تحليل نص المادة 9 من قانون الأسرة
الجزائري الرضا في عقد الزواج أولا التحليل الشكلي لنص المادة 9 من قانون الاسرة
ثانيا التحليل الموضوعي لنص المادة 9 من قانون الاسرة أولا التحليل الشكلي :
طبيعة النص :
النص محل التعليق هو نص تشريعي
تنص المادة 9 قانون الاسرة : { ينعقد الزواج بتبادل رضا الزوجين.}
موقع النص القانوني :
يقع هذا النص ( المادة 9) في القانون رقم 11-84 المؤرخ في 9 رمضان عام 1404 الموافق 9 يونيو سنة 1984، المتضمن قانون الأسرة، المعدل والمتمم. .
و قد جاء في ا لكتاب الأول بعنوان الزواج و انحلاله ، من الباب الاول وعنوانه الزواج ، القسم الثاني و عنوانه في الزواج ، ضمن أركان الزواج.
البناء المطبعي :
المشرع قد حاول إجمال المعنى في نص المادة 9 من قانون الاسرة حيث جعلها تتألف من فقرة واحدة .
تبدأ من " ينعقد " وينتهي عند " الزوجين " ،.
البناء اللغوي والنحوي :
استعمل المشرع الجزائري مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت المادة 9 من قانون الأسرة بمصطلحات قانونية تشير إلى موضوع الرضا في عقد الزواج و كمثال على ذلك نشير إلى :
" ينعقد " ، " بتبادل الرضا " .
البناء المنطقي :
نلاحظ نص المادة 9 من قانون الأسرة بدأت بعبارة " ينعقد الزواج "وهنا المشرع يقصد تبادل الرضا بين الزجين يكفي لإنغقاد الزواج وعليه الرضا هو الركن في عقد الزواج.
- نلاحظ أن المشرع في المادة 9 من قانون الأسرة اتبع أسلوبا إخباريا . ثانيا التحليل الموضوعي :
تحليل مضمون النص :
من خلال قراءة نص المادة 9 من قانون الأسرة يتضح أن المشرع قد بين دور الرضا في عقد الزواج و أن تبادل الرضا بين الزجين يكفي لإنغقاد الزواج وإعتبر الرضا ركن لإنعقاد الزواج أما بالنسبة لـ الولي و الصداق و الشهود جعلهما المشرع شروطا لعقد الزواج وليس أركانا.
تحديد الإشكالية :
و بتحديد مضمون المادة 9 من قانون الأسرة يمكن طرح عدة تساؤلات نلخصها في الإشكالية التالية :
ماهو المقصود بالرضا في عقد الزواج و ماهو أثر تخلفه ؟
التصريح بخطة البحث :
مقدمة
المبحـث الأول: ماهية ركن الرضا في عقد الزواج
المطلـب الأول: المقصود بركن الرضـا في عقد الزواج
المطلـب الثـاني : صيغة الإيجـاب والقبول في ركن الرضا
المطلب الثالث: إنعقاد الزواج بغير الكلام
المطلب الرابع : شروط صحة الارادة في عقد الزواج
المبحث الثاني : آثار تخلف ركن الرضا في عقد الزواج
المطلب الاول: آثار الغلط و الإكراه علي العقد
المطلب الثاني : التدليس كعيب من عيوب الرضا
المطلب الثالث : أثر تخلف ركن الرضا في الشريعة الإسلامية
المطلب الرابع : أثر تخلف ركن الرضا في قانون الأسرة
خاتمة
مقدمة
إن الزواج مؤسسة إجتماعية عرفتها أغلب المجتمعات الإنسانية القديمة منها والحديثة على حد السواء مع إختلاف في أشكاله وصوره، إذ قد يكون أحياديا أو تعدديا، داخليا أو خارجيا وذلك تبعا للثقافة السائدة في كل مجتمع بل معا لإختلاف بين الأوساط ا لإجتماعية داخل المجتمع الواحد تبعا للأعراف والمعايير والقيم المتعلقة بذلك، وهناك إختلاف بين الفئات الغنية والفئات الفقيرة، وبين الفئات المتمدنة والريفية، كما يختلف نظام الزواج من مرحلة زمنية إلى أخرى وذلك راجع إلى التغيرات ا لإقتصادية وا لإجتماعية والسياسية التي تحدث في المجتمع،
يعتبر الزواج من الآليات الاجتماعية والدينية التي تسهم إسهاما فعالا في بناء الخلية الأولى الهامة من خلايا البناء الاجتماعي، وقد أحيطت بعدد كبير من الأحكام الشرعية والقوانين الوضعية والأعراف الاجتماعية.
وقد أعطى الإسلام الزواج تلك القدسية الهامة، وسمى العقد الذي يتم بين طرفي الزواج بالرباط المقدس، وتكون العقد يخضع لمر احل تتم على وفق نظام الاسلام للأسرة من جهة والأعراف الاجتماعية كذلك وقد تم بيان ذلك في قوانين الأحوال الشخصية وقانون الأسرة في المجتمع الجزائري.
