابه " .
ونصت المادة العاشرة على الحق فى التعويض " لكل من يكم عليه بحكم نهائى مشوب بإساءة تطبيق أحكام العدالة .. ".

أما المادة الخامسة والعشرون فقد تناولت حق الحماية القضائية ، وأقرب بحق كل إنسان فى اللجوء إلى محكمة مختصة لحماية نفسه من الأعمال التى تنتهك حقوقه الأساسية المعترف بها فى دستور دولته ، أو قوانينها ، أو المنصوص عليها فى الاتفاقية ، حتى لو كان مرتكبو هذه الانتهاكات أشخاص يعملون أثناء تأديتهم واجباتهم الرسمية .
وقد تعدت الدول الأمريكية – الأطراف فى هذه الاتفاقية – باحترام هذه الحقوق والحريات ، وبأن تضمن لكل الأشخاص الخاضعين لولايتها القانونية الممارسة الحرة والكاملة لها دون أى تمييز .. وجاء تعريف الشخص فى مفهوم الاتفاقية بأنه كل إنسان ، بما يعنى كل كائن بشرى ، وبذلك أخرجت الاتفاقية الأشخاص الاعتبارية من نطاق تطبيقها ([8]) .. وإن كان البعض يرى أن المساس بالأشخاص الاعتبارية مثل النقابات ، قد يمس أشخاصا طبيعيين ، فيتمتع هؤلاء الأشخاص بحماية الاتفاقية دون النقابات التى ينتمون إليها ([9]) .
ومن الملاحظ أن الاتفاقية قد صيغت على نمط الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان ، وبالتالى فإنها تشبهها إلى حد كبير ، وبصفة خاصة بالنسبة للأجهزة التى أنشأتها الاتفاقيات لضمان تطبيق نصوصها على النحو الذى سوف نشير إليه فى الباب الثالث .

هذا وتجيز الاتفاقية للدول الأعضاء أن تضع – بموجب القانون – قيودا على ممارسة تلك الحقوق والحريات ، وذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة ، أو فى حالات الضرورة ، مثل الحرب أو الخطر العام أو سواهما من الحالات الطارئة التى تهدد استقلال الدولة أو أمنها ، شريطة ألا تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بمقتضى القانون الدولى ، وألا تنطوى على تميز بسبب العرق ، أو اللون ، أو الجنس ، أو اللغة ، أو الدين ، أو الأصل الاجتماعى ([10]) .

ثالثاً : الميثاق الافريقى لحقوق الإنسان والشعوب :
تم إعداد هذا الميثاق فى ظل منظمة الوحدة الأفريقية فى سنة 1981 ، ودخل مرحلة النفاذ فى أكتوبر سنة 1986 ([11]) ، وصدقت عليه 36 دولة من مجموع دول منظمة الوحدة الأفريقية البالغ عددهم 54 دولة([12]) ... ويتكون من ديباجة و 68 مادة ، وقد جاء بالديباجة ما يلى :
" إن الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الأفريقية الأطراف فى هذا الميثاق المشار إليه " بالميثاق الافريقى لحقوق الإنسان والشعوب " ...

- إذ تأخذ فى الاعتبار ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية الذى ينص على أن الحرص فى المساواة والعدالة والكرامة أهداف أساسية لتحقيق التطلعات المشروعة للشعوب الأفريقية .

- وإذ تؤكد مجددا تعهدها الرسمى الوارد فى المادة 2 من الميثاق المشار إليه بإزالة جميع أشكال الاستعمار من أفريقيا وتنسيق وتكثيف تعاونها وجودها لتوفير ظروف حياة أفضل لشعوب أفريقيا وتنمية التعاون الدولى ، آخذة فى الحسبان ميثاق منظمة الأمم المتحدة ، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان والشعوب .

- وإذ تدرك فضائل تقاليدنا التاريخية وقيم الحضارة الأفريقية التى ينبغى أن تنبع منها ، وتتسم بها أفكارها حول مفهوم حقوق الإنسان والشعوب .

- وإذ تقر بأن حقوق الإنسان الأساسية ترتكز على خصائص بنى البشر من جانب ما يبرر حمايتها الوطنية والدولية ، وبأن حقيقة واحترام حقوق الشعوب يجب أن يكفلا بالضرورة حقوق الإنسان من جانب آخر .

- وإذ ترى أن التمتع بالحقوق والحريات يقضى أن ينهض كل واحد بواجباته .

