اساليب التنظيم الاداري في الجزائر
تتمثل في
المركزية الإدارية
و اللامركزية الإدارية
و الوصاية الإدارية
مقدمة
المبحث الأول المبادئ العامة للتنظيم المركزي المطلب الأول : مفهوم المركزية الإداري
المطلب الثاني : صور المركزية الإدارية
المطلب الثالث : تقدير نضام المركزية الإدارية
المبحث الثاني : المبادئ العامة للتنظيم اللامركزي المطلب الاول : مفهوم اللامركزية الإدارية وأنواعها وأسسها
المطلب الثاني : العناصر المميزة للامركزية الإدارية
المطلب الثالث : تقييم نظام اللامركزية الإدارية
المبحث الثالث : الوصاية الإدارية أو الرقابة
المطلب الأول : المقصود بالرقابة (الوصاية) الإدارية و تمييزها عن السلطة الرئاسية
المطلب الثاني : مظاهر الوصاية الإدارية التي تمارسها الهيئات المركزية على الهيئات المحلية
خاتـمة
مقدمة
إن الدولة الجزائرية تطبق النظامين الإداريين المركزي واللامركزي بشكل واسع وبصورة واضحة نظرا لفلسفة نظامها السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي بحيث عرف التنظيم الإداري مجموعة من التطورات الهامة يمكن حصرها في نظام وحدة السلطة الادارية ويطلق عليها ( المركزية الادارية) و نظام تعدد السلطات الادارية و يطلق عليها (اللامركزية الادارية) و نستطيع أن نميز بينهما بمايلي :
المركزية الإدارية La centralisation administrative
المقصود بالمركزية الإدارية تركيز السلطة الإدارية في يد رجال السلطة المركزية في العاصمة،وفي يد تابعيهم مع خضوعهم للسلطة الرئاسية للوزير باعتباره الرئيس الإداري الأعلى بوزارته
والمركزية الإدارية صورتان:
التركيز الإداري La concentration administrative
معناه الاقتصار في اتخاد القرارات الإدارية على الوزارة في العاصمة وخصوصا في يد الوزيرالمركزية مع التركيز
عدم التركيز الإداري La déconcentration administrative
هو الاعتراف لبعض موظفي الوزارة بسلطة اتخاد بعض القرارات ذات الأهمية القليلة أو المتوسطة دون الرجوع أو اللجوء إلى الوزير المختص
اللامركزية الإدارية La décentralisation administrative
وهي ترك جزء من الوظيفة الإدارية بين أيدي هيئات إدارية مصلحية إقليمية أو جهوية، متمتعة بالشخصية المعنوية، لتباشرها تحت الوصاية الإدارية للسلطات المركزية
فكيف تتوزع الاختصاصات بين السلطة المركزية و هده الهيئات المستقلة و كيف يتم تحديد نشاط هده الهيئات وهل تختلف حدة الوصاية الإدارية من دولة إلى أخرى وما هي معاييرها ؟
المبحث الأول : المبادئ العامة للتنظيم المركزيالمطلب الأول : مفهوم المركزية الإداري
يقصد بالمركزية الإدارية حصر مختلف مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة في أيدي أعضاء الحكومة وتابعيهم في العاصمة أو في الأقاليم مع خضوعهم جميعا للرقابة الرئاسية التي يمارسها عليهم الوزير .
والمركزية نسق إداري مؤسس على الإنفراد المطلق في صياغة القرارات السياسية والإدارية وتدبير الشؤون العامة للبلاد انطلاقا من مركز العاصمة ،وتعني أيضا التوحيد وعدم التجزئة ،فالمركزية هي توحيد مظاهر النشاط الإداري في الدولة وتجميعها في يد السلطة التنفيذية .
ويستنتج من التعريف السابق للمركزية الإدارية أنها تتكون من ثلاثة عناصر هي :
ـ الحصرية
ـ التبعية الإدارية
ـ السلطة الرئاسية الفرع الأول : مفهوم المركزبة
الحصرية أو تركيز السلطة بين أيدي الإدارة المركزية
تعني المركزية أسلوب إداري يؤدي إلى تجميع السلطات بيد عدد محدود من الأفراد في المنظمة . هذا معنى المركزية في المنظمة ، أما معناها على مستوى الإدارة العامة هو أسلوب من أساليب نشاط الدولة يؤدي إلى تجميع الأمور الإدارية بيد الوزير والعاملين معه مع عدم استقلال الوحدات الإدارية في مجال اتخاذ القرارات الإدارية منها بعيداً عن السلطة المركزية في الأقاليم ببعض النشاطات الإدارية حسب توجيهات الحكومة المركزية .
بناءً على ذلك فإن الدولة ممثلة بجهازها الإداري في المركز وفروعه خارج المركز تقوم بمباشرة نشاطاتها وتقديم خدماتها إلى المواطنين كافة من دون استثناء في بقاع الدولة كافة ، عن طريق موظفيها الذين يتم تعيينهم من قبلها للقيام بمختلف أوجه النشاطات . وهم في ممارستهم لتلك الوظائف يخضعون لرقابة وتوجيه الجهة الأعلى في السلم الإداري . وينتج عن ذلك خضوع الجهاز الأدنى للجهاز الأعلى . وبذلك يمكن القول بأن المركزية الإدارية تقوم على ركنين أساسيين هما : 1-حصر سلطة التقرير والبت النهائي في السلطة المركزية .