وتظهر أهمية الزواج من خلال مقاصده وأغراضه الفردية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق يمكن لكل باحث أن يتعرف على قيمته وأهميته في حياة الإنسان فالزواج هو الطريق الوحيد الذي شرعه الله تعالى لإصلاح أمر العائلات، ذلك الإصلاح هو أساس حضارة الأمة جميعها، ولهذا كانت العناية بضبط نظام العائلة من أهم مقاصد الشرائع كلها، فاعتنى به الإنسان المدني في إقامة أصوله على المنطق والعقل، ولم تزل الشرائع السماوية لعنى بضبط أصل نظام العائلة القائم على الزواج لكونه سببا في حفظ الأنساب من الشك في انتسابها لغير أصولها، وحفظ النسل في أصل تكوينه من الانقراض والانحلال، وحفظ نظام القرابة بفروعها وأصولها، إذ من النكاح تتكون الأمومة والأبوة ومنه تنشأ رابطة الصهر بين الزوجة وأصول زوجها وفروعه وبين الزوج وأصول زوجته وفروعها هنا بات الأمر واضحا في بيان أهمية الزواج ومنها تكوين الخلية الاجتماعية الأولى لبناء المجتمع وهي الأسرة.
يبنى قانون الأسرة في الجزائر وفي غيره من التشريعات الأخرى قواعده وأحكامه على عقد أصلي لبناء الأسرة هو عقد الزواج فهو ينظمه وينظم عقوده التمهيدية كالخطبة و الفاتحة و الآثار المترتبة عنه كالطلاق وما ينتج عنه من عدة و حضانة والنسب وما تنتج عنه من حق الإرث ...الخ. والزواج كعقد شرعي له أركان تقومه وتحقق ما هبته وشروطه لبد منها ويتحقق بها وجوده وانعقاده . قانون الأسرة الجزائري فصل الرضا وجعله كركن أساسي في إنعقاد العقد كالباقي العقود الأخرى أما باقي الأركان فقد أنزلها إلى شروط صحة العقد وبهذا يكون المشرع قد تأثر و أخذ بالمذهب الحنفي.
المبحـث الأول: ماهية ركن الرضا في عقد الزواج
لقد اتفق كل من فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون ومختلف التشريعات وكذا الإتفاقيات الدولية على أن الرضا هو الركن الأساسي في عقد الزواج وهو القائم الذي يقوم عليه ويتوقف وجوده عليه وأختلف في تسميته فهناك من يطلق عليه تسمية الإيجاب والقبول وهناك من يسميه الصيغة وهناك من يسميه العنصر النفسي في عقد الزواج L’ELEMENT PSYCHOLOGIUE و هذا الإختلاف هو لفظي فقط أما المعنى فهو واحد، ولقد نصت المادة 16 من ميثاق حقوق الإنسان على أنه '' لايعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما زواجا كاملا لا إكراه فيه '' ونصت المادة 23 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 10 من العهد الدولي لحقوق الإنسان الإقتصادية والإجتماعية والتقافية على '' لا ينعقد زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاءا كاملا لا إكراه فيه ''، ونصت المادة 16 من إتفاقية إلغاء التميز ضد المرأة لسنة 1975 على '' للمرأة الحرية في إختيار الزوج وفي عدم الزواج إلا برضاها الحر والكامل '' و نجد أن معظم التشريعات العربية قد سارت في هذا النهج وكمثال عن ذلك المشروع العربي الموحد لقانون الأحوال الشخصية نص في مادته 23 على أنـه '' ينعقد الزواج بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر صادرين عن رضا تام …'' .
أما المشرع الجزائري فكما ذكر سابقا حدد في المادة 09 من قانون الأسرة الرضا بأنه أحد أركان عقد الزواج ونصت المادة العاشرة منه على مكونات الرضا وكيفية التعبير عنه بالنسبة للقادر على الكلام وغير القادر على الكلام لعجز. المطلـب الأول: المقصود بركن الرضـا في عقد الزواج
لم يعرف قانون الأسرة ركن الرضا وإنما إكتفى فقط في الفقرة الأولى من المادة العاشرة بتحديد قسمي الرضا واللفظ بصفة عامة الذي يحوز به التعبير عن الإيجاب والقبول، وعدم تعريف المشرع الجزائري لركن الرضا بتركنا نذهب إلى التعريف الذي وضعه له الفقه ومن بين تلك التعريفات نجد السيد سابق يعرّفه '' بأنه توافق إرادة الطرفين في الإرتباط بواسطة التعبير الدال على التصميم على إنشاء الإرتباط وإيجاده، وأنه ما صدر من الأول يعتبر إيجابا وما صدر من الثاني يعتبر قبولا ويعرّفه الدكتور يدران أبو العينين بدران بأنه '' الإيجاب والقبول الصادرين من التعاقدين الذين يرتبط أحدهما بالآخر فيفيدان تحقق المراد من صدورهما، ومن خلال إطلاعنا على هذه التعاريف نستخلص أن ركن الرضا في عقد الزواج ينقسم إلى قسمين وهما الإيجاب والقبول. الفـرع الثانـي: الإيجاب والقبول
إن ما نص عليه المشرع الجزائري في قانون الأسرة جاء متفق تماما مع ما ذهب إليه فقهاء الشريعة الإسلامية وهو أن ركن الرضا يتكون من شقين الإيجاب والقبول لكن ما يؤخد عليه أنه حدد الإيجاب والقبول من دون أن يعرفهما ولم يحدد شروطهما . أولا : تعريف كل من الايجاب والقبـول
أ- الإيـجـاب : يتفق الفقهاء على أن الإيجاب هو ما يصدر من أحد العاقدين يدل على أنه يود الإرتباط بعلاقة زوجية مع طرف العقد الآخر ويسمى بالتالى موجبا.
