logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





05-01-2016 10:30 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 16-11-2014
رقم العضوية : 1154
المشاركات : 326
الجنس :
قوة السمعة : 180
المستوي : ليسانس
الوظــيفة : متربص

شرح دور القاضي الجنائي في الإثبات
مقدمة
للإثبات الجنائي ذاتيته المستقلة وخصائصه التي يتميز بها عن الإثبات المدني ، ومن ابرز هذه الخصائص الدور الفاعل والرئيسي الذي يوكل للقاضي فى كشف الحقيقة ، ويتضاعف أهمية هذا الدور بالنظر إلى طبيعة الدعوى الجنائية ، والذي يكون للقاضي فيه تكوين عقيدته من أي دليل .

فالدعوى الجنائية هي نشاط القاضي فهو القائم على إدارتها وعليه أن يتوصل إلى معرفة الحقيقة المادية التي تشكل قناعته للحكم فيها .
ومن تم فان القاضي الجنائي لا يملك فحسب إلا مكانات القانونية للبحث عن الحقيقة فى كل مصادرها بل انه ملزم قانوناً بالبحث عنها وإقامة الدليل عليها ولا يكتفى فى سبيل ذلك بما يقدمه الخصوم أو ما يتفقون عليه من أدلة ، كما هو الشأن فى الخصومة المدنية ، بل فرض عليه القانون دوراً ايجابياً فى البحث عن الأدلة وفحصها وتقديرها وتكملة النقص والقصور فيها .

لقد خول القانون للقاضي الجنائي أن يأمر ولو من تلقاء نفسه أثناء نظر الدعوى تقديم أي دليل يراه لازماً لإظهار الحقيقة ، وإذا تعذر تحقيق دليل أمام المحكمة جاز لها أن تندب احد أعضائها أو قاضي أخر لتحقيقه ، فواجب المحكمة هو مباشرة جميع إجراءات الدعوى بنفسها متى دفعت إليها ودخلت فى حوزتها ، بل أن المحكمة ملزمة بالتعاون مع الدفاع فى أداء مأموريته ، وان تأمر بالبحث عن الشاهد ما دام الدفاع قد لجأ إليها فى ذلك واثبت أن الشاهد يتهرب من تسلم الإعلان ليتخلص من الشهادة .

إن القاضي الجنائي له الحق فى تعيين الخبراء فى الدعوى وبصفة عامة فان المحكمة أذا ما واجهت مسألة فنية بحثه أن تتخذ من الوسائل ما تراه للوصول إلى حقيقة الدعوى .

وعليه وطالما كان القضاء الجنائي معنى مباشرة بمصائر الناس ، فالمجني عليه ينتظر قصاصاً من الجاني وحكماً عادلاً يرضيه ، والمتهم مصيره بين إدانة وبراءة بكل ما ينجم عنه من أثار حياتية ، فالقاضي معنى يلعب دور ايجابي ، ولذلك منحه المشرع سلطات واسعة فى البحث عن الحقيقة ولم يقيده كمبدأ عام بأدلة دون غيرها فله مطلق الحرية فى اختيار الدليل وتقييمه ، وطالما كان المتهم هو الطرف الضعيف فى مواجهة السلطة العامة ، فان نظرية الإثبات الجنائي تحكمها دعامة جوهرية فى حماية هذا الطرف بافتراضها براءة المتهم حتى ثبوت إدانته على نحو يقيني ، وإفادة هذا المتهم من أي شك يساور المحكمة - بتفسير الشك فى مصلحته ، وللمحكمة بهذا دور هام ، ولها استبعاد أي دليل إدانة ورد إليها بطريق غير مشروع

فالمشرع الجنائي لم يمل على القاضي دليل إثبات أو نفي محدد بل جعل له مطلق الحرية فى تقدير ما يعرض عليه من أدلة ووزن القوة التدليلية لكل دليل على حده والأخذ بما تطمئن إليه نفسه ، وهذا ما يحقق للسلطة التقديرية ، الممنوحة للقاضي الجنائي أثرها المطلوب فى تحقيق العدالة ، وإعطاء الثقة فى النفوس نحو القضاء واحترامه .

