logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في المحاكم والمجالس القضائية ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





03-06-2021 01:06 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 30-03-2013
رقم العضوية : 157
المشاركات : 462
الجنس :
الدعوات : 12
قوة السمعة : 310
المستوي : آخر
الوظــيفة : كاتب

تحليل نص المادة 524 من قانون الاجراءات المدنية
والادارية دعاوي الحيازة و استرداد الحيازة
أولا التحليل الشكلي لنص المادة 524 ق ا م ا

ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 524 ق ا م ا
أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 524 : { يجوز رفع دعاوى الحيازة ، فيما عدا دعوى استرداد الحيازة ممن كان حائزا بنفسه أو بواسطة غيره لعقار أو لحق عيني عقاري ، وكانت حيازته هادئة وعلنية ومستمرة لا يشوبها انقطاع وغير مؤقتة ، دون لبس ، واستمرت هذه الحيازة لمدة سنة على الأقل .
ولا تقبل دعاوى الحيازة ، ومن بينها دعوى استردادها ، إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض .}

موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 524) في القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية .
و قد جاءت المادة في الكتاب الثاني في الإجراءات الخاصة بكل جهة قضائية , الباب الأول في الإجراءات الخاصة بالمحكمة وفي الإجراءات الخاصة ببعض الأقسام , الفصل الثالث في القسم العقاري , القسم الخامس في دعاوى الحيازة.
البناء المطبعي :
النص عبارة على مادة قانونية هي المادة 524 من قانون الاجراءات المدنية و الاداريةحيث جعلها تتألف من فقرتين 2 .
الفقرة الاولي : تبدأ من " يجوز رفع " وينتهي عند "علي الاقل "،.
الفقرة الثانية :تبدأ من " ولا تقبل " وينتهي عند "من التعرض "،.
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت فقرات المادة 524 من قانون الاجراءات المدنية و الادارية محملة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع دعاوي الحيازة و استرداد الحيازة ،و كمثال على ذلك نشير إلى :
" رفع دعاوى " ، " استرداد الحيازة " ، " لحق عيني " .
البناء المنطقي :
نلاحظ ان المادة 524 ق إ م إ بدأت بعبارة " يجوز "وهنا المشرع يقصد إمكانية من كان حائزا لعقار أو حق عيني أن يرفع دعوي الحيازة بشرط أن تكون حيازته هادئة وعلنية ومستمرة لا يشوبها انقطاع وغير مؤقتة كما وضع المشرع في نهاية الفقرة الأولي شرط مدة الحيازة بـ "سنة على الأقل " .
أما فيما يخص الفقرة الثانية من المادة تطرق المشرع الي آجال رفع دعوي الحيازة و دعوي استرداد الحيازة وحدد آجال رفعها خلال سنة من تاريخ التعرض.
- يلاحظ أن المادة اعتمدت أسلوبا إخباريا .
ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 524 ق إ م إ يتضح أن الحيازة من أهم المواضيع التي تناولتها القوانين لما لها من آثار لكسب الملكية، ولذلك قرر لها المشرع حماية قانونية من مختلف الاعتداءات التي يمكن أن تتعرض لها فتعمل على عرقلة انتفاع الحائز من محل الحيازة، وذلك بإقرار حق الحائز باللجوء إلى القضاء بغرض الدفاع عن حيازته عن طريق استعماله لدعاوى الحيازة التي قررها المشرع للحائز ، والمتمثلة في دعوى استرداد الحيازة، ودعوى منع التعرض، ودعوى وقف الأعمال الجديدة، هذه الدعاوى نضمها المشرع ضمن القانون المدني وقانون الاجراءات المدنية والادارية.
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 524 ق إ م إ يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ماهي القواعد العامة التي تحكم دعاوي الحيازة ؟ وماهي الاحكام الخاصة بكل دعوي منها ؟
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحث الأول : الأحكام العامة لدعاوي الحيازة
المطلب الأول : نطاق دعاوي الحيازة والحكمة من تقريرها
المطلب الثاني : الشروط العامة لدعاوى الحيازة
المبحث الثاني : دعوى استرداد الحيازة من الاحكام الخاصة لدعوي الحيازة
المطلب الأول : تعريف دعوى استرداد الحيازة وطبيعتها القانونية
المطلب الثاني: شروط دعوى استرداد الحيازة
المبحث الثالث: دعوى منع التعرض و دعوى وقف الأعمال الجديدة من الاحكام الخاصة لدعوي الحيازة
المطلب الأول : دعوى منع التعرض
المطلب الثاني : دعوى وقف الأعمال الجديدة
خاتمة

مقدمة :
نص المشرع الجزائري على الحيازة نظرا لأهميتها الكبيرة في الحياة اليومية إذ يقال إنها عنوان الملكية الظاهرة فهي تظهر الحائز بمظهر صاحب الحق على الشيء المحاز حتى ولو تبين فيما بعد أن الحائز ليس بصاحب حق ضرورة استباب الأمن في المجتمع تفرض حماية ونظرا لهذه الأهمية التي تكتسيها الحيازة ،كان لازما على المشرع الجزائري أن يوفر له الحماية القانونية من كل اعتداء يتعرض له الحائز، ومكافحة الحيازة غير الشرعية ،ومن ثمة وضع المشرع أحكاما خاصة بالعقار لما له من قيمة اقتصادية هامة ،ونظرا لأهمية الحيازة في العقار والتي أصبحت تصل لدرجة تفوق فيها حق الملكية لكونها أداة للاستغلال الحقوق والأشياء ،وأيضا لما ترتبه من نتائج عملية حيث تعد وسيلة لكسب الملكية وطريق سهلا لإثباتها .
و على غرار جل التشريعات نظم المشرع الجزائري الحيازة على نحو يدل على مدى أهميتها بالنظر للحقوق العينية الأصلية منها والتبعية على حد السواء، فاعتد بالحيازة بهد ذاتها متى توافرت لها الشروط التي تتطلبها ، وجعل منها قرينة قانونية بسيطة على ملكية الحائز للعين التي في حيازته و أوجب المشرع حمايتها من خلال مجموعة من القواعد القانونية الموضوعية والإجرائية ، بحيث تم إخضاعها لنوعين من الحماية ، الحماية الجزائية وهذا في حالات نص عليها المشرع في قانون العقوبات سواء تلك المنصبة على العقارات أو المنقولات والتي بلغت درجة الجريمة عن طريق الدعوى العمومية بالإضافة إلى النوع الثاني المتمثل في الحماية المدنية التي قرر فيها الدعاوى التي يلجا إليها الحائز لحماية حيازته والتي تسمى دعاوى الحيازة.
