بحث حول الإختصاص القضائي
الجزائري في المادة الإدارية
الإختصاص النوعي و الإختصاص الإقليمي للقضاء الاداري
المبحث الأول : الإختصاص النوعي للقضاء الاداري
المطلب الأول : مفهوم الإختصاص النوعي
المطلب الثاني : الإختصاص النوعي للقضاء الاداري وفق القانون الجزائري
المبحث الثاني : الإختصاص الإقليمي للقضاء الاداري
المطلب الاول : مفهوم الاختصاص الإقليمي
المطلب الثاني : الإختصاص الإقليمي للقضاء الإداري وفق القانون الجزائري
المطلب الثالث : نتائج ارتباط الطلبات
خاتمة
مقدمة :
تتمتع المحاكم الإدارية باختصاص عام وولاية عامة في المادة الإدارية، إلا ما أسنده القانون صراحة إلى جهة أخرى غيرها فالمحكمة الإدارية في النظام القضائي الجزائري القائم على الازدواجية في هيكله القضائي تعتبر جهات الولاية العامة في المنازعة الإدارية، وهي بذلك تختص في جميع القضايا التي تكون فيها الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها.
يرتبط انعقاد اختصاص القضاء الإداري بوجود شخص من أشخاص القانون العام طرفا في النزاع القائم في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية طرفا فيها المواد 800، 801 و 802 قانون الاجراءات المدنية و الادارية.
قبل التصدي للموضوع من الضروري التنويه على أن كلا من الإختصاص النوعي والإقليمي للمحاكم الإدارية من النظام العام، ويجوز إثارة الدفع بعدم الإختصاص من أحد الخصوم في أي مرحلة تكون عليها الدعوى، كما أنه يجي إثارتها تلقائيا من طرق القاضي وهذا بنص المادة (807).
المبحث الأول : الإختصاص النوعي
المطلب الأول : مفهوم الإختصاص النوعي :
يقع على المتقاضي أن يدرك تماما الجهة التي يخولها القانون للنظر في دعواه إما بموجب القواعد العامة أو بموجب نص خاص ، إذ أن كثيرا من القضايا تنهى دون الفصل في الموضوع و يعود عدم قبولها شكلا لعدم الاختصاص كذلك وجب تعريف الاختصاص حتى يتضح معناه و هو ما عكف عليه الفقه .
يعرف الاختصاص النوعي على أنه توزيع القضايا على المحاكم المختلفة بدرجاتها، وذلك ضمن الجهة القضائية الواحدة من أجل متابعتها والعمل عليها، كل وفق اختصاصه، وذلك تبعا لطبيعة القضية والنزاع الحاصل فيها وأهميتها وظروفها.
وبالتالي يوضح الاختصاص النوعي مقدار الحكم لكل طبقة من طبقات الجهات القضائية المعينة في القضايا والمنازعات التي يحق لها الحكم فيها، بالإضافة إلى نوعية القضايا التي تختص بها كل محكمة، فمثلا: القضايا الجنائية، أو العقارية، أو قضايا الأحوال الشخصية من إرث، وطلاق، وزواج وغيرها، لكل منها محكمة محددة داخل الجهة القضائية تبت فيها، ويمكن أن يختلف ذلك التقدير حسب درجة الدعوى وقيمتها، فقد تتجاوز القضية حدًّا معينًا ويتم تحويلها إلى محكمة أخرى.
الفرع الأول : التعريف الفقهي
الاختصاص النوعي هو اختصاص كل طبقة من طبقات المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة و المقصود بالاختصاص النوعي بالمعنى الدقيق سلطة المحاكم في الفصل في المنازعات بحسب جنسها أو نوعها أو طبيعتها ، فالمعيار أو ضابط إسناد الاختصاص للمحاكم هنا هو نوع أو طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية أو موضوعها بصرف النظر عن قيمتها .
و الاختصاص النوعي هو اختصاص مادي أو مطلق فلا يعول على غير نوع القضية أو طبيعتها أو موضوعها بصرف النظر عن المعي أو المدعى عليه ، وهو اختصاص يتعلق بالنظام العام لأن التوزيع النوعي للقضايا على المحاكم لا علاقة له بالخصوم و مصالحهم ن وإنما يستند إلى تنظيم مرفق القضاء و تنوع محاكمه و مقدرة كل منها على الحكم فيما اختص به و ملائمة المواعيد التي تراعى و الإجراءات التي تتبع أمام كل منها .
