شرح نشأة الاقطاب الجزائية
المتخصصة في الجزائر المادة 24 من القانون رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي رأي رقم 01 / ر ق ع / م د / 05 مؤرخ في 17 جوان 2005 ج ر عدد 51 { يمكن إنشاء أقطاب قضائية متخصصة ذات اختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم.
يتحدد الاختصاص النوعي لهذه الأقطاب حسب الحالة، في قانون الإجراءات المدنية أو قانون الإجراءات الجزائية }.
نشأة الأقطاب الجزائية المتخصصة :
ينتظر من قطاع العدالة الذي خص ببرنامج واسع مستمد من توصيات اللجنة التي عهد لها إصلاحه، أن يستجيب لتطلعات المواطنين الذين يصبون إلى عدالة ذات مصداقية ومفعول، ولن يستطيع هذا القطاع النهوض بمسؤوليته الثقيلة، مالم يتخلص من النقائص التي تخل بسلامة سير العدالة، فالتغيرات النوعية التي تتطلبها العدالة في ذات الوقت ضرورية وجوهرية، لأن العدالة هي أهم ما ينقل ويوصل دلائل وجود الحكم الراشد، هذا المطلب لا حياد عنه والذي نسعى من أجل تحقيقه بكل ما ارتأينا من قوة.
فلكي تكون العدالة في مقام المهام النبيلة والشاقة المنوط بها، ولكي تتحمل على أحسن وجه ما عليها من مسؤوليات وواجبات إزاء المجتمع والدولة، لا بد للعدالة من التوفر على قضاة متطلعين وعلى نصوص تشريعية لا شائبة فيها، ومن التوفر على التنظيم الصائب للنشاط القضائي.
تلكم هي الغاية المطلوبة والعمل بإصرار على تحقيقها حتى يتحسن حال العدالة وتبرز إلى الوجود منظومة قضائية خليقة بالاستجابة لتطلعات المواطنين والسلطات العمومية.
إن مشروع إصلاح العدالة كان الهدف منه هو إنشاء أجهزة قضائية أكثر نجاعة وإرساء قو اعد نظام قضائي صلب واسترجاع ثقة العدالة.
والنظام القضائي الجزائري منذ تخليه عن النظام الموحد والاتجاه نحو الازدواجية وهو في تطور مستمر، بسبب التعديلات التي طالت القوانين فمثلا نجد القانونان العضويان 98-01 و 98-02 والقانون العضوي 98-03 والمتعلق بتنظيم محكمة التنازع، ونجد القانونين العضويين 04-11 و 04-12 المتضمنين القانون الأساسي للقضاء وتشكيل المجلس الأعلى للقضاء وصلاحياته،
والتعديل الذي أقره المشرع سنة 2005 بإصداره القانون العضوي، رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي. تعديل قانون التنظيم القضائي والإجراءات الجزائية :
إن الأساسات القانونية التي وضعتها الدولة لجزائرية لم تثني من عزيمتها في المضي قدما من أجل القيام بإصلاحات تمس العدالة، وهذا ما يظهر جليا في رغبة المشرع إصلاح التنظيم القضائي ، من خلال سنه للعديد من القوانين في هذا المجال، وكذا محاولة منه في خلق قضاء لمحاربة فعالة للجريمة، فقد سعى المشرع إلى انشاء جهات قضائية جزائية ذات اختصاص محلي موسع في شكل أقطاب جهوية فقد نصت المادة 24من القانون 05-11المتعلق بالتنظيم القضائي على أنه "يمكن إنشاء أقطاب قضائية متخصصة ذات اختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم ويتحدد الاختصاص النوعي لهذه الأقطاب حسب الحالة في قانون الإجراءات المدنية أو قانون الإجراءات الجزائية
- لقد أصدر المشرع الجزائري القانون العضوي رقم 05-11-المؤرخ 17يوليو 2005 والمتعلق بالتنظيم القضائي، وألغى أحكام الأمر رقم 65-278-المؤرخ في 16-11-1965، وقد شمل هذا التعديل حسب المادة الثانية منه أن التنظيم القضائي يشمل كل من النظام القضائي العادي والنظام القضائي الإداري ومحكمة التنازع.
