مذكرة عقد الإمتياز في التشريع الجزائري
تطور عقد امتياز المرفق العمومي في التشريع الجزائري
مفهــوم عقـد الامتياز
خصائص عقد الامتياز
موضوع عقد الامتياز
الطبيعة القانونية لعقد الامتياز
تنفيذ عقد الامتياز
قابلية عقد الامتياز للتعديل
سلطات و التزامات الإدارة مانحة الامتياز
نهاية عقد الامتياز
الفسخ القضائي لعقد الامتيا
المنازعات الناشئة عن عقد الامتياز
من إعداد الطالب القاضـي بــارة زيتـــونـي
لتحميل الملف بصيغة DOC
مقــدمـة :
تستطيع الإدارة إلى جانب إصدار القرارات الإدارية بإرادتها المنفردة أن تبرم التصرفات الرضائية المتمثلة أساسا في العقود الإدارية، و ذلك بهدف تحقيق الإشباع العام لمواطنيها فيما يخص الخدمات العامة. و لعل من أهم هذه العقود الإدارية عقد الامتياز، الذي أصبح وسيلة فعالة و دائمة في يد السلطات الإدارية لإشباع الحاجات العامة للمواطنين المتزايدة و المتطورة، عن طريق منح امتياز تسيير و استغلال بعض الأملاك الوطنية لأشخاص من القانون العام أو الخاص.
و لكن على خلاف باقي العقود الإدارية، كعقد الأشغال، عقد التوريد، عقد الخدمات، عقد الدراسات التي نظمها المشرع الجزائري بأحكام خاصة في قوانين الصفقات العمومية المتعاقبة، بداية بالأمر رقم 67-90 المؤرخ في 17 يونيو سنة 1967 المتضمن قانون الصفقات العمومية إلى غاية صدور المرسوم الرئاسي رقم 02-250 المؤرخ في 24 يوليو سنة 2002 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، المعدل و المتمم بالمرسوم الرئاسي رقم 03-301 و كذلك بالمرسوم الرئاسي رقم 08-338، إلا أن عقد الامتياز لم ينظم بموجب قانون خاص كباقي العقود الإدارية، وإنما وردت أحكامه متفرقة في عدة قوانين، كالقانون رقم 83-17 المتعلق بالمياه، و القانون رقم 90-08 المتعلق بالبلدية، و القانون رقم 90-09 المتعلق بالولاية، و القانون رقم 90-30 المتضمن الأملاك الوطنية، و القانون رقم 05-12 المتعلق بالمياه، و الأمر رقم 06-11 المتعلق بمنح امتياز استغلال الأراضي التابعة لأملاك الدولة الموجهة لانجاز مشاريع استثمارية....الخ.
إن عقد الامتياز هو عقد إداري ينصب على تسيير الأملاك الوطنية العمومية، أو الأملاك الوطنية الخاصة التابعة للدولة أو للولاية أو للبلدية.
و بالتالي فهو أسلوب لإدارة و تسيير المرافق العمومية الوطنية و المحلية كالنقل العمومي، الموانئ، المطارات، الطرقات السريعة، المياه...الخ، على صورة عقد امتياز المرافق العمومية سواء بنظامه الكلاسيكي أو بنظامه الجديد البوت (BOT).كما يستعمل عقد الامتياز أيضا كنظام لاستغلال الأراضي الفلاحية التابعة للدولة في صورة عقد الامتياز الفلاحي ، و كذلك لاستغلال الأراضي التابعة للدولة الموجهة لإنجاز المشاريع الاستثمارية الوطنية أو الأجنبية و هو ما يسمى بعقد امتياز العقار الصناعي ، كما يلجأ لأسلوب الامتياز أحيانا لاستغلال الأراضي الواقعة داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية.