- وإذ تعرب عن اقتناعها بأنه أصبح من الضرورى كفالة اهتمام خاص الحق فى التنمية ، وبأن الحقوق المدنية والسياسية لا يمكن فصلها عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، سواء فى مفهومها ، أم فى عالميتها ، بوأن الوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يضمن المتمتع بالحقوق المدنية والسياسية .

- وإذ تعى واجبها نحو التحرير الكامل لأفريقيا التى لا تزال شعوبها تناضل من أجل استقلالها الحقيقى وكرامتها ، وتلتزم بالقضاء على الاستعمار والاستعمار الجديد والفصل العنصرى والصهيونية وتصفية قواعد العدوان العسكرية الأجنبية وكذلك إزالة كافة أشكال التفرقة ولاسيما تلك القائمة على أساس العنصر أو العرف أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى .

- وإذ تؤكد من جديد تمسكها بحريات وحقوق الإنسان والشعوب المضمونة فى الإعلانات والاتفاقيات وسائر الوثائق التى تم إقرارها فى إطار منظمة الوحدة الأفريقية وحركة البلدان غير المنحازة ومنظمة الأمم المتحدة .

- وإذ تعرب عن إدراكها الحازم بما يقع عليها من واجب النهوض بحقوق وحريات الإنسان والشعوب وحمايتها آخذة فى الحسبان الأهمية الأساسية التى درجت أفريقيا على ايلائها لهذه الحقوق والحريات .

ثم جاءت نصوص الاتفاقية بعد هذه الديباجة مقسمة إلى ثلاثة أجزاء ، يتضمن الجزء الأول الحقوق والواجبات ، ويثير الثانى تدابير الحماية ويتناول الجزء الثالث والأخير بعض الأحكام العامة .
وفقا للمادة الثانية من الميثاق ، يتمتع كل شخص بالحقوق والحريات المعترف بها ، دون تمييز ، كما أنه وفقا لنص المادة 28 يقع على عاتق كل شخص واجب احترام ومراعاة أقرانه دون تمييز ، أى أن الميثاق يعكس مفهوما متماسكا للترابط بين الحقوق والواجبات ، وأن التمتع بالأولى يقتض النهوض بالثانية .

وقد احتوى الميثاق على عدد كبير من الحقوق السياسية والمدنية المتعارف عليها عالميا ([13]) ، مثل الحق فى المساواة أمام القانون ، والحق فى المشاركة فى إدارة شئون البلاد وتولى المناصب العامة ، وحق كل فرد فى احترام كراكته والاعتراف بشخصيته القانونية ، وحظر أشكال استغلاله وامتهانه واستبعاده ، خاصة الاسترقاق والتعذيب بكافة أنواعه ، والمعاملة الوحشية أو اللانسانية أو المذلة .

ولكل فرد كذلك الحق فى الحرية والمن الشخصى .. مع إباحة حق التقاضى ، ويشمل هذا حقه فى اللجوء إلى المحاكم ذات الاختصاص ، وفى الدفاع ، واختيار من يدافع عنه ، كما يعتبر الإنسان بريئا حتى تثبت إدانته أمام محكمة مختصة ، وأن تكون محاكمته خلال فترة معقولة مع التأكيد على مبدأ عدم رجعية القوانين ، وعدم توقيع عقوبة إلا بنص ، وتكون العقوبة شخصية .
ومن الحقوق السياسية والمدنية – كذلك – الحق فى حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية ، والحق فى التعبير والحصول على المعلومات ، وحق الاجتماع بحرية مع الآخرين ، وحق التنقل بحرية ، وحق الشخص المضطهد فى السعى للحصول على ملجأ له فى أية دولة أجنبية .

وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد نصت الاتفاقية فى المادة 14 على كفالة الحق فى الملكية الخاصة ، وعدم جواز المساس بها إلا لضرورة أو مصلحة عامة طبقا لأحكام القوانين الصادرة فى هذا الشأن .. كما نصت الاتفاقية على كفالة حق العمل فى ظل ظروف متكافئة ومرضية ، على أساس مبدأ الأجر المتكافئ للعمل المتكافئ .. كما أن لكل شخص أن يتمتع بأفضل حالة صحية وبدنية وعقلية يمكنه الوصول إليها ، وفى هذا الصدد تتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لحماية صحة شعوبها ، وضمان حصولها على العناية الطبية فى حالة المرض .. أما حق التعليم فهو مكفول للجميع ، ولكل شخص الحق فى الاشتراك بحرية الحياة الثقافية للمجتمع .