ولكن ظهور فكرة الأقطاب المتخصصة فقد تضمن القانون نصا وهو بمثابة إقرار صريح من المشرع على إمكانية إنشاء أقطاب متخصصة في الجانب الجزائي و المدني، فحسب المادة 119 لا بد من أخذ رأي المجلس الدستوري، والمصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني ومن ثم للقضاء، عرضه على مجلس الأمة، وهذا وفقا لأحكام المادة 123 من الدستور.
وتنص المادة 190 الدستور على أنه يجب أن تعرض القوانين العضوية على المحكمة الدستورية، من أجل إبداء الرأي وذلك خوفا من تعارضها هذه مع الدستور.
وكذا قام المشرع الجزائري بتعديل على قانون الإجراءات الجزائية سنة 2004 وهذا بموجب القانون رقم 04-14 الصادر في نوفمبر 2004. حيث تم النص على بعض التعديلات في ما يخص الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق، عن طريق التنظيم و توسيع الاختصاص الى دائرة اختصاص محاكم أخرى وذلك في العديد من الجرائم.
وهذا ما نصت عليه المادة 37 مثلا فيما يتعلق بتمديد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية عن طريق التنظيم إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى، وخاصة في النظر في جرائم المخدرات والجريمة المنظمة، والجرائم العابرة للحدود الوطنية، والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الالية للمعطيات، وجرائم تبييض الأموال، والإرهاب، والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف، وبالتالي جاءت المواد 40 مكرر 5 لتنص على كيفية انعقاد الاختصاص للأقطاب الجزائية المتخصصة التي تم تمديد اختصاصها.
والشيء الملاحظ أن قانون الإجراءات الجزائية كان سابقا لتعديل قانون التنظيم القضائي وبالتالي فهو بمثابة الأساس القانوني لإنشاء الأقطاب الجزائية، بموجب التعديل الذي حدث لاحقا في قانون التنظيم القضائي سنة 2005، وهو فعلا تناقض وقع فيه المشرع الجزائري مع نفسه، فقد قام بوضع طرق إجرائية متبعة أمام جهات قضائية لم يتم إنشاؤها بعد، ورغم إلغاء المواد المتعلقة بإنشاء أقطاب قضائية في قانون التنظيم القضائي، وهذه الأقطاب تم النص على إنشائها بموجب المرسوم التنفيذي 06-348، والذي تم فيه تحديد نطاق الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق، وكذا تعيين المحاكم التي يؤول إليها الاختصاص في المواد 3,2 و4، وهي محكمة سيدي محمد ومحكمة قسنطينة ومحكمة ورقلة ومحكمة وهران. استشارة المحكمة الدستورية :
تنص المادة 24 من لقانون رقم 05-11 المتعلق بالتنظيم القضائي قبل عرضه على أنه يمكن إنشاء أقطاب قضائية متخصصة ذات اختصاص إقليمي موسع لدى المحاكم ويتحدد الاختصاص النوعي لهذه الأقطاب حسب الحالة في قانون الإجراءات المدنية أو قانون الإجراءات الجزائية.
فحسب هذه المادة فقد تم استحداث جهات جديدة تدعى " أقطاب متخصصة " وهي قد تكون مدنية أو جزائية بحسب ما جاء في نهاية المادة.
وتنص المادة 25 على أنه " تتشكل الأقطاب الجزائية قضاة متخصصين، أما جانب السير والتسيير الحسن لهذه الأقطاب فقد نصت المادة 26 من نفس القانون على أنه " تزود الأقطاب القضائية المتخصصة بالوسائل البشرية اللازمة لسيرها.
وفيما يتعلق باستشارة المحكمة الدستورية حول دستورية قانون التنظيم القضائي وأخذا بر أيه فإن المشرع عند إدراجه في القانون العضوي في ما يتعلق بموضوع الإخطار أحكاما وضعها المؤسس الدستوري، أو خصها بقوانين أخرى يكون قد أخل بالمبدأ الدستوري القاضي بتوزيع مجالات الاختصاصات.