أقرت جل التشريعات المقارنة بحق الملكية، واتفقت على حمايته باعتباره الحق الذي يمكن صاحبه بالتمتع بالأشياء واستغلالها والتصرف فيها تبعا لمصالحه وفي حدود القانون، كما سعت الى تنظيم جميع المسائل المتعلقة بحق الملكية من خلال تهديد مفهومها والحماية المقررة لها وأسباب اكتسابها ولعل أهمها الحيازة .
المبحث الأول : الأحكام العامة لدعاوي الحيازة .
نظرا لما للحيازة العقارية من أهمية بالغة فقد تكفلت جل التشريعات المدنية العالمية بالاهتمام بها والعمل على حمايتها بذاتها، بتنظيم دعاوى تحمى الحيازة من أي اعتداء أو تعرض هي دعاوى الحيازة .
المطلب الأول : نطاق دعاوي الحيازة والحكمة من تقريرها
الفرع الأول : نطاق دعاوي الحيازة
أن دعوى الحيازة تحمى حيازة الحقوق العينية الأصلية دون الحقوق الشخصية من ناحية وهي تحمى حيازة العقار دون حيازة المنقول.
أولا : دعاوى الحيازة تحمي الحقوق العينية الاصلية
دعاوي الحيازة لا تحمى إلا الحقوق العينية الأصلية وعلى ذلك فإن مالك العقار أو الحائز بحق الملكية أي أنه يسيطر سيطرة فعلية كاملة على الشيء، في هذه الحالة يستطيع أن يستند لدعاوي الحيازة لحماية حقه دون الحاجة إلى إثبات ملكيته لهذا العقار إذا ما توفرت أركان الحيازة وشروطها. واذا كانت الحيازة سيطرة فعلية محددة على الشيء، تعتبر في هذه الحالة حيازة لحق عيني متفرع عن حق الملكية كحق الانتفاع، حق الاستعمال وحق السكن، وقد تكون مجرد حيازة حق الارتفاق كحق المطل أو حق المرور، يرجع اقتصار الحماية على الحقوق العينية أن هذه الحقوق تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء، أما الحقوق الشخصية فهي لا تقبل السيطرة المادية ومن ثم لم تكن محمية بدعاوى الحيازة، كقاعدة عامة، ويجوز استثناءا حماية المستأجر في دعاوى الحيازة ، ولو أنه حق شخصي شريطه أن يتعلق بعقار .
ثانيا : دعوي الحيازة تحمى العقار دون المنقول
إن دعاوى الحيازة هي دعاوى خاصة بالعقارات دون المنقولات ، والعلة في ذلك أنه في العقارات يمكن تمييز الحيازة عن الملكية، قد تكون الحيازة لشخص وتكون الملكية لآخر، أما في المنقولات وطبقا لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية؟، تجعل دعوى الحيازة تختلط بدعاوى الحق.
وتجدر الإشارة أن دعاوى الحيازة تحمى العقار أي كانت طبيعته، سوءا عقار بطبيعة أو عقار بالتخصيص، شريطة أن يكون قابلا لأن ترد عليه الحيازة أي أن يصلح محلا للتملك، أو لحق عيني أخر ، أما إذا كان لا يجوز للأفراد تملكه فلا تحميه دعاوى الحيازة ، مثال ذلك العقار التابع لأملاك الدولة مما يستبعد أن يكون المال العام محلا لهذه الدعوى "، فيما عدا حالتين :
الحالة الأولى : حق الدولة في حماية حيازتها، وهذا ما جرى في القضاء الجزائري على حماية الأشخاص العامة في حيازتهم للعقارات الداخلة في الدومين العام ضد كل أعمال التعرض، والسلب الغير .
الحالة الثانية :حماية كل من حصل من الأفراد على ترخيص في الانتفاع بالعقار الداخل في الدومين العام في حيازته لهذا العقار بجميع دعاوى الحيازة ضد الغير عدا الجهة الإدارية مانحة الترخيص.
ثالثا : دعاوى الحيازة ليست دعاوى تعويض
لا يقصد من رفع دعاوى الحيازة من طرف المدعي من أجل التعويض عن ضرر أحدثه المتعرض أو المغتصب، لأن هذه الدعوى أساسها ليس الفعل الخطأ أو إنما أساسها هو حماية الوضع الظاهر والمستقر للحائز، والذي يعد قريبة على الملكية.
الفرع الثاني : الحكمة من تقرير دعاوي الحيازة
يجمع الفقه على أن الحكمة من اعتبار دعاوى الحيازة بدعاوى خاصة يرجع لاعتبارين أساسين هما :
أولا : المصلحة العامة للمجتمع
أن الحائز هو الذي يسيطر على الشيء سيطرة فعلية ، فإنه لا يجوز للغير التعدي على هذه الحيازة كما لا يسمح غصب الحيازة أو انتزاعها بالقوة ولو كان صاحب الحق نفسه أو المالك ، لأن ذلك يعتبر من قبيل قضاء الإنسان لنفسه والذي يترتب عنه الفوضى، وعلى هذا الأساس أقر المشرع الحماية القانونية للحيازة من أجل إقرار النظام والأمن في المجتمع ، وعدم تعكير صفو السكينة العامة والإخلال بنظام المجتمع، وعلى كل من يريد أن يسترد حقه اللجوء إلى القضاء ، وفق الإجراءات التي رسمها القانون والسبيل المشروع لاقتضاء الحق، ومن هنا ينبغي على المدعي بحق الحائز اللجوء إلى القضاء والطعن في حيازته ونفيها دون اغتصابها بقوة.
بالإضافة إلى كون حماية الحيازة ضمان استقرار التعامل بين الأشخاص ، فإنها أيضا دعم للاقتصاد الوطني، لأن القانون ينظر إلى الحائز الذي يحرص على استغلال محل حيازته واستعماله وجعله قابلا للانتفاع به، مفضلا إياه عن المالك الذي يهمل ملكه ويتقاعس عن استغلاله مراعيا في ذلك المصلحة العامة.
ثانيا : المصلحة الخاصة للحائز في حماية الحيازة
إن الحماية القانونية المقررة للحيازة تتجلى أهميتها في تحقيق مصلحة الحائز وذلك في :
أ - الحيازة ممارسة فعلية للحق: إن الحيازة بمعنى السيطرة الفعلية على الشيء ، وهي وسيلة ممارسة صاحب الحق لسلطاته عليه وحرمانه من الحيازة، يعني حرمانه من مزايا حقه كحيازة المستأجر للعين المؤجرة ضرورية لممارسة حقه بالانتفاع بها.
ب - الحيازة وسيلة لاكتساب الحق: جعل المشرع الحيازة متى استوفت شروط معينة سببا لاكتساب الحق العيني على العقار.
