شرح الدفع بعدم القبول في القانون الجزائري
الدفع بالبطلان يتعلق بالمنازعة في الحق في عرض الدعوي وقد نصت عليه المواد 67 و 68 و 69 ق إ م إ.
نص المادة 67 ق ا م ا : { الدفع بعدم القبول، هو الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعدم قبول طلب الخصم لانعدام الحق في التقاضي، كانعدام الصفة وانعدام المصلحة والتقادم وانقضاء الأجل المسقط وحجية الشيء المقضي فيه، وذلك دون النظر في موضوع النزاع }.
مقدمة :
يقتضي البحث في ماهية الدفوع بعدم القبول وجوب التطرق للتعريفات التي قيلت في هذا النوع من الدفوع حيث حاول العديد من فقهاء وشراح القانون الإجرائي الوصول إلى تعريف جامع مانع يميزه عن غيره من الدفوع موضحا إطاره الشكلي والموضوعي ، خصوصا أن الاختلاف ينحصر في طبيعته القانونية، فمن الفقهاء من ينسب هذا النوع إلى الدفوع الموضوعية وآخرون يرون أن هذا الدفع ما هو إلا صورة من صور الدفوع الشكلية، في حين أن اتجاهاً ثالثاً يرون فيه نوعاً مستقلاً من الدفوع.
إن الدفع بعدم القبول باعتباره إجراءاً قضائياً يخضع في تنظيمه للشروط الموضوعية والشكلية للعمل الإجرائي، فلا بد من إثارة هذا الدفع وفق شروط و مستلزمات خاصة به.
تعريف الدفع بعدم القبول :
إن الدفع بصورة عامة هو ما كل يرد به المدعى عليه على طلب خصمه، والغرض منه تفادي الحكم له بصفة مؤقتة أو دائمة والدفوع على أنواع فقد تكون دفوعاً موضوعية وقد تكون دفوعاً شكلية وقد تكون دفوعاً بعدم قبول الدعوى.
الدفع بعد القبول هو الدفع الذي يطال الدعوى من حيث إنكار وجودها لعدم توافرها على شروط عرضها على القضاء.
لقد عرف المشرع الجزائري في المادة 67 ق إ م إ الدفع بعدم القبول على أنه الدفع الذي يرمي إلى التصريح بعد قبول طلب الخصم لانعدام الحق في التقاضي، كانعدام الصفة و انعدام المصلحة و التقادم و انقضاء الأجل المسقط و حجية الشيء المقضي فيه و ذلك دون النظر في موضوع النزاع ، فالدفع بعدم القبول يمثل وسيلة لتجنب التصدي للموضوع حيث أوردت المادة صورا على سبيل المثال لا الحصر .
ومن التعريفات كذلك ، أن الدفع بعدم قبول الدعوى هو دفع غير موجه إلى إجراءات الدعوى مثلما عليه الحال في الدفوع الشكلية، أو إلى الموضوع المدعى به، كما هو الحال في الدفوع الموضوعية، وإنما هو دفع يوجه إلى حق الخصم في رفع الدعوى ويهدف إلى منع المحكمة من النظر فيها، كالدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، أو لرفعها من غير ذي صفة، أو لرفعها بعد فوات الميعاد أو لسبق الفصل فيها.
وذهب اتجاه آخر أن الدفع بعدم القبول هو الدفع الذي لا يوجه إلى موضوع الدعوى لينفيه، ولا لإجراءات الدعوى لإثبات بطلانها أو عدم مراعاتها لمقتضياتها، وإنما يوجه إلى الحق في الدعوى، من أجل عدم قبولها أو عدم سماعها قبل الفصل في الموضوع؛ لتخلف شرط من شروط قيام الحق فيها.
هو ما يتقدم به الخصم في الدعوي من دفاع يرمي به إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى أو الطلب العارض أو الطعن بالحكم الموجه إليه الدفع وهي شروط الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوي وذلك كانعدام الحق في الدعوي أو سقوطه لسبق الفصل فيه أو لانقضاء المدة المحددة في القانون لدفعه ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ولا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى. فالدفع بعدم القبول لا يتعلق بإجراءات الدعوى أي الجانب الشكلي الإجرائي منها ولا إلى الحق المدعى به أي الجانب الموضوعي وإنما يتعلق بالمنازعة في الحق في عرضها أمام القاضي لنظرها , إن الدفع بعدم القبول يعد وسيلة قانونية يتمسك فيها الخصم بالتصريح بعدم القبول طلب الخصم بعدم قبول طلب الخصم الآخر لانعدام الحق في التقاضي كانعدام الصفة وانعدام المصلحة وحالة التقادم وانقضاء أجل القيام بالإجراء وحجية الشيء المقضي فيه سبق الفصل وذلك دون النظر إلى موضوع النزاع المعروض على القاضي
لا يتقيد الدفع بعدم القبول بترتيب معين وإذا يجوز تقديمه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى ولو بعد تقديم دفوعاتهم في الموضوع مادة 68 ق إ م إ.