ب- القبـول: يعرف الفقهاء القبول بأنه الكلام الذي يصدره المتعاقد الثاني الذي وجه له الإيجاب يدل على موافقته على ما أوجبه الموجب ويسمى القابل. ثـانيـا: شروط صحة الايجاب والقبول
لصحة الإيجاب والقبول إشترط الفقهاء المسلمين أن تتوافر فيهما شروط معينة منها ما اتفقوا عليها ومنها ما اختلفوا فيها وهي كالتالي:
أ – الشـروط المتفـق عليهـا : إشترط الفقهاء أن يكون إجتماع إرادتي المتعاقدين على الزواج في مجلس العقد وإتفاقهما في القصد والهدف، ويجب أن يكون مجلس العقد متحدا أي لا يفرق بين الإيجاب والقبول ما يعد شاغلا عنهما مثلا بتكلم أحد العاقدين كلام أجنبي. ب- الشروط المختلف فيها : على خلاف الحنايلة والخنفية إشترطت المالكية والشافعية لصحة الإيجاب والقبول أن تكون الفورية في قبول الإيجاب. المطلـب الثـانـي : صيغة الإيجـاب والقبول
يكون الرضا بإيجاب من أحد الطرفين وقبول من الطرف الآخر يكل لفظ يفيد معنى الزواج شرعا ، وما يستخلص أن المشرع الجزائري لم يجدد الألفاظ التى يتم بها التعبير عن الإيجاب والقبول ولم يجدد اللغة التي يتم بها العقد وصيغة الفعل عند التعبير عن الإيجاب والقبول وهذا ما يؤدي بنا لتحديدها الرجوع إلى ماذهبت إليه الشريعة الإسلامية ولقد أفاض الفقهاء المسلمين في الحديث عن هذه المسألة وهي كالتالي: الفـرع الأول : الألفـاظ المعبـرة شرعـا عن النكاح
وتعرض للألفاظ المعبرة شرعا عن النكاح في نقطتين أساسيتين وفقا لما ذهب إليه الفقهاء المسلمين.
أ- الألفاظ المتفق عليها أنها تؤدي معنى النكاح شرعا أو لا تؤدي معناه :
لقد إتفق الفقهاء المسلمين سنة منهم أو شيعة بأن الزواج ينعقد بألفاظ الزواج، النكاح منشدين في ذلك أن معظم الآيات والأحاديث المتعلقة بالزواج جاءت بهذين اللفظين كما إتفقوا على أن الزواج لا ينعقد بالألفاظ التالية: الإباحة، الإحلال، الإيداع، الإعارة، الرهن، الوصية، الإجازة وذلك بسبب أنها لا تؤدي مفهوم الزواج حقا .
ب- الألفـاظ المختلف فـي آدائهـا لمعنى النكاح
ذهبت المالكية والحنفية بأنه يجوز ويصح أن يكون الإيجاب بالألفاظ التالية: الهبة، التمليك، البيع، الصدقة والجعل مشترطين فقط أن تدل تلك الألفاظ على بقاء الحياة الزوجية مدى الحياة، في حين الشافعية والحنايلة قالوا بعدم صحة الزواج الذي يتم بالألفاظ المذكورة أعلاه، وما يلاحظ في إشتراط الفقهاء الألفاظ التى يتم بها عقد الزواج أنها تشترط فقط أن يستعملها الموجب في إيجابه أما القابل فلا تشترط فيه وإنما يكفيه أن يقول قبلت أو رفضت، وأنه وفقا لما جرت عليه العادة والعرف في الجزائر أنه يعمل بما ذهب إليه المذهب المالكي والحنفي فجرت العادة أن يقول الموجب جئت أطلب بنتك مثلا فيقول القابل إني أعطيتك. الفـرع الثانـي : لغـة إبـرام عقد الـزواج
كما سبقت الإشارة إليه فإن المشرع الجزائري في قانون الأسرة لم ينص إطلاقا على اللغة التى يجب أن يبرم بها عقد الزواج بل إكتفى فقط بذكر كل لفظ يفيد معنى النكاح شرعا، في حين نجد أن جمهور الفقهاء المسلمين متفقين على جواز عقد القران بغير اللغة العربية مستدلين في رأيهم على أن العقود تقوم على المعاني لا على الألفاظ والمياني ، وان الزواج ليس أمر تعبدي حتى يجب تعلم أركانه باللغة العربية، وذهب أصحاب المذهب الشافعي والشيمة إلى أنه لا يصح إبرام عقد الزواج بغير اللغة العربية إذا كان العاقد يفهمها وينطق بها ويجوز لمن لا يستطيع النطق بها بأن يعقد بغير اللغة العربية وبما أنه عاجز عنها فإنها تسقط عنه، وما يلاحظ على ما ذهب إليه المشرع الجزائري في عدم تحديده للغة التى يتم بها العقد هو أنه أخذ بما ذهب إليه جمهور الفقهاء وهو موقف وفق فيه حسب رأيي وذلك حتى لا يصعب على من أراد الزواج، لأنه إن إشترط لغة معينة فإنه يتوجب على الذي لا ينطق بها يثبت ذلك. الفـرع الثالـث : صيغـة الفعـل
لم يحدد المشرع الجزائري صيغة الفعل التى يعبر بها عند الإيجاب والقبول وهو ما يتركنا نرجع إلى ما ذهب إليه فقهاء الشريعة الإسلامية لتحديد هذه المسألة، ولقد إشترط الفقهاء المسلمين لصحة الإيجاب والقبول أن تكون الأفعال المعبر بها مصرفة كالاتي:
- أن يكون كل من الألفاظ المعبر بها في الإيجاب والقبول بصيغة الماضي.