ونصت المادة 18 من الاتفاقية على أن الأسرة هى أساس المجتمع وألزمت الدولة بمساعدتها فى أداة رسالتها كحماية للأخلاقيات والقيم التقليدية التى يعترف بها المجتمع ويتعين على الدولة القضاء على كل تمييز ضد المرأة وكفالة حقوقها وحقوق الطفل على نحو ما هو منصوص عليه فى الإعلانات الدولية .

ومن اللافت للنظر أن الميثاق تكلم عن حقوق الشعوب فى المواد من 19 إلى 24 ، وتتضمن هذه الحقوق على التوالى مبدأ المساواة بين الشعوب " فالشعوب كلها سواسية ، وتتمتع بنفس الكرامة ، ولها نفس الحقوق ، وليس هناك ما يبرر سيطرة توجب على شعب آخر " وكل شعب له حق البقاء وحق تقرير المصير سياسيا واقتصاديا ، والحق فى التحرر من قيود السيطرة بالوسائل المعترف بها فى المجتمع الدولى ، والحق فى المساعدة السياسية والاقتصادية والثقافية التى تقدمها الدول – الأطراف فى الميثاق – للدول التى تكافح فى سبيل التحرر .

وتنص المادة 21 على حق الشعوب فى ثرواتها ومواردها الطبيعية ، والحق فى استرداد ما سلب ، علاوة على التعويض المناسب ، وحق إزالة جميع صور الاستغلال الاقتصادى الأجنبى .
كما تنص المادة 22 على حق الشعوب فى النمو الاقتصادى والاجتماعى والثقافى ، والتمتع المتكافئ بالتراث المشترك للإنسانية .

وأخيراً تنص المادة 23 على حق جميع الشعوب فى السلام والأمن القومى والدولى وفقا لمبادئ الأمم المتحدة التى أعيد تأكيدها بمعرفة ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية .
والواقع أن تلك الحقوق الجماعية للشعوب – والتى أشار إليها الميثاق الافريقى – يمكن أن تثير الكثير من المشكلات ، لعل أهمها مشكلة تحديد ماهية هذه الشعوب ، وهل المقصود بذلك شعوب الدول الأطراف فى الميثاق فى مواجهة حكومات هذه الدول ؟ أم أن المقصود هى الشعوب المستعمرة فى أفريقيا ؟
أننا إذا تمعنا فيما تعنيه تلك الحقوق ، نجد أنها تدور جميعها حول حق الشعوب فى تقرير المصير ، أى الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية ، وهذا هو التفسير الأقرب للصواب إذ أنه من غير المنطقى أن تكون نية واضعى الميثاق قد انصرفت إلى غير ذلك ، أى تكون قد اتجهت إلى إقرار هذه الحقوق لشعوب الدول الأطراف ، إذ لو صح ذلك لأصبح من حق شعوب هذه الحكومات أن تتمسك بتلك الحقوق فى مواجهة حكوماتها ، وهذه نتيجة خطيرة لا يمكن أن تكون حكومات الدول الأفريقية قد غامرت بنفسها وأقرت هذه الحقوق لكى تلتزم بمها أمام شعوبها .
ومع ذلك فإنه إقرار تلك الحقوق الجماعية للشعوب الأفريقية المستعمرة ، إنما هو ظاهرة جديدة تعكس بوضوح المفهوم الافريقى لحقوق الإنسان ، هذا المفهوم الذى يقوم على أساس أن الحقوق والحريات المعترف بها – فى الميثاق لا تخص الفرد وحدة بل تشمل الشعوب أيضاً ، فهناك حقوق فردية للإنسان ، وأخرى جماعية للشعوب . ولعل هذا المفهوم نابع من التجربة القاسية التى عايشتها الشعوب الأفريقية مع الاستعمار القديم والجديد ، والذى لا تزال تعانى من آثاره المدمرة حتى اليوم .

وثمة ملاحظة أخرى جاء لها الميثاق ، فقد استحدث الميثاق فصلا خاصا بواجبات الأفراد يضم المواد من 27 إلى 29 ، فلم يكتف بالنص على الحقوق والحريات ، وإنما أوجب على الفرد الوفاء ببعض الالتزامات نحو عائلته ، ونحو المجتمع ، ونحو الدولة ، ونحو المجتمع الدولى . وأوجب على الفرد احترام حقوق الآخرين ، والأمن الجماعى ، والأخلاقيات ، والصالح العام ، والمحافظة على تقوية أواصر التضامن القومى خاصة فى حالات الخطر .