ج - الحيازة قرينة على الحق : وفق نص المادة 831 ق.م.ج « الحائز لحق يفرض أنه صاحب لهذا الحق حتى يتبين خلاف ذلك» ، من خلال استقرائنا لنص هذه المادة فإن المشرع عندما أقام الحيازة كقرينة قانونية بسيط على الحق حتى يقوم الدليل على عكس ذلك ، إنما يهدف من خلال حمايتهم للحيازة حماية الملكية بطريقة غير مباشرة ، وذلك بالإتاحة له حماية سريعة لحقه ويحصل عليها بتقديم أدله مادية يسيره ، وحين يكسب المدعى دعوى الحيازة يصبح في موقف ممتاز في دعوى الملكية.
ثالثا : تسهيل الإجراءات :
تتسم الإجراءات الخاصة بدعوى الحيازة بالبساطة مقارنة بدعوى الحق، إضافة إلى سهولتها وسرعتها لأنها تسير على المالك الحائز إثبات ملكيته وحمايتها والذي لم يكن سهل المنال إذا اتبع المالك الطرق الأخرى المعروفة لإثبات الملكية ، ولذلك قيل حقا أن حماية الحيازة يعد بمثابة الخط الأول للدفاع عن الملكية.
المطلب الثاني : الشروط العامة لدعاوى الحيازة
يشترط لقبول دعاوى الحيازة توافر الشروط العامة لأي دعوى ، وهي قانونية الدعوى بالإضافة إلى الشروط المتعلقة بأطراف الدعوى وهي الصفة والمصلحة والإذن ، والأخرى متعلقة بالعريضة بحيث يجب أن تشتمل على جملة من الشروط والبيانات الشكلية التاي تهدف إلى التعريف بالقضية المتنازع فيها ، ولعل أهم هذه الشروط المشتركة بين دعاوى الحيازة هي الطابع الخاص للميعاد وقاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية.
الفرع الأول : شرط الميعاد
بالرجوع إلى نص المادة 524 فقرة 2 إ م إ ج على أنه «لا تقبل دعاوى الحيازة ومن بينها دعوى استردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض» ، وهذا ما أكدته المادة 817 ق.م. ج إذ «يجوز لحائز عقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه »
وعليه يجب أن ترفع دعوى الحيازة خلال مدة سنة من وقت الاعتداء على الحيازة أو بدء الأعمال التي تثير احتمال الاعتداء عليها، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشرط مذكور في القانون المدني بخصوص كل دعوى على حدى، دعوى استرداد الحيازة، دعوى منع التعرض، ودعوى وقف الأعمال الجديدة ، وفي حالة رفع الدعوى بعد مرور ميعاد السنة فإن على القاضي عدم قبولها.
ويرى غالبية الفقه بأن العلة في هذا الشرط تتمثل في إنه إذا حدث الاعتداء على الحيازة ولم يسارع الحائز في وقع دعواه، يفهم منه أن التعرض ليس خطيرا بحيث يخل بالأمن والسلم العام ، فضلا عن رضى الحائز بذلك الوضع.
وجدير بالذكر التمييز في هذا الصدد بين شرط الميعاد وشروط استمرار الحيازة لمدة سنة، على اعتبار أن هذا الشرط الأخير كما تقدم شرط موضوعي من شروط الحيازة حتى تكون الحيازة قانونية وجديرة بالحماية، ويترتب على تخلفه كأصل عام عدم قبول الدعوى من حيث الموضوع، بينما شرط الميعاد باعتباره قيد زمني وضعه المشرع حفاظا منه على استقراء الأوضاع والمراكز القانونية وثباتها ويترتب على تخلفه حتى ولو استمرت الحيازة مدة سنة عدم قبول الدعوى شكلا.
الفرع الثاني : عدم جواز الجمع بين دعوى الملكية ودعاوي الحيازة .
من المستقر عليه فقها وتشريعا وقضاءا أنه لا يجوز قيام دعوى الحيازة ودعوى الحق في وقت واحد أمام محكمة واحدة، أو محكمتين مختلفتين ، لذلك فهي تحمل في مضمونها معنيين.
لا يجوز الجمع بين دعويين (الحيازة والملكية) في نفس الطلب القضائي ولا يجوز التحقيق فيهما في نفس الخصومة ولا الفصل فيهما بموجب نفس الحكم .
لا يجوز رفع دعوى الحيازة بعد الفصل النهائي في دعوى الملكية لأن حماية أصل الحق تغني عن حماية الحيازة إذا كسب الحائز دعوى الحق.
كما أن إثارت النزاع على الحق أثناء الفصل في دعوى الحيازة تعطيلا للحماية التي أقررها المشرع للحيازة ذاتها .والحكمة من تقرير هذه القاعدة هو استكمال حماية الحيازة كفكرة مستقلة و مجردة عن أصل الحق لا شأن لها بموضوعه، ولا مجال في دعوى الحيازة للتعرض للملكية ، إذ أنها تسمح للحائز بحماية حيازته من كل تعرض قد يصيبها دون النظر إذا كان مالك للحق العيني، أو غير مالكا له ، ومجال دعوى الملكية هو تحديد المالك الحقيقي للحق العيني ، وعليه إذا تعرض القاضي لأصل الحق قد يؤدي إلى الحكم على الحائز رغم ثبوت حيازته، وذلك اعتمادا على ملكية خصمه وهذا يتنافى مع تحقيق الغرض المقصود من دعاوى الحيازة والمتمثل في رد الاعتداء وإعادة الخصوم إلى مراكزهم السابقة قبل أثارت النزاع في أصل الحق ، وحذا المشرع الجزائري على غرار التشريعات الحديثة بالأخذ بهذه القاعدة حيث قننها بشكل تطبيقات نصوص قانون الإجراءات المدنية والإدارية. وهي تطبق على الخصوم وعلى القاضي معا.
أولا : تطبيق القاعدة بالنسبة كالخصوم :
تطبق هذه القاعدة على المدعي والمدعي عليه
بالنسبة للمدعي : أقر المشرع على أنه لا تقبل دعوى الحيازة ممن سلك طريق دعوى الملكية ؟، أي أنه إذا رفع المدعى دعوى الملكية فلا يجوز له أن يرفع دعوى الحيازة، لأن المطالبة بأصل الحق أو الملكية أولا، يعد تنازلا ضمنيا منه عن سلوك الطريق السهل الذي منحه له المشرع وهو طريق دعوى الحيازة ، وبالتالي سقوط حقه في السير فيها أو اعتراف منه لحيازة غيره، هذه الحالة إذا وقع الاعتداء على الحيازة قبل دفع دعوى الملكية .
