شرح جرائم الزوجة ضد زوجها و الاسرة جريمة قيام الزوجة بترك الاسرة
جريمة الزنا
جريمة إهمال الزوجة معنويا للأطفالها
جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم
جريمة عدم تسليم الاولاد لمن يحق له تسلمهم
جريمة إختطاف او إبعاد إبن قاصر من قبل الزوجة
جريمة الاجهاض من قبل الزوجة
جريمة ترك الزوجة لأطفالها و تعريضهم للخطر
جريمة قتل الزوجة لطفلها الحديث بالولادة
جريمة عدم تصريح الزوجة لضباط الحالة المدنية
جريمة سعي الزوجة لعدم التحقق من شخصية طفلها
جريمة إنتحال الزوجة لإسم الغير
جريمة إستعمال الزوجة لوثائق غير تامة
مقدمة :
من المسلم به في المجتمع بصفة عامة و الأسرة بصفة خاصة ، أن مرتكب الجرائم بمختلف انواعها يكون دائما من الذكور، غير ان الواقع يثبت عكس ذلك ، فيوجد عدد كبير من الجرائم اصبحت ترتكب من قبل ، الزوجات و النساء بصفة عامة ، تكاد أن تكون في الوقت الحالي أكثر من الجرائم التي يرتكبها الأزواج.
إن الأسرة تعد النواة الاساسية في تكوين المجتمع، و لهذا فقد حرصت جل التشريعات على إرساء قواعد خاصة لتنظيم العلاقات بين أفراد الأسرة، و هذا حفاظا على قيامها ، باعتبارها الوعاء الحضاري الذي يجسد شخصية وكيان مختلف الأمم بما تمثله من استقرار نفسي واجتماعي، و عوامل المجتمعات وتدعيم وحدتها، وتأهيلها لتلعب أدوارها على المستوى الدولي، ولكي تقوم الأسرة على أسس متينة تضمن استقرار واستمرارية تلك المجتمعات ورقيها، فإنها تحتاج إلى الرعاية الكافية، حيث حظيت الأسرة باهتمام كبير من جميع التشريعات الوضعية التي خصصت لها مكانة مرموقة سعت إلى تحقيقها، والتنويه بقدسيتها، وذلك عن طريق صدور العديد من النصوص القانونية والمواثيق الدولية التي تنادي بضرورة توفير الحماية القانونية لأفرادها، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بذلك.
جريمة قيام الزوجة بترك الاسرة :
الحياة الزوجية تهدف من حيث الأساس إلى تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة وتتطلب قدرا كبيرا من التعاون والتكافل بين الزوجين كما تتطلب في نفس الوقت بذل جهد مشترك لإقامة بيت سعيد آمن ومستقر، فإن تخلي أحد الزوجين أو أحد الوالدين عن وظيفته وترك مقر الزوجية دون سبب جدي أو شرعي لمدة تتجاوز الشهرين دون أن يترك لزوجته وأولاده مالا ينفقون، ودون أن يترك من يتولى رعايتهم والاهتمام بشؤونهم في غيابه يشكل جريمة يعاقب عليها القانون.
أولا : الركن الشرعي في جريمة ترك الزوجة للأسرة :
ونقصد به الشخص تارك منزل الزوجية الذي يجب أن يكون متوفرا على صفة الأم.
صفة أم الأسرة :
لقد نصت المادة 55 من قانون الاسرة الجزائري علي ما يلي { عند نشوز احد الزوجين يحكم القاضي بالطلاق و بالتعويض للطرف المتضرر }.
كما نصت المادة 330 من قانون العقوبات الجزائري (معدلة) بموجب القانون رقم 15-19 المؤرخ في 30 ديسمبر 2015 { يعاقب بالحبس من ستة (6) أشهر إلى سنتين (2) وبغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج
1- أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين (2) ويتخلى عن كافة التزاماته الأدبية والمادية المترتبة عن السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية، وذلك بغير سبب جدي.
ولا تنقطع مدة الشهرين (2) إلا بالعودة إلى مقر الأسرة على وضع ينبئ عن الرغبة في استئناف الحياة العائلية بصفة نهائية،
2- الزوج الذي يتخلى عمدا ولمدة تتجاوز شهرين (2) عن زوجته وذلك لغير سبب جدي،
3- أحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحد أو أكثر منهم أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم ب أن يسيء معاملتهم أو يكون مثلا سيئا لهم للاعتياد على السكر أو سوء السلوك، أو بأن يهمل رعايتهم، أو لا يقوم بالإشراف الضروري عليهم، وذلك سواء كان قد قضي بإسقاط سلطته الأبوية عليهم أو لم يقض بإسقاطها.
4- وفي الحالتين 1و 2 من هذه المادة لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناء على شكوى الزوج المتروك.
ويضع صفح الضحية حدا للمتابعة الجزائية }.
فمن خلال إستقراء النص القانوني المشرع لم يبين لنا معنى الأبوان بصفة واضحة، فهل يقصد الأب والأم الشرعيين أو غير الشرعيين فإذا كان الأمر كذلك فهل يمكن ارتكاب هذه الجنحة من طرف الأب الطبيعي أو المتبني ؟.
بالنسبة للفقه الفرنسي لا يرى أي مشكل في توسيع الحماية لتشمل الأولاد الطبيعيين مادام الفقه الفرنسي جعل من الطفل الطبيعي يتمتع بنفس حقوق الطفل الشرعي.
أما بالنسبة للتشريع الجزائري فإنه لا يعترف بالأسرة الطبيعية والمتبنية، هذا ما نصت عليه المادة 46 من قانون الأسرة الجزائري : ” يمنع التبني شرعا وقانونا “ فالتبني يعتبر حرام شرعا وممنوع قانونا ولا ينتج عنه أي أثر من آثار البنوة الشرعية “.
الركن المادي في الجرائم ضد الكيان الأسري :
بالرجوع إلى نص المادة 330 من قانون العقوبات الجزائري، التي تقضي على أنه : ”…أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز شهرين ويتخلى عن كافة التزاماته الأدبية أو المادية المترتبة على السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية، وذلك بغير سبب جدي “.