ولعله يمكن القول أن النصوص المتعلقة بواجبات الفرد نحو دولته، جاءت نتيجة لموقف الدول الأفريقية التى تأخذ بالأيديولوجية الاشتراكية ، على اعتبار أن فكرة هذه الدول لمفهوم الفرد ، تختلف عن مفهوم غيرها من الدول الرأسمالية . ويؤكد على ذلك ما جاء بالمادة 29 من الميثاق التى أوجبت على الفرد المحافظة على انسجام تطور أسرته ، وخدمة مجتمعه الوطنى بتوظيف قدراته البدنية والذهنية من أجل ذلك ، مع عدم تعريض أمن دولته للخطر ، والمحافظة على التضامن الاجتماعى ، والاستقلال الوطنى ، وتقويته ، ودفع الضرائب ، والمحافظة على قيم المجتمع ، وتنمية الوحدة الأفريقية .

وفى المقابل فقد ألزم الميثاق الدولة بواجب النهوض بالحقوق والحريات المنصوص عليها وضمان احترامها ، ويتم هذا عن طريق التعليم والتربية والإعلام ، واتخاذ التدابير التى من شأنها أن تضمن فهم هذه الحريات والحقوق وما يقابلها من التزامات وواجبات .. كذلك يتعين على كل الدول الأطراف ضمان استقلال المحاكم وإتاحة إنشاء وتخسين المؤسسات الوطنية المختصة التى يوكل إليها النهوض بحماية الحقوق والحريات التى يكفلها الميثاق .

رابعاً : مدى اهتمام الجامعة العربية بحقوق الإنسان :
رغم أن جامعة الدول العربية من أقدم المنظمات الدولية الإقليمية إلا أن جهودها فى مجال تدعيم واحترام حقوق الإنسان العربى ، مازالت متخلفة عن غيرها من المنظمات الإقليمية الأخرى .. وكل ما حققته جهود الجامعة العربية فى هذا الصدد ، لا يزيد عن الموافقة على " إعلان حقوق المواطن العربى " الذى ووفق على مشروعه بمعرفة مجلس الجامعة فى أوائل عام 1977 ، ثم إعداد مشروع الميثاق العربى لحقوق الإنسان الذى لم يتخذ قرار بشأنه حتى الآن .

1- إعلان حقوق المواطن العربى :
ويتكون هذا الإعلان من ديباجة و 31 مادة ، وقد أشير فى الديباجة إلى أن الله عز وجل جعل من المواطن العربى مهدا للديانات ، وموطنا للحضارات التى كرمت الإنسان ، وأكدت حقه فى حياة عزيزة على أسس من حقوق الإنسان فى الحرية والكرامة والإخاء . وأن استمتاع الإنسان بالحرية والعدالة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص ، هو معيار أصالة أى مجتمع . وأكدت الديباجة على الالتزام بمبادئ الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عن عقيدة وإيمان ، وأنه من أجل ذلك سوف تعمل الدول العربية على تقنين حقوق وحريات المواطن العربى ، أينما وجد ، مع التزام بعدم المساس بها ، وبضرورة وضعها دائما موضع الاهتمام الكامل كأساس لكل سياسة أو إدارة أو تشريع ([14]) .
وقد نصت المادة الأولى من الإعلان على " نبذ أى تفرقة تقوم على العنصر أو اللون أو الأصل أو الدين أو اللغة أو الميلاد أو الثروة أو الرأى السياسى أو غيره ، والمساواة بين الرجال والنساء فى ممارسة الحقوق والحريات على قدم المساواة " . ثم تضمن الإعلان نصوصا لحماية سائر حقوق الإنسان مثل الحق فى الحياة ، وحظر الانجاز فى الذات الإنسانية ، وصيانة الحرية الشخصية ، والحق فى السلامة البدنية ، وحظر التعذيب والمعاملة القاسية أو المحطة بالكرامة ، وتحريم السخرة ، وتحريم نفى المواطن من بلده أو منعه من العودة إليه ، أو منعه من مغادرة أى دولة عربية بما فى ذلك دولته ، والحق فى طلب اللجوء هربا فى الاضطهاد .