وفي ظل هذا النظام لا يوجد للوحدات المحلية كيان قانوني مستقل ، وحتى إذا وجدت فهي لا تتمتع بالشخصية المعنوية ، وتخضع سلطاتها وهيآتها خضوعاً شبه مطلق للسلطات المركزية . 2- تبعية الموظفين و تدرجهم إدارياً .
بمعنى أن يتخذ الجهاز الإداري في الدولة صورة هرم متتابع الدرجات وأن يقوم بين تلك الدرجات نوع من التبعية ، يتمثل في الدرجات الدنيا في واجب الخضوع والطاعة . ويتمثل بالنسبة للدرجات العليا فيما يسمى بالسلطة الرئاسية .
وهي حصر الوظيفة والمهمة الإدارية في الدولة وفي أجهزتها حيث تحتكر الإشراف على جميع المرافق والهيئات الإدارية .ويترتب على الأخذ بالأسلوب الإداري المركزي أن سلطة اتخاذ القرارات من الناحية القانونية تتركز في أعلى قمة الهرم الإداري سواء أكان ذلك في يد رئيس الدولة أو الحكومة ،وليس معنى ذلك أن القرارات لا بد وأن تصدر من الأجهزة الإدارية العليا فقط، ولكن المقصود هو أن الجهاز الإداري الأعلى يبقى دائما هو صاحب حق التوجيه وذلك بما يصدره الرئيس إلى مرؤوسيه من تعليمات وأوامر وما يتوفر عليه من سلطات حول مراقبة أعمال المرؤوسين، إذ أن للرئيس حق إجازتها أو إبطالها أو تعديلها أو الحلول محلهم في أدائها.إذن فالتنظيم الإداري المتركز على الأسلوب المركزي يتمثل في شكل هرم إداري ينبثق من القمة حيث تتركز جميع السلطات الإدارية وينتهي بالقاعدة مرورا بأجهزة ومؤسسات وأفراد ينفذون الأوامر والتعليمات الصادرة عن الحكومة المركزية،وذلك في ظل التبعية الإدارية للسلطة المركزية إذ أن النظام الإداري التسلسلي يبقى المعيار الرئيسي الذي يتميز به النظام الإداري المركزي .
بمعنى أن لهذه الأخيرة(الحكومة) وحدها السلطة في إصدار القرارات الإدارية النهائية وتتضمن هذه السلطة ولاية تعديل هذه القرارات أو تعديل آثارها أو سحبها أو إلغائها حسبما تقتضيه ملاءمات حسن سير المرافق العمومية .
ومن مظاهر المركزية كذلك تركيز الاختصاصات الفنية في يد مجموعة من الأخصائيين في العاصمة يدرسون المسائل ويعدون القرارات ليرفعوها إلى الوزير المختص لاتخاذ القرار والتوقيع عليه وقد تكون هناك مشاركة من جانب بعض الهيئات الموجودة في الأقاليم،إلا أن هذه المشاركة لا تعدو أن تكون مجرد دراسات تمهيدية لاستخلاص الآراء التي قد تنير الطريق أمام السلطة المركزية في تسيير شؤونها العامة ويرتبط بالتركيز الإداري احتكار الوزراء لسلطة التعيين في الوظائف العمومية،فلا يترك اختيار الموظفين المحليين في الأقاليم والمدن على هيئات محلية كما أن المركزية تبعد أي نظام من شأنه إخراج الموظفين من هيمنة الإدارة المركزية . الفرع الثاني : السلطة الرئاسية
هي العنصر الأساسي في تحديد الصفة المركزية لأي جهاز إداري ،وهي لها أهمية كبرى في نظام المركزية الإدارية على مختلف مستوياته و هي جوهر النظام الإداري المركزي .
و يمكن أن تعرف السلطة الرئاسية قانونيا و فنيا تعريفا عاما بأنها القوة أو الديناموا الذي يحرك التدرج أو السلم الإداري و القائم عليه النظام الإداري المركزي في الدولة و مفهوم السلطة الرئاسية هي حق على الإدارة العامة و القانون الإداري سلطة استعمال قوة الأمر و النهي من أعلى طرف الرئيس الإداري المباشر و المختص وواجب الطاعة و الخضوع و التبعية من طرف المرؤوس المباشر للرئيس الإداري المباشر المختص ففكرة السلطة الرئاسية تتألف من عنصرين هما :
أ- حق استعمال سلطة أو قوة الأمر و النهي
ب- واجب و التزام الطاعة و الخضوع و التبعية من قبل الموظف أو العامل العام المرؤوس المطلب الثاني : صور المركزية الإدارية
هناك صورتان للمركزية الإدارية و هما التركيز الإداري و عدم التركيز الإداري الفرع الأول : التركيز الإداري
بمقتضاها تتركز السلطة الإدارية كلها في عمومياتها و جزئياتها في يد الوزراء في العاصمة حيث لا يكون لممثلهم في الإقليم سلطة للبت في الأمور الإدارية أي تتركز سلطة التنفيذ في مكاتب الوزراء حيث لا تكون هناك أي سلطة خاصة لغيرهم من الموظفين المنتشرين في البلاد حيث يشرف الوزراء من العاصمة على جميع المرافق العامة سواء كانت تلك المرافق وطنية أو محلية اي محل في مثل هذا النظام لمجالس بلدية أو إقليمية منتخبة تتولى الإشراف على المرافق المحلية و يمثل ذلك أساسا في تركيز ولاية البت و التقرير النهائي في جميع شؤون الوظيفة الإدارية في يد رجال الحكومة المركزية ، بمعني إن يكون من حق هؤلاء وحدهم سلطة إصدار هذه القرارات الإدارية النهائية و ما تتضمنه هذه السلطة من ولاية تعديل هذه القرارات و تعديل أثارها أو سحبها أو إلغاءها ، كما يترتب على تركبز إصدار القرارات الإدارية احتكار عمال الحكومة المركزية و السلطة التعيين في الوظائف العامة ، فلا يترك اختيار للموظفين في الولايات و البلديات و الهيئات المحلية في سكان المناطق الفرع الثاني : عدم التركيز الإداري
و بمقتضاها يخول إلى موظفي الوزراء في العاصمة أو في الأقاليم سواء بمفردهم أو في شكل لجان ولاية البت في بعض الأمور دون حاجة للرجوع إلى الوزير .
