مذكرة شروط رفع دعوى تجاوز السلطة
الاختصاص القضائي و شروط قبول الدعوى
الشروط المتعلّقة بالمدّعي
شرط انتفاء الدعوى الموازية
أهلية الشخص الطبيعي و تمثيله
أهلية الشخص الإعتباري و تمثيله
الشروط الأخرى لقبول دعوى تجاوز السلطة
شرط التظلّم الإداري المسبق
الشروط المتعلّقة بالعريضة الإفتتاحيّة للدعوى
الشروط الموضوعيّة لرفع دعوى تجاوز السلطة
موقف القضاء الإداري الجزائري
شرط التظلّم الإداري المسبق أمام مجلس الدولة، وفي بعض النصوص الخاصّة
كرّس الدستور الجزائري لسنة 1989مبدأ الفصل بين السلطات ، فتمارس الإدارة نشاطها بصفة مستقلّة عن السّلطتين التشريعيّة والقضائيّة.
وهي تتمتّع بامتيازات السّلطة العامّة. لكن ذلك لا يسمح لها بالتعسّف والتعدّي، فهي ملزمة باحترام مبدأ المشروعية .كما تخضع أعمالها للرقابة القضائيّة من خلال مختلف الدعاوى المرفوعة.
تعتبر دعوى تجاوز السلطة أو دعوى الإلغاء من أهم هذه الدعاوى، فهي تهدف إلى إلغاء القرارات الإداريّة غير المشروعة. ومن أجل ذلك لابد من توافر مجموعة من الشروط يطلق عليها شروط رفع دعوى تجاوز السلطة وهو موضوع المذكّرة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الشروط عرفت تغييرا وتطوّرا تماشيا مع تطور النظام القضائي الجزائري.
فبموجب المادّة231من الأمر رقم66-154المؤرّخ في 8-06-1996المتضمّن قانون الإجراءات المدنيّة، أوكل المشرّع الجزائري الاختصاص للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى للفصل في دعاوى تجاوز السلطة دون غيرها من الهيئات القضائية.
غير أنّه بتعديل قانون الإجراءات المدنيّة بمقتضى القانون رقم 90-24المؤرخ في 23-08-1990 وزع الاختصاص بين ثلاث جهات قضائية للفصل في هذه الدعوى: الغرف الإدارية المحليّة بالمجالس القضائية، خمس غرف إداريّة جهويّة بالمجالس القضائية ( قسنطينة، الجزائر، وهران، بشار، ورقلة )، والغرفة الإداريّة بالمحكمة العليا.
إلى أن جاءت المادة 09 من القانون العضوي 98-01 المؤرّخ في 30-05-1998 المتعلّق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله التي جعلت النّظر في دعاوى إلغاء قرارات السّلطات الإداريّة المركزيّة والمنظّمات المهنيّة والهيئات العموميّة الوطنيّة من اختصاص مجلس الدولة بصفة ابتدائية ونهائية.
فكان المشرّع الجزائري في كل مرة يعيد النظر في هذه الشروط .
كلّّ ذلك يدلّّ على أهميّة هذا الموضوع، فالبرغم من أنّه موضوع كلاسيكي لكنّه موضوع السّاعة وموضوع حيوي، وذلك لكثرة دعاوى تجاوز السلطة المطروحة أمام القضاء.
الأمر الّذي لاحظناه من خلال التربّصات الميدانية لدى مختلف الجهات القضائية في أنحاء الوطن.
إضافة إلى صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم 08-09 المؤرّخ في 25-02-2008 الساري المفعول بعد سنة من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية والمتضمن في كتابه الرابع الإجراءات الواجبة الإتباع أمام الجهات القضائية الإدارية-لأول مرة يصدر في الجزائر قانون خاص بالإجراءات الواجبة الإتباع أمام الجهات القضائية الإدارية بشكل مستقل عن تلك الواجبة الإتباع أمام جهات القضاء العادي.
فكان ذلك من بين الأسباب الّتي دفعتني إلى تناول هذا الموضوع في إطار قانون الإجراءات المدنية رقم66-154المعدّل والمتمم وهو القانون الساري المفعول حاليا، وما جاء في ظل قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08-09، هذا من جهة. ومن جهة أخرى معرفة موقف القضاء الإداري الجزائري من هذه الشروط، لاسيما وأنّه قضاء فتيّ نسبيّا كجهة قضائية مستقلة عن القضاء العادي.
ولقد اتبعت المنهج التحليلي لدراسة هذا الموضوع، من خلال تحليل المواد القانونية وكذا على ضوء الاجتهاد القضائي الإداري الجزائري، مع اللّجوء أحيانا إلى أسلوب المقارنة مع القضاء المقارن كلّما دعت إليه الضرورة.
ومن أجل الإلمام بالموضوع ارتأيت طرح عدة تساؤلات أهّمها :
ماهي الجهة القضائية المختصة بالفصل في دعوى تجاوز السلطة ؟
ماهي شروط قبول هذه الدعوى ؟
ماهي الشروط الموضوعيّة لرفع دعوى تجاوز السلطة ؟.
نستخلص ممّا سبق أنّه لابدّ من توافر مجموعة من الشروط لرفع دعوى تجاوز السلطة، حتّى يتوصّل القاضي الإداري إلى إلغاء القرار الإداري لعدم مشروعيّته. وتتمثل هذه الشروط في شرط الاختصاص القضائي شروط قبول الدعوى و شروط موضوعيّة تشمل مختلف العيوب الّتي يمكن أن تشوب القرار الإداري والمؤديّة إلى إلغائه.
ولقد نظّم المشرّع الجزائري شروط رفع دعوى تجاوز السلطة شرط الاختصاص وشروط قبول الدعوى وأدخل عليها تعديلات لتسهيل إجراءات التقاضي وتبسيطها، وآخرها جاء في إطار قانون الإجراءات المدنية و الإدارية 08- 09 متداركا نقاط الاختلاف والتباين. تاركا مسألة الشروط الموضوعية للاجتهاد القضائي الإداري. وبالتالي يملك القاضي الإداري صلاحيات كافية لفرض احترام القانون و حماية المواطن من تعسّف الإدارة.
لكن هل ذلك كاف لسيادة مبدأ المشروعية وتحقيق دولة القانون؟
لقد جعل الله سبحانه وتعالى الإنسان خليفة له في الأرض وأمره" بالعدل والإحسان".
إنّ اللّه يأمر" بالعدل و الإحسان". وبما أنّ دعوى تجاوز السلطة-عند توافر شروط رفعها تهدف إلى منع الإدارة من تعسّفها بإلغاء قراراتها غير المشروعة، فهي وجه من أوجه تحقيق العدالة. ومن أجل تحقيق هذه الأفاق و إعداد البيئة المناسبة لذلك يمكن أن تطرح بعض الأفكار المجسّدة لذلك :
إنّ القاضي هو فاه القانون و ضميره. فالقاضي الإداري هو المنطلق الأساسي لتجسيد النصوص والقواعد المتعلقة بشروط رفع هذه الدعوى، وفرض احترامها. الأمر الّذي يستلزم تخصّص القضاة الإداريين، و العمل على توحيد الاجتهاد القضائي الإداري.
وجود مركز وطني للبحث في المسائل القانونية يسعى لتطوير النظام القانوني بما يتلاءم مع مختلف المراحل التي يشهدها المجتمع الجزائري والتكيّف مع الميكانيزمات الحديثة في العالم.
مساهمة وسائل الإعلام والاتصال في تقريب المواطن من الإدارة تحلّي المواطنين بروح المسؤولية.