الفرع الثاني : الاتجاه الأفقي و العمودي
يبحث الاتجاه النوعي في اتجاهين عمودي و أفقي ، الاتجاه العمودي يقصد به الاختصاص فيما بين الطبقات القضائية المختلفة للنظام القضائي ( محاكم ، مجالس ...) من حيث تسلسلها كدرجة أولى، أو جهة طعن بالاستئناف.
أما الاتجاه الأفقي فيقصد به تقسيم الاختصاص إلى أنواع مختلفة فيما بين محاكم الطبقة الواحدة.
المطلب الثاني: الإختصاص النوعي للقضاء الاداري وفق القانون الجزائري :
المحاكم الإدارية هي جهات الولاية العامة في المنازعات الإدارية، تختص بالفصل في أول درجة بحكم قابل للإستئناف في جميع القضايا، التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإداري طرفا فيها (المادة 800 فقرة 2 قانون اجراءات مدنية و ادارية).
تختص المحاكم الإدارية كذلك بالفصل في :
1- دعاوى إلغاء القرارات الإدارية والدعاوى التفسيرية ودعاوى فحص المشروعية للقرارات الصادرة عن :
- الولاية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الولاية،
- البلدية والمصالح الإدارية الأخرى للبلدية،
- المؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية،
2- دعاوى القضاء الكامل،
3- القضايا المخولة لها بموجب نصوص خاصة.
تنص المادة 802 على أنه خلافا لأحكام المادتين 800 و801 يكون من اختصاص المحاكم العادية المنازعات الآتية :
1- مخالفات الطرق.
2- المنازعات المتعلقة بكل دعوى خاصة بالمسؤولية الرامية إلى طلب تعويض الأضرار الناجمة عن مركبة تابعة للدولة، أو لإحدى الولايات أو البلديات أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
المعيار العضوي كأساس لتحديد نطاق الإختصاص النوعي للمحاكم الإدارية :
تعتبرعملية تحديد إختصاص الجهات القضائية الوسيلة التي تتمكن من خلالها الجهات القضائية الإدارية منها والعادية من الوقوف على مدى درجة إختصاصها بالفصل في القضية المطروحة أمامها وتتم عملية تحديد الإختصاص، بالإعتماد على معيار معين يمكن الجهات القضائية الفاصلة في النزاع المطروح أن تحدد طبيتعته، وبالتالي الجية القضائية صاحبة الإختصاص بالفصل في هذا الموضوع وإذا كان الإختصاص القضائي للمحاكم الإدارية في الجزائر يستند بالدرجة الأولى إلى المعيار العضوي كأساس للإختصاص النوي، فله أن يستند إلى المعيار الموضوعي كمعيارتكميلي لتحديد إختصاص المحكمة الإدارية من درجة ثانية.
حرص المشرع الجزائري منذ الإستقلال على ضرورة تبني معيار بسيط يتلائم والوضع القانوني السائد أنذاك، مستلهما في ذلك تمكين المتقاضين من تحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في النزاع، فمعيار الإختصاص القضائي في الجزائر يمكن إستنباطه بكل سهولة ووضوح بالرجوع إلى أحكام وقواعد النظام القانوني، ولقد إعتمد المشرع الجزائري في تحديده لماهية النزاع الإداري وفي إسناد الإختصاص لجهات القضاء الإداري على المعيار العضوي مخالفا بذلك نظيره الفرنسي الذي توجه للعمل بالمعيار المادي، إذا تكفل المشرع ببيان القواعد التي تتحدد إنطلاقا منها توزيع الإختصاص تاركا للقاضي مهمة التطبيق.
الفرع الأول : المعيار العضوي في قانون المحاكم الإدارية 98-02 :
يجد الإختصاص النوي للمحاكم الإدارية أساسه القانوني في نص المادة الأولى من القانون 98-02 المؤرخ في 30 ماي 1998 والتي جاء فيها « تنشا محاكم إدارية كجهات قضائية للقانون العام في المادة الإدارية ».