أما دعوى الحيازة التي يكون سببها بعد رفع دعوى الملكية فلا يشملها هذا المنح ، بمعنى إذا وقع الاعتداء على الحيازة بعد رفع دعوى الملكية في هذه الحالة تقيل دعوى بحيازة ، لأنه لا يمكن افتراض أن الحائز قد تنازل عن دعوى الحيازة قبل وجودها ، وهناك من يرى وجوب ايقاف دعوى الملكية في هذه الحالة إلى حين الفصل في دعوى الحيازة لأن الاستمرار في دعويين معا سيفسر على أنه تخلى من المدعي عن دعواه .
أما إذا بدأ المدعي برفع دعوى الحيازة ثم رفع دعوى الملكية ، فإن دعواه تكون مقبولة لعدم وجود نص يقضي بعدم قبولها، وهذا ما أكدته المحكمة العليا ضمن قرارها حول ملف رقم 87672 مرخ في 1992/03/25، الذي جاء فيه "...من المقرر قانونا أن دعوى المطالبة بحيازة لا تقبل ممن سلك طريق المطالبة بالملكية ولو في قضايا مختلفة ، ومن ثم فإن القضاء إذا ما خالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون ، ولما كان من الثابت في قضية الحال أن قضاة الموضوع اقتصروا في تفسير المادة 418 ق إ م على أساس عدم جواز الجمع بين دعوى المطالبة بحق الملكية وحق الحيازة في نفس القضية مع السماح في غير ذلك ، فإنهم يكون بقضائهم أخطأوا بتطبيق القانون..."
بالنسبة للمدعى عليه : ليس للمدعي عليه في دعوى الحيازة أن يطالب بالملكية إلا بعد الفصل نهائيا في دعوى الحيازة، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها ، إلا إذا تخلى بالفعل عن الحيازة لخصمها، وإذا كان تأخير تنفيذ راجع إلى فعل المحكوم له، فإنه يجوز "ضي الفاصل في دعوى الملكية أن يحدد أجلا للتنفيذ، ويقبل دعوى الملكية بعد انقضاء هذا الأجل؟.
ثانيا - بالنسبة للجهة القضائية (القاضي) : إذا رفعت إحدى دعاوى الحيازة لمنع الغير من التعرض لها فلا يحق للقاضي أن يبحث فيما إذا كان المدعي صاحب حق أم لا، لأن كلا الدعويين تختلفان من حيث السبب والموضوع، فالأولى تقتصر في بحثها على توفر عناصر الحيازة وشروط، وترمى إلى حماية مركز واقعي محمى قانونا، والثانية ترمى إلى حماية الحق الموضوعي من خلال التعرض إلى أصل الحق ومشروعيته .
في هذه المرحلة يتوجب على قاضي الحيازة أن يقصر بحثه في نطاق دعوى الحيازة فحسب، أي لا يجوز له أن يأمر بإجراء تحقيق يمس بأصل الحق ، فمثلا لا يجوز له أن يسمع لشهود بشأن عناصر الملكية، أو أن يندب خبيرا للتحقيق في المستندات المتعلقة بأصل الحق ، ومع ذلك لا يمنع عليه أن يفحص مستندات أصل الحق على سبيل الاستئناس لأجل الوصول إلى إثبات أركان وشروط الحيازة .
وهذه القاعدة ناجمة عن عدم الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية من جهة، وعن مبدأ عدم جواز الحكم بما لم يطلبه الخصوم من جهة أخرى، وإلا صار حكمها معيبا واجب الإلغاء.

المبحث الثاني : دعوى استرداد الحيازة من الاحكام الخاصة لدعوي الحيازة
إن للاعتداء على الحيازة درجات متفاوتة، فقد يتعلق الأمر بسلب الحيازة عنوة وخلسة أو بالقوة وقد يكون أخف من ذلك ، فيأخذ درجة المنع فعلا عن ممارسة الحائز لحيازته، وقد يتعلق للاعتداء من جراء أعمال بدأت ولكنها لم تتم ، أي بمعنى لو تمت لأدت إلى التعرض للحائز في حيازته، وعلى هذا وضع المشرع الجزائري وسائل لحماية الحيازة منها ، دعوى استرداد الحيازة .
المطلب الأول: تعريف دعوى استرداد الحيازة وطبيعتها القانونية
نظم المشرع الجزائري أحكام دعوى استرداد الحيازة بين القانون المدني (المواد 817-818-819) وقانون الإجراءات المدنية والإدارية المواد (524-525). من حيث تعريفها وطبيعتها القانونية وكذا شروط قبول هذه الدعوى أمام القضاء، بالإضافة إلى الحكم الصادر فيها وحجيته.
الفرع الأول: تعريف دعوى استرداد الحيازة
إن دعوى استرداد الحيازة هي الدعوى التي يرفعها كل حائز لعقار أو حق عيني عقاري والذي فقد حيازته طالبا فيها برد هذه الحيازة ضد الغير الذي قام بانتزاعها وسلبها منه بالقوة أو الغصب). ويظهر من هذا التعريف أن أساس هذه الدعوى هو حماية الأمن العام والنظام العام والسكينة العامة ، باعتبار على المغتصب أو المستولي بالعنف أولا وقبل كل شيء رد ما استولى عليه ولو كان هو الجدير بالحيازة أو هو المالك الحقيقي للعقار إذ لا يجوز للأفراد اقتضاء حقوقهم انسهم وإلا عمت الفوضى.
الفرع الثاني : الطبيعة القانونية لدعوى استرداد الحيازة
كانت دعوى استرد الحيازة محل سجال فقهي حول طبيعتها القانونية، هل هي من الدعاوى العينية أو الدعاوى الشخصية.
يرى بعض الفقه الفرنسي أن دعوى استرداد الحيازة هي دعوى شخصية لأن أساسها الفعل الضار و وضعت جزاءا على عمل غير مشروع هو انتزاع الحيازة بالقوة ، و القاضي يحكم بالتعويض العيني أي رد الحيازة إليه و لكن الفقه الراجح في فرنسا ومصر على غرار الفقه في الجزائري يرى بأنها دعوى عينية عقارية موضوعية لعدة أسباب :
- اعتبرها المشرع دعوى من دعاوي الحيازة، بحيث وردت في قانون الإجراءات المدنية والإدارية صراحة تحت عنوان دعاوي الحيازة.
- تسري عليها أحكام دعاوي الحيازة وأهمها أنها من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان العقار.
- سمح للحائز تتبع العقار في أي يد تحوزه لاستعادته منها.