فمن خلال استقراء النص القانوني يتبين أن جريمة ترك مقر الأسرة يشترط لقيامها توافر عناصرها المكونة لها مجتمعة من ترك محل الزوجية (أولا) والتخلي عن الالتزامات العائلية (ثانيا) لمدة تزيد عن الشهرين (ثالثا) .
1-ترك محل الزوجية :
من شروط قيام هذه الجريمة الابتعاد الجسدي عن مقر الزوجية، والذي يقصد به مكان إقامة الأب والأم والأبناء القصر، وهذا يقتضي بالضرورة وجود بيت الزوجية يتركه المتهم مع التملص من واجباته العائلية.
أما إذا ظل الزوجان بعد زواجهما منفصلين يعيش كل منهما في بيت أهله منفصلا عن الآخر وكانت الزوجة تتولى رعاية أولادها ففي هذه الحالة ينعدم مقر الزوجية وبالتالي يحكم القاضي بعدم قيام هذه الجريمة.
والملاحظ أن القانون يتحدث عن الأب أو الأم دون التمييز بينهما، بصرف النظر عن ممارسة الولاية .
ويعني ذلك أن خروج الأب أو الأم من البيت الذي يقيمان فيه مع أطفالهما إلى مكان آخر، وسواء كان ذلك المكان بعيدا أم قريبا يجب أن يوافق ذلك الخروج إخلال أحد الأبوين بواجبات الولاية أو الوصاية أو الحضانة.
حيث اعتبر المشرع الجزائري كغيره من المشرعون المغاربيون على أن هده الجريمة هي جريمة عمدية منصوص عليها بصريح العبارة في المادة 330 فقرة 2 من قانون العقوبات الجزائري بقولها : ” الذي يتخلى عمدا ولمدة تتجاوز الشهرين …”
2- التخلي عن الالتزامات العائلية وعدم الوفاء بها :
إن الالتزامات العائلية تقع على عاتق كل من الأب والأم اتجاه الزوج والأولاد، حيث اشتملت التحلي عن الالتزامات المادية والأدبية، وهذا العنصر لا يشترط إلا في صورة وجود أطفال في المقر الأسري لمدة تتجاوز الشهرين .
وعنصر التخلي عن الالتزامات المادية والأدبية التي تفرضه الصورة الأولى من الجريمة وفقا لما جاء في البند الأول، يمكن أن يقع من الأب أو الأم “ أحد الوالدين ” فالأب باعتباره صاحب السلطة الأبوية والأم باعتبارها صاحبة الوصاية القانونية عند وفاة الأب، هنا فقط الشخصان الوحيدان المقصودان بهذا العنصر .
وبالتالي فإن التخلي عن الالتزامات العائلية، يشكل امتناعا عن أداء الواجب تجاه زوجته ولأولاده القصر الذين هم تحت ولايته وعندما تتملص الأم من أداء واجب الحضانة.
هذا التحلي عن الالتزامات ولواجبات العائلية لا يحدث عمليا ونظريا إلا في حالات هروب المتهم أو فراره من مقر الأسرة، حينئذ يمكن متابعته جنائيا طبقا للمادة 330 من قانون العقوبات الجزائري، أما إذا كان تملصه عن أداء واجباته ولا يصاحبها هروب أو فرار فهذا لا يشكل جريمة ترك مقر الأسرة وبالتالي لا يمكن متبعته جنائيا.
والتساؤل الذي يطرح في هذا الصدد، هو فيم تتمثل هذه الالتزامات التي تقع على عاتق كل من الأب أو الأم تجاه أولادهما ؟
فالمقصود بالواجبات التي تقع على الأب أو الأم هي تلك الالتزامات المادية والمعنوية التي إذا تخلى عنها الآباء أو الأمهات يتعرضون للمتابعة الجزائية .
فبالنسبة للالتزامات المادية تتمثل أساسا في النفقة الغذائية وهي واجبة على الآباء فقد حددتها المادة 75 من قانون الأسرة الجزائري : ” يجب نفقة الولد على الأب ما لم يكن له مال، فبالنسبة للذكور إلى سن الرشد والإناث إلى الدخول ويستمر في حالة ما إذا كان الولد عاجز لعاهة عقلية أو بدنية أو مزاولا لدراسته وتسقط بالاستغناء عنها بالكسب ”.
أما الالتزامات الأدبية والمعنوية فقد نصت عليها المادة 36 من قانون الأسرة المتعلقة بواجبات الزوجين أثناء الحياة الزوجية على أنه : ” يجب على الزوجين التعاون على مصلحة الأسرة ورعاية الأولاد وحسن تربيتهم ” كما نصت المادة 62 من قانون الأسرة المتعلقة بالحضانة ” الحضانة هي رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيتهم على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقيا “.
والملاحظ أن المشرع الجزائري قد أجاد في عدم التفريق بين الالتزامات الواقعة على الأب بصفته صاحب السلطة الأبوية، والأم صاحبة الوصاية القانونية بعد وفاة الأب، أو بعد إسناد الحضانة إليها بعد الطلاق فكل منهما يتحمل التزاماته المادية والمعنوية، على خلاف ماتجه إليه القضاء في فرنسا من تخصيص الالتزامات المادية والأدبية للأب والمعنوية للام، لان مصلحة الطفل تتنافى وهذه التفرقة، وتفرض عدم التخصيص في الالتزامات .
3- مدة الإهمال يجب أن تزيد على الشهرين :
من شروط قيام هذه الجنحة استمرار ترك مقر الأسرة لمدة تزيد عن شهرين ابتداء من تاريخ ترك الزوج لمقر الزوجية والتخلي عن التزاماته العائلية إلى تاريخ تقديم الشكوى أو الشكاية ضده، حيث أن المشرع الجزائري أولى أهمية كبيرة حيث يوجب أخذ هذه المدة على شمولها، فهي تحتوي على أمرين، أولهما : مغادرة مقر الأسرة وثانيهما : هو التخلي عن الالتزامات العائلية في آن واحد.