- إذا كان الإيجاب بصيغة الأمر يكون القبول بصيغة الماضي.
- إذا كان الإيجاب بصيغة المضارع يكون القبول بصيغة الماضي.
- إذا كان الإيجاب بصيغة المستقبل يكون القبول بصيغة الماضي.
وإشتراط الفقهاء المسلمين صيغة الماضي لأنها تفيذ دلالة قطعية على رضا الطرفين ويكون بالتالي الإيجاب والقبول منجزين غير معلقين إلى المستقبل. المطلب الثالث: إنعقاد الزواج بغير الكلام
تناول المشرع الجزائري إنعقاد الزواج بغير الكلام في قانون الأسرة وإقتصر على النص على حالة الشخص العاجز عن الكلام أو الكتابة ولم يتطرق إلى الزواج عن طريق الرسالة أو الرسول . الفـرع الأول : التعبير الإيجاب والقبول من طرف العاجز عن الكلام
قد يتعذر على أحد المتعاقدين أن يعبر عن إرادته في الزواج لعائق فيه كالأخرس والأبكم ولهذا إتفق جمهور الفقهاء المسلمين على أنه إذا كان العاقدين أو أحدهما يعجز عن التعبير وكان يحسن الكتابة فإنه يعبر عن إرادته بواسطة هذه الأخيرة لأنها طريقة تعبير أكثر بيانا من الإشارة في حين نجد المذهب الحنفي إنقسم إلى إتجاهين إتجاه قال بما ذهب إليه جمهور الفقهاء وذلك بعدم الجواز للشخص أن يعقد بالإشارة إذا كان بإمكانه أن يعقد بالكتابة، أما الإتجاه الثاني حسب رواية الجامع الصغير فإنه يجوز أن يعقد بالإشارة حتى ولو كان بإمكانه أن يعقد بالكتابة.
وما يلاحظ على المشرع الجزائري وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة العاشرة السابقة الذكر فإنها أخدت بالرواية الثانية عن المذهب الحنفي أي بإمكان الشخص أن يعقد بالإشارة رغم مقدرته على التعبير بالكتابة بإعتبار الفقرة الثانية لم تأتي بالترتيب وإنما أعطت للمتعاقد الإختيار التام بحيث العبارة جاءت كما يلي '' … كالكتابـة أو الإشارة '' وهذا الموقف الذي إتخذه المشرع الجزائري منتقد بإعتبار أن الكتابة فعلا هي الأكثر تعبيرا وبيانا من الإشارة، وهذا على عكس بعض الذين قالوا بأن قانون الأسرة يشترط الترتيب. الفـرع الثانـي : التعبير عن الإيجاب و القبول عن طريق الرسول والمراسلة
لم ينص المشرع الجزائري على التعبير عن الرضا عن طريق الرسول أو المراسلة (المكاتبة) أي إذا لم يحضر أحد العاقدين مجلس العقد وهذا ما يجعلنا نرجع إلى ما ذهب إليه الفقهاء المسلمين الذين أجازوا الزواج عن طريق الرسول أو المراسلة المكتوبة واتفقوا على أن من لا يستطيع حضور مجلس العقد لغيابه مثلا فله أن يعبر عن إرادته في إبرام عقد الزواج بالمكاتبة أو عن طريق الرسول، ولكنهم إشترطوا حضور شهود يعلمون مضمون قول أو كتاب الموجب وكذا رد القابل عن طريق القول أو المكاتبة. الفـرع الثالـث : التعبير عن الإيجاب والقبول بكلمة واحدة
يقصد بالتعبير عن الإيجاب والقبول بكلمة واحدة هو العقد الذي يباشره شخص واحد، وهذه الحالة لم ينص عليها المشرع الجزائري في قانون الأسرة، أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد خاضوا فيها واختلفوا في الحكم الذي تأخذه، فهناك من الفقهاء المسلمين الذين يجيزون العقد بكلمة واحدة وهم الغالبية في المذهب الحنفي والشافعي، فالحنفية تشترط لكي يصح العقد الذي يباشره شخص واحد أن يكون مباشرا من طرف الولي على الطرفين أو وكيلا عن الطرقين أو رسولا عنها أو أصيلا من جانب وولي من جهة، أو وكيلا من جهة وولي من جهة أخرى أو أصيلا من جانب ووكيلا من جانب آخر، في حين هناك زفر من الحنفية من لا يجيز على الإطلاق التعبير عن الإيجاب والقبول بكلمة واحدة أما الشافعية فقد أجازتها لكن بشرط وهو أنها لا تجوز إلا إذا كان الشخص الذي يباشر الإيجاب والقبول بكلمة واحدة هو ولي عن الطرفين كالجـد على الحفيدين ، وأجازت المالكية والحنابلة ما ذهب إليه أبو حنيفة في إجازتهم للعقد الذي يتم بواسطة كلمة واحدة وما يمكن قوله أنه رغم عدم نص المشرع الجزائري على التعبير عن الإيجاب والقبول بكلمة واحدة فإننا نرجع إلى ما ذهب إليه الجمهور في إجازتهم لهذا النوع من العقود التى تتم بكلمة واحدة. المطلب الرابع : شروط صحة الارادة في عقد الزواج
يشترط الفقهاء لصحة الإرادة في عقد الزواج أن تكون جدية، واعية وحرة أي غير مشوبة بالإكراه وعيوب الرضا، وغير مقيدة بشرط ولا أجل و مؤبدة. الفـرع الأول: الإرادة الجدية والواعية VOLONTEE CONSIENTE ET SERIEUSE