المطلب الثاني: شروط دعوى استرداد الحيازة
بالرجوع إلى أحكام المواد من 817 إلى 819 ق.م. ج و المواد 524 و 525 ق إ م. إ ج، يستشف من خلالها أن المشرع خفف ويسر شروط قبول دعوى استرداد الحيازة، لذلك كان الغرض من هذه الدعوى ليس حماية الحيازة القانونية فحسب، وإنما الاعتداء غير المشروع المخل بالأمن والنظام العام وتتمثل هذه الشروط فيما يلي :
الشرط الأول : ثبوت الحيازة القانونية أو المادية للمدعي
يجب أن يكون المدعي في دعوى استرداد الحيازة حائزا للعقار حيازة مادية صحيحة وثابتة له وقت الاعتداء، وعلى هذا فإن المشرع لم يشترط في هذه الدعوى أن تكون الحيازة قانونية يتوافر فيها العنصر المادي والعنصر المعنوي، بل اكتفى بالحيازة المادية التي تكون فيها يد الحائز متصلة بالعقار اتصالا فعليا وقت حدوث الغصب دون توفر العنصر المعنوي ، ومثال ذلك حيازة المودع لديه، والمرتهن رهنا حيازيا ، والحارس والمستأجر والمستعير أ. ويجوز أيضا أن يسترد الحيازة من كان حائزا بالنيابة من غيره أي بمعنى يستوي أن يكون الحائز هنا حائزا حقيقيا يحوز لحساب نفسه"، أم حائزا عرضيا لأن دعوى استرداد الحيازة تقوم أساسا على رد الاعتداء غير المشروع دون النظر إلى صفة واضع اليد.
الشرط الثاني : وقوع سلب للحيازة: ( وجود تعدي أو إكراه (
يقصد بوقوع سلب الحيازة اغتصاب العين وهو المصطلح الذي استعمله المشرع في المادة 525 ق ا م إ التي أجازت رفع دعوى استرداد الحيازة «...من أغتصب منه الحيازة بالتعدي أو الإكراه...» ، ويعني ذلك أن يؤدي الاعتداء على الحيازة إلى فقدان حيازة المدعي وحرمانه الكامل أو الجزئي من الانتفاع بها، ويتم ذلك بغير إرادة الحائز ، و لا يشترط أن يقع السلب بالقوة أو بالإكراه وإن كان هو الغالب ، وقد يتم السلب عن طريق استعمال طرق احتيالية ، أو أساليب الغش والتدليس وغيرها ، كما لو حدث ذلك خفية (كونه عمل إيجابي ).
وقد يكون سلب الحيازة عن طريق مشروع نتيجة لتنفيذ حكم قضائي تم رغم إرادته، ولم يكن طرفا فيه كانت دعواه لاسترداد الحيازة مقبولة ، وبمفهوم المخالفة إذا كان طرفا في الحكم القضائي امتنع عليه رفع دعوى الاسترداد، ذلك أن الأحكام لا حجية لها إلا على الخصوم ولا يضار بها من لم يكن طرفا فيه، بالإضافة أن يكون التعدي مستمرا لاعتبار أن التعدي المتقطع يستوي رفع دعوى منع التعرض.
الشرط الثالث : عدم اشتراط مرور سنة على الحيازة
وقف مضمون نص المادة 818 ق.م. ج والمادة 524 ق إ م إ ج يشترط لقبول دعوى الحيازة أن يكون رافعها قد حاز العقار لمدة سنة دون انقطاع على الأقل قبل سلب الحيازة ، إلا ان المشرع خرج عن هذه القاعدة العامة ، وسمح للحائز برفع دعوى استرداد الحيازة ولو لم يكن قد مضى على حيازته سنة كاملة ، أي حتى ولو تتم يوم واحدا فقط وذلك في حالتين:
الحالة الاولي : إذا وقع سلب الحيازة بالقوة والإكراه يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة ولو لم تكن قد استمرت سنة كاملة، والحكمة من ذلك هي رغبة المشرع في رد القوة على أعقابها نظرا لما في استخدامها من خطر على النظام و الأمن العام .
الحالة الثانية : إذا كانت حيازة المعتدي عليه أحق بالتفضيل من حيازة المعتدي وذلك وفق ما يلي:
إذا كانت حيازة المعتدي عليه ( المدعى) تستند إلى سند قانوني بينما حيازة المعتدي (المغتصب) لا تستند على أي سند قانوني مثلا كان حائز للحق بمقتضى عقد لا يعتبر المعتدي طرفا فيه.
الحيازة الأسبق في التاريخ إذا لم يكن لدى أي من الحائزين سند أو تعادل سنداتهما.
ومثال تعادل السندات كأن يستد الحائز إلى عقد بيع صادر له من شخص معين، ويستند المدعى عليه أيضا إلى عقد بيع صادر له من شخص آخر.
الشرط الرابع : رفع الدعوى في خلال سنة من تاريخ سلب الحيازة( الميعاد)
ترفع دعوى استرداد الحيازة في ميعاد سنة يبدأ حسابه كأصل عام من تاريخ فقد الحيازة وهذا الشرط مذكور صراحة في المادة 819فقرة1 و 817 ق.م. ج والمادة 524 فقرة 2 ق إ م إ ويستثني من هذه القاعدة ما يلي:
حالة فقدان الحيازة خفية حيث يبدأ الميعاد من وقت انكشاف ذلك 817 فقرة 1 ق م ج ، ويضيف الفقه حالة أخرى هي حالة كون نية الغصب غامضة، فهنا لا يبدأ الميعاد إلا من الوقت الذي ينجلي عنها الغموض ، مثال ذلك أن يسمح شخص لآخر بحيازة عقار تسامحا منه، ولكن هذا الأخير كان ينوي اغتصابه فهنا لا يبدا ميعاد السنة إلا من يوم وضوح هذه النية.
وعليه إذا رفعت خارج الميعاد المحدد قانونا يقضي بعدم قبولها لأن فوات الأجل يؤدي إلى انقضاء الحق فيها، ويترتب على اعتبار مدة سنة مدة سقوط وليست مدة التقادم ، فيرد عليها أحكام الوقت والانقطاع ، وإذا ما رغب الخصوم في توفير أكبر قدر من الاستقرار في المراكز القانونية جاز لهم رفع دعوى استرداد الحيازة أمام القاضي الاستعجالي لإن ذلك مرهون بتوافر شرطين هما الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق.
إذا ما توافرت الشروط الموضوعية والإجرائية المقررة قانونا يحكم القاضي لمصلحة مدعي الحيازة بإلزام المدعي عليه برد الحيازة للمدعي، ويكون هذا الحكم قابل للتنفيذ الجبري متى صار نهائيا أو كان مشمول بالنفاذ المعجل والتعويض إن كان له محل إلا أن الأحكام الصادرة في دعاوى الحيازة لا تحوز قوة الشيء المقتضي فيه، وتكون سببه فيما قضى به ويظهر ذلك في:
- لا حجية للحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة بالنسبة لدعاوى الحيازة الأخرى إلا في المسألة التي فصل فيها، وذلك بسبب اختلاف شروط الحكم في هذه الدعوى، إذ يمكن رفع دعوى منع التعرض إذا استمرت الحيازة مدة سنة .