كما أقر الإعلان الحق فى الجنسية وعدم جواز إسقاطها ، وحماية الحياة الخاصة وحرمة المسكن وسرية المراسلات ، وكفالة حق الملكية والاعتراف بأن الشخصية القانونية صفة ملازمة لكل مواطن ، واحترام قاعدة المساواة أمام القانون ، وقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ، وعدم رجعية القوانين .
كما أشار الإعلان إلى حق المواطنين من كل دين فى ممارسة شعائرهم الدينية بغير إخلال بحقوق الآخرين وحرياتهم ، كما كفل حرية الرأى بصفة مطلقة ، وجواز التعبير عنها بأى شكل من أشكال التعبير سواء بإذاعتها أو نشرها، وذلك باستثناء ما يضر باعتبارات الأمن القومى والنظام العام والآداب العامة .

كما كفل الإعلان حرية الاجتماع والتجمع بصورة سلمية ، والحق فى الاشتراك فى الحياة العامة ، والحق فى العمل ، واحترام الحقوق النقابية .
ثم أشار الإعلان إلى الحق فى مستوى معيشى يؤمن المطالب الإنسانية للحياة ، وحماية الأسرة والأمومة والطفولة ، والحق فى التعليم بالمجان ، وحق المشاركة فى الحياة الثقافية ، وتهيئة فرص التنمية البدنية والعقلية للشباب .
وأخيرا أكد الإعلان على عدم جواز المساس بالحقوق والحريات التى تضمنها إلا فى حالات الطوارئ العامة التى تهدد حياة الأمة والتى يعلن عن وجودها بصفة رسمية ، على أن يكون هذا الاستثناء فى أضيق الحدود التى تستلزمها الضرورة ولأقصر فترة ممكنة .
والواقع أن هذا الإعلان لم يأخذ الشكل القانونى الملزم ، وبالتالى فإن قيمته القانونية أقل فعالية عن الوثائق التى أعلنتها المنظمات الدولية الإقليمية الأخرى .. وأصبح العالم العربى متخلفا فى هذا المجال عن كثير من التجمعات الأخرى ، بالرغم من التراث المجيد والحضارة الزاهرة التى كان للشعوب العربية فضل السبق فى نشرها والتغنى بها .. ولا نود أن نلقى اللوم على جامعة الدول العربية .. فالجامعة قامت بدورها وأدت واجبها ، ولكن الظروف المحيطة بالجامعة هى السبب فى عرقلة أنشطتها فى هذا الموضوع الحيوى الهام ([15]) .. ولا أدل على ذلك من أن الجامعة العربية قامت بإعداد مشروع ميثاق عربى آخر لحقوق الإنسان فى سنة 1983 .. وما زال هذا المشروع ينتظر التوقيع عليه من دول الجامعة حتى كتابة هذه السطور .. ولا يمنع ذلك من أن نشير إليه باعتباره أملا مرتقبا لمسايرة الاتجاه العالمى فى تدعيم واحترام حقوق الإنسان العربى .

2- مشروع الميثاق العربى لحقوق الإنسان ([16]) :
تم إعداد هذا المشروع سنة 1982 بواسطة اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان ، وذلك تنفيذا لقرار كان قد صدر من مجلس الجامعة فى سنة 1979 ، وقد أجيل هذا المشروع إلى الدول الأعضاء فى الجامعة العربية لإبداء ملاحظاتها عليه .. وقد أبدت بعض الدول العربية بملاحظات على المشروع ، وتم إدخال عدة تعديلات عليه ، وما زال المشروع مدرجا بجدول أعمال الجامعة ، ولم يبت فيه حتى الآن .
ويتكون المشروع من ديباجة و 42 مادة ([17]) ، وقد جاء بالديباجة على أنه :
" انطلاقا من إيمان الأمة العربية بالإنسان ، منذ أن أعزها الله بأن جعل الوطن العربى مهد الديانات ، وموطن الحضارات ، التى كرمت الإنسان وأكدت حقه فى حياة كريمة ، على أساس من الحرية والعدل والسلام " .

- وتحقيقا للمبادئ الخالدة التى أرسها الشريعة الإسلامية ، والديانات السماوية الأخرى فى الأخوة والمساواة بين البشر .
- واعتزازا منها بما أرسته ، عبر تاريخها الطويل ، من قيم ومبادئ إنسانية ، كان لها الدور الكبير فى نشر مراكز العلم بين الشرق والغرب ، ما جعلها مقصدا لأهل الأرض والباحثين عن المعرفة والثقافة والحكمة .