فإذا كان هذا الغياب شرطا ضروريا فإنه لا يكفي وحده لقيام هذه الجريمة، بل لابد من استمراره لمدة تزيد على الشهرين، لكن إذا عاد المتهم إلى مقر الأسرة واستأنف حياته العائلية بمحض إرادته لا يعتبر في هذه الحالة مرتكبا لجنحة ترك الأسرة .وبالتالي لا ترتكب هذه الجريمة بمجرد أن يترك المتهم سواء كان الأب أو الأم مقر الزوجية أو مقر إقامة الأسرة، لمدة أكثر من شهرين، مع تملصه عن أداء واجباته المادية والمعنوية المفروضة عليه بحكم القانون، كما أشرنا سابقا.
ما ينبغي الإشارة إليه في هذا المجال هو أدلة إثبات مرور مدة الشهرين على ترك مقر الأسرة وأدلة إثبات التخلي عن الالتزامات العائلية إنما يقع على عاتق الزوجة الشاكية بالتعاون مع وكيل الجمهورية، وذلك بكل وسائل الإثبات القانونية، بحيث لو عجزت الشاكية عن إثبات مرور أكثر من شهرين على ترك مقر الأسرة أو عجزت عن إثبات كون الزوج قد تخلى خلال هذه المدة عن التزاماته الأدبية أو المادية فإن شكواها سوف لا تقبل.
النية الإجرامية في الجرائم ضد الكيان الأسري :
بالإضافة إلى الركن المادي يجب أن تتوفر الركن المعنوي، أي العنصر الإرادي لقيام جريمة ترك مقر الأسرة، الذي يتمثل في نية المغادرة للوسط العائلي إضافة إلى إرادة قطع الصلة بالأسرة، والركن المعنوي يتكون من قصد جنائي خاص وقصد جنائي عام ففي هذا الأخير يتمثل في انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل مع علمه بكافة العناصر المكونة للركن المادي للجريمة كما ينتفي القصد الجنائي العام لانتفاء إرادة الفاعل إذا كانت تحت تأثير إكراه مادي كما ينتفي أيضا في حالة انعدام علم الجاني، أما القصد الجنائي الخاص يتمثل في العلم والإرادة ويتحقق هذا القصد بتوجيه إرادة الجاني إلى ترك مقر الأسرة والتهرب أو الإخلال بالتزاماته المادية والمعنوية أي إرادة الهجر دون سبب جدي يبرر ذلك، لذلك يبقى لقاضي الموضوع السلطة التقديرية في افتراض وجود القصد الجنائي من عدمه حسب ما تتوفر لديه من أدلة تثبت ذلك.
وانطلاقا مما تقدم فجريمة ترك مقر الأسرة تتطلب أن تكون الأم والأب على وعي تام بخطورة إخلاله بالتزاماته العائلية، وما يترتب عنها من نتائج وخيمة على صحة وسلامة وتربية وأخلاق أبنائهم القصر .
وعلى المتهم أن يدحض وجود النية الإجرامية أو وجود القصد الجنائي وأن يؤسس خروجه أو تركه لمقر الأسرة على سبب مشروع مع قيامه بالتزاماته العائلية على الوجه المطلوب على الرغم من بعده عن البيت.
فقدان السبب الجدي :
إن عنصر فقدان السبب الجدي يعتبر من العناصر المكونة لجريمة ترك مقر الأسرة، فغياب الموجب القاهر أو السبب الشرعي الذي يجعل الأب أو الأم أو الزوج بتخليه عن كل أو بعض التزاماته العائلية أو يترك مقر الزوجية بصفته صاحب السلطة الأبوية أو الوصاية القانونية.
فبمفهوم المخالفة فقد أجاز المشرع الجزائري للأب والأم ترك مقر الأسرة لسبب جدي سواء كانت ظروف صحية أو عائلية أو مهنية، دفعت الأب إلى ترك مقر الأسرة أو بيت الزوجية كسبب أداء الخدمة الوطنية أو داعي البحث عن عمل ….فإن السبب عندئذ يعتبر سببا جديا وشرعيا وليس فيه نية الإضرار بأفراد الأسرة.
لقد نصت المادة 330 من قانون العقوبات الجزائري على هدا العنصر بقولها : ” …بغير سبب جدي …”، فهذه العبارة تعتبر غامضة يتم إخضاعها للسلطة التقديرية للقاضي، الذي يجب أن يبحث عن جميع الوسائل التي تمكنه وتعينه على عمله، فالسبب الجدي الموجب للقهر هو ظرف تسقط بموجبه الصفة الإجرامية للأفعال التي يرتكبها المتهم .
و خلاصة القول، هو أن جريمة ترك مقر الأسرة لا يمكن تحققها والمعاقبة عليها إلا بتوافر عناصر أساسية وهي الابتعاد جسديا عن مقر الاسرة ووجود رابطة الابوة أو الأمومة، وعدم الوفاء بالالتزامات العائلية لمدة تفوق الشهرين دون سبب جدي، فإذا تخلف عنصر من هذه العناصر زالت الصفة الإجرامية عن الفعل.
الجزاءات المقررة لجريمة ترك مقر الأسرة :
لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناءا على شكوى من الزوج المتروك المادة 330 قثرة 3 من قانون العقوبات
لما تجتمع أركان الجريمة يمكن أن تتم المتابعة الجزائية، وعند حدوثها إما أن يحكم القاضي بالبراءة في حالة عدم ثبوت إدانة المتهم أو لعدم وجود أدلة كافية، وإما أن يحكم القاضي بالعقوبة المقررة في حالة ثبوت التهمة في حق المتهم .
تعاقب المادة 330 قانون العقوبات على ترك مقر الأسرة ” يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 50.000 إلى 200.000 دج أحد الوالدين الذي يترك مقر أسرته لمدة تتجاوز الشهرين ويتخلى عن كافة التزاماته الأدبية والمادية المترتبة عن السلطة الأبوية والوصاية القانونية ”.