يتضح لنا من هذه المادة أن المشرع أطلق الإختصاص النوي للمحاكم الإدارية فجعلها صاحبة الإختصاص للنظر في كل منازعة إدارية فيما عدا ما استثناه المشرع فأوكل النظر فيه لمجلس الدولة بالعودة إلى القانون 98-02 نجد أن هذا القانون لم يضمن معيارا يقوم عليه الإختصاص القضائي للمحاكم الإدارية، يكون مميزا للمنازعة العادية عن الإدارية وأحال هذا الأمر على قانون الإجراءات المدنية حيث جاء في المادة 02 أنه : « تخضع الإجراءات المطبقة أمام المحاكم الإدارية لأحكام قانون الإجراءات المدنية »، وعلى ذلك المعيار العضوي هو المطبق على المنازعة الإدارية، وتكون المحاكم الإدارية مختصة كلما كانت الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا في النزاع.
وبالتالي تتحدد المنازعة الإدارية حينئذ بناء على صفة الشخص الإداري المراد مخاصمته، وهو نفس ما جاء في قرار صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (المحكمة العليا حاليا) مؤرخ في 23 -01-1970 حينما قضت أن المادة 07 من ق إم عوضت المعيار المادي السابق المؤسس على النشاط الإداري المعتبر، بالمعيار العضوي الذي لا يأخذ فى الحسبان سوى صفة الأشخاص المعنية، فيكفي لكي يكون القاضي الفاصل في المواد الإدارية مختصا وجود شخص معنوي إداري في الخصومة مهما كانت طبيعة القضية.
وإذا قارنا بين قواعد الإختصاص لكل من مجلس الدولة والمحاكم الإدارية، نجد أن إختصاص مجلس الدولة في المجال القضائي الإبتدائي والنهائي هو إختصاص مقيد أي يقتصر على نوع محدد من المنازعات المتعلقة بدعوى الإلغاء وفحص المشروعية والتفسير ضد القرارات الصادرة من السلطات المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية، بينما إختصاص المحاكم الإدارية نوعيا حدد بشكل مطلق وعام فلها أن تنظرفي كل منازعة إدارية عدا المنازعات التي أحال النظر فيها لمجلس الدولة، خاصة بعد إلغاء الغرف الجهونة، أي أنها صاحبة الإختصاص العام أو الولاية العامة للمشرع بتوحيده لجهة القضاء الإداري على المستوى القاعدي ممثلة في المحاكم الإدارية لتملك وهي بذلك إضافة تحسب بذلك سلطة الفصل في المنازعة الإدارية عند وجود الطرف الإداري في النزاع، باستثناء ما أوكل أمر الفصل فيه لمجلس الدولة بناءا على نص المادة 09 من قانون مجلس الدولة، غير أن المشرع الجزائري لم يوفق في ضبط قواعد الإختصاص النوعي للمحاكم الإدارية عندما سحب منها سلطة الفصل في بعض المنازعات المحددة حصرا. وكان من الأفضل تكريسا لمبدأ التقاضي على درجتين أن يمنح النظرفي المنازعات التي خص بيا مجلس الدولة إلى المحكمة الإدارية بالجزائر العاصمة.
الفرع الثاني: المعيار العضوي في قانون الإجراءات المدنية والإدارية :
كرس المشرع الجزائري العمل بالمعيار العضوي السائد، عند تحديد الإختصاص النوي للمحاكم الإدارية فهذه الجهة مختصة بالفصل في أول درجة، بحكم قابل للإستئناف في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها عملا بالمادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية " والتي جاء فيها: «المحاكم الإدارية هي جهات الولاية العامة في المنازعات الإدارية. تختص بالفصل في أول درجة، بحكم قابل للإستئناف في جميع القضايا، التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها». وهي بذلك تتطابق ومضمون المادة الأولى من قانون 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية، كما تضمنت المادة 801 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية اختصاص المحاكم الإدارية بالفصل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية والدعاوى التفسيرية ودعاوى فحص المشروعية ودعاوى القضاء الكامل، والقضايا المخولة لها بموجب نصوص خاصة، كما تجدر الملاحظة أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية أضاف أطرافا أخرى تصلح لأن تكون طرفا في الدعوى الإدارية، ألا وهي :
المصالح غير الممركزة للدولة في الولاية والمصالح الإدارية البلدية، المؤسسة العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية وبالتالي يتأكد اختصاص القاضي الفاصل فى المسائل الإدارية عند وجود شخص معنوي إداري في الخصومة مهما كانت طبيعة.