كما أن تطبيق نظام عدم التركيز الإداري ضرورة لازمة في تنظيم الدولة و في كل المشروعات نظرا لما يترب على التركيز المطلق من تعقيدات و قد أخذت معظم الدول الحديثة بصورة عدم التركيز الإداري و لهذا أخذت القوانين الحديثة تقيم
بجانب رئيس السلطة التنفيذية جهازا إداريا يتدرج في وحدات إدارية منظمة تنظيما رئاسيا ، الأمر الذي يقتضي الاعتراف ولموظفيها غير أن قيام الدولة المعاصرة على أسلوب عدم التركيز الإداري لم يكن من شأنه في بداية الأمر أن يسلب مظاهر الوظيفة الإدارية بعمومياتها و جزئياتها من يد الحكومة إنما خفف العبء عن العاصمة بتحويل جزء من سلطاتها إلى مصالح و عمال منشرين في مختلف إقليم الدولة ( و بلدياتها وولاياتها ) و تبقى كل هذه الهيئات و المصالح
و هؤلاء الموظفين مرتبطين بعلاقة التدرج الرئاسي طبقا للسلم الإداري القائم على قاعدة التابعية من ناحية ، حيث تكون الهيئة الأدنى تابعة للهيئة التي تعلوها صعودا إلى أن نصل إلى قمة الهرم و على قاعدة السلطة الرئاسية حيث تكون الهيئة الأعلى بمثابة الرئيس الإداري للهيئة التي تدنوها نزولا إلى أن نصل إلى قاعدة الهرم .
غير أنه قد تحتاج بعد طول التجربة أن نظام عدم التركيز الإداري و إن أدى إلى تخفيف العبء عن العاصمة إلا أنه لم يحقق ديمقراطية الإدارة على صورة أكمل. المطلب الثالث : تقدير نضام المركزية الإدارية الفرع الأول : مزايا المركزية الإدارية
للإدارة المركزية عدة مزايا نذكر منها ما يلي :
1-الأخذ لمبدأ الإدارة المركزية يؤدي إلى الوحدة الإدارية في الدولة و يساهم إلى حد كبير في تثبيت سلطات الحكومة المركزية في التمكين لها فهو ضد التجزئة و لذلك أخذت الدولة الحديثة في أول الأمر لمبدأ تركيز السلطة .
2-الأخذ بمبدأ الإدارة المركزية يؤدي إلى توحيد الإدارة و تناسقها تبعا لتوحيد أساليب و أنماط النشاط الإداري في مختلف مرافق الدولة ، كما يؤدي مع طول التجزئة إلى استقرار الإجراءات و اكتسابها مع الزمن الدقة و وضوحا و نسوخا ، مما يبعد الروتين الإداري عن التعقيد و يساهم إلى حد كبير في تحقيق السرعة الواجبة في إنجاز الأعمال الإدارية .
3-الأخذ بمبدأ الإدارية المركزية هو الأسلوب الإداري الوحيد الذي يلائم المرافق العامة في بعض الأنظمة التي تهدف إلى أداء الخدمات على نطاق واسع .
4-من مزايا الأخذ بالإدارة المركزية أيضا أنها تساعد على انتقاء رجال الإدارة بطريق التعيين و بذلك تتمكن من انتقاء الرجال الأكفاء ذوي المواهب والخبرة الفنية و القانونية و الإدارية .
5- الأخذ بها تؤدي إلى تجميع القوة العامة أي الإمكانيات العامة في الدولة في يد الإدارة المركزية ، و يعتبر هذا مانعا و شرطا أساسيا كي تنجو الدولة من الثورات الداخلية و توطد الأمن العام في الداخل الفرع الثاني : عيوب المركزية الإدارية
بالرغم ما للمركزية من مزايا إلا أن لها إلى جانب ذلك بعض من العيوب و التي نذكر منها .
1-البطيء في إنجاز المعاملات نتيجة الروتين الإداري و التعقيد بسبب كثرة الرئاسات المتعددة في الإدارة المركزية .