وعلاوة على العقوبة الأصلية سابقة الذكر نصت المادة 332 من قانون العقوبات على جواز الحكم على المتهم بالحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية، كعقوبة تكميلية، وذلك من سنة إلى خمس سنوات .
وبوجه عام يجيز قانون العقوبات الحكم على الشخص المدان لارتكابه جنحة ترك مقر الأسرة بالعقوبات التكميلية الاختيارية المنصوص عليها في المادة 9 المتمثلة في المنع من ممارسة مهنة أو نشاط، إغلاق المؤسسة، الإقصاء من الصفقات العمومية، الحضر من إصدار الشيكات أو استعمال بطاقات الدفع، سحب أو توقيف رخصة جديدة، سحب جواز السفر وذلك لمدة تتجاوز 5 سنوات لا يعاقب بهذه العقوبة حسب القضاء الفرنسي إلا المدين بالالتزامات العائلية أي الأب والأم دون غيرهما ممن قد يوصف بالشريك
مما سبق ذكره يرى الباحثون انه إذا رأت المحكمة أن كافة العناصر الجرمية متوفرة وقررت إدانة الزوج المشتكي منه، فانه سيكون من الأفضل لها أن تحكم عليه بعقوبة مالية رمزية مخففة وان تحكم عليه بعقوبة مدنية مع وقف التنفيذ كلما ظهر لها ذلك من دراسة ظروف الحال إن العقاب المخفف أو الرمزي أو الموقوف من شأنه أن يساعد في إعادة بناء قواعد الأسرة على أساس المحبة والتعاون والوفاق
جريمة الزنا :
المادة 339 قانون العقوبات { يقضى بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا.
وتطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة.
ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته.
ولا تتخذ الإجراءات إلا بناء على شكوى الزوج المضرور، وإن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة }.
تعريف الزنا :
هو كل وطء أو جماع تام غير شرعي، يقع من إمرأة متزوجة مع رجل متزوج أو رجل متزوج مع امرأة متزوجة، إستنادا إلى رضائهما المتبادل، وتنفيذا لرغبتهما الجنسية.
هو مضاجعة الرجل لامرأة لا تحل له ، فهو وطء الرجل لامرأة في غير الملك؛ أي دون عقد زواج صحيح فالزنا أو الفحشاء هو مصطلح يشير إلى إقامة علاقة جنسية بين شخصين بدون زواج، ويعتبر الزنا في عدة أديان فعلاً محرماً وغير أخلاقي ولا ديني، لكن ممارسة الزنى تتفاوت أهميتها ما بين الثقافات والمجتمعات.
لم يعرف المشرع الجزائري الزنا على غرار غالبية التشريعات الوضعية تاركا تعريفه للفقه. حيث جاء نص المادة 339 من قانون العقوبات مجرما للزنا ومعاقبا عليه دون تعريف دقيق للفعل الجرمي .
وقد حاول المجلس الأعلى سابقا (المحكمة العليا حاليا) تعريف الزنا في قراره الصادر بتاريخ 25 مارس 1969 حيث جاء فيه أن: "جريمة الزنا جريمة عمدية تشترط لتكوينها القصد الجنائي، ويتوافر هذا القصد لدى الفاعل الأصلي إذا تم الجماع أو الوطء عن إرادة وعلم أحد الزوجين بأنه يعتدي على شرف زوجه الآخر". [قضية ب ه و ف ك ضد النيابة العامة؛ الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى قرار صادر بتاريخ 25 مارس 1969 ].
كما ذهب المجلس الأعلى في قرار آخر صدر يوم 20 مارس 1984 إلى ما يلي : " إن جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضي التفاعل بين شخصين يعد أحدهما فاعلا أصليا وهو الزوج الزاني ويعد الثاني شريكا وهو الخليل الذي باشر مع الفاعل الأصلي العلاقة الجنسية، ولا تتحقق الجريمة إلا بحصول الوطء أو الجماع بين رجل وخليلته أو بين امرأة وخليلها.
[الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى؛ قرار رقم 34051، صادر بتاريخ 20 مارس 1984].
وقد جاء التعريف الوارد في قراري المجلس الأعلى مطابقا لما أورده الدكتور محمود نجيب حسني بخصوص تعريف الزناء بحيث يعرفه بأنه: "اتصال شخص متزوج (رجل أو امرأة) اتصالا جنسيا بغير زوجه؛ والزنا جريمة ترتكبها الزوجة إذا اتصلت جنسيا برجل غير زوجها، ويرتكبها الزوج إذا اتصل جنسيا بامرأة غير زوجته ".
والمقصود بالاتصال الجنسي هو الوطء أو الجماع أي كما يأتي الزوج زوجته، فالزواج والزنا مظهران لفعل واحد‘ هو فعل المواقعة الطبيعية بين الذكر والأنثى، غير أن الزواج أحل ليحصن الرجل والمرأة نفسيهما به؛ والزنا فاحشة وجريمة حرمتها الأديان السماوية وجرمتها القوانين لأنها تمس المجتمع وسلامته، إذ أنها اعتداء على الأسرة والمجتمع معاء ولولا معرفة الزواج لما عرف الزناء لأن الزواج هو الذي جعل الرجل يستأثر بالمرأة. وأي مساس بين المرأة والرجل خارج عقد الزواج يشكل جريمة الزنا.
ويجدر بنا أن نورد في هذا المقام أن معظم شراح قانون العقوبات الجزائري قد ذهبوا كلهم في نفس الاتجاه الذي أقره القضاء شرحا لنص المادة 339 عقوبات، حيث نجد أن الزنا قد عرف على أنه : " العلاقة الجنسية التي يرتكبها الزوج أو الزوجة مع أي شخص آخر بشرط تقديم شكوى من الزوج المضرور".
