طــرق الطعن العاديــة في الأحكـام الصادرة ضد الحدث أولا: المعارضة
لقد أجاز المشرع للمتهم الحدث الطعن بطريق المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة بشأنه وهذا إما لأنه لم يكلف تكليفا صحيحا للجلسة أو أنه لم يكلف شخصيا بذلك، أو أنه كلف شخصيا بالجلسة لكن هناك أعذار مقبولة منعته من حضور جلسة المحاكمة. وهذا حتى يتسنى للحدث الدفاع عن نفسه بشأن التهمة المنسوبة إليه.
ولقد نظم المشرع الجزائري المعارضة في المواد من 409 إلى 415 من قانون الإجراءات الجزائية. ومن خلال أحكام هذه المواد يمكن للحدث المحكوم عليه أن يطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي الذي يدينه من أجل جنحة أو مخالفة أو جناية خلال 10أيام من تبليغه للحكم، وإلا فإن المعارضة ترفض شكلا. وتمدد مهلة المعارضة إلى مهلة شهرين إذا كان الطرف المتخلف عن المحاكمة يقيم خارج التراب الوطني وهذا ما نصت عليه المادة 411 من قانون الإجراءات الجزائية: "يبلغ الحكم الصادر غيابيا إلى الطرف المتخلف عن الحضور وينوه في التبليغ على أن المعارضة جائزة القبول في مهلة عشرة أيام اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم إذا كان التبليغ لشخص المتهم. وتمدد هذه المهلة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني".
أما بالنسبة للجنح فقد أحالت المادة 471 من قانون الإجراءات الجزائية على تطبيق القواعد العامة المقررة للتخلف عن الحضور وكذا المعارضة على أحكام قسم الأحداث. وتجدر الإشارة أنه في حالة عدم تبليغ الحكم الغيابي للحدث نفسه فإن تبليغ الحكم يكون في موطن الحدث أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة وتسري المواعيد السابقة من تاريخ التبليغ.
غير أنه إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم ولم يخلص من إجراء تنفيذي ما أن المتهم قد أحيط علما بحكم الإدانة فإن معارضته تكون جائزة القبول حتى بالنسبة للحقوق المدنية إلى حين انقضاء مواعيد سقوط العقوبة بالتقادم.
وبمجرد قيام المتهم الحدث بالمعارضة فإن الحكم الغيابي يعتبر كأن لم يكن سواء كان ذلك في شقه الجزائي أو المدني.وفي حالة غياب المعارض في التاريخ المحدد له في التبليغ الصادر إليه شفويا أو المثبت في محضر في وقت المعارضة أو بتكليف بالحضور مسلم لمن يعنيه الأمر فإن المعارضة تعتبر كأن لم تكن.
وفيما يتعلق بالمعارضة لا يجوز تطبيق النصوص الخاصة بالتخلف عن الحضور أمام محكمة الجنايات الواردة في المواد من 317 إلى327 من قانون الإجراءات الجزائية. فهل يمكن تطبيقها على الجنايات الموصوفة بأفعال تخريبية أو إرهابية التي يرتكبها الحدث؟ أي بمجرد إعلان اختصاص محكمة جنايات كبار بمحاكمة الأحداث البالغين سن 16سنة فما فوق وارتكبوا جنايات إرهابية أو تخريبية فهل يتم معاملتهم كالكبار ؟وبعبارة أخرى هل أن المشرع رشدهم بهذا الإجراء؟
وعليه فإن الأحكام الصادرة بشأن الأحداث غيابيا سواء تضمنت أحكام جزائية أو تدابير أمن فإنه يمكن المعارضة فيها أمام الجهات القضائية باستثناء الأوامر التي تتخذ بشأن الأحداث المجني عليهم في جنايات أو جنح فلا تكون قابلة لأي طريق من طرق الطعن طبقا لنص المادة 493/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية: "ولا يكون هذا القرار قابلا للطعن". وكذلك الأمر بالنسبة للأوامر التي يتخذها قاضي الأحداث بشأن الأحداث الموجودين في خطر معنوي وهو ما نصت عليه المادة 14/ف02 من الأمر رقم 72/03 : "ولا تكون الأحكام الصادرة عن قاضي الأحداث طبقا لهذا الأمر قابلة لأي طريق من طرق الطعن". والعلة من قطع طريق الطعن في هذه الأوامر كونها ذات طابع تربوي كما أنه من الأفضل أن لا تصدر أحكام غيابية بشأن الحدث، فقضاء الأحداث هو قضاء تقويمي يهدف إلى إصلاح الحدث وحمايته وليس الردع وتوقيع الجزاء ولا يتحقق ذلك إلا بحضور الحدث طيلة مراحل التحقيق والمحاكمة.
