حاول القضاء الإداري في فرنسا ومصر حسم هذا الخلاف بتحديد المبادئ الرئيسية للعقود الإدارية و العقد الإداري هو الذي يبرم شخص القانون العام يقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره و أن تظاهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون و تضمين العقد بشروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص بقصد تسيير مرفق عام مما يخول للمتعاقد مع الإدارة للاشتراك مباشرة في تسيير مرفق عام.
أما معايير تمييز العقود الإدارية و هي أن تكون الإدارة طرفا في العقد و هذا الشرط تستلزمه المبادئ العامة للقانون الإداري الذي وجد ليحكم نشاط السلطات الإدارية أما العقود التي تبرم بين الأفراد و أشخاص القانون الخاص الأخرى فإنها تعد من عقود القانون الخاص و لو أبرمت لتحقيق المصلحة الخاصة .. أما أشخاص القانون العام تتمثل في الدولة و الوزارات و المؤسسة التابعة لها.
تبرم الإدارة أنواع مختلفة من العقود الإدارية ، هي عقود نظمها المشرع بأحكام خاصة و أهم ثلاث عقود أشار إليها أغلب التشريعات منها عقد الامتياز الذي يعتبر أهم العقود الإدارية لأنه يمنح للفرد أو الشركة حق بإدارة و استغلال مرفق عام ،أما الأشغال العامة هو عقد المقاولة بين شخص من أشخاص القانون وهو فرد أو شركة يتحد المقاول بعمل من أعمال البناء أو الترميم مقابل ثمن يحدد في العقد و عقد التوريد ، هو اتفاق بين شخص من أشخاص القانون العام فرد أو شركة يتعهد بمقتضاه هذا الأخير توريد منقولات معينة لشخص معنوي لازمة لمرفق عام مقابل مبلغ ما.
و أن دراستنا الموضوع العقد الإداري جعلتنا نستخلص النتائج التالية :
- يعتمد العقد الإداري في الجزائر على معيار عضوي لم يعد كافيا في تكييف عقود الإدارة ويتكامل العيارين الموضوعي و الشكلي بشكل كبير مع المعيار العضوي في الطبيعة الإدارة للعقد.
- تتعدد العقود الإدارية بتنوع نشاطات الحياة العامة ، ومن الصعب تقسيمها ويضل كل من المعيار القانوني و المعيار القضائي هو المرجع في تفصيل هذا التقسيم.
- تتمتع الإدارة بحماية السلطات و حقوق متعددة.
- تسعى الإدارة العامة من خلال سلطاتها إلى تنفيذ العقود الإدارية وفق بنودها وفي أجالها، لتحقيق الصالح العام.
القانون يخول الإدارة العامة ممارسة و استعمال سلطات منها :
- سلطة الرقابة والإشراف سلطة تعديل العقد سلطة توقيع الجزاءات فيها عن ذلك سلطة فسخ .
- تقرر الإدارة سلطات و امتيازات واسعة في مواجهة المتعاقد معها ، فعهد القضاء إلى وضع حدود تماشيا ونطاق المشروعية من تعسف الإدارة و أن موضوع تنفيذ العقد إنهائه نال أهمية كبيرة من جانب القانون و القضاء الإداري في المجال الاقتصادي وحماية المال العام ، ويعد ذلك تطور ملحوظ في مجال العقود الإدارية سرعة لا متناهية من أجل تيسير وتنظم المرافق العامة وتحقيق المصلحة العامة إلا أن هذه الامتيازات التي تتمتع بها الإدارة المتعاقدة ليست على اطلاتها بل هي مقيدة بقيود ولها حدودها بحيث على الإدارة احترامها لكونها تشكل ضمانا للمتعاقد معها وتولد له حقوقا تتمثل في الحصول على المقابل المال و اقتصاد التعويض عن الإضرار التي تلحقها بسبب تصرفات الإدارة المتعاقد التي لا خلال بالالتزامات التعاقدية وضمان التوازن المالي للعقد و الذي يعني تحمل الإدارة الزيادات في الأعباء المالية المترتبة عن وجوب تنفيذ العقد الأسس التي تحكم التزامات المتعاقد في التنفيذ إلى التزامه بالتنفيذ وفق للشروط المحددة بالعاقد و ما يتبعه من وثائق و دفاتر الشروط والتزامه بمبدأ حسن النية في التنفيذ و ضرورة مراعاة الدقة والعناية و احترام المدة المحددة للوفاء بالتزاماته وعدم جواز تمسكه بالدفع بعدم التنفيذ للتحلل من التزاماته بحجة تقصير الإدارة في الوفاء بالتزاماتها ، العقد الإداري كوسيلة تستخدمها الإدارة لتنفيذ مشروعاتها وتسيير مرافقها بانتظام و اطراد بغية تحقيق النفع العام يؤن له أثره على تكييف وضع المتعاقد في نطاق العقد الإداري بوصفه معاونا في المقام الأول للإدارة في تسيير أفقها بصورة منتظمة و مستمرة.