يقصد بالإرادة الواعية هي أن لا يكون المتعاقد فاقد لوعيه كالمجنون أو لإنعدام الأهلية كالصغر أما الإرادة الجدية فهي تلك الإرادة التي تؤدي إلى إبرام عقد الزواج صحيحا بعكس الإرادة الهازلة أو الصورية التي لا تنسجم مع الطبيعة الخاصة لعقد الزواج. الفـرع الثانـي : الإرادة الخالية من عيوب الرضا
لم يتعرض المشرع الجزائري في قانون الأسرة لعيوب الإرادة بالتفصيل و كذا عدم خوض فقهاء الشريعة الإسلامية كثيرا في هذه المسألة نلجأ كما يري البعض إلى القواعد العامة في القانون المدني المادة 82 فقرة 2 والمواد من 86 إلى 88 وعموما العيوب التى تشوب الإرادة في عقد الزواج هي الإكراه والغلط أما التدليس فيكون بدرجة أقل وتتعرض لهذه العيوب الثلاثة كمايلي: أ- الإكــراه :
يقصد به بأنه كل ضغط مادي أو معنوي يولّد في نفس الشخص رهبة تدفعه إلى التعاقد، فالإكراه بجانبيه المادي والمعنوى يمس بقاعدة حرية الإرادة في إبرام العقود، وما يشترط في الإكراه هو أن يكون الدافع الذي دفع بأحد المتعاقدين إلى إبرام عقد الزواج، والمذاهب الفقهية تناولت هذه المسألة وإعتبرت عقد الزواج الذي تم تحت الإكراه باطل بإستثناء بعض الآراء الشاذة وإن ما يقال على إجازة جمهور الفقهاء للولي أن يجبر بنته القاصرة على الزواج هو محدود ولا يصل إلى غاية الإكراه وهو أن يراعي رغبتها في الزواج، والمشرع الجزائري منع الولي من إجبار موليته على الزواج دون رضاها وأن السلطة في منع بنته البكر من الزواج فقد وضع لها المشرع حدود وهو مراعاة مصلحتها وفي حالة تعسفه أعطى للبنت حق اللجوء إلى القاضي الذي يعين لها ولي للتـزوج. ب- الغـلــط :
ويعرف الغلط بأنه وهم يقوم في ذهن الشخص يحمله على إعتقاد غير الواقع ويشترط في الغلط كي يكون عيب في الإرادة المبرمة لعقد الزواج أن يكون متعلقا بالشخص أو في صفة من صفاته الأساسية التي هي محل إعتبار في التراضي. ج- التدليس :
ويعرف التدليس بأنه إستعمال الحيلة بقصد إيقاع المتعاقد في غلط يحمله على التعاقد وهو عيب غير هام في إبرام عقد الزواج وكمثال على ذلك أن الشخص الذي يريد إبرام عقد لا يصرح بحالته العائلية السابقة وهو متزوج وله أولاد فهنا قد دلس الطرف الذي تعاقد معه وبالتالي فإرادة الطرف الثاني معيبة. الفـرع الثالـث : الإرادة الغير المقيدة بشرط ولا بأجل
ويقصد بالإرادة المقيدة بشرط أو أجل هي تعليق عقد الزواج على تحقق شروط ما أو إضافته إلى زمن مستقبل وهي معطيات تتخالف ولا تتفق مع طبيعة عقد الزواج الذي يجب أن يكون الإيجاب والقبول فيه قطعي لا إحتمالي أي أن يؤدي إلى إنشاء عقد الزواج في الحال وبصفة فورية بإعتباره منجز وأحكامه لا تتراخى عن أسبابه وذلك وفقا لنص المادة التاسعة من قانون الأسرة.
ويجيز المذهب المالكي إضافة عقد الزواج إلى المستقبل بشرطين فقط وهما أن يكون العاقد أب في مرض الموت وإضافة أثر العقد إلى ما بعد وفاته وبالتالي تصبح وصية بالزواج، هذا فيما يخص التعليق على الشروط والإضافة إلى الزمان المستقبل أما فيما يخص الشروط المقترنة بعقد الزواج فقد أجازها المشرع الجزائري في قانون الأسرة وتكون نافذة في حق كل من الزوجين متى كانت لا تتنافى مع عقد الزواج وإذا كانت تتنافى مع هذا الأخير فهي باطلة وعقد الزواج يكون صحيح. الفـرع الرابـع : أن تكون إرادة الزوجين مؤبدة
لقد إشترط الفقهاء المسلمين أن تكون صيغة عقد الزواج مؤبدة غير مؤقتة ولا مقترنة بما يدل على التأقيت لأن مقتضى عقد الزواج هو التأبيد، وعليه فإن عقد الزواج المؤقت وعقد زواج المتعة غير جائزين عند الفقهاء المسلمين ويقع تحت طائلة البطلان بإستثناء زفر من الحنفية الذين يحيزون الزواج المؤقت ويبطلون زواج المتعة، أما الشيعة الإمامية فلا يميزون بين الزواج المؤقت وزواج المتعة ويحلونهما. المبحث الثاني : آثار تخلف ركن الرضا في عقد الزواج
على رغم من ان المشرع الجزائري أحجم عن وضع نص يتعلق بعيوب الرضا في عقد الزواج عكس ما هو في القواعد العامة وسببا لبطلان العقد إلا أنه أعطى الحق لكل من وقع في الغلط او تدليس او اكراه في طلب إبطال العقد غير أن هذا النص لم يكن له أثر في تعديل قانون الأسرة . المطلب الاول: آثار الغلط و الإكراه علي العقد : أولا : آثار الغلط
يعرف الفقه الغلط بأنه " وهم يقوم في ذهن فيصور الامر على خلاف الواقع". النظرية التقليدية في الغلط على ثلاثة أنواع هي :
-1الغلط يبطل العقد بطلان مطلقا وهو الذي يعدم الرضا ويكون في ماهية العقد أو في ذاتية محل الإلزام أو في سبب الالتزام.