2-أنها تعتبر سلاح خطير في يد السلطة ، يأخذ شكل الضغط على المواطنين لسبب التعطيل في تصريف معالجة الأمور بسوء النية فالإدارة المركزية تولد بطئا في كثير أعمال الإدارة ، و تؤدي إلى تراكم القضايا أمام الإدارة المركزية ، و هذا العيب يترتب على العيب السابق المتعلق بالبطيء في إنجاز مما يؤدي إلى تأخير البت و إلى صدور قرارات قد تكون عاجلة غير مدروسة ، كما أنها تؤدي إلى وحدة تامة في الحلول التي توضع في معالجة الأمور كافة أي أنها تضع حلول متشابهة بل موحدة لقضايا قد تكون مختلفة دون الاهتمام بالأوضاع و الظروف الخاصة لكل منها ، و لقد رأى البعض التخليص من عيوب المركزية الإدارية فقاموا بالأخذ ببعض اللامركزية و ذلك للتخفيف عن كاهل السلطة المركزية و في محاولة منهم لتلاقي العيوب التي سبق ذكرها و الناجمة عن الإدارة المركزية.
المبحث الثاني: المبادئ العامة للتنظيم اللامركزيالمطلب الاول : مفهوم اللامركزية الإدارية وأنواعها وأسسها الفرع الأول : تعريف اللامركزية الإدارية
بشكل عام يقصد باللامركزية الإدارية توزيع السلطات على أكبر عدد ممكن من الأفراد داخل التنظيم .
أما المقصود بها في مجال الإدارة العامة هو أسلوب في التنظيم يقوم على أساس توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة قانوناً ، واللامركزية بهذا المعنى قد تكون لامركزية سياسية أو لامركزية إدارية ، ونحن ما يهمنا هنا هو موضوع اللامركزية الإدارية والتي تقوم على توزيع الوظيفة الإدارية بين الجهاز الإداري المركزي وهيئات أخرى مستقلة على أساس إقليمي أو موضوعي
- إن اللامركزية بمعناها الكامل تتحقق حينما يكون تشكيل مجالس الهيئات المحلية من أعضاء يختارون جميعاً بالانتخاب، مما يستبعد أية مشاركة للسلطة المركزية في تشكيل مجالس الوحدات المحلية.
وتكون اللامركزية ناقصة إذا كان تشكيل مجلس الوحدة المحلية مختلطاً، أي مكوناً من أعضاء منتخبين من سكان الإقليم ومن أعضاء معينين من قبل الإدارة المركزية. إلا أن هناك رأي أخر في الفقه يؤكد على انعدام الصلة بين أسلوب الانتخاب واللامركزية الإدارية، حيث أن هذا الأسلوب يمكن الأخذ به في تكوين السلطات الإدارية جميعاً، المركزية منها وغير المركزية. أ- الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة
يرجع بسبب و مبرر النظام اللامركزي إلى وجود مصالح أو شؤون محلية (affaires locales ) , تتمثل في التضامن الذي يعب عن اهتمامات و احتياجات سكان الإقليم متميزة عن مجموعة مصالح العامة الوطنية محددة في نطاق واضح إقليميا و جغرافيا أو فنيا مرفقيا " ترتكز سياسة اللامركزية على توزيع متزن للصلاحيات و المهام حسب تقسيم منطقي للمسؤولية داخل إطار وحدة الدولة , فعلى البلديات و الولايات حل مشاكلها الخاصة بها , و على السلطة المركزية البت في القضايا ذات الأهمية الوطنية و من هنا ينبغي للامركزية أن تخول الولايات و البلديات كامل الصلاحيات للنظر في كل المشاكل ذات المصلحة المحلية أو الجهوية بإمكانها حلها , و يجب أن تشمل هذه الصلاحيات الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية
إن اعتراف القانون و اعتداده بهذا التميز الموجود حقيقة بين المصالح المحلية لهيئات محلية باعتبارها الأقدر على تلبيتها و إشباعها , و من أهم المسائل التي بصدد تحديد المصالح المحلية تميز الجهة المختصة بذلك و الكيفية المتبعة في عملة التحديد . ا-الاختصاص :
إن المشرع هو المختص بتحديد نطاق حجم المصالح الإقليمية و الجغرافية للهيئة أو الوحدة الإدارية اللامركزية الإقليمية , و المصالح الفنية و الموضوعية للمؤسسات و الهيئات اللامركزية الفنية و المرفقية , فالمشرع يقوم بتحديد الفاصل و العلاقة بين هذه المصالح الإقليمية و الموضوعية الفنية المتميزة و بين مصالح العامة الوطنية كشؤون الدفاع و الأمن و الخارجية و رسم السياسة العامة في مجال التربوي و الاقتصادي و التعليم العالي , تاركة بقية المهام تسير من طرف الأجهزة المحلية . ب: الكيفية :
يتم توزيع مظاهر و مجالات الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية و الإدارة اللامركزية وفق أسلوبين أساسيين هما :
1-الأسلوب الأول (الأسلوب الإنجليزي ) : و مؤداه أن بين المشرع (القانون )السلطات و الاختصاصات المختصة بالأجهزة اللامركزية على سبيل الحصر و عداها فهو من اختصاصات الإدارة المركزية باعتبارها من المصالح الوطنية .
2-الأسلوب الثاني (الأسلوب الفرنسي ) : مقتضى هذا الأسلوب أو التصور أن يعمد المشرع إلى ذكر الميادين التي تدخل فيها الإدارة المركزية على أن تترك مجالات و ميادين عمل و نشاط الوحدات اللامركزية واسعة و غير محددة .