من خلال دراستنا الموضوع العقد الإداري، نستخلص ما يلي :
1- أن العقد الإداري في الجزائر يعتمد أساسا على معيار عضوي لم يعد كافي في تكييف عقود الإدارة.
2- يتكامل المعيار الموضوعي بشكل كبير مع المعيار في استنتاج الطبيعة الإدارة لعقود الإدارة.
3- تتحد أركان العقد الإداري وشروط صحة انطلاقا من الأحكام العامة في القانون المدني وهو بذلك لا يختلف عن العقد المدني، إلا في بعض المسائل الجزئية التي تتصل أساس بالمرفق العام.
4- تنوع العقود الإدارية تنوع نشاطات الحياة العامة وبذلك من الصعب التسليم بتقسيم معين لها، ويضل كل من المعيار القانون و المعيار القضائي راجحا في تحصيل هذا التقسيم.
5- لا يلزم المشرع الإدارة أن يتبع طرق معينة في إبرام العقود الإدارية إلا فيها يتعلق بالصفات العمومية.
6- تتمتع الإدارة بحرية اختيار الإجراءات و الشكليات المناسبة، وهي ذلك غير مقيدة بأي نمط، إلا فيها يتعلق بالصفقات العامة
7- تترتب عن العقد الإداري أثار بمجرد إبرامه و تبد و غيرها مألوفة ،لكنها تعتبر عن أحدا خصائصه.
8- إن هذه الآثار التي يترتب عنها هي حقوق والتزامات لطرفيه ، يكاد الفقهاء يجمعون عليها و إن اختلفوا في تقسيمها وترتيبها.
9- إن الحقوق و الالتزامات بالنسبة للمتعاقد تسعى دائما إلى تحقيق المصلحة الخاصة به و المتمثلة في تحقيق الربح ، وفي المقابل هذا تنفيذه كل التزاماته العقدية.
10- فالمتعاقد الحق بالتعويض وذلك لتأمين تنفيذ التزاماته حفاظا على سير المرافق العامة بانتظام و اطراد.
11- فالمزايا و الأعباء يجب أن تتوازى بما يحقق التوافق بين القواعد المتمثلة و الالتزامات المرفوضة.
12- في الأخير إلى أن العقد الإداري عقد تبرمه إدارة عامة تستعمل فيه استثنائية، وتستهدف به المصلحة العامة ، لتحقيق حاجات المرفق العام.
تبرم الإدارة العامة العقود الإدارية بغرض تلبية حاجاتها ومن ثم تحقيق المصلحة العامة، ومن أهم هذه العقود، الصفقات العمومية، غير أن ما يميز هذه الأخيرة عن غيرها أنها تتضمن جوانب فنية معينة، ولأجل ذلك وضع لها المشرع الجزائري أحكاما تشريعية وتنظيمية مستقلة مقارنة ببعض العقود الإدارية الأخرى.
هذه الأحكام كرست في المرسوم الرئاسي15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العمومي، حيث أولى هذا المرسوم عناية كبيرة للإجراءات المتعلقة بإبرام الصفقة العمومية واضعا لها مبادئ عامة أوجب إتباعها من قبل الإدارة العامة المتعاقدة، بغية تحقيق نجاعة الطلبات العمومية والاستعمال الحسن للمال العام. الكلمات المفتاحية: الإدارة العامة، المرافق العمومية، العقود الإدارية، الصفقة العمومية، المال العام.
المبادئ الأساسية لإبرام العقد :
تتبع الإدارة أساليب عدة لإبرام عقودها الإدارية وفي هذا المجال سنتطرق لأهم الأساليب والشكليات المتعلقة بالعقود الإدارية:
الأساليب الأساسية :
1- طلب العروض l’appel d’offre :
وكما سماها المشرع الجزائري في المرسوم الرئاسي 02-250 المؤرخ في 24 جويلية 2002 بالمناقصة حيث عرفتها المادة 21 من نفس المرسوم كم ايلي : ” المناقصة هي إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة منافسين مع تخصيص الصفقة للعارض الذي يقدم أحسن عرض ”.
فنص المادة جاء صريحا على أحسن عرض هو من يفوز بالصفقة ولكن وحسب التعريف الذي جاء به ” غوستاف بيرز ” gustave peirez في كتابه القانون الإداري :
« l’appel d’offre : cette procédure fait aussi appel à la concurrence , mais l’administration est libre de choisir son contractant »
أي بمعنى أن الإدارة تقوم بهذا الإجراء ولها كامل الحق في اختيار من تشاء من المتعهدين ومن المتعاقدين.
ويعتبر طلب العروض أهم طريقة لإجراء العقود الإدارية ويمكن لهذه الطريقة من إبرام العقود أن تأخذ شكلين وهما طريقة العروض المفتوحة: ونكون أمام هذه الصيغة إذا ما منحت الإدارة الحق لجميع الأشخاص لا لترشح من اجل الفوز بالصفقة.
طريقة العروض المحدودة: وهي الطريقة التي يكون فيها أعداد المترشحين محدودا نظرا للشروط التي فرضتها الإدارة على من يريد التعاقد معها.