2-غلط يبطل العقد بطلان نسبيا ويكون في حالتين هما الغلط في مادة الشيء وغلط في شخص المتعاقد إذا كانت شخصيته محل اعتبار.
-3غلط له أثر في صحة العقد وهو الغلط في صفة غير جوهريه. وفي هذا الإطار نص المشرع الجزائري في المادة 82 من قانون المدني الجزائري على أن يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد على ابرام العقد لو لم يقع في هدا العقد.
ومن خلال كل هذا يتبين لي أن المشرع أخذ بالمعيار الذاتي الشخصي قوامه الصفة الجوهرية في نظر المتعاقدين.
ولكن بنظر إلى عقد الزواج نلاحظ ان شخصية الزوج أو الزوجة مسألة جوهرية وبالتالي إذا كان الغلط في الشخص يترتب عليه بطلان العقد كان يتزوج شخص فتاة على أساس انها ليلى، ثم يتبين له بعد ذلك انها كريمة.
أما الغلط اذا كان في صفة من صفات المتعاقد لا يمكن بطلان العقد كأن يتروج رجل فتاة معتقدا أنها بنت فلان الغني ثم يتبين له أنها بنت فلان فالزواج صحيح. ثانيا : آثار الإكراه :
إن من عيوب التي تؤثر في رضا تأثير كبيرا يجب الإكراه الذي يصيب الرضا عند الإنسان. والإكراه ضغط تتأثر به إدارة الشخص فيندفع إلى التعاقد والذي يفسد الرضا ليست الوسائل بل الرهبة التي تقع في نفس المتعاقد .
ويعد الإكراه من الأعذار الشرعية، ولقد تعددت الآراء في تكييف نظرية الإكراه فنذهب الحنفية إلى تقسيمه إلى قسمين. أ-الاكراه الملجئ :
وهو الذي يعرض الشخص أو المال لتلف شديد كالتهديد بالقتل أو تلف عضو من أعضاء الجسم أو الضرب الشديد الذي قد يؤدي عادة إلى الهلاك. ب - الاكراه غير الملجئ :
هذا الاكراه خفيف عن الأول بحيث يكون أقل خطورة بحيث يعرض النفس الاصابات الطفيفة كالتهديد بإتلاف جزء من المال أو بالضرب الذي لا يؤدي إلى هلاك.
أما جمهور الفقهاء ذهب إلى ضرورة أن يغلب على ظن المكره جدية المكره حتى لا يكون هناك معيار للجدية على تهديد وبعث الخوف والرهبة في النفس.
أما في القانون يعرف الفقهاء الإكراه بأنه ضغط تتأثر به إرادة الشخص فيندفع إلى التعاقد. والذي يعيب إرادة المتعاقد هنا ليست هي الوسائل المستعملة في الإكراه بل هي حالة نفسية التي أدت إليها وهي: الرغبة التي تولدت في نفس الشخص فدفعته إلى التعاقد. فإرادة المكره تكون على هذا النحو إدارة معينة تعوزها حرية الاختيار.
إذا كان الزواج يتم بإيجاب والقبول فما تأثير الإكراه على عقد الزواج ذهب الجمهور فيما ذكره الإمام الشوكاني، إلى بطلان عقد الزواج في حالة إكراه أحد الطرفين وعن عائشة رضي الله عنها قالت :" قلت يا رسول الله يستأمر النساء في أبضاعهن قال نعم، قلت : فإن البكر تستأمر فتستحي فتسكت فقال. سكاتها اذنها. المطلب الثاني : التدليس كعيب من عيوب الرضا :
يعتبر التدليس عيب من عيوب الرضا خصوصا إذا توفر السبب للشخص الذي تعاقد بسبب ما دلس عليه بحيث يمكن إنهاء العقد ولهذا يجب معرفة التدليس في عقد الزواج باعتباره عيبا من عيوب الرضا.
يعرف التدليس عند الفقه الإسلامي بمصطلح التغرير أو الضرر وقد وصل هذا الفقه في تقرير نظرية التدليس طبقا لما ذكره السنهوري إلى مدى بعيد لا يقل عن المدى الذي وصل إليه الفقه العربي، فهو يعرف التغرير باستعمال الطرق الاحتيالية ويعرفه عن طريق الكذب. بل يعرفه عن طريق محض كتمان ثم هو كالفقه العربي يعتمد بالتدليس الصادر من الغير .