القضية وهذا حسب منطوق المادة 800 المذكورة أعلاه، حيث أكدت محكمة التنازع هذا التوجه من خلال قرارها المؤرخ في 17-07-2005 بشأن تنازع سلبي في الإختصاص بين الغرفة الإدارية والغرفة المدنية لمجلس قضاء تيزي وزو حيث قضت كل وحدة منهما بعدم إختصاصها في نظر دعوى رفعها مواطن ضد الشركة الجزائرية للكهرباء والغاز ( سونلغاز) طالبا فيا إلزام هذه الأخيرة بإزالة عمود كهربائي أقامته في أرضه مما أعاقه من البناء فيها واستغلالها فقضت المحكمة:
حيث المادة 05 من المرسوم الرئاسي رقم 02-195 المؤرخ في 01-06-2002 تنص على أنه : تحول المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، دون إنشاء كشخصية معنوية جديدة، إلى شركة أسهم. وبأن تمسك محاسبة على الشكل التجاري. وحيث أنه وبتغليب المعيار العضوي باعتباره المبدأ. فإنه يتعين التصريح بإختصاص الجهة القضائية المدنية للفصل في النزاع المعروض عليها.
وبالنتيجة إبطال قرارعدم الإختصاص الصادر عن مجلس قضاء تيزي وزو الفاصل في القضايا المدنية... وإحالة الدعوى والأطراف أما هذه الجهة القضائية للفصل في هذه القضية برمتها ».
وبناءا على ما سبق يمكن القول أن المشرع الجزائري قد أخذ بالمعيار العضوي في تحديد نطاق الإختصاص النوعي للمحاكم الإدارية، لكونه معيار بسيط يسهل سبل التقاضي على المتقاضي لإعتماده على أطراف المنازعة، فكلما كانت الدعوى موجهة ضد أحد الأشخاص العامة الواردة في المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية تكون المحكمة الإدارية هي المختصة بالفصل فيا مع وجود بعض الإستئناءات، لكن هذا لم يمنع من اعتماد المشرع الجزائري للمعيار المادي في بعض الحالات
الفرع الثالث : المعيار المادي كمعيار إستثنائي تكميلي لتحديد نطاق الإختصاص النوعي للمحاكم الإدارية :
إن المعيار العضوي يعتبر هو الأساس والقاعدة في تحديد الإختصاص النوي للمحاكم الإدارية طبقا لنص المادة ( 800 ) من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ورغم بساطة هذا المعيار العضوي "" المعتمد تشريعا إلا أن المشرع الجزائري إستعان بالمعيار المادي باعتباره معياراستثنائي تكميلي ليتقرر تطبيقه في بعض الحالات وكون أن المعيار المادي ينصب على طبيعة النشاط، وليس على أطراف النزاع، فيكون بذلك حسب هذا المعياركل خلاف ناتج عن نشاط ذات طابع إداري بغض النظرعن طبيعة أطرافه فهونزاع، يتحدد الإختصاص للنظرفيه إلى القاضي الإداري، وعلى هذا الأساس، يمكن للقاضي الإداري أن يقضي باختصاصه في الدعوى المرفوعة ضد أشخاص غير السلطات الإدارية، شريطة أن يتبين له أن النزاع محل الدعوى الإدارية، يهدف إلى تحقيق الصالح العام أو نشاط استعمل فيه امتيازات السلطة العامة.
وعليه يتكون المعيار المادي من عنصرين :
- المشاركة في تسيير مرفق عمومي بهدف تحقيق مصلحة عامة.
- استعمال امتيازات السلطة العمومية .
وعليه فكلما احتوى نشاط إداري ما أحد من العنصرين المذكورين عد النزاع في حال حدوثه نزاع إداري مهما كان أطرافه وانعقد الاختصاص فيه للقاضي الإداري عملا بالمعيار المادي.
استند القضاء الإداري إلى المعايير التشريعية بدءا بأحكام المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية ومنذ 2009 على أحكام المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، غير أن المشرع الجزائري استند إلى مقياس ثاني فنجده في نص المادة الأولى من القانون 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية، أنه قد استعمل عبارات قانونية تدل على العمل بالمعيار المادي فهناك من يرى أن عبارة المادة الإدارية الواردة في المادة الأولى من القانون 98-02 لا تكرس المعيار العضوي بصفة جلية، وأن هذه العبارة قد فتحت الأفق أمام القاضي الإداري لكي يختار و يرجح بين المعيار العضوي والموضوعي أو يعمل بهما معا، ذلك أن المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية تكون قد ألغيت إستنادا إلى المبدأ المعمول به «الخاص يقيد العام »، فالمادة الأولى من القانون 98-02 تعتبر النص المرجعي لتحديد إختصاص المحاكم الإدارية، وصياغتها تختلف عن صياغة المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية.
