إن ارتكاب الحدث لفعل وصف بأنه جناية أو جنحة يدل على توجيه خطير لسلوك الحدث وهذا ما يقتضي تدابير أكثر صرامة وشدة من طرف المشرع، هذا الأخير أخذ كقاعدة عامة بالتدابير الوقائية والتربوية كأساس للأحكام الصادرة في الجنح والجنايات وكاستثناء طبق الأحكام الوقائية السالبة للحرية وذلك في حالة الخطورة الإجرامية للحدث.
تناولتها المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية بنصها على ما يلي: "لا يجوز في مواد الجنح والجنايات أن يتخذ ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامنة عشر إلا تدبير أو أكثر من تدابير الحماية والتهذيب الآتي بيانها:
01- تسليمه إلى والديه أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة.
02- تطبيق نظام الإفراج عنه مع وضعه تحت المراقبة .
03- وضعه في منظمة أو مؤسسة عامة أو خاصة معدة للتهذيب أو التكوين المهني مؤهلة لهذا الغرض.
04- وضعه في مؤسسة طبية أو طبية تربوية مؤهلة لذلك.
05- وضعه في مصلحة عمومية مكلفة بالمساعد.
06- وضعه في مدرسة داخلية صالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة .
غير أنه يجوز أن يتخذ كذلك في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشر تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو للتربية الإصلاحية.
ويتعين في جميع الأحوال أن يكون الحكم بالتدابير المذكورة آنفا لمدة معينة لا يجوز أن تتجاوز التاريخ الذي يبلغ فيه القاصر سن الرشد المدني".
تناولتها نصوص المادتين 493 و494 من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة الأولى على: "إذا وقعت جناية أو جنحة على شخص قاصر لم يبلغ السادسة عشرة من والديه أو وصيه أو حاضنه فإنه يمكن لقاضي الأحداث أن يقرر بمجرد أمر منه بناء على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسه بعد سماع رأي النيابة ,أن يودع الحدث المجني عليه في الجريمة إما لدى شخص جدير بالثقة وإما في مؤسسة وإما أن يعهد به للمصلحة العمومية المكلفة برعاية الطفولة ". في حين نصت المادة الثانية على: "إذا أصدر حكم بالإدانة في جناية أو جنحة ارتكبت على شخص حدث جاز للنيابة العامة إذا تبين لها أن مصلحة الحدث تبرر ذلك أن ترفع الأمر إلى قسم الأحداث لكي تأمر باتخاذ جميع تدابير حمايته".
يمكن أن تتعرض فئة الأحداث الجانحين في سن ما بين 13و18 سنة والذين ارتكبوا جرائم خطيرة إلى عقوبة الحبس .تنفذ هذه العقوبة في جناح خاص بالأحداث موجود في مؤسسة عقابية للكبار أو في مراكز خاصة بالأحداث الجانحين تدعى المراكز الخاصة لإعادة التأهيل التي تدار من طرف وزارة العدل ,وهذه المراكز في العادة تكون مكتظة وبالتالي تلجأ محاكم الأحداث إلى وضع الكثير من الأحداث الجانحين الخطرين في أجنحة خاصة بسجون الكبار.
وطبقا لقانون 1972 المتعلق بإعادة تنظيم النظام العقابي في الجزائر، فإن حبس الأحداث الجانحين الخطرين يهدف أساسا إلى إعادة تربيهم وإدماجهم اجتماعيا، ونظرا لصغر سنهم وعدم نضجهم فإن عقوبة الأحداث الجانحين الخطرين تكون أخف من عقوبة المجرمين الكبار وهذا ما نصت عليه المادتين 49 و51 من قانون العقوبات.
ويمكن الإفراج عن الأحداث الجانحين قبل إتمام عقوبتهم طبقاً لنظام الإفراج المشروط وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.
تعرف المراقبة الاجتماعية في ميدان الأحداث الجانحين بأنها نظام للعلاج يتواجد الحدث عن طريقه في بيئته الطبيعية متمتعا بحريته الاجتماعية إلى حد كبير، ولكنه يكون خلال فترة الإشراف تحت ملاحظة ورعاية ممثل لمحكمة الأحداث يعرف بضابط المراقبة أو المراقب الاجتماعي .وتتضمن المراقبة الاجتماعية قيام علاقة شخصية بين المراقب والحدث الجانح بصورة تتيح للمراقب التعرف التام على خصائص الحدث، أخلاقه، وظروفه...إلخ.