و لقد اعتمد المشرع الفرنسي في تنظيمه لإدارة المحلية هذه الطريقة حينما ذكر السلطات و الصلاحيات التي تتمتع بها الوحدات و الهيئات اللامركزية و أن بصورة و كيفية عامة و غير محددة أي بطريقة حصرية nom limitative هو الأسلوب نفسه الذي اعتمده المشرع الجزائري في تنظيمه الإدارة المحلية
و من هذا قرر الفقهاء انه متى اتصلت المهام بإقليم واحد أمام شؤون محلية كشؤون المواصلات و السكن و غيرها و متى كانت تحصر مجموع المواطنين و كل المناطق فهي شان من شؤون السلطة المركزية و نتيجة هذا التنوع برر على المستوى الفقهي مصطلح الشؤون البلدية و الشؤون الإقليمية و الشؤون الوطنية ب - إنشاء و قيام أجهزة محلية منتخبة و مستقلة
يقصد بهذا الركن أن هذه الهيئات المحلية و المصلحية استقلت عن السلطة المركزية و هذا الاستقلال يمكنها من حق اتخاذ القرار و تسيير شؤونها بيدها دون تدخل من الجهاز المركزي و منه يجب الاعتراف للوحدة الإدارية المحلية أو المرفقية بالشخصية المعنوية يتم الإعلان الرسمي لفصلها عن الدولة و مما يحولها الاستقلال القانوني من حيث قدرتها الذاتية على اكتساب الحقوق و تحمل الالتزامات و منه أن تشكيل تلك الأجهزة المحلية بالانتخاب يعد من شروط قيام النظام اللامركزي , فمتى يتحقق استقلال الهيئات و الوحدات الإدارية و اللامركزية عن السلطات الإدارية المركزية لابد من اعتماد أسلوب الانتخاب في اختيار الأعضاء المسيرة للإدارة المركزية الذاتية لها للهيئات و المصالح اللامركزية و لكي يتجسد مبدأ الديمقراطية الإدارية و مبدأ المشاركة .
النظام القانوني الذي يحكم الإدارة الذاتية المستقلة يشتمل على ثلاث عناصر محاور أساسية هي :
1- الاستقلال عن طريق التشخيص القانونية للهيئات اللامركزية و منحهم سلطة البت النهائي .
2-أسلوب الانتخاب في انتقاء و اختيار أعضاء الأجهزة و الهيئات الإدارية اللامركزية كما ورد في المادة 16 من الدستور (يمثل المجلس المنتخب قاعدة لامركزية و مكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية ).
3- تحديد نطاق و المصالح الجهوية الإقليمية المتميزة عن المصالح العامة الوطنية . ج- خضوع الاجهزة لنظام الرقابة الوصائية
بما أن أسلوب النظام الإداري اللامركزي هو مجرد وسيلة فنية و قانونية إدارية لتقنين و توزيع سلطات و امتيازات الوظيفة الإدارية فقط بين السلطات الإدارية المركزية و السلطات الإدارية اللامركزية ضمن و في نطاق مبدأ وحدة الدولة الدستورية و السياسية و الوطنية و ليسير أسلوب من أساليب تقنين فكرة السيادة الوطنية و السلطات الدستورية و السياسية و التشريعية و عليه فان الأمر يستلزم قيام علاقة بين الإدارة المركزية و وحدات الإدارة اللامركزية في صورة رقابة أو وصاية إدارية تختلف في جوهرها عن السلطة الرئاسية القائمة بين الرئيس و المرؤوس في ظل النظام المركزي الفرع الأول: أنواع اللامركزية الإدارية 1-اللامركزية الإقليمية
وتتحقق بمنح جزء من التراب الوطني للشخصية المعنوية. يعني منحه الاستقلال الإداري والمالي في مباشرة الاختصاصات الموكلة إليه بهدف السهر على تحقيق المصالح المحلية تحت إشراف الحكومة ورقابتها . 2- اللامركزية المرفقة
وتتحقق بمنح مرفق عام سواء أكان وطنيا أو محليا الشخصية المعنوية يعني منحه الاستقلال الإداري والمالي في تسير شؤونه إلا أن هدا الاستقلال غير مطلق وإنما هو مقيد بشرط الرقابة أو الوصاية من طرف السلطات المختصة. وتختلف اللامركزية المرفقة عن الإقليمية بكون الشخص العام لمرفقي ينشا لتحقيق غرض محدد ويكون اختصاصه محدودا فيما لا يتجاوز الغرض المحدد الذي أنشئت لتحقيقه بينما ينشا الشخص الإداري المحلي لرعاية مصالح طائفة من الناس تقيم في إقليم من أقاليم الدولة
كما يكون لشخص الإداري المحلي وجود من الناحية المادية يسبق وجوده القانون. اماالشخص العام لمرفقي فلا يكون له وجود قبل إنشاء المرفق ومنحه الشخصية المعنوية إلى درجة يمكن القول أن الشخص الإداري المحلي يعتبر أعلى درجة وأوسع اختصاص وسلطانا من الشخص الإداري ا لمرفقي . الفرع الثالث : الأسس العامة للامركزية الإدارية 1-الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية
بمعنى أن ثمة مصالح محلية ينبغي ترك مباشرتها والإشراف عليها لمن يهمه الأمر حتى تتفرغ الحكومة المركزية لمصالح أخرى ذات طابع عام تهم الدولة كلها فمثلا اذا كانت الدولة تهيمن على المرافق ذات الأهمية الكبرى كمرافق الأمن والدفاع والقضاء والمواصلات عبر التراب الوطني فان المرافق المحلية كالنقل المحلي و توزيع الماء والكهرباء…. يستحسن تركها لمن يستفيدون منها مباشرة فهم أدرى باحتياجهم إليها واقدر على تسييرها فضلا عما في دلك من تخفيف عبئ إدارتها عن الحكومة المركزية . 2- أن يعهد بالإشراف على هده المصالح إلى هيئات منتخبة
