الدفع بعدم تنفيذ عقد ملزم للجانبين تعريفالدفع بعدم التنفيذ هو حق كل عاقد ( في العقد الملزم للجانبين ) إذا ما طلبه العاقد الآخر بتنفيذ إلتزامه أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما التزم به الدفع بعدم التنفيذ مرتبط بما يعرف بالفقه الإسلامي بحق الحبس أو حق الاحتباس ، والحق في الحبس يفترض وجود التزامين كلاً منهما مترتب على الآخر ومرتبط به سواء كان مصدر هذا الارتباط هو العمل القانوني كالعقد أو الواقعة القانونية كالفعل النافع (الإثراء بلا سبب) .
حسب المادة 123 من القانون المدني الجزائري : " في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يتمتع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به.
- إذا يجب لا مكان لتمسك بالدفع ( بعدم التنفيذ) أن يكون الإلتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء ، أو في عبارة أخرى واجب التنفيذ من وفوره.
شروطه : 1) - أن يكون التزام المتعاقدين ناتج عن عقود تبادلية.
2) - أن تكون الالتزامات الناشئة عن هذه العقود مستحقة الأداء (أي يجب تنفيذها حالاً) ، وعليه ففي البيع مثلاً لا يجوز للبائع أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ أو يحبس المبيع عن المشتري إلا إذا كان الثمن كله أو بعضه مستحق الدفع ولم يدفع .
3) - وجوب مراعاة حسن النية عند التمسك بالدفع ، ومراعاة حسن النية هي قاعدة عامة عند تنفيذ العقود ، وعلى ذلك لا يجوز للمتعاقد أن يتمسك بهذا الدفع إذا كان هو المتسبب في عدم تنفيذ الالتزام المقابل ، أو إذا كان ما لم ينفذ من الالتزام المقابل هو جزء يسير بالنسبة إلى جملة الالتزام ، وعليه لا يجوز للمشتري وهو دائن بالضمان (أي ضمان التعرض أو الاستحقاق عليه من الغير أو من البائع نفسه عند تملكه للمبيع) أن يمتنع عن دفع الثمن إذا لم يكن هناك سبب جدي أو حقيقي يبرر خشية وقوع التعرض له من البائع أو الغير .
ـ فلا يجوز الدفع بعدم التنفيذ في بعض الحالات : مثلا :
ـ عندما يتفق العاقدان ، ( أو تجرى العادات ) على أن ينفذ أحد العاقدين إلتزامه قبل الآخر ( كعامل أو صاحب الفندق يقدم عمله أو خدماته لصاحب العمل أو للعميل قبل أن يتقاضى أجرة العمل أو ثمن الخدمات).
الاعتبار الذي تقوم عليه قاعدة الدفع بعدم التنفيذ : عندما تكون الالتزامات في العقود الملزمة للجانبين مستحقة الوفاء ، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه في حال عدم تنفيذ المتعاقد الآخر ما التزم به.
- إذا كان للدائن في العقد الملزم للجانبين ، أن يطلب الفسخ في حال عدم تنفيذ المدين لالتزامه .
- و في هذه القاعدة ترد نفس فكرة الفسخ ، فيقتصر الدائن على وقف تنفيذ العقد حتى ينفذ المدين التزامه .
- فالإرتباط في العقد هو الإلتزامات المتقابلة للجانبين ، فيكون التنفيذ من جهة مقابلاً للتنفيذ من جهة أخرى .
متى يمكن التمسك بالدفع بعدم التنفيذ :
- الحق في الحبس هو الأصل في دائرة العقود الملزمة للجانبين ، فكل من التزم بأداء شيء له أن يمتنع عن الوفاء به مقابل عدم الوفاء بالالتزام المقابل من جهة المدين .
- فالدفع بعدم التنفيذ فرع عن الحق في الحبس ، فمتى طبق الحق في الحبس في إطار العقد الملزم للجانبين ، كان ذلك بمثابة دفع بعدم التنفيذ ، و إذا طبق خارج هذا الإطار عاد إلى الأصل ، فهو محصور في العقود الملزمة للجانبين ، كالفسخ .
ثم إن الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه ، لا يكفي أن يكون في عقد ملزم للجانبين فقط ،و لكن يجب أن يكون هذا الالتزام واجب التنفيذ حالاً .
و فيما يتعلق بالالتزامات المدنية غير الحالَّة ، لا يجوز الدفع بعد تنفيذها ، فمن باع سلعة بثمن مؤجل ، ليس له أن يحبس العين لعدم قبض الثمن ، إلا إذا كان الأجل قد سقط و انتهى ، أو منح القاضي المدين نظرة الميسرة .