عقوبة جريمة الزنا :
لقد أسهب فقهاء القوانين الوضعية في الحديث عن متابعة المتهم، واثبات التهمة عليه، وما يصحب ذلك من إجراءات عديدة إلى غاية محاكمة الجان وتوقيع الجزاء هذا الذي نتطرق إليه في الشكل الآني :
عقوبة جريمة الزنا في التشريع الجزائري
قبل تعديل قانون العقوبات :
كان قانون العقوبات الجزائري قبل تعديله بموجب القانون رقم : 82-04 الصادر بتاريـخ : 13-02-1982 ينص في المادة:339 منه على : " يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا.
وتطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته. ولا تتخذ الإجراءات إلا بناءا على شكوى الزوج المضرور .
يستفاد من نص المادة أن العقوبة المقررة للزوجة الزانية " الحبس من سنة إلى سنتين" تختلف عن تلك المقررة للزوج الزاني والتي تكون أخف بحيث يعاقب من ستة أشهر إلى سنة، في حين يعاقب الشريك بنفس العقوبة المقررة للفاعل الأصلي وهذا حسب القواعد العامة .
بعد تعديل قانون العقوبات :
ولكن بموجب التعديل الصادر بتاريخ 13-02-1982 اصبحت تنص المادة 339 من قانون العقوبات على ما يلي :
"يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين عن كل مرة متزوجة ثبت ارتكابها جرمة الزنا، وتطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنما متزوجة.
ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته "
ومن خلال استقراء المادة 339 الأمر رقم 66-155 المؤرخ في08 يونيو 1966، المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم بالأمر 14-11 المؤرخ في 02 اوت 2011.
نستنتج :
- يقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جرمة الزنا.
- وتطبق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة.
- ويعاقب الزوج الذي يرتكب جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته .
- لا تتخذ الإجراءات إلا بناء على شكوى الزوج المضرور، زان صفح هذا الأخير يوضع حدا للمتابعة.
من نص المادة يتبين أن المشرع الجزائري سوى بين عقوبة الزوج الزاي وعقوبة الزوجة الزانية على عكس ما كان قبل التعديل ونفس العقوبة تطبق على شريك أحدهما ولكن بشرط علمه بالرابطة الزوجية.
فإن كان يجهل بأنها متزوجة فإن الجريمة تنتفى في حقه نظرا لاختلال أحد أركانها وهو القصد الجنائي ،فلا يعاقب الشريك إذا أقام الدليل على أنه يجهل إن كانت خليلته متزوجة، وللنيابة العامة إثبات علم الشريك بأن خليلته متزوجة ، وخلافا لبعض التشريعات ومنها التشريع الفرنسي والتشريع المصري فإن المشرع الجزائري لم يشترط أن يتم فعل الزنا في البيت الزوجية بالنسبة للزوج حتى تثبت الجريمة في حقه وانه لم يشترط كذلك أن يتم الفعل عدة مرات كما فعل المشرع الفرنسي.
وللإشارة فإن الشروع في جرمة الزنا غير معاقب عليه ذلك انه لقيام جريمة الزنا يشترط الاتصال الجنسي وكذلك لاعتبار أن جريمة الزنا جنحة فلا عقاب على الشروع في مواد الجنح إلا بنص صريح يرد على سبيل الحصر .
جريمة إهمال الزوجة معنويا للأطفالها :
مفهوم الإهمال المعنوي :
رتب المشرع الجزائري كغيره من التشريعات مجموعة من الواجبات تقع على الزوجة من بينها رعاية الابناء و تربيتهم ، وهو ما نصت عليه المادة 36 من قانون الأسرة بقولها : " يجب على الزوجين التعاون على مصلحة الاسرة، و رعاية الاولاد و حسن تربيتهم ".
لذا فان اي اهمال في تربية الابناء و رعايتهم تعد جريمة ذات أثر خطير يؤدي الى نتائج وخيمة على الاسرة و المجتمع ككل؛ و قد جرم المشرع أي فعل صادر من الوالدين من شأنه إساءة معاملة الاولاد، وهو ما نصت عليه المادة 330 فقرة الثالثة التي جاء فيها : " يعاقب بالحبس و الغرامة أحد الوالدين الذي يعرض صحة أولاده أو واحد أو أكثر منهم، أو يعرض أمنهم أو خلقهم لخطر جسيم، بأن يسيء معاملتهم أو يكون مثلا سيئا لهم، بالاعتياد على السكر و سوء السلوك، أو بأن يهمل رعايتهم، أو لا يقوم بالإشراف الضروري عليهم و ذلك سواء قد قضي بإسقاط سلطته الابوية عليهم، أو لم يقض بإسقاطها ".
الإهمال هو الفشل في توفير أو تلبية احتياجات الطفل الأساسية من الناحية البدنية والعاطفية والتعليمية والطبية؛وقد يترك الوالدان أو مقدمو الرعاية الطفلَ في عهدة شخص يعرف بكونه مُعتديًا، أو قد يتركون طفلًا وحده من غير إشراف.هناك أشكال عديدة للإهمال،
وبالنسبة إلى الإهمال البدني، قد يفشل الآباء أو مقدمو الرعایة في توفیر ما يكفي من الطعَام والملبس والمأوى والإشراف والوقاية من الأذى المحتمل أما بالنسبة إلى الإهمال العاطفي، فقد يفشل الآباء أو مقدمو الرعاية في توفير الحنان أو الحب أو أنواع أخرى من الدعم العاطفي.قد يجري تجاهل الأطفال أو رفضهم أو منعهم من التفاعل مع الأطفال الآخرين أو البالغين.
وأما بالنسبة إلى الإهمال الطبي، فقد لا يتمكن الوالدان أو مقدمو الرعاية من الحصول على رعاية مناسبة للطفل، مثل المعالجة اللازمة للإصابات أو اضطرابات الصحة البدنية أو النفسية،وﻗﺪ يقوم الآباء بتأجيل الحصول على رعاية طبية عندما يكون الطفل مريضاً، مما يضعه في مواجهة خطر أن تزداد شدة المرض لديه وحتى الوفاة.