حيث أن الإدارة المحلية تسعى بالأساس إلى إسناد المصالح المحلية إلى من يهمهم الأمر ودلك لإشباع حاجياتهم المحلية بأنفسهم ولما كان من المستحيل على جميع أبناء الإقليم أو المدينة أن يقوموا بهذه المهمة بأنفسهم مباشرة فان المشرع قد جعل إسناد هذه المصالح المحلية إلى من ينتخبونه نيابة عنهم ومن ثمة كان الانتخاب هو الطريقة الأساسية التي يتم عن طريقها تكوين المجالس المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام الإقليم 3 -استقلال المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية
هذا الاستقلال ليس منحة من الحكومة المركزية وإنما هو مقرر من المشرع ويخضع لمقتضيات القانون ولا يراد بذلك الاستقلال الفصل المطلق بين المصالح المحلية ودائرة المصلحة الوطنية. كما لا يراد بذلك الاستقلال جعل كل جماعة محلية في معزل عن الأخرى وإنما ثمة صلة تربط تلك الجماعات مع بعضها البعض في إطار مبدأ التعاون والتكامل والتعايش لأنها تؤلف في الواقع جزءا من جماعة أوسع نطاقا وهي المجتمع الوطني ∙ المطلب الثاني: العناصر المميزة للامركزية الإدارية الفرع الأول : اللامركزية الإدارية و اللامركزية السياسية
تعرف اللامركزية الإدارية بأنها أي فعل تقوم الحكومة عبره بنقل السلطة والمسؤولية رسميا إلى فاعلين ومؤسسات على مستوى أدنى في تراتبية سياسية وإدارية ومناطقية ، فهذا النقل للصلاحيات الإدارية يمكن الأقاليم من مزاولة عمل الدولة فيما يخص تنفيذ ومتابعة وتسيير الاستثمارات العمومية، وينبغي أن يكون تحويل السلطات إلى الأقاليم مصاحبا بتوفير الوسائل المالية الضرورية للتنمية الإقليمية اللامركزية .
كما تعني اللامركزية عند البعض الآخر أن تعترف الدولة للأشخاص المعنوية الدنيا ( بلديات، مجالس جهوية، مؤسسات عمومية) بنوع من الاستقلالية في تسيير شؤونها الداخلية، لكن دائما تحت إشراف ومراقبة السلطة المركزية .
ان اللامركزية السياسية لا توجد الا في الدولة الاتحادية اما اللاتمركزية الادارية فتوجد في جميع الدول سواء كانت بسيطة او مركبة وتنصرف كذلك الى السلطات االتشريعية والتنفيذية والقضائية وتختص الولايات بسلطاتها في الحدود التي يمارسها الدستور الاتحادي اما اللامركزية الادارية فمقصورة على بعض الوظائف الاداريةالمتعلقة بالمرافق المحلي الفرع الثاني: اللامركزية الإدارية واللا تركيز الإداري
تتشابه اللامركزية الإدارية واللاتركيز الإداري في أن كلا منهما يؤدي إلى توزيع السلطات الإدارية والى عدم تركيزها في جهة واحدة. ويختلفان في أن اللاتركيز الإداري يعتبر صورة من صور المركزية وبالتالي فان استقلال ممثلي السلطة المركزية إنما هو استقلال عارض يجوز للوزير سحبه في أي وقت. كما أن اختصاص هؤلاء الممثلين يخضع لرقابتها الرئاسية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. بخلاف استقلال الهيئات اختصاصها وفق للأوضاع التي يحددها المشرع. وتتحمل مسؤولية تصرفاتها ولا تملك السلطة المركزية عليها إلا حق الوصاية الإدارية. كما يمكن القول أن اللاتركيز الإداري قد يكون خطوة في سبيل اللامركزية الإدارية لان نقل السلطة إلى يد الهيئات المحلية يكون حيز يسر من نقلها عما اذا كانت بيد الوزير مباشرة . المطلب الثالث : تقييم نظام اللامركزية الإدارية الفرع الأول: مزايا اللامركزية الإدارة 1-يؤكد المبادئ الديمقراطية في الإدارة
لأنه يهدف إلى اشتراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية . 2-يخفف العبء عن الإدارة المركزية
إذ أن توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات المحلية أو المرفقية يتيح للإدارة المركزية التفرغ لأداء المهام الأكثر أهمية في رسم السياسة العامة وإدارة المرافق القومية . 3-النظام اللامركزي أقدر على مواجهة الأزمات والخروج منها
سيما وأن الموظفين في الأقاليم أكثر خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف والأزمات المحلية كالثورات واختلال الأمن ، لما تعودوا عليه وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم تعليمات السلطة المركزية التي غالباً ما تأتي متأخرة 4- تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة
، على عكس المركزية الإدارية حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن والأقاليم الأخرى 5- تقدم اللامركزية الإدارية حلاً
لكثير من المشاكل الإدارية والبطء والروتين والتأخر في اتخاذ القرارات الإدارية وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات المصالح المحلية وأقدر على رعايتها . الفرع الثاني : عيوب اللامركزية
1 -يؤدي هذا النظام إلى المساس بوحدة الدولة من خلال توزيع الوظيفة الإدارية بين الوزارات والهيئات المحلية .