و إذا أوجب العقد على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر ، فلا يحق له أن ينتفع من هذا الدفع ، و لكن يتعين عليه أن يقوم بوفاء ما التزم به ، من غير انتظار لوفاء المتعاقد الآخر .
كيفية التمسك بالدفع بعدم التنفيذ :
الدفع بعدم التنفيذ ، لا يحتاج لأجل التمسك به أن يعذر الطرف الآخر في العقد قبل إعماله ، فهو بخلاف المطالبة بفسخ العقد ، فإن الاعذار في حالة الفسخ واجبة .
ثم إن إعمال هذا الدفع في حد ذاته إعذار كافي للطرف الآخر في العقد ، و إعلام له بوجوب تنفيذ الالتزام الذي في ذمته .
و هناك حالة يكون الإعذار فيها واجباً ، و ذلك فيحالة التمسك بالدفع ؛ لإنشاء التزام بالتعويض عن التأخر في تنفيذ العقد ، و هذا طبقاً للقواعد العامة
آثاره الدفع بعدم التنفيذ : للدفع بعدم التنفيذ آثار بين المتعاقدين وآثار بالنسبة للغير على النحو التالي : 1- آثار الدفع فيما بين المتعاقدين :
لا يترتب عليه انقضاء الالتزام بل وقف تنفيذه ، ووقف التنفيذ لا يؤثر على مقدار الالتزام إذا كان العقد من العقود الفورية كالبيع ، أما إذا كان من عقود المدة كالإيجار ، أو من العقود مستمرة التنفيذ كعقود توريد الغاز أو الكهرباء فأنه يترتب على وقف تنفيذه نقص في كم الالتزام بمقدار مدة الوقف..........والدفع بعدم التنفيذ يخول لحابس الشيء استعمالا لحقه في الحبس ( حق تقدمه على سائر الدائنين في اقتضاء حقه الذي حبس الشيء من اجله من الشيء المحبوس أو ثمنه )
2-الدفع بالنسبة إلى الغير :
بما انه يجوز الاحتجاج بالدفع بعد التنفيذ في مواجهة المتعاقد الآخر فأنه كذلك يجوز الدفع بعدم التنفيذ في مواجه الغير أيضا ، فللمشتري أن يستعمل حقه في حبس الثمن تجاه البائع وتجاه خلفه الخاص كالمحال بالثمن (كأن يحيل البائع شخص آخر لاستيفاء الثمن من المشتري) كما يجوز للبائع أن يحتج في بحقه في الحبس قبل باقي دائني المشتري كما انه يتقدم عليهم في استيفاء حقه من الشيء المحبوس أو من ثمنه (كما ذكرت في المثال السابق).
أسباب إنقضاء الدفع بعدم التنفيذ : ينقضي للأسباب التالية : 1) إذا منح الدائن المدين أجلا جديداً بعد حلول ميعاد الوفاء بالتزامه. 2) إذا هلك الشيء المحبوس تحت يد الحابس كالبائع بسبب أجنبي ، ففي هذه الحالة يتحمل المشتري تبعة الهلاك . 3) إذا خرج الشيء المحبوس إراديا من يد الحابس ، كأن يسلم البائع المبيع إلى المشتري ..أما إذا خرج الشيء المحبوس منه غصباً فله المطالبة بإسترداده .
خاتمة : الدفع بعدم التنفيذ فهو لا يصلح إلا في العقود التبادلية أي العقود التي يكون أطرافها دائنين ومدينين في نفس الوقت ، كعقد البيع (فالبائع مدين بتسليم المبيع ودائن بالثمن ، والمشتري مدين بدفع الثمن ودائن بتسليم المبيع) ، أما فكرته فهو بدلاً من أن يقوم المتعاقد بفسخ العقد إذا لم يقم الآخر بتنفيذ التزامه، أن يقوم هو بدفع المتعاقد الآخر لتنفيذ التزامه عن طريق امتناعه هو عن تنفيذ الالتزام المترتب في ذمته للمتعاقد المهمل ، وعليه فهي وسيلة يلجأ إليها المتعاقد في العقود التبادلية للضغط على المتعاقد الآخر وحمله على تنفيذ التزامه دون حاجة إلى الترافع إلى القضاء وطلب الفسخ.
ـ و يجب في النهاية أن يكون العاقد ( في التمسيك بالدفع ) حسن النية.