- ليس للحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة أية حجية بالنسبة لدعوى الملكية ( الحق) لاختلاف محل كل منهما.

المبحث الثالث: دعوى منع التعرض و دعوى وقف الأعمال الجديدة من الاحكام الخاصة لدعوي الحيازة
المطلب الأول : دعوى منع التعرض
تعتبر دعوى منع التعرض من أهم الدعاوى الحيازة، فهي دعوى الحيازة الرئيسية لأنها ترفع في كل صور التعرض الموجه ضد الحيازة ، ونظم المشرع أحكام وقف المادة 820 ق م ج ، كما أشار في مضمون نص المادة 524 ق إ م.إ وشيء من التبسيط سوف نتطرق إلى تعريفها والطبيعة القانونية لها وكذا شروط قبولها بالإضافة إلى الحكم الصادر في الدعوى وحجيته.
الفرع الأول: تعريف دعوى منع التعرض وطبيعتها القانونية
أولا: تعريف دعوى منع التعرض
تعرف دعوى منع التعرض بأنها تلك الدعوى التي يرفعها حائز العقار أو الحق العيني ضد الغير الذي تعرض له في حيازته طالبا فيها منع التعرض وإزالة مظاهره، وتعرف أيضا بالنظر إلى الغاية من إقرارها ، ويرى الأستاذ الدكتور عبد الرزاق أحمد دعوى منع التعرض يقصد بها منع الاعتداء على الحيازة، السنهوري في هذا الصدد بأن دعوى منع التعرض هي دعوى الحيازة الرئيسية ، إذ هي تحمي الحيازة في ذاتها وهي الحيازة الأصلية دون الحيازة العرضية ، فهي دعوى الحيازة المثلى.
ثانيا: الطبيعة القانونية لدعوى منع التعرض:
نعتبر دعوى منع التعرض دعوى عينية عقارية يباشرها حائز العقار أو حق عيني لمدة سنة ضد من تعرض لهذه الحيازة فمحل هذه الدعوى هو الاعتراف بالحيازة وتثبيتها وحماية الحائز من أي اعتداء يقع على حيازته، ونظرا لطبيعة هذا النوع من الدعاوى والتي تستوجب بالضرورة البحث عن صفة واضع اليد، بمعنى هل يحوز لحساب نفسه أم يحوز لحساب لغيره، ثم البحث في عناصر الحيازة وشروطها ،وأيضا مدة وضع اليد ، وكل هذه المسائل هي مسائل تحقيق موضوعية تمس الحق موضوع النزاع فلقد استقر قضاء المحكمة العليا على أن هذه الدعوى لا تدخل في اختصاص القضاء المستعجل .
الفرع الثاني : شروط قبول دعوى منع التعرض
بالرجوع إلى نص المادة 820 ق م ج «من حاز عقارا واستمر حائزا له مدة سنة كاملة ثم وقع له التعرض في حيازته جاز له أن يرفع خلال السنة دعوى منع التعرض» يستشف من خلالها شروط قبول دعوى منع التعرض التي تتمثل في ثبوت الحيازة القانونية للمدعي بعنصريها المادي والمعنوي باستثناء المستأجر طبقا لأحكام المادة 487 ق م ج بالإضافة إلى شروط الحيازة من هدوء وعلانية ووضوح واستمرار، ووقوع تعرض للمدعى في حيازته، ورفع المدعي لدعواه في خلال سنة من حصول التعرض ويما أنه قد سبق لنا الكلام عن المقصود بالحيازة القانونية وبعنصريها وشروطها الأربعة، فإننا في هذا المقام سنقتصر على شروط وقوع التعرض للمدعي في حيازته.
أولا : شرط التعرض :
يقصد بالتعرض كل عمل مادي أو إجراء قانوني يتضمن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إدعاءا بحق في منازعة للمدعي في حيازته أو إنكارا لها، ومن خلال هذا التعريف يصلح لأن يكون سببا وأساسا لرفع دعوى منع التعرض تعرضا ماديا وقد يكون تعرضا قانونيا.
1 التعرض المادي : هو الذي لا يستند فيه المتعرض إلى حق قانوني ، كإقامة المدعى عليه جدارا أو بناءا على الأرض أو زراعة الأرض إذا كانت أرض زراعية .
والتعرض المادي قد يكون مباشرا إذا قام المدعى عليه اعمالا مادية على العقار الذي يحوزه الحائز ، وقد يكون غير مباشر إذا قام شخص بأعمال مادية على عقار يحوزه هو ويعتبر اعتداءا على حيازة عقار آخر ، مثلا كأن يكون العقار حق ارتفاق على عقار مجاور فيقوم حائز العقار بأعمال تمنع جاره بمباشرة حقه في الارتفاق.
وقد يكون التعرض المادي إيجابيا إذا قام الغير بأي عمل من أعمال الحيازة دون اذن الحائز، كزراعة الأرض التي يحوزها المدعي، ويكون سلبيا إذا قام الغير في منع الحائز من ممارسة حيازته كمنعه من زراعة الأرض أو المرور بها.
ولا يشترط في التعرض المادي أن يصاحبه عنف أو أكراه، وعلى ذلك لا يعد تعرضا قيام الغير من سرقة الثمار خلسة، كما لا يعد تعرضا الذي تم بطريق مشروع كوضع الغير أدواته في الأرض الحائز بناءا على رضاه ، كما لا يعتبر تعرضا لأعمال التي تأتي تنفيذا لحكم قضائي صادر في مواجهة الحائز.
2 تعرض قانوني : هو الذي يستند فيه المتعرض إلى حق قانوني كرفع دعوى ضد الحائز أو هو التعرض القائم على تصرف قانوني يصدر من المدعى عليه يعلن فيه نيته أو رغبته في معارضته للمدعى في حيازتها والذي يتخذ صورتين :
أ-التعرض القضائي : كرفع دعوى استرداد الحيازة من طرف الحائز كما يعتبر تعرض قضائيا أيضا تنفيذ حكم على شخص لم يكن طرفا في الخصومة .
ب - التعرض غير القضائي: ليس من الضروري أن يتخذ التعرض القانوني شكل الخصومة القضائية ،كأن يوجه للمتعرض إنذارا للمستأجر لعدم دفع الأجرة للمؤجر وجوب دفع إليه شخصيا ، فهذا الإجراء ليس موجه للحائز القانوني يعتبر تعرضا قانونيا له، أو كأن يوجه له إنذار لعدم البناء في العقار الذي يحوزه، وفي بعض الحالات لا يصلح أساسا لرفع دعوى منع التعرض، التعرض المستند الى قرار إداري اقتضته المصلحة العامة أو قيام الإدارة بأشغال عامة لان هذا تعطيل لتنفيذ قرار إداري المشمول بالتنفيذ، مما يجعل القضاء العادي غير مختص ،وعلى الحائز اللجوء الى القضاء الإداري طالبا وقف تنفيذ القرار الإداري إذا ما توافرت شروط دعواه . كما أن التعرض الناجم عن عدم تنفيذ العقد لا يعتبر أساسا لمنع رفع دعوى التعرض لان مجاله دعوى شخصية ناشئة عن العقد.