2 -قد ينشأ صراع بين الهيئات اللامركزية والسلطة المركزية لتمتع الاثنين بالشخصية المعنوية ولأن الهيئات المحلية غالباً ما تقدم المصالح المحلية على المصلحة العامة .
3 -غالباً ما تكون الهيئات اللامركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن ثم فهي أكثر إسرافاً في الإنفاق بالمقارنة مع الإدارة المركزية .
ولا شك أن هذه الانتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن علاجها عن طريق الرقابة أو الوصايا الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية والتي تضمن وحدة الدولة وترسم الحدود التي لا تتجاوزها تلك الهيئات .
وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات اللامركزية من خلال التدريب ومعاونة الحكومة المركزية مما يقلل من فرص الإسراف في النفقات والأضرار بخزينة الدولة.
ويؤكد ذلك أن اغلب الدول تتجه اليوم نحو الأخذ بأسلوب اللامركزية الإدارية على اعتبار أنه الأسلوب الأمثل للتنظيم الإداري .
المبحث الثالث : الوصاية الإدارية أو الرقابة المطلب الأول : المقصود بالرقابة (الوصاية) الإدارية و تمييزها عن السلطة الرئاسية : الفرع الأول : المقصود بالرقابة الوصاية :
يقصد بها مجموع السلطات التي يقررها القانون للهيئات المركزية على أشخاص الهيئات المحلية وأعمالهم لغرض حماية المصلحة العامة وضمان احترام مبدأ الشرعية، إن نظام الوصاية الإدارية لا يقيد من حرية الهيئات المحلية في القيام بأعمالها أو اتخاذها للقرارات التي تراها مناسبة لخدمة مواطنيها، بل هو الضمان من أجل أن تعمل هذه الهيئات في الحدود التي رسمها القانون، وهذا ضمانا لحقوق الأفراد ، ووحدة الدولة.
رغم أن مصطلح الوصاية من أصل مدني، إلا أن له في المجال الإداري مفهوم خاص يختلف اختلافا كبيرا عن مفهومه السائد في القانون الخاص، مع التذكير بأن هذا المصطلح مستعمل في فرنسا ولا يراد به وصاية الولي على القاصر أو ناقص ألأهلية بمفهوم القانون المدني بل تعني وصاية السلطات المركزية على السلطات المحلية، و التي يراد منها فرض رقابة قانونية على الهيئات المحلية أو الإقليمية من أجل حماية المصلحة العامة و احترام مبدأ المشروعية. الفرع الثاني : التمييز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية :
تختلف الرقابة الإدارية عن السلطة الرئاسية من عدة جوانب أبرزها :
1-تمتاز الرقابة الإدارية بأنها رقابة مشروعية حيث يتم تحديد أهدافها وإجراءاتها ووسائلها والسلطات المختصة بها بواسطة التشريعات المنظمة لها مثل: قانون الولاية ، وقانون البلدية تطبيقا لقاعدة « لا وصاية بدون نص» في حين أن السلطة الرئاسية تكون تلقائية أو آلية ولا تحتاج للنص علبها بقانون لأنها من متطلبات النظام الإداري المركزي الذي يعتمد على علاقة التبعية بين الرئيس و المرؤوس والذي تخول بموجبها سلطات للرئيس على المرؤوس يمارسها الرئيس على المرؤوس دون الحاجة للنص عليها بقانون.
2- إن السلطة الرئاسية هي رقابة سابقة ولاحقة تخول للرئيس سلطة الإشراف و التوجيه وإصدار الأوامر والتعديل والحلول بالنسبة لأعمال المرؤوس كما تخول له الرقابة على شخص المرؤوس فهي رقابة واسعة وشاملة، بينما الوصاية الإدارية هي رقابة لاحقة وهي رقابة مشروعية فقط ولا تهدف إلا لتحقيق المصلحة العامة لا غير.
3- ملزم بطاعة رئيسه وتنفيذ أوامره و هذا ما أقره القضاء الفرنسي. وخلاف ذلك يجوز للهيئة المحلية أن تطعن قضائيا في قرار الجهات المركزية.