أجاز قانون الإجراءات الجزائية الجزائري لمحكمة الأحداث تطبيق نظام المراقبة الاجتماعية بحق جميع الأحداث الذين لا تتجاوز أعمارهم 18سنة وبحق مختلف الجرائم سواء أكانت جنايات أم جنح أم مخالفات. ويمكن لنظام المراقبة الاجتماعية حسب الأحوال أن يلعب دور التدبير المؤقت أو التدبير النهائي.
نصت المادة 469 من قانون الإجراءات الجزائية: "إذا كانت التهمة ثابتة فصل قسم الأحداث في التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بقرار مسبب، وإذا اقتضى الحال فإنه يقضى بالعقوبات المقررة في المادة 50 من قانون العقوبات.
غير أنه يجوز لقسم الأحداث أن يبت صراحة في إدانة الحدث ,وقبل أن يفصل في شأن العقوبات أو التدابير أن يأمر بوضع الحدث بصفة مؤقتة تحت نظام الإفراج مع المراقبة فترة تحدد مدتها".
نصت المادة 462 من قانون الإجراءات الجزائية :"إذا أظهرت المرافعات الحضورية أن الجريمة غير مسندة إلى الحدث قضى قسم الأحداث بإطلاق سراحه.
وإذا أثبتت المرافعات إدانته نص قسم الأحداث صراحة في حكمه على ذلك وقام بتوبيخ الحدث وتسليمه بعد ذلك لوالديه أو لوصيه أو للشخص الذي يتولى حضانته، وإذا تعلق الأمر بقصر تخلى عنه ذووه سلم لشخص جدير بالثقة، ويجوز فضلا على ذلك أن يأمر بوضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب، إما بصفة مؤقتة تحت الاختبار لفترة أو أكثر تحدد مدتها، وإما بصفة نهائية إلى أن يبلغ سنا لا يجوز أن تتعدى تسع عشرة سنة مع مراعاة أحكام المادة 445. ويجوز لقسم الأحداث أن يشمل هذا القرار بالنفاذ العاجل رغم الاستئناف".
كما يجوز لقاضي الأحداث أن يأمر بوضع الحدث المرتكب لمخالفة تحت نظام المراقبة الاجتماعية عندما يحال إليه ملف القضية من محكمة المخالفات طبقا للمادة 446 من قانون الإجراءات الجزائية.
تنص المادة 481/ف01 من قانون الإجراءات الجزائية: "يخطر الحدث ووالده أو وصيه والشخص الذي يتولى حضانته في جميع الأحوال التي يتقرر فيها نظام الإفراج المراقب بطبيعة هذا التدبير والغرض منه والالتزامات التي يستلزمها". وهذا يعني أن المشرع الجزائري قد ترك أمر تقرير شروط المراقبة الاجتماعية لمحكمة الأحداث التي لها وحدها سلطة تقديرها في ضوء ما تستخلصه من دراسة شخصية الحدث وظروفه. وقد ترك المشرع الجزائري تحديد مدة المراقبة الاجتماعية لقاضي الأحداث على أن لا تتجاوز في جميع الأحوال بلوغ الحدث 19سنة.
ويعين مراقب بالنسبة لكل حدث إما بأمر من قاضي الأحداث أو عند الاقتضاء من قاضي التحقيق المختص بشؤون الأحداث وإما بالحكم الذي يفصل في موضوع القضية.
وتناط بالمراقب مهمة مراقبة الظروف المدنية والأدبية لحياة الحدث وصحته وتربيته وعمله وحسن استخدامه لأوقات فراغه، ويقدمون حسابا عن نتيجة أداء مهمته لقاضي الأحداث بتقارير كل 03 أشهر، وعليه فضلا عن ذلك موافاته بتقرير في الحال فيما إذا ساء سلوك الحدث أو تعرض لضرر.
خاتمة
تتعامل محاكم الأحداث مع الأحداث الذين يرتكبون جرائم والأحداث الذين هم في خطر معنوي وتتخذ إجراءات مختلفة إتجاههم تبعا لحالتهم، سنهم ونوع الجرائم المرتكبة وذلك إلى غاية صدور حكم بشأنهم يتضمن إما تدابير أو عقوبات جزائية.