ويجب أن يكون هذا التعرض متقطعا ولا يؤدي إلى سلب الحيازة تماما لأنه في هذه الحالة الدعوى المناسبة هي دعوى استرداد الحيازة. فان وقع التعرض عن طريق أكثر من واقعة، يرى بعض الفقه في هذه الحالة أن للحائز حق رفع الدعوى بناءا الفعل الأخير إذا لم يكن قد مضت عليه سنة ،ويرى بعض الاخر ان ميعاد السنة يحسب من أول فعل من أفعال التعرض، وتبريرهم في ذالك أن الفعل الأول هو الذي ينشأ للحائر الحق في رفع هذه الدعوى شريطة أن تكون هذه الوقائع مرتبطة ، وهو عكس الحال في حالة تباعد أعمال التعرض واستقلالها عن بعضهما البعض، أو صدورها على أشخاص مختلفين ، حيث يعتبر كل عمل منها تعرضا قائما بذاته ينشئ دعوى مستقله.
إذا ما توافرت شروط دعوة منع التعرض على النحو المذكور أعلاه ، فإن القاضي يصدر حكما حسب نوع التعرض، فإذا كان التعرض ماديا حكم القاضي بمنع لصالح المدعي لكن مضمونه يختلف التعرض وتأكيد الحيازة للمدعي، و ازالت مظاهر التعرض (أثار الأعمال المادية)، ويكون الحكم قابل للتنفيذ الجبري متى صار نهائيا أو مشمول بالنفاذ المعجل.
أما إذا كان التعرض قانونيا فإنه يكفي لحماية الحيازة مجرد صدور حكم نمنع التعرض، وهو حكم موضوعيا يرتب حجية الأمر مقرر يؤكد الحيازة للحائز، والحكم الصادر في دعوى منع التعرض يعد حكما المقضي فيه بالنسبة لمسألة الحيازة القانونية التي فضل فيها وان لم تكن له حجية بالنسبة لدعوى الحق.

المطلب الثاني : دعوى وقف الأعمال الجديدة
نص المشرع الجزائري على دعوى وفق الأعمال الجديدة ضمن المادة 821 ق م ج. والمادة 524 ق إ م إ ج ومن خلال هذين المادتين يمكن أن نستخلص تعريف الدعوى وطبيعتها القانونية ، وكذا الشروط المطلوبة لقبولها أمام القضاء.
الفرع الاول : تعريف دعوى وقف الاعمال الجديدة وطبيعتها القانونية
إن دعوى وفق الأعمال الجديد هي الدعوى التي يتمسك فيها المدعى لحيازته القانونية التي تهددها أعمالا جديدة، يقوم بها المدعي عليه من شأنها لو تمت أن تمس حيازته، طالبا الحكم بوقف هذه الأعمال، وهي دعوى وقائية وفق هذا التعريف، لان الغرض منها ليس منع التعرض وانما تفادي التعرض قبل حدوثها، ومثال ذلك ان يبدأ شخص في بناء حائط في حدود ارضيه لو أنه استمر فيه إلى نهايته لسد المطل.
أولا : مميزات دعوي وقف الأعمال
ودعوى وقف الأعمال الجيدة تتميز عن دعوى استرداد الحيازة لأن الحيازة فيها لا تنتزع من الحائز وتتميز عن دعوى منع التعرض أيضا من حيث:
- أن دعوى منع التعرض شرعت لدفع الاعتداء الذي وقع فعلا على الحيازة ، أما دعويي وفق الأعمال الجديدة فتحمي الحيازة من اعتداء يوشك أن يقع.
- تقع الأعمال المراد إيقافها في عقار المدعى عليه أما في دعوى وفق الأعمال الجديدة في دعوى منع التعرض فإنها تقع في عقار المدعي أو المدعى عليه او الغير .
- في دعوى وقف الاعمال الجديدة يصدر الحكم بوقف هذه الأعمال دون إزالتها ، أما في دعوى منع التعرض فيجوز للقاضي أن يحكم بإزالتها إذا تضمن تهديدا خطيرا.
ورغم هذه الاختلافات بين الدعوتين إلا أنهما يتفقان حيث استلزم توفر الحيازة والقانونية الموفرة على أركانها والمستوفية لشروطها وتتميز هذه الدعوى بالفائدة التى تعود على طرفها والمتمثلة في أنها تسمح للمدعي بتقاضي ضرر سيلحق به في المستقبل، بالإضافة إلى تفادي المدعى عليه ازالت أو هدم انجازاته .
ثانيا : الطبيعة القانونية لدعوى وفق العمل الجديدة
اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية لهذه الدعوى فمنهم من اعتبرها دعوى موضوعية تحمي الحيازة في حد ذاتها ، كغيرها من دعوى الحيازة بدليل إمكانية رفعها مدة سنة ، مما ينفي عنها عنصر الاستعجال.
ويعتبرها البعض الآخر دعوى استعجالية ( وقتية) على أساس توفر عنصر الاستعجال، وهو قول جدير بالتأييد، ذلك لأنها ترمى إلي تحقيق وظيفة القضاء الاستعجالي، وهي الوقاية من خطر التأخير والرأي الراجح والذي استقر عليه كل من الفقه و القضاء أن دعوى وقف الأعمال الجديدة هي دعوى موضوعية ، يتناول فيها القاضي بحث أصل الحيازة وصفتها القانونية، ولذلك فإن الحكم الذي سيصدر فيها يحسم النزاع بالنسبة للحيازة، غير أن هذا لا يمنع من رفع هذه الدعوى أمام القضاء الاستعجالي إذا ما توافرت شروط اختصاصه ، ولا تعتبر هذه الدعوى من دعاوي الحيازة ، وانما مجرد إجراء عادل ووقتي وتدبير تحفظي لا يمس موضوع الحيازة.
الفرع الثاني : شروط قبول دعوى وقف الأعمال الجديدة
تضمن نص المادة 821 من القانون المدني الشروط الواجب توفها لقبول دعوى وقف الأعمال الجديدة وهي :
- ثبوت الحيازة القانونية للمدعي بعنصريها المادي والمعنوي وشروطها الأربعة (الحيازة الهادئة، الواضحة، الظاهرة و المستمرة)
- رفع المدعي دعواه خلال سنة من تاريخ البدء في الأعمال، وبما انه تقدم الكلام عن الشرط الأول فإننا سنقتصر على شرط خشية المدعى من التعرض على حيازته.