تنص المادة 86 فقرة 1 من القانون المدني الجزائري على أنه" يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجا إليها أحد المتعاقدين من جسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرق الثاني العقد.
إن إمكانية تطبيق هذه المادة في عقد الزواج أمر ممكن خصوصا مع غياب النص القانوني في قانون الأسرة حول التدليس في عقد لانه يكون قابلا للإبطال فالتدليس يأخذ صور عديدة في عقد الزواج البعض منها مقتض ويمكن تجاوزه كما يذكر الفقهاء بالنسبة للضرر اليسير مثلا إذا تظاهر الرجل بالكرم والترف لحمل المرأة على قبول الزواج منه وتظاهرات هي بالحياء والتربية والخلاق فهنا لا يمكن اعتبار هذا التدليس مصيب للرضا. أما إذا أدعى شخص عدم الزواج وتبين للمرأة خلاف ذلك فلها أن تبطل العقد لوقوعها في التدليس كما تجدر الإشارة على أنه لا يمكن تطبيق نظرية التدليس في إبطال عقود الزواج حيث الأخذ بذلك يؤدي إلى بطلان نسبة كبيرة من العقود وخاصة بعد الدخول إذ تظهر حقيقة كل طرف ويصعب الرجوع على كل شيء خصوصا أن عقد الزواج بعد الدخول يستهلك.
إن من شروط لزوم العقد أن يكون خاليا من التغرير لأنه إذا غر الزوج الولي أو موليته التي تزوجها بأنه كفؤ لها أو ادعى نسب غير نسبه فظهر نسبه دون ما أدعاه لنفسه من نسب وكان ذلك مخلا في الكفاءة فحق الفسخ كانت للمرأة ولأوليائها لأن العقد حقهم في هذه الحالة غير نسبه فظهر نسبه دون ما أدعاه لنفسه من نسب، وكان ذلك مخلا في الكفاءة فحق الفسخ ثابت للمرأة ولأوليائها لأن العقد في حقهم في هذه الحالة غير لازم لتقريرهم، ولكن إذا كان ما ظهر من ظهر من نسبه الحقيقي فوق ما ادعاه . المطلب الثالث : أثر تخلف ركن الرضا في الشريعة الإسلامية
يذهب جمهور الفقهاء المسلمين إلى أن تخلف ركن الرضا في عقد الزواج يجعله باطلا ومنعدما لما أصابه من خلل، ولم يرتبوا عليه أية آثار، ولم يحلون به الدخول، وإذا تم الدخول فلقد إتفق على وجوب التفريق بين الزوجين ويعتبرونه زنى، لكن أختلف حول وجوب إقامة حد الزنى عليهما، فالمالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف يقولون بإقامته في حين الحنفية ترى بأن الزواج الباطل في حد ذاته شبهة تدرأ الحدود، ولكن هذا لا يمنع من إنزال عقوبة التعزير عليهمـا ومن المتفق عليه أيضا أنه لا يثبت المهر ولا النفقة ولا الطاعة كما أنه لا يرد الطلاق، أما النسب فقد أختلف فيه فالجمهور يرى بعدم ثبوته على عكس الحنفية التي قالت بثبوته. المطلب الرابع : أثر تخلف ركن الرضا في قانون الأسرة
تناول المشرع الجزائري أثر تخلف ركن الرضا في قانون الأسرة والتى يمكن التطرق اليها كمايلي : أ– الحـالـة التـى يترتـب عليهـا فسـخ عقـد الـزواج
يفسخ النكاح إذا إختل أحد أركانه أو إشتمل على مانع أو شرط يتنافي مع العقد وبما أن المشرع رتب على تخلف ركن الرضا الفسخ سواء قبل الدخول أو بعده فإنه يترتب عليه الآثار التالية :
- ثبوت النسب، - حرمة المصاهرة، - وجوب العدة، - نفقة العدة. ب– الحالـة التي يترتب عليهـا بطـلان عقـد الـزواج
يترتب البطلان إذا ما تخلف ركن الرضا وركن آخر سواء الشاهدين، الصداق، الولي وبالتلي فهو منعدم ولا ينتج عنه أي أثر، ويذهب بعض من الفقه إلى أن المشرع الجزائري موقفه يتماشى وموقف الحنفية التي تقول أن النسب يثبت بالزواج الباطل وذلك وفقا لمبدأ إحياء الولد لأن هذا الأخير لا ذنب له وهو ضخية وبالتالي فمن غير المعقول تحميله جزاء عمل لم يقم به خصوصا وأن قانون الأسرة يجيز إثبات النسب بالإقرار، لكن ما ينتقد عليه المشرع الجزائري عند تناوله لأثر تخلف ركن الرضا في قانون الأسرة إستعماله مصطلحين الفسخ و البطلان وهذا ما يعني أنه أخد بالمذهب الحنفي الذى يفرق بين العقد الفاسد والباطل وتخلف ركن من أركان عقد الزواج يرتب البطلان أما نخلف شرط من شروط الإنعقاد يؤدى إلى الفسخ في حين المشرع الجزائري قد أخلط في حالة تخلف الركن ورتب على تخلف ركن واحد الفسخ وفي حالة تخلف ركنين رتب البطلان وبالتالي خالف المذهب الحنفي الذي كان قد أخد بتقسيمه لحالات فساد الزواج، وكذا يؤخذ على المشرع الجزائري أنه خالف المبادىء العامة للقانون وهي أنه إذا تخلف ركن من أركان عقد الزواج يترتب عليه بطلان العقد في حين هو رتب عليه الفسخ بإستثناء في حالة تخلف ركنين رتب عليه البطلان، كما يؤخد على المشرع الجزائري أنه لم يكن واضحا في قانون الأسرة لما ربط تخلف ركنين في عقد الزواج لكي يترتب بطلان عقد الزواج، فالسؤال المطروح هل تخلف ركن الرضا بدخل ضمن الركنين المنصوص عليهما الذين إن تخلفوا ترتب بطلان العقد أم لا خصوصا وأن لم يذكر ركن الرضا ضمن تلك الأركان في مبناها باللغة العربية ولكن لو رجعنا إليها كما هي مكتوبة باللغة الفرنسية لوجدناها تنطبق على ركن الرضا، والأجدر كما سبق ذكره أعلاه أن نطبق عليه قاعدة بطلان عقد الزواج في حالة ما إذا تخلف الرضا مع أحد أركان عقد الزواج المحددة .