إذا كانت هذه الدفوع متعلقة بالنظام العام مثل عدم احترام آجال الطعن أو عدم قبول الحكم للطعن لأنه ابتدائيا ونهائيا أو الجمع بين الحيازة والملكية فإنه يجب على القاضي أن يشيره من تلقاء نفسه وفي أية مرحلة كانت عليها الدعوى ما 69 ق إ م إ.
يكتسب الحكم الصادر في الدفع بعدم القبول حجية نسبية فقط ، إذا لا يمنع من اللجوء إلى القضاء مجددا قصد المطالبة بنفس الحق محل الدعوى التي قضى بعد قبولها وذلك بعد توفر الشرط الذي اقتضى سابقا وكان سببا في الحكم بعدم القبول ، ولهذا فإنه يجوز بعد الحكم بعدم القبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة مثلا أن تقبل هذه الدعوى متى توفر هذا الشرط ، ويجوز أيضا للمدعي في دعوى الحيازة أن يجدد دعوى الحق التي سبق الحكم بعدم قبولها فور الفصل نهائيا في دعوى الحيازة وإستكمال تنفيذ الحكم الذي صدر ضده مادة 530 ق إ م إ.
الطبيعة القانونية للدفع بعدم القبول :
إن طبيعة الدفع بعدم القبول أوجدت خلافاً حاداً بين الفقهاء وجدلاً واسعاً في المؤلفات القانونية، و هذا بسبب الغموض في هذا الدفع وعدم وضوح معالمه، فتارة يقترب من الدفوع الموضوعية، وتارة أخرى تلتقي أحكامه مع أحكام الدفوع الشكلية؛ ما جعل الفقهاء في حيرة منه، فمنهم من اعتبره أحد أنواع الدفوع الموضوعية حيث أنه يهدف إلى إثارة عدم توفر أحد شروط الحق في الدعوي أو شروط قبولها، حيث أنه يتشابه مع الدفوع الموضوعية في كونه لا يتناول إجراءات الخصومة ويصح إبداءه في أي مرحلة من مراحل الدعوي في حين يرى جانب آخر أنه لا يعدو أن يكون إلا دفعاً إجرائياً لأنه يهدف إلى استبعاد الطلب القضائي وهو ما تصبو إليه الدفوع الشكلية، كما أنه لا يتناول موضوع الحق وإنما يوجه إلى حق الدعوي ذاته كأن يتمسك المدعي عليه بأن ليس للمدعي حق مباشرة الدعوى للانعدام الصفة أو المصلحة.
هذه الطبيعة تجعل من الدفع بعدم القبول دفعاً مستقلاً قائماً بذاته نوعاً ثالثاً من الدفوع يحتل مركزاً وسطاً بين الدفوع الشكلية والدفوع الموضوعية.
مرحلة التمسك بعدم القبول :
يتم الدفع بعدم القبول في أية مرحلة من مراحل الدعوى بحيث يجوز تقديمه بعد الدفوع الموضوعية كما ورد في المادة 68 من القانون الجديد.
كما ألزمت المادة المذكورة القاضي بإثارة الدفع بعدم القبول تلقائيا إذا تعلق بالنظام العام لا سيما عند عدم احترام آجال طرق الطعن أو عند غياب طرق الطعن.
إستنتاج :
ومما سبق نستطيع اعتبار الدفع بعدم القبول هو دفع وسطي يقدم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى يهدف إلى منع المحكمة من النظر و الفصل في الدعوى المطروحة أمامها لانعدام أحد الشروط الواجب توافرها لقبول الدعوى.
يختلف الدفع بعدم القبول عن الدفوع الشكلية في كونه يمكن إثارته في أي مرحلة كانت عليها الدعوى ولو بعد تقديم دفوع في الموضوع المادة 68 من قانون الاجراءات المدنية والادارية وأوجب القانون القاضي باثارة الدفع بعدم القبول تلقائيا في حالة تعلقه بالنظام العام كما هو الحال بالنسبة لإنعدام الصفة والمصلحة وخاصة اذا تعلق الأمر بعدم احترام اجال طرق الطعن او عند غيابها.