2- المزايدة والمناقصة :
فالمزايدة تستعملها الإدارة إذا ما أرادت بيع مقولاتها أو تأجير ممتلكاتها لمن يدفع أكثر ولقد نصت المادة 27 من القانون 02-250 على هذا النوع من التعاقد حيث جاءت كما يلي: ” المزايدة هي إجراء يسمح بتخصيص الصفقة لمتعهد الذي يقترح أحسن عرض وتشمل العمليات البسيطة من النمط العادي ولا تخص إلا المترشحين الوطنيين أو الأجانب المقيمين في الجزائر”.
- أما المناقصة فإنها تشبه كثيرا ما يسمى بطلب العروض إلا أنها تستعمل في الغالب إذا ما كانت قيمة الصفقة كبيرة، كصفقة بناء مستشفى، فإن الإدارة تعلن مناقصة لاختيار أحسن عرض وتكون إما مناقصة وطنية أو مناقصة دولية حيث تقوم الإدارة حيث تقوم الإدارة بالصفقة، وتعمل على اختيار احسن عرض من هذه العروض.
3- طريقة الاتفاق المباشر التراضي : ” le marché gré à gré “
لقد عرفها ” غوستاف بيرز” كما يلي :
« dans ce cas l’administration, comme le particulier discute librement et choisi qui elle veut ( en matière de concession de service public), l’administration à toujours la liberté de choisir »
ولقد عرفته المادة 23 من المرسوم 02-250 كما يلي: ” التراضي هو إجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية للمنافسة”
إلا أن هذا النوع من التعاقد يخضع لقواعد صارمة ولا يكون إلا في حالات حددتها المادة 37 من هذا المرسوم.
تلجأ المصلحة المتعاقدة إلى التراضي البسيط في الحالات الآتية :
عندما لا يمكن تنفيذ الخدمات إلا على يد متعامل متعاقد وحيد يحتل وضعية احتكارية أو ينفرد بامتلاك الطريقة التكنولوجية التي اختارتها المصلحة المتعاقدة.
في حالة الاستعجال المعلل بخطر داهم يتعرض له مالك أو استثمار وقد تجسد في الميدان ولا يكفي التكيف مع آجال المناقصة شرط أنه لم يكن في وسع المصلحة المتعاقدة التنبأ لظروف المبينة لحالات الاستعجال، وأن لا تكون نتيجة ممارسات احتيالية من طرفها.
في حالة تموين مستعجل مخصص لضمان سير الاقتصاد أو توفير حاجات السكان الأساسية.
الشكليات المتعلقة بالعقود الإدارية :
1- مبدأ الشكل الكتابي للعقد الإداري le principe de la forme écrite”:
« Le contrat administratif ne sont pas assujettis à l’obligation de la forme écrite, ils peuvent être verbaux mais la forme écrite est obligatoire pour les marchés publics »
وكما نعلم أن الشكل يلعب دور هام في المحافظة على حقوق المتعاقدين سواء في العقود الخاصة أو العقود الإدارية فعقد الملكية لابد أن يكون مكتوبا ومسجلا في الدوائر المختصة، ففي هذا العقد يلزم الشكل لتمام العقد لأنه أحد أركان العقد.
الشكل في العقود الإدارية نجده في بعض الأحيان محدد قانونا كما هو الشأن بالنسبة للصفقة العمومية إذ جاءت المادة 03 من المرسوم الرئاسي02-250 على النحو التالي:
” الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به ”.
إن الأصل فهو يتمثل في حرية الإدارة في التحلل والتخلص من الشروط الشكلية للكتابة في العقود الإدارية .
إلا أن هذا لا يعني أنها تستغني عن كتابة العقود فمن طبيعة الإدارة أنها تستعمل الكتابة ليس بمثابة الشكل في العقود وإنما بمثابة الشكل للإثبات.
إن طريقة كتابة العقود تعد الطريقة السليمة التي لا بد للغدارة من انتهاجها للمحافظة على سيرورة المرفق العام.
2- دفتر الشروط : les cahiers de charges
« Les cahiers de charges d’un contrat administratif est de l’ensemble de **s écrites qui déterminant des conditions du contrat, cette ensemble est complexe »
و هي الدفاتر التي تحدد الشروط التي تبرم بموجبها الصفقات وتنفذ دفاتر الشروط هذه بصفتها وثائق إدارية مكتوبة تشتمل على ثلاثة أنواع حددتهم المادة ثلاثة من المرسوم الرئاسي رقم 02-250 :
1- دفاتر البنود الإدارية العامة المطبقة على كل صفقات الأشغال و اللوازم و الدراسات والخدمات الموافق عليه بموجب قرار وزاري مشترك.
2- دفاتر التعليمات المشتركة التي تحدد الترتيبات التقنية المطبقة على كل الصفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال واللوازم والدراسات والخدمات الموافق عليها بقرار من الوزير المعني.
3- دفاتر التعليمات الخاصة التي تحدد الشروط الخاصة بالصفقة.
وعليه فإن دفاتر الشروط هي التي تحدد موضوع العقد ومدته وكذا حقوق وواجبات كل من الإدارة والمتعاقد معها إلى غير ذلك من الشروط الواجب توافرها لإبرام العقد.