ملاحظة :
جعل المشرع الجزائري من الإيجاب والقبول، أي الرضا، ركنا في عقد الزواج، ولما كان وجود الصيغة يتطلب وجود العاقدين، والمحل، حصر أغلب فقهاء الشريعة الإسلامية الأركان فيهما، وهو ما أخذ به المشرع الجزائري، أما الصداق، والشهود، والولي، فجعلهم المشرع شروطا لصحة عقد الزواج، مع تقييد شرطية الولي بالصغيرة القاصر، أما الرشيدة فلها تزويج نفسها آخذا برأي الأحناف، وخالف فقهاء الشريعة في تولي العقد شخص آخر ممن لا تجب لهم الولاية في وجوبه للقاصر، أما فيما يخص الصداق فقد أخذ المشرع الجزائري بالفقه المالكي حيث نص على وجوب تسميته في العقد، فإن لم يسم تستحق الزوجة صداق المثل، أما الشهود فشرط صحة عند جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية، والملاحظ في هذا الشرط أن المشرع الجزائري خرج عن أحكام الشريعة الإسلامية في تصحيح العقد بصداق المثل بعد الدخول إذا تخلف هذا الشرط في حين ذهب فقهاء المذاهب الأربعة إلى فسخ العقد.
خاتمة :
رضا الزوجين الإيجاب والقبول من الطرفين يعد الأساس الصحيح للزواج والركن الرئيسي الذي يقف على صلاحه.
إن الأمور المتعلقة بالزواج يجب أن تكون مستمدة من روح الشريعة الإسلامية باعتباره عقد ديني قبل أن يكون عقد مدني فتقوم بتحديدها ضوابط أحكام القرآن التفصيلية و كذا نصوص السنة النبوية، هذا ما يجعل مفهوم الأسرة في الإسلام مفهوما ممتدا لا قاصرا على الزوجين فحسب بل على أساس المشورة و تبادل الرأي.
المشرع الجزائري و بعد تعديله لقانون الأسرة الجزائري الذي سعى من ورائه إلى تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة أصبح ينص على أن الولي شرط صحة عقد الزواج بعد أن كان ركنا و ذلك بنصه في المادة 09 مكرر من قانون الأسرة المعدل الصادر بموجب الأمر 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005. بل أكثر من ذلك وجود الولي كعدمه خصوصا بعد أن أصبح رضا الزوجين الركن الأساسي و الوحيد، هذا العقد حسب نص المادة 09 من نفس القانون المعدل. و يظهر ذلك من خلال قانون الاسرة المعدل أنه أعطي للمرأة الراشدة الحق في عقد زواجها .
ما يمكن قوله في الأخير إن عقد الزواج، لا يكتمل إلا بضرورة إتمام شروطه المتمثلة في بمجلس العقد، المتكون من الزوج والشهود وولي المرأة، وكذا التأكد من خلوه من للموانع الشرعية كل هذا من أجل إنتاج عقد زواج صحيح.
المراجـع : 1- القوانين :
- القانون رقم 11-84 المؤرخ في 9 رمضان عام 1404 الموافق 9 يونيو سنة 1984، المتضمن قانون الأسرة، المعدل والمتمم.
- الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975، المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005. 2- الكتب :
- تشوار الجيلالي، الزواج والطلاق تجاه الاكتشافات الحديثة للعلوم الطبية والبيولوجية، ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون، الجزائر 2001.
- بلحاج العربي، أحكام الزواج في ضوء قانون الأسرة الجديد، وفق أخر التعديلات، ومدعم بأحدث اجتهادات المحكمة العليا، ج1، (ط1)؛ دار الثقافة لنشر والتوزيع، الجزائر، 2012.
- بدران أبو العينين بدران، أحكام الزواج و الطلاق في الإسلام، بحث تحليلي و دراسة مقارنة"، (ط2)؛ مطبعة دار التأليف، مصر، 1961.
- عبد الكريم زيدان، المفصل في أحكام المرأة والمبيت المسلم ج 7، ط 3، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان 2000 .
- بلحاج العري، النظرية العامة للالتزام في القانون المدي الجزائري، الجزء الأول ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، 1999 بدون طبعة.
- محمد سعيد جعفور، نظرات في صحة العقد وبطلانه في القانون المدني والفقه الإسلامي، دار هومة الطبعة الثالثة 2009 ، الجزائر.
- محمد حسنين، الوجيز في نظرية الالتزام، ط 1، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1983 .