4-تفرض السلطة الرئاسية أن يسأل الرئيس عن أعمال المرؤوس، بينما لا تتحمل سلطة الوصاية أية مسؤولية بشأن الأعمال الصادرة عن الهيئات المحلية المستقلة. المطلب الثاني : مظاهر الوصاية الإدارية التي تمارسها الهيئات المركزية على الهيئات المحلية :
تتجلي مظاهر الرقابة الوصائية في مجالات ثلاث: رقابة على الأشخاص و رقابة على الهيئة و رقابة على الأعمال. 1-الرقابة على الأشخاص :
تملك السلطات المركزية المختصة أو ممثليهم على المستوي المحلي بالنسبة للمنتخبين صلاحية وقفهم أو إقصائهم من المجالس الشعبية المحلية المنتخبة وفقا للكيفيات و الإجراءات المحددة قانونا. 2-الرقابة على الهيئة :
إذا كان إنشاء وحل الهيئات المحلية من اختصاص القانون حيث يتم عادة بموجب قانون صادر من السلطة التشريعية، فإن ذات القانون يخول السلطات الإدارية المركزية حل هذه الهيئات وتجريد الأعضاء من صفتهم( كمنتخبين).
ونظرا لخطورة هذا الإجراء (الحل) فقد تم ضبطه من حيث الجهة المختصة بممارسته وتبيان حالاته وإجراءاته. 3- الرقابة على الأعمال :
وتتمثل في المصادقة و الإلغاء والحلول. ا- المصادقة :
تنص قوانين الإدارة المحلية إخضاع بعض قراراتها لتزكية السلطة المركزية، وقد أطلق على هذا الإجراء المصادقة وهذا بهدف مراقبة مدى مشروعيتها و ملاءمتها،وفقا للأوضاع والإجراءات و الكيفيات التي يحددها القانون ضمانا لاستقلال الإدارة اللامركزية .
والمصادقة تكون ضمنية أو صريحة وفق ما ينص عليه القانون، ونكون أمام مصادقة صريحة عندما تلجا الجهة الوصية إلي إصدار قرار صريح تفصح فيه صراحة عن تزكيتها لقرار صادر عن الجهة التابعة لها وصائيا، أما المصادقة الضمنية فتكون عندما تلتزم سلطة الإشراف الصمت إزاء العمل أو القرار المعروض عليها، وقد اعتبرت المحكمة العليا في الجزائر أن للقرار الضمني نفس أثار القرار الصريح .
ورغم تصديق السلطة الوصية، تبقي الهيئة اللامركزية متحملة لكامل المسؤولية المترتبة عن أعمالها وقراراتها،كما يمكن للهيئات المحلية الصادرة عنها هذه الأعمال الرجوع والتخلي عن تلك القرارات المصادق عليها إذا ما قدرت ذلك وفقا لما تملكه الإدارة من سلطة تقديرية في جانب الملائمة . ب-الإلغاء:
ويتمثل في السلطة التي يمنحها القانون للهيئات المركزية في إبطال القرارات الصادرة عن الهيئات المحلية والمشوبة بعيب عدم المشروعية وهذا في حالات معينة حددها وحصرها القانون وهذا لا يحدث الاصطدام المتكرر بين الهيئات المركزية والهيئات المحلية مما يعطل تحقيق الحاجات العامة للجمهور والإخلال بالمصلحة العامة . ج- الحلول :
يقصد به حلول السلطة المركزية (سلطة الوصاية) محل السلطة اللامركزية في اتخاذ القرارات التي تؤمن وتضمن سير المرافق العامة بانتظام واطراد من أجل تحقيق المصلحة العامة.
ويتضح من هذا التعريف أن هذا الإجراء خطير لأنه يمس مساسا صارخا باستقلالية الهيئات المحلية لذا وجب تقييده من حيث الاختصاص والإجراءات ومن حيث الموضوع أي لا يستخدم هذا الإجراء إلا في حالات نادرة ،وهذا للتوفيق بين ما تتطلبه الهيئات المحلية من استقلال وبين متطلبات المصلحة العامة.التي يجب أن تبقى بمعزل عن الخلافات المحلية.
- لا حلول إلا إذا ما ألزم القانون الإدارة المحلية بالقيام بعمل معين ، كما هو الحال بالنسبة للنفقات الإلزامية . كما يجب تأمين المصالح المحلية ضد كل تقاعس قد يحدث من جانب السلطات المحلية خاصة إذا تعلق الأمر بمسائل تمس النظام والأمن العموميين،لذا وجب على السلطة الوصية أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن أداء عمل معين رعاية للمصلحة العامة وهذا باستخدام الحلول ضمن الأشكال التي حددها القانون .
خاتمة :
من خلال هذا العرض نخلص إلي أنه كلما رسخت المركزية الإدارية كلما رسخت أصول الديمقراطية في دولة من الدول ازدهرت اللامركزية الإدارية فيها و من ثم فسلطات رئيس الدولة الإدارية تختلف ضيقا و اتساعا بحسب نظام الحكم الذي تأخذ به الدولة فدور رئيس الدولة في الدساتير الآخذة بالنظام البرلماني إنما هو دور محدود نظرا لقيام ذلك النظام على قاعدة أساسية تقضي أن رئيس الدولة يسود و لا يحكم و على العكس تزداد سلطة رئيس الدولة إلى أقصى حد ممكن في النظام الرئاسي .
فالدولة الحديثة تأخذ و تطبق نظام عدم التركز الإداري في القيام بمسؤوليات و مهام وظيفتها التنفيذية الإدارية فكذا يتجمع الدولة الحديثة بين أسلوبين مختلفين في نطاق تنظيم و توزيع وحدات و أجهزة النظام الإداري في الدولة و تقسيم و توزيع سلطة الوظيفة الإدارية النهائية و الباتة اللازمة لإدارة و تسيير الوظيفة الإدارية .