إن للقاضي دور هام فى الإثبات فى الدعوى ، وان كان القاضي المدني مقيد بأدلة محددة ، على خلاف القاضي الإداري أو الجنائي ، إلا أن القانون أعطى للقاضي سلطة فى تقدير دليل الإثبات ومن هنا يبدأ الدور الايجابي للقاضي ، ويتفق الفقه والقضاء على أن المحكمة هي الخبير الأعلى فى الدعوى و الطبيعة الخاصة للقضاء الإداري وللقضاء الجنائي جعلت للقاضي فيهما دوراً مميزاً ايجابياً وفاعلاً فى توجيه أدلة الإثبات وفى تقديرها اكبر بكثير من السلطة التي يتمتع بها القاضي المدني.

كما أن القاضي الجنائي أعطى حرية وسلطة واسعة فى اختيار الدليل وله تكوين عقيدته من أي دليل، ولذلك يبرز الدور الايجابي لهذا القاضي من حيث اختيار الدليل أو الواقعة التي ترجح لديه دليل الإدانة أو دليل البراءة ، محكوماً بضميره العادل ، وهو يصل إلى ما يصل إليه من قناعة معملاً أقصى حدود تفكيره وضميره فى تمحيص الواقعة والدليل فى أسلوب وتسلسل منطقي يضفى طمأنينة على نفس المطلع على حكمه بما بني عليه من مقدمات ومعطيات توصل إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم مباشـرة .


حرية القاضي فى تكوين عقيدته
إن مبدأ حرية اقتناع القاضي الجنائي هو أحد المبادئ المستقرة فى القوانين الإجرائية الحديثة . وقد تعددت تعريفات الفقهاء لماهية هذا المبدأ وأقرب هذه التعريفات وأدقها بياناً وتفسيراً هو أنه الحالة الذهنية أو النفسية أو ذلك المظهر الخارجي الذى يساعد وصول القاضي باقتناعه إلى اليقين بحقيقة واقعة لم تحدث تحت بصره .


ونظام الأدلة القانونية Preuves Legales مقتضاه أن تقيد القاضي فى حكمه بالإدانة أو بالبراءة بأنواع معينة من الأدلة ، أو بعدد منها طبقاً لما يرسمه التشريع المطبق دون أن يأبه فى ذلك بمدى اقتناع القاضي بصحة ثبوت الواقعة أو عدم ثبوتها ، ومن ثم يلتزم القاضي بالأخذ بهذه الأدلة وإنقاذ حكمه ولو لم يكن مقتنعاً بها ، وقد ساد ذلك فى التشريعات الجنائية السابقة على الثورة الفرنسية والتى جاءت وأقرت مشروع قانون بإدخال نظام المحلفين وقاعدة شفوية المرافعة ، وفى نفس الوقت نظام الإثبات الجنائي المبني على حرية القاضي فى تكوين اقتناعه ،وكان ذلك بتاريخ 18 يناير 1791م ، ثم استقر نهائياً فى تشريع تحقيق الجنايات الفرنسي الذى وضع فى سنة 1808م .


ولقد ترك هذا النظام للقاضي حرية الأخذ بطرق الإثبات كافة وتقويم كل دليل وقيمتها مجتمعة فى الإثبات وفقاً لما يمليه عليه اقتناعه الشخصي ومفاد ذلك أن الشارع على خلاف نظام الأدلة القانونية قد تخلى عن إستئثاره ببيان الدليل وقوته فى الإثبات تاركاً ذلك للقاضي فاتحاً أمامه باب الإثبات على مصراعيه وعلى مد بصره بغية الوصول إلى الحقيقة وسائراً وفق القواعد القانونية التى تحكم موضوع الإثبات . بعداً به ونأياً له عن التحكم والسلطة المطلقة أي ملتزماً بتلك القواعد التى تحكم التنقيب عن الدليل وكيفية الحصول عليه ، فإن خُولفت كان عليه استبعاد الدليل ، وهذا المبدأ هو السائد فى التشريعات الحديثة .


ولقد ساعد فى انتشار هذا النظام المبني على حرية القاضي فى تكوين عقيدته ظهور الأدلة العلمية وتقدمها ، مثل تلك الأدلة المستمدة من الطبي الشرعي والتحاليل وتحقيق الشخصية ومضاهاة الخطوط وغيرها ، وهي لا تقبل بطبيعتها إخضاع القاضي لأي قيود بشأنها ، بل ينبغي أن يترك الأمر فى تقديرها لمحض اقتناعه . ولقد عبرت محكمة النقض لهذه القاعدة الأساسية فى الشرائع الحديثة ، ألا وهى قاعدة حرية القاضي فى تكوين اقتناعه بمثل قولها: " إن أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية قاضي الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى فما دام يبين من حكمه أنه لم يقض بالبراءة إلا بعد أن ألم بتلك الأدلة ووزنها فلم يقتنع وجدانه بصحتها فلا يجوز مصادرته فى اعتقاده ، ولا المجادلة فى حكمه أمام محكمة النقض ، كما أنه لا يحكم بالإدانة إلا إذا أطمأن ضميره إليها ، بشرط أن يكون الاطمئنان مستمداً من أدلة قائمة فى الدعوى يصح فى العقل أن تؤدي إلى ما اقتنع به القاضي ، وما دام الأمر كذلك فلا تجوز المجادلة فى حكمه أمام محكمة النقض .


وللقاضي حريته فى الاعتماد على أي دليل ما دام يؤدي إلى النتيجة التى إنتهي إليها سواء بطريق مباشر أم غير مباشر ، ولذلك فإن للقاضي الجنائي أن يكمل الدليل بالمنطق ويستخلص منه ما هو مؤد إليه حتماً .


إن القاضي يحكم بمحض اقتناعه بحسب ظروف كل دعوى على حدة لا يقيده رأى سبق أن أبداه فى دليل قدم إليه هو شخصياً أو لغيره من القضاة فى دعوى أخرى، ولو تماثلت الظروف بين الدعويين أو بين الدليلين .


أن حرية القاضي الجنائي ليست مطلقة فى كل قيد ، وأن يستند إلى أدلة طرحت على بساط البحث فى الدعوى وإلا كان ذلك هو التحكم بعينه


معيار اليقين فى الأحكام الجنائية :
يحكم القاضي فى الدعوى بعد تفنيد أدلتها واقتناعه بعناصر الإثبات فيها ، فإذا كانت غير أكيدة فإنه يحكم بالبراءة . إما لعدم كفاية الأدلة ، أو لعدم ثبوت التهمة فى حق المتهم ، أما إذا وجدت عناصر الإثبات بما يطمئن إليه ثبوت التهمة فى حق المتهم وتأكيد اتصاله بالواقعة على نحو قول الشهود واعترافه وتوافر كافة وسائل الإثبات ، فإنه يحكم مستنداً إلى هذه المصادر والأدلة حكماً يتفق مع المنطق والعقل . وهذا هو اليقين الحقي الذى لا مرية فيه ولا محيد لأحد عنه ، والذى يجعل حكم القاضي دائماً عنواناً للحقيقة .


مصادر اليقين :
أن اليقين هو الغاية التى يهدف إليها القاضي فيمحص أدلته ، ويناقش مضمونها ويوازن بينها ثم يرجع بعضها على البعض حتى إذا ما انتهى إلى تحديد أكثرها عمقاً واتصالاً بالحقيقة وأكثرها غوصاً فى نفسه ووجدانه فإنه يصدر الحكم استناداً إلى هذه الأدلة .


لهذا فإننا نقسم مصادر اليقين إلى مصدرين :
1- المصدر العيني لليقين القضائي :
تتمثل عناصر المصدر العيني فى الشهادة والاعتراف وأقوال المتهم متى كانت على قدر من الصدق الذى يؤدى إلى الوصول نحو الحقيقة القضائية . ولقاضي الموضوع السلطة فى تقدير الأدلة والأخذ بها متى ما رأى فى عناصر المصدر العيني ما يعتبره ذو أهمية فى الدعوى أو كان على وجه النقيض بأن يرى عدم لزومها فيطرحها جانباً استناداً إلى سلطة التقدير التى يملكها .


2- المصدر العلمي لليقين القضائي :
وهو المصدر الذى يعتمد على أساس من العلم والمعرفة ، ويستمد اليقين العلمي عناصره من المعاينة ونتائجها والخبرة الفنية والاستجواب والتسجيلات الصوتية والمرئية متى تمت فى نطاق القانون ودون عيوب إجرائية .


ويعتبر اليقين بمصدريه العيني والعلمي هي عنوان الحقيقة القضائية كلما توافقا .


- ضمانات تطبيق مبدأ الاقتناع اليقيني للقاضي الجنائي :
إذا كان المشرع قد استند للقاضي الجنائي سلطة الاقتناع بلوغاً للحقيقة التى ينشدها عنواناً لحكمه ، فإن هذه السلطة هي سلطة تثبت ، وليست سلطة تحكم، الأمر الذى بمقتضاه يصبح على القاضي أن يلتزم بأن تكون الأحكام الصادرة منه فى إطار الضمانات التى حددها القانون سلفاً ، وهى ضمانات تهدف إلى تحقيق الحقيقة القضائية ودفع الهوى والشطط عن الأحكام الجنائية .


ومن أهم الضمانات :


أ‌-أن يكون الحكم مسبباً :
يعتبر تسيب الأحكام من أهم الضمانات الجوهرية التى اقتضاها مبدأ الشرعية ، ويترتب على التناقض فى التسبيب بطلان الحكم متى كان هذا التناقض لا يتصور معه معرفة أيما الأمرين قصدته المحكمة .


ب‌ -أن يقوم الحكم على أدلة طرحت فى الجلسة :
بيان مؤدى الدليل :
لقد إستلزم المشرع لصحة الحكم أن يتضمن الإشارة إلى عناصر الإثبات ، وبيان مؤداها وما تضمنه كل منها . والعلة من ذلك أن عدم بيان مؤدى الدليل يجعل الحكم خالياً مما استشهدت به المحكمة من أدلة أشارت إليها .


الإستثناءات الواردة على مبدأ حرية الاقتناع :
هناك قيود ترد على حرية القاضي الجنائي فى تكوين اقتناعه وعقيدته نحو إصدار الحكم وهذه القيود بمثابة قواعد هامة واستثناءات رسمها الشارع على مبدأ قضاء هذا القاضي ، وذلك لضمان حماية المتهم من احتمال خطأ القضاء أو تسرعه ، وهذه الثمرة التى يبتغي المشرع تحقيقها .


ومن أهم الحالات التى تمثل استثناءً على الأصل العام :


1- محاضر الجلسات والمخالفات :
جعل المشرع لهذه المحاضر حجة فى إثبات الوقائع الواردة فيها دون أن يكون للقاضي سلطة مناقشتها .


2 - إثبات جريمة الزنا :
الأدلة التى تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه ، أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة عنه ، أو وجوده فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم .

لإثبات جريمة الزنا على المتهم بالزنا لابد من توافر الأدلة التى تقبل وحدها إثبات التهمة وهذه الأدلة هي كالتالي :
أولاً : التلبس بالزنا
ثانياً : الإعتراف
ثالثاً : المكاتيب والأوراق الصادرة من المتهم والمتضمنة اعترافاً وأن يكون الحصول عليها بطريق مشروع
رابعاً : تواجد الشرك فى منزل مسلم فى المحل المخصص للحريم .


3- الأدلة فى المسائل الجنائية :
تتبع المحاكم الجنائية فى المسائل غير الجنائية التى تفصل فيها تبعاً للدعوى الجنائية طرق الإثبات المقررة فى القانون الخاص بتلك المسائل وفى هذا ضرورة تستلزمها طبيعة هذه المسائل التى لا يتصور إثباتها إلا بالقانون الذى تنتمي إليه .

خاتمة
وفى الختام فإن دور القاضي الإداري والقاضي الجنائي عظيم الأثر وهام لتحقيق مبدأ المشروعية وتحقيق العدالة ، وإن التقابل بين الإثبات المدني والجنائي ليس مطلقاً والتشابه بينهما ظاهري وان الاختلاف الأساسي بينهما قائم فى رجحان نظام الأدلة الاقناعية فى الإثبات الجنائي ورجحان نظام الأدلة القانونية فى الإثبات المدني وهما المبدأن اللذان يحكمان قبول الدليل بصفة عامة وان التشابه بين القضاء الإداري والقضاء الجنائي فى مسألة الإثبات حاصل فى الدور الايجابي الذي يقوم به القاضي الإداري وكذلك القاضي الجنائي فى الدعوى وتوجيه الخصومة وقبول الدليل من عدمه وان كانت وسائل الإثبات وسلطة تقديرها اكبر وأوسع للقاضي الجنائي عن تلك المتاحة للقاضي الإداري .
وفى الختام أسال الله التوفيق للجميع معتذراً عن أوجه القصور والتقصير بهذه الورقة .

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
دور ، القاضي ، الجنائي ، الإثبات ،









الساعة الآن 10:33 PM