- وإذا بقى الوطن العربى يتنادى من أقصاه إلى أقصاه ، حفاظا على عقيدته ، مؤمنا بوحدته ، مناضلا دون حريته ، مدافعا عن حق الأمم فى تقرير مصيرها والحفاظ على ثرواتها ، وإيمانا بسيادة القانون ، وأن تمتع الإنسان بالحرية والعدالة وتكافؤ الفرص ، هو معيار أصالة أى مجتمع .

- ورفضا للعنصرية والصهيونية اللتين تشكلان انتهاكا لحقوق الإنسان وتهديدا للسلام العالمى .

- وإقرارا بالارتباط الوثيق بين حقوق الإنسان والسلام العالمى .

- وتأكيدا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، وأحكام اتفاقيتى الأمم المتحدة بشأن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

- ومصداقا لكل ما تقدم .

- تتعهد الدول العربية الأعضاء فى هذا الميثاق ، بأن تضمن لكل إنسان على أراضيها حقوقه وحرياته الأساسية ، التى لا يجوز المساس بها ، ويتحتم تنفيذها وتأمين الاحترام الكامل لها .. طبقا للأحكام التالية ".

وقد نص مشروع الميثاق – بعد هذه الديباجة – على الحقوق والحريات الأساسية المكفولة لكل إنسان موجود على أراضى الدولة العربية الأطراف ، فبين فى المادة الأولى على " حق التمتع بكافة الحقوق والحريات .. دون أى تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى أو الأصل الوطنى أو الاجتماعى أو الثروة أو الميلاد أو أى وضع آخر دون أى تفرقة بين الرجال والنساء " .

ثم عالجت باقى مواد المشروع حقوق وحريات الإنسان معالجة عامة ، أى اقتصرت على المبادئ العامة دون التفصيلات ، بما يتيح لكل دولة عربية قدرا من المواءمة وحرية التطبيق على النحو الذى يتفق ومقتضيات ظروف كل منها .. وهذه الحقوق فى مجملها تتفق مع المستويات الدولية المنصوص عليها فى المواثيق العالمية والإقليمية ، كما أنها لا تخرج عما جاء بإعلان حقوق المواطن العربى ومع ذلك فمازال هذا المشروع لم يكتب له الظهور حتى الآن .