وبالنسبة إلى الإهمال التعليمي، قد لا يقوم الآباء أو مقدمو الرعاية بتسجيل الطفل في المدرسة، أو قد لا يتأكدون من أن الطفل يذهب إلى المدرسة في بيئة متفق عليها، مثل المدرسة العامة أو الخاصة أو في المنزل.
أركان جريمة الاهمال المعنوي للأولاد :
إن جريمة الاهمال المعنوي للأولاد كغيرها من الجرائم لها ركن مادي و ركن معنوي.
الركن المادي للجريمة :
إن إساءة الاولياء لأبنائهم لها مجال واسع مما يجعل صعوبة في التفريق بين ما يدخل في صلاحيات الاولياء في تأديب أبنائهم و بين ما يعتبر إساءة لهم، و من خلال تحليل الفقرة الثالثة من المادة 330 من قانون العقوبات يتبين ان الركن المادي يتكون من ثلاث عناصر وهي:
1- صفة الام.
2- أعمال الاهمال المبينة في المادة 330 فقرة 3 من قانون العقوبات.
3- النتائج الجسيمة المترتبة على الاهمال.
أ- صفة الأم :
من خلال النص يتبين ان المشرع يتحدث عن الوالدين الشرعيين أي يجب أن تربط بين الجاني و الضحية علاقة أمومة و بنوة، و يتعين أن يكون المتهم أما شرعيا و حقيقية.
و أن تكون هاته الضحية ابن شرعي للأم ، و بالتالي فلا مجال للحديث عن التبني لأنه ممنوع شرعا و قانونا كما نصت عليه المادة 46 من قانون الاسرة.
ب - أعمال الاهمال المبينة في المادة 330 فقرة 3 من قانون العقوبات :
تقسم هاته الأفعال إلى أفعال ذات طابع مادي و أفعال ذات طابع أدبي:
أ/ الأفعال ذات الطابع المادي :
و تتمثل في سوء المعاملة كضرب الولد أو قيده إن كان صغيرا كي لا يغادر البيت أو تركه بمفرده في البيت و الانصراف الى العمل. و انعدام الرعاية الصحية كعدم عرض الولد المريض على الطبيب ، أو عدم تقديم الدواء الذي وصفه له الطبيب أو عدم اقتناء الدواء .
ب/ الأفعال ذات الطابع الأدبي :
الأعمال ذات الطابع الأدبي تتمثل في المثل السيء الذي يتحقق بالاعتياد عليه كالسكر أو سوء السلوك كالقيام بأعمال منافية للأخلاق، و الآداب العامة و عدم الرعاية و الاشراف الضروري للأبناء.
و الاعتياد بهاته الافعال يكون بتكرارها وهو ما يتبين من عبارة " الاعتياد " الواردة في الفقرة الثالثة من المادة 330 من ق ع ، وهاته الافعال لم ترد على سبيل الحصر بل هي على سبيل المثال فقط وهو ما يبدو من خلال استعمال المشرع لعبارة واسعة مثل " يسيء معاملتهم " ، " يكون مثلا سيئا "، " يهمل رعايتهم" ، " الإشراف الضروري عليهم" ، مما يجعلها تحتوي على مختلف أنواع الأضرار المعنوية التي قد تطال الاولاد بسبب أوليائهم.
و ما إدراج المشرع لفعل الاعتياد على السكر الا على سبيل المثال و التوضيح فيمكن أن نضيف أيضا تناول جرائم الإخلال بالالتزامات الأسرية الفصل الثاني: تجريم الاعتداء على افراد الاسرة هم القصر الذين لم يبلغوا سن الرشد ذلك ان المشرع في نص المادة 330 من قانون العقوبات نص على " سواء قضي بإسقاط سلطته الأبوية عنهم أو لم يقض بإسقاطها "، والسلطة الأبوية لا تنقضي في الأحوال العادية إلا ببلوغ سن الرشد.
عادة ما يمتنع المشرع عن التدخل في الحريات الفردية فيحجم عن العقاب على السلوك السيء لدى الأفراد ، غير انه لما يتعلق الامر بحماية الأطفال القصر تدخل المشرع لتجريم الافعال مستندا على حقيقة علمية ثابتة مفادها أن الطفل أثناء نموه يتأثر بوعي و بغير وعي بمحيطه؛ و يحتاج إلى التقليد و المحاكاة، و نقل التصرفات التي يشاهدها لحياته المستقبلية و من أجل ذلك جرم السلوك من أجل تهيئة محيط أنسب لتربية و نمو جيل الغد.
ج- النتائج الجسيمة المترتبة على الإهمال :
يجب أن لا تعرض سلوكيات الأم صحة أولادهم و أمنهم و خلقهم لخطر جسيم ومن بين النتائج الجسيمة المترتبة عن الاهمال نجد انحراف الاولاد، وهو سلوك غير اجتماعي، و يتم ذلك من خلال القيام بأعمال تتصل بالدعارة و الفسق و فساد الأخلاق، أو المخدرات أو القمار أو نحوها كذلك مخالطة المعرضين للانحراف أو المشتبه فيهم الذين اشتهر عنهم سوء السيرة، و نجد أيضا اعتياد الهروب من معاهد التعليم و التدريبة .
و من أخطر النتائج التي تنجر عن الاهمال المعنوي للأولاد ما نشاهده في الآونة الاخيرة من تعدد الجرائم الواقعة عل الأطفال خصوصا جريمة الخطف و الاعتداء عليهم باستئصال أعضاء أجسامهم و بيعها بمبالغ طائلة و سقوطهم في شبكات الإتجار بالبشر.
الإجراءات الجزائية المتبعة لحماية الكيان الأسري :
لما ترتكب جريمة تمس بالأسرة كجريمة ترك مقر الأسرة والتي اعتبرها المشرع من الجرائم العائلية العمدية فلابد من معاقبة مرتكبيها.
لهذا سنتطرق في هذا القسم إلى الإجراءات المتبعة لضبط ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم ومعرفة العقوبات المقررة لهم، حيث سنتناول الإجراءات (الفرع 1) والعقوبات المقررة (ثانيا) .
الفرع الأول : إجراءات المتابعة لحماية الكيان الأسري :
الأصل في تحريك الدعوى العمومية هو من اختصاص النيابة العامة وحدها باعتبارها وكيلة على المجتمع، كما نصت عليه المادة 1 و29 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث نصت المادة 1 منه على أن : ” الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء أو الموظفون المعهود إليهم بمقتضى القانون كما يجوز أيضا للطرف المتضرر أن يحرك الدعوى طبقا للشروط المحددة في القانون .”
والمادة 29 من نفس القانون ” تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبيق القانون وهي تمثل أمام كل جهة قضائية، ويحضر ممثلها المرافعات أمام الجهات القضائية المختصة بالحكم….”.
نستشف من خلال هذه النصوص القانونية أن تحريك الدعوى العمومية في هذه الجريمة مقيد على شرط تقديم شكوى من قبل الزوج المتروك وهذا طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 330 من قانون العقوبات بل الأكثر من ذلك فقد ذهبت المحكمة العليا إلى جعل أحد الأسباب المؤدية إلى النقض هو عدم الإشارة إلى شكوى الزوج المتروك وهو ما نصت عليه في إحدى قراراتها الذي جاء في حيثياتها “…. يعتبر مشوبا بالقصور ومتقدم الأساس القانوني وبالتالي يستوجب نقض القرار … ولم يشر إلى شكوى الزوجة المهجورة ”.
لا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بناءا على شكوى من الزوج المتروك المادة 330 قثرة 3 من قانون العقوبات ويترتب على ذلك النتائج التالية :
- إذا باشرت النيابة العامة المتابعة بدون شكوى، تكون هذه المتابعة باطلة بطلانا نسبيا لا يجوز لغير المتهم إثارته، على أن يثيره أمام المحكمة أول درجة وقبل أي دفاع في الموضوع .
- إذا كانت النيابة العامة مقيدة في تحريك الدعوى العمومية بشكوى الزوج المتروك بحيث لا يجوز لها مباشرة المتابعة الجزائية بدون شكوى، فإنها تبقى صاحبة سلطة ملائمة، ومن ثم يجوز لها تقرير حفظ الشكوى ان هي رأت بأن شروط المتابعة غير متوفرة، مادامت المتابعة معلقة على شكوى وبالتالي فإن سحب الشكوى يضع حدا للمتابعة حسب المادة 6 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية.
مما سبق نجد أن المشرع الجزائري قيد تحريك الدعوى العمومية بالنسبة لها أيضا بضرورة تقديم شكوى من الزوج الذي بقي في مقر الأسرة، وإن تنازل عن هذه الشكوى يكون مقبولا بالنسبة لهذه الجريمة ما لم يكن قد صدر حكم نهائي فإنه في هذه الحالة لا يوقف التنازل تنفيذ الحكم النهائي.
ما يمكن قوله أن أحد الزوجين الذي قدم شكوى ضد الزوج الآخر يجب أن يكون لازال باقيا في مقر الزوجية، لأنه إذا كان الزوج قد ترك محل الزوجية وقامت الزوجة هي الأخرى بترك مقر الزوجية، فإنه لا مجال لقبول الشكوى من أحدهما، ولا مجال لتطبيق المادة 330 من قانون العقوبات، لأن بقاء الشاكي في مقر الزوجية يعتبر شرطا لقبول الشكاية ولإمكانية القيام بإجراءات المتابعة.
وبالطبع لابد من وجود رابطة سببية بين السلوك الإجرامي والنتيجة التي تتحقق مع توافر القصد الجنائي الذي يتمثل في اتجاه الجاني وإدراكه إلى إلحاق الضرر بعائلته وأسرته وأولاده، نتيجة التخلي عنهم لمدة زمنية محددة لا تقل عن الشهرين، أما إذا كان الزوج ينفق عن عائلته ويهتم بأحوالهم وتفقدهم بالسؤال عنهم، ورغم غيابه عنهم، فهذا ما يجعل من الجريمة واقعة غير متكاملة الأركان وينفي عن صاحبها العقاب، ولو كانت المدة تتجاوز الشهرين، وتحسب هذه المدة ابتداء من ترك الزوج لمقر الزوجية والتخلي عن الالتزامات العائلية إلى تاريخ تقديم الشكوى ضده.
جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم :
المادة 337 مكرر ق ع { تعتبر من الفواحش بين ذوي المحارم العلاقات الجنسية التي ترتكب بين :
1 - الأقارب من الفروع أو الأصول.
2 - الإخوة والأخوات الأشقاء ، من الأب أو الأم.
3 - بين شخص و ابن أحد إخوته أو أخواته من الأب أو الأم أو مع أحد فروعه.
4 - الأم أو الأب و الزوج أو الزوجة والأرمل أو أرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه.
5 - والد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب وفروع الزوج الآخر.
6 - من أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت.
تكون العقوبة بالسجن من عشر إلى عشرين سنة في الحالتين 1 و 2 وبالحبس من خمس إلى عشر سنوات في الحالات رقم 3 و 4 و 5 وبالسجن من سنتين إلى خمس سنوات في الحالة رقم 6.
وفي جميع الأحوال إذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصر يبلغ من العمر 18 عاما فإن العقوبة المفروضة على الراشد تفوق وجوبا العقوبة المفروضة على الشخص القاصر.
ويتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم فقدان حق الأبوة أو الوصاية الشرعية }.
المقصود بالفاحشة بين ذوي المحارم :
الفحش هو : الجماع الذي يتم مع قريب لا يباح ممارسة الجنس معه ، فالجماع الجنسي للرجل مع شقيقته أو ابنته أو حفيدته أو والدته جريمة يعاقب عليها القانون .
- هو كل فعل من أفعال الاتصال المباشر التي تقع بين شخص ذكرا كان أو أنثى و بين أحد محارمه شرعا من أقاربه أو أصهاره و غيرهم برضائهم الصريح المتبادل.
- كما يعرف الفحش بين المحارم على أنه كل فعل جنسي بين شخص أو أحد محارمه من أقاربه أو أصهاره بتراض منها صريح و متبادل.
- تعرف هذه الجريمة أيضا على أنها ارتكاب العلاقات الجنسية بالتراضي بين المحارم و هم الأشخاص الذين لا يمكنهم أن يرتبطوا بينهم بموجب عقد زواج و معظم الحضارات و كل الديانات مجمعة على تحريمها .
- و معنى الفاحشة في اللغة الفرنسية هي : " كل علاقة جنسية بين أشخاص تمنعهم درجة القرابة من الزواج المدني أو الديني".
ملاحضة :
تجد الإشارة هنا أن الفيصل في الجرائم الجنسية التي يمكن أن تقع بين المحارم هو عنصر الرضا فإذا كان الرضا متبادل بين الطرفين فهنا نكون أمام جريمة زانا المحارم.
أو كما أطلق عليها المشرع الجزائري جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم في نص المادة 337 مكرر من قانون العقوبات ،أما إذا غاب عنصر الرضا لأحد الطرفين فهنا الوصف الجرمي لهذا الفعل يصبح
" إغتصاب المحارم" لا " زنا المحار " .
و عليه جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم هي :
" كل اتصال جنسي يتم بالتراضي بين المحارم سواء بالنسب أو بالمصاهرة أو بالرضاع ".
أركان جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم :
عرف الأستاذ سعد عبد العزيز جريمة الفحش : بأنها كل فعل من أفعال الاتصال الجنسي المباشر التي تقع بين شخص ذكرا كان أو أنثى و بين أحد محارمه شرعا من أقاربه أو أصهاره أو غيرهم برضائهم المتبادل ، و قد ورد النص على تجريم هذه الأفعال في المادة 337 مكرر من قانون العقوبات
- يتبين أن هذه الجريمة تحتوي على ثلاثة أركان نتخذها بالدراسة في ثلاثة فروع :
أولا: الركن المادي
ثانيا: علاقة القربة أو المصاهرة ذات الطبيعة المحرمية
ثالثا : القصد
أولا الركن المادي (الفعل المادي الفاحش ) :
يتوفر الفعل المادي لقيام جريمة الفحش بين ذوي المحارم بوقوع علاقة جنسية طبيعية تامة بين رجل و امرأة استنادا إلى رضائهما الصريح المتبادل دون استعمال عنف أو غش أو تهديد أو إكراه مادي أو معنوي من أحد الطرفين ضد الآخر. أما إذا صاحب الفعل تهديدا أو إكراها فإن الوصف الجرمي يصبح اغتصابا لا فحشا و نطبق أركان المادة 336 فقرة 01 بدل المادة 337 مكرر .
و نفترض أيضا في جريمة الفحشاء مساس مباشر بجسم المجني عليه و يخرج من نطاقها الأفعال التي يرتكبها الجاني على جسمه أمام نظر المجني عليه مهما كانت درجة فحشاه و مهما بلغ تأثيره عليه .
إلى جانب أنه لا يشترط لوجود الركن المادي الوطء الطبيعي الذي سيحصل بإيلاج عضو التذكير في فرج الأنثى، و إنما يشمل كل إيلاج جنسي بالإيلاج بالدبر و حتى بالفم و لا يهم إن كان الجاني ذكرا أو أنثى و من ثم تشمل العلاقة الجنسية اللواط و المساحقة و يشترط الرضا بين الطرفين بطبيعة الحال.
ثانيا علاقة القرابة أو المصاهرة :
يشترط القانون لقيام جريمة الفاحشة بين ذوي المحارم وجود صلة قرابة أو نسب أو مصاهرة بين مرتكبي جريمة الفحش أو وجود أحد أو بعض أسباب التحريم المنصوص عليها في المواد من 24 إلى 30 من قانون الأسرة .
و يثار التساؤل بشأن الرضاع : فهل تطبيق قاعدة يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قياسا على الزواج فيكون الجواب بنعم مع حصر التحريم في الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته طبقا لنص المادة 28 من قانون الأسرة التي نصت على : ” يعد الطفل الرضيع وحده دون إخوته و أخواته وليد للمرضعة و زوجها و أخا لجميع أولادها و يسري التحريم عليه و على فرعه ”.
ثالثا القصد الجنائي :
بالإضافة إلى الركنين السابقين يشترط القانون القصد الجنائي لقيام هذه الجريمة و المراد بالقصد هنا هو القصد العام الذي يتوفر بمجرد علم كلا المتهمين بأن الشخص الآخر الذي يقوم بممارسة أو تنفيذ الفعل الجنس معه من ذوي محارمه أما إذا كان الفاعلان لا يعلمان أو ليس في استطاعة أحدهما أو كلاهما، العلم بصفة الحرمة أو بسبب التحريم انتفى القصد الجنائي و لم تعد الجريمة قائمة.
أما إذا كان أحدهما لا يعلم و الآخر يعلم فإن العقاب يسلط فقط على من كان يعلم .
و ينبغي التنويه أيضا إلى أن الأنثى التي ترضى و تسمح بارتكاب الفاحشة معها من احد أصولها أو فروعها، مع علمها بالقرابة و تكون فوق سن السادسة عشر مرتكبة لجريمة وطئ المحرمات كفاعل أصلي لأن الرضا الصادر من هذه الأنثى لا يعتبر سببا مبررا أو مبيحا لهذه الجريمة أو ينفي المسؤولية عن الجاني أو المجني عليها نفسها .
و من خلاصة القول يتضح أن الركن المعنوي لابد فيه من توافر العلم و الإرادة مهما كان الباعث الذي دفع الجاني على ارتكاب جريمة الفحش بين ذوي المحارم فقد يكون هذا الباعث إشباعا للشهوة البيولوجية أو غير ذلك.