وفي تقديرنا لهذا الإتجاه نرى بأنه قد أثار نقطة في غاية الأهمية، ذلك أن عبارة «المادة الإدارية» التي لم ترد سابقا في المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية تحتم على القاضي أن ينظرفي طبيعة النشاط الممارس، وهو غير معني بالجهة الممارسة لهذا النشاط، فالمعيار الذي توي به عبارة المادة الإدارية هو المعيار الموضوعي.
والاجتهاد القضائي وفي قضيتين استثنائيتين، اعتمد على المعيار المادي في تحديد طبيعة النزاع القائم فيهما : قضية شركة SEMPAC ضد الديوان الوطني للبذور OAIC لقد اعتمدت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا سابقا، على المعيار المادي في تحديد صلة النزاع القائم بين مؤسستين عموميتين اقتصاديتين كانتا موجودتين أنذاك في ظل النظام الإقتصادى الإشتراكي، وهما شركة المطاحن والعجين والكسكسي والديوان الوطني للبذورOAIC ، حيث اعتمدت الغرفة الإدارية على المعيار المادي في تحديد طبيعة النزاع القائم وإسناده كنتيجة لذلك إلى القضاء الإداري.
وفي القضية رقم 020431 في هذه القضية أصدر مجلس الدولة مقرر قضائي تحت رقم: 020134 بتاريخ 03-03-2004 متشكلا من كل غرفة، اعتبر فيه النزاع المطروح أمامه والذي من بينه أطراف حزب سياسي نزاع إداري يرجع النظرفيه إلى القاضي الإداري ويخضع بذلك إلى القانون الإداري، حيث اعتمد مجلس الدولة في طبيعة النزاع ومدى إختصاصه في النظر فيه على المعيار المادي والمعيار الشكلي معا، مستبعدا بذلك العمل بالمعيار العضوي .
إلى جانب هذه الإجتهادات نجد المشرع الجزائري قد نص على بعض الاستثناءات أين يظهر توظيف المعيار المادي، حيث أسند الإختصاص للقضاء العادي على الرغم من أن الإدارة طرفا في النزاع، فنجد المعيار العضوي هنا يتأكل وينحصر في أضيق الحدود ولكنه لا يختفى تماما ، ومن هذه الإستثناءات وفقا للمادة 802 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية مخالفات الطرق، ودعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة عن مركبات تابعة لأحدى الهيئات الإدارية، ومن الإستثناءات في القوانين الخاصة : المنازعات الجمركية ( قانون الجمارك 79-07 في 21-07-1979 المعدل بالقانون 98-09 في 22-08-1998 )، منازعات الضمان الاجتماعي في 23-02-2008 )، منازعات الجنسية ( الأمر 70-86 في 15-12-1970 المعدل بالأمر 05-01 المؤرخ في 17-02-2005 )، المنازعات المتعلقة بقانون الأملاك الوطنية ( القانون 90-30 المؤرخ في 01-12-1990 المعدل بالقانون 08-14 في 20-07-2008 )، إضافة إلى بعض المنازعات الانتخابية ( القانون المتعلق بنظام الانتخابات 16-10 في 25-08-2016)، المنازعات المتضمنة القضايا التأديبية للقضاة ( القانون العضوي 05-11 المؤرخ في 17-07-2005 ).
إن هذه الاستثناءات في مجملها، تعكس توظيف المعيار المادي، أي ربط اختصاص الجهة القضائية بطبيعة النزاع وموضوعه، بحيث كلما كان موضوع النزاع يدخل في نطاق القانون الخاص ويستوجب تطبيق هذا القانون، كان القضاء العادي هو المختص، حتى لوكان أحد أطراف النزاع جهة من جهات الإدارة غير أن المعيار المادي لا يفسر كل الاستثناءات الواردة على المعيار العضوي، إذ بموجب عدة قوانين يمتد اختصاص القاضي الإداري إلى نزاعات لا تكون الإدارة طرفا فيها، ويتعلق الأمر هنا ببعض منازعات أشخاص القانون الخاص، كالمؤسسات العمومية الاقتصادية عندما تستعمل وسائل السلطة العامة (القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية، القانون رقم 88-01 المؤرخ في 12-01-1988 المادتين 55 و56)، ومنازعات التعويض ضد مؤسسة سونلغاز وهي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري - بخصوص الأضرار الناتجة عن توصيل الكهرباء وتمرير أنابيب الغاز ( المادة 30 من القانون 85-07 المؤرخ في 06-08-1985 المتعلق بتوزيع الكهرباء والغاز).