- الهوامش

([1]) راجع بخصوص هذه الاتفاقية كلا من :
Herbert Petzold ; The European Convention on Human Rights , Cases and Materials , Straburg (1984) .
The Protection of Human Rights in Europe , Council of Europe , European Commission of Human Rights Publications , Strasbourg (1981).
- الأستاذ الدكتور عبد العزيز سرحان " الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية " دار النهضة العربية ، سنة 1966 .
([2])أنشئ مجلس أوربا عام 1949 فى أعقاب الحرب العلمية الثانية ، ومجموع الدول المنضمة إلى هذا المجلس الآن 26 دولة ، أو بمعنى آخر كل الدول الأوربية باستثناء فنلندا ، والهدف من إنشاء هذا المجلس – كما جاء فى المادة الأولى من نظامه الأساسى – هو " تحقيق وحدة أكثر تحريرا بين أعضائه ، بهدف حفظ وإعلان المثل والمبادئ التى تكون تراثهم المشترك ، وإعطاء الأفضلية لتقدمهم الاقتصادى والاجتماعى " وذلك " عن طريق عقد الاتفاقيات وتبنى عمل مشترك " فى مجالات مختلفة : اقتصادية واجتماعية وثقافية وعلميو وقانونية وإدارية ، وعن طريق احترام وتنمية حقوق الإنسان والحريات الأساسية .. كما جاء فى المادة الثالثة أن " على كل عضو من أعضاء مجلس أوربا أن يقبل بمبدأى سيادة القانون ، وتمتع كافة الأشخاص ، فى حدود اختصاص كل دولة ، بالحقوق الإنسانية والحريات الأساسية .
([3])لا تحتفظ بهذه العقوبة من بين دول مجلس أوربا الآن سوى ثلاث دول فقط هى بلجيكا واليونان وتركيا .
([4]) راجع نص المادة 14 من الاتفاقية .
([5]) أنظر : Burgenthal : The effect of the Europiean Conuention on Human Rights on the National Laws of member States , in the Eurpean convention on Human Rights , Int. & Comparative Law Quarterly , Supp. No. 11 , at 82 (1965) . ([6])راجع : Buergenthal : Protecting Human Rights in the Americas , Selected Problems , Straabourg , second ed. (1986) .
- The Inter – American Eyatem for the protection of Human Rights , Publication of the International Institute of Human Rights , Strasbourg , 1986 , PP. 12 et seq.
([7])الدول التى صدقت على الاتفاقية هى : الارجنتين ، بربادو ، بوليفيا ، كوستاريكا ، الدومينيكان ، الاكوادور ، السلفادور ، جرانادا ، جواتيمالا ، هايتى ، هندوراس ، جامايكا ، كولومبيا ، المكسيك ، نيكاراجوا ، بناما ، بيرو ، أورجوارى ، فنزويلا ، بينما لم ينضم الدول الآتية حتى الآن ، البرازيل ، شيلى ، باراجواى ، شيرينام ، الولايات المتحدة ، وعدد من الدول المتحدثة بالانجليزية فى البحر الكاريبى .
([8]) أنظر نص المادة الأولى من الاتفاقية .
([9]) راجع : Buergenthal , The Inter – American
System for protection of Human
Rights , op. cit., P. 14 .
([10])أشارت الفقرة الثانية من المادة 27 من الاتفاقية إلى أن حالة الضرورة المنوه عنها فى المتن لا تجيز للدولة وضع قيود على الحق فى الشخصية القانونية (المادة 3) والحق فى الحياة (المادة 4) وتحريم التعذيب (المادة 5) وتحريم الرق والعبودية (المادة 6) والمساس بمبدأ عدم رجعية القوانين (المادة 9) وحرية الضمير والدين (المادة 12) وحقوق الأسرة (المادة 17) والحق فى الاسم (المادة 18) وحقوق الطفل (المادة 19) وحق الجنسية (المادة 20) وحق المشاركة فى الحكم (المادة 23) .
([11]) بخصوص الجهود التى بذلت لاعداد هذا الميثاق أنظر كلا من :
- الدكتور على سليمان فضل الله " ماهية الميثاق الافريقى لحقوق الإنسان والشعوب " بحث منشور بالمجلد الثالث من حقوق الإنسان إعداد الدكتور شريف بسيونى وآخرين دار العلم للملايين ، سنة 1989 ، ص 382 وما بعدها .
- الدكتور رافع بن عاشور " الميثاق الافريقى لحقوق الإنسان والشعوب " المرجع السابق ، ص 395 وما بعدها .
([12]) رغم أن جميع الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الأفريقية وافقوا بالإجماع على مشروع صياغة الميثاق الافريقى لحقوق الإنسان والشعوب ، إلا أن هناك بعض هذه الدول وقعت عليه ولم تصدق حتى الآن وهى : الجزائر والرأس الخضر وليسوتو وليبيا .. والبعض الآخر لم توقع ولم تصدق : وهى : انجولا ، وبوروندى ، والكاميرون ، وجيبوتى ، وأثيوبيا ، وغانا ، وساحل العاج ، وكينيا ، ومدغشقر ، وجزر السيشل ، وزائير .
([13]) راجع المواد من 1-18 من الاتفاقية .
([14])راجع : " إعلان حقوق المواطن فى الدول والبلاد العربية " جامعة الدول العربية ، الأمانة العامة – الإدارة العامة للشئون السياسية ، قسم حقوق الإنسان .
([15])أنظر : الدكتور عبد العزيز سرحان " الإطار القانونى لحقوق الإنسان فى القانون الدولى " الطبعة الأولى سنة 1987 ، ص 192 .
([16])أنظر : الدكتور مفيد شهاب " مشروع الميثاق العربى لحقوق الإنسان فى ضوء العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية " بحث منشور ضمن مجموعة الأبحام المقدمة إلى مؤتمر حقوق الإنسان بسيراكوزا – مطبوعات المؤتمر – الجزء الثانى سنة 1989 ، ص 409 وما بعدها .
([17])راجع مشروع الميثاق جامعة الدول العربية ، الأمانة العامة – الإدارة العامة للشئون القانونية (إدارة التشريع والبحوث) اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان سنة 1985 .

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
بعض ، النضم ، الإقليمية ، لحقوق ، الإنسان ،









الساعة الآن 12:01 AM