و لكن موضوع مذكرتنا المعنون بـ عقد الامتياز في التشريع الجزائري، سوف نقتصر فيه على دراسة عقد امتياز المرافق العمومية الوطنية والمحلية، مع التطرق لعقد الامتياز بنظامه الجديد المتمثل في البوت (B OT)، دون التطرق لعقد امتياز استغلال الأراضي التابعة للدولة ذات طابع فلاحي، أو الممنوحة لإنجاز مشاريـــع استثماريــــة، و هذا لسببين: السبب الأول و هو قلة الدراسات الفقهية بالجزائر حول موضوع عقد امتياز المرفق العمومي، و التي إن وجدت فقد تعرضت لعقد الامتياز بصفة مختصرة مع باقي مواضيع القانون الإداري، و دون تطرقها لنظام البوت (B O T)، الذي عرف بالجزائر منذ منتصف التسعينيات، و ذلك باعتباره نظام جديد حتى في باقي الدول الأخرى. أما السبب الثاني: هو أهمية عقد الامتياز حاليا كأسلوب ناجح و فعال لتسيير المرافق العمومية بالجزائر سواء الوطنية أو المحلية، و انتشاره الواسع خاصة بعد دستور 1989، أين بدأت الجزائر تتبنى النظام الليبرالي المبني على اقتصاد السوق و حرية المنافسة، و أصبحت فيه كدولة حارسة لا متدخلة ، مثلما كانت عليه سابقا في النظــــام الاشتراكــــي، و انفتاحها على العالم الخارجي و تشجيعها للاستثمار الوطني و الأجنبي، و اعتمادها على نظـــام البــــوت (BOT) كأسلوب جديد لتسيير المرافق العمومية بداية بالطرق السريعة ، وبعدها في الموانئ و المطارات و النقل العمومي، وغيرها من المرافق العمومية الكبرى، و ما صاحبه من صدور عدة نصوص قانونية و تنظيمية تبين شروط و إجراءات منح هذا الامتياز، الأمر الذي يفرض علينا التطرق لها، و دراسة مختلف جوانبها.
يعتبر عقد الامتياز أحد أهم أساليب إدارة المرفق العمومي، و خاصة في نموذجه الجديد البوت (BOT)، على غرار أسلوبي الاستغلال المباشر، و المؤسسة العمومية سواء في الجزائر، أو في باقي الدول الليبرالية كفرنسا. أين تعهد الإدارة فيه كمانحة للامتياز إلى شخص طبيعي أو معنوي صاحب الامتياز مهمة إدارة مرفق عام تحت إشرافها و رقابتها، بموجب عقد يبرم بين الطرفين قصد تقديم خدمات للجمهور مقابل رسم يتقاضاه منهم . و بالتالي فأسلوب الامتياز يجنب الدولة توفير أموال تسيير و استغلال هذه المرافق العمومية، و إنما الاعتماد على مصادر تمويل أخرى سواء وطنية أو أجنبية. و تحضرني هنا كلمة مقرر لجنة النقل و المواصلات و الاتصالات السلكية و اللاسلكية بالمجلس الشعبي الوطني، بمناسبة مناقشة مشروع قانـــون النــقل البـري:"تعتقد اللجنة أن تحرير قطاع النقل بالسكك الحديدية، سيسمح دون شك بجلب مصادر تمويل جديدة تساعد على النهوض بهذا النمط و إنعاشه...".
و نظرا لأهمية هذا الموضوع، سوف نحاول قدر الإمكان الإحاطة بكل جوانبه، لاسيما جانب المنازعات الناشئة عنه، التي سيرتفع عدده مستقبلا، سواء التي تعرض على القضاء الإداري الوطني أو التي تخضع للتحكيم الدولي، بحكم اتجاه الإدارة الجزائرية نحو تشجيع الاستثمارات الوطنية و الأجنبية في كل القطاعات، خاصة بعد انفتاحها على العالم الخارجي، وتبنيها لنظام اقتصاد السوق و حرية المنافسة والتجارة. الشيء الذي أكدته في دستور 28 نوفمبر سنة 1996 ، وجسدته بإبرامها لاتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي ، و شروعها في مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، و كذلك إبرامها و انضمامها لعدة اتفاقيات ثنائية و متعددة الأطراف المتعلقة بتشجيع الاستثمار و حمايته.
و قصد الإحاطة بكل جوانب الموضوع، سوف نحاول معالجة بعض الإشكالات المطروحة و التي منها ما يلي:هل استعملت الإدارة الجزائرية أسلو ب الامتياز لتسيير المرفق العمومي منذ الاستقلال، أم عرفته فقط بعد التحول للنظام الليبرالي؟ هل اللجوء لعقد الامتياز هو قرينة على فشل الإدارة في تسيير المرفق العمومي؟ أم هو إستراتيجية لتسيير المرافق العمومية بنجاعة و بأقل التكاليف؟ ما هو مفهوم عقد الامتياز ؟ وما هي طبيعته القانونية؟ ما معنى عقد امتياز البوت (B O T) ؟ ما هو النظام القانوني لعقد الامتياز؟ ما هي آثاره؟ و ما هي طرق نهايته ؟ و ما هي نوع المنازعات الناشئة عنه ؟
و للإجابة على كل هذه الإشكالات المطروحة ـ رغم صعوبة الأمر ـ سوف نعتمد بالأساس على كل ما هو صادر عن التشريع الجزائري منذ الاستقلال إلى يومنا هذا(الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية)، مع تعزيز ذلك بالتطبيقات القضائية للغرفة الإدارية للمحكمة العليا ـ سابقا ـ و مجلس الدولة ـ حاليا ـ القليلة جدا في مجال عقد امتياز المرفق العمومي مقارنة بمنازعات عقد الامتياز الفلاحي و عقد امتياز العقار الصناعي، و باقي المنازعات المطروحة على القضاء الإداري، مع الاستعانة ببعض الدراسات الفقهية، و الاجتهادات القضائية المصرية، و اللبنانية، و الفرنسية الهامة حول هذا الموضوع.