المبحث الثاني : الإختصاص الإقليمي
المطلب الاول : مفهوم الاختصاص الإقليمي :
يقصد بالاختصاص الإقليمي تحديد الرقعة الجغرافية للمحاكم التي تمارس فيها نشاطها القضائي و لا يمكن تحديد هذا الاختصاص الإقليمي للمحاكم إلا بتوفر عنصرين هامين هما : تحديد الإقليم الجغرافي للمحكمة معرفة ضابط الاختصاص الذي اعتمد عليه المشرع الأطراف، الموضوع، السبب.
إن قواعد الاختصاص الإقليمي لا تطرح أي إشكال على المستوى القانوني إذ يعود للتنظيم مهمة رسم المعالم الجغرافية و الإقليمية لكل محكمة إدارية و هو أمر يضمنه المرسوم 98 -356 في الملحق المتعلق بالاختصاص الإقليمي ( الجريدة الرسمية رقم 86 لسنة 1998 الصفحات من 5 إلى 16) و هذا ما أكدته المادة 806 من ق إ م إ يؤول الاختصاص الإقليمي للمحكمة الإدارية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعي عليهو إن لم يكن له موطن فيعود اختصاص للجهة القضائية التييقع فيها آخر موطن له. و فيحال تعدد المدعى عليهم يؤول الاختصاص للمحكمة الإدارية موطن أحدهم و هذا ما قضت بهالمادتين 37 و 38 من ق إ م إ بعد الإحالة إليهما من جانب المادة 803 من ذات القانون
.
حددت المادة :803 م ا امتداد الاختصاص الاقليمي للمحاكم الادارية كقاعدة عامة طبقا للمادتين 37 و38 على اساس انعقاد الاختصاص الاقليمي للمحاكم الادارية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه و ان لم يكن له موطن معروف فيعود الاختصاص الاقليمي للمحكمة الادارية التي يقع في دائرة اختصاصها اخر موطن له وفي حالة اختيار موطن له فيؤول الاختصاص المحلي للمحكمة الادارية التي تقع في دائرة اختصاصها الموطن المختار ،و في حالة تعدد المدعى علهم يؤول الاختصاص الى للمحكمة الادارية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن احدهم .
المطلب الثاني : الإختصاص الإقليمي للقضاء الإداري وفق القانون الجزائري :
تنص المادة 803 على أن الإختصاص الإقليمي للمحاكم الإدارية طبقا للمادتين 37 و38 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
خلافا لأحكام المادة 803 ترفع الدعاوى الإدارية وجوبا أمام المحاكم الإدارية في المواد المبينة أدناه :
في مادة الضرائب أو الرسوم، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان فرض الضريبة أو الرسم،
في مادة الأشغال العمومية، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تنفيذ الأشغال،
في مادة العقود الإدارية، مهما كانت طبيعتها، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام العقد أو تنفيذه،
في مادة المنازعات المتعلقة بالموظفين أو أعوان الدولة أو غيرهم من الأشخاص العاملين في المؤسسات العمومية الإدارية، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان التعيين،
في مادة الخدمات الطبية، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان تقديم الخدمات،
في مادة التوريدات أو الأشغال أو تأجير خدمات فنية أو صناعية، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام الإتفاق أو مكان تنفيذه إذا كان أحد الأطراف مقيما به،
في مادة تعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة أو فعل تقصيري، أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان وقوع الفعل الضار،
في مادة إشكالات تنفيذ الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية، أمام المحكمة التي صدر عنها الحكم موضوع الإشكال.
وتنص المادة 805 على أن المحكمة الإدارية المختصة إقليميا بالنظر في الطلبات الأصلية تكون مختصة في الطلبات الإضافية أو العارضة أو المقابلة التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية، وتختص المحكمة الإدارية أيضا بالنظر في الدفوع التي تكون من اختصاص الجهة القضائية الإدارية.