ثانيا: الاستئناف
الاستئناف طريق طعن عادي يهدف الطاعن من ورائه طرح دعواه مرة أخرى على محكمة أعلى درجة من تلك التي أصدرت الحكم المطعون فيه وذلك لمراجعة المحاكمة والحكم لرفع ما قد يكون وقع فيه القاضي من خطأ في القانون أو خطأ في الحكم في الموضوع. وهذا معناه أن الاستئناف طريق إصلاح وتغيير يحقق مبدأ التقاضي على درجتين. ويتم الاستئناف أمام غرفة الأحداث على مستوى المجلس القضائي أين يتم سماع الحدث المنحرف ووليه القانوني وأطراف القضية من شهود وضحية إن وجدوا، وبحضور محامي مع الحدث.
ولقد نص المشرع الجزائري على الاستئناف في المواد من 416 إلى 438 من قانون الإجراءات الجزائية .ويرفع الاستئناف في مهلة عشرة أيام من يوم النطق بالحكم .غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن وإلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو يتكرر الغياب أو حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 347 و353 من نفس القانون. وفي حالة استئناف أحد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة إضافية 05 أيام لرفع الاستئناف(المادة 418 من قانون الإجراءات الجزائية).
والأصل أن جميع الأحكام وتدابير الحماية والتهذيب يجوز استئنافها، فالأحكام الجزائية بشأن المخالفات أو الجنح أو الجنايات التي يرتكبها الحدث جائزة الاستئناف. فبالنسبة للمخالفات والجنح الأمر مألوف بالنسبة للإجراءات المتبعة مع البالغين في مجال الاستئناف. أما بالنسبة للجنايات التي يرتكبها الحدث فإن الأحكام الصادرة بشأنها فيمكن استئنافها أمام غرفة الأحداث على مستوى المجلس القضائي، على خلاف أحكام محكمة الجنايات كبار التي لا تكون إلا محلا للطعن بالنقض.وهذه ضمانة وحماية للحدث في حقه في الطعن في الأحكام الصادرة بشأنه.
واستثناء من هذا الأصل الذي يجيز استئناف كافة الأحكام الجزائية وجميع التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية حتى وإن كانت القرارات التي يتخذها قضاء الأحداث والمتضمنة لتدبير أو إحدى التدابير المنصوص عليها في المادة السالفة الذكر مشمولة بالنفاذ المعجل,أخرج المشرع الجزائري بعض الأحكام الجزائية التي لا يمكن استئنافها وهي التي نصت عليها المادة 416/ف02 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه لا يجوز استئناف الأحكام الصادرة في مواد المخالفات إذا قضت بعقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز 05 أيام والغرامة التي لا تتجاوز 100دج.
إلا أننا نرى أن أحكام المادة يمكن تطبيقها في شق الغرامة دون الشق المتعلق بالحبس كون أن العقوبة المقررة للمخالفات التي يرتكبها هي تدابير الحماية والتهذيب والتوبيخ استثناء طبقا لنصوص المواد 49 و51 من قانون العقوبات. وعليه نخلص أن الأحكام الجزائية الغير قابلة للاستئناف بشأن الأحداث هي تلك التي تقضي بغرامة لا تتجاوز 100دج بالرغم من إحالة المادة 474 من قانون الإجراءات الجزائية إلى القواعد العامة في الاستئناف.