و لذلك ارتأيت تقسيم الخطة إلى ثلاث مباحث :
ـ مبحث تمهيدي : أتناول فيه تطور نظام عقد امتياز المرفق العمومي في التشريع الجزائري منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، في ظل النظامين الاشتراكي و اليبيرالي.
ـ المبحث الأول : أتناول فيه مفهوم عقد الامتياز، من حيث تعريفه، وخصائصه، وتمييزه عن باقي العقود الإدارية، و طبيعته القانونية.و كذلك أتطرق لنظام البوت (BOT) كنظام جديد لعقد امتياز المرفق العمومي.
ـ المبحث الثاني : أتناول فيه النظام القانوني لعقد الامتياز من حيث تكوينه، وتنفيذه، و طرق نهايته، و جملة المنازعات الناشئة عنه.
مبحــــث تمهيدي : تطور عقد امتياز المرفق العمومي فـــــــي التشريع الجزائري منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.
أردت في هذا المبحث التمهيدي معرفة ما إذا كان عقد امتياز المرفق العمومي قد عرفه التشريع الجزائـري منذ الاستقلال,أم فقط بعد التحول الاقتصادي الذي عرفته الجزائر بعد دستور 23 فيفري سنة 1989,و معرفـــــة الفترة الزمنية التي ازدهر فيها, و كذلك ما إذا كانت الجزائر قد استعملت عقد امتياز بنظام البوت (BOT) الحديث النشأة. و بالتالي سأتطرق لتطور نظام عقد امتياز المرفق العمومي في التشريع الجزائري منذ الاستقلال إلى غاية سنة 1989 (المطلب الأول), ثم تطور نظام عقد امتياز المرفق العمومي في التشريع الجزائري منذ 1989 إلى غاية يومنا هذا(المطلب الثاني).
المطلب الأول : تطور عقد امتياز المرفق العمومي في التشريع الجزائر منذ الاستقلال إلى سنة 1989.
إن عقد الامتياز بالرغم من أنه أسلوب وليد الإيديولوجية الليبرالية لتسيير المرفق العمومي, إلا أنه أستعمل بالجزائر أثناء النظام الاشتراكي, و تمت الإشارة له في التشريع الجزائري ولكن بصفة قليلة ومحتشمة جدا.حيث بعد الاستقلال اضطرت الدولة الجزائرية و تحت دوافع و أسباب موضوعية للاحتفاظ بالتشريع الفرنسي لإدارة شؤون الدولة, ومنها تسيير المرافق العمومية,باستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية .لكن التعامل بأسلوب الامتياز كان في مرحلة التقهقر خاصة في الفترة الممتدة بين سنة 1962 و سنة 1964, بسبب ما خلفه الاستعمار الفرنسي من مشاكل اقتصادية و اجتماعية و سياسية, أنسى السلطة آنذاك في التفكير على البحث عن أنجع الأساليب لتسيير المرافق العمومية.
لكن بعد سنة 1964 بدأ أسلوب الامتياز بالانتعاش, حيث أشار له المشرع الجزائري في القانون رقم 64-166 المؤرخ في 08 يونيو سنة 1964 المتعلق بالمصالح الجوية, و الذي نصت المادة 08 منه الفقرة 02: "...ولا تمنح الرخصة إلا لمدة لا تتجاوز عاما, قابلة للتجديـد إلا فــي حــالة وجود امتياز لمــدة محــددة بعقد...." . و لكن رغم الإشارة لأسلــوب الامتياز فـي هذا القانــون,إلا أن المشــرع لم يبيـن لا كيفية منـحه,و لا دفتـــر شروطـــه. و بالرجوع للواقــع العملي فـإن امتيــــاز النقـــل الجـوي العمـومي بقـي حبـرا علـى ورق, و بقي استغلاله حكرا على شركة "الخطوط الجوية الجزائرية"إلـى غــاية صــدور القانون رقم 98-06 المتضمن القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني, الذي نظم شروط و كيفيات منح امتياز خدمات النقل الجوي العمومي,و ذلك بسبب السياسة الاقتصادية المتبعة خلال فترة النظام الاشتراكي.
كما تم في سنة 1964 أيضا منح البلديات امتياز استغلال الأملاك ذات الطابع السياحي, و بعض المنشآت الرياضية.
و منح لها أيضا فيما بعد امتياز تسيير و استغلال قاعات السينما , بعد أن تم سحب استغلاله من المركز الجزائري للسينما.
و قد كرس المشرع الجزائري عقد الامتياز بصفة صريحة بموجب المادة 220 من قانون البلدية لسنة 1967, و التي نصت: "إذا لم يمكن استغلال المصالح العمومية البلدية استغلالا مباشرا, دون أن ينجم عن ذلك ضرر فيؤذن للبلديات بمنح هذا الامتياز...." . كما تم منح امتياز استغلال البترول للشركات الأجنبية قبل بداية سياسة التأميم, و مثال ذلك امتياز حقل الوقود الممنوح لشركة البحث عن البترول (CREPS) و شركة بترول الجزائر (CPA) بموجب المرسوم رقم 67/115 المؤرخ في 07 يوليو سنة 1967.
مع الإشارة إلى أن هذا الامتياز كان يمنح طبقا للتشريع الفرنسي غير المتنافي مع السيادة الوطنية, و المتمثل أساسا في الأمر رقم 58-1111 المؤرخ في 22 نوفمبر 1958, المعدل و المتمم بالأمر رقم 65/317 المؤرخ في 30 ديسمبر 1965 المتعلق بالبحث عن الوقود و استغلاله.
و رغم صدور قانون الصفقات العمومية لسنة 1967 المنظم لبعض العقود الإدارية كعقد الأشغال و التوريدات و الخدمات, إلا أنه لم يتطرق لعقد الامتياز, و إنما اكتفى فقط بالإشارة له في الفقرة 02 من المادة 61 منه بصفة سطحية . و بصدور قانون الولاية لسنة 1969 تم تكريس أسلوب الامتياز أيضا في المادة 136 منه و التي نصت: "يسوغ للمجلس الشعبي للولاية قصد استغلال بعض المصالح, أن يمنح الامتيازات, و التي يصادق عليها وزير الداخلية بموجب مرسوم...." .
و مع نهاية الستينيات و بداية السبعينيات بدأ عقد الامتياز يتقهقر بالجزائر بسبب سياسة التأميمات التي انتهجتها الحكومة الاشتراكية آنذاك , و استبدالها للمؤسسات العمومية و الشركات الأجنبية بالمؤسسات الاشتراكية في كل القطاعات الاقتصادية, و التي أصبحت ملكا للدولة . و لكن رغم هذا التراجع الملاحظ على استعمال أسلوب الامتياز في هذه الفترة, إلا أنه تمت الإشارة له في بعض النصوص القانونية و التنظيمية, ولكن بصفة قليلة و محتشمة جدا, و في حالات خاصة لا تتنافى و السياسة الاشتراكية المبنية على الملكية العامة لوسائل الإنتاج. و من بين هذه القوانين, نجد الأمر رقم 75-89 المؤرخ في 30 ديسمبر سنة 1975 المتعلق بالبريد و المواصلات, الذي أشار إلى منح امتياز الخطوط الهاتفية في المادتين: 372, 374 منه.
وكذلك الأمر رقم 76/84 المؤرخ في 23 أكتوبر سنة1976 المتضمن التنظيم العام للصيد البحري الذي لمح أيضا إلى استغلال مؤسسات الصيد البحري عن طريق الامتياز في المواد: 45, 46, 47, 48, 49.
و لكن مع مطلع الثمانينيات لمسنا بعض الانتعاش لعقد امتياز المرفق العمومي, رغم أنه غالبا ما يمنح للمؤسسات العمومية و الجماعات المحلية. حيث تطرق القانون رقم 83-17 المؤرخ في 16 يوليو سنة 1983 المتعلق بالمياه بصورة واضحة إلى تعريف عقد الامتياز, و كيفية تسيير الملكية الوطنية للمياه عن طريق الامتياز من طرف الهيئات و المؤسسات العمومية و الجماعات المحلية, و كذلك كيفية استعمال الملكية العامة للمياه من قبل شخص طبيعي أو اعتباري فـــي المواد 20, 21, 22, 23 منه. حيث نصت مثلا المادة 20 منه: "يؤدي استعمال الملكية العامة للمياه في جميع الحالات إلى إنشاء امتياز".
كما أشار القانون رقم 84/16 المؤرخ في 30 يونيو سنة 1984 المتضمن الأملاك الوطنية إلى تسيير و استغلال الأملاك العمومية عن طريق الامتياز في المواد 69, 71, 72, 73 منه.
و تطبيقا لأحكام قانون المياه لسنة 1983 تمت الموافقة على دفتر الشروط النموذجي المتعلق بمنح الامتياز في تسيير تجهيزات الري في المساحات المسقية و استغلالها و صيانتها بموجب المرسوم التنظيمي رقم 85-260 المؤرخ في 29 أكتوبر سنة 1985 . و كذلك عملا بأحكام نفس القانون المتعلق بالمياه, و بموجب المرسوم التنظيمي رقم 85/266 المؤرخ في 29 أكتوبر سنة 1985 تم منح امتياز الخدمات العمومية للتزويد بماء الشرب و التطهير.
و اهتماما من الدولة بقطاع السياحة و الاستجمام تمت الموافقة على دفتر الشروط المتعلق بمنح الدولة للبلديات و المؤسسات العمومية المكلفة بأعمال السياحة حق استغلال الشواطئ التابعة للأملاك العمومية البحرية بموجب القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 15 ديسمبر سنة 1986.
وفيما يخص قطاع التجارة الخارجية, فقد تم تنظيمه بموجب القانون رقم 88/29 المؤرخ في 19 يوليو سنة 1988 المتعلق بممارسة احتكار الدولة للتجارية الخارجية, الذي أشار إلى منح الدولة لامتيازات ممارسة التجارة الخارجية للمؤسسات العمومية الاقتصادية و الهيئات العمومية بموجب دفتر الشروط الذي حدد الشروط العامة و الخاصة لتنفيذ الاحتكار و حقوق و التزامات صاحب الالتزام في المواد 5, 6 ,7 منه . و تطبيقا لأحكام هذا القانون صدر المرسوم التنفيذي رقم 89-01 المؤرخ في 15 يناير سنة 1989 الذي ضبط كيفيات تحديد دفاتر الشروط المتعلق بالامتياز في احتكار الدولة للتجارة الخارجية في المواد 2 ,3 ,4 , 5, 6 ,7 ,8 ,9 منه.
نلاحظ أن في هذه الفترة الممتدة ما بين سنة 1962 و سنة 1989, و التي ساد فيها النظام الاشتراكي بالجزائر, كان استعمال أسلوب الامتياز لتسيير المرفق العمومي قليل جدا وبصورة متذبذبة, و إن وجد فمنحه كان يقتصر فقط على أشخاص القانون العام كالجماعات المحلية و المؤسسات العمومية دون أشخاص القانون الخاص, و ذلك لسببين: السبب الأول هو الفكر الاشتراكي السائد في ذلك الوقت, و الذي كان لا يعترف إلا بالملكية الجماعية لوسائل الإنتاج . أما السبب الثاني هو أن اللجوء لأسلوب الامتياز في هذه الفترة كان يهدف غالبا لإقامة علاقة قانونية و تعاقدية بين الدولة من جهة, والمؤسسات العمومية المحدثة لتسيير النشاطات أو القطاعات المؤممة من جهة أخرى , و التي كانت تعتمد غالبا في ميزانيتها على المساعدات المقدمة لها من طرف الخزينة العمومية.
أما فيما يخص عقد الامتياز بنظامه الجديد البوت (B O T), فلم نعثر له على أي أثر في هذه الفترة بالجزائر, وذلك لسببين: السبب الأول هو أن النظام الاشتراكي الذي تبنته الدولة الجزائرية قبل دستور23 فيفري 1989 كان لا يهتم حتى بعقد الامتياز بنظامه الكلاسيكي. أما السبب الثاني فيتمثل في كون نظام البوت (B O T) نظام جديد, عرفته الجزائر فقط في منتصف التسعينيات, بداية بامتياز الطرقات السريعة, ثم تم تعميمه على باقي المرافق العمومي. أما في باقي الدول فقد ظهر في مطلع الثمانينيات, حيث ينسب بعض الفقهاء اصطلاح البوت (B O T) إلى رئيس الوزراء التركي الراحل تورجوت أوزال, الذي أطلقه لأول مرة في أوائل الثمانينيات في اجتماعه مع رجال الأعمال و المستثمرين الخواص لشرح إستراتيجيته الجديدة للإصلاح الاقتصادي عقب فوزه بالانتخابات.
...... للإطلاع علي باقي المذكرة قم بتحميلها أعلي الموضوع.