تنص المادة 901 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أن مجلس الدولة يختص كدرجة أولى وأخيرة، بالفصل في دعاوى الإلغاء والتفسير وتقدير المشروعية في القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية.
كما يختص بالفصل في القضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة.
تنص المادة 902 على أن مجلس الدولة يختص بالفصل في استئناف الأحكام والأوامر الصادرة عن المحاكم الإدارية.
كما يختص أيضا كجهة استئناف، بالقضايا المخولة له بموجب نصوص خاصة.
كما يختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في القرارات الصادرة في آخر درجة عن الجهات القضائية الإدارية.
ويختص كذلك بالنظر في الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة (م 903).
في الأخير تجدر الإشارة أن الإختصاص القضائي لا ينعقد للجهات القضائية الإدارية إذا تعلق الأمر بما يسمى بأعمال السيادة، وهي الأعمال المتعلقة بعلاقة السلطة الإدارية بالعلاقات الخارجية، وهكذا لا يمكن الطعن قضائيا ضد القرار السلبي الخاص بفرض الحماية الدبلوماسية، وأيضا فيما يتعلق بعلاقة السلطة الإدارية بالسلطة التشريعية، وهكذا لا يمكن لنواب المجلس الشعبي الوطني الطعن القضائي ضد قرار رئيس الجمهورية بحل البرلمان.
وتجدر الإشارة أيضا أن مراقبة شكليات أعمال السيادة يخضع للرقابة الدستورية، وبالتالي فالرأي القائل بإفلات هذه الأعمال من أي نوع من الرقابة مجانب للصواب، فلا يعقل مخالفة الدستور والتنازل عن جوانب حدودية.
إن المحكمة الإدارية المختصة إقليميا بالنظر في الطلبات الأصلية، تنظر أيضا في الطلبات الإضافية أو العارضة أو القابلة التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية الأخرى خلافا لقواعد الاختصاص السابق ذكرها (المادة 805، القانون 09-08) أما إذا كانت الطلبات المرتبطة من اختصاص مجلس الدولة فلا يمكن أن تنظر فيها المحكمة الإدارية حيث نصت المادة 809 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على إحالة رئيس المحكمة جميع الطلبات إلى مجلس الدولة بما فيها الطلبات التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة، إذ لا مكنها الفصل في جزء من الطلبات وإحالة الجزء الأخر مجلس الدولة، كما انه عندما تخطر المحكمة الإدارية بطلبات بمناسبة النظر في دعوى تدخل في اختصاصها وتكون في نفس الوقت مرتبطة بطلبات مقدمة في دعوى أخرى رفعت أمام مجلس الدولة، وتندرج ضمن اختصاصه، تعين في هذه الحالة عل رئيس الحكمة الإدارية إحالة الطلبات أمام مجلس الدولة للنظر فيها، وبالتالي يكون المشرع قد أعط الأولوية مجلس الدولة عل امحاكم الإدارية كما حم المتقاضي من ضمانة التقاضي على درجتين، إذ كان يتعين عل المشرع أن ينظم المسألة بصورة عكسية حتى يضمن للمتقاضي الحق في التقاضي على درجتين.
إن المحاكم الإدارية تنظر في الطلبات الأصلية التي تندرج ضمن اختصاصها الإقليمي وتنظر أيضا في الطلبات للمرتبطة ها التي لا تندرج ضمن اختصاصها وإن تعود لاختصاص محكمة إدارية أخرى لو قدمت كطلبات أصلية، وفي هذه الحالة لا يمكن الدفع بعدم الاختصاص الاقليمي للمحكمة الإدارية بسبب نظرها في طلبات للمرتبطة ما دامت مختصة إقليميا ونوعيا بالنظر في الطلبات الأصلية.
المطلب الثالث : نتائج ارتباط الطلبات :
عندما تخطر المحكمة الإدارية بطلبات مستقلة في نفس الدعوى لكنها مرتبطة، بعضها يعود إلى اختصاصها والبعض الآخر يعود إلى مجلس الدولة، يحيل رئيس المحكمة جميع هذه الطلبات إلى مجلس الدولة.
عندما تخطر المحكمة الإدارية بطلبات بمناسبة النظر في دعوى تدخل في اختصاصها، وتكون في نفس الوقت مرتبطة بطلبات مقدمة في دعوى أخرى مرفوعة أمام مجلس الدولة، وتدخل في اختصاصه، يحيل رئيس المحكمة تلك الطلبات أمام مجلس الدولة (مادة 809 قانون اجراءات مدنية و ادارية).
وتنص المادة 810 على اختصاص المحكمة الإدارية إقليميا بالفصل في الطلبات التي تعود إلى اختصاصها الإقليمي، وفي الطلبات المرتبطة بها التي يعود الإختصاص الإقليمي فيها إلى محكمة إدارية أخرى.
عندما تخطر محكمتان إداريتان في آن واحد بطلبات مستقلة، لكنها مرتبطة وتدخل في الإختصاص الإقليمي لكل منهما، يرفع رئيسا المحكمتين تلك الطلبات إلى رئيس مجلس الدولة.
يخطر كل رئيس محكمة إدارية الرئيس الآخر بأمر الإحالة.
يفصل رئيس مجلس الدولة بأمر في الإرتباط إن وجد، ويحدد المحكمة أو المحاكم المختصة للفصل في الطلبات (مادة811 قانون اجراءات مدنية و ادارية).
ويترتب بحسب نص المادة 812 على أوامر الإحالة المنصوص عليها في المادتين 809 و 811 إرجاء الفصل في الخصومة، وهي غير قابلة لأي طعن.
خاتمة :
بعد التطرق لموضوع الاختصاص القضائي في المادة الإدارية نستنتج أن المشرع الجزائري قد وفق إلى ابعد الحدود في توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية العادية والجهات القضائية الإدارية إلا ان الواقع العملي يفرض تحولات في نشاط الدولة بالإضافة لاعتبارات القانون الإداري الذي يحكمها بصفتها إدارة عامة وكونه سريع التطور.
هذا ما جعل المشرع الجزائري يعتمد أساسا على المعيار العضوي كأساس لانعقاد الاختصاص القضائي بالإضافة إلى المعيار الموضوعي الذي يتماشى والتحولات التي تعرفها الدولة الحديثة من خلال تزايد تدخلها في حياة الأفراد.
أما فيما يخص الاختصاص الإقليمي نجد المشرع الجزائري قد أخذ بالقواعد العامة المطبقة في المنازعات العادية إلا أن هناك استثناءات وردت على هذه القاعدة وذلك لاعتبارات إدارية فرضها نشاط الإدارة العامة.
أما فيما يخص اختصاص مجلس الدولة نجد أن المشرع الجزائري قام بوضع على عاتقه عدة اختصاصات استشارية وقضائية، وهذا ما يؤدي إلى عرقلة عمله خاصة وأن العمل القضائي الإداري يفرض عامل السرعة في إصدار الأحكام القضائية وذلك للحفاظ على مصالح الأفراد عند مخاصمتهم للإدارة العامة .
المراجع :
1-أحمد محيو، المنازعات الإدارية، ديوان المطبوعات الجزائرية، الجزائر، 1982.
2-عمار عوايدي، قضاء التفسير في القانون الإداري الجزائري، دار هومة، الجزائر، 1999.
3-بشير محمد، الطعن بالاستئناف ضد الأحكام الإدارية في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991.
4-بوضياف عمار، القضاء الإداري في الجزائر (دراسة تحليلية وصفية مقارنة)، الطبعة الثانية، دار جسور للنشر والتوزيع، الجزائر 2008.
5-خلوفي رشيد، قانون المنازعات الإدارية، شروط قبول الدعوى الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004.
6-بوحميدة عطاء الله، الوجيز في القضاء الإداري، (تنظيم، عمل، اختصاص)، الطبعة الثانية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائري، 2011.
7-سائح سنقوقة، الدليل العملي في إجراءات الدعوى المدنية، دار الهدى، الجزائر، 1996.
8-سعيد بوعلي، المنازعات الإدارية في ظل القانون الجزائري، طبعة 2015، دار بلقيس للنشر، الجزائر، 2015.
9-عبد الغني بسيوني عبد الله، دور القضاء في المنازعة الإدارية، دراسة مقارنة للنظم القضائية في مصر وفرنسا والجزائر، عالم الكتاب، مصر، 1988.
10-أحمد هنيدي، آثار قرارات محكمة النقض وقوتها، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، طبعة 1997.
11-سليمان محمد الكماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، دار الفكر العربي، مصر، 1966
12-محمد الصغير بعلي، القضاء الإداري، مجلس الدولة، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004.