- خشية المدعى من تعرض مستقبل لحيازته ؟ .
يبادر المدعي في رفع دوى وقف الأعمال الجديدة إذا قام المدعى عليه بأعمال وأشغال يخشى لأسباب معقولة ، إذا تركت أن تصبح تعرضا لحيازة الحائز ويشترط في هذه الأعمال ما يلي :
- أن تكون هذه الأعمال قد بدأت و لكنها لم تتم ، ذلك لأنه لو تمت لتعين على الحائز رفع دعوى منع التعرض.
- أن يخشى لأسباب معقولة أن تؤدي هذه الاعمال إلى الإضرار بالحائز وهي مسألة متروكة لتقدير القاضي لا نها مسألة واقع .
- أن تجرى هذه الأعمال على عقار آخر غير عقار المدعي ، لأنه لو كانت الأعمال تجرى على عقار المدعي يكون له حق رفع دعوى منع التعرض .
- أن تكون الأعمال الجديدة إذا لم ينقضي عام على البدا فيها أما إذا انتهت هذه السنة فلا تقبل دعوى ولو لم تكن الأعمال قد تمت، بل ينبغي على الحائز في هذه الحالة أن ينتظر حتى تتم الأعمال كي يرفع دعوى منع التعرض إذا توفرت شروطها.
إذا استوفت دعوى وقف الاعمال الجديدة شروطها ورفعت في الميعاد المحدد قانونا ، جاز للقاضي أن يحكم بوقف الأعمال الجديدة وعدم الاستمرار فيها دون إزالتها ، لان الاعمال التي أنجزت لا تمثل في ذاتها اعتداءا على الحيازة وفق نص المادة 821 ق م ج .
ويلاحظ أن المشرع استحدث نظام الكفالة في وقف دعوى الأعمال الجديدة ، أي في حالة منع أو استمرار الأعمال الجديدة ، يجوز للقاضي أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون في حالة صدور الحكم بالوقف ضمانا لإصلاح الضرر الناشئ عن هذا الوقف ، إذا تبين بحكم نهائي أن الاعتراض على استمرارها ضمانا لإزالة العمال كلها او بعضها للتعويض عن الضرر.
والحكم الصادر في دعوى وقف الاعمال الجديدة من القضاء الموضوعي فإنه لا يحوز حجية الشيء إلا إذا استنفذ جميع طرق الطعن، ولكن حجيته في مسألة الحيازة، اما الحكم الصادر في هذه الدعوي إذا صدر من القضاء الاستعجالي فحجيته مؤقتة نسبية، كما يمكن أن يكون مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون. وفق مضمون نص المادة 303 ق إ م إ ج .

خاتمة :
من خلال تحليل المادة 524 ق إ م إ نخلص إلى أن الحيازة وضع مادي يسيطر الشخص بنفسه أو بواسطة غيره سيطرة فعليه لا على سبيل التسامح و لا الرخصة على شيء مادي يجوز التعامل فيه ، أو أن يستعمل حقا من الحقوق فتجوز حيازة الحقوق العينية جميعا كحق الارتفاق والانتفاع و السكن، مع الظهور بمظهر المالك أو صاحب الحق العيني على الشيء، و مباشرة جميع الأعمال المادية التي تتفق مع مضمون الحق ، سواء كان الحائز هو صاحب الحق أو لم يكن وقررت لها الحماية المدنية باعتبارها الذي يسيطر عليه الاسلوب و الالية القانونية لتحقيق العدالة والسلم العام من خلال ضمان الاستقرار الكافي للمراكز القانونية القائمة ، و الاوضاع الواقعية الظاهرة لعدم السماح للشخص بإقتضاء حقه بيده عن طريق القوة و الإعتداء، وبالتالي تكريس فكرة اللجوء الى القضاء لدفع أي اعتداء يقع على الحيازة .
ولضمان عدم تضييع الحقوق بالنسبة للخصوم وضع المشرع الجزائري على غرار التشريعات المقارنة قاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة و دعوى الملكية، التي تتجلى حكمة تقريرها في استكمال حماية الحيازة لذاتها كفكرة مستقلة مجردة عن اصل الحق، من خلال إعادة الخصوم لمراكزهم قبل اثارة النزاع عن اصل الحق من طرف المالك ، و هي ملزمة لكل من المحكمة و الخصوم معا وتنوعت دعاوى الحيازة بحيث انها تحمي الحيازة في ذاتها بصرف النظر عن ما إذا كانت تستند الى حق قائم قانونا أو لا تستند لذلك، و من ثم لا يطلب من رافع هذه الدعاوى إثبات أنه صاحب الحق و انما يكتفي بإثبات حيازته لهذا الحق ، وهي ثلاثة دعاوى ،دعوى إسترداد الحيازة و التي تتقرر لمصلحة كل حائز لعقار و حق عيني عقاري آخر ، حتى و لو كان حائزا عرضيا وانتزعت منه حيازته عن طريق القوة و الغصب ، و لهذه الدعوى شروطها و احكامها الخاصة .
بالإضافة إلى دعوى منع التعرض التي تعتبر دعوى الحيازة الرئيسية لأنها تحمي الحيازة المستقرة استقرارا كاملا و المتوفرة على اركانها و المستوفية لشروطها القانونية ( الحيازة القانونية ) أي تسمح للحائز القانوني لحماية حيازته من كل إعتداء أو تهديد .
ودعوى وقف الأعمال الجديدة و التي قررها المشرع لمصلحة الحائز القانوني لحماية حيازته التي توشك أن تتعرض للإعتداء من جراء اعمال بدأت لكن لم تتم ، و المطالبة بوقف استمرار هذه الأعمال ، و الحكم الصادر في جميع دعاوى الحيازة له حجية نسبية بالنسبة لدعوى الملكية لإختلاف موضوع كلى الدعويين.

المراجـع :
1- القوانين :

- القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية. 2- الكتب :
- د محمد صغير بعلي - الوسيط في المنازغات الادارية - دار العلوم عنابة سنة 2009
- د بربارة عبد الرحمان - شرح قانون الاجراءات المدنية و الادارية - منشورات بغدادي , الطبعة الثانية , الجزائر سنة 2009.
- د سائح سنقوقة - شرح قانون الاجراءات المدنية و الادارية - الجزء الثاني دار الهدي الجزائر سنة 2011.
- د بوبشير محند أمقران، الإجراءات المدنية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط 04، 2008.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
التعليق ، المادة ، قانون ، الاجراءات ، المدنية ، والادارية ،









